محب البشير
New member
بسم الله الرحمان الرحيم
كثير من الآيات نقرأها و نكررها، ثم يفتح الله فيها من الفهم ما لم يكن يدركه القارئ قبل ذلك، و قد يكون هذا الفهم واضحا و بديهيا لغيره، لكن صاحبه يحس بفرحة تغمره لأنه عقل عن الله كلامه. من هذا القبيل ما حدث لي و انا أقرأ سورة الكهف - و التي من السنة أن نقرأها كل جمعة - استوقفتني آية ( فأعينوني بقوة أجعل بينكم و بينهم ردما )
وقد أوقفتني فيها مسألتان :
الأولى : لم قال فأعينوني بقوة ؟ حيث أنه من المعلوم أن من غزا مشرق الأرض و مغربها حتى بلغ بين السدين لديه من الجيوش ما يكفيه لبناء السد و غيره، فمالحكمة من قوله ( فأعينوني ) ؟
قد يكون و العلم عند الله - وهذا رأي فردي قابل للخطأ - :
لأنّه أراد أن يعلمهم أنه مهما بلغ من العظمة و السلطان فإنه يبقى بشرا ضغيفا يطلب العون و يسأله
أو لئلا يحرجهم ببنائه وحده فيظلون ممتنين له مرتبطين به فسألهم إعانته حتى إذا اكتمل فإنهم يرون ثمرة عملهم و جهدهم فيكون بذلك أقر لأعينهم و أبهج لنفوسهم و أنكى لعدوهم
أو لعله أراد أن يعلمهم أن مثل هذه الأعمال متوقفة على العمل الجماعي مهما كانت قوة المرء الفردية
أو لأنهم أعلم بما يوجد في بلدهم و هذا يؤيده قوله ( آتوني زبر الحديد ) فهو لو أراد بنائه بمفرده لما اهتدى بسهولة لمكان زبر الحديد و غير ذلك
فكل هذه المهاني يحتملها لفظ فأعينوني بقوة، و قد راجعت قبل تحرير مشاركتي كتب التفاسير فألفيت تفسير الإمام الطاهر بن عاشور قد تطرق لبعض هذه المعاني و الحمد لله .
الثاني : هم طلبوا منه سدا و هو أراد ردما، فلماذا ؟
السد و الردم في اللغة متقاربان، ويزيد الردم في كونه سدا مضاعفا، قال الإمام الطاهر بن عاشور : ( والردم: البناء المردم. شبه بالثؤب المردم المؤتلف من رقاع فوق رقاع. أي سدا مضاعفا. ولعله بني جدارين متباعدين وردم الفراغ الذي بينهما بالتراب المخلوط ليتعذر نقيبه )
فالجواب أن يقال - و العلم عند الله - أن هذا من باب سألته على قدري فأعطاني على قدره و هذا من أخلاق الكرام . و العلم عند الله تعالى