فـوائد قصـة موسـى عليـه السـلام مع الخضـر..

إنضم
24/02/2009
المشاركات
87
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
قال تعالى (وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا ـ60)

1ـ إطلاق الفتى على التابع . فتح الباري

2ـ سبب قوله هذا أن الله أوحى إلى موسى أن عبدا لنا هو أعلم منك عند مجمع البحرين ، فسار موسى إليه طلبا للعلم . ابن عثيمين

3ـ جواز أخذ الخادم في الحضر والسفر ، لكفاية المؤن وطلب الراحة . السعدي

4ـ أن المسافر لطلب علم أو جهاد أونحوه ، إذا اقتضت المصلحة الإخبار بمطلبه وأين يريده ، فإنه أكمل من كتمه فإن في إظهاره فوائد من الاستعداد له عدته وإتيان الأمر على بصيرة وإظهار الشوق لهذه العبادة الجليلة . ابن سعدي



(فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا ـ61)

1ـ أضاف الفعل إليهما مع أن الناسي هو الفتى وليس موسى ، ولكن القوم إذا كانوا في شأن واحد نسب فعل الواحد منهم أو القائل إلى الجميع ، ونسيان الحوت نسيان ذهول وليس نسيان ترك ، وهذا من حكمة الله وهو علامة لموسى أنك متى فقدت الحوت فثّم الخضر . والحوت قد اتخذ طريقه في البحر سربا ، والسرب هو السرداب أي أنه يشق الماء ولا يتلاءم عليه وهذا من آيات الله وكذلك كونه ميتا ثم صار حيا . ابن عثيمين



(فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا ـ62 )

1ـ جواز إخبار الإنسان عما هو من مقتضى طبيعة النفس من نصب أو جوع أو عطش إذا لم يكن على وجه التسخط وكان صدقا . السعدي

2ـ استحباب إطعام الإنسان خادمه من مأكله وأكلهما جميعا . السعدي

3ـ طواعية الخادم لمخدومه ، وجواز الإخبار بالتعب ويلحق به الألم من مرض ونحوه ، إذا كان على غير سخط ، وفيه جواز طلب القوت والضيافة . فتح الباري

4ـ أن المعونة تنزل على العبد على حسب قيامه بالمأمور به ، وأن الموافق لأمر الله يعان مالا يعان غيره . السعدي

5ـ هذا من آيات الله فقد سارا قبل ذلك مسافة طويلة ولم يتعبا ، ولما جاوزا المكان الذي فيه الخضر تعبا سريعا من أجل ألا يتماديا في البعد عن المكان . ابن عثيمين



(قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجباـ 63)

1ـ قيام العذر بالمرة الواحدة وقيام الحجة بالثانية . فتح الباري

2ـ إضافة الشر وأسبابه إلى الشيطان على وجه التسويل والتزيين ، وإن كان الكل بقضاء الله وقدره . السعدي

3ـ أن محل العجب أن الماء سيال يمر به هذا الحوت ولم يتلاءم الماء عليه . ابن عثيمين



(قال ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصاـ 64 ـ فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما ـ65)

1ـ استحباب الحرص على الازدياد من العلم والرحلة فيه ، ولقاء المشايخ وتجشم المشاق في ذلك ، والاستعانة في ذلك بالاتباع . فتح الباري

2ـ فضيلة العلم والرحلة في طلبه وأنه أهم الأمور ، كما فعل موسى . السعدي

3ـ البداءة بالأهم فالأهم ، فإن زيادة العلم وعلم الإنسان أهم من ترك ذلك والاشتغال بالتعليم من دون تزود من العلم ، والجمع بين الأمرين أكمل . السعدي

4ـ أن ذلك العبد وهو الخضرالذي لقياه ليس نبيا بل عبدا صالحا لأنه وصفه بالعبودية وذكر منة الله عليه بالرحمة والعلم ولم يذكر رسالته ولا نبوته ، ولو كان نبيا لذكر ذلك ، وأما قوله (وما فعلته عن أمري ) فإنه لا يدل على أنه نبي وإنما يدل على الإلهام والتحديث ، كما لأم موسى والنحل . السعدي

5ـ أن العلم الذي يعلمه الله لعباده نوعان : علم مكتسب يدركه العبد بجده واجتهاده ، وعلم لدّنيّ يهبه الله لمن يمن عليه من عباده . السعدي

6ـ النصوص تدل على أن الخضر ليس برسول ولا نبي إنما هو عبد صالح أعطاه الله كرامات ليبين أن موسى لا يحيط بكل شىء علما ، وأنه يفوته من العلم شىء كثير . ابن عثيمين ... واختار الإمام ابن باز أنه نبي لقوله (وما فعلته عن أمري)

7ـ علم الخضر هو علم الغيب وليس علم نبوة ولكنه علم خاص ، حيث أطلعه الله على معلومات لا يطلع عليها البشر . ابن عثيمين



(قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمنِ مما علمت رشدا ـ66)

1ـ التأدب مع المعلم وخطاب المتعلم إياه ألطف خطاب ، بخلاف ما عليه أهل الجفاء أو الكِبر الذي لا يظهر للمعلم افتقاره إلى علمه ، فالذل للمعلم وإظهار الحاجة إلى تعليمه من أنفع شىء للمتعلم . السعدي

2ـ تواضع الفاضل للتعلم ممن دونه ، فموسى بلا شك أفضل من الخضر ، فعلى هذا لا ينبغي للفقيه المحدث إذا كان قاصرا في أحد العلوم أن لا يتعلمه ممن مهر فيه وإن لم يكن محدثا ولا فقيها . السعدي

3ـ أدب موسى مع الخضر وتواضعه مع أفضليته ! ، وفي هذا دليل أن على طالب العلم أن يتلطف مع شيخه وأستاذه ، وأن يعامله بالإكرام . ابن عثيمين

4ـ كل إنسان أعطاه الله علما ينبغي أن يفرح أن يؤخذ منه هذا العلم ، لأن العلم الذي يؤخذ من الإنسان في حياته ينتفع به بعد وفاته كما ورد في حديث (أو علم ينتفع به ) صحيح مسلم . ابن عثيمين

5ـ إضافة العلم وغيره من الفضائل لله تعالى ، والإقرار بها وشكره عليها . السعدي

6ـ أن العلم النافع هو العلم المرشد إلى الخير ، وما سوى ذلك فإما أن يكون ضارا أو ليس فيه فائدة . السعدي



(قال إنك لن تستطيع معي صبرا ـ 67 ـ وكيف تصبر على مالم تحط به خبرا ـ68)

1ـ أن من ليس له قوة الصبر على صحبة العالم والعلم وحسن الثبات على ذلك أنه يفوته من العلم بحسب عدم صبره ، فمن لا صبر له لا يدرك العلم ، ومن استعمل الصبر ولازمه أدرك به كل أمر سعى إليه . السعدي

2ـ أن السبب الكبير لحصول الصبر إحاطة الإنسان علما وخبرة بذلك الأمر الذي أُمر بالصبر عليه ، وإلا فالذي لا يدري غايته وثمرته ليس عنده سبب الصبر . السعدي



(قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا ـ 69ـ قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شىء حتى أحدث لك منه ذكرا ـ70ـ)

1ـ الأمر بالتأني والتثبت وعدم المبادرة إلى الحكم على الشىء حتى يعرف ما يراد منه وما هو مقصود . السعدي

2ـ تعليق الأمور المستقبلية التي من أفعال العباد بالمشيئة . السعدي

3ـ أن العزم على فعل الشىء ليس بمنزلة فعله ، فإن موسى قال : (ستجدني إن شاء الله صابرا) فوطّن نفسه على الصبر ولم يفعل . السعدي

4ـ أن المعلم إذا رأى المصلحة في إيزاعه للمتعلم أن يترك الابتداء في السؤال عن بعض الأشياء حتى يكون المعلم هو الذي يوقفه عليها . السعدي

5ـ فيه توجيه من معلم لمن يتعلم منه ألا يتعجل في الرد على معلمه ، بل ينتظر حتى يحدث له بذلك ذكرا ، وهذا من آداب المتعلم ألا يتعجل في الرد حتى يتبين الأمر . ابن عثيمين



(فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا ـ 71)

1ـ جواز ركوب البحر في غير الحالة التي يخاف منها . السعدي

2ـ في قوله (فانطلقا) الفاعل موسى والخضر ، وسكت عن الفتى ، والذي يظهر ـ والله أعلم ـ أنه كان تابعا ، لكن لم يكن له تعلق بالمسألة ، فطوي ذكره . ابن عثيمين

3ـ أن موسى كان شديدا قويا في ذات الله ، فهو أنكر على الخضر ، وبين أن فعله ستكون عاقبته الإغراق ، وزاده توبيخا بقوله (لقد جئت شيئا إمرا) . ابن عثيمين



(قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا ـ 72 ـ قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا ـ73)

1ـ أن الناسي غير مؤاخذ بنسيانه ، لا في حق الله ولا في حق العباد . السعدي

2ـ أنه ينبغي للإنسان أن يأخذ من أخلاق الناس ومعاملاتهم العفو منها وما سمحت به أنفسهم ، لا أن يكلفهم ما لا يطيقون لأنه مدعاة إلى النفور والسآمة . السعدي

3ـ أن الإنسان ينسى ما سبق ، من شدة وقع ذلك في النفس . ابن عثيمين



(فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا ـ 74 )

1ـ أن الأمور تجري أحكامها على ظاهرها ، وتعلق بها الأحكام الدنيوية في الأموال والدماء وغيرها ، فظاهر هذه الأمور أنها من المنكر ، وموسى لا يسعه السكوت عنها في غير هذه الحال التي صحب عليها الخضر ، فاستعجل عليه السلام ، وبادر إلى الحكم ولم يلتفت إلى هذا العارض الذي يوجب عليه الصبر وعدم المبادرة إلى الإنكار . السعدي

2ـ القاعدة الكبيرة الجليلة وهو أنه يدفع الشر الكبير بارتكاب الشر الصغير ، ويراعى أكبر المصلحتين بتفويت أدناهما ، فإن قتل الغلام شر ، ولكن بقاءه حتى يفتن أبويه عن دينهما أعظم شرا منه ، فالخير ببقاء دين أبويه وإيمانهما خير من بقائه دون قتل وعصمته . السعدي

3ـ أن الغلام الصغير تكتب له الحسنات ولا تكتب له السيئات فهو زكي . ابن عثيمين

4ـ عبارة ( لقد جئت شيئا نكرا ) أشد من الأولى لأن خرق السفينة قد يكون به الغرق وقد لا يكون وهذا هو الذي حصل ، فلم تغرق السفينة ، أما قتل النفس فهو منكر حادث ما فيه احتمال . ابن عثيمين

5ـ أن القتل من أكبر الذنوب . السعدي

6ـ أن القتل قصاصا غير منكر لقوله (بغير نفس) . السعدي



(قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا ـ 75 ـ قال إن سألتك عن شىء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا ـ76)

1ـ شدة لوم الخضر لموسى ، لأنه قال له (ألم أقل لك) ولم يقلها في الأولى ، يعني أن الخطاب ورد عليك ورودا لا خفاء فيه ، ومع ذلك خالفت . ابن عثيمين

2ـ في قول موسى ( فلا تصاحبني ) إشارة إلى أنه يرى أن الخضر أعلى منه منزلة وإلا لقال (فلا أصاحبك) ! . ابن عثيمين



(فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجراـ 77ـ)

1ـ القاعدة الكبيرة هي أن عمل الإنسان في مال غيره إذا كان على وجه المصلحة وإزالة المفسدة أنه يجوز ، ولو بلا إذن ، حتى ولو ترتب على عمله إتلاف بعض مال الغير ، كما في أفعال الخضر . السعدي

2ـ ما أبهمه الله فلا حاجة إلى أن نبحث عن تعيينه . فالقرية لم يعينها الله عزوجل . ابن عثيمين

3ـ عدم الكرم نقص في الإيمان كما في الحديث ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ) متفق عليه . ابن عثيمين

4ـ في قول موسى (لو شئت لاتخذت عليه أجرا) لا شك أنه أسلوب رقيق فيه عرض لطيف . ابن عثيمين



(قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا ـ 78)

1ـ أنه ينبغي للصاحب أن لايفارق صاحبه في حالة من الأحوال حتى يعتبه ويعذر منه . السعدي

2ـ أن موافقة الصاحب لصاحبه في غير الأمور المحذورة مدعاة وسبب لبقاء الصحبة وتأكدها ، كما أن عدم الموافقة سبب لقطع المرافقة . السعدي



(أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصباـ 79)

1ـ أن العمل يجوز في البحر كما يجوز في البر . السعدي

2ـ أن المسكين قد يكون له مال لا يبلغ كفايته ولا يخرج بذلك عن اسم المسكنة ، فأخبر الله أن هؤلاء لهم سفينة . السعدي

3ـ استعمال حسن الأدب مع الله تعالى في الألفاظ ، فالخضر أضاف عيب السفينة إلى نفسه . السعدي



(وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا ـ80ـ فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما ـ81)

1ـ الغالب أن الوالد يؤثّر على ولده ، ولكن قد يؤثر الولد على الوالد . ابن عثيمين

2ـ أن الله أراد أن يتفضل عليهما بمن هو أزكى منه في الدين ، وأوصل في صلة الرحم ، ويؤخذ منه أنه يقتل الكافر خوفا من أن ينشر كفره في الناس . ابن عثيمين



(وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا ـ 82)

1ـ أن العبد الصالح يحفظه الله في نفسه وفي ذريته . السعدي

2ـ أن خدمة الصالحين أو من يتعلق بهم أفضل من غيرها . السعدي

3ـ استعمال الأدب مع الله في الألفاظ ، فالخضر أضاف الخير إلى الله ( فأراد ربك) . السعدي

4ـ ما فعل الخضر كان بإلهام من الله وتوفيق ، لأنه فوق ما يدركه العقل البشري . ابن عثيمين .

5ـ أن هذه القضايا التي أجراها الخضر هي قدر محض أجراها الله وجعلها على يد هذا العبد الصالح ليستدل العباد على ألطافه في أقضيته ، وأنه يقدر على العبد أمورا يكرهها جدا وهي صلاح دينه كما في قضية الغلام ، أو هي صلاح دنياه كما في قضية السفينة . السعدي .
 
تتمـــة فوائد قصة موسى عليه السلام مع الخضـر ::
====================


تأملات تربوية من القصة للدكتور عثمان قدري مكانسي :ـ

القصة هذه من بدايتها إلى نهايتها نبع ثرٌّ من المعاني التربوية القرآنية الرائعة . في كل كلمة منحى بديع ولفتة راقية :
- " وإذ قال موسى لفتاه : لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو امضي حقباً " إن لموسى عليه السلام هدفاً محدداً يسعى لتحقيقه وهو ..
ا- يريد أن يلقى معلماً يتعلم منه صلاح أمره في دنياه وآخرته .
ب- في مكان محدد يلتقيان فيه .
ج- في وقت ينتظره المعلم فيه .

- وعلى التلميذ أن يسعى إلى المعلم لا أن يسعى المعلم إليه فهذا أكرم للعلم والمعلم والمتعلم فالعلم إن جاء سهل المتناول زهد المتعلم فيه . وأعظم للمعلم في عين المتعلم أن يسعى الأخير إلى الأول ليعرف قدره وقدر ما يحمله ، فيتعلق بهما .
- ونرى الإصرار العجيب على لقاء المعلم والنهل من علمه في قوله : " لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقباً " فهو مصمم على بذل الجهد ليصل إلى مبتغاه – لقاء الأستاذ في المكان المنشود - ولو أمضى عمره يبحث عنه " أو أمضي حقباً " والحقبة أربعون سنة كما قال العلماء ، فما بالك بذكر الجمع " حقباً " ؟! .إنه دليل على الهمة العالية والسعي الحثيث إلى العلم والعلماء . وما يزال العلم بخير مادام طالبوه يطلبونه في مجالسه ويوقرون حامليه ... وهذا نبي كريم موسى عليه السلام على جلال قدره وعلوّ مكانته يسعى إلى الرجل الصالح حين علم أن لديه علماً يُستفاد لم يحزْه موسى عليه السلام " وفوق كل ذي علم عليم " .
- مصاحبة الكبيرِ الصغيرَ فائدة لكليهما فالأول يشرف على تربيته ، ويعلمه الحياة ، ويصوب أخطاءه ، ويسدد خطاه . والثاني يخدمه ، ويعينه على قضاء حوائجه . وقد أفلح موسى في تربية الفتى " يوشع بن نون " عليه السلام إذ بعثه الله تعالى نبيا ً، فقاد مسيرة المؤمنين وحمل لواء الدعوة بعد أستاذه ، وفتح الله على يديه القدس الشريف" !.
- الإنسان ضعيف على الرغم من جلده في كثير من أموره ، ولو كان من أولي العزم . وأول دليل على ذلك أنّ موسى أصر على لقاء الرجل ولو طوى الأرض في سبيل هذا الهدف . لكنه إذ شعر بالجوع بعد السير الطويل واجتياز مكان اللقاء دون أن ينتبها إليه قال لفتاه " آتنا غداءنا ، لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً " .
- ولا بد أن نشير هنا إلى الأدب الذي ربّيَ عليه الصغير في التعامل مع الكبير، وإلى آفة النسيان التي ابتلي بها الإنسان للدلالة على ضعفه . فلما استيقظ موسى عليه السلام وسارا بحثاً عن الرجل الصالح نسي الفتى قصة الحوت على غرابتها وعجيب أمرها .
- ومن الأدب أيضاً مع الله تعالى أنْ نسَب الفتى نسيانه أمر الحوت إلى الشيطان ، واعتبر هذا النسيان عيباً. والعيب كله في الشيطان عدو الإنسان . مع أن الله تعالى كان أخبر نبيه موسى أنه سيلقى الرجل الصالح في المكان الذي يفقد فيه الحوت . فهو أمر مخطَّط له كي يحدد المكان فلا يخطئه .ً " .
- ومن الأدب التربوي في هذه القصة كذلك أن موسى حين علم بخطئه وخطأِ فتاه لم يشغل نفسه بلوم نفسه أو لوم صاحبه فهناك أمر مهم جداً عليهما تداركه قبل فواته . إنه لقاء الرجل المعلم . فماذا فعلا ؟ إنهما
أ – عادا سريعاً لم يضيعا الوقت ، والدليل على ذلك قوله تعالى : " فارتدا ..." وهذه الكلمة مع الفاء – حرف العطف والترتيب والتعقيب - تدلان على سرعة الحركة والعزم على الوصول بقوة إلى الهدف .
ب- عادا من حيث جاءا ، يستهديان بآثار الخطوات التي مشياها كي لا ينحرفا عن الصخرة " ... على أثارهما قصصاً ..." .
جـ - فكان عاقبة سرعتهما وجَدِّهما أن وصلا إلى الهدف فوراً " فوجدا عبداً من عبادنا ..." .
- بعض صفات المعلم الرباني :
أ‌- هو عبد من عباد الله تعالى ، والعبودية لله أعلى مراتب الإنسانية ، لأن صلة العبد بربه تسمو به، وتفتح له مغاليق الأمور . وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا الرجل الصالح هو الخضر ، فقد روى الترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إنما سمي الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز تحته خضراء " هذا حديث صحيح غريب ، والفروة هنا وجه الأرض . ... قيل : إنه عبد صالح غير نبي ، والآية تشهد بنبوته لأن بواطن أفعاله لا تكون إلا بوحي ..
ب‌- " آتيناه رحمة من عندنا " قيل هي النبوة . وقيل النعمة أيضاً . فهو رحيم . والمعلم الرحيم بتلاميذه يعمل على تعليمهم برفق ، ويتقرب إليهم ، ويتحبب إليهم ليأنسوا إليه فيحبوه ويأخذوا عنه علمه .
جـ- كان علم موسى بظواهر الأحكام ، وعلم الخضر معرفة بواطنها . كما أن العلم اللدني من الله مباشرة ، ليس لأحد من البشر فضل تعليمه .

- من أدب التعلم :
أ‌- التلطف في الطلب ، فلم يفرض موسى عليه السلام نفسه على الخضر عليه السلام على الرغم أن الله تعالى أخبر الخضر بلقائه ليتعلم منه . إنما تلطف في عرضه بصيغة الاستفهام التي تترك مجالاً للمسؤول أن يتنصل إن أراد .
ب‌- جعل نفسه تابعاً حين سأله " هل أتبعك .." فالتلميذ تابعٌ أستاذه مسلمٌ إليه قياده ، وهذا أدعى إلى التناغم بينهما .
ت‌- العلم يرفع صاحبه . وهذا ما أقرّ به موسى للخضر حين عرض عليه أن يتابعه شرط أن يعلمه " على أن تعلمن .. " وهذه التبعية ترفع المتعلم . أما التبعية من ذل أو لعاعة من دنيا يصيبها فسقوط للمتبوع ، وكبر للتابع .
ث‌- الواقعية في الطلب : فهو لم يطلب منه أن يعلمه كل شيء ، إنما طلب أن يعلمه شيئا مما علمه الله تعالى : " ... مما عُلّمْتَ .. " وهذا تواضع في الطلب فهو عليه السلام لم يكلف أستاذه شططاً ... لقد طلب العلم المفيد الذي تسمح به نفس معلمه .
ج‌- طلب النفيس من العلم : فالله تعالى علم الخضر علماً لدنياً نفيساً يريد موسى بعضه ، ولم يطلب العلم الدنيوي ، وإن كان مفيداً إنما طلب الهدى والرشاد الذي يبلغه المقام الأعلى في الدنيا والآخرة ، وحدد نوع العلم فقال :" مما علمت رشداً " وضد الرشد الهوى والضلال ، وهذا ما لا نريده .
ح‌- قوله تعالى " مما عُلّمْت رشداً " تذكير للمعلم أن الله تعالى أنعم عليه بالرشاد والهدى والسداد . ومن شُكْرِ النعم أن يعلّم عبادالله بعضاً مما أكرمه الله به ، فتزداد حظوته عند خالقه ، ويزيده علماً. ومن دل على خير كان له مثل أجر فاعله .
- وقد يشترط المعلم على تلميذه أن لا يستعجل في السؤال عن أمر من الأمور إلى أن
يحين الوقت المناسب لشرحه " قال : "فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكراً " . فقد لا يرغب بالتوضيح حتى يستكمل الأمر . وقد يرى المعلم اختبار
تلميذه في الصبر . وقد يكون المعلم نفسه قليل الكلام . وقد يكون ممن يعتمدون في التعليم على الملاحظة ... ولكل شيخ طريقته ، إن جاريته فيها تعلمت منه ، وإن خالفته فارقك وفارقته .
- لابد أن يخطئ الإنسان فقد خلق من عَجَل ، أي من النقصان فوجب أن يترك له فسحة يستدرك فيها خطأه فقد اتفق النبيان في صحبتهما على أن يرى موسى عليه السلام مايجري دون أن يتدخل مستنكراً أو معلقاً على ما يراه إلى أن يرى الأستاذ رأيه في توضيح بعض الأمور . لكن التلميذ لم يف بالوعد فقال في الأولى " لقد جئت شيئاً إمراً " وشدد النكير في الثانية حين قال : " لقد جئت شيئاً نكراً " وقال في الثالئة معترضاً ومقترحاً" لو شئت لاتخذت عليه أجراً " .
ونبهه أستاذه في الأولى " ألم أقل : إنك لن تستطيع عليه صبراً ؟ " وعاتبه في الثانية بزيادة " لك " في قوله : " ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبراً؟ " وأعلن في الثانية أن الفرصة الممنوحة انتهت فلا بد من الفراق لأنه استنفدها " هذا فراق بيني وبينك " . ولكنه لم يشأ أن يتركه يجهل أسباب الحوادث فأخبره بها " سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبراً "
- زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى : قبل أن يخبره بالأسباب أضاف للفعل تاء التعدية " تستطع " على وزن تفتعل وحين أخبره بها حذف التاء لأن المعنى انتهى " تسطع " على وزن تفعل . وسوف نجد هذا في قصة ذي القرنين " فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقباً " فعلوّ الجدار على صعوبته أسهل من نقبه فحذف التاء مع علو الجدارفي قوله " فما اسطاعوا " وأثبتها في صعوبة النقب " وما استطاعوا " .


تأملات تربوية ( دـ إكرام الزيد ) ::
--------------------------

1. العجب بالعلم مكمن الخطر. فعلى الإنسان ألاّ يعجب بعلمه أو بظنّ بنفسه وصول المنتهى. ويظهر ذلك في معاتبة الله تعالى لموسى عليه السلام بعد أن سئل عن أعلم الناس فنسب ذلك إلى نفسه، وهو درس لمن وراءه، أن لا يرى في نفسه إعجاباً بعلمه أو فهمه أو تميزه، فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وما أوتي الإنسان من العلم إلا قليلاً حتى لو كثر.
2. تُلحظ مسألة حب الاستطلاع واضحة جليّة، وتتمثل في ذهاب موسى عليه السلام وتساؤله عن الرجل الأعلم منه، لا لمجرد الرؤية، بل قرن ذلك بنية صحيحة وهي التعلم منه.
3. الحرص على التعلم محمدة مهما بلغ شأو الإنسان العلمي وشأنه المعرفي، وهذا هو نهج الأنبياء ومن تبعهم من الصالحين والعلماء، فالعلم ميراث النبوة، ورفعة الشأن، وصلاح الأسس، حتى لو استغرق الأمر من الإنسان زمناً طويلا يسعى به لتحقيق مرامه، ونيل أهدافه. ويظهر ذلك في قوله تعالى: ( أو أمضي حقبا ).
4. يتجلى الأدب الجميل .. أدب المتعلم مع المعلم: ( على أن تعلّمني ). وفيه أيضاً فائدة لطيفة، فالمتعلم له أن يبيّن حاله التي سيكون عليها مع معلمه، لينال رضاه عليه، وإقباله لتعليمه. ورغم أنّ المتعلم هنا أرفع قدراً بحكم النبوة والرسالة ( باعتبار نبوة الخضر عليه السلام ) ، إلا أنه يقدم عرضاً للمعلم كي تطيب نفسه بصحبته بشيئين:
أ. (ستجدني إن شاء الله صابراً ). أي صبر على التعلم مع تعليقه الصبر بالمشيئة.
ب. ( لا أعصي لك أمراً ). وفيه تمام الامتثال والطاعة.

5. على المعلم أن ينصح تلميذه غاية النصح، بتبيين حال العلم حتى لا يُدخله فيما لا يطيقه من العلم: ( قَالَ إنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً). مع تبيين السبب فيما يرده عنه أو يمنعه منه. وذلك في تبيين الخضر لموسى عليهما السلام: (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً).
6. من الأدب التربوي أيضاً ألاّ يتعجل التلميذ بسؤال معلمه حتى ينهي حديثه، فربما عرض الجواب في ثنايا الحديث، وذلك يؤخذ من قوله: (فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً )
7. يُتعلم من القصة المبادرة إلى الإنكار في حال وقوع المنكر، فرغم أنّ موسى عليه السلام قد شرط للخضر ألاّ يسأله، إلا أنه أنكر عليه ما رأى ظاهره المنكر، وقد أنكر ناسياً الشرط في البداية حين خرق السفينة، إلا أنه لم يكن قد نسيه حين قتل الغلام، لكون المنكر عظيماً في نظره. (أخرقتها لتغرق أهلها) ، ( لقد قتَلتَ نفساً زكيّةً بغيرٍ نَفس).
8. للمعلم العتاب حين يخطئ تلميذه أو يجاوز: (قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إنَّكَ لن تستطيعَ معيَ صبراً). وعلى المتعلم الاعتذار: (قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً).
9. يجوز إتلاف بعض الشيء لإصلاح باقيه، أليست قاعدة عظيمة من قوله تعالى: (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا).
10. صلاح الأب ممتد الأثر ودائم النفع، إذ في الآية دعوة لأن يبدأ الآباء بتربية أنفسهم قبل تربية أبناءهم، فستكون الثمار يانعة وباقية. (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً). حتى قال بعض المفسرين : أنه الأب السابع للغلامين .

دروس وعبر من القصة للشيخ الدكتور عبدالله القرشي :
-------------------------------

- التعبير بـ: {فتى} فيه تأديب للسان ، وعدم جرح المشاعر، قال القرطبي : ولما كان الخدمة أكثر ما يكونون فتيانا قيل للخادم فتى على جهة حسن الأدب، وندبت الشريعة إلى ذلك في قول النبي صلى الله عليه وسلم : «لا يقل أحدكم عبدي ولا أمتي وليقل فتاي وفتاتي» فهذا ندب إلى التواضع .
- في قوله { لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا } فيه توطين للنفس على تحمل التعب الشديد والعناء العظيم في السفر لأجل طلب العلم ، وذلك تنبيه على أن المتعلم لو سافر من المشرق إلى المغرب لطلب مسألة واحدة لحق له ذلك .
- وفيه كذلك بيان علو همـة موسى عليه السلام وشدة رغبة في الاستزادة مـن العلم
- اتخاذ الزاد في الأسفار، وهو رد على الصوفية الجهلة الأغمار، الذين يقتحمون المهامة والقفار، زعما منهم أن ذلك هو التوكل على الله الواحد القهار؛ هذا موسى نبي الله وكليمه من أهل الأرض قد اتخذ الزاد مع معرفته بربه، وتوكله على رب العباد . وفي الحديث: إن ناسا من أهل اليمن كانوا يحجون ولا يتزودون، ويقولون: نحن المتوكلون، فإذا قدموا سألوا الناس، فأنزل الله تعالى {وتزودوا} (البقرة: 197) .
- في قوله :{وما أنسانيه إلا الشيطان} فيه جواز إضافة الشر وأسبابه إلى الشيطان ، على وجه التسويل والتزيين ، وإن كان الكل بقضاء الله وقدره .
- في إيقاع النسيان على اسم الحوت دون ضمير الغداء مع أنه المأمور بإيتائه قيل: للتصريح بما في فقده إدخال السرور على موسى عليه السلام مع حصول الجواب .
- العلم اللدني هو علم الوحي المستمد من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وفي هذا دليل " أنه لا طريق تعرف بها أوامر الله ونواهيه، وما يتقرب إليه به من فعل وترك إلا عن طريق الوحي. فمن ادعى أنه غني في الوصول إلى ما يرضي ربه عن الرسل، وما جاؤوا به ولو في مسألة واحدة فلا شك في زندقته. والآيات والأحاديث الدالة على هذا لا تحصى، قال تعالى: {وما كنا معذبين حتىٰ نبعث رسولا} ولم يقل حتى نلقي في القلوب إلهاما ... وبذلك تعلم أن ما يدعيه كثير من الجهلة المدعين التصوف من أن لهم ولأشياخهم طريقا باطنة توافق الحق عند الله ولو كانت مخالفة لظاهر الشرع، كمخالفة ما فعله الخضر لظاهر العلم الذي عند موسى زندقة، وذريعة إلى الانحلال بالكلية من دين الإسلام، بدعوى أن الحق في أمور باطنة تخالف ظاهره " قاله الشنقيطي رحمه الله .
- أنه قال على أن: {تعلمني} وهذا إقرار له على نفسه بنقص العلم وعلى أستاذه بالعلم . قاله الرازي . " وهذا بخلاف ما عليه أهل الجفاء والكبر الذين لا يظهرون للمعلم افتقارهم إلى علمه بل يدعون أنه يتعاونون هم وإياه ، بل ربما ظن أحدهم أنه يعلم معلمه ، وهو جاهل جدا ، فالذل للمعلم ، وإظهار الحاجة إلى تعليمه من أنفع شيء للمتعلم "
- أن السبب الكبير لحصول الصبر إحاطة الإنسان علما وخبرة بذلك الأمر الذي أمر بالصبر عليه ، وإلا فالذي لا يدريه ، أو لا يدري غايته ولا نتيجته ولا فائدته وثمرته ليس عند سبب الصبر ، لقوله { وكيف تصبر على ما لم تحط به صبرا } فجعل الموجب لعدم صبره عدم إحاطته خبرا بالأمر .
- أن المعلم إن رأى أن في التغليظ على المتعلم ما يفيده نفعا وإرشادا إلى الخير. فالواجب عليه ذكره فإن السكوت عنه يوقع المتعلم في الغرور والنخوة وذلك يمنعه من التعلم.
- في قول موسى {أخرقتها لتغرق أهلها} كمال شفقة موسى عليه السلام ، ونصحه للخلق ، فلم يقل {لتغرقنا} فنسي نفسه ، في الحالة التي لا يلوي فيها أحد على أحد !.

تأملات للشيخ الدكتور عبدالعظيم بدوي :
---------------------------
= مهما علا كعبُ الإنسان في العلم، و ارتفعتْ درجتُه فيه إلا أنَّه سيظل هناك من هو أعلمُ منه ولو في بعض العلوم فإن الله - تبارك وتعالى – قال ﴿ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾[يوسف: 76]. فموسى – عليه السلام – على جلالة قدره لمَّا علم أنَّ على وجه الأرض من هو أعلم منه سَأَلَ الوصولَ إليه وخرج إليه وطلب لقاءه ليتعلم منه .
= قال العلماء في طلب موسى – عليه السلام – من الغلام أن يأتي بغدائهما ﴿ آَتِنَا غَدَاءَنَا ﴾ في ذلك تواضع موسى – عليه السلام – حيث لم يقل: للفتى آتني غدائي، ولم يقل: أحضر لي الطعام وإنما قال: ﴿ آَتِنَا غَدَاءَنَا ﴾ فيستفاد من ذلك: أنه ينبغي لمن وَّسع الله تعالى عليه واتخذ الخادم في الحضر أو في السفر أنْ يُكرم هذا الخادم وأن يحسن صحبته وأن يطعمه مما يأكل وأن يكسوه مما يكسى، فإن النبي – صلى الله عليه وسلم – أمرنا بذلك، أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – بإكرام الخادم وإطعامه وكسوته .
 
(أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا)
لو نتأمل تعليل الخضر إرادتَه عيب السفينة بكونها لمساكين .. فلعل ذلك يفيدنا أن من كان غنياً من أصحاب السفن فإنه لا تُخرَق سفينته ؛ لأنه قد لا يقبل أن يُفعل به ذلك .. لكونه له وجاهة عند بعض الملوك أو القريبين منهم . فلو أخذها ملكٌ غصباً ، يستطيع أن يردّها .
 
روى الترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إنما سمي الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز تحته خضراء " هذا حديث صحيح غريب ،
هذا الحديث له علة :
وهي الغرابة والتفرد . حيث لا متابَعة لهذه الرواية عن أبي هريرة . (مروي فقط عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة مرفوعاً) .
ومعمر رحمه الله لا يُحتج به .

لعل تسمية الخضر جاءت ؛ لأنه اجتمع فيه بحر العبادة لله سبحانه ، وبحر العلم الذي علمه الله إياه .
فأصبح خَضِراً .
 
عودة
أعلى