د. شريف طه يونس
New member
كنت أعلم أن الفاتحة أفضل سورة في القرآن؛ بل قرأت الكثير من الأحاديث في فضلها؛ ووجدت النبي صلى الله عليه وسلم يعتز كثيرا بأنها قد أنزلت عليه، ووجدت الكثير من العلماء قد احتفوا بها.
لكنني لم أكن أدرك سر ذلك كله؛ بل ربما تعجبت منه؛ وغاية ما كنت أظنه أنها سورة أحبها الله وعظمها ونحن نحتفي بها ونحبها ونعظمها تعظيما لله وتوددا إليه.
لأنها في خلفياتنا الثقافية والتربوية لم تتجاوز كونها سورة نقرأ بها في الصلوات ونتلوها في المناسبات وربما ارتقينا بها.
ولما بدأت أتعلم؛ تعلمت تفسيرها والأحكام المتعلقة بها وماجاء في فضلها.
لكنني لم أتدبرها يوما ولم أحاول البحث عن إجابة ذلك السؤال: "لماذا كل ذلك الاحتفاء بها؟"
وكنت أعتقد أنها سميت الفاتحة لأن القرآن افتتح بها، فجاءت في أوله.
لكنني لما تدبرتها؛ أدركت وكأنني لأول مرة أتعرف عليها، شعرت أنني ما كنت أعرفها قبل ذلك؛ أدركت سر الاحتفاء بها؛ وتبدى لي أمر ماكنت أعرفه في سر تسميتها.
لقد أدركت أنني خسرتها يوم أن حصرتها؛ لقد ندمت على إهمالي لها وغفلتي عنها وسألت الله أن يغفر لي ماكان من تقصير في حقها.
لما تدبرتها؛ وتعرفت على مقاصدها، أدركت مدى حاجتي إليها، وزاد تعلقي بها وإقبالي عليها.
فأصبحت الآن في كل مرة أقرأها، أشعر كما لو كان الله أنزلها لي الآن؛ لأستفتح بها مغاليق الأمور، وأتوسل بها إلى الله ليعينني على استجلاب السعادة والسرور.
وإليكم بيان ذلك:
أريدك الآن أن تستحضر (أمرا تتمنى حدوثه وتسعى إليه).
هل فعلت؟
إذن اقرأ معي الفاتحة، لكن هذه المرة بقلبك، وبنفسية جديدة.
اقرأها كما لو كانت طلبا تتقدم به لله تفتتح به تحركك لتحقيق الأمر الذي تتمناه؛ لتبدأ بداية ميمونة، وتستجلب به إعانة الله وهدايته وتوفيقه لك؛ فيحقق لك في هذا الأمر كل مطلوباتك، وينجيك من كل مرهوباتك.
تحمده وتشكره "الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"
وتثني عليه وتستعطفه "الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"
ثم تعلن فقرك إليه وانكسارك بين يديه فتمجده "مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ"
ثم تتوسل إليه وتنادي عليه وتعلن مخلصا بين يديه "إِيَّاكَ نَعْبُدُ"
ثم تتوسل إليه وتعلن أنه لا غنى لك عنه "وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ"
ثم تطلب منه أهم أمر في الدنيا يصلح لك الله به كل شؤون حياتك "اهْدِنَا"
تطلب منه أن يهديك للعلم الكامل بالصواب والحق والخير
وأن يهديك للسلوك الأكمل لطريق الحق والخير
وأن يهديك في داخل طريق الحق والخير وأن يثبتك عليه حتى تتمه.
تطلب منه أن يكون ما يهديك ويوفقكك إليه، أكمل شيء، وأيسر شيء، وأسعد شيء، وأسرع شيء، وأسلم شي من العقبات والمكدرات، والمخاطر والزلات. "الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ"
وتُقِرُ له بيقينك في قدرته، وعلمك بما كان من فضله ونعمته، وتتمنى عليه لو هداك ووفقك لما وفق إليه خير خلقه الذين بلغوا قمة الأمور وذروتها، وسعدوا بها وعاينوا روعتها "صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ"
لكن يمر بخاطرك احتمال الإخفاق، ويساورك قلق من أن يحول حائل بينك وبين تمام الانتفاع بما هداك إليه؛ فتتحرك بلا علم، أو تعلم لكن لا تتحرك؛ فتتضرع إليه "غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ , وَلَا الضَّالِّينَ"
لكن هل تقبل الله طلبك؟
أبشرك .. نعم تقبله، أؤكد لك، وليس هذا كلامي.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، فَنِصْفُهَا لِي، وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي، فَإِذَا قَالَ: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ، قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ , صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ , غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ , وَلَا الضَّالِّينَ، قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ" (رواه مسلم: (38،40: 395) ، والترمذي (2953) ، وأحمد (7400 ، 9900) ، وابن ماجة (3784))
هل هناك أيسر لك من ذلك؟
هل هناك أسرع لك من ذلك؟
هل هناك أكرم وأعز لك من ذلك؟
فما بالك تغفل عن الفاتحة وتهملها!
عجبا لك .. يريد سبحانه لك اليسر، وتأبى إلا أن تسلك طريق العسر.
يريد لك الراحة والسعادة وتأبى إلا أن تسلك طريق التعب والشقاء.
يريد لك العزة والكرامة وتأبى إلا أن تهين نفسك وتذلها بالتعلق بالمخلوقين.
قل لي بربك:
هل هناك أمر من أمور الحياة لا تصلح الفاتحة وسيلة لاستفتاح ما استغلق منه، وطريقا للفوز الكامل فيه؟
كم خسرنا من أمور حين حصرنا الفاتحة؟
هل أنزل الله الفاتحة لتكون أوردا تتلى وكلمات يترنم بها؟
هل أدركتم الآن لم سماها الله الفاتحة؟
هل أدركتم الآن سر الاحتفاء بها؟
هلا انضممتم لقافلة المحتفين بها المعظمين لها!
هلا سلكتم الطريق لتكونوا من أهلها!
هلا استفتحتم دوما بها!
هلا جعلتم حياتكم مليئة بالفتوحات وعامرة بالنجاحات من خلالها!
هيا ضع مكان (أمرا تتمنى حدوثه وتسعى إليه) كل مرة أمرا جديدا؛ هنيئا لك بالفاتحة، من الآن لل مكان في حياتك بل في قاموس كلماتك لكلمتي "العجز" و "الهم".
لكن لكيلا تقع في منزلق (الحصر) مرة أخرى إياك أن تضع بين القوسين دوما مطلوباتك الدنيوية وتهمل مطلوباتك الدينية (رضوان الله) (الجنة) (نعيم القبر) (نصرة الدين) (تعلم العلم) (العمل بالعلم) (الاستقامة) (التوحيد) (الاتباع) (تزكية النفس) (سلامة القلب)
إن الفاتحة من شأنها أن تحدث نقلة نوعية في حياتنا؛ فتكون طريقا سهلا ميسورا لتحقيق مطلوباتنا، والنجاة من مرهوباتنا؛ لكن ذلك لا يكون إلا إذا لم تحصروها، حينها أؤكد لكم أنكم لن تخسروها.
اللهم اجعلنا من أهلها، وأعنا على القيام بحقوقها، ووفقنا دوما للاستفتاح بها، ولاتحرمنا بركاتها.
لكنني لم أكن أدرك سر ذلك كله؛ بل ربما تعجبت منه؛ وغاية ما كنت أظنه أنها سورة أحبها الله وعظمها ونحن نحتفي بها ونحبها ونعظمها تعظيما لله وتوددا إليه.
لأنها في خلفياتنا الثقافية والتربوية لم تتجاوز كونها سورة نقرأ بها في الصلوات ونتلوها في المناسبات وربما ارتقينا بها.
ولما بدأت أتعلم؛ تعلمت تفسيرها والأحكام المتعلقة بها وماجاء في فضلها.
لكنني لم أتدبرها يوما ولم أحاول البحث عن إجابة ذلك السؤال: "لماذا كل ذلك الاحتفاء بها؟"
وكنت أعتقد أنها سميت الفاتحة لأن القرآن افتتح بها، فجاءت في أوله.
لكنني لما تدبرتها؛ أدركت وكأنني لأول مرة أتعرف عليها، شعرت أنني ما كنت أعرفها قبل ذلك؛ أدركت سر الاحتفاء بها؛ وتبدى لي أمر ماكنت أعرفه في سر تسميتها.
لقد أدركت أنني خسرتها يوم أن حصرتها؛ لقد ندمت على إهمالي لها وغفلتي عنها وسألت الله أن يغفر لي ماكان من تقصير في حقها.
لما تدبرتها؛ وتعرفت على مقاصدها، أدركت مدى حاجتي إليها، وزاد تعلقي بها وإقبالي عليها.
فأصبحت الآن في كل مرة أقرأها، أشعر كما لو كان الله أنزلها لي الآن؛ لأستفتح بها مغاليق الأمور، وأتوسل بها إلى الله ليعينني على استجلاب السعادة والسرور.
وإليكم بيان ذلك:
أريدك الآن أن تستحضر (أمرا تتمنى حدوثه وتسعى إليه).
هل فعلت؟
إذن اقرأ معي الفاتحة، لكن هذه المرة بقلبك، وبنفسية جديدة.
اقرأها كما لو كانت طلبا تتقدم به لله تفتتح به تحركك لتحقيق الأمر الذي تتمناه؛ لتبدأ بداية ميمونة، وتستجلب به إعانة الله وهدايته وتوفيقه لك؛ فيحقق لك في هذا الأمر كل مطلوباتك، وينجيك من كل مرهوباتك.
تحمده وتشكره "الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"
وتثني عليه وتستعطفه "الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"
ثم تعلن فقرك إليه وانكسارك بين يديه فتمجده "مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ"
ثم تتوسل إليه وتنادي عليه وتعلن مخلصا بين يديه "إِيَّاكَ نَعْبُدُ"
ثم تتوسل إليه وتعلن أنه لا غنى لك عنه "وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ"
ثم تطلب منه أهم أمر في الدنيا يصلح لك الله به كل شؤون حياتك "اهْدِنَا"
تطلب منه أن يهديك للعلم الكامل بالصواب والحق والخير
وأن يهديك للسلوك الأكمل لطريق الحق والخير
وأن يهديك في داخل طريق الحق والخير وأن يثبتك عليه حتى تتمه.
تطلب منه أن يكون ما يهديك ويوفقكك إليه، أكمل شيء، وأيسر شيء، وأسعد شيء، وأسرع شيء، وأسلم شي من العقبات والمكدرات، والمخاطر والزلات. "الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ"
وتُقِرُ له بيقينك في قدرته، وعلمك بما كان من فضله ونعمته، وتتمنى عليه لو هداك ووفقك لما وفق إليه خير خلقه الذين بلغوا قمة الأمور وذروتها، وسعدوا بها وعاينوا روعتها "صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ"
لكن يمر بخاطرك احتمال الإخفاق، ويساورك قلق من أن يحول حائل بينك وبين تمام الانتفاع بما هداك إليه؛ فتتحرك بلا علم، أو تعلم لكن لا تتحرك؛ فتتضرع إليه "غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ , وَلَا الضَّالِّينَ"
لكن هل تقبل الله طلبك؟
أبشرك .. نعم تقبله، أؤكد لك، وليس هذا كلامي.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، فَنِصْفُهَا لِي، وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي، فَإِذَا قَالَ: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ، قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ , صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ , غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ , وَلَا الضَّالِّينَ، قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ" (رواه مسلم: (38،40: 395) ، والترمذي (2953) ، وأحمد (7400 ، 9900) ، وابن ماجة (3784))
هل هناك أيسر لك من ذلك؟
هل هناك أسرع لك من ذلك؟
هل هناك أكرم وأعز لك من ذلك؟
فما بالك تغفل عن الفاتحة وتهملها!
عجبا لك .. يريد سبحانه لك اليسر، وتأبى إلا أن تسلك طريق العسر.
يريد لك الراحة والسعادة وتأبى إلا أن تسلك طريق التعب والشقاء.
يريد لك العزة والكرامة وتأبى إلا أن تهين نفسك وتذلها بالتعلق بالمخلوقين.
قل لي بربك:
هل هناك أمر من أمور الحياة لا تصلح الفاتحة وسيلة لاستفتاح ما استغلق منه، وطريقا للفوز الكامل فيه؟
كم خسرنا من أمور حين حصرنا الفاتحة؟
هل أنزل الله الفاتحة لتكون أوردا تتلى وكلمات يترنم بها؟
هل أدركتم الآن لم سماها الله الفاتحة؟
هل أدركتم الآن سر الاحتفاء بها؟
هلا انضممتم لقافلة المحتفين بها المعظمين لها!
هلا سلكتم الطريق لتكونوا من أهلها!
هلا استفتحتم دوما بها!
هلا جعلتم حياتكم مليئة بالفتوحات وعامرة بالنجاحات من خلالها!
هيا ضع مكان (أمرا تتمنى حدوثه وتسعى إليه) كل مرة أمرا جديدا؛ هنيئا لك بالفاتحة، من الآن لل مكان في حياتك بل في قاموس كلماتك لكلمتي "العجز" و "الهم".
لكن لكيلا تقع في منزلق (الحصر) مرة أخرى إياك أن تضع بين القوسين دوما مطلوباتك الدنيوية وتهمل مطلوباتك الدينية (رضوان الله) (الجنة) (نعيم القبر) (نصرة الدين) (تعلم العلم) (العمل بالعلم) (الاستقامة) (التوحيد) (الاتباع) (تزكية النفس) (سلامة القلب)
إن الفاتحة من شأنها أن تحدث نقلة نوعية في حياتنا؛ فتكون طريقا سهلا ميسورا لتحقيق مطلوباتنا، والنجاة من مرهوباتنا؛ لكن ذلك لا يكون إلا إذا لم تحصروها، حينها أؤكد لكم أنكم لن تخسروها.
اللهم اجعلنا من أهلها، وأعنا على القيام بحقوقها، ووفقنا دوما للاستفتاح بها، ولاتحرمنا بركاتها.