فهم مغلوط للتشبيه التمثيلي

د محمد الجبالي

Well-known member
إنضم
24/12/2014
المشاركات
400
مستوى التفاعل
48
النقاط
28
الإقامة
مصر
فهم مغلوط للتشبيه التمثيلي
بعض أهل العربية يخلط في فهم التشبيه التمثيلي؛ فينصرف عن الغرض من التشبيه التمثيلي إلى ناحية أخرى بعيدة عن الهدف الذي يرمي إلى بيانه التشبيه.
ووقع في هذا الخطأ من الفهم أعلام كبار قديما وحديثا، من ذلك مثلا تأويل القرطبي رحمه الله لهذه الآية:
{وَٱضۡرِبۡ لَهُم مَّثَلَ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا كَمَاۤءٍ أَنزَلۡنَـٰهُ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ فَٱخۡتَلَطَ بِهِۦ نَبَاتُ ٱلۡأَرۡضِ فَأَصۡبَحَ هَشِیمࣰا تَذۡرُوهُ ٱلرِّیَـٰحُۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ مُّقۡتَدِرًا}
قال: "شبه الدنيا بالماء لأن الماء لا يستقر في موضع، وكذلك لأن الدنيا لا تبقي على واحد، ولأن الماء لا يستقيم على خالة واحدة كذلك الدنيا، ولأن الماء لا يبقى ويذهب وكذلك الدنيا تفنى .."
والصحيح أن التشبيه في الآية تمثيلي تشبيه حال بحال، حيث شبه حال الدنيا وهوانها وقصرها وحقارتها بحال الأرض حين ينزل عليها الماء فتنبت نباتها الذي ما يلبث أن يجف ويصبح هشيما تتطايره الرياح، فحال الدنيا يشبه دورة هذا النبات في الأرض.

إن التشبيه التمثيلي تشبيه تركيبي أي أن طرفيه (المشبه والمشبه به) ليسا مفردين بل إنهما كلاهما مركبان.

إن التشبيه التمثيلي تشبيه حال بحال، أو هيئة بهيئة، ومن أراد أن يعرف الغرض من التشبيه فليقف على وجه الشبه، وهو غير موجود، وعلى الباحث أن يلحظه ويستنتجه.
مثال: قول الله عز وجل: {مَثَلُ ٱلَّذِینَ حُمِّلُوا۟ ٱلتَّوۡرَاةَ ثُمَّ لَمۡ یَحۡمِلُوهَا كَمَثَلِ ٱلۡحِمَارِ یَحۡمِلُ أَسۡفَارَۢاۚ}
من الخطأ أن نقول: شبه اليهود بالحمار، الصحيح أنه شبه حال اليهود وإهمالهم تعلم التوراه وتركهم العمل بها بحال الحمار يحمل أسفارا عظيمة من العلم فلا يعي ما يحمل ولا يستفيد منه.
ووجه الشبه هنا هو: عدم الاستفادة من شيء عظيم متاح.

والأمثلة من ذلك في القرآن الكريم كثيرة، وكذا في الشعر والأدب العربي، وعلى الناظر والباحث إذا ما شاء أن يدرك الصورة في التشبيه التمثيلي أن يقف على وجه الشبه الغير مذكور في الكلام وعليه أن يلحظه ويفهمه.

د. محمد الجبالي
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين اما بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الاستاذ الفاضل الدكتور محمد الجبالي حفظكم الله تعالى وبارك بكم أرجو أن تسمح لي أن أشارك معكم في هذه المشاركة النافعة بإذن الله تعالى
لقد راجعت تفسير القرطبي رحمه الله تعالى وهذا ما كتبه في تفسير الآية : (
قوله تعالى : واضرب لهم مثل الحياة الدنيا أي وصف لهؤلاء المتكبرين الذين سألوك طرد فقراء المؤمنين مثل الحياة الدنيا ، أي شبهها .
كماء أنزلناه من السماء فاختلط به أي بالماء .
نبات الأرض حتى استوى . وقيل : إن النبات اختلط بعضه ببعض حين نزل عليه الماء ; لأن النبات إنما يختلط ويكثر بالمطر . وقد تقدم هذا المعنى في " يونس " مبينا )
ونلاحظ انه ذكر سورة يونس ويقصد قوله تعالى: (
إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24) )
وعند الرجوع الى تفسيره للآية الكريمة نجد أنه قال : (
قوله تعالى إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء معنى الآية التشبيه والتمثيل ، أي صفة الحياة الدنيا في فنائها وزوالها وقلة خطرها والملاذ بها كماء ; أي مثل ماء ، فالكاف في موضع رفع . وسيأتي لهذا التشبيه مزيد بيان في " الكهف " إن شاء الله تعالى .
أنزلناه من السماء نعت ل ( ماء ) فاختلط روي عن نافع أنه وقف على فاختلط أي فاختلط الماء بالأرض ، ثم ابتدأ به نبات الأرض أي بالماء نبات الأرض ; فأخرجت ألوانا من النبات ، فنبات على هذا ابتداء ، وعلى مذهب من لم يقف على فاختلط مرفوع باختلط ; أي اختلط النبات بالمطر ، أي شرب منه فتندى وحسن واخضر . والاختلاط تداخل الشيء بعضه في بعض .
قوله تعالى مما يأكل الناس من الحبوب والثمار والبقول ، والأنعام من الكلإ والتبن والشعير .
حتى إذا أخذت الأرض زخرفها أي حسنها وزينتها ) ونلاحظ انه رحمه الله تعالى قد أطلق على الآية انها للتشبيه والتمثيل والله تعالى اعلم .
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلا وسهلا بكم أخانا الفاضل الكريم الأستاذ : البهيجي:
جاء في تأويل الآية (45) من سورة الكهف لدى القرطبي رحمه الله في تفسيره (10/ 412) ما يلي:
"وقالت الحكماء: إنما شبه تعالى الدنيا بالماء لان الماء لا يستقر في موضع، كذلك الدنيا لا تبقى على واحد، ولان الماء لا يستقيم على حالة واحدة كذلك الدنيا، ولان الماء لا يبقى ويذهب كذلك الدنيا تفنى، ولان الماء لا يقدر أحد أن يدخله ولا يبتل كذلك الدنيا لا يسلم أحد دخلها من فتنتها وآفتها، ولان الماء إذا كان بقدر كان نافعا منبتا، وإذا جاوز المقدار كان ضارا مهلكا، وكذلك الدنيا الكفاف منها ينفع وفضولها يضر".
وأرى أن هذا الكلام غير موفق من جانبين:
الأول: الجانب اللغوي البلاغي إذ جعل التشبيه التمثيلي المركب تشبيها مفردا.
الثاني: أنه وصف القائلين بتشبيه الدنيا بالماء بأنهم حكماء، وما أراهم كذلك، بل هم عندي من أهل الفلسفة والكلام، وما أحب هذا الصنف من الناس.
إن الماء يكفيه شرفا أنه هو حياة هذه الدنيا وما عليها، فإن كان هؤلاء الحكماء ذكروا للماء صفات عدوها سيئة فإن له من الصفات الحميدة ما لا يعد، وكما قلنا يكفيه شرفا أنه هو حياة كل شيء.

وقد جاء في تفسير أبي السعود (4/ 263، بترقيم الشاملة آليا) ما يلي:
"وليس المشبَّهُ به نفسَ الماء بل هو الهيئةُ المنتزَعةُ من الجملة ، وهي حالُ النبات المُنبَتِ بالماء ، يكون أخضرَ وارفاً ثم هشيماً تطيِّره الرياحُ كأن لم يغْنَ بالأمس"

وجاء لدى ابن عاشور في التحرير والتنوير (15/ 331) ما يلي:
"شُبِّهَتْ حَالَةُ هَذَا الْعَالَمِ بِمَا فِيهِ بِحَالَةِ الرَّوْضَةِ تَبْقَى زَمَانًا بَهِجَةً خَضِرَةً ثُمَّ يَصِيرُ نَبْتُهَا بَعْدَ حِينٍ إِلَى اضْمِحْلَالٍ. وَوَجْهُ الشَّبَهِ: الْمَصِيرُ مِنْ حَالٍ حَسَنٍ إِلَى حَال سيّء"

ولقد دعاني إلى كتابة ذلك المقال ما توارد عليَّ في بعض مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها كلام القرطبي رحمه الله السابق عن تشبيه الدنيا بالماء، ومن ذلك:

هذا العلامة صالح المنجد:

https://www.youtube.com/watch?v=Iz4MXwxe1j0

وفي الصحف السائرة:
http://gate.ahram.org.eg/News/1992466.aspx
https://www.masrawy.com/islameyat/ma...1%D9%8A%D9%85-

وفي المجلات:
https://www.aloumma.com/?p=4526

وكثير جدا من صفحات مواقع التواصل الفيسبوك والواتساب وغيرهما:
https://www.facebook.com/MsjdAltwhyd...9125372201126/


وتقبلوا عظيم تقديري
 
عودة
أعلى