فائدة أعجبتني من تفسير القرطبي رحمه الله

إنضم
06/03/2009
المشاركات
32
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
بسم الله الرحمن الرحيم​
{ ..وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}(21)يوسف
* * * * * * * * * *
قال الحكماء في هذه الآية: " والله غالب على أمره " حيث :
* أمره يعقوب ألا يقصّ رؤياه على إخوته فغلب أمرُ الله حتى قصّ ..!
* ثم أراد إخوتُه قتلَه فغلبَ أمرُ الله حتى صار ملكاً وسجدوا بين يديه ..!
* ثم أراد الإخوةُ أن يخلو لهم وجهُ أبيهم فغلبَ أمرُ الله حتى ضاق عليهم قلبُ أبيهم,
وتذكره بعد سبعين سنة أو ثمانين سنة, فقال: { يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ } [ يوسف: 84 ]..!
* ثم تدبّروا أن يكونوا من بعده قوماً صالحين, أي تائبين, فغلب أمرُ الله حتى نسوا الذنبَِ وأصرّوا عليه
حتى أقرّوا بين يدي يوسف في آخر الأمر بعد سبعين سنة, وقالوا لأبيهم: { إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ}[ يوسف: 97 ]..!

* ثم أرادوا أنْ يخدعوا أباهم بالبكاءِ والقميص, فغلب أمر الله
فلم ينخدع, وقال: { بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ}[ يوسف: 18 ]..!

* ثم احتالوا في أن تزول محبتُه من قلْبِ أبيهم فغلبَ أمرُ الله فازدادت المحبةُ والشوقُ في قلبه..!

* ثم دبّرت امرأةُ العزيز أنها إن ابتدرته بالكلام غلبتْه
، فغلبَ أمرُ الله حتى قال العزيز: {وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ}[ يوسف: 29 ]..!

* ثم دبّر يوسف أن يتخلّص من السجن بذِكْرِ الساقي فغلبَ أمرُ الله فنسي الساقي, ولبثَ يوسف في السجن بضع سنين..!

المصدر: الجامع لأحكام القرآن نقلته للفائدة ودمتم بخير
 
فوائد جميلة ومفيدة ، ولكن السبعين سنة لا أدري من أين أتت ؟
يعني كان يوسف قد تجاوز السبعين أكيد ، بل أخوه الأصغر قد جاوز السبعين ، ولا أدري كيف قال أخوة يوسف عليه السلام لأبيهم:
(فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) يوسف (63)
يعني جاوز السبعين وليس له رأي في المسألة!!!!؟
وبعدين يعقوب عليه السلام يقول:
(قَالَ هَلْ آَمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (64) وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ (65) قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آَتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (66))
فهل هذا الذي قد تجاوز السبعين يحتاج إلى من يؤتمن عليه !!!!!!؟
وهل يحتاج إلى من يحفظه ويعود به !!!!!؟
أقول في بعض التفاسير كلام ما يصلح ، وما أدري كيف كتب وكيف مر !!!!!!!!
 
فوائد جليلة للقرطبي رحمه الله بارك الله بناقلها . وأرجو أن أثير نقطتين في الموضوع وإحالتها للنقاش:
لم أقرأ دليلاً على أن يوسف حدّث اخوته بما رأى من رؤيا. فلا أدري هل ورد ذلك في طيات التفسير أم لا؟؟
أما بالنسبة ليوسف عليه السلام فإن إخوته لم يريدوا قتله ولكنهم تشاورا في ذلك وفي النهاية أجمعوا أن يلقوه في البئر ليبقوا على حياته ليلتقطه بعض السيارة فينجو من الموت.
 
ومن الفوائد من قصة يوسف عليه السلام ما ذكره الرازي رحمه الله في تفسيره:
"ذكروا في تفسير قوله تعالى : { لّلسَّائِلِينَ إِذْ } وجوهاً :
الأول : قال ابن عباس دخل حبر من اليهود على النبي صلى الله عليه وسلم فسمع منه قراءة يوسف فعاد إلى اليهود فأعلمهم أنه سمعها منه كما هي في التوراة ، فانطلق نفر منهم فسمعوا كما سمع ، فقالوا له من علمك هذه القصة؟ فقال : الله علمني ، فنزل : { لَّقَدْ كَانَ فِى يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ ءايات لّلسَّائِلِينَ } وهذا الوجه عندي بعيد ، لأن المفهوم من الآية أن في واقعة يوسف آيات للسائلين وعلى هذا الوجه الذي نقلناه ما كانت الآيات في قصة يوسف ، بل كانت الآيات في أخبار محمد صلى الله عليه وسلم عنها من غير سبق تعلم ولا مطالعة وبين الكلامين فرق ظاهر ."
وهذا الكلام في بعضه نظر من وجوه:
الأول : أن سورة يوسف مكية نزلت كلها دفعة واحدة قبل الهجرة.
الثاني: أن قصة يوسف في كتاب اليهود اليوم " العهد القديم " تختلف عما جاء في القرآن.
" والثاني : أن أهل مكة أكثرهم كانوا أقارب الرسول عليه الصلاة والسلام وكانوا ينكرون نبوته ويظهرون العداوة الشديدة معه بسبب الحسد فذكر الله تعالى هذه القصة وبين أن إخوة يوسف بالغوا في إيذائه لأجل الحسد وبالآخرة فإن الله تعالى نصره وقواه وجعلهم تحت يده ورايته ، ومثل هذه الواقعة إذا سمعها العاقل كانت زجراً له عن الإقدام على الحسد"
"والثالث : أن يعقوب لما عبر رؤيا يوسف وقع ذلك التعبير ودخل في الوجود بعد ثمانين سنة فكذلك أن الله تعالى لما وعد محمداً عليه الصلاة والسلام بالنصر والظفر على الأعداء ، فإذا تأخر ذلك الموعود مدة من الزمان لم يدل ذلك على كون محمد عليه الصلاة والسلام كاذباً فيه فذكر هذه القصة نافع من هذا الوجه ."
وأيضا هنا نجد الرازي يقع في هذا الوهم الذي ذكره القرطبي : ثمانين سنة!! . ولا دليل عليه ، بل إن سياق القصة يدل على خلافه.

" الرابع : أن إخوة يوسف بالغوا في إبطال أمره ، ولكن الله تعالى لما وعده بالنصر والظفر كان الأمر كما قدره الله تعالى لا كما سعى فيه الأعداء ، فكذلك واقعة محمد صلى الله عليه وسلم فإن الله لما ضمن له إعلاء الدرجة لم يضره سعي الكفار في إبطال أمره . وأما قوله : { لّلسَّائِلِينَ } فاعلم أن هذه القصة فيها آيات كثيرة لمن سأل عنها ، وهو كقوله تعالى : { فِى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لّلسَّائِلِينَ } [ فصلت : 10 ] ."
 
فوائد جليلة للقرطبي رحمه الله بارك الله بناقلها . وأرجو أن أثير نقطتين في الموضوع وإحالتها للنقاش:
لم أقرأ دليلاً على أن يوسف حدّث اخوته بما رأى من رؤيا. فلا أدري هل ورد ذلك في طيات التفسير أم لا؟؟
أما بالنسبة ليوسف عليه السلام فإن إخوته لم يريدوا قتله ولكنهم تشاورا في ذلك وفي النهاية أجمعوا أن يلقوه في البئر ليبقوا على حياته ليلتقطه بعض السيارة فينجو من الموت.
الذي يتبادر إلى الذهن من ظاهر القرآن الكريم أنهم علموا بتلك الرؤيا بطريق أو بآخر ؛ إذ المتدبر يتضح له أن هناك علاقة قوية بين شدة العداوة منهم وبين تلك الرؤيا ..
كما أن الظاهر أنهم أرادوا قتله قبل إلقائه في البئر ؛ وحتى عند إلقائه فيها ؛ بل وحتى في عذرهم لأبيهم بعد ذلك .
أما ما وقع بعد ذلك فهو من رأي بعضهم وربما كان كبيرهم .
والقرآن الكريم صريح في ذلك في قوله تعالى : "قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف ..." فهي صريحة في كل ذلك .
والله تعالى أعلم .
 
التأمل في الآيات يدفعني إلى القول إلى أن يوسف عليه السلام لم يتحدث برؤياه لغير أبيه ، وهذا ما تدل عليه شخصية يوسف عليه السلام حيث كان يتصف بالنباهة والذكاء وحسن التصرف طوال أحداث القصة ، ومن كان بهذه المنزلة فإني استبعد أن لا يحفظ وصية أبيه يعقوب عليه السلام ، والتي تشير هي أيضا إلى ذكاء يوسف وفطنته ، لأن الكلام الشريف والحكيم والبليغ لا يتوجه به العاقل إلا إلى من يتوسم فيه الفهم والإدراك ومن ثم الانتفاع :
(قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (5) وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آَلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (6)) يوسف.

هذا أمر.
والأمر الثاني: نجد أن القرآن قد أشار إلى السبب وراء تصرف إخوة يوسف بوضوح وجلاء ، ولم يعلقه على غيره ، وهذا أمر يجب أن يتنبه له علماء التربية وعلماء النفس والآباء فهو من الأمور الهامة في جوانب التربية :
(إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) يوسف(8)
إنها الغيرة وعدم الرضى عن تصرف الأب وربما كان عن سوء فهم لمشاعره وهذا الذي نظنه بنبي من أنبياء الله الكرماء ، هو الدافع وراء عزم إخوة يوسف للتخلص منه.
هذه وجهة نظر ربما خالفت بها وجهة نظر أخينا الفاضل إبراهيم ، واختلاف وجهات النظر لا تفسد للود قضية.
وأقول إن تدارس مثل هذه الأمور هو يبقينا على صلة بالقرآن وتفسيره ويوصلنا إلى الفهم الصحيح.
بارك الله في الجميع
وصلى الباري على سيدنا محمد
 
أولا : ينبغي قبل الرد على كلام قراءته بتمعن وفهم مراد المتكلم حتى يكون النقاش مفيدا وعلميا .
أنا لم أقل إن يوسف عليه الصلاة والسلام تكلم برؤياه لغير يعقوب عليه الصلاة والسلام ؛ وإنما قلت إن إخوته علموا بأمر الرؤيا بطرق من الطرق الله أعلم بها ؛ ويتضح ذلك من ربط شدة العداوة بتلك الرؤيا "لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا" وقد تقرر في علم الأصول أن الفاء للتعليل أي يكيدوا لك كيدا بسبب تلك الرؤيا كما هو معلوم .
ثانيا : مجرد ادعائهم أن يعقوب عليه الصلاة والسلام كان يؤثر يوسف عليهم الإيثار المنهي عنه شرعا لا يصدقون فيه ؛ والأولى اتهامهم بالكذب في هذه ؛ وحسن الظن بنبي الله يعقوب عليه الصلاة والسلام أنه لم يكن ليؤثر بعض بنيه على بعض إلا بسبب شرعي مقبول ..
ولذلك تجد القرآن الكريم عبر بقوله : "إذ قالوا ليوسف " فأسند القول إليه.
والخلاف إذا كان بعرض أدلة شرعية بعيدا عن الشخصنة فهو أمر محمود يفرح به كل مؤمن ؛ ويستفيد من إخوانه في جو إيماني أخوي هو بحاجة إليه بين الفينة والأخرى .
وفقني الله وإياك وجميع المسلمين لما يحبه ويرضاه .
 
وحتى تكتمل الفائدة

وحتى تكتمل الفائدة


وحتى تكتمل الفائدة ، أنقل لكم كلام الرازي رحمه الله حول الدافع وارء تصرف إخوة يوسف عليه السلام:

"ثم قال تعالى : { إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ } وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : قوله : { لِيُوسُفَ } اللام لام الابتداء ، وفيها تأكيد وتحقيق لمضمون الجملة . أرادوا أن زيادة محبته لهما أمر لا شبهة فيه وأخوه هو بنيامين ، وإنما قالوا أخوه ، وهم جميعاً إخوة لأن أمهما كانت واحدة والعصبة والعصابة العشرة فصاعداً ، وقيل إلى الأربعين سموا بذلك لأنهم جماعة تعصب بهم الأمور ، ونقل عن علي عليه السلام أنه قرأ { وَنَحْنُ عُصْبَةٌ } بالنصب قيل : معناه ونحن نجتمع عصبة .

المسألة الثانية : المراد منه بيان السبب الذي لأجله قصدوا إيذاء يوسف ، وذلك أن يعقوب كان يفضل يوسف وأخاه على سائر الأولاد في الحب وأنهم تأذوا منه لوجوه : الأول : أنهم كانوا أكبر سناً منهما . وثانيها : أنهم كانوا أكثر قوة وأكثر قياماً بمصالح الأب منهما . وثالثها : أنهم قالوا إنا نحن القائمون بدفع المفاسد والآفات ، والمشتغلون بتحصيل المنافع والخيرات . إذا ثبت ما ذكرناه من كونهم متقدمين على يوسف وأخيه في هذه الفضائل ، ثم إنه عليه السلام كان يفضل يوسف وأخاه عليهم لا جرم قالوا : { إِنَّ أَبَانَا لَفِى ضلال مُّبِينٍ } يعني هذا حيف ظاهر وضلال بين . وههنا سؤالات :

السؤال الأول : إن من الأمور المعلومة أن تفضيل بعض الأولاد على بعض يورث الحقد والحسد ، ويورث الآفات ، فلما كان يعقوب عليه السلام عالماً بذلك فلم أقدم على هذا التفضيل وأيضاً الأسن والأعلم والأنفع أفضل ، فلم قلب هذه القضية؟
والجواب : أنه عليه السلام ما فضلهما على سائر الأولاد إلا في المحبة ، والمحبة ليست في وسع البشر فكان معذوراً فيه ولا يلحقه بسبب ذلك لوم .

السؤال الثاني : أن أولاد يعقوب عليه السلام إن كانوا قد آمنوا بكونه رسولاً حقاً من عند الله تعالى فكيف اعترضوا عليه ، وكيف زيفوا طريقته وطعنوا في فعله ، وإن كانوا مكذبين لنبوته فهذا يوجب كفرهم .
والجواب : أنهم كانوا مؤمنين بنبوة أبيهم مقرين بكونه رسولاً حقاً من عند الله تعالى ، إلا أنهم لعلهم جوزوا من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أن يفعلوا أفعالاً مخصوصة بمجرد الاجتهاد ، ثم إن اجتهادهم أدى إلى تخطئة أبيهم في ذلك الاجتهاد ، وذلك لأنهم كانوا يقولون هما صبيان ما بلغا العقل الكامل ونحن متقدمون عليهما في السن والعقل والكفاية والمنفعة وكثرة الخدمة والقيام بالمهمات وإصراره على تقديم يوسف علينا يخالف هذا الدليل . وأما يعقوب عليه السلام فلعله كان يقول : زيادة المحبة ليست في الوسع والطاقة ، فليس لله علي فيه تكليف . وأما تخصيصهما بمزيد البر فيحتمل أنه كان لوجوه :
أحدها : أن أمهما ماتت وهما صغار .
وثانيها : لأنه كان يرى فيه من آثار الرشد والنجابة ما لم يجد في سائر الأولاد.
وثالثها : لعله عليه السلام وإن كان صغيراً إلا أنه كان يخدم أباه بأنواع من الخدم أشرف وأعلى بما كان يصدر عن سائر الأولاد ، والحاصل أن هذه المسألة كانت اجتهادية ، وكانت مخلوطة بميل النفس وموجبات الفطرة ، فلا يلزم من وقوع الاختلاف فيها طعن أحد الخصمين في دين الآخر أو في عرضه .

السؤال الثالث : أنهم نسبوا أباهم إلى الضلال المبين ، وذلك مبالغة في الذم والطعن ، ومن بالغ في الطعن في الرسول كفر ، لا سيما إذا كان الطاعن ولداً فإن حق الأبوة يوجب مزيد التعظيم .
والجواب : المراد منه الضلال عن رعاية المصالح في الدنيا لا البعد عن طريق الرشد والصواب .
السؤال الرابع : أن قولهم : { لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا } محض الحسد ، والحسد من أمهات الكبائر ، لا سيما وقد أقدموا على الكذب بسبب ذلك الحسد ، وعلى تضييع ذلك الأخ الصالح وإلقائه في ذل العبودية وتبعيده عن الأب المشفق ، وألقوا أباهم في الحزن الدائم والأسف العظيم ، وأقدموا على الكذب فما بقيت خصلة مذمومة ولا طريقة في الشر والفساد إلا وقد أتوا بها ، وكل ذلك يقدح في العصمة والنبوة .
والجواب : الأمر كما ذكرتم ، إلا أن المعتبر عندنا عصمة الأنبياء عليهم السلام في وقت حصول النبوة . وأما قبلها فذلك غير واجب والله أعلم ."

وإن كان لي تعليق على كلام الرازي فهو:
لماذا لا يكون تصرف الإخوة بدافع الغيرة المبنية على خطأ في التصور ومن ثم ترتب عليه الخطأ في التصرف ؟
ملحوظة:
هذه التكملة أعددتها قبل أن أرى تعقيب أخينا إبراهيم ، وأرى أنني ولله الحمد أتفق معه في موقف نبي الله يعقوب عليه السلام.
لكن في النواحي التربوية يجب التنبه لمثل هذه التصورات التي ربما تكون باطلة ، ومحاولة علاجها وانتزاعها من نفوس أصحابها ، واعتقد أن هذا منهج نبوي شريف قد دلت عليه جملة من أحاديث نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم.

 
جزاك الله خيرا على هذا النقل المفيد عن الرازي ؛ ولكن عندي على ما قاله ملاحظات :
1 - من أين له أن التفضيل بين الإخوة قد وقع من يعقوب أصلا ؟
ليس عندنا من دليل سوى تهمة من إخوة يوسف .
2 - لو فرضنا أن التفضيل كما قال الرازي كان في المحبة فقط ومحلها القلب ؛ فكيف عرف به الإخوة وسبب لهم ما سبب ؟
وأما ما وقع من الإخوة فهو من كبائر الذنوب ؛ ولا يعتذر عنه إلا باستغفار أبيهم وعفو أخيهم ودعائه بالمغفرة لهم على قول بذلك "يغفر الله لكم"
 
إخوة يوسف كانوا على حسد له قبل الرؤيا وبعدها . بدليل أن يعقوب عليه السلام طلب من يوسف أن يكتم أمر الرؤيا عن اخوته . وهذا يدل على علم يعقوب لحالهم وأخلاقهم. وحساسيتهم وحسدهم ليوسف حتى لرؤيا يراها وهو نائم . وعلى ذلك فإن كيدهم له لم يكن بسبب الرؤيا. بل هو من عند أنفسهم قبل الرؤيا وبعدها . والله اعلم.
 
ماشاء الله تبارك الله زادكم الله من فضله يا أهل التفسير الكرام وجزاكم الله عنا خيـــــــــرا
 
إخوة يوسف كانوا على حسد له قبل الرؤيا وبعدها . بدليل أن يعقوب عليه السلام طلب من يوسف أن يكتم أمر الرؤيا عن اخوته . وهذا يدل على علم يعقوب لحالهم وأخلاقهم. وحساسيتهم وحسدهم ليوسف حتى لرؤيا يراها وهو نائم . وعلى ذلك فإن كيدهم له لم يكن بسبب الرؤيا. بل هو من عند أنفسهم قبل الرؤيا وبعدها . والله اعلم.

لا تغضب علينا الفاء يا تيسير ؛ فهي لن تقبل بهذا ؛ نعم قد نقنعها بأن تكون الرؤيا مؤكدة لا مؤسسة للعداوة ؛ أما حيادها فأراها تتجهم منه وتنزعج .
 
لا تخضع العربية وتقحمها دوماً فيما أُشكل من تفسير فسوف يغضب عليك من تقدم وتأخر من العلماء يا ابراهيم .ليست العربية دوماً هي المفتاح للتفسير . مع أنه لا غنى عنها البتة.
 
وإذا تحالفت العربية والتفسير والأصول والحديث ؛ فمن ذا الذي سيغضب ؟
 
هل من مزيد ؟!

هل من مزيد ؟!

جزاكم الله خيراً ..

وهنا سؤال عن ترك المعاقبة على التفريط
وهل أغلق يعقوب عليه السلام ملف القضية بقوله:
{ بل سولت لكم أنفسكم أمراً فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون }
دون متابعة أو تحقيق
وما دلائل ذلك ؟
 
جزاكم الله خيراً ..

وهنا سؤال عن ترك المعاقبة على التفريط
وهل أغلق يعقوب عليه السلام ملف القضية بقوله:
{ بل سولت لكم أنفسكم أمراً فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون }
دون متابعة أو تحقيق
وما دلائل ذلك ؟
لا أظن، أبا تيماء أن يعقوب عليه السلام أغلق ملف القضية . بدليل أنه طلب منهم لاحقاً أن يتحسسوا من يوسف وأخيه وهذا دلبل على أنه لم يقتنع بقصة أن الذئب قد أكله والتي اختلقوها آنفاً. يقول الله تعالى: يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87)ز
وايضاً حينما جاء اخوة يوسف بالقميص بادرهم بقوله: إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ (94)والذي يغلق ملفاً كهذا لا يقول مثل هذا الكلام الذي يشير الى التأكيد والإصرار في ظهور يوسف عليه السلام كان ملازماً ليعقوب طيلة هذه الفترة. والله أعلم.
 
ما اجملها من فوائد وما ابهاها من درر جزاك الله كل خير اخي ريان اللويمي
 
حييت أخي الغالي وأستاذي الفاضل تيسير
وسأخاطبك بطريقتك التي عهدت ..

ليس استفساري عما فعله - عليه السلام - لاحقاً أو عَلِمه بالفراسة أو الوحي ولا حتى اعترافهم فيما بعد

إنما السؤال: لِم لمَ يباشر البحث بعد مجيئهم عشاءاً وقد صرح بعدم قبول دعواهم

وركونه إلى الصبر والاستعانة بالله دون المحاسبة وتحرّي الأدلة والقضاء و..

قد يُجاب بأن ذاك قدر وقد حصل ، ولا نختلف في ذلك

لكن ما دلالات تلك المعاملة وفوائدها

نفع الله بكم
 
حييت أخي الغالي وأستاذي الفاضل تيسير
وسأخاطبك بطريقتك التي عهدت ..

ليس استفساري عما فعله - عليه السلام - لاحقاً أو عَلِمه بالفراسة أو الوحي ولا حتى اعترافهم فيما بعد

إنما السؤال: لِم لمَ يباشر البحث بعد مجيئهم عشاءاً وقد صرح بعدم قبول دعواهم

وركونه إلى الصبر والاستعانة بالله دون المحاسبة وتحرّي الأدلة والقضاء و..

قد يُجاب بأن ذاك قدر وقد حصل ، ولا نختلف في ذلك

لكن ما دلالات تلك المعاملة وفوائدها

نفع الله بكم
سؤالكم وجيه ويستحق البحث أكثر مما تنتجه الخواطر. ولا أظن أن أحدا من المفسرين قد تطرق لهذه النقطة بالذات حسب علمي المتواضع. وفي نفسي شيء من إجابة ربما تصلح لانطلاقة بحث للوصول الى المبتغى. وهي أن يعقوب عليه السلام نبي موحى اليه . والوحي هو الذي يخبره ما يفعله وما لا يفعله . وما الذي ينبغي أن يتحراه أو لا يتحراه.وقد يكون الوحي قد أخبره بما حصل ليوسف وما فعلوه به اخوانه.قد يكون ذلك أمراً من عند الله تعالى ليحدث أمراً كان مفعولاً. والله أعلم.
 
القرآن يطوي الأحداث التي لا فائدة في ذكرها.
ويعقوب عليه السلام قد أول الرؤيا التي قصها يوسف عليه السلام.
ورؤيا الأنبياء حق وصدق ، وتأويل يعقوب عليه السلام حق وصدق.
وماذا عساه أن يفعل وقد جاءه أبناؤه عشاء يبكون و جاءوا بقميص يوسف عليه السلام وعليه دم كذب ، وقالوا أن الذئب قد أكله.
يعقوب عليه السلام لا يخفى عليه أمر الذئاب وماذا يمكن أن تفعل ، ألم يبق من يوسف عليه السلام إلا قميصه ؟
هل جرده الذئب من القميص وتركه وحمل جسد يوسف بعيدا؟
أم أكله في مكانه ولم يبق منه عصبا ولا عظما ؟
وإن صدقت التفاسير فإن القميص كان سليما لم تنل منه أنياب الذئب ومخالبه ، لا شك أن يعقوب عليه السلام قد لاحظ ذلك.
لقد أضرب يعقوب عليه السلام عن القصة بكاملها ، وقال:
(بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ) يوسف(18)
وربما أنه قد حقق معهم وربما أنهم قد أخبروه بالحقيقة ، فماذا عسى شيخ كبير مثل يعقوب أن يفعل ؟
يذهب في الفيافي والقفار والقرى والأمصار يبحث عن يوسف ؟
لقد استسلم لأمر الله منتظرا لعل الله أن يبلغه وقت تحقق رؤيا يوسف عليه السلام ، وقد قال الله تعالى عنه:
(...وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) يوسف(68)
وعليه لا يمكن أن ننزل الأحداث المشابهة على هذه الحادثة لأن لكل حادثة ظروف تحكمها ، ظروف المكان والزمان والأشخاص.
والله أعلم.
 
هل أغلق يعقوب عليه السلام ملف القضية ؟
سؤال أخينا الفاضل أبي تيماء ، يأبى الرازي رحمه الله إلا أن يجيب عليه فيقول:

"وههنا بحث وهو أن الصبر على قضاء الله تعالى واجب فأما الصبر على ظلم الظالمين ، ومكر الماكرين فغير واجب ، بل الواجب إزالته لا سيما في الضرر العائد إلى الغير ، وههنا أن إخوة يوسف لما ظهر كذبهم وخيانتهم فلم صبر يعقوب على ذلك؟ ولم لم يبالغ في التفتيش والبحث سعياً منه في تخليص يوسف عليه السلام عن البلية والشدة إن كان في الأحياء وفي إقامة القصاص إن صح أنهم قتلوه ، فثبت أن الصبر في المقام مذموم .
ومما يقوي هذا السؤال أنه عليه الصلاة والسلام كان عالماً بأنه حي سليم لأنه قال له : { وكذلك يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأحاديث } [ يوسف : 6 ],والظاهر أنه إنما قال هذا الكلام من الوحي وإذا كان عالماً بأنه حي سليم فكان من الواجب أن يسعى في طلبه . وأيضاً إن يعقوب عليه السلام كان رجلاً عظيم القدر في نفسه ، وكان من بيت عظيم شريف ، وأهل العلم كانوا يعرفونه ويعتقدون فيه ويعظمونه فلو بالغ في الطلب والتفحص لظهر ذلك واشتهر ولزال وجه التلبيس فما السبب في أنه عليه السلام مع شدة رغبته في حضور يوسف عليه السلام ، ونهاية حبه له لم يطلبه مع أن طلبه كان من الواجبات ، فثبت أن هذا الصبر في هذا المقام مذموم عقلاً وشرعاً؟
والجواب عنه : أن نقول لا جواب عنه إلا أن يقال إنه سبحانه وتعالى منعه عن الطلب تشديداً للمحنة عليه ، وتغليظاً للأمر عليه ، وأيضاً لعله عرف بقرائن الأحوال أن أولاده أقوياء وأنهم لا يمكنونه من الطلب والتفحص ، وأنه لو بالغ في البحث فربما أقدموا على إيذائه وقتله ، وأيضاً لعله عليه السلام علم أن الله تعالى يصون يوسف عن البلاء والمحنة وأن أمره سيعظم بالآخرة ، ثم لم يرد هتك أستار سرائر أولاده وما رضي بإلقائهم في ألسنة الناس وذلك لأن أحد الولدين إذا ظلم الآخر وقع الأب في العذاب الشديد لأنه إن لم ينتقم يحترق قلبه على الولد المظلوم وإن انتقم فإنه يحترق قلبه على الولد الذي ينتقم منه ، فلما وقع يعقوب عليه السلام في هذه البلية رأى أن الأصوب الصبر والسكوت وتفويض الأمر إلى الله تعالى بالكلية ."

وتكميلا للفائدة إليكم كلامه في بقية الآية:
"المسألة الرابعة : قوله تعالى : { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ } يدل على أن الصبر على قسمين منه ما قد يكون جميلاً وما قد يكون غير جميل ، فالصبر الجميل هو أن يعرف أن منزل ذلك البلاء هو الله تعالى ، ثم يعلم أن الله سبحانه مالك الملك ولا اعتراض على المالك في أن يتصرف في ملك نفسه فيصير استغراق قلبه في هذا المقام مانعاً له من إظهار الشكاية .
والوجه الثاني : أنه يعلم أن منزل هذا البلاء ، حكيم لا يجهل ، وعالم لا يغفل ، عليم لا ينسى رحيم لا يطغى ، وإذا كان كذلك ، فكان كل ما صدر عنه حكمة وصواباً ، فعند ذلك يسكت ولا يعترض .
والوجه الثالث : أنه ينكشف له أن هذا البلاء من الحق ، فاستغراقه في شهود نور المبلى يمنعه من الاشتغال بالشكاية عن البلاء ولذلك قيل : المحبة التامة لا تزداد بالوفاء ولا تنقص بالجفاء ، لأنها لو ازدادت بالوفاء لكان المحبوب هو النصيب والحظ وموصل النصيب لا يكون محبوباً بالذات بل بالعرض ، فهذا هو الصبر الجميل . أما إذا كان الصبر لا لأجل الرضا بقضاء الحق سبحانه بل كان لسائر الأغراض ، فذلك الصبر لا يكون جميلاً ، والضابط في جميع الأفعال والأقوال والاعتقادات أن كل ما كان لطلب عبودية الله تعالى كان حسناً وإلا فلا ، وههنا يظهر صدق ما روي في الأثر «استفت قلبك ، ولو أفتاك المفتون» فليتأمل الرجل تأملاً شافياً ، أن الذي أتى به هل الحاصل والباعث عليه طلب العبودية أم لا ؟ فإن أهل العلم لو أفتونا بالشيء مع أنه لا يكون في نفسه كذلك لم يظهر منه نفع ألبتة . ولما ذكر يعقوب قوله : { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ } قال : { والله المستعان على مَا تَصِفُونَ } والمعنى : أن إقدامه على الصبر لا يمكن إلا بمعونة الله تعالى ، لأن الدواعي النفسانية تدعوه إلى إظهار الجزع وهي قوية والدواعي الروحانية تدعوه إلى الصبر والرضا ، فكأنه وقعت المحاربة بين الصنفين ، فما لم تحصر إعانة الله تعالى لم تحصل الغلبة ، فقوله : { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ } يجري مجرى قوله : { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } [ الفاتحة : 5 ] وقوله : { والله المستعان على مَا تَصِفُونَ } يجري مجرى قوله : { وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } [ الفاتحة : 5 ] ."

كلام جميل ونفيس.
 
أسعد الله قلبك يا أبا سعد ..
كل هذا قد سطر قبل قرون !

وما زال الشيطان يحرّش بيننا

حتى ضيّعنا هذه الكنوز !
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلاّ أنت نستغفرك ونتوب إليك
 
عودة
أعلى