فهم القرآن .. الطريقة المثلة أوبة من جديد

علي جاسم

New member
إنضم
01/03/2005
المشاركات
66
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
[align=justify]سأل نحوي أعرابيا أيام قامت للنحو مدارس , وظهر هذا العلم كعلم مستقل له ظوابط وأصول .. سأله : أتجر فلسطين ؟؟ فقال الأعرابي إني إذن امرؤ قوي !!!! فلم يفهم النحوي قول الأعرابي ولم يكن الأعرابي قد فهم على النحوي .. فسأله النحوي : أتهمز إسرائيل ؟؟؟ فقال الأعرابي إني إذن امرؤ سوء !!! وهنا أيضا لم يفهم أحدهما عن الآخر شيئا ..
ولا أحسب أن أبا بكر أو عمر رضي الله عنهم كانوا سيجيبون هذا النحوي غير جواب الأعرابي لو أنه توجه إليهما بالسؤال عينه ..
ما أريد قوله سادتي الأكارم .. ملتقى أهل التفسير ..
هو أن هذه الاصول والظوابط التي وضعت بعد جيل الصحابة -أتكلم عن أصول التفسير أو أصول فهم القرآن-لم يكن أحد من الصحابة يعرفها على هذا النحو من التبويب الفني والتقسيم الأكاديمي ..
لم يكن ابو بكر أو عمر أو عثمان أو بلال .. لم يكن أحدهم أنحى من الكسائي وسيبويه .. ولم يكن أحدهم افقه من أبي حنيفة وأبي يوسف وزفر .. ولم يكن أحدهم يجاري الزمخشري في بلاغته .. أو ينبري للجرجاني في النظم والبيان .. أو يقارع الغزالي في منطقياته .. أو ابن سنا في عقلياته .. أو يفحم أبو الحسن الأشعري في كلامه وجدلياته ..
كلهم كانوا أبعد مدى في تخصصاتهم هذه من أبي بكر وعمر وعثمان وجمع الصحابة رضي الله عنهم .. ولكن لم يكن أحدهم أفهم لكتاب الله من أبي بكر وعمر وعثمان ..
والسؤال الذي يساق هنا ... لماذا ؟؟؟
لماذا كان الجيل الأول أدق فهما لكتاب الله من التابعين و تابعيهم ممن قد أصلوا الأصول وقننوا القوانين وظبطوا الظوابط , أقول لماذا فهموم وهم بعد لم يستوفوا عدة التفسير من الظوابط والأصول والقواعد ..
أقول لكم سادتي الأفاضل لماذا..
لأنهم كانوا يعيشون التنزيل سورة سورة وآية آية .. كانوا ينفعلون للتنزيل انفعالا حيا واقعيا .. كان يشعرون في قرارة نفوسهم أن القرآن يخاطبهم هم هم لا غير .. وليسوا هم فحسب حتى المنافقين كانوا يشعرون أن الله مطلع على سريرتهم فيحذرون أن ينزل القرآن بما في طويتهم فيفضحهم .. أقول يحذرون ملئ نفوسهم ويخافون ملئ قلوبهم من آيات القرآن لأنها تخاطب مجتمعا حيا لأنها تحاتكي شعور الإنسان ووجدانه بل تخاطب كيان الإنسان جملة وتفصيلا ..
ولذلك لم يكونوا بحاجة إلى هذه التقسيمات الفنية والتبويبات الأكاديمية ..
سادتي الأكارم .. لست أغض من قدر هذه الأصول وما ينبغي لي .. ولكني أقول أننا إذ نتقيد بهذه الأصول والقواعد التي وضعت بعد جيل الصحابة , سنفهم القرآن فهم التابعين وتابعيهم وهو فهم راق رفيع ولا شك في ذلك , ولكنا وقد تقيدنا بهذه الأصول وحصرنا فهم القرآن بها , لن نفهم القرآن فهم الجيل الأول الذي عاش التنزيل .. وهذه هي الدرجة التي يختلف بها فهم عن فهم ..
وهذا ما كنت اريد قوله وأنا أتكلم عن الطريقة المثلى لفهم القرآن ..
أنا إنما أردت أن يرتحل المسلم بخياله إلى الفترة التي نزلت بها السورة ويعيش ظرف الجماعة المسلمة آنذاك , يجلس إليهم , ينظر للمجتمع الجاهلي يموج من حوله , يعيش عداء الكفار والمشركين , ويعيش أذاهم وبغيهم على المسلمين , يعيش قبل هذا كله عقيدة قد هدمت في قرارته , ويعيش عقيدة جديدة تبنى مكانها , حينئذ سيشعر ولو نسبيا بهذا القرآن يتنزل على سمعه بلون جديد وبإيقاع آخر لم يعهده .. وأرجع وأقول .. كلما كان خياله خصبا واستحظر في شعوره ووجدانه فترة التنزيل كلما انفتحت له أكمام القرآن , وكلما حلت أمامه معمياته وأحاجيه , حينئذ وأن مؤمن بذلك سيفهم القرآن الكريم فهما فوق ما تبلغه إياه هذه التقسيمات الفنية والتبويبات الأكاديمية .. وفي الموضوع متسع للكلام وسيجيئ كل شيء بأوانه المناسب إن شاء الله ..
وفقنا الله وإياكم -سادتي الأكارم-لفهم كتابه العزيز ..
 
التعديل الأخير:
أخي علي
لست مجبراً على الكتابة مالم تكن متهيئاً لها, وأعني بذلك كثرة الأخطاء الإملائية من العنوان إلى آخر الموضوع, لكن لا بأس ببعض الأخطاء فربما تكون أدق في وصف الموضوع (المثلة).

ثم هل لديك مشكلة مع تأصيل أصول التفسير وعلوم القرآن الموجودة بين أيدي الناس اليوم؟
وهل هي عقبة في سبيل فهم القرآن كما فهمه الصحابة رضي الله عنهم؟

أما قولك : (لم يكن ابو بكر أو عمر أو عثمان أو بلال .. لم يكن أحدهم أنحى من الكسائي وسيبويه .. ولم يكن أحدهم افقه من أبي حنيفة وأبي يوسف وزفر .. ولم يكن أحدهم يجاري الزمخشري في بلاغته .. الخ).
فهذا والله أبطل الباطل, وعين التناقض, أبطل الباطل لأنها مقارنة جائرة بين من جمع منتهى العلم والخيرية ديناً ولغةً وعقلاً, وبين من بعدهم بقرون.
وهي عين التناقض لأنك تدعونا إلى علم الصحابة فقط ثم تقول لنا أن هؤلاء أعلم منهم!!

دعوتك الجائرة هذه تعلمنا أن علوم الأمة التي سبق إليه هؤلاء الأئمة لا خير فيها لأنها ليست من معلومات الصحابة, وأي هدم للعلوم أوضح من هذ؟!

ثم أخي علي -وقد آلمتني بما كتبت- من أين أخذ الكسائي وأبو حنيفة وزفر وأشباههم علومهم؟!

أما قولك: (لماذا كان الجيل الأول أدق فهما لكتاب الله من التابعين و تابعيهم ممن قد أصلوا الأصول وقننوا القوانين وظبطوا الظوابط , أقول لماذا فهموم وهم بعد لم يستوفوا عدة التفسير من الظوابط والأصول والقواعد .. ).
فليس بصواب؛ لأنه لم تؤصل أصول ولا ضوابط ولا قواعد في ذلك العهد, ولم يخرجوا في ذلك العهد عن منهج الصحابة الذي تدعو إليه.

ثم قلت: (ولكني أقول أننا إذ نتقيد بهذه الأصول والقواعد التي وضعت بعد جيل الصحابة , سنفهم القرآن فهم التابعين وتابعيهم وهو فهم راق رفيع ولا شك في ذلك , ولكنا وقد تقيدنا بهذه الأصول وحصرنا فهم القرآن بها , لن نفهم القرآن فهم الجيل الأول الذي عاش التنزيل .. وهذه هي الدرجة التي يختلف بها فهم عن فهم ..
وهذا ما كنت اريد قوله وأنا أتكلم عن الطريقة المثلى لفهم القرآن ..).
هل لك أن تخبرني أخي: ما الفرق بين تفسير ابن عباس ومجاهد أو عكرمة في الفهم وبيان المعنى؟

وزدت فقلت: (حينئذ وأن مؤمن بذلك سيفهم القرآن الكريم فهما فوق ما تبلغه إياه هذه التقسيمات الفنية والتبويبات الأكاديمية .. وفي الموضوع متسع للكلام وسيجيئ كل شيء بأوانه المناسب إن شاء الله .. ).
على ما في العبارة من تخليط لكن يفهم منها: أن فهم القرآن بطريقتك المذكورة فوق فهمه بالتقسيمات الفنية والتبويبات الأكاديمية.
وهذا كلام جاهل بكلا الفهمين: فهم الصحابة وفهم من بعده؛ فإن فهم الصحابة للقرآن ليس معتمداً على معاصرة التنزيل ومعرفة حال من نزل عليهم القرآن فقط, بل انهم يفهمونه بأصول ومصادر غير ذلك. كما أن فهم من بعدهم لم يهمل هذا الجانب كما يفهم من طول المقال وعرضه.

وبعد:
فإن هذا المقال بني على غير علم فجاء بغير الحق, وأجزم بأن عين عالم أو طالب علم لم تقع عليه وإلا لارتاح منه كاتبه وقارئه. والله الموفق.
 
رفقا بأخينا يا أبا بيان! فما عهدناك إلا حليما كريما.
أخي الكريم علي جاسم – وفقه الله - :
لكل علم أصوله وقواعده ، فأنتَ -مثلا - إذا أردتَ أن تقرأ القرآن الكريم قراءةً صحيحة لن ينفع الطّيران (الخياليّ) إلى وقت تنزل القرآن شيئا!
" وكما أنّ غاية التجويد النّطق الصحيح لألفاظ القرآن فإن غاية أصول التفسير الفهم الصحيح لمعانية "(1)
وإنّ مِنْ فوائد علم أصول التفسير -يا أخي الكريم- حفظ القرآن الكريم مِنْ عَبَث العابثين وتطاول المتطاولين ممن يقولون فيه بغير علم...
أنتَ - يا أخي الكريم - تدعو إلى الأخذ بمنهج الصحابة ، أليس كذلك؟
الصَّحابة – أخي الفاضل - كانوا عَرَبا أقحاحا يفهمون القرآن الكريم بفطرتهم وسليقتهم ، وبمعرفتهم بأسباب النزول وطبيعة الوحي ، وبما سمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم... وكان لهم منهج واضح محدد ، ولم تدع الحاجة في ذلك العهد إلى تأصيل الأصول ووضع القواعد والضوابط...
ولقد سار التابعون على نهج الصَّحابة واقتدوا بهديهم...
أخي الكريم...إنّ القواعد والضوابط التي تراها عائقا أمام فهم القرآن الكريم وُضِعَتْ لي ولك ولغيرنا لترشدنا إلى الطريقة الصحيحة لكشف معانيه وأسراره ، واستخراج حِكَمه وأحكامه...
فكيف تطلب من الملاّحين أن يشقوا عُباب المحيطات مِنْ غير أن يتقنوا أصول وقواعد فنّ الملاحة؟! هل تراهم – إن فعلوا - يصلون لِسِيفِ الأمان؟
بارك الله فيك ، وغفر لنا ولك.

_______________________
(1) فهد بن عبد الرحمن الرومي: بحوث في أصول التفسير ومناهجه ص12
 
إلى الأخ الكريم علي جاسم

أقدم لك هذا البحث وأسأل الله الجواد الكريم أن ينفعنا به

[align=center]في نشأة علوم القرآن وتطورها [/align]

للدكتور عبد الرحمن حللي
عضو هيئة التدريس بجامعة حلب كلية الشريعة
نقلا عن موقع الملتقى الفكري


نشأت علوم القرآن تدريجياً بحسب الحاجة لفهم معاني القرآن، فكان العرب والصحابة يفهمون القرآن كونه نزل بلغتهم وقلما يغيب عنهم معنى أو يستشكل ظاهر من القرآن، ومع شروع الصحابة في جمع القرآن بدأ يتشكل علم خاص برسم القرآن، وقد تطور هذا العلم مع تطور الخط العربي ونقط المصحف وإعجامه، كما رافق ذلك الحديث عن إعراب القرآن، ومع انتشار الإسلام وتوسع الفتوحات ودخول الأعاجم في الإسلام، وكذلك توسع المعارف والعلوم، ظهرت أنواع علوم القرآن المختلفة، فظهر مبكراً الحديث عن أسباب النزول والمكي والمدني والناسخ والمنسوخ وعلم الغريب، وكان ذلك متداخلاً مع رواية الحديث التي شكلت في واحد من فصولها نشأة علم التفسير الذي استقل فيما بعد، فكان أقدم ما وصل إلينا مستقلاً من تفسير القرآن كاملاً هو تفسير مقاتل بن سليمان (150هـ)، وأما في موضوعات علوم القرآن فألف أبو عبيدة معمر بن المثنى (209هـ) في مجاز القرآن، وأبو عبيد القاسم بن سلام (224هـ) في الناسخ والمنسوخ وفي القراءات، وعلي بن المديني (234هـ) في أسباب النزول، وينسب صاحب الفهرست إلى محمد بن خلف بن المزربان (309هـ) كتاب "الحاوي في علوم القرآن"، ولعله أقدم استعمال لتعبير علوم القرآن، وجرى بعد ذلك استعمال التعبير المركب "علوم القرآن" في القرن الرابع دون أن يحمل دلالة اصطلاحية، وجاء علي بن إبراهيم بن سعيد الحوفي (ت:430هـ) ليؤلف كتابه "البرهان في علوم القرآن"، وهو تفسير يقع في ثلاثين مجلداً يوجد ما يقرب من نصفه مخطوطاً في مصر وغيرها، وقد ضمنه علوم القرآن في تفسير كل سورة، ويرجع الشيخ عبد العظيم الزرقاني إليه بداية إطلاق علوم القرآن بالمعنى الاصطلاحي الشامل لها، لكنه تناولها تطبيقاً في التفسير لا تنظيراً، "فأتى على علوم القرآن ولكن لا على طريقة ضم النظائر والأشباه بعضها إلى بعض تحت عنوان واحد لنوع واحد بل على طريقة النشر والتوزيع تبعا لانتشار الألفاظ المتشاكلة في القرآن وتوزعها حتى كأن هذا التأليف تفسير من التفاسير عرض فيه صاحبه لأنواع من علوم القرآن عند المناسبات"، وقد ذكر مصطفى عبد القادر عطا في مقدمة تحقيقه للبرهان للزركشي، أن الزركشي نقل في كتابه البرهان ما قاله الحوفي في كتابه مختصراً إضافة إلى غيره، لكنه لم يذكر مستنده في ذلك، وأستبعد أن يكون عقد مقارنة بين الكتابين لأن كتاب الحوفي مخطوط وناقص وهو كتاب في التفسير، ولم يذكر الزركشي الحوفي في كتابه غير مرتين إحداهما في سياق تأليفه في إعراب القرآن، والثانية ينقل عنه رأياً من تفسيره حول آية القصاص وفصاحة القرآن، ولم أعثر له ذكراً في غير هذين الموضعين، مع ملاحظة اهتمام الزركشي بنسبة الأقوال إلى أصحابها، وكذلك تأريخه لما كتب في علوم القرآن، فيستبعد أن يكون الزركشي لخص كتاب الحوفي ضمن البرهان دون أن يشير إلى ذلك.
وفي القرنين السادس والسابع نجد ابن الجوزي (ت 597هـ) وله : "فنون الأفنان في عجائب علوم القرآن" و"المجتبى في علوم تتعلق بالقرآن"، كما صنف علم الدين السخاوي (ت643هـ) "جمال القراء وكمال الإقراء"، و ألف أبو شامة (ت665هـ) "المرشد الوجيز فيما يتعلق بالقران العزيز"، وهي كتب في جوانب متخصصة من علوم القرآن.
أما في القرن الثامن فنجد بدر الدين الزركشي، (ت794هـ)‍، وكتابه "البرهان في علوم القرآن"‍، وقد كان الزركشي من علماء الأصول والفقه الشافعي، وصنف في عدة علوم كالفقه والأصول والتفسير وغيرها، وأما كتابه البرهان فهو مطبوع في أربعة مجلدات، وقد حققه محمد أبو الفضل إبراهيم، وفيه عرض شامل وموسوعي لعلوم القرآن، حيث اختصر ما ضمنه فيه من معلومات من كتب التفسير واللغة والفقه وغيرها، فجمع آراء العلماء وأضاف إليها، وقد ذكر العشرات من أسماء الكتب والمؤلفين الذين نقل عنهم، فكان كتابه عصارة لفكرهم مضافاً إليها ما رآه الزركشي أو رجحه، لذلك كان كتابه فريداً في موضوعه من حيث كونه أول كتاب يشتمل على مختلف علوم القرآن ويعرف بها، ويمكن اعتباره أول من ألف في علوم القرآن بمعناها الاصطلاحي الذي يختص بجمع ضوابط العلوم المتصلة بالقرآن الكريم من ناحية كلية عامة.
وفي القرن التاسع: نجد جلال الدين البلقيني(ت824هـ) وكتابه:"مواقع العلوم من مواقع النجوم"، ومحمد بن سليمان الكافيجي (ت879هـ)وكتابه : "التيسير في قواعد التفسير"، ومع نهاية القرن التاسع وبداية العاشر نجد جلال الدين السيوطي (911 ه‍(، المعروف بكثرة التأليف في مختلف العلوم وبالخصوص في علمي التفسير والحديث، والمتميز بالجمع والموسوعية في التأليف، وكتابه الشهير "الإتقان في علوم القرآن" الذي يعتبر من أكثر كتب الدراسات القرآنية استيعاباً لعلوم القرآن ومن أحسنها تصنيفاً وتبويباً، وهو اختصار لكتاب آخر أسهب فيه وهو" التحبير في علم التفسير"، وقد ضمن التحبير كتاب شيخه الإمام جلال الدين البلقيني (مواقع العلوم من مواقع النجوم)،كما استفاد فيه من شيخه الكافيجي، ويبدو أنه في أثناء تصنيفه "التحبير" لم يكن قد اطلع على كتاب البرهان للإمام الزركشي، أما كتاب "الإتقان" فقد صنفه بعد أن اطلع على كتاب البرهان للإمام الزركشي، فاختصره مع إضافات كثيرة، وجعله مقدمة لتفسير كبير شرع فيه ولم يتمه. ويؤخذ عليه أنه يورد الكثير من الروايات الضعيفة والأحاديث التي لم تثبت دون تعقيب، وكذلك ذكره لبعض الآراء دون ذكر أصحابها أو التعقيب عليها رغم تفردها. ويعتبر كتاب "الإتقان" أهم مصدر للباحثين والكاتبين في علوم القرآن بل إن معظم ما ألف حديثاً في علوم القرآن مقتبس منه. ويعتبر من أوائل الكتب التي طبعت في القرن التاسع عشر فطبع في كلكتا (1271هـ/1854م)، وقد توالى طبعه، ولم يحظ بتحقيق يليق بأهميته.
ثم بعد ذلك لا نجد تأليفاً متميزاً في علوم القرآن إلى أن ظهرت النهضة الحديثة في التأليف في القرن الرابع عشر الهجري، فظهرت عشرات المؤلفات الحديثة التي اختصرت ما تقدم وأضافت إليه، وكان من عوامل تجديد التأليف فيها ظهور موضوعات جديدة وتطور أساليب التدريس، وكانت جهود المستشرقين وما أثاروه من أهم المحفزات لإعادة النظر وتمحيصه في علوم القرآن، كما ظهرت محاولات جديدة تعيد النظر في علوم القرآن من منطلق إعادة النظر في الوحي والقرآن نفسه كمصدر ورسالة وتاريخ، كمحاولات نصر حامد أبو زيد.
وتجدر الإشارة أخيراً إلى أهم ثلاثة كتب حديثة شكلت إضافة في التآليف الحديثة في علوم القرآن وكانت مرجعاً لمعظم المؤلفات الحديثة، وهي:
- مناهل العرفان في علوم القرآن، تأليف الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني، وهو كتاب جامع يعتمد أسلوباً سهلاً، ضم الكثير من المادة العلمية من كتابي الزركشي والسيوطي، وأضاف إليهما مباحث جديدة لاسيما حول شبهات المستشرقين، وترجمة القرآن.
-مباحث في علوم القرآن، للدكتور صبحي الصالح، وهو بالإضافة إلى الاختصار والجمع من المصادر عني بالتدقيق في مسائل جمع القرآن ووجوه الإعجاز والبلاغة، وتطرق إلى مسائل مثارة في عصره.
- النبأ العظيم، للدكتور محمد عبد الله دراز ، وهو طريقة جديدة في تناول القرآن الكريم تركز على خصائص القرآن ومزاياه المعجزة، يتناول بعض علوم القرآن بمنهج جديد، رقيق الأسلوب والتعبير.
ولا تزال علوم القرآن بحاجة إلى جهود علمية أكثر تسد النقص في جوانب من مباحثه، وتعيد النظر في جوانب أخرى، فعلوم القرآن فيها الكثير مما يحتاج إلى المراجعة والدرس.
 
حتى يتم تصور هذا الموضوع من الإخوة الكرام أود التنبيه إلى ما يأتي:
أولاً: هذا الموضوع يكرر أفكاراً من موضوعات سابقة للأخ علي وفقه الله بعنوان (فهم القرآن .. الطريقة المثلى), و(قشور في قشور).
ثانياً: بينت في الموضوعات السابقة كما بين غيري من الفضلاء وجه الخطأ في ما ذكره الكاتب بأسلوب سهل واضح تتابع عليه المشاركون الكرام.
ثالثاً: كانت تلك الردود خالصة بالأسلوب اللين ورفيق الكلام , حباً لفائدة أخينا الكاتب وترفقاً بغير أهل هذا الفن, حتى أني حذفت بعضاًمن المشاركات لما في ظاهر لفظها من الإغلاظ.
رابعاً: كان الأولى بالكاتب الكريم الاستفادة من كلام أهل الذكر في هذا العلم خاصة ما تتابعوا عليه, فإن لم يفعل فلا أقل من طيه لهذا الموضوع وعدم إعادته وإشغال الناس به, احتراماً لوقت وجهد المشايخ الكرام.
خامساً: فكرة الأخ علي تتلخص في أن لمعاصرة الصحابة للتنزيل وشهودهم له ومعرفتهم بأحوال من نزل عليهم أثر بالغ في فهمهم للقرآن, وهذا القدر متفقٌ عليه من الجميع, أما الغلو في هذا بأن يجعل ذلك الأمر هو السبيل الوحيد لفهم القرآن كما فهمه الصحابة فلا يوافق عليه كما تبين في كلا الموضوعين.
سادساً: كان من أثر الموضوع الأول للأخ الكاتب أن اقترح أخونا الكريم الدكتور خضر في هذا الموضوع (الملتقى الكريم : الوقاية خيرمن العلاج) أن يقوم غير المتخصص بعرض موضوعه على هيئة الإشراف في الملتقى لإعانته على مراده منه, قبل المجازفة بعرضه بعيداً عن أصول هذا العلم وقواعده.
سابعاً: بعد كل ذلك البيان السابق آثرت في هذا الرد هنا اختيار شيء من غليظ القول رحمة بأخي الكاتب ورفقاً به من الإصرار على غير الصواب, وليس فيما ذكرت بحمد الله ما جاوز حد الأدب والاحترام والأخوة الصادقة التي تجمعنا في ظِلال هذا الملتقى؛ وما أجمل العيش في هذه الظِلال.
 
فصبر جميل

فصبر جميل

[align=justify]الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد المرسلين وخاتم النبيين ورحمة الله للعالمين وعلى آله وأصحابه أجمعين .. ثم أما بعد .. سادتي الأكارم .. ممن علقوا مشكورين على ما كتبت ..
الأخ الحبيب أبو بيان .. والأخ العزيز وائل حجلاوي .. والأخ الفاضل عمار الخطيب ..
ألا ترون أنكم قد قولتموني ما لم أقل ..
أولا أذكر أني قلت الطريقة ( المثلى ) ولم أقل الطريقة الوحيدة .. والكلام لأخي الحبيب أبو بيان .. ولا أعرفر منذ متى كانت المثلى تعني الوحيدة كما ذهبت أخي العزيز ..
ثانيا الأخ الكريم وائل حجلاوي تقريرك جميل وجهدك مشكور ولكنه حجة لي لا علي ..
ثالثا آلمني أن أكتشف أن كتاباتي مضيعة لوقت المشايخ وجهدهم كما نبه أخي الحبيب أبو بيان ..
قال أخي عمار الخطيب ما نصه (( إنّ القواعد والضوابط التي تراها عائقا أمام فهم القرآن الكريم )) فخبروني سادتي الأفاضل هل قلتُ إن هذه الاصول عائق عن فهم القرآن .. وأين تضع أخي الحبيب كلمة (( فهم راق رفيع ولا شك في ذلك)) أين تضعها أخي الحبيب من كلامك .. أنا لم أقل إنها عوائق فلماذا ذهبت أخي هذا المذهب .. [/align]
رابعا ما كنت أحسب فلتة مطبعية غير مقصودة توظف توظيفا قاسيا على نحو ما فعل أخي الحبيب أبو بيان في كلمة (مثلة).. وأقول لك قد أغلظت القول إن كنت تدري ..
خامسا وللأخ أبو بيان عافانا الله وعافاك أقول .. يبدو أخي الحبيب أنك تعاني قصورا في فهم الكلام وهذا واضح في تعليقاتك .. أنا قلت ما نصه (أتكلم عن أصول التفسير أو أصول فهم القرآن-لم يكن أحد من الصحابة يعرفها على هذا النحو من التبويب الفني والتقسيم الأكاديمي ) ولعلك أخي الحبيب لم تتنبه لهذه الكلمة كلمة (على هذا النحو) .. ولكن لا بأس عليك .. سأكفيك مئونة الرجوع إليها والتفكير .. كلمة (على هذا النحو) تعني على هذا النحو من التوسع في فروع االعلوم وتأصيل الأصول .. نعم كان أبو بكر نحويا بالسليقة ولا شك في ذلك لكن النحو لم يكن مبوبا مقسما بأبوابه وفنونه التي كان يعرفها الكسائي وسيبويه وليس في ذلك مطعن على أبي بكر ولذلك قلت أن الكسائي أنحى من أبي بكر ..
ولم يكن أبو بكر رضي الله عنه قد توسع في الفقه هذا التوسع الذي شهدته مدرسة الرأي في العراق على يد أبي حنيفة .. حتى أنه كان يتفقه فيما لم يقع بعد تحسبا لوقوعه .. ويكفيك أن أبا حنيفة تكلم عن الصلاة على القمر وكيف يتوجه المسلم إلى القبلة هناك ..
وأبو بكر كان أغنى الناس عن علم الجدل والكلام وهو علم بعضه يهدم بعض كما قال واصل المعتزلي ..
وستأتيك البقية في المقال التالي لطارئ طرأ لي اللحظة ..
 
أخي الكريم / علي جاسم، نفع الله بك وسائر مشائخنا

أقول، وأسأل الله الهدى والسداد :

ذكر ابن جرير بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ( التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحدٌ بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله ) تفسير ابن كثير 1/24.

فأما الأخير فكالمتشابه الذي لا يعلمه إلا الله.
وأما الأول فهو الذي تفهمه العامة من العرب حين تقرأ القرآن وهذا كثير في القرآن ، قال تعالى ( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ) مثل قوله تعالى ( قل أعوذ برب الناس ) و ( حدائق وأعناباً ) وغيرها الكثير.
وأما الثاني فهو المحكمات من الدين والمعلومة بالضرورة كتحريم الشرك والزنا والعقوق .. ونحوها.
وأما الثالث فهو الشرف الذي تشرفت به العلماء. وهو الفارق والفيصل بين المتدبر للقرآن على حسب فهمه ولغته وبين المتبحر في معاني الآيات حسب قواعد التفسير التي كان الصحابة يعلمونها دون تقنين.

وعلى رأس أولئك العلماء علماء الصحابة رضي الله عن الجميع ( فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوا من القرائن والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل الصالح..) تفسير ابن كثير 1/20.
وهذه المكانة ما نالوها إلا بطلب للعلم جاد وسؤال عن كل صغير وكبير في هذا الشأن ، كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : (والذي لا إله غيره، ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن نزلت، وأين نزلت ).
فسمى هذه التفصيلات الدقيقة ( فيمن وأين) علماً، وأقواله منثورة في التفسير. قال في قوله تعالى (إذ يحكمان في الحرث فنفشت فيه غنم القوم): كان ذلك الحرث كرماً قد تدلت عناقيده. ابن كثير 3/250.
أترى هذه التفاصيل كرماً ، وتدلت عناقيده من القشور؟
ستقول : لا. حتماً، ولو تنزيهاً للقائل.
قد لا تحتاج ( أنت ) إلى هذا المعنى! نعم، هذا وشأنك، لاتُجبر عليه. وهذا باعتبار الوجه الأول من أوجه التفسير.
لكن أهل العلم يحتاجون إليه ليستنبطوا معانٍ شتى في فروع متنوعة. كما في الوجه الثاني.
وإلا فما الفرق بين العالم وغير العالم!

بل إن ابن عباس رضي الله عنهما وهو من دعى له الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ( اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ) والذي يقول ابن مسعود عنه: نعم ترجمان القرآن.. يقول في قوله تعالى ( طيراً أبابيل ) :لهم خراطيم كخراطيم الطير ( هكذا )وأكف كأكف الكلب. وصحح إسناده ابن كثير في التفسير 4/714.
أتراه قال ما قال معتقداً ذلك من القشور؟!
لا أظن ذلك.
بل قد لاتفهم عمق المعنى في قوله تعالى ( ألم يجعل كيدهم في تضليل ) حتى لو قرأتها في الظلال ، إلا بعد أن تقرأ كامل قصة أبرهة من حين استقل بحكم اليمن وحتى وصل إلى الكعبة كما رواها المفسرون وكما هي في شعر الجاهلية وكما رواها أصحاب التاريخ كابن إسحاق وابن هشام. انظر السيرة النبوية لابن هشام 1/74 - 95.

حين أقرأ القرآن وأعيش ظروف الجماعة المسلمة آنذاك فستتجلى لي معانٍ ومعانٍ من هذا القرآن. بلا شك.
وهذا من التدبر الذي هو المقصد الأعظم من إنزال القرآن.
لكن - في المقابل - ستفوتني معانٍ ومعانٍ أُخر أعظم عندما لا أحسن قواعد وأصول وضوابط فهم القرآن. والتي يحسنها أهل العلم بالقرآن تفسيراً وأحكاماً.
وهذا من أعظم التدبر.
وأهل هذا الشأن هم أكثر الناس خشية وعبودية، وأعرفهم بالله، وبدينه. وسيرهم شاهدة على ذلك في القديم والحديث.
بل إن سيد قطب رحمه الله بنى ظلاله في القرآن على إمامين من أئمة التفسير: ابن القيم، وابن كثير.. اللذين هما من مدرسة ابن تيمية رحمهم الله جميعاً.
وما كان له - بعد فتح الله له وتوفيقه - أن يخرج للأمة هذا السفر العظيم لولا تفسير ابن كثير وزاد المعاد.

ثم إن في قراءة كتب التفسير السلفية نفَساً سلفياً هو نفَس أهل السنة والجماعة في التفسير . قد لا يستفاد هذا النفَس إلا بسبرها وإدمان النظر فيها. وهذا ما يسمونه أهل التربية ( المنهج الخفي ) الذي يتسرب إلى الطباع دون شعور.

وعلى أي حال.. فظني هو أنك تعتني بالوجه الأول من أوجه التفسير..
فإن كان كذلك فلا تثرب على غيرك، ولا على الأوجه الأخرى.
ونحن وأنت مخاطبون بهذا الوجه.

والله أعلم.
 
الحمد لله تعالى .. السلام على الاخوة الكرام الطيبين علماء وطلبة علم وقراء .. فالخير في الجميع .
لي كلمة طيبة اريد ان اقول فيها : ان المقصود من تلاوة القران هو التعبد به اولا وهي من بداهة العلم ... ولكن المرقى والتفاضل هو في التدبر والعمل وهذا محور فهم الصحابة للقران الكريم وكما صح عن منهج ابن عباس رضي الله عنه وعن ابيه انه كان يحفظ العشر ايات فلا يجاوزهن حتى يعلمهن ويعمل بهن .
ولا نريد ان نضع اصحاب الرسول اصحاب الوحي جيل النور في ميدان المقارنة المنطقية التي تتحمل الصواب والخطا باعتبار القضايا النسبية او النسبة الى الشئ .... ونحن في غنى عنها .
والله الموفق الى العلم النافع والعمل به.
 
عودة
أعلى