((فخشينا)) كلام الله، أم الخضر- عليه السلام -، وما معنى الخشية هنا؟

إنضم
17/08/2016
المشاركات
680
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
المملكة العربية
قوله تعالى
( وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ) الكهف: 80

قوله ( فَخَشِينا ): أي فعلمنا.
قاله الجرجاني، ومقاتل، والفراء، والطبري، وابن قتيبة، والثعلبي، والبغوي، والواحدي( بسيط ).

وزاد الطبري: أنه يرهقهما.

قال القرطبي: قال ابن عباس أي فعلمنا.

وقال نجم الدين النيسابوري، والعز بن عبدالسلام: كرهنا، أو علمنا.

وزاد العز بن عبدالسلام: أو خفنا.

قال أبو الهلال العسكري في الوجوه والنظائر: وكذلك الخشية بمعنى العلم، قال الله: ( فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا ).

فقوله تعالى ( فخشينا أن يرهقهما ): أي فعلمنا.

وقال البصريون يقال خشيت الشيء بمعنى كرهته وبمعنى فزعت منه كما يقال للرجل أخشى أن يكون كذا وكذا أي أكره.
حكاه النحاس.

قال الأخفش: وأما ( فَخَشِينَا ): فمعناه: كَرِهنا.

وحكاه الواحدي في البسيط عن: قطرب.

قال مكي بن حموش في الهداية: فإذا كان من قول الله_ عز وجل_ فمعناه فعلمنا، كما يقال: طننت بمعنى علمت. وقيل: وقيل معناها فكرهنا...

قال الزجاج: وقوله (فخشينا) من كلام الخضر، وقال قوم لا يجوز أن يكون فخشينا عن الله، وقالوا دليلنا على أن فخشينا من كلام الخضر قوله ( فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا )،

ثم قال الزجاج _ رحمه الله_ وهذا جائز أن يكون عن الله عز وجل: (فخشينا)،
لأن الخشية من الله عز وجل معناه الكراهة، ومعناها من الآدميين الخوف.
انتهى

قال ابن قتيبة، والفراء، والثعلبي، وغيرهم: وهي فِي قراءة أُبَيّ ( بن كعب رضي الله عنه ) « فخافَ ربُّك أن يرهقهما ».

وعزاه الطبري، وغيره إلى مصحف عبدالله بن مسعود.

قال الفراء، والثعلبي: علم.

وزاد الفراء: ربُّك.

وقال يحيى بن سلام: تفسير فخاف ربك: فكره ربك.

قال أبو حيان الأندلسي : فخشينا أي: خفنا.

قال النحاس: والكلام في خفت وخشيت واحد.

قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى ( فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ): قال السمرقندي، والواحدي، وأبو الهلال العسكري: أي علم.

قال السمعاني: الخوف ها هنا بمعنى العلم.
وزاد الواحدي في الوسيط: والخوف يستعمل بمعنى العلم، لأن في الخوف طرقا من العلم، وذلك أن القائل إذا قال: أخاف أن يقع أمر كذا. كأنه يقول: أعلم.

وقوله ( وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا ): خافت: قال مقاتل، ويحيى بن سلام: يعني علمت.

وقوله ( وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ): فقوله ( إلا أن يخافا ): قال الفراء: أي إلا أن يعلما. وقوله ( فإن خفتم ): قال يحيى بن سلام: إن علمتم.

وقوله تعالى ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى ): أي فإن علمتم أنكم لا تعدلوا في اليتيمة؛ باعتبار ما كان؛ وخفت الجور عليها طمعا في مالها؛ فاعدل إلى غيرها. قال ابن قتيبة في الغريب أي: فإن علمتم أنكم لا تعدلون بين اليتامى.

وقوله ( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا ): قال يحيى بن سلام: يعني إن علمتم.

قال الألوسي: والمراد فإنعلمتم.

وقوله ( وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ ۙ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ): فسر المفسرون ( يخافون ): يعلمون.
حكاه النحاس.

قال يحيى بن سلام: يعني يعلمون ويستيقنون.

قال ابن قتيبة: لأن في الخشية، والمخافة طرفا من العلم.

قال النحاس: كما يقال ظننا بمعنى علمنا.

قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى ( وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن نُّعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَبًا ): قال أبو السعود، والألوسي: أي علمنا الآن.

وقال البغوي: علمنا وأيقنا.

قال الطبري: وأنا علما أن لن نُعجز الله في الأرض إن أراد بنا سوءا.
______
المصدر:
تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة، غريب القرآن لابن قتيبة، معاني القرآن، للأخفش، معاني القرآن للزجاج، معاني القرآن للفراء، معاني القرآن للنحاس، تفسير الطبري، التصاريف ليحيى بن سلام، تفسير أبي السعود، تفسير الألوسي، الكشف والبيان للثعلبي، الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي القيسي، الوسيط للواحدي، درج الدرر في تفسير الآي والسور للجرجاني، تفسير البغوي، إيجاز البيان عن معاني القرآن لنجم الدين النيسابوري، تفسير العز بن عبد السلام، تفسير السمرقندي، الوسيط للواحدي، تفسير السمعاني، الوجوه والنظائر لأبي الهلال العسكري، البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي.

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ 00966509006424
 
قوله تعالى
( وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ ۖ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (11) وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ (12) ) القصص
قوله ( وَقَالَتْ ): أم موسى لأخت موسى حين ألقته في اليم.
قاله الطبري.

قوله ( قُصّيهِ): قصي أثره.
قاله الأخفش، والفراء، وابن قتيبة.

وزاد ابن قتيبة: واتبعيه.

قال الطبري: قصي أثر موسى، اتبعي أثره. تقول: قصصت آثار القوم: إذا اتبعت آثارهم.

قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى ( قَالَ ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ ۚ فَارْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصًا ): قال بيان الحق النيسابوري: أي رجعا يقصان الأثر ويتبعانه.

قال أبو بكر السجستاني: أي رجعا يقتصان الأثر الذي جاءا فيه.

قال الزجاج: والقصص اتباع الأثر.

قوله: ( فَبَصُرَتْ بِهِ ): أي رأته.
قاله أبو حيان.

قال الطبري: يقال منه: بصرت به وأبصرته، لغتان مشهورتان، وأبصرت عن جنب، وعن جنابة.

قال المبرد: بصرت بالشيء، وأبصرته واحد في المعنى.
حكاه الواحدي في البسيط.

قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى عن السامري ( قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ ): قال ابن كثير: أي رأيت جبريل حين جاء لهلاك فرعون.

قال السمرقندي: يعني رأيت ما لم يروا وعلمت ما لم يعلموا به يعني: بني إسرائيل.

قوله ( عَنْ جُنُبٍ ): أي عن بعد؛ ومنه سمي الأجنبي: لبعده عن محرمية المرأة.
فمعنى عن جنب: أي عن بعد، كأنها ليست تريده، ولا تعرفه؛ كي لا يُعلم أنه منها.

وقيل: النظر عن جنب أن تنظر إلى الشيء كأنك لا تريده.
حكاه الألوسي.

قال غلام ثعلب: أي عن ناحية.

وقيل: عن شوق.

يقال جنبت إليك: أي اشتقت؛ بلغة جذام.
حكاه النحاس، والماوردي، والعز بن عبدالسلام، والقرطبي، وأبو حيان، والسمين الحلبي، وسراج الدين النعامي، وصديق حسن خان وغيرهم.

قال الطبري: عن بُعد لم تدن منه ولم تقرب، لئلا يعلم أنها منه بسبيل.

قال بيان الحق النيسابوري: عن جانب، كأنها ليست تريده.

قال الزجاج: أي عن بعد تبصر ولا تُوهِم.

قال ابن قتيبة: أي عن بعد منها عنه وإعراض: لئلا يفطنوا لها. و"المجانبة" من هذا. والجنب والجنابة: البعد.

قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى ( وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ ): قال الطبري: أبعدْني وبنيّ من عبادة الأصنام.

قوله ( ٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ):أنها أخته لأنها كانت تمشي على ساحل البحر حتى رأتهم قد أخذوه.
قاله الماوري.

قوله ( وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ ): أي منعناه أن يرضع منهن. والمراضع: جمع "مرضع".
قاله ابن قتيبة.

قال الطبري: ومنعنا موسى المراضع أن يرتضع منهنّ من قبل أمه.

قال الواحدي: منعنا موسى أن يقبل ثدي مرضعة.

قلت ( عبدالرحيم ): والحرام في اللغة: الممنوع؛ وهو قسمان: شرعي؛ كتحريم الربا، وقدري؛ كما في الآية التي نحن بصددها؛ أعني قوله تعالى ( وحرمنا عليه المراضع ): فالتحريم هنا قدري؛ وليس تحريما شرعيا،

ومنه قوله تعالى ( وَحَرَامٌ عَلَىٰ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ): قال السيوطي في اتقانه: والمنع: ممتنع على أهل قرية قدرنا إهلاكهم لكفرهم أنهم لا يرجعون عن الكفر إلى قيام الساعة.

قال الطاهر بن عاشور: أي ممنوع على قرية قدرنا إهلاكها أن لا يرجعوا.

قوله ( مِن قَبْلُ ): أن نرده على أمه.
قاله الواحدي.

قال البغوي: أي من قبل مجيء أم موسى.

قوله تعالى ( فَقَالَتْ): أي فقالت أخت موسى عليه السلام لما تعذر عليهم رضاعه.
قاله الزجاج.

قوله (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ ): يكفلونه: أي يضمونه إليهم.
قاله ابن قتيبة، والواحدي.

قال مقاتل: يعني يضمنون لكم رضاعه.

قوله ( وَهُمْ لَهُ نَاصِحُون ): مخلصون شفقته.
قاله الواحدي.

قال البقاعي: ثابت نصحهم له، لا يغشونه نوعا من الغش.

قلت ( عبدالرحيم ): قوله تعالى ( وهم له ناصحون ): النصح: ضد الغش، وهذا الكلمة حوت معاني كثيرة؛ في مقامنا هذا، وغيره.
أي يعاملونه بإخلاص من غير غش ولا فساد له، ويشفقون عليه، لا يقصرون في إرضاعه وتربيته وما يصلحه؛ مع تمام حنوهم، وشفقتهم عليه، فلا يضيعونه.

قال النسفي: النصح إخلاص العمل من شائبة الفساد.

قال الشوكاني، وصديق حسن خان: أي مشفقون عليه لا يقصرون في إرضاعه وتربيته.
وبنحوه قال أبو السعود.

قال السمعاني: أي عليه مشفقون، والنصح ضد الغش. انتهى كلامه.

قلت: وجاء ذكر النصح في الآية _ والله أعلم _ لأمرين:

الأول: أهمية النصح، ومكانته.

ثانيا: أهمية الشفقة والرحمة بالرضيع؛ بخلاف من انقلبت فطرهم.

يُظْهِر ذلك بجلاء ما جاء من نصوص متواترة في شأن الصبي، وكيف ضمن له الإسلام كل ما يصلحه؛ حتى بعد طلاق الزوجين وقد سبق شيء من ذلك بحمد الله.

فكم من مرضع: ترضع للأجرة فحسب، وقد نزع من قلبها الرحمة، ولا تقوم بما يلصح الصبي، بل ربما تضيعه، وتعرضه للتلف.

ونطير قوله ( وهم له ناصحون ): قوله تعالى ( قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ ): قال السيوطي: لقائمون بمصالحه.

وهنا لطيفة، وعظة للناس عامة، ولأهل الإيمان خاصة؛ أشار إليها القشيري_ رحمه الله_ حيث قال:
بالغداة كانوا في اهتمام كيف يقتلونه أمسوا- وهم في جهدهم- كيف يغذونه! فلما أعياهم أمره، قالت لهم أخته: «هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم؟» فقبلوا نصيحتها شفقة منهم عليه، وقالوا: نعم، فردوه إلى أمه، فلما وضعت ثديها في فمه ارتضعها موسى فسروا بذلك. انتهى كلامه.

قلت: وهذا مصداقا لقوله ( وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني )،
فعلينا_عباد الله_ بحسن التوكل الذي بيده ملكوت السماوات والأرض، ونواصي، وقلوب الخلق _ جل ذكره _ والتمسك بالكتاب والسنة.
والحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات.

المصدر:
ياقوتة الصراط لغلام ثعلب، غريب القرآن لابن قتيبة، غريب القرآن لأبي بكر السجستاني، تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب لأبي حيان الأندلسي، معاني القرآن للزجاج، معاني القرآن للنحاس، معاني القرآن للأخفش، ايجاز البيان عن معاني القرآن لنجم الدين النيسابوري، الإتقان في علوم القرآن للسيوطي، تفسير البغوي، التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور، تفسير الجلالين، فتح القدير للشوكاني، تفسير أبي السعود، نظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي، تفسير الألوسي، النكت والعيون للماوردي، البسيط للواحدي، الوجيز للواحدي، تفسير السمرقندي، لطائف الإشارات للقشيري، فتح البيان في مقاصد القرآن لصديق حسن خان، باهر البرهان في توضيح مشكلات القرآن لبيان الحق النيسابوري، تفسير القرطبي، الدر المصون في علوم الكتاب المكنون للسمين الحلبي، تفسير العز بن عبد السلام، اللباب لسراج الدين النعماني.

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ 00966509006424
 
عودة
أعلى