ـ فليحذر المسلم من: ((( سنطيعكم في بعض الأمر )))..
قال الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد - رحمه الله -كما في كتابه: (المدخل المفصل:1/9) :
"..ومن تعظيمه – سبحانه – لشريعته: أن من خرج على نظامها الفطري الصافي من الدخل ، ولم يحكمها، فقد حكم الله عليه، بأنه: كافر. ظالم. فاسق. في ثلاث آيات من [سورة المائدة:44-45-47].
وانظر إلى هذه الآيات من سورة محمد، كأنما أنزلت الساعة – والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب – قال الله – تعالى -: ((( إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم. ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم. فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم و أدبارهم. ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله و كرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم))). [الآيات:25-26-27-28].
فليحذر المسلم من : ((( سنطيعكم في بعض الأمر ))).
وليلتفت المسلم إلى هذا العقاب الكبير: ((إحباط الأعمال)) لمن اتبع ما يسخط الله، مثل: طاعة الكافرين، في تحكيم القوانين الوضعية، فإنه محبط للأعمال!
إلى غير ذلك من: نواقض الإسلام، و نواقض الإيمان، وكل هذا من تعظيم هذا الدين، وتعظيم شعائره، ورعاية حرمته، وحفظه من العاديات عليه ".اهـ
ـ قال الشيخ العلامة محمد أمين الشنقيطي-رحمه الله تعالى كما في تفسيره (أضواء البيان..): "واعلم أن هؤلاء الذين يكرهون ما أنزل الله ، يجب على كل مسلم أن يحذر كل الحذر من أن يطيعهم في بعض أمرهم ، لأن ذلك يستلزم نتائج سيئة متناهية في السوء ، كما أوضح تعالى ذلك في قوله : ((( أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرآن أَمْ على قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ إِنَّ الذين ارتدوا على أَدْبَارِهِمْ مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهدى الشيطان سَوَّلَ لَهُمْ وأملى لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ الله سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأمر والله يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الملائكة يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتبعوا مَآ أَسْخَطَ الله وَكَرِهُواْ رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ))) ، فعلى كل مسلم أن يحذر ثم يحذر ثم يحذر كل الحذر ، من أن يقول للذين كفروا ، الذين يكرهون ما أنزل الله سنطيعكم في بعض الأمر ، لأن ذلك يسبب له ما ذكره الله في الآيات المذكورة ، ويكفيه زجراً وردعاً عن ذلك قول ربه تعالى ((( فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الملائكة يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُم ))) إلى قوله ((( فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُم ))) ".اهـ
ـ وقال كذلك-رحمه الله-في بيان معاني هذه الآية: "وظاهر الآية يدل على أن بعض الأمر الذي قالوا لهم سنطيعكم فيه مما نزل الله وكرهه أولئك المطاعون. والآية الكريمة تدل على أن كل من أطاع من كره ما نزل الله في معاونته له على كراهته ومؤازرته له على ذلك الباطل ، أنه كافر بالله بدليل قوله تعالى فيمن كان كذلك ((( فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الملائكة يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتبعوا مَآ أَسْخَطَ الله وَكَرِهُواْ رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ))) ".اهـ
ـ وقال كذلك-رحمه الله-في بيان سبب نزول هذه الآية:"واعلم أن هذه الآية الكريمة ، قد قال بعض العلماء : إنها نزلت في المنافقين.
وقال بعضهم : إنها نزلت في اليهود ، وأن المنافقين أو اليهود قالوا للكفار الذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر ، وهو عداوة النبي صلى الله عليه وسلم والتعويق عن الجهاد ونحو ذلك .
وبعضهم يقول : إن الذين اتبعوا ما أسخط الله ، هم اليهود حين كفروا بالنبي صلى الله عليه وسلم لما عرفوه ، وكرهوا رضوانه ، وهو الإيمان به صلى الله عليه وسلم . والتحقيق الذي لا شك فيه ان هذه الآيات عامة في كل ما يتناوله لفظها ، وأن كل ما فيها من الوعيد عام لمن أطاع من كره ما نزل الله".اهـ
ـ مسألة مهمة ذكرها الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله- كما في تفسيره للآية السابقة؛ قال:
" اعلم ان كل مسلم ، يجب عليه في هذا الزمان ، تأمل هذه الآيات ، من سورة محمد وتدبرها ، والحذر التام مما تضمنته من الوعيد الشديد .
لأن كثيراً ممن ينتسبون للمسلمين داخلون بلا شك فيما تضمنته من الوعيد الشديد .
لأن عامة الكفار من شرقيين وغربيين كارهون لما نزل الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو هذا القرآن وما يبينه به النبي صلى الله عليه وسلم من السنن .
فكل من قال لهؤلاء الكفار الكارهين لما نزله الله : سنطيعكم في بعض الأمر ، فهو داخل في وعيد الآية .
وأحرى من ذلك من يقول لهم : سنطيعكم في الأمر كالذين يتبعون القوانين الوضعية مطيعين بذلك للذين كرهوا ما نزل الله ، فإن هؤلاء لا شك أنهم من تتوفاهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم .
وأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه ، وأنه محبط أعمالهم . فاحذر كل الحذر من الدخول في الذين قالوا : ((( سنطيعكم في بعض الأمر )))".اهـ