محمد محمود إبراهيم عطية
Member
قال الخطابي - رحمه الله : ومما يجب أن يراعى في الأدعية : الإعراب الذي هو عماد الكلام وبه يستقيم المعنى ، وبعدمه يختل ويفسد ، وربما انقلب المعنى باللحن حتى يصير كالكفر إن اعتقده صاحبه ، كدعاء من دعا ، أو قراءة من قرأ : { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } بتخفيف الياء من { إِيَّاكَ } ، فإن الإيا : ضياء الشمس ، فيصير كأنه يقول : شمسك نعبد ، وهذا كفر . وأخبرني محمد بن بحر الرهني قال : حدثني الشاه بن الحسن قال : قال أبو عثمان المازني لبعض تلامذته : عليك بالنحو فإن بني إسرائيل كفرت بحرف ثقيل خففوه ؛ قال الله عز وجل لعيسى : ( إني ولَّدتك ) بتشديد اللام ، فقالوا : إني ولدتك - بتخفيفها - فكفروا . ومر الأصمعي برجل يقول في دعائه : يا ذو الجلال والإكرام . فقال : ما اسمك ؟ قال : ليث . فأنشأ يقول :
ينادي ربه باللحـن ليث ... لذاك إذا دعـاه لا يجيب .ا.هـ
قلت : وأورد ابن الأزرق في ( روضة الأعلام ) قال : قال الأستاذ أبو سعيد بن لب : الدعاء علم لساني ، وتعلق قلبي ، هما مبناه ، وعليهما يدور معناه .. ثم ذكر عن الخطابي أن الرياشي قال : مر الأصمعي .. فساق الحكاية المتقدمة . قال ابن الأزرق : إلا أن الأستاذ أبا إسحاق الشاطبي - رحمه الله - تعقب هذا بأن الحكاية شعرية لا فقهية ، والاحتجاج بها إلى اللعب أقرب منه إلى الجد . قال : وأقرب ما فيه أن أحدا من العلماء لا يشترط في الدعاء ألا يلحن ، كما يشترط الإخلاص وصدق التوجه وعزم المسألة وغير ذلك من الشروط . ا.هـ .
قال مقيده عفا الله عنه : وإن كان الإعراب مما ينبغي أن يراعى دون تكلف ، لكن القول بوجوبه ليس عليه دليل من كتاب ولا سنة ، ولا يحسن الإعراب كثير من الناس ، أفيدع هؤلاء الدعاء للحنهم ؟! بل الدعاء جائز بالعربية وبغير العربية ، والله تعالى عليم بقصد الداعي ومراده وإن لحن . وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - عن رجل دعا دعاء ملحونا ، فقال له رجل : لا يقبل الله دعاء ملحونا ؟ .
فأجاب : من قال هذا القول فهو آثم مخالف للكتاب والسنة ، ولما كان عليه السلف ، وأما من دعا الله مخلصا له الدين بدعاء جائز ، سمعه الله وأجاب دعاءه ، سواء كان معربا أو ملحونا . والكلام المذكور لا أصل له ؛ بل ينبغي للداعي إذا لم يكن عادته الإعراب أن لا يتكلف الإعراب . قال بعض السلف : إذا جاء الإعراب ذهب الخشوع ؛ وهنا كما يكره تكلف السجع في الدعاء فإن وقع بلا تكلف فلا بأس به ، فإن أصل الدعاء من القلب ، واللسان تابع للقلب . ومن جعل همته في الدعاء تقويم لسانه أضعف توجه قلبه ولهذا يدعوا المضطر بقلبه بدعاء يفتح عليه لا يحضره قبل ذلك . وهذا أمر يجده كل مؤمن في قلبه . والدعاء جائز بالعربية وبغير العربية ، والله سبحانه يعلم قصد الداعي ومراده وإن لم يُقَوِّم لسانه . فإنه يعلم ضجيج الأصوات بالاختلاف في اللغات على تنوع الحاجات . ا.هـ .
هذا ؛ والعلم عند الله تعالى .
ينادي ربه باللحـن ليث ... لذاك إذا دعـاه لا يجيب .ا.هـ
قلت : وأورد ابن الأزرق في ( روضة الأعلام ) قال : قال الأستاذ أبو سعيد بن لب : الدعاء علم لساني ، وتعلق قلبي ، هما مبناه ، وعليهما يدور معناه .. ثم ذكر عن الخطابي أن الرياشي قال : مر الأصمعي .. فساق الحكاية المتقدمة . قال ابن الأزرق : إلا أن الأستاذ أبا إسحاق الشاطبي - رحمه الله - تعقب هذا بأن الحكاية شعرية لا فقهية ، والاحتجاج بها إلى اللعب أقرب منه إلى الجد . قال : وأقرب ما فيه أن أحدا من العلماء لا يشترط في الدعاء ألا يلحن ، كما يشترط الإخلاص وصدق التوجه وعزم المسألة وغير ذلك من الشروط . ا.هـ .
قال مقيده عفا الله عنه : وإن كان الإعراب مما ينبغي أن يراعى دون تكلف ، لكن القول بوجوبه ليس عليه دليل من كتاب ولا سنة ، ولا يحسن الإعراب كثير من الناس ، أفيدع هؤلاء الدعاء للحنهم ؟! بل الدعاء جائز بالعربية وبغير العربية ، والله تعالى عليم بقصد الداعي ومراده وإن لحن . وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - عن رجل دعا دعاء ملحونا ، فقال له رجل : لا يقبل الله دعاء ملحونا ؟ .
فأجاب : من قال هذا القول فهو آثم مخالف للكتاب والسنة ، ولما كان عليه السلف ، وأما من دعا الله مخلصا له الدين بدعاء جائز ، سمعه الله وأجاب دعاءه ، سواء كان معربا أو ملحونا . والكلام المذكور لا أصل له ؛ بل ينبغي للداعي إذا لم يكن عادته الإعراب أن لا يتكلف الإعراب . قال بعض السلف : إذا جاء الإعراب ذهب الخشوع ؛ وهنا كما يكره تكلف السجع في الدعاء فإن وقع بلا تكلف فلا بأس به ، فإن أصل الدعاء من القلب ، واللسان تابع للقلب . ومن جعل همته في الدعاء تقويم لسانه أضعف توجه قلبه ولهذا يدعوا المضطر بقلبه بدعاء يفتح عليه لا يحضره قبل ذلك . وهذا أمر يجده كل مؤمن في قلبه . والدعاء جائز بالعربية وبغير العربية ، والله سبحانه يعلم قصد الداعي ومراده وإن لم يُقَوِّم لسانه . فإنه يعلم ضجيج الأصوات بالاختلاف في اللغات على تنوع الحاجات . ا.هـ .
هذا ؛ والعلم عند الله تعالى .