فن الاستشهاد بالقرآن الكريم عند ابن هشام ( 761هـ )

إنضم
09/06/2009
المشاركات
94
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
بنغازي
[align=justify][align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وآله وصحبه والمتبعين لهم بإحسان .
ما زالت مذ عرفت النحو معنيًّا بكتب ابن هشام ، حريصاً عليها ، كَلِفاً بها ، ترغّبني فيها أشياء لم أكن أتبيّنها على التفصيل أول الأمر ، ثم عرفتها ، وتبيّنت أن أظهرها شيئان : التفنّن في النظام ، والعناية بالاستشهاد بالقرآن الكريم .
أما الأول فحقه أن تُفرد له كلمة تشرح معالمه وطرائقه ، وأما الآخِر فأنواع ، أشرح منها في هذه الكلمة نوعاً واحداً ، هو التفنّن في إيراد الشواهد القرآنية .
فقد كان ابن هشام - رحمه الله - كثير الاستشهاد بالقرآن الكريم إكثاراً مُعْجِباً ، لا يكاد يترك الشاهد القرآني إلى غيره من الأمثلة الموضوعة من زيد وعمرو والضرب والإكرام ونحوها . ولا شك أن هذا يثبّت المسألة بشاهدها في الذهن ، ويصدّق القاعدة ويؤكدها ، ويرغّب في دراسة النحو وتذوقه ، خاصة عند المشتغلين بعلوم القرآن ، ويزيد المعرفة بمعاني القرآن وإعرابه .

[align=center](1) تفريع[/align]
وهذه الكلمة لشرح افتنانه في سَوْق الشواهد القرآنية ، بإيرادها على وجوه من الخصوصية والتناسق الفني يتجاوز الاستشهاد المألوف إلى شيء آخر ، هو ما سميته : فن الاستشهاد .
ومن هذا الفن أن يستشهد لأكثر من فرع من المسألة بموضع واحد من القرآن ، أو بأكثر من موضع بينها اتصال .
• فرعان في موضع :
فالنوع الأول - وهو أن يأتي بالشاهد فيه أكثر من فرع من المسألة التي يتكلم عليها - قسمان : ما فيه فرعان ، وما فيه فروع .
وما فيه فرعان قسمان : قسم يكون في أكثر من كلمة في الموضع ، وقسم يكون في كلمة واحدة .
- فما فيه فرعان في أكثر من كلمة من الموضع له أمثلة كثيرة ، منها :
1- اجتماع ( إن ) الشرطية و( إن ) النافية في قوله - تعالى - : ( ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده ) .
2- واجتماع لحاق ( ما ) الكافة بـ ( إنّ ) المكسورة ولحاقها بـ ( أنّ ) المفتوحة في قوله - تعالى - : ( قل : إنما يوحى إليّ أنما إلهكم إله واحد ) ، وفيه أيضاً أن الأولى لقصر الصفة على الموصوف ، والآخرة لقصر الموصوف على الصفة .
3- واجتماع ( إذا ) الفجائية و( إذا ) الظرفية في قوله - تعالى - : ( ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون ) ، وقوله : ( فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون ) .
4- واجتماع مجيء ( في ) للظرفية المكانية ومجيئها للظرفية الزمانية في قوله - تعالى - : ( غُلبت الروم في أدنى الأرض ، وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين ) .
5- واجتماع مجيء كاف الخطاب في محل نصب ومجيئها في محل جر في قوله - تعالى - : ( ما ودَّعك ربك ) ، وكذا ياء المتكلم في قوله تعالى : ( ربي أكرمني ) .
6- واجتماع إسكان لام الأمر بعد الفاء وإسكانها بعد الواو في قوله - تعالى - : ( فلْيستجيبوا لي ولْيؤمنوا بي ) .
7- واجتماع زيادة ( مِنْ ) في المنصوب وزيادتها في المرفوع في قوله - تعالى - : ( ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله ) .
8- واجتماع العطف على السابق والعطف على اللاحق في قوله - تعالى - : ( ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم ) ، ومثله : ( وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط ) ، فهذا على الترتيب ، ثم عطف بعكس الترتيب فقال : ( وعيسى وأيوب ) .
9- واجتماع حذف المبتدأ وحذف الخبر في قوله - تعالى - : ( سلام ، قوم منكرون ) ؛ أي : سلام عليكم ، أنتم قوم منكرون .
10- واجتماع الاعتراض بين القسم وجوابه ، والاعتراض بين الموصوف وصفته في قوله - تعالى - : ( فلا أقسم بمواقع النجوم ، وإنه لقسم - لو تعلمون - عظيم ، إنه لقرآن كريم ) .
11- واجتماع تعلق الظرف بالفعل وتعلقه بما فيه معنى الفعل في قوله - تعالى - : ( أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ) .
12- واجتماع مجيء الجار والمجرور صلة ومجيء الظرف كذلك في قوله - تعالى - : ( وله مَنْ في السموات والأرض ومَنْ عنده لا يستكبرون ) .
13- واجتماع حذف عامل الفاعل وحذف عامل نائب الفاعل وجوباً في قوله - تعالى - : ( إذا السماء انشقت ، وأذنت لربها وحُقّت ، وإذا الأرض مُدَّت ) .
14- واجتماع الماضي والمضارع من ( زال ) التامة في قوله - تعالى - : ( إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا ، ولئن زالتا ) .
15- واجتماع الفاصل الملفوظ والفاصل المقدر بين الفعل ونون التوكيد في قوله - تعالى - : ( لتُبْلوُنَّ في أموالكم وأنفسكم ولتسمعُنّ ) .
16- واجتماع زيادة ( مِنْ ) مع النكرة المنفية وزيادتها مع النكرة المستفهم عنها في قوله - تعالى - : ( ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت ، فارجع البصر هل ترى من فطور ؟ ) .
17- واجتماع مجيء ( أولو ) بالواو للرفع ، ومجيئها بالياء للنصب في قوله - تعالى - : ( ولا يَأتَلِ أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى ) .
18- واجتماع ذكر الضمير الرابط للصلة وحذفه وهو في موضع جر في قوله - تعالى - : ( يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون ) .
19- واجتماع مجيء ( عند ) للقرب المعنوي ومجيئها للقرب الحسي في قوله - تعالى - : ( قال الذي عنده علم من الكتاب : أنا آتيك به قبل أن يرتدّ إليك طرفك ، فلما رآه مستقرّاً عنده ) .
20- واجتماع تمام ( أصبح ) وتمام ( أمسى ) في قوله - تعالى - : ( فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون ) .
21- واجتماع اتحاد الفاعل واختلافه في المفعول له وعاملِه في قوله - تعالى - : ( لِتركبوها وزينة ) ؛ ولهذا جُرّ ما تخلف فيه شرط الاتحاد باللام .
22- واجتماع الفصل بالضمير المنفصل وبـ ( لا ) في العطف على الضمير المتصل المرفوع المحل في قوله - تعالى - : ( ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم ) .
23- واجتماع مجيء ( رأى ) للرجحان ومجيئها لليقين في قوله - تعالى - : ( إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً ) .
24- واجتماع جرّ الحرف للظاهر وجره للمضمر في قوله تعالى : ( ومنك ومن نوح ، وعليها وعلى الفلك تحملون ) ، ( قل : الله ينجيكم منها ومن كل كرب ) ، ( فقال لها وللأرض ) .
25- واجتماع الطلب والنفي قبل فاء السببية التي يُنصب بعدها المضارع في قوله - تعالى - : ( ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ، ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء ، فتطردهم ، فتكون من الظالمين ) ؛ لأن ( فتطردهم ) جواب النفي ، وهو : ( ما عليك ) وما عطف عليه ، و( فتكون ) جواب النهي ، وهو : ( ولا تطرد ) ، ويجوز أن يكون : فتكون - معطوفاً على ( فتطردهم ) .
26- واجتماع التذكير والتأنيث في العدد في قوله - تعالى - : ( سخّرها عليهم سبع ليالٍ وثمانية أيام ) .
27- ومن أطرف ذلك اجتماع فرعين ، ثم فرعين على فرع ، وذلك اجتماع مجيء الهاء في موضع نصب ومجيئها في موضع جر ، ثم مجيئها في موضع جر بالحرف ، وفي موضع جر بالإضافة ، وذلك في قوله تعالى : ( قال له صاحبه وهو يحاوره ) .
- وما فيه فرعان في كلمة واحدة من أمثلته :
1 - اجتماع التأخر والفرعية في العامل - وهما سبب زيادة لام التقوية - في قوله - تعالى - : ( وكُنَّا لحكمهم شاهدين ) .
2- واجتماع الإنشائية والجمود في جواب الشرط في قوله تعالى : ( إن تبدوا الصدقات فنِعمَّا هي ) ، ( ومن يكن الشيطان له قريناً فساء قريناً ) .
3- واجتماع انتفاء الاتحاد في الفاعل وانتفاء الاتحاد في الزمن في المفعول له وعاملِه في قوله تعالى : ( أقم الصلاة لدلوك الشمس ) .
4- واجتماع الاسمية والطلبية في جملة جواب الشرط ـ ولذا ارتبطت بالفاء ـ في قوله تعالى : ( وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده ؟ ) .
• فروع في موضع :
ويترقّى في الافتنان فيأتي بالشاهد فيه ثلاثة فروع للمسألة ، من ذلك :
1- أن ( إذْ ) تلزم الإضافة إلى جملة اسمية ، أو فعلية فعلها ماضٍ ، أو فعلية فعلها مضارع لفظاً ماضٍ معنى ، واجتمعت الثلاث في قوله - تعالى - : ( إلاّ تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه : لا تحزن ؛ إن الله معنا ) .
2- وأن الضمير ( نا ) مشترك بين مواضع الرفع والنصب والجر ، واجتمع استعماله فيهن في قوله تعالى : ( ربنا إننا سمعنا ) . ويصلح هذا شاهداً أيضاً لاتصاله بالكلم الثلاث ، واستشهد ابن هشام لاتصال ياء المتكلم بالكلم الثلاث بقوله - تعالى - : ( إنني هداني ربي ) .
• فرعان على قراءتين :
ويكون الفرعان في موضع واحد ، ولكنهما على قراءتين . وهو قسمان : واقع في قراءة عشرية ، وواقع في قراءة شاذة .
- فالواقع في قراءة عشرية من أمثلته :
1- اجتماع ذكر الضمير الرابط لجملة الصلة وحذفه في قوله - تعالى - : ( وما عملته أيديهم ) ، وفيها ما تشتهيه الأنفس ، وقرئ : ( وما عملت أيديهم ) ،( وفيها ما تشتهي الأنفس ) .
2- واجتماع فتح همزة ( إن ) وكسرها في قوله - تعالى - : ( إنّا كُنَّا من قبل ندعوه أنه هو البر الرحيم ) ؛ وذلك لوقوعها موقع العلة ، فالفتح على تقدير الحرف ، والكسر على الاستئناف .
3- واجتماع فتحها وكسرها في قوله - تعالى - : ( إن لك ألاّ تجوع فيها ولا تعرى، وإنك لا تظمأ فيها ولا تضحى ) ، المراد الآخرة ؛ وذلك لوقوعها بعد واو مسبوقة بمفرد صالح للعطف عليه ، فالكسر على الاستئناف أو العطف على جملة ( إن ) السابقة ، والفتح على العطف على : ( ألاّ تجوع ) .
4- واجتماع النصب والاتباع في المستثنى في كلام تام غير موجب والاستثناء متصل في قوله - تعالى - : ( ما فعلوه إلا قليلٌ منهم ) ، ( ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك ) .
5- واجتماع تقدير ( أنْ ) مخففةً وتقديرها ناصبة - وذلك لسبق الظن - في قوله - تعالى - : (وحسبوا ألا تكون فتنة ) ، قرئ برفع ( تكون ) وبنصبه .
6- واجتماع النصب والجر بالإضافة في الاسم التالي للوصف العامل في قوله - تعالى- : ( إن الله بالغ أمره ) ، ( هل هُنّ كاشفات ضره ؟ ) .
- وأما الواقع في قراءة شاذة فأمثلته :
1- اجتماع التعدية بالباء والتعدية بالهمزة في قوله - تعالى - : ( ذهب الله بنورهم ) ، وقرئ : ( أذهب الله نورهم ) .
2- اجتماع النصب بـ ( إذاً ) وإهمالها ؛ وذلك لوقوعها بعد واو أو فاء ، في قوله تعالى : ( وإذاً لا يلبثون ) ، ( فإذاً لا يؤتون ) ، وقرئ بالنصب : ( وإذاً لا يلبثوا ) ، ( فإذاً لا يؤتوا ) .
3- واجتماع الرفع والنصب في قوله - تعالى - : ( جنات عدن يدخلونها ) ، وهي مسألة الاشتغال .
• فروع على قراءات :
ويكون في الموضع الواحد قراءات تصلح شاهداً لفروع من المسألة ، من ذلك :
1- اجتماع إعراب ( قبل ) و( بعد ) منوّنين ، وغير منوّنين ، وبنائهما على الضم، في قوله تعالى : ( لله الأمر من قبل ومن بعد ) ، فقد قرئ بكل ذلك .
2- واجتماع الرفع على الاستئناف ، والجزم بالعطف ، والنصب بـ ( أنْ ) مضمرة ، في المضارع المقرون بالفاء أو الواو بعد انقضاء جملتي الشرط والجواب ـ في قوله تعالى : ( وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر ) ، وقوله : ( من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم ) ، وقرئ بكل ذلك .
• فرعان في سورة :
ويجمع ابن هشام شاهدين لفرعين من مسألة ، والشاهدان في سورة واحدة ، ومن ذلك :
1- اجتماع مجيء اللام في جواب ( لو ) المثبت وتركها في سورة الواقعة ، في قوله - تعالى - : ( لو نشاء لجعلناه حطاماً ) ، لو نشاء جعلناه أجاجاً .
2- واجتماع مثال ظرف المكان ومثال ظرف الزمان في أول سورة يوسف ، في قوله - تعالى - : ( أو اطرحوه أرضاً )، ( وجاؤوا أباهم عشاءً ) .
3- واجتماع مثال ( أهلون ) بالواو ومثالها بالياء في سورة الفتح ، في قوله - تعالى - : ( شغلتنا أموالنا وأهلونا ) ، ( إلى أهليهم أبداً ) .
• فرعان في المتشابه :
ومن الاستشهاد المعجب الرائق أن يكون الفرعان في موضعين متشابهين من القرآن، ومن أمثلته :
1- تسويغ الابتداء بالنكرة بالعطف ، بأن يكون أحد المتعاطفين يجوز الابتداء به ، فشاهد ما فيه المعطوف يجوز الابتداء به : ( طاعة وقول معروف ) ، وشاهد ما فيه المعطوف عليه يجوز الابتداء به : ( قول معروف ومغفرة خير ) .
2- وجواز ذكر ( أن ) الناصبة للمضارع بعد اللام وحذفها ، فشاهد الحذف : ( وأُمِرْنا لنُسْلم لرب العالمين ) ، وشاهد الذكر : ( وأُمِرْتُ لأن أكون أول المسلمين ) .
3- وتثنية الحال وجمعها لمتعدد إذا اتحد اللفظ ، فشاهد التثنية : ( وسخر لكم الشمس والقمر دائبين ) وشاهد الجمع : ( وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخراتٍ بأمره ) .
4- وإضافة ( إذ ) إلى الجمل ، فشاهد الاسمية : ( واذكروا إذ أنتم قليل ) ، وشاهد الفعلية : ( واذكروا إذ كنتم قليلاً ) .
5- وتأنيث العدد وتذكيره ، فشاهد التأنيث : ( آيتُك ألاَّ تُكلّم الناس ثلاثةأيام ) ، وشاهد التذكير : ( آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليالٍ سويّاً ) .
6- وجواز المخالفة في البدل في التعريف والتنكير ، فشاهد الموافقة : ( اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين ) ، وشاهد المخالفة : ( إلى صراط مستقيم صراط الله ) .
7- وتعدِّي بعض الأفعال إلى اثنين بنفسه ، وإلى أحدهما بالحرف ، فشاهد التعدي إلى اثنين بنفسه : ( زوّجناكها ) ، وشاهد التعدي إلى أحدهما بالحرف : ( وزوجناهم بحور عين ) .
8- وتمييز المائة والألف بمفرد مجرور ، فشاهد المائة : ( بل لبثتَ مائة عام ) ، وشاهد الألف : ( فلبث فيهم ألف سنة ) .
9- وجمع الْخُلة بمعنى الصداقة على خِلال ، فشاهد المفرد : ( يومٌ لا بيع فيه ولا خلة ) ، وشاهد الجمع : ( يومٌ لا بيع فيه ولا خلال ) .
10- ومجيء ( لولا ) و( لوما ) للتحضيض فيختصان بالفعلية ، نحو : ( لولا أُنزل علينا الملائكة ) ، ( لوما تأتينا بالملائكة ) .
11- واختصاص ( إذا ) بالفعلية ، ويكون الفعل ظاهراً ، نحو : ( فإذا انشقت السماء ) ، ومضمراً ، نحو : ( إذا السماء انشقت ) .
12- وفصل الضمير إذا لم يتأتَّ اتصاله ، وذلك بتقدمه على عامله ، نحو : ( إياك نعبد ) ، أو مجيئه بعد ( إلا ) ، نحو : ( أَمَر ألا تعبدوا إلا إياه ) .
13- وتخلّف شرط القلبية في المفعول له في قوله - تعالى - : ( ولا تقتلوا أولادكم من إملاق ) ، ولذلك جُرَّ بالحرف ، وحصوله في : ( ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق ) ، ولذلك نُصب .
14- وترجح النصب في المشتغَل عنه لإيهام الرفع أن الفعل صفة ، نحو : ( إنَّا كلَّ شيء خلقناه بقدر ) ، ووجوب الرفع إذا كان الفعل صفة ، نحو : ( وكلُّ شيء فعلوه في الزبر ) .
15- ومجيء الشرط والجواب مضارعين ، نحو : ( وإن تعودوا نعد ) ، وماضيين ، نحو : ( وإن عُدتم عُدْنا ) .
16- ومن طريف هذا الضرب أنه جاء به في مسألة بلاغية ، وذلك اختلافهم في حذف أداة التشبيه أيكون تشبيهاً أم استعارة ؟ وهو نوعان : أن يكون المشبه به خبراً لمذكور ، نحو : ( والذين كذبوا بآياتنا صمٌّ وبكم ) ، وأن يكون خبراً لمحذوف ، نحو : ( صمّ بكم ) .
• فروع في المشابه :
ويكون في المتشابه شواهد لعدة من الفروع ، ومثاله في كلامه على جواب ( لما )، إذ يكون جوابها فعلاً ماضياً ، وشاهده : ( فلمّا نجّاكم إلى البرّ أعرضتم ) ، وجملة اسمية مقرونة بـ ( إذا ) الفجائية ، وشاهده : ( فلمّا نجّاهم إلى البرّ إذا هم يشركون ) ، أو مقرونة بالفاء ، وشاهده : ( فلمّا نجّاهم إلى البرّ فمنهم مقتصد ) ، وفعلاً مضارعاً ، وشاهده : ( فلمّا ذهب عن إبراهيم الرَّوْعُ وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط ) . والأخيرة لا تشبه سابقاتها .
• فرعان في كلمة :
ويأتي بفرعين ويستشهد لهما بكلمة واحدة في موضعين ، ومن أمثلته :
1- جَرُّ الممنوع من الصرف بالفتحة ، نحو : ( فحيّوا بأحسنَ منها ) ، ما لم يُضف ، نحو : ( في أحسنِ تقويم ) .
2- وإضافة المصدر إلى الفاعل بغير ذكر المفعول ، نحو : ( ربَّنا وتقبّل دعاءِ ) ، وإضافته إلى المفعول بغير ذكر الفاعل ، نحو : ( لا يسأمُ الإنسان من دعاء الخير ) .
• فروع في كلمة :
ويأتي بفروع ويستشهد لهنّ بكلمة واحدة في مواضع ، ومن أمثلته :
1- أنّ في المنادى المضاف إلى الياء لغاتٍ ، منها : حذف الياء والاكتفاء بالكسرة، نحو : ( يا عبادِ فاتّقون ) ، وثبوت الياء ساكنة ، نحو : ( يا عبادي لا خوف عليكم ) ، وثبوتها مفتوحة ، نحو : ( يا عباديَ الذين أسرفوا ) .
2- وأن الفعل يُوحَّد مع تثنية الفاعل وجمعه كما يُوحَّد مع إفراده ، نحو : ( قال رجلان ) ، ( وقال الظالمون ) ، وقال نسوة ) .
• فرعان في مادة :
ويستشهد لفرعين بمادة واحدة في موضعين ، ومن أمثلته :
1 ـ أن فعل الشرط لا يُقرن بحرف النفي إلا ( لم ) ، نحو : ( وإن لم تفعل فما بلّغت رسالاته ) ، و ( لا ) ، نحو : ( إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض ) .
2 ـ وأن النون تُبْدَل ميماً إذا لقيتها الباء في كلمة ، نحو : ( انبعث ) ، أو كلمتين ، نحو : ( من بعثنا ) .
• فروع في مادة :
ويستشهد لفروع بمادة واحدة في مواضع ، ومن أمثلته : أنه يُذْكَر في باب ( أعطى ) المفعولان ، نحو : ( إنا أعطيناك الكوثر ) ، ويحذفان ، نحو : ( فأما من أعطى ) ، ويُحذف الآخِر منهما ، نحو : ( ولسوف يعطيك ربك ) ، ويُحذف الأول ، نحو : ( حتى يُعطوا الجزية ) .
• فرعان على احتمال :
ويكون فرعان في موضع واحد ، ولكن ذلك على وجه الاحتمال ، ومن أمثلته :
1- جواز كينونة الهمزة للاستفهام وللنداء في قراءة التخفيف في قوله - تعالى - : ( أَمَنْ هو قانتٌ آناء الليل ) .
2- وجواز إرادة الاستفهام الحقيقي والتقرير في قوله - تعالى - : ( أأنت فعلت هذا ؟ ) .
3- وجواز أن تكون ( ما ) موصولة ومصدرية في قوله - تعالى - : ( إنَّ ما صنعوا كيدُ ساحر ) ، بتقدير : إن الذي صنعوه ، أو : إنَّ صُنْعهم .
4- وجواز أن تكون ( حتى ) للغاية وللعلة في قوله - تعالى - : ( فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ) .
5- وجواز أن تكون ( أم ) متصلة ومنقطعة في قوله - تعالى - : ( قل : أتخذتم عند الله عهداً فلن يخلفَ الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون ؟ ) .
• فروع على احتمال :
ويكون في الموضع الواحد فروع على وجه الاحتمال ، ومن أمثلته :
1- جواز أن تكون ( كان ) ناقصة وتامة وزائدة في قوله - تعالى - : ( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب ) ، وقوله : ( فانظر كيف كان عاقبة مكرهم ) .
2- وجواز أن يكون ( مُنْزَلاً ) من قوله - تعالى - : ( ربِّ ، أنزلني مُنْزَلاً مباركاً ) مصدراً واسم زمان واسم مكان ؛ من أجل أن صيغة اسم المفعول تصلح لذلك .
• فروع باتفاق الفواصل :
ويأتي لفروع بشواهد تتفق في الفاصلة ، نحو استشهاده في إعراب أسماء الاستفهام والشرط - لوقوعها على زمان بقوله - تعالى - : ( أيّان يُبعثون ؟ ) ، ولوقوعها على مكان بقوله : ( فأين تذهبون ؟ ) ، ولوقوعها على حدث بقوله : ( أيَّ منقلب ينقلبون ؟ ) .

[align=center](2) تمثيل[/align]

وما سميته التفريع ذاك فن على حدة ، وهذا فن آخر من استشهاد ابن هشام بالآي القرآنية ، أسمّيه التمثيل ، وهو أن يأتي بالموضع الواحد فيه أكثر من مثال للمسألة .
• مثالان في موضع :
فيأتي بالموضع فيه مثالان ، وهذا النوع قسمان : قسم يكون فيه المثالان متلاصقين ، وقسم يكون فيه المثالان متباعدين .
- فمما فيه المثالان متلاصقان :
1- كسر همزة ( إن ) بعد عامل عُلِّق باللام ، نحو : ( والله يعلم إنك لرسوله ، والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ) .
2- وكينونة ( أل ) موصولاً بدخولها على مشتق ، نحو : ( إن المصّدّقين والمصّدّقات ) ، ( والسقف المرفوع ، والبحر المسجور ) .
3- وحذف العائد المنصوب ، نحو : ( ويعلم ما تُسِرُّون وما تُعلنون ) .
4- ومجيء ( مِنْ ) لبيان الجنس ، نحو : ( مِنْ أساور مِن ذهب ) .
5- وعطف الفعل على الفعل ، نحو : ( وإن تؤمنوا وتتّقوا يؤتكم أجوركم ولا يسألْكم أموالكم ) .
6- وحذف المفعولين في باب ( ظن ) اقتصاراً ، نحو : ( والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) .
7- ونصب باب ( أعلم ) لثلاثة مفاعيل ، نحو : ( إذ يُريكهم الله في منامك قليلاً ولو أراكهم كثيراً ) .
8- وتقدّم المفعول جوازاً ، نحو : ( فريقاً كذبوا وفريقاً يقتلون ) .
9- ونيابة المفعول به عن الفاعل ، نحو : ( وغيض الماء وقضي الأمر ) .
10- وإضافة المصدر إلى الفاعل ، نحو : ( وَأَخْذِهم الرِّبا وقد نُهوا عنه وأكلهم أموالَ الناس بالباطل ) .
11- ومجيء الباء بمعنى ( مع ) ، نحو : ( وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به ) .
12- وترك حذف العائد مرفوع الموضع بالابتداء إذا لم تطل الصلة ، نحو : ( أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير ؟ ) .
13- ومجيء ( كان ) بمعنى ( صار ) ، نحو : ( فكانت هباءً منبثّاً ، وكنتم أزواجاً ثلاثة ) .
14- ومجيء اسم المكان من غير الثلاثي ، نحو : ( ربِّ ، أدخلني مُدْخَلَ صدق وأخرجني مُخْرَجَ صدق ) .
15- وتذكير ( السبيل ) ، نحو : ( وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلاً ، وإن يروا سبيل الغيِّ يتخذوه سبيلاً ) .
16- ومجيء ( أل ) للعهد الذكري ، نحو : ( فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دُرِّيّ ) .
17- ونصب المضارع بـ ( أنْ ) مضمرة بعد لام الجحود ، نحو : ( ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب ، وما كان الله ليُطلعكم على الغيب ) .
18- واقتران جواب الشرط بالفاء لأنه ماضي المعنى ، نحو : ( إن كان قميصه قُدَّ من قُبُل فصدقت وهو من الكاذبين ، وإن كان قميصه قُدَّ من دُبُر فكذبت وهو من الصادقين ) .
19- وتعدّي ( أنبأ ) إلى أحد المفعولين بالباء ، نحو : ( أنبئهم بأسمائهم ، فلمّا أنبأهم بأسمائهم ) .
20- وإعمال ( أفعل ) في التمييز ، نحو : ( أنا أكثر منك مالاً وأعزّ نفراً ).
21- ومجيء ( أفعل ) من غير الثلاثي ، نحو : ( ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة ) ؛ فهما من ( أقسط ) و( أقام ) .
22- وحذف المبتدأ جوازاً بعد فاء الجواب ، نحو : ( من عمل صالحاً فلنفسه ، ومن أساء فعليها ) .
23- وحذف المضاف ، نحو : ( فاسأل القرية التي كنا فيها ، والعير التي أقبلنا فيها ) ، أي : أهل القرية ، وأهل العير .
24- وتعدّي الفعل بصيغة ( أفعل ) ، نحو : ( ربَّنا أمتّنا اثنتين وأحييتنا اثنتين ) .
25 ـ ودخول لام الابتداء على ضمير الفصل بعد ( إنَّ ) ، نحو : ( وإنّا لنحن الصافّون ، وإنّا لنحن المسبّحون ) .
ومعلوم أنه في هذا الضرب لا يتلو الآية كلها في الغالب ، ولكن يتلو أولها ويقول : الآية ، اعتماداً على حفظ الحافظ .
- ومما فيه المثالان متباعدان :
1- خلوُّ ( إذا ) من معنى الشرط ، نحو : ( وإذا ما غضبوا هم يغفرون ) ، ( والذين إذا أصابهم البغيّ هم ينتصرون ) ، بدليل ترك الفاء .
2- وتسويغ الابتداء بالنكرة بالوصف ، نحو : ( ولأَمَةٌ مؤمنة خير من مشركة ) ، ( ولَعَبْدٌ مؤمن خير من مشرك ) .
3- وحذف المبتدأ في جواب الاستفهام ، نحو : ( ما أصحاب اليمين ؟ في سدر مخضود ) ، ( ما أصحاب الشمال ؟ في سموم وحميم ) .
• أمثلة في موضع :
ويأتي بأمثلة في موضع واحد ، وهذا أيضاً يكون على تلاصق ، وعلى تباعد . فأمثلة المتلاصق منه - وهو أدعى لأن يترك تلاوة تتمة الآية للطول - :
1- ياء المخاطبة متصلة بالأمر ، نحو : ( فكلي واشربي وقرِّي عيناً ) .
2- وحذف المبتدأ بعد القول ، نحو : ( سيقولون : ثلاثة رابعهم كلبهم ، ويقولون : خمسة سادسهم كلبهم ، ويقولون : سبعة وثامنهم كلبهم ) .
3- وتعدية الفعل بصيغة ( أفعل ) ، نحو : ( والله أنبتكم من الأرض نباتاً ، ثم يُعيدكم فيها ويُخرجكم إخراجاً ) .
4- وحذف عائد الصفة ، نحو : ( واتقوا يوماً لا تجزي نفس عن نفس شيئاً ، ولا يُقبل منها شفاعة ، ولا يُؤخذ منها عدل ، ولا هم يُنصرون ) . ومثلها الآية الأخرى في السورة نفسها .
5- وتقدير جملة القسم قبل ( لأفعلن ) ، نحو : ( لأعذّبنه عذاباً شديداً ، أو لأذبحنّه ، أو لَيَأْتِيَنِّي بسلطان مبين ) ، وقبل ( لئن ) ، نحو : ( لئن أُخرجوا لا يخرجون معهم ، ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ، ولئن نصروهم ليولُنّ الأدبار ) .
6- ومن أطرف تعدد الأمثلة في الموضع الواحد استشهاده في الجملة الحالية بقوله - تعالى - : ( ما يأتيهم من ذِكْر من ربهم مُحْدَث إلا استمعوه وهم يلعبون ، لاهيةً قلوبهم ) ، فـ ( استمعوه ) حال من مفعول ( يأتيهم ) أو من فاعله ، وقرئ في الشاذ : ( مُحْدَثاً ) ، فهو حال من الذِّكْر ؛ لأنه مختص بصفته ، ولسَبْق النفي . ( وهم يلعبون  حال من فاعل ( استمعوه ) ، و( لاهية ) حال من فاعل ( يلعبون ) ، أو من فاعل ( استمعوه ) . وتَرَك عامداً للوضوح ، أو ساهياً : ( اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ) .
- ومثال المتباعد من ذلك استشهاده لنون النسوة بقوله - تعالى - في سورة البقرة : ( والمطلقات يتربصن ) ، ( والوالدات يرضعن ) ، ( إلا أن يعفون ) .
• تمثيل باتفاق الفواصل :
ويستشهد لمسألة بشواهد تتفق في الفاصلة ، ومن ذلك :
1- استشهاده لخروج الهمزة عن الاستفهام الحقيقي إلى الإنكار التوبيخي بقوله - تعالى - : ( أتعبدون ما تنحتون ؟ ) ، ( أغير الله تدعون ؟ ) ، ( أإفكاً آلهةً دون الله تريدون ؟ ) .
2- واستشهاده لقطع ( كل ) عن الإضافة والمقدّر جمع بقوله - تعالى - : ( كلٌّ له قانتون ) ، ( كلٌّ في فلك يسبحون ) ، ( وكلٌّ آتـُوه داخرين ) ، ( وكلٌّ كانوا ظالمين ) .
3- ويأتي بالشواهد على ما يشبه الفاصلة ، نحو استشهاده لمجيء الفاء للعطف والسببية معاً بقوله - تعالى - : ( فوكزه موسى فقضى عليه ) ، ( فتلقّى آدم من ربه كلمات فتاب عليه ) .

[align=center](3) تنويع[/align]

وهذا ضرب آخر من طريقته في الاستشهاد أُسمّيه : التنويع ، وهو أن يستشهد بآي من القرآن للمسألة بأنواع من الشواهد على سبيل التبرّع ، ولو لم يذكر تلك الأنواع ما كان في الاستشهاد تقصير أو نقص ، وهو في الغالب لا ينبّه عليها ، ولكنك بالتأمل تتفطن إليها .
• نوعان :
فيأتي بشاهدين لنوعين ، ومن أمثلته :
1- استشهاده لتقديم المفعول وجوباً إذا كان له الصدر بقوله - تعالى - : ( فأيَّ آيات الله تنكرون ؟) ، ( أيّاً ما تدعوا ) ، فأتى بشاهد لاسم الاستفهام ، وشاهد لاسم الشرط .
2- واستشهاده لمعنى الظرفية في ( مِنْ ) بقوله - تعالى - : ( ماذا خلقوا من الأرض ؟ ) ، ( إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ) ، فأتى بشاهد للظرفية المكانية ، وشاهد للظرفية الزمانية .
3- واستشهاده لمعنى الظرفية في الباء بقوله - تعالى - : ( وما كنت بجانب الغربي ) ، ( نجيناهم بسَحَر ) ، فأتى بشاهد للظرفية المكانية ، وشاهد للظرفية الزمانية .
4- واستشهاده لمعنى الظرفية في الإضافة بقوله - تعالى - : ( بل مكر الليل) ، ( يا صاحبي السجن ) ، فأتى بشاهد للزمان ، وشاهد للمكان .
5- واستشهاده لعطف الفعل على الفعل بقوله - تعالى - : ( لنحيي به بلدة ميتاً ونُسْقيه ) ، ( وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم ولا يسألكم أموالكم ) ، فأتى بشاهد للمنصوب ، وشاهد للمجزوم .
6- واستشهاده لحذف ألف المقصور وبقاء الفتحة إذا جُمع سالماً بقوله - تعالى - : ( وأنتم الأعلَوْن ) ، ( وإنهم عندنا لمن المصطفَيْن ) ، فأتى بشاهد لجمعه مع الواو، وشاهد لجمعه مع الياء .
7- واستشهاده للتعليق في باب ( ظن ) من أجل الاستفهام بقوله - تعالى - : ( لنعلم أيُّ الحزبين أحصى ) ، ( وسيعلم الذين ظلموا أيَّ مُنقلب ينقلبون ) ، فأتى بشاهد للاستفهام بالعُمْدة ، وشاهدة للاستفهام بالفضلة .
8- واستشهاده لـ ( مَن ) الاستفهامية بقوله - تعالى - : ( مَن بَعَثَنا مِن مرقدنا ؟ ) ، ( فمن ربكما ؟ يا موسى ) ، فأتى بشاهد للتي بعدها فعل ، وشاهد للتي بعدها اسم .
9- واستشهاده للجملة المضاف إليها بقوله - تعالى - : ( هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم) ، ( يوم هم بارزون ) ، فأتى بشاهد للفعلية ، وشاهد للاسمية .
10- واستشهاده لخبر ( أن ) المخففة إذا كان جملة فعلية دعائية بقوله - تعالى - : ( أن بورك من في النار ) ، ( والخامسة أن غَضِب اللهُ عليها ) فيمن قرأ بالتخفيف ، فأتى بشاهد للدعاء بالخير ، وشاهد للدعاء بالشر .
• أنواع :
ويأتي بشواهد لأكثر من نوعين ، ومن أمثلته :
1- استشهاده لدخول لام الابتداء بعد ( إنّ ) المكسورة على الخبر بقوله - تعالى - : ( إن ربي لسميع الدعاء ) ، ( إن ربك ليعلم ) ، ( وإنك لعلى خلق عظيم ، ( وإنا لنحن نحيي ونميت ) ، فأتى بشواهد للخبر مفرداً ، وجملة اسمية ، وجملة فعلية ، وشبه جملة .
2- واستشهاده لحذف حرف النداء بقوله - تعالى - : ( يوسفُ ، أعرِضْ عن هذا ) ، ( سنفرغ لكم ، أيُّها الثقلان ) ، ( أَنْ أدُّوا إليّ ، عبادَ الله ) ، فأتى بشاهد لنداء العلم ، وشاهد لنداء ( أيّ ) ، وهما مبنيّان على الضم ، وشاهد لنداء المضاف ، وهو منصوب .
3- واستشهاده للفعل الذي يلي ( إن ) المخففة إذا كان مضارعاً ناسخاً بقوله - تعالى - : ( وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك ) ، ( وإن نظنك لمن الكاذبين ) ، وإذا كان ماضياً ناسخاً بقوله - تعالى - : ( وإن كانت لكبيرة ) ، ( إن كدت لتُرْدِينِ ) ، ( وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين ) ، فأتى بشاهد من باب ( كاد ) ، وشاهد من باب ( ظن ) ، في المضارع ، وشاهد من باب ( كان ) ، وشاهد من باب ( كاد ) ، وشاهد من باب ( ظن ) ، في الماضي .
4- واستشهاده لإعمال ( ما ) عمل ( ليس ) بقوله - تعالى - : ( ما هن أمهاتهم ) ، ( وما منكم من أحد عنه حاجزين ) ، ( ما هذا بشراً ) ، وقال : " ولم يقع في القرآن إعمال ( ما ) صريحاً في غير هذه المواضع الثلاثة " ، ونبّه على أنها تعمل في معرفتين أو نكرتين أو مختلفين ، وكل شاهد لنوع .
5- واستشهاده لكسر همزة ( إنّ ) بعد القول بقوله - تعالى - : ( قال : إنّي عبدالله ) ، ( ومن يقل منهم : إنّي إله من دونه فذلك نجزيه جهنم ) ، ( قل : إن ربي يقذف بالحق ) ، فأتى بشواهد لفعل القول ماضياً ومضارعاً وأمراً .
6- واستشهاده للمفعول المطلق المؤكد لعامله بقوله - تعالى - : ( وكلّم الله موسى تكليماً ) ، ( ويسلّموا تسليماً ) ، ( صلّوا عليه وسلّموا تسليماً ) ، فأتى بشواهد للعامل ماضياً ومضارعاً وأمراً ، وكل ذلك بصيغة التفعيل .
7- واستشهاده لظرف الزمان مبهماً ومختصّاً بقوله - تعالى - : ( سيروا فيها ليالي وأياماً ) ، ( النار يعرضون عليها غدوّاً وعشيّاً ) ، ( وسبّحوه بكرة وأصيلاً ) ، فأتى بشواهد للعامل ماضياً ومضارعاً وأمراً ، والشواهد كما ترى متشابهة في عطف ظرف على آخر .
8- واستشهاده لألفاظ العقود في تمييز العدد بقوله - تعالى - : ( وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتمَّ ميقات ربه أربعين ليلة ) ، ( فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً ) ، ( فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً ) ، ( ذَرْعُها سبعون ذراعا ً) ، ( فاجلدوهم ثمانين جلدة) ، ( إنّ هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ) ، فأتى بشواهد للعقود من ثلاثين إلى تسعين . وإنما ترك قوله - تعالى - : ( إن يكن منكم عشرون صابرون ) لأنه لم يُصرَّح فيه بالتمييز .
9- واستشهاده لما يتعدّى بنفسه من الأفعال كأفعال الحواس بقوله - تعالى - : ( يوم يرون الملائكة ) ، ( يوم يسمعون الصيحة) ، ( لا يذوقون فيها الموت ) ، ( أو لامستم النساء ) ، فأتى بشواهد للحواس الخمس .
10- واستشهاده لاشتراط أن يكون ما قبل ضمير الفصل مبتدأ في الحال أو في الأصل بقوله تعالى : ( أولئك هم المفلحون ) ، ( وإنا لنحن الصافّون ) ، ( كنت أنت الرقيب عليهم ) ، ( تجدوه عند الله هو خيراً ) ، ( إن ترني أنا أقل منك مالاً وولداً ) ، فأتى بشواهد من باب المبتدأ ، ومن باب ( كان ) ، ومن باب ( إن ) ، ومن باب ( ظن ) ، وأتى بالضمير أيضاً للمتكلم وللمخاطب وللغائب .
11- واستشهاده لكسر همزة ( إن ) في العلة بقوله - تعالى - : ( ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم ؛ إنه كان حوباً كبيراً ) ، ( وصلِّ عليهم ؛ إن صلواتك سكن لهم ) ، ( إنا كنا من قبل ندعوه ؛ إنه هو البَرّ الرحيم ) ، في قراءة من كسر الهمزة في الأخيرة ، فأتى بشواهد للعلة للنهي ، وللأمر ، وللخبر .
12- واستشهاده للجملة المضاف إليها اسم الزمان ، سواء أكان ظرفاً أم اسماً ، بقوله - تعالى - : ( والسلام عليّ يوم ولدت ) ، ( وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب ) ،  لينذر يوم التلاق ، يوم هم بارزون ) ، ( هذا يوم لا ينطقون ) ، قال : " ألا ترى أن اليوم ظرف في الأولى ، ومفعول ثانٍ في الثانية ، وبدل منه في الثالثة ، وخبر في الرابعة ؟ ( بلى ، أرى ! ) ويمكن في الثالثة أن يكون ظرفاً لـ ( يخفى ) من قوله - تعالى - : ( لا يخفى على الله منهم شيء ) " .
• تنويع باتفاق الفواصل :
ويزيد في التفنّن بأنواع متفقة في الفواصل أو ما يشبهها ، فمن ذلك :
1- استشهاده لتأخر أدوات الاستفهام عن حروف العطف بخلاف الهمزة - بقوله - تعالى - : ( وكيف تكفرون ؟ ) ، ( فأين تذهبون ؟ ) ، ( فأنّى تؤفكون ؟ ) ، ( فهل يُهلَك إلا القوم الفاسقون ؟ ) ، ( فأي الفريقين ؟ ) ، ( فما لكم في المنافقين فئتين ؟ ) ، فأتى بشواهد لست أدوات ، ولو اقتصر على بعضها لكان كافياً . وانظر كيف قرن شاهدي المثنى ، واقتصر على : ( فأي الفريقين ؟ ) قبل تمام الجملة ليتم له الاتفاق .
2- واستشهاده للجملة التابعة لمفرد نعتاً له بقوله - تعالى - : ( من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ) ، ( واتقوا يوماً تُرجعون فيه ) ، ( ربنا ، إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه ) ، فأتى بشاهد لها وهي في محل رفع ، وشاهد لها وهي في محل نصب ، وشاهد لها وهي في محل جر ، مع الاتفاق في الأواخر ، وترك ما يتعلق بالشاهد الثاني ، فإن تمامه : ( يوماً تُرجعون فيه إلى الله ) ؛ ليتم الاتفاق أيضاً .

[align=center](4) تنظير وترجيح وتوضيح[/align]

هذه أبواب من فن ابن هشام في الاستشهاد بالقرآن الكريم ، كنت على أن أشرح طرائقه فيها ، وأكثر من أمثلتها وألوانها ، ثم رأيت أن ذلك مبثوث في طول كتاب المغني ، حتى إنه قال في مقدمته : " وقد تجنّبت هذين الأمرين ( يعني : إيراد ما لا يتعلق بالإعراب وإعراب الواضحات ) ، وأتيت مكانها بما يتبصّر به الناظر ، ويتمرّن به الخاطر، من إيراد النظائر القرآنية ، والشواهد الشعرية ، وبعض ما اتفق في المجالس النحوية " . وتجد ذلك وافراً في الجهة السابعة من الباب الخامس في ذكر الجهات التي يدخل الاعتراض على المعرب من جهتها ، وهي أن يحمل كلاماً على شيء ويشهد استعمال آخر في نظير ذلك الموضع بخلافه ، والجهة الثامنة ، وهي أن يحمل على شيء وفي ذلك الموضع ما يدفعه ، وفي الفصل الطويل الذي عقده للحذف ؛ إذ كان يستدل على المحذوف وكيفية تقديره بالنظائر .
ولكني أذكر بعض ما أستحسنه من هذه الضروب ، وبعض ما وجدته في غير المغني منها . فمن ذلك :
1- فصل عقده للتدريب في ( ما ) ، وذكر فيه قوله - تعالى - : ( ما أغنى عنه ماله وما كسب ) ، وأن ( ما ) الأولى تحتمل النافية والاستفهامية ، و( ما ) الآخرة موصول اسمي أو حرفي ، وقوله - تعالى - : ( وما يغني عنه ماله إذا تردّى ) ، ( ما أغنى عني ماليه ) ، و( ما ) فيهما تحتمل الاستفهامية والنافية ، ورجّح النفي بقوله - تعالى - : ( فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ) ؛ لأنه متعين فيه . فذكر النظائر المتشابهة ، ورجّح بأحدها .
2- وقولهم : " جاء زيد ركضاً " يحتمل المصدرية والحالية ، ورجّح الحالية بقوله - تعالى - : ( ائتيا طوعاً أو كرهاً ، قالتا : أتينا طائعين ) ، فمجيء ( طائعين ) وهو حال ، في موضع ( طوعاً أو كرهاً ) يدل على أنهما حالان .
3- وقوله - تعالى - : ( فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا ) في الأعراف ، يحتمل أن يكون الأصل : بما كذبوه ، وبما كذبوا به ، ويرجح الآخِر منهما التصريح به في سورة يونس .
4- وتنبيهه على أنه قد يحتمل الموضع أكثر من وجه ، ويوجد ما يرجح كلاًّ منها، كقوله - تعالى - : ( فاجعل بيننا وبينك موعداً لا نخلفه ) ، فالموعد محتمل للمصدر ، ويشهد له : ( لا نخلفه نحن ولا أنت ) ، وللزمان ، ويشهد له : ( قال : موعدكم يوم الزينة ) ، وللمكان ، ويشهد له : ( مكاناً سوى ) ، وإذا أعرب ( مكاناً ) بدلاً من ( موعداً ) لا ظرفاً لـ ( نخلفه ) - تعيّن للمكان .
5- وقوله - تعالى - : ( إلا أن يعفون ) الواو فيه لام الكلمة ، والنون ضمير النسوة ، والفعل مبني ، وأما : الرجال يعفون - فالواو ضمير المذكّرين ، والنون علامة الرفع ، وهي تحذف في النصب ، نحو : ( وأن تعفوا أقرب للتقوى ) ، فوضّح بما في الموضع نفسه ، وباللفظ نفسه .
6- ومجيء ( أخرى ) بمعنى ( آخرة ) ، نحو : ( وقالت أولاهم لأخراهم ) ، فإذا كانت كذلك جمعت على ( أُخَر ) مصروفاً ، واستدل لمجيئها كذلك بقوله - تعالى - : ( وأنّ عليه النشأة الأخرى ) ، وقوله : ( ثُم الله ينشئ النشأة الآخرة ) ، فاستدل بنظيرين متشابهين عاقبت فيهما الكلمة ما هو بمعناها .
7- وكسر همزة ( إن ) من أجل اللام بعدها ، نحو : ( والله يعلم إنك لرسوله ، والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ) ، ووضح هذا بأنها فتحت مع هذين الفعلين عند فَقْد اللام ، نحو قوله - تعالى - : ( علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم ) ، وقوله : ( شهد الله أنه لا إله إلا هو ) .
• النظير في الوهم والخطأ :
ويأتي بالنظائر في أوهام العلماء في الإعراب وغيره :
1- فوهَّم الزمخشريَّ في تجويز الحال من الفاعل ومن المفعول في قوله - تعالى - : ( ادخلوا في السلم كافة ) ؛ لأن ( كافة ) مختص بمن يعقل ؛ أي لا يكون إلا حالاً من الفاعل ، قال ابن هشام : " ووَهْمُه في قوله - تعالى - : ( وما أرسلناك إلا كافة للناس ) ، إذ قدر ( كافة ) نعتاً لمصدر محذوف ؛ أي : إرسالة كافة - أشدّ ؛ لأنه أضاف إلى استعماله فيما لا يعقل إخراجَه عما التُزم فيه من الحالية . ووهمه في خطبة المفصل إذ قال : محيط بكافة الأبواب - أشدّ وأشدّ ؛ لإخراجه إياه عن النصب البتة " . فذكر وهم الزمخشري في النظائر على وجه التدرّج ، كما ترى .
2- ونبّه على خطأ الرازي في تلاوة قوله - تعالى - : ( لا تتخذوا بطانة من دونكم ) ، فإن الرازي سأل : ما الحكمة في تقديم ( من دونكم ) على ( بطانة ) ؟ وأجاب ، وليست التلاوة كما ذكر . قال ابن هشام : " ونظير هذا أن أبا حيان فسّر في سورة الأنبياء كلمة ( زُبُراً ) بعد قوله - تعالى - : ( وتَقَطَّعوا أمرهم بينهم ) ، وإنما هي في سورة المؤمنون ، وترك تفسيرها هناك ، وتبعه على هذا السهو رجلان لَخَّصا من تفسيره إعراباً " . فذكر خطأ الرازي في تلاوة آية ونظّره بخطأ أبي حيان في تلاوة آية أخرى ، ومتابعة السمين والسفاقسي له .
• التورية :
ومن عجيب استشهاده أنه يورِّي بمعنى الآية في الردّ على من يردّ عليه ، قال : " في كتاب المصاحف لابن الأنباري أن بعض الزنادقة تمسّك بقوله - تعالى - : ( وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة ) - في الطعن على بعض الصحابة ( يريد أن يجعل ( منهم ) للتبعيض ) ، والحق أن ( مِنْ ) فيها للتبيين لا للتبعيض ؛ أي : الذين آمنوا هم هؤلاء . ومثله : ( الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم ) ، وكلهم محسن ومتّقٍ ، ( وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسّنّ الذين كفروا منهم عذاب أليم ) ، فالمقول فيهم ذلك كلهم كفار " . وهو يورِّي بالآية الأخيرة عن التأنيب والتحذير لمن ذكر أنه يطعن على بعض الصحابة ، رضي الله عنهم .
• مخالفة طريقته :
على أن ابن هشام قد يخالف طريقته هذه التي شرحتها في الاستشهاد بالقرآن الكريم ، فيترك من الآي الأقرب والأنسب إلى غيره . ووجدت من ذلك :
1- استشهاده للمفعول له المستوفي للشروط بقوله - تعالى - : ( يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حَذَرَ الموت ) ، ولِمَا فقد شرط المصدرية بقوله - تعالى - : ( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ) ، وهو هنا الضمير ، ولذا جُرَّ باللام . وترك في آية البقرة : ( من الصواعق ) .
2- واستشهاده لتعدية ( نبّأ وأنبأ ) إلى أحد المفعولين بالحرف بآي منها : ( أنبئهم بأسمائهم ، فلما أنبأهم بأسمائهم ) ، ( نبِّئوني بعلم ) ، ولتعديتهما إلى المفعولين بغير حرف بقوله تعالى : ( من أنبأك هذا ؟ ) في سورة التحريم . وترك في السورة نفسها التعدية بالحرف ، وذلك قوله : ( فلما نبّأت به ) ، ( فلما نبّأها به ) .
3- واستشهاده لوجوب تأخر الخبر إذا اقترن بـ ( إلا ) معنى بقوله - تعالى - : ( إنما أنت نذير ) ، ولوجوب تأخره إذا اقترن بـ ( إلا ) لفظاً بقوله - تعالى - :( وما محمد إلا رسول ) . وترك : ( إن أنت إلا نذير ) ، وهي شبه الآية الأولى .
4- واستشهاده لاستعمال ( حَسْب ) استعمال الأسماء بقوله - تعالى - :( حَسْبُهم جهنم ) ، ( فإن حَسْبَك الله ) ، فأتى به مبتدأ واسماً لـ ( إن ) ، وترك : ( حَسْبُك الله  قريباً من موضع الأنفال المذكور .

[align=center]خاتمة بتنبيهين[/align]

أحدهما : أني لا أزعم أن هذه المواضع كلها وشبهها مما استخرجه ابن هشام ولم يُسبق إليه ، فلا أشك في أنه أخذ بعضها عمن سلف ، ولكنّ الذي أنسبه إليه عنايته بهذا الفنّ ، وتتبعه له ، وحرصه عليه ، واتخاذه طريقةً ومنهجاً في التأليف لا يكاد يتركه .
الآخِر : أني إنّما وَفَرْتُ الأمثلة لهذا المنهج وكثّرتها للإغراء بالانتفاع بها في تعليم العربية ، وبمتابعة ابن هشام في هذا الفن ، فيُنتحى نَحْوُه ، ويُحتذى حَذْوُه ، ويُقاس على حاضر ما ذُكِرَ غائبُه ؛ إذ كان القرآن العظيم لا تنقضي عجائبه .

[align=center]والله أعلم[/align]

لم أتمكن من إيراد الحواشي ، والبحث بحواشيه في منتدى الألوكة ، وهذا بيان

[align=center]المصادر والطبعات[/align]

- الإعراب عن قواعد الإعراب ، تحقيق د. علي فودة نيل ، جامعة الرياض ، 1401 هـ = 1981م .
- أوضح المسالك ، إلى ألفية ابن مالك ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ، المكتبة التجارية ، القاهرة ، 1967م .
- تخليص الشواهد ، وتلخيص الفوائد ، تحقيق د. عباس مصطفى الصالحي ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، 1406 هـ = 1986م .
- شرح بانت سعاد ، لابن هشام ، دار إحياء الكتب العربية ، القاهرة ، 1345هـ .
- شرح شذور الذهب ، في معرفة كلام العرب ،تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد ، المكتبة التجارية ، القاهرة ، 1953م .
- شرح قطر الندى ، وبلّ الصدى ، تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد، المكتبة التجارية ، القاهرة ، ط 11 ، 1383 هـ = 1963م .
- شرح اللمحة البدرية ، في علم العربية ، تحقيق د. صلاح رواي ، القاهرة ، ط 2 ، 1984 ـ 1985م .
- مغني اللبيب ، عن كتب الأعاريب ، تحقيق مازن المبارك ومحمد علي حمد الله ، دار الفكر ، بيروت ، ط 3 ، 1972م .
- نُزْهَة الطَّرْف ، في علم الصرف ، تحقيق د. أحمد عبد المجيد هريدي ، مكتبة الزهراء ، القاهرة ، 1410 هـ = 1990م .[/align]
 
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم ، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين .
الأخ الفاضل الأستاذ محمد خليل الزَّرُّوق ـ حفظه الله ـ .
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
لقد اطلعت على بحثكم القيم ، و إني إذ أشكر لفضيلتكم حرصكم على الشاهد القرآني ، و تدقيقكم في القضايا المنهجية المتصلة بالقرآن الكريم و النحو العربي ، لأعتبر ما تقومون به تعميقا و تأصيلا للبحث في التفسير اللغوي للقرآن الكريم .
وفقكم الله لكل خير .
و جزاكم الله خيرا .
وتفضلوا أخي الكريم بقبول تحياتي و تقديري لشخصكم الكريم .
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته . [/align]
 
شكرا لك - أخي الأستاذ الكريم أحمد الضاوي - على اطلاعك وثنائك ودعائك ، والله يحفظك ، وينفع بك .
 
عودة
أعلى