فالجَوَابُ عَلَيْهِ مِنْ وُجُوهٍٍ ....

إنضم
20/01/2006
المشاركات
1,245
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
المدينة المنورة
الحمد لله والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا ومولانا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه واتبع هداه إلى يوم الدين ثـــــــمَّ أمــــا بعــد

فإن الناظر لدوواين العلوم الشرعية من كتب التفسير والفقه وشروح الحديث والفقه وأصوله يجد من بعض العلماء رحمنا لله وإياهم استرسالا في البسط والتوضيح فيقول أحدهم - مثلا-:
1- ولو اعتُرِض على هذا القول بكذا فالجواب عليه كذا..
2- ورده قوم بحجة كذا وأجيبوا بكذا..
3- فإن قيل كذا فالجواب كذا..
إلى غير ذلك مما لايمكن حصره في كتبهم , وغالب هذه الإشكالات- أو الاستشكالات إن صح التعبير- يطرحها العالم من تلقاء نفسه ليدرأ بها ما يتوقع وروده على ذهن القارئ من الإشكالات خصوصا بعض كتب التفسير والفقه والأصول..
والسؤال: - عذرا إن كنت جعلت الأسئلة على شكل اختبار-
هل ترى في نظرك جدوى للقيام بذلك؟؟ ولم؟؟
هل من أهل العلم رحمنا الله وإياهم من جمع استشكالات من سبقه من العلماء في أي فن من تلك الفنون؟؟
وهل من الباحثين المعاصرين من سعى لذلك وقام به؟؟
وإن لم يكن ثمة أحد قام بذلك فهل في جمعها وإفرادها بالتصنيف فائدة علية محققة؟؟
وهل إفرادها بالتصنيف يعتبر تفريغا لأصولها من المحتوى أو غالب المحتوى ؟؟
أرجو من المشايخ والسادة الفضلاء الإجابة على ما طرحت من أسئلة والزيادة عليها بكل ما من شأنه إيضاح الصورة كاملة في هذا الموضوع
والله يسلك بي وبكم مسالك المهتدين... إنه سميع مجيب
 
أسلوب أئمة وعلماء الإسلام في التصنيف فريد لا مثيل له ويستجيب لاعتبارات عقدية وخلقية وظرفية.....
-المصنف المسلم يرى النظر أو الفكر لا يكون فعالا إلا إذا كان متعددا ومتبادلا ومن ثم لا يكاد ينفصل النظر عن المناظرة.
فكر المسلم حواري بالدرجة الأولى وحتى عندما يكون المصنف منفردا فهو يفترض محاورا يسأل ويجيب.
-هذه الحوارية لها أصل في المنهج النبوي فكم من عقيدة أو فقه أو نصيحة بلغها النبي عليه السلام من خلال الحوار مع الصحابة رضي الله عنهم.....بل إن القرآن دعا إلى مثل هذا التفكير المتبادل عندما أرشد الناس :{قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} (46) سورة سبأ
ولعل تقديم مثنى على فرادى له أكثر من دلالة.
-افتراض المعارض عند التصنيف يدل على خلق رفيع وتحصين للنفس:
1-إعطاء الحق للآخر في الاعتراض يحصن النفس من الوقوع في الغرور والابتعاد عن المنهج الفرعوني:{قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} (29) سورة غافر
2-اعتبار وجود المحاور يمنع الناظر من التمادي مع الخطأ أو الهوى لأنه يحس أنه مراقب ولا ينطق بقول إلا ولديه رقيب عتيد.
3-المصنف المسلم يضطر إلى التفكير مرتين:
يفكر لنفسه
ويفكر لخصمه.
والتفكير مرتين أفضل من مرة واحدة.
4-المصنف المسلم يفكر وينقد نفسه في الوقت ذاته على لسان الخصم المفترض.

ثم إن التنوع الفكري والمنهجي في تاريخ الإسلام وتعدد المدارس والمذاهب كان وراء هيمنة المناظرة ......وتشبع العلماء بمقتضياتها حتى أصبح الناظر لوحده بالفعل مناظرا لغيره بالقوة.
وللفائدة أذكر هنا بعض الفوائد اقتضاها المقام وكنت كتبتها في ملتقى اهل الحديث:
فوائد جليلة لا يستغني الطالب عنها...


1-قولهم :تأمل,فتأمل,فليتأمل,تدبر,فتدبر.

هذه العبارات يذيل بها المصنفون مناقشاتهم, وينهون بها تعقباتهم ,وهي متداولة بكثرة مما يتعين على الطالب أن يفهم مرادهم منها والفروق الدقيقة فى استعمالاتها.....
التأمل هو إعمال الفكر....
التدبر هو النظر في الدلائل....
الأمر بالتدبر بغير "فاء" للسؤال....فقول المصنف "تدبر" هو سؤال في المقام .
الأمر بالتدبر ب"الفاء"يكون بمعنى التقرير والتحقيق لما بعده....فقول المصنف "فتدبر"يشبه أن يكون حملا للمخاطب على الإقرار بما قيل في المقام....والفرق بين التعبيرين كالفرق بين الاستفهام الحقيقي والاستفهام الذي يراد به الإقرار.
وكذلك الفرق بيت "تأمل" و "فليتأمل":الأول سؤال والثاني دعوة للإقرار على ما قيل.

وذهب بعضهم إلى الفروق التالية:
تأمل بلا"فاء" إشارة إلى الجواب القوي.
"فتأمل" إشارة إلى الجواب الضعيف.
"فليتأمل" إشارة إلى الجواب الأقوى.

وقيل أيضا:
معنى "تأمل"أن في هذا المحل دقة.
ومعنى"فتأمل" أن في هذا المحل أمرا زائدا على الدقة بتفصيل.
ومعنى "فليتأمل"كما في السابقة مع زيادة, بناء على أن كثرة الحروف تدل على كثرة المعنى.

2-فيه بحث وفيه نظر:

التذييل بعبارة "فيه بحث" معناه أعم من أن يكون في المقام تحقيق أو فساد...بعبارة أخرى أن تعقب على قول ب "فيه بحث" لا يدل على أن ذلك القول صحيح أو فاسد...

أما عبارة "فيه نظر"فتستعمل في لزوم الفساد.


3-لقائل , فإن قيل, لا يقال......وأخواتها:


-إذا كان السؤال قويا.....تستعمل عبارة "فإن قلت" وجوابه "قلت" أو "قلنا".
-إذا كان السؤال أقوى....تستعمل عبارة "لقائل" ويكون الجواب "أقول" أو "نقول".
-وإذا كان السؤال ضعيفا....تستعمل عبارة "فإن قيل" ويكون الجواب "أجيب" أو "يقال".
-وإذا كان السؤال ضعيفا جدا.....تستعمل عبارة "لا يقال" ويكون جوابه "لأنا نقول".

وقيل:
"فإن قلت" سؤال عن القريب....."وإن قلت " سؤال عن البعيد....

وقيل:
تستعمل عبارة "وقيل" فيما فيه اختلاف...
وعبارة "فيه" إشارة إلى ضعف ما قالوا.
وعبارة "لنا" شائعة عند ذكر الدليل على المدعي.

والله أعلم.
 
بارك الله في علمكم أخي الأستاذ أبا عبد المعز، هذه فوائد ولطائف تخفى على الكثير منا، فجزاكم الله خيراً على إفادتنا بها.
ولمزيد الفائدة والتوسع: ما هي الكتب التي تُعنى بهذه الأساليب وبيان الفروق بينها؟
وشكر الله لكم.
 
أحسن الله إليك وجزاك خيرا أخي أبا عبد المعز على هذه الدرر والطرف العلمية ولكن لم تجبني على ما طرحت من أسئلة بارك الله فيك
 
عودة
أعلى