سليمان يوسف محمد عبد الله
New member
فضل الهدهد على كثير ممن يتصدر المشهد
الحمد لله القائل :(إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ...) والصلاة والسلام على الذي جاء بالصدق وكره لنا قيل وقال وكثرة السؤال، أما بعد فهذه وقفات مع قصة الهدهد ونبي الله سليمان عليه السلام، فيها إشارات لما يحدث من كثير ممن يتلقفون الأخبار سيما في زمن الفتن، وبعضهم إعلامي محترف أو صحفي ذو اسم أو منصة أو صفحة يتابعها آلاف الناس، وهذا يعظم المسؤولية.
قوله تعالى: (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ...) يدلّ على تيقظ سليمان في مملكته، وتكفله بأمور رعيته، فلم تخفَ عليه غيبة طير من أصغر الطيور، ثم تهدّده إن لم يكن له عذر بعذاب شديد، وذلك يدلّ على كمال سياسته وعدله في مملكته. وكذا ينبغي على من تولى أمر غيره، قال صلى الله عليه وسلم: (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته).
فلم يلبث الهدهد أن جاء، وعلم أن سليمان قد تهدّده، فقال: (أحطت بما لم تحط به وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِين)، جئتك بخبرٍ ليس بإشاعة، ولا يحتمل التأليف أو الظنَّ أو التخمين أو الافتراض، إنما هو قائمٌ على التبين واليقين والتحقق العلمي الموثق. وهكذا تكون الأخبار، بعيدة عن التشويق والتهويل والتنمق فضلا عن الكذب وعدم التثبت، وفي تصرف الهدهد درس بليغ إذ جاء تقريره صادقا، مسبوكا، مختصرا، واضح العبارة، يعبر عن قضيته، في غير لبس. قال عز وجل: (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا).
ثم ذكر الهدهد حديث بلقيس، وأنها ملكتهم، وأن لها من المال والملك والعرش العظيم، فلم يتغير سليمان عليه السلام لذلك، ولم يستفزّه الطمع فيما سمع عن هذا، كما يحدث من عادة الملوك في الطمع في ملك غيرهم، فلما قال له: (وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ...)، ونلاحظ في حديث الهدهد الموضوعية والغيرة الشديدة على دين الله، والتحسر على البشر الذين ميزهم الله بالعقل فسجدوا لغيره؛ عند ذلك غضب سليمان عليه السلام لله وقال: (سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ)، وكذلك القائد يتأنى، ويعدل، ويقبل العذر.
ثم قال: (اذْهَبْ بِكِتابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ...) وفيه إشارة إلى أهمية حسن اختيار من يتولى نقل الأخبار، فإن الهدهد لما صدق فيما أخبر تأهّل للسفارة والإعلام على صغره وضعف خلقته.
قولهم: (والأمر إِلَيْكِ فانظري مَاذَا تَأْمُرِينَ)، دليل على الطاعة المفرطة للقائد، واحترام القائد من دونه، قال القرطبي: أخذت في حسن الأدب مع قومها ومشاورتهم في أمرها في كل ما يعرض لها، فراجعها الملأ بما يُقر عينها من إعلامهم إياها بالقوة والبأس، ثم سلّموا الأمر إلى نظرها، وهذه محاورة حسنة من الجيمع.
ثم قالت: (وإني مرسلة إليهم بهدية...) قال ابن عباس: إنما أرسلت الهدية لتعلم أنه إن كان نبيا لم يرد الدنيا، وإن كان ملكا فسيرضى بالحمل. وكذلك القائد الجاد يركز على قضيته، ولا ينظر إلى السفاسف.
#عااااااجل، #رسميا، #سبق_صحفي، #خبطة_إعلامية، #مصدر_موثوق، #منقول، #كما_وصلني
كل ذلك وغيره من المبررات الفطيرة لا تغني عن صاحبها شيئا، ويتحمل وزر كل هلع وخوف يبثه في الناس، فالله يقول: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)، ويقول صلى الله عليه وسلم: (كفى بالمرء كذبًا أن يحدّث بكل ما سَمِع).
ستر الله عوراتنا وأمن روعاتنا، وأصلح حالنا ومآلنا وعجل بفرجنا وأحسن خلاصنا وتجاوز عن سيئاتنا وكفانا شر الأشرار وكيد الفجار وشر طوارق الليل والنهار إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن.
سليمان يوسف محمد عبد الله
الحمد لله القائل :(إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ...) والصلاة والسلام على الذي جاء بالصدق وكره لنا قيل وقال وكثرة السؤال، أما بعد فهذه وقفات مع قصة الهدهد ونبي الله سليمان عليه السلام، فيها إشارات لما يحدث من كثير ممن يتلقفون الأخبار سيما في زمن الفتن، وبعضهم إعلامي محترف أو صحفي ذو اسم أو منصة أو صفحة يتابعها آلاف الناس، وهذا يعظم المسؤولية.
قوله تعالى: (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ...) يدلّ على تيقظ سليمان في مملكته، وتكفله بأمور رعيته، فلم تخفَ عليه غيبة طير من أصغر الطيور، ثم تهدّده إن لم يكن له عذر بعذاب شديد، وذلك يدلّ على كمال سياسته وعدله في مملكته. وكذا ينبغي على من تولى أمر غيره، قال صلى الله عليه وسلم: (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته).
فلم يلبث الهدهد أن جاء، وعلم أن سليمان قد تهدّده، فقال: (أحطت بما لم تحط به وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِين)، جئتك بخبرٍ ليس بإشاعة، ولا يحتمل التأليف أو الظنَّ أو التخمين أو الافتراض، إنما هو قائمٌ على التبين واليقين والتحقق العلمي الموثق. وهكذا تكون الأخبار، بعيدة عن التشويق والتهويل والتنمق فضلا عن الكذب وعدم التثبت، وفي تصرف الهدهد درس بليغ إذ جاء تقريره صادقا، مسبوكا، مختصرا، واضح العبارة، يعبر عن قضيته، في غير لبس. قال عز وجل: (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا).
ثم ذكر الهدهد حديث بلقيس، وأنها ملكتهم، وأن لها من المال والملك والعرش العظيم، فلم يتغير سليمان عليه السلام لذلك، ولم يستفزّه الطمع فيما سمع عن هذا، كما يحدث من عادة الملوك في الطمع في ملك غيرهم، فلما قال له: (وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ...)، ونلاحظ في حديث الهدهد الموضوعية والغيرة الشديدة على دين الله، والتحسر على البشر الذين ميزهم الله بالعقل فسجدوا لغيره؛ عند ذلك غضب سليمان عليه السلام لله وقال: (سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ)، وكذلك القائد يتأنى، ويعدل، ويقبل العذر.
ثم قال: (اذْهَبْ بِكِتابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ...) وفيه إشارة إلى أهمية حسن اختيار من يتولى نقل الأخبار، فإن الهدهد لما صدق فيما أخبر تأهّل للسفارة والإعلام على صغره وضعف خلقته.
قولهم: (والأمر إِلَيْكِ فانظري مَاذَا تَأْمُرِينَ)، دليل على الطاعة المفرطة للقائد، واحترام القائد من دونه، قال القرطبي: أخذت في حسن الأدب مع قومها ومشاورتهم في أمرها في كل ما يعرض لها، فراجعها الملأ بما يُقر عينها من إعلامهم إياها بالقوة والبأس، ثم سلّموا الأمر إلى نظرها، وهذه محاورة حسنة من الجيمع.
ثم قالت: (وإني مرسلة إليهم بهدية...) قال ابن عباس: إنما أرسلت الهدية لتعلم أنه إن كان نبيا لم يرد الدنيا، وإن كان ملكا فسيرضى بالحمل. وكذلك القائد الجاد يركز على قضيته، ولا ينظر إلى السفاسف.
#عااااااجل، #رسميا، #سبق_صحفي، #خبطة_إعلامية، #مصدر_موثوق، #منقول، #كما_وصلني
كل ذلك وغيره من المبررات الفطيرة لا تغني عن صاحبها شيئا، ويتحمل وزر كل هلع وخوف يبثه في الناس، فالله يقول: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)، ويقول صلى الله عليه وسلم: (كفى بالمرء كذبًا أن يحدّث بكل ما سَمِع).
ستر الله عوراتنا وأمن روعاتنا، وأصلح حالنا ومآلنا وعجل بفرجنا وأحسن خلاصنا وتجاوز عن سيئاتنا وكفانا شر الأشرار وكيد الفجار وشر طوارق الليل والنهار إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن.
سليمان يوسف محمد عبد الله