فن القراءة والإقراء

إنضم
09/04/2007
المشاركات
1,499
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
السلام عليكم

الإخوة الكرام بالنسبة لأزمنة الحروف ومسألة تساوي الحروف وأشباهها كل هذه المسائل تدرس ولا تطبق بحذافيرها .
وما قاله ابن الجزري : واللفظ في نظيره كمثله " فيه تفصيل

لأن الحرف له عدة أوضاع تارة يكون ساكنا والزمن في سكون الوقف بخلاف الزمن في سكون الوصل ، وأيضا الصفات تختلف بحسب وضع الحرف بمعني أن الحرف في حال سكونه يختلف زمنه عن حال حركته ، بل الحركات أيضا تختلف درجتها بحسب حال حركة ما قبله . ولعل الكلام يكون في ظاهره غريبا ولكن سوف نحاول التقريب ............

والقراءة للحروف أنواع :
منهم من يقرأ حروفا مهملة لا تكاد تستطيع تمييزها وهذا النوع يستخدمه القراء في ورد المراجعة .

ومنهم من يقرأ بما يعلّم به ، أي ما ينطقه للطلبة في حال الإقراء يقرأ به ، وهؤلاء لم يعرفوا الفرق بين القراءة والإقراء ، ففي حالة الإقراء يكون المعلم متكلفا قليلا حتي يستطيع الطالب إدراك ما هية الحرف جيدا ولذا قال الجعبري في عقود الجمان :

"سألوه قال أزيد كيما يأتي التـ ***تلميذ بالمعني المراد فعان
وكذاك فسره لنا ابن مجاهد *** فالطعن فيهم ليس فيه شفاني
وأباح في التعليم إفراطا لنا *** في كل ما نضطره هذان .


وهو يقصد بـ " سألوه " الإمام حمزة عندما اعترض عليه بعض الأفاضل من طول مده . وهو واضح الإفراط في مقام التعليم ، أما أن يقرأ بما يعلم به الطالب من هذا الإفراط لم يقل به أحد من مشايخنا ـ رحمهم الله ـ

ومنهم من يقرأ قراءة ملائمة لطبيعته دون كلفة وصارت له سجية ولا ينظر لحرف مفخم أو مرقق فقد ضبط فمه علي ميزان معين لا يخل به إلا بعض الهفوات التي لا يسلم منها أحد .

ولذا قال الجعبري :
.....................................*** وتيقظن عند الأداء وعان
وادمن ليبقي حسن لفظك دربة *** وطبيعة وتفوز بالإتقان .


وأضرب لكم أمثلة تقريبية :

الضاد الساكنة .. أضع لكم أمثلة للضاد الساكنة كل واحدة تختلف عن الأخري في الزمن ـ تبعا لإخواننا المتمسكين بالأزمنة ـ

لو وقفت علي " الأرض " بالتأكيد سيزداد زمن الضاد لأن سكون الوقف يخالف سكون الوصل ، ولذا أجازوا في اللين ـ خوف ـ الوقف بحركتين ولم يجيزوا ذلك في سكون الوصل .

ولذا ألمح ابن جني في الخصائص أن صفات الراء في الوصل أقل منه في الوقف .

ولو قرأت : " واغضض من صوتك " تجد الضاد أقل من ضاد "الأرض "

ولو قرأت : " فمن اضطر " ستجد نفسك تبالغ قليلا في نطق الضاد بخلاف السابقتين

ولو قرأت : " يغضضن" تجد نفسك تسرع قليلا في الضاد الساكنة من ضادي ( واغضض ـ اضطر )

وهذه الدقائق يصعب أن تجدها في الكتب وهي لا تؤخذ إلا بالمشافهة من القراء المهرة ، بل والقراء الكبار يحيلون في كتبهم إلي المشافهة بعدما يقربوا بعض النطق ، وتجد الطالب يحاول أن يضبط كل حرف في كل موضع بنفس درجة الحرف السابق بالضبط فيلقي من المشقة ما يلقي ويفوت علي نفسه فرصا عظيمة .

قد نبهنا شيوخنا أن خروج الحرف يختلف بحسب ما قبله وما بعده ـ أما بحسب الحركة فهذا ظاهر عند الجميع وذاك يسمي " مراتب التفخيم ووو..."

ولو وجدت نفسك تقرأ العين من كلمة " معك " تجد سهولة وانسيابية في النطق ، بينما لو قرأت العين من " معه " تجد قليلا من المبالغة . لأن العين في ـ معك ـ بعده مفتوح لذلك امدد الحرف في سهولة ، وأما " معه " بعده ضم فانتقل الحرف من وضع لوضع فتجد جزءا من المبالغة في " معه " .

ثم انظر إلي العين مع العين عند الانفصال في نحو : " تقع علي الأرض " تجد المبالغةفي عين " تقع " أكبر من سابقيه وكل ذلك ملموس وواضح . أما " ينزعُ عنهما " أخف نطقا من المفتوحتين .



إذن وضع الحرف له تأثير في النطق ، أما محاولة وضع مقدار واحد للحرف ـ دون النظر للمعطيات الأخري ـ فهذا هو التكلف بعينه . وهذا ما يشيرون إليه القدامي في بعض كتبهم من المبالغو مثلا للميم عند الواو والفاء وتمييز هذه الميم مع الحرفان عن غيرهما .



وهكذا يظهر لك الفرق أخي الكريم من يأخذ من الكتب ، وممن يأخذ من الشيوخ المهرة .

ولست أذكر هل سمعت هذه المقالة أم قرأتها بالنسبة لحروف المد : أنه لا يوجد من يجعل مقدار مدوده مقدارا واحدا بالضبط مهما كانت براعته ـ لو قيس زمن مدود أي قارئ بالأجهزة الحديثة ستجد تفاوتا في المدود ولو كان ضئيلا ـ لأن طول الآية وقصرها لها تأثير في المدود والغنن ، ولكن الماهر الذي لا يجعل المستمع يشعر بهذا الفرق الضئيل .

وننتظر تعليق إخواننا علي هذه النقاط .
والسلام عليكم
 
الأخ الفاضل عبد الحكيم كل الكلام الذي ذكرته في كيفية النطق يؤخذ من أفواه المشايخ المتقنين؛ العين، أو الإستطالة لحرف الضاد عند الوقوف، أو عندما تكون في وسط الكلمة، أو تتكرر في الكلمة الواحدة.
وحتى المدود الطبيعية في الآية الواحدة تكون موزونة كلمةً كلمةً عند القراءة، وهذا يحصل للطالب بالممارسة؛ ولكن كما ذكرت في البداية على يد شيخ مُتْقِن، وأنا أتذكر عندما كنت أقرأ في أواخر الثمانينات على شيخي كان لا يدع آيةً تمر إلا أن نتقنها حرفاً حرفاً حتى لو أخذنا آيةً واحدة في الدرس، وأتذكر أيضاً عندما كنا نقرأ يميل بيده يمينا وشمالاً، ليعلمنا الموازنة الدقيقة في المد الطبيعي؛ خصوصاً عندما يتكرر المد الطبيعي في الآية، فمن الأخطاء الكثيرة اليوم عند المتعلمين هو السرعة في بعض الكلمات والبطء في الأخرى، وأغلب الطلبة اليوم ومع الأسف يهتمون بالإجازة أكثر من الأداء والضبط والله أعلم ...
 
جزى الله الشيخ عبد الحكيم عبد الرازق خيرا على هذه الدرر النفيسة...وعسى أن تعيها أذن واعية
 
شيخنا الكريم الشيخ عبد الحكيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :
مثل هذه الدرر تكون أثرا باقيا ، أطال الله عمرك في طاعته ، ما ذكرته من اختلاف الزمن حسب وضع السكون وقفا ووصلا أمر مسلم به ملحوظ حال القراءة ، وكذلك اختلاف الزمن حسب سكون الحرف وحركته ، فلا يخفى أن الحرف السكن يأخذ زمنا أكثر منه في المتحرك ، وقد كثرت عبارات العلماء في ذلك بما نحن في غنى عن ذكره ، وكما ذكرتَ أن الحرف يختلف بحسب ما قبله وما بعده من حركة فهو يختلف أيضا بحسب ما بعده وما قبله من الحروف ، ومن ذلك تنبيه العلماء على وجوب الاعتناء بالحروف المتقاربة في المخرج بمعنى الإتيان بها بشيء من المبالغة نحو الحاء في " سبحه " بخلاف إذا ما جاء بعد الحاء حرف آخر نحو :" يحكم " فتجد الأولى تحتاج إلى شيء من المبالغة بخلاف الثانية ، ومن ذلك ما نبه عليه المرعشي من التحرز من سقوط الهاء من :" عليهم " وهو مسموع كثيرا بخلاف الهاء في " لهم " فالهاء الأولى احتاجت إلى شيء من المبالغة في إظهارها بخلاف الثانية لوقوع الأولى بعد حرف ضعيف ، لذا فأظن أن المبالغة في : " معه " بخلاف : " معك " سببها ضعف الهاء وليس ضمها لذا لا نجد هذا النطق في : "معكم " مع وجود ضمة بعد العين ، وكذلك اختلاف الزمن حسب سرعة القراءة وبطئها ، وهو واضح عند السماع إلى القراءة المجودة بخلاف المرتلة ، فقد يبلغ زمن المد الطبيعي أحيانا في القراءة المجودة ضعفه في المرتلة ،ولا ينكر أحد صحة كليهما، لذا قال مكي في الكشف صـ58 ( فلس مدُّ من يتمهل ويرتل كمد من يحدر ويسرع ) و قد يختلف الزمن في القراءة المرتلة في السورة الواحدة أيضا ، ولو سمعت المنشاوي في أول آل عمران ثم سمعته في وسطها لوجدت اختلافا في الزمن في المد الطبيعي ، ولا ينكر أحد صحتهما أيضا ، حتى في الآية الواحدة سرعة وبطئا ، بحسب ما يقتضيه حسن الأداء من ختام بعض الآيات بشيء من البطء نوعا ما ، بخلاف بدايتها ، لذا فكلام شيخنا الأستاذ أحمد علي جاسم في مراعاة أزمنة المدود الطبيعية في الآية الواحدة منظور فيه لما بينا ، إلا إن حمل كلامه على من يروم تقليد بعض المشايخ من دون مراعاة حسن الأداء مما يدفعه التكلف إظهارا لبعض الفنيات إلى السرعة والبطء بدون ضوابط ، والغالب على الظن أن ذلك قبح في الأداء وليس خطأ في زمن المدود والله أعلم .
والسلام عليكم
 
جزاكم الله خيرا ، بالفعل كثير ممن يعلم تجويد القرآن يبالغ أثناء تعليمه في تحقيق الحروف والحركات، وهذا التعسف قد يترتب عليه عند الحاذقين ، تشديد في أوخر الكلم ، وتمطيط مبالغ فيه ، وغير ذلك كثير، وللأسف يصبح ذلك سجيه عنده وعند من يعلمه، يصعب تركها ، ولذلك من الأمور التي أنصح بها ترك المبالغة في أثناء التعليم، وليكن طبيعا كما يقرأ في الصلاة، وهي مهارة عالية قل من يتقنها.
والله الهادي إلى سواء السبيل ، وللأخوة الكرام جزيل الشكر.
 
جزى الله خيراً كل من الأخ أحمد نجاح محمد، والأخ جمال القرش على هذه التوضيحات، نعم التكلف مذموم، وكذلك التساهل في التعليم بلا إتقان أيضا مذموم، قال تعالى : {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ }القمر17؛ ولكن من تعريف علم التجويد نفهم أن على القارئ إخراج كل حرف من مخرجِهِ، وإعطاؤه حقه ومُسْتَحَقُّه من الصفات .
فحق الحرف: هو صفاته اللازمة التي لا تنفك عنه، مثل: الهمس والجهر والقلقلة والشدة ...الخ.
أما مُسْتَحَقُّ الحرف: فهو صفاته العارضة التي تعرض له في بعض الأحوال، وتنفك عنه في البعض الآخر لسببٍ من الأسباب، مثل: التفخيم والترقيق والإدغام...وغيرها.
-وفائدته: صون اللسان عن اللحن في ألفاظ القرآن الكريم عند الأداء، وهذا وللأسف ما يقع فيه الكثير اليوم، يقدم اللحن والتنغيم على القاعدة التجويدية، والحديث معروف عن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - " اقرؤوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الكتابين، وأهل الفسق فإنه سيجيء بعدي قوم يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء، والرهبانية، والنوح لا يجاوز حناجرهم مفتونة قلوبهم، وقلوب من يعجبهم شأنهم " .
فإذا كان القارئ يقرأ في الآية الواحدة وكان فيها مدان أو ثلاث منفصلين فهل يجوز أن يمد هذا خمس حركات والاخر أربع حركات والآخر ثلاث؟ الجواب لا يجوز؛ فيجب عليه أن يوازن في مدوده لأن المد أمر توقيفي، كذلك المدود الطبيعية في الآية الواحدة، أنا لا أتكلم عن السرعة والبطء في القراءة هذه تتوقف على مراتب التلاوة، ولا ننسى أن هذا كلام رب العالمين وليس أي كلام، أما الآن ومع الأسف ظهر اللحن الكثير في الحروف، وهذا ما يدل على كثرة التساهل عند من يُعَلِّمْ.
فخلاصة الكلام التكلف مذموم، والتساهل أيضا مذموم، والوسط في الأمور خير إن شاء الله، نسأل الله أن يبصرنا في ديننا اللهم آمين ...
 
فخلاصة الكلام التكلف مذموم، والتساهل أيضا مذموم، والوسط في الأمور خير إن شاء الله، نسأل الله أن يبصرنا في ديننا اللهم آمين ...[/QUOTE]
وكلا طرفى قصد الأمور ذميم
للحرف ميزان فلا تك طاغيا فيه ولا تك مخسر الميزان
 
فخلاصة الكلام التكلف مذموم، والتساهل أيضا مذموم، والوسط في الأمور خير إن شاء الله، نسأل الله أن يبصرنا في ديننا اللهم آمين ...

وكلا طرفى قصد الأمور ذميم
للحرف ميزان فلا تك طاغيا فيه ولا تك مخسر الميزان
 
ولست أذكر هل سمعت هذه المقالة أم قرأتها بالنسبة لحروف المد : أنه لا يوجد من يجعل مقدار مدوده مقدارا واحدا بالضبط مهما كانت براعته ـ لو قيس زمن مدود أي قارئ بالأجهزة الحديثة ستجد تفاوتا في المدود ولو كان ضئيلا ـ لأن طول الآية وقصرها لها تأثير في المدود والغنن ، ولكن الماهر الذي لا يجعل المستمع يشعر بهذا الفرق الضئيل .
إن لم تخني الذاكرة هذا الكلام للإمام أبي عمرو في رسالة يدافع فيها عن مد البدل للأزرق ، ومن جملة كلامه أنه لو حلف رجل بطلاق زوجته أنه يأتي بالمدود بالتساوي تطلق عليه زوجته ، لأن هذا فوق طاقة البشر ، فلا أحد يستطيع ضبط النفس الخارج منه الذي هو مادة الصوت والله أعلم
 
فضيلة الشيخ عبدالحكيم عبد الرزاق
السلام عليك وعلى بقية المتداخلين ورحمة الله وبركاته
ان ازمنة الحروف تتأثر - كما تفضلتم- بظروف الحروف المادية والمعنوية ، المكانية والزمانية(وهذا ليس محل تبيين معانيها فالكل يعرف جيدأ ما أعني )
وهنا أقف اجلالا وقفة مبهور باعجاب شديد لنص الامام ابن الجزري رحمه الله:
((واللفظ في نظيره كمثله)) فان هذه النظيرية التي حددها للفظ او الصوت اللغوي المسموع ينبغي ان تكون مماثلة كما وكيفا -وأنّى لنا ذلك اذا لا يتقنها ولا ينالها الا ذو حظ عظيم.
ولعل- والله العالم- الكاف في كمثله قد جزمت بعدم المثلية التطابقية بل المثلية التشابهية فان شبيه الشيء لايعني نسخة منه، فلو قال (واللفظ في نظيره مثله) - طبعا سيستلزم تغييرا في حشو البيت وحركات القوافي- لاختلف المعنى المنظور عندي على الاقل.
على كل حال نستطيع الاستفادة من النص ان اللفظ في مالا يناظره ليس كمثله ، وحتما لا يعني ان الباء لاتناظر العين فهي ليس كمثلها(اعني اختلاف الحرف اسما ورسما) بل نقول ان الباء بحركتها وجيرانها لا تناظر الباء في محل آخر باختلاف الجيران والحركات.

ولعل في النظرة الثاقبة للشاطبي -الضرير- رحمه الله،باستحالة التمييز الزمني المحسوس بي الاربع والخمس حركات - كما صرح بذلك السخاوي تلميذه المقرب- تعطينا فكرة عن التفاتته الرائعة بعدم وجود جدوى عملية من الزام القراء بتفاوتات زمنية تكاد تكون غير ملحوظة يلازمها العسر المنهي عنه في الشريعة السمحاء، فرحمة الله على حليبه الذي درّ عليه وارتضعه(مثل عراقي).

ولنا في ازمنة الحروف نظرات ونظرات ونظرات والله يستر من الرائحات والغاديات
 
عودة
أعلى