محمد عمر الضرير
New member
- إنضم
- 23/07/2007
- المشاركات
- 522
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
الشيوخ والإخوة الأفاضل: من المعلوم كقاعدة:أن الزيادة في المبنى يقابلها زيادة في المعنى، والعندية هنا بحكم اعتراضها وما تطرحه العبارات أو الجمل الاعتراضية من دلالات ومعان، تحتاج إلى توقف، ربما على غير المألوف المشهور، وتُخرِج استنباطا يحتاج إلى مزيد مناقشة وقوة بيان، حدا بي إلى طرحه بين يديكم علّ من يتفضل منكم بدراسته والحكم عليه تأييدا أو ردا بقوة حجة وعميق بيان، والأمر -إخوتي الأحبة- يتوقف على معنى العندية في الآية الكريمة، ولِمَ جاءت في هذا الموضع وما دلالات مجيئها هنا تحديدا؟!
فمما لاشك فيه أن كل حرف أو كلمة في القرآن، وضعت بميزان إلاهي ببناء رباني محكم، تحمل في مواضعها الذي وضعت فيه، معان عميقة ودلالات بيانية دقيقة، عرفها من عرفها بفضل الله وتأييده، وجهلها من جهلها لإرادة الله وحكمته، تتدخل مكونات كثيرة في بيانها، ولعل الزمن أحد هذه العناصر، والواقع -كما هو حال سبب النزول- من أركانها.
ففي الآية الكريمة { وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ ٱلْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً } الاسراء:23. ظاهرا لا يغير سياق الآية معناها خاليا من العندية، وبتتبع الكثير من التفاسير من القرن الثاني إلى قرننا الخامس عشر الهجري، لم أجد متوقفا -حتى عند من يهتم بالمعاني اللغوية والدلالات البلاغية من أهل السنة وغيرهم- عند دلالة العبارة، سوى معناها العام الظاهر المعروف المتمثل في قولهم:" خصّ حالة الكبر لأنها الحالة التي يحتاجان فيها إلى بِرّه لتغيّر الحال عليهما بالضّعف والكبر؛ فألزم في هذه الحالة من مراعاة أحوالهما أكثر مما ألزمه من قبل، لأنهما في هذه الحالة قد صارا كَلاًّ عليه، فيحتاجان أن يَلِيَ منهما في الكبر ما كان يحتاج في صغره أن يلِيَا منه؛ فلذلك خصّ هذه الحالة بالذكر. وأيضاً فطول المكث للمرء يوجب الاستثقال للمرء عادة ويحصل الملل ويكثر الضجر فيظهر غضبه على أبويه وتنتفخ لهما أوداجه، ويستطيل عليهما بدالّة البنوّة وقلّة الديانة، وأقلّ المكروه ما يظهره بتنفسه المتردَّد من الضجر. وقد أمر أن يقابلهما بالقول الموصوف بالكرامة، وهو السالم عن كل عيب فقال: «فَلاَ تَقُلْ لَهُمَا أفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً». ( والقول للإمام القرطبي ت671هـ رحمه الله، وهو أقرب المعاني التي وجدتها لما نريد قوله لمناقشته).
ولا أظن غير الإجماع في إثم من خالف المعنى العام للآية واقترف مع والديه أو أحدهما مانهت عنه، خارقا البر المأمور به اتجاههما.
ولو نظرنا إلى السنة الشريفة لانبهرنا من تركيزها في بعض نصوصها المتعددة على نفس العبارة من مثل قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:" إن كعب بن عُجْرة رضي الله عنه قال قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: " أحضروا المنبر فلما خرج رَقِيَ (إلى) المنبر، فرقي في أوّل درجة منه قال آمين ثم رقي في الثانية فقال آمين ثم لما رقي في الثالثة قال آمين، فلما فرغ ونزل من المنبر قلنا: يا رسول الله، لقد سمعنا منك اليوم شيئاً ما كنا نسمعه منك؟ قال: «وسمعتموه»؟ قلنا نعم. قال: إن جبريل عليه السلام اعترض قال: بَعُد من أدرك رمضان فلم يغفر له فقلت آمين فلما رَقِيت في الثانية قال بَعُدَ من ذُكرتَ عنده فلم يصل عليك فقلت آمين فلما رقيت في الثالثة قال بَعُدَ من أدرك عنده أبواه الكبرَ أو أحدُهما فلم يُدخلاه الجنة قلت آمين ". ( كتاب بر الوالدين صحيح البخاري رحمه الله).
ولا غرابة أوليسا من مشكاة واحدة.ولكن لماذا كل هذا الحرص على العندية؟!.
وحتى لا أطيل: فماداما في كنفك وعندك في آخر عمرهما، تأثم إثما بالغا يتلاءم مع المعاناة المادية عموما طوال فترة رعايتك في أول عمرك، والمعاناة المعنوية النفسية المؤلمة خصوصا حين انتقلوا إلى رعايتك في آخر عمرهما، بمجرد قولك أف المقصودة، وبالأولى ماتجاوزها قولا وعملا ممقوتا.
ومن منطلق مفهوم المخالفة: ماداما ليسا عندك، وأنت في رعايتهما عندهما، وهما المسؤلان عنك، فأنت خارج دائرة الإثم المغلظ، مالم تقصد وتتعمد الإساءة، وكانت أف أو رفع الصوت طارئ نفسي وغضب وقتي، تمحوه بطلب السماح منهما، ويغفره التذلل والتقرب إليهما، وهو دلال من فلذة كبدهما، قلبهما راض عنه، وعقلهما غير منكر له.
راجيا من أساتذتي وإخوتي المناقشة العلمية، ورد هذا الاستنباط محاججة، أو موافقته تدليلا، وهو تأمل لست معه أو ضده،فإن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله إن كان ثمة محظور وقعت فيه، ووفقني الله وإياكم للتأمل في كتابه العزيز في دائرة التفكر المشروع، والله الهادي إلى سواء السبيل.
الشيوخ والإخوة الأفاضل: من المعلوم كقاعدة:أن الزيادة في المبنى يقابلها زيادة في المعنى، والعندية هنا بحكم اعتراضها وما تطرحه العبارات أو الجمل الاعتراضية من دلالات ومعان، تحتاج إلى توقف، ربما على غير المألوف المشهور، وتُخرِج استنباطا يحتاج إلى مزيد مناقشة وقوة بيان، حدا بي إلى طرحه بين يديكم علّ من يتفضل منكم بدراسته والحكم عليه تأييدا أو ردا بقوة حجة وعميق بيان، والأمر -إخوتي الأحبة- يتوقف على معنى العندية في الآية الكريمة، ولِمَ جاءت في هذا الموضع وما دلالات مجيئها هنا تحديدا؟!
فمما لاشك فيه أن كل حرف أو كلمة في القرآن، وضعت بميزان إلاهي ببناء رباني محكم، تحمل في مواضعها الذي وضعت فيه، معان عميقة ودلالات بيانية دقيقة، عرفها من عرفها بفضل الله وتأييده، وجهلها من جهلها لإرادة الله وحكمته، تتدخل مكونات كثيرة في بيانها، ولعل الزمن أحد هذه العناصر، والواقع -كما هو حال سبب النزول- من أركانها.
ففي الآية الكريمة { وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ ٱلْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً } الاسراء:23. ظاهرا لا يغير سياق الآية معناها خاليا من العندية، وبتتبع الكثير من التفاسير من القرن الثاني إلى قرننا الخامس عشر الهجري، لم أجد متوقفا -حتى عند من يهتم بالمعاني اللغوية والدلالات البلاغية من أهل السنة وغيرهم- عند دلالة العبارة، سوى معناها العام الظاهر المعروف المتمثل في قولهم:" خصّ حالة الكبر لأنها الحالة التي يحتاجان فيها إلى بِرّه لتغيّر الحال عليهما بالضّعف والكبر؛ فألزم في هذه الحالة من مراعاة أحوالهما أكثر مما ألزمه من قبل، لأنهما في هذه الحالة قد صارا كَلاًّ عليه، فيحتاجان أن يَلِيَ منهما في الكبر ما كان يحتاج في صغره أن يلِيَا منه؛ فلذلك خصّ هذه الحالة بالذكر. وأيضاً فطول المكث للمرء يوجب الاستثقال للمرء عادة ويحصل الملل ويكثر الضجر فيظهر غضبه على أبويه وتنتفخ لهما أوداجه، ويستطيل عليهما بدالّة البنوّة وقلّة الديانة، وأقلّ المكروه ما يظهره بتنفسه المتردَّد من الضجر. وقد أمر أن يقابلهما بالقول الموصوف بالكرامة، وهو السالم عن كل عيب فقال: «فَلاَ تَقُلْ لَهُمَا أفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً». ( والقول للإمام القرطبي ت671هـ رحمه الله، وهو أقرب المعاني التي وجدتها لما نريد قوله لمناقشته).
ولا أظن غير الإجماع في إثم من خالف المعنى العام للآية واقترف مع والديه أو أحدهما مانهت عنه، خارقا البر المأمور به اتجاههما.
ولو نظرنا إلى السنة الشريفة لانبهرنا من تركيزها في بعض نصوصها المتعددة على نفس العبارة من مثل قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:" إن كعب بن عُجْرة رضي الله عنه قال قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: " أحضروا المنبر فلما خرج رَقِيَ (إلى) المنبر، فرقي في أوّل درجة منه قال آمين ثم رقي في الثانية فقال آمين ثم لما رقي في الثالثة قال آمين، فلما فرغ ونزل من المنبر قلنا: يا رسول الله، لقد سمعنا منك اليوم شيئاً ما كنا نسمعه منك؟ قال: «وسمعتموه»؟ قلنا نعم. قال: إن جبريل عليه السلام اعترض قال: بَعُد من أدرك رمضان فلم يغفر له فقلت آمين فلما رَقِيت في الثانية قال بَعُدَ من ذُكرتَ عنده فلم يصل عليك فقلت آمين فلما رقيت في الثالثة قال بَعُدَ من أدرك عنده أبواه الكبرَ أو أحدُهما فلم يُدخلاه الجنة قلت آمين ". ( كتاب بر الوالدين صحيح البخاري رحمه الله).
ولا غرابة أوليسا من مشكاة واحدة.ولكن لماذا كل هذا الحرص على العندية؟!.
وحتى لا أطيل: فماداما في كنفك وعندك في آخر عمرهما، تأثم إثما بالغا يتلاءم مع المعاناة المادية عموما طوال فترة رعايتك في أول عمرك، والمعاناة المعنوية النفسية المؤلمة خصوصا حين انتقلوا إلى رعايتك في آخر عمرهما، بمجرد قولك أف المقصودة، وبالأولى ماتجاوزها قولا وعملا ممقوتا.
ومن منطلق مفهوم المخالفة: ماداما ليسا عندك، وأنت في رعايتهما عندهما، وهما المسؤلان عنك، فأنت خارج دائرة الإثم المغلظ، مالم تقصد وتتعمد الإساءة، وكانت أف أو رفع الصوت طارئ نفسي وغضب وقتي، تمحوه بطلب السماح منهما، ويغفره التذلل والتقرب إليهما، وهو دلال من فلذة كبدهما، قلبهما راض عنه، وعقلهما غير منكر له.
راجيا من أساتذتي وإخوتي المناقشة العلمية، ورد هذا الاستنباط محاججة، أو موافقته تدليلا، وهو تأمل لست معه أو ضده،فإن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله إن كان ثمة محظور وقعت فيه، ووفقني الله وإياكم للتأمل في كتابه العزيز في دائرة التفكر المشروع، والله الهادي إلى سواء السبيل.