محمد محمود إبراهيم عطية
Member
الكلمة الطيبة صدقة ؛ وقد بوَّب البخاري في ( كتاب الأدب ) من صحيحه ( بَاب طِيبِ الْكَلَامِ ؛ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : " الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ " ( [1] ) ؛ ثم روى عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه مرفوعًاَ : " اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ " ( [2] ) .
وكذلك لين الكلام ، فإنه من الأخلاق الراقية التي يرجى أثرها الطيب ، وقد أرسل الله تعالى رسولين عظيمين إلى فرعون ، وأمرهما أن يلينا له الكلام ، قال تعالى : { اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي . اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى . فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى } [ طه : 42 – 44 ] ؛ وروى الدينوري في ( المجالسة وجواهر العلم ) عن مُعَلَّى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ : بَيْنَمَا الرَّشِيدُ هَارُونُ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ ؛ إِذْ عَرَضَ لَهُ رَجُلٌ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُكَلِّمَكَ بِكَلَامٍ فِيهِ غِلَظٌ ؛ فَاحْتَمِلْهُ لِي ؛ فَقَالَ : لَا ، وَلَا نِعْمَةُ عَيْنٍ ، وَلَا كَرَامَةٌ ؛ قَدْ بَعَثَ اللهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ إِلَى مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنِّي ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا ( [3] ) ؛ فما كان أفقهه - رحمه الله .
روى عبد الرزاق ومن طريقه أحمد عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرْفَةً ، يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا ، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا ، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ ، وَأَلَانَ الْكَلَامَ ، وَتَابَعَ الصِّيَامَ ، وَصَلَّى وَالنَّاسُ نِيَامٌ " ( [4] ) ؛ فالشاهد قوله صلى الله عليه وسلم : " وَأَلَانَ الْكَلَامَ " .
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - حديث أبي هريرة وصله أحمد : 2 / 374 ، 387 ، وابن خزيمة ( 1494 ) ، وابن حبان ( 472 ) .
[2] - البخاري ( 5677 ) .
[3] - المجالسة وجواهر العلم : 3 / 364 ( 993 ) ؛ وذكرها ابن كثير في ( البداية والنهاية ) : 10 / 217 .
[4] - رواه عبد الرزاق ( 20883 ) ومن طريقه أحمد : 5 / 343 وإسناده صحيح .