فأعينوني بقوة

محب البشير

New member
إنضم
14/04/2010
المشاركات
64
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
الجزائر العاصمة
بسم الله الرحمان الرحيم​
كثير من الآيات نقرأها و نكررها، ثم يفتح الله فيها من الفهم ما لم يكن يدركه القارئ قبل ذلك، و قد يكون هذا الفهم واضحا و بديهيا لغيره، لكن صاحبه يحس بفرحة تغمره لأنه عقل عن الله كلامه.
من هذا القبيل ما حدث لي و انا أقرأ سورة الكهف - و التي من السنة أن نقرأها كل جمعة - استوقفتني آية ( فأعينوني بقوة أجعل بينكم و بينهم ردما )
وقد أوقفتني فيها مسألتان :
الأولى : لم قال فأعينوني بقوة ؟ حيث أنه من المعلوم أن من غزا مشرق الأرض و مغربها حتى بلغ بين السدين لديه من الجيوش ما يكفيه لبناء السد و غيره، فمالحكمة من قوله ( فأعينوني ) ؟
قد يكون و العلم عند الله - وهذا رأي فردي قابل للخطأ - :
لأنّه أراد أن يعلمهم أنه مهما بلغ من العظمة و السلطان فإنه يبقى بشرا ضغيفا يطلب العون و يسأله
أو لئلا يحرجهم ببنائه وحده فيظلون ممتنين له مرتبطين به فسألهم إعانته حتى إذا اكتمل فإنهم يرون ثمرة عملهم و جهدهم فيكون بذلك أقر لأعينهم و أبهج لنفوسهم و أنكى لعدوهم
أو لعله أراد أن يعلمهم أن مثل هذه الأعمال متوقفة على العمل الجماعي مهما كانت قوة المرء الفردية
أو لأنهم أعلم بما يوجد في بلدهم و هذا يؤيده قوله ( آتوني زبر الحديد ) فهو لو أراد بنائه بمفرده لما اهتدى بسهولة لمكان زبر الحديد و غير ذلك
فكل هذه المهاني يحتملها لفظ فأعينوني بقوة، و قد راجعت قبل تحرير مشاركتي كتب التفاسير فألفيت تفسير الإمام الطاهر بن عاشور قد تطرق لبعض هذه المعاني و الحمد لله .
الثاني : هم طلبوا منه سدا و هو أراد ردما، فلماذا ؟
السد و الردم في اللغة متقاربان، ويزيد الردم في كونه سدا مضاعفا، قال الإمام الطاهر بن عاشور : ( والردم: البناء المردم. شبه بالثؤب المردم المؤتلف من رقاع فوق رقاع. أي سدا مضاعفا. ولعله بني جدارين متباعدين وردم الفراغ الذي بينهما بالتراب المخلوط ليتعذر نقيبه )
فالجواب أن يقال - و العلم عند الله - أن هذا من باب سألته على قدري فأعطاني على قدره و هذا من أخلاق الكرام . و العلم عند الله تعالى
 
بارك الله فيك
كلام جميل
وطلب ذي القرنين من القوم الإعانة لا غرابة فيه لأنهم هم أصحاب الحاجة وقد رفض ما عرضوه عليه من الخرج " المال" ، وليس من الحكمة تسخير جنده للبناء بينما أهل الحاجة يتفرجون.
 
الإخوة الأفاضل جزاكم الله خيرا ، وزادكم علما

يقول الله تعالى : { قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً * قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً}الكهف 94-95

اقترح القوم على ذي القرنين خرجا : وهو قدر من المال يعطونه لذي القرنين مقابل بناء السد .
امتنع عن أخذ المال لأن الله مكن له في الأرض وهو في غنى عن هذه الأموال . لكن يحتاج إلى القوة العضلية للعمل والبناء .
كما أن بخبرته التقنية استبدل السد بالردم .
فالسد هو الحاجز، و الردم أقوى من السد المقترح . حيث بنى جدارين متباعدين وردم الفراغ الذي بينهما بالحديد المذاب على النار مخلوطا بالنحاس فكان سدا منيعا قادرا على المقاومة آلاف السنين إلى أن يأتي وعد الله .
والله أعلم

 
سد يأجوج ومأجوج

سد يأجوج ومأجوج

بارك الله بجميع من تفضل وأضاف معلومة أو زاد فهماً . وأحب أن أضيف حول مفهوم السد والردم ما هو آت:
يقول الله تعالى في سورة الكهف:
قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا .
لقد طلبوا من ذي القرنين أن يبني لهم سداً فقال لهم سأجعل بينكم وبينهم ردماً؟ فهل السد هو الردم؟ ولماذا لم يجبهم الى ما سألوه ؟ أي لماذا لم يقل سأبني لكم سداً كما طلبوا؟؟​
هو سد من ناحية يأجوج ومأجوج وردم من ناحية القوم الذين لا يكادون يفقهون قولاً. فالله تعالى يقول(فما اسطاعوا أن يظهروه) أي لم يستطيعوا أن يتسلقونه لأنه مرتفع من ناحيتهم بعكس الردم الذي يرتفع بشكل تصاعدي سهل الاجتياز فيصلون حافته وينظرون نحو الاسفل ويراقبون تحركات يأجوج ومأجوج دون تعرضهم للخطر بالتسلق ولا يستطيعون نقب الردم لأنه ضخم كبير عريض . وهذه الطريقة التي استخدمها ذو القرنين فيها قمّة الهندسة والبراعة في الاتقان . حيث يعجز عنها أمهر المهندسين .هذا والله تعالى أعلم والحمد لله رب العالمين.​
والردم: هو حاجز السدّ،فإن لكل سد ردم . وليس كل ردم سد . فالردم على اطلاقه ليس سداً والسد المنيع لا بد له من ردم يدفع عنه الثقل ويزيد فيه المتانة والقوة . والردم لا يكون عمودياً لأنه يكون سهل التسلّق ولكن السد عمودي يصعب تسلّقه
في مختصر تفسير يحيى بن سلام قال: قال محمد : (الردم في اللغة أكثر من السد لأن الردم ما جعل بعضه على بعض ويقال لكل ما كان مسدودا خلقة سد وما كان من عمل الناس فهو سد بالفتح ).
أي أن ذا القرنين زاد على السد الذي طلبوه ببناء ردم خلفه ليكون عمله أتقن ,واعظم أجراً
قال القرطبي:الردم أبلغ من السد إذ السد كل ما يسد به والردم وضع الشيء على الشيء من حجارة أو تراب أو نحوه حتى يقوم من ذلك حجاب منيع ومنه ردم ثوبه إذا رقعه برقاع متكاثفة بعضها فوق بعض.

.والله أعلم

 
يقول تعالى في سورة الكهف :

[ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً{92} حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْماً لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً{93} قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً{94} قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً{95} آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً{96} فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً{97} قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً{98} وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً{99}]

يقول الشعراوي :
((السد: هو الحاجز بين شيئين، والحاجز قد يكون أمراً معنوياً، وقد يكون طبيعياً محسوساً كالجبال، فالمراد بالسدين هنا جبلان بينهما فجوة، وما دام قد قال: { بَيْنَ السَّدَّيْنِ } فالبَيْن هنا يقتضي وجود فجوة بين السدين يأتي منها العدو.
...{ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا.. } [الكهف: 93] أي: تحتهما
...ويأجوج ومأجوج قوم خَلْف السدين أو الجبلين، ينفذون إليهم من هذه الفجوة، فيؤذونهم ويعتدون عليهم؛ لذلك عرضوا عليه أن يجعلوا له { خَرْجاً } أي: أجراً وخراجاً يدفعونه إليه على أنْ يسدَّ لهم هذه الفجوة، فلا ينفذ إليهم أعداؤهم.
...ساوى بين الصدفين. أي: ساوى الحائطين الأمامي والخلفي بالجبلين))
جاء في الحديث :
[عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا مر بهدف مائل أو صدف مائل أسرع المشي](1)

استنتاج :
معنى هذا أنه بنى حائطين أمامي وخلفي حيث سواهما بالجبلين أغلق بهما الفجوة التي ينفذ منها يأجوج ومأجوج وجعل هذين الحائطين كالقالب حيث ملأ الفراغ الذي بينهما بالحديد المذاب مع النحاس الذي هو عبارة عن ردم لأنه ملئ على مراحل طبقة بعد طبقة ، فأصبح حاجزا عاليا وصلبا صالحا للمقاومة آلاف السنين إلى أن يأتي أمر الله .

والله أعلم
*************************************************

1- الراوي: يحيى بن أبي كثير المحدث: البيهقي - المصدر: شعب الإيمان - الصفحة أو الرقم: 2/580
خلاصة حكم المحدث: مرسل






 
عودة
أعلى