عَقَبَاتٌ تواجه قَارئ الْمُخْتَصَر فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ

إنضم
21/12/2015
المشاركات
1,712
مستوى التفاعل
13
النقاط
38
الإقامة
مصر
عَقَبَاتٌ تواجه قَارئ الْمُخْتَصَر فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ
الحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، ونَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، ونَعُوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ أنفُسِنَا، وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ الله، فَلا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ له، وأَشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ الله، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عبدُه وَرَسُولُهُ".
أولا : ليرضَ اللهُ عن كلِّ من شَارك في هذا التفسير المُبارك .........
ولقد أعجبَ كلُ ناظرٍ بهذا الإعدادِ الفريدِ المسئول – وهذه ثمرتُه :
وقد كلَّف المركزُ الشيخ سيد محمَّد بن محمد المختار الشنقيطيَّ بكتابةِ متن التفسير كتابةً أوليَّةً، كما أسنَد إليه أيضًا وإلى الأستاذ الدكتور زيد بن عمر العيص -أستاذ الدراسات القرآنية بجامعة الملك سعود سابقًا- بكتابة فوائد الآيات وهداياتها فتقاسماها مناصفةً، وإلى الشيخ الدكتور محمد بن عبد الله الربيعة -الأستاذ المشارك في القرآن وعلومه بجامعة القصيم- بكتابة مقاصد السور.
ثم كلَّف المركزُ جماعةً من علماه التفسير المشهود لهم بالكفاءة والعلم بهذا الفن من مختلف دول العالم الاسلامي بمراجعة التفسير وتقويمه أثناء الكتابة مرحلةً مرحلة، وتحكيم منهجه، فقام كل واحدٍ منهم بتحكيم أجزاء متفرقة من هذا التفسير حتَّى اكتمل، وهم:
1 - أ. د. أحمد خالد شكري (الجامعة الأردنية- الأردن).
2 - أ. د. أحمد سعد الخطيب (جامعة الأزهر- مصر).
3 - أ. د. أحمد بزوي الضاوي (جامعة شعيب الدكالي- المغرب).
4 - د. حسين بن علي الحربي (جامعة جازان- السعودية).
5 - د. خالد بن عثمان السبت (جامعة الدمام- السعودية).
6 - أ. د. سعيد الفلاح (جامعة الزيتونة- تونس).
7 - أ. د. صالح بن يحيى صواب (جامعة صنعاء- اليمن).
8 - أ. د. غانم قدوري الحمد (جامعة تكريت- العراق).
9 - د. محمد بن عبد الله القحطاني (جامعة الملك خالد- السعودية).
وتولَّت مهمَّة الإشراف العلمي على المشروع، ومتابعته في جميع مراحله: لجنةٌ علميةٌ مكوَّنة من:
1 - أ. د. مساعد بن سليمان الطَّيَّار الأستاذ بجامعة الملك سعود.
2 - أ. د. عبد الرحمن بن مَعَاضة الشِّهري الأستاذ بجامعة الملك سعود.
3 - د. أحمد بن محمد البريدي الأستاذ المشارك بجامعة القصيم.
4 - د. ناصر بن محمد الماجد الأستاذ المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
كما كلَّف المركزُ ثلاثةً من أساتذة العقيدةِ المتخَصِّصين بمراجعته من الجانب العقديِّ؛ رغبةً في سلامته مما قد يقع فيه من الخطأ في هذا الجانب، وهم الأستاذ الدكتور: سهل بن رفاع العتيبي أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة بجامعة الملك سعود، والأستاذ الدكتور: عبد العزيز بن محمد آل عبد اللطيف أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، والدكتور عبد الله بن عبد العزيز العنقري أستاذ العقيدة المشارك بجامعة الملك سعود، وقد قاموا بمراجعته كلٌّ على حدةٍ، وأفادوا بملاحظاتٍ وتصويباتٍ قيِّمة؛ فجزاهم الله خيرًا.
ثم أَوْكَل المركز إلى الأستاذ الدكتور مساعد بن سليمان بن ناصر الطيار مراجعةَ المختصر كاملًا؛ للنظر في الملاحظات والمقترحات التي وصلَت من القُراء للتفسير في طبعتيه الأولى والثانية، فقام باختيار نخبةٍ من طلبة العلم المتخصِّصين من طلابه يقرؤون المختصر معه صفحةً صفحةً، ويقفون على كل الملاحظات التي وصلت، وينظرون فيما يقفون عليه كذلك، وما احتاج إلى إعادة صياغة أعادوا صياغتَه؛ مستفيدِين من صياغة الإمام ابن جَرِير الطَّبَرِيِّ في المقام الأول، كما قاموا بإعادة صياغة ما يحتاج إلى صياغة من مقاصد السور أو من الفوائد، وتم الاقتصار على ثلاثِ فوائدَ غالبًا في كل صفحة.
فَنِعمَ العَاملُ ونِعمَ العملُ......................
أقول :
وأنت تقرأ في المختصر يتأكد فهمك لكثير من الآيات – لم نكن نفهمها بهذا الوضوح إلا بعد قراءة المختصر .
وما أجملَ فوائده – بل هي من فرائده .
 
عَقَبَاتٌ تُواجِه قَارئ الْمُخْتَصَر فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ:
1- نُدرة التَّشكيل – فكيف يزولُ الإشكال ؟ وما الدَّاعي من إخراجه بدون تشَّكيل ؟ إذ هو عملٌ تُشرِفُ عليه مؤسسةٌ عَريقةٌ !!!
2-عدمُ تحديد الفائدة برقم الآية وهذا مُمكن في كثير من الآيات.......
وهذا مثال دلَّ على الإمكانيَّة ......
قوله تعالى :{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)}
جَاءَ فِي كِتَابِ: الْمُخْتَصَر فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ...........
مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ..............
• الحُكم المذكور في الآية الأولى لِمَا قبل بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأما بعد بعثته فإن الدين المَرْضِيَّ عند الله هو الإسلام، لا يقبل غيره، كما قال الله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85].
3- من المُمكن أن تجد كثيرا بعضَ الفوائد غير مُرتبة على ترتيب الآيات ...
في سورة ص هذه هي آخر فائدة في الصفحة الثانية ...
• ينبغي التزام الأدب في الدخول على أهل الفضل والمكانة.
مع أن التي قبلها :{ • استدل بعض العلماء بقوله تعالى: {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ} على مشروعية الشركة بين اثنين وأكثر.}
جَاءَ فِي كِتَابِ: الْمُخْتَصَر فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ...........
• الذنوب أنقضت ظهر النبي - صلى الله عليه وسلم - فما بالك بباقي الخلق؟!
هذا في سورة الشرح مع أنها مكتوبة يعد فوائد سورة العلق !
4- في الصفحة التي بها سورتان تظهر هذه المشكلة جدا- بل إن جزء عمَّ ملآن بهذا الأمر .......
5- في الطبعة التي على المكتبة الشاملة – بها أخطاء مطبعية – وهناك آيات غير موجودة أصلا ..
6- في الطبعة التي على المكتبة الشاملة – هناك سورة نصفها مكتوب كسورة الأعلى . وسورة الانفطار متداخلة مع سورة المطففين – وسورة العصر مع سورة الهمزة – وسورة الفيل غير مكتوبة - وكذلك سورة الماعون . سورة الكوثر مكتوبة- التكوير ........وسوة النصر والمسد غير مكتوبتين.
سورة الفلق غير مكتملة ومتداخلة كتابةً مع سورة الإخلاص – وسورة الناس غير مكتوبة نصا.
7- ملحظ آخر:
الكل يعلم أن هذا تفسير وليس مُصحفا – فالحِفاظ على المَعنى هام وهادف- فإننا نرى كثيرا من القصص مقسومة بين الصفحات – ويمكن تفادي هذا في مواطن كثيرة .
ولماذا لا يكون هناك طبعة أخرى إضافة لطبعة المدينة مراعاة لبقية الحُفَّاظ ومراعاة للجميع.أو تكون هناك طبعة تخدم المعنى .
جاء في مختصر التبيان في آداب حملة القرآن للنووي (المتوفى : 676هـ):
ينبغي للقارئ إذا ابتدأ من وسط السورة أو وقف على غير آخرها أن يبتدئ من الكلام المرتبط بعضه ببعض، وأن يقف على انتهاء المرتبط، ولا يتقيد بالأعشار، والأجزاء فإنها قد تكون في وسط الكلام المرتبط الجزء في قوله تعالى : (( والمُحصنَاتُ مِنَ النِّساء )) وفي قوله تعالى : (( وَمَاَ أُبَرِئُ نَفسي )) وفي قوله تعالى : ((إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلمُ السّاعة )) وفي قوله تعالى : (( فَمَاَ خَطْبُكُم أَيُّهَاَ المُرْسَلُون )).
وما أشبهه ينبغي ألاَّ يُوقف عليه ولا يُبتدأ به، ولا يُغترَ بكثرةِ الفاعِلين له، ولهذا قال العلماء : قراءة سورة قصيرة أفضل من قراءة بعض سورة بقدر القصيرة فإنه قد يخفى الارتباط، وكان السَّلف رضي الله عنهم يكرهون قراءة بعض الآية والله أعلم.
 
وهناك إشكالات تفسيرية – اكتفى فيها علماء تفسير المُختصر بما هو منقولٌ فقط- على أن هذا النقلَ في إشكالية غير هيَّنةِ ..
1- قوله تعالى في سورة طه :{قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96)}
جَاءَ فِي كِتَابِ: الْمُخْتَصَر فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ...........
- قال السامري لموسى عليه السلام: رأيت ما لم يروه، فقد رأيت جبريل على فرس، فأخذت قبضة من تراب من أثر فرسه، فطرحتها على الحلي المذاب المسبوك على صورة عجل، فنشأ عن ذلك عجل جَسَد له خُوَار، وكذلك حسّنت لي نفسي ما صنعته.
وكما هو معلوم أَنَّى للسامريَّ أن يَعرفً جبريل عليه السلامُ ..- على أن المُراد بالرسول هو موسى عليه السلام وليس جبريل عليه السلامُ ....كما عند القاسمي وغيره ..
والمقصود أن السامريّ تجرأ – وألقى بالتوراة على الأرض مُستهينا بها – فتوهم أن التوراة لو كانت حقا لناله ضرر من فعلته - كما يفعل أتباعُ السامري الآن مع القرآن الكريم في كثير من دول العالم .
كما قال تعالى :{ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ (8) }
قال في البحر المحيط :
قَالَ أَبُو مُسْلِمٍ الْأَصْبَهَانِيُّ: لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ تَصْرِيحٌ بِهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُفَسِّرُونَ، وَهُنَا وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالرَّسُولِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَثَرُهُ سُنَّتُهُ وَرَسْمُهُ الَّذِي أَمَرَ بِهِ، فَقَدْ يَقُولُ الرَّجُلُ: فُلَانٌ يَقْفُو أَثَرَ فُلَانٍ وَيَقْتَصُّ أَثَرَهُ إِذَا كَانَ يَمْتَثِلُ رَسْمَهُ، وَالتَّقْدِيرُ أَنَّ مُوسَى لَمَّا أَقْبَلَ عَلَى السَّامِرِيِّ بِاللَّوْمِ وَالْمَسْأَلَةِ عَنِ الْأَمْرِ الَّذِي دَعَاهُ إِلَى إِضْلَالِ الْقَوْلِ فِي الْعِجْلِ قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ أَيْ عَرَفْتُ أَنَّ الَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ لَيْسَ بِحَقٍّ، وَقَدْ كُنْتُ قَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِكَ أَيُّهَا الرَّسُولُ أَيْ شَيْئًا مِنْ دِينِكَ فَنَبَذْتُها أَيْ طَرَحْتُهَا.
قال الرازي رحمه الله في تفسيره :
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو مُسْلِمٍ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا مُخَالَفَةُ الْمُفَسِّرِينَ وَلَكِنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى التَّحْقِيقِ لِوُجُوهٍ............
أَحَدُهَا: أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَيْسَ بِمَشْهُورٍ بَاسِمِ الرَّسُولِ وَلَمْ يَجْرِ لَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ ذِكْرٌ حَتَّى تُجْعَلَ لَامُ التَّعْرِيفِ إِشَارَةً إِلَيْهِ فَإِطْلَاقُ لَفْظِ الرَّسُولِ لِإِرَادَةِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَأَنَّهُ تَكْلِيفٌ بِعِلْمِ الْغَيْبِ.
وَثَانِيهَا: أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنَ الْإِضْمَارِ وَهُوَ قَبْضَةٌ مِنْ أَثَرِ حَافِرِ فَرَسِ الرَّسُولِ وَالْإِضْمَارُ خِلَافُ الْأَصْلِ.
وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ التَّعَسُّفِ فِي بَيَانِ أَنَّ السَّامِرِيَّ كَيْفَ اخْتَصَّ مِنْ بَيْنِ جَمِيعِ النَّاسِ بِرُؤْيَةِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمَعْرِفَتِهِ ثُمَّ كَيْفَ عَرَفَ أَنَّ لِتُرَابِ حَافِرِ فَرَسِهِ هَذَا الْأَثَرَ وَالَّذِي ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ الَّذِي رَبَّاهُ فَبَعِيدٌ.
وَرَابِعُهَا: أَنَّهُ لَوْ جَازَ اطِّلَاعُ بَعْضِ الْكَفَرَةِ عَلَى تُرَابٍ هَذَا شَأْنُهُ لَكَانَ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: فَلَعَلَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ اطَّلَعَ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ يُشْبِهُ ذَلِكَ فَلِأَجْلِهِ أَتَى بِالْمُعْجِزَاتِ وَيَرْجِعُ حَاصِلُهُ إِلَى سُؤَالِ مَنْ يَطْعَنُ فِي الْمُعْجِزَاتِ وَيَقُولُ: لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُمْ لِاخْتِصَاصِهِمْ بِمَعْرِفَةِ بَعْضِ الْأَدْوِيَةِ الَّتِي لَهَا خَاصِّيَّةُ أَنْ تُفِيدَ حُصُولَ تِلْكَ الْمُعْجِزَةِ، أَتَوْا بِتِلْكَ الْمُعْجِزَةِ، وَحِينَئِذٍ يَنْسَدُّ بَابُ الْمُعْجِزَاتِ بِالْكُلِّيَّةِ.
 
2-قوله تعالى :{ وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ (22) إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (23) قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24)}
جَاءَ فِي كِتَابِ: الْمُخْتَصَر فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ...........
وهذا مَثَلٌ ضربه الله لما وقع لداود من فتنة في المرأة.
أما فتنة المرأة فأمرٌ لا يَقبله عاميّ- فضلا على أن يقولَ به عالِمٌ.
جاء في الفِصَل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري (المتوفى: 456هـ) :
الْكَلَام فِي دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام :
وَذكروا أَيْضا قَول الله تَعَالَى حاكياً عَن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام {وَهل أَتَاك نبأ الْخصم إِذْ تسوروا الْمِحْرَاب إِذْ دخلُوا على دَاوُد فَفَزعَ مِنْهُم قَالُوا لَا تخف خصمان} إِلَى قَوْله {فغفرنا لَهُ ذَلِك}.
قَالَ أَبُو مُحَمَّد : وَهَذَا قَول صَادِق صَحِيح لَا يدل على شَيْء مِمَّا قَالَه المستهزئون الْكَاذِبُونَ المتعلقون بخرافات وَلَّدهَا الْيَهُود , وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِك الْخصم قوما من بني آدم بِلَا شكّ مختصمين فِي نعاج من الْغنم على الْحَقِيقَة بَينهم , بغى أَحدهمَا على الآخر على نَص الْآيَة , وَمن قَالَ أَنهم كَانُوا مَلَائِكَة مُعرِّضين بِأَمْر النِّسَاء فقد كَذبَ على الله عز وَجل ,وَقَال مَا لم يقل ,وَزَاد فِي الْقُرْآن مَا لَيْسَ فِيهِ , وَكذَّب الله عز وَجل , وَأقر على نَفسه الخبيثة أَنه كذب على الْمَلَائِكَة ,لِأَن الله تَعَالَى يَقُول {وَهل أَتَاك نبأ الْخصم} فَقَالَ هُوَ لم يَكُونُوا قطّ خصمين ,وَلَا بغي بَعضهم على بعض ,وَلَا كَانَ قطّ لأَحَدهمَا تسع وَتسْعُونَ نعجة , وَلَا كَانَ للْآخر نعجة وَاحِدَة وَلَا قَالَ لَهُ أكفلنيها- فاعجبوا لما يقحمون فِيهِ أهل الْبَاطِل أنفسَهم ونعوذ بِاللَّه من الخذلان - ثمَّ كل ذَلِك بِلَا دَلِيل بل الدَّعْوَى الْمُجَرَّدَة , وتالله إن كل أمرئ منا ليصون نَفسه وجاره المستور عَن أَن يتعشق امْرَأَة جَاره ثمَّ يعرض زَوجهَا للْقَتْل عمدا ليتزوجها وَعَن أَن يتْرك صلَاته لطائر يرَاهُ .
هَذِه أَفعَال السُّفَهَاء المتهوكين الْفُسَّاق المتمردين لَا أَفعَال أهل الْبر وَالتَّقوى فَكيف برَسُول الله دَاوُد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - الَّذِي أُوحِي إِلَيْهِ كِتَابه وأجرى على لِسَانه كَلَامه - لقد نزهه الله عز وَجل عَن أَن يمر مثل هَذَا الْفُحْش بِبَالِهِ فَكيف أَن يستضيفَ إِلَى أَفعاله ! وَأما استغفاره وخروره سَاجِدا ومغفرة الله تَعَالَى لَهُ فالأنبياء عَلَيْهِم السَّلَام أولى النَّاس بِهَذِهِ الْأَفْعَال الْكَرِيمَة ,وَالِاسْتِغْفَار فعل خير لَا يُنكر من ملك وَلَا من نَبِي وَلَا من مذنب وَلَا من غير مذنب فالنبي يسْتَغْفر الله لمذنبي أهل الأَرْض وَالْمَلَائِكَة كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {وَيَسْتَغْفِرُونَ للَّذين آمنُوا رَبنَا وسعت كل شَيْء رَحْمَة وعلما فَأغْفِر للَّذين تَابُوا وَاتبعُوا سَبِيلك وقهم عَذَاب الْجَحِيم} وَأما قَوْله تَعَالَى عَن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام {وَظن دَاوُد إِنَّمَا فتناه} وَقَوله تَعَالَى {فغفرنا لَهُ ذَلِك} فقد ظن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام أَن يكون مَا أَتَاهُ الله عز وَجل من سَعَة الْملك الْعَظِيم فتْنَة فقد كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُو فِي أَن يثبت الله قلبه على دينه فاستغفر الله تَعَالَى من هَذَا الظَّن فغفر الله تَعَالَى لَهُ هَذَا الظَّن إِذْ لم يكن مَا أَتَاهُ الله تَعَالَى من ذَلِك فتْنَة.
 
3- قوله تعالى :{ رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ (33)}
جَاءَ فِي كِتَابِ: الْمُخْتَصَر فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ...........
- ردوا علي هذه الخيل، فردوها عليه، فبدأ يضرب بالسيف سوقها وأعناقها.
فهذا القولُ لم يَقبله جَماعةٌ من المُفسِّرين على أنه إفسادٌ بشأنِ من لم يَتسبب- ناهيك عن كونها حيوانات ..........ومقام النُّبوة ينأى عن ذلك ....
جاء في الفِصَل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري (المتوفى: 456هـ) :
الْكَلَام فِي سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام :
وَذكروا أَيْضا قَول الله عز وَجل عَن سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام {إِنِّي أَحْبَبْت حب الْخَيْر عَن ذكر رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بالحجاب ردوهَا على فَطَفِقَ مسحا بِالسوقِ والأعناق} .
وتأولوا ذَلِك على مَا قد نزه الله عَنهُ من لَهُ أدنى مسكة من عقل من أهل زَمَاننَا وَغَيره , فَكيف بِنَبِي مَعْصُوم مفضل فِي أَنه قتل الْخَيل إذ اشْتغل بهَا عَن الصَّلَاة ؟
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَهَذِه خرافة مَوْضُوعَة مكذوبة سخيفة بَارِدَة , قد جمعت أفانينَ من القَوْل , وَالظَّاهِر أَنَّهَا من اختراع زنديق بِلَا شكّ لِأَن فِيهَا معاقبة خيل لَا ذَنْب لَهَا والتمثيل بهَا , وَإِتْلَافُ مَال منتفع بِهِ بِلَا معنى , وَنسبَة تَضْييع الصَّلَاة إِلَى نَبِي مُرْسل, ثمَّ يُعَاقب الْخَيل على ذَنبه لَا على ذنبها. وَهَذَا أَمر لَا يستجيزُه صبي ابْن سبع سِنِين, فَكيف بِنَبِي مُرْسل.
وَمعنى هَذِه الْآيَة ظَاهر بَينٌ وَهُوَ أَنه عَلَيْهِ السَّلَام أخبر أَنه أحبَ حُبَ الْخَيْر من أجل ذكر ربه حَتَّى تَوَارَتْ الشَّمْس بالحجاب أَو حَتَّى تَوَارَتْ تِلْكَ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ بحجابها , ثمَّ أَمر بردهَا فَطَفِقَ مسحا بسوقها وأعناقها بِيَدِهِ برا بهَا وإكراماً لَهَا , هَذَا هُوَ ظَاهر الْآيَة الَّذِي لَا يحْتَمل غَيره ,وَلَيْسَ فِيهَا إِشَارَة أصلا إِلَى مَا ذَكرُوهُ من قتل الْخَيل وتعطيل الصَّلَاة, وكل هَذَا قد قَالَه ثِقَات الْمُسلمين , فَكيف وَلَا حجَّة فِي قَول أحد دون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم .
 
4- قوله تعالى :{ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)}
جَاءَ فِي كِتَابِ: الْمُخْتَصَر فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ...........
- ولقد رغبت نفسها في فعل الفاحشة، وخطر على نفسه هو ذلك، لولا أنَّه رأى من آيات الله ما يكفه عن ذلك ويبعده، وقد أريناه ذلك لنكشف عنه السوء، ونبعده عن الزنى والخيانة، إن يوسف من عبادنا المختارين للرسالة والنبوة.
قال أبو السعود رحمه الله – وهي من عجائب تفسيره :
{ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السوء } على الإطلاق فيدخل فيه خيانةُ السيِّد دخولاً أولياً { والفحشاء } والزنى لأنه مفْرِطٌ في القبح ..........
وفيه آيةٌ بينةٌ وحجةٌ قاطعةٌ على أنه عليه السلام لم يقع منه همٌّ بالمعصية ولا توجَّه إليها قط ، وإلا لقيل : لنصرِفَه عن السوء والفحشاء ، وإنما توجه إليه ذلك من خارجٍ فصرَفه الله تعالى عنه بما فيه من موجبات العفةِ والعصمةِ فتأمل .
جاء في الفِصَل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري (المتوفى: 456هـ) :
الْكَلَام فِي يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام :
وَأما قَوْله{ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ } فَلَيْسَ كَمَا ظن من لم يمعن النّظر, حَتَّى قَالَ من الْمُتَأَخِّرين من قَالَ أَنه قعد مِنْهَا مقْعد الرجل من الْمَرْأَة , ومعاذ الله من هَذَا أَن يظنّ بِرَجُل من صالحي الْمُسلمين أَو مستوريهم ,فَكيف برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
فَإِن قيل أَن هَذَا قد روى عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ من طَرِيق جَيِّدَة الْإِسْنَاد؟ قُلْنَا نعم وَلَا حجَّة فِي قَول أحد إِلَّا فِيمَا صَحَّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَط, وَالوهم فِي تِلْكَ الرِّوَايَة إِنَّمَا هِيَ بِلَا شكّ عَمَّن دون عن ابْن عَبَّاس, أَو لَعَلَّ ابْن عَبَّاس لم يقطع بذلك, إِذْ إِنَّمَا أَخذه عَمَّن لَا يدْرِي من هُوَ , وَلَا شكّ فِي أَنه شَيْء سَمعه, فَذكره لِأَنَّهُ رَضِي الله عَنهُ لم يحضر ذَلِك ,وَلَا ذكره عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم, ومحال أَن يقطع ابْن عَبَّاس بِمَا لَا علم لَهُ بِهِ , لَكِن معنى الْآيَة لَا يعدو أحد وَجْهَيْن: إِمَّا أَنه هم بالإيقاع بهَا وضربها كَمَا قَالَ تَعَالَى{ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ } وكما يَقُول الْقَائِل لقد هَمت بك, لكنه عَلَيْهِ السَّلَام امْتنع من ذَلِك ببرهان أرَاهُ الله إِيَّاه, اسْتغنى بِهِ عَن ضربهَا ,وَعلم أَن الْفِرَار أجدى عَلَيْهِ, وَأظْهر لبراءته على مَا ظهر بعد ذَلِك من حكم الشَّاهِد بِأَمْر الْقد من الْقَمِيص .
وَالْوَجْه الثَّانِي: أَن الْكَلَام تمّ عِنْد قَوْله{ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ } ثمَّ ابْتَدَأَ تَعَالَى خَبرا آخر, فَقَالَ { وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ } وَهَذَا ظَاهر الْآيَة بِلَا تكلّف تَأْوِيل.
 
5- قوله تعالى :{ وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (34) }
جَاءَ فِي كِتَابِ: الْمُخْتَصَر فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ...........
ولقد اختبرنا سليمان وألقينا على كرسي ملكه شيطانًا، متمثلًا بإنسان تصرف في ملكه مدة قصيرة ثم رجع لسليمان ملكه وسلَّطه على الشياطين.
جاء في الفِصَل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري (المتوفى: 456هـ) :
الْكَلَام فِي سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام :
وَذكروا قَول الله عز وَجل عَن سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام { وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (34) } .
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَلَا حجَّة لَهُم فِي هَذَا إِذْ معنى قَوْله تَعَالَى{ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ } أَي أتيناه من الْملك مَا اختبرنا بِهِ طَاعَته كَمَا قَالَ تَعَالَى مُصدقا لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فِي قَوْله تَعَالَى { إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ } إِن من الْفِتْنَة من يهدي الله من يَشَاء وَقَالَ تَعَالَى { الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) }.
فَهَذِهِ الْفِتْنَة هِيَ الاختبار حَتَّى يظْهر الْمُهْتَدي من الضال فَهَذِهِ فتْنَة الله تَعَالَى لِسُلَيْمَان إِنَّمَا هِيَ اختباره حَتَّى ظهر فَضله فَقَط وَمَا عدا هَذَا فخرافات وَلَدهَا زنادقة الْيَهُود وأشباههم
وَأما الْجَسَد الْملقى على كرسيه فقد أصَاب الله تَعَالَى بِهِ مَا أَرَادَ- نؤمن بِهَذَا كَمَا هُوَ , ونقول صدق الله عز وَجل كل من عِنْد الله رَبنَا وَلَو جَاءَ نَص صَحِيح فِي الْقُرْآن أَو عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بتفسير هَذَا الْجَسَد مَا هُوَ لقلنا بِهِ فَإِذا لم يَأْتِ بتفسيره مَا هُوَ نَص وَلَا خبر صَحِيح فَلَا يحل لأحد القَوْل بِالظَّنِّ الَّذِي هُوَ أكذب الحَدِيث فِي ذَلِك فَيكون كَاذِبًا على الله عز وَجل , إِلَّا أننا لَا نشك الْبَتَّةَ فِي بطلَان قَول من قَالَ أَنه كَانَ جِنيَّا تصور بصورته , بل نقطع على أَنه كذب , وَالله تَعَالَى لَا يهتك ستر رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا الهتك, وَكَذَلِكَ نُبعد قَول من قَالَ أَنه كَانَ ولدا لَهُ أرْسلهُ إِلَى السَّحَاب ليربيه , فسليمان عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ أعلم من أَن يُربي ابْنه بِغَيْر مَا طبع الله عز وَجل بنية الْبشر عَلَيْهِ من اللَّبن وَالطَّعَام , وَهَذِه كلهَا خرافات مَوْضُوعَة مكذوبة لم يَصح إسنادها قطّ .
 
وأحسب أن علماء الْمُخْتَصَر فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ لن يغضبوا من التَعليقات- فهذا نص كَلامِهم ............
قوله تعالى :{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (2) وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (3)}
جَاءَ فِي كِتَابِ: الْمُخْتَصَر فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ...........
مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ ..................
• لا أحد أكبر من أن يُؤمر بالمعروف ويُنْهى عن المنكر.
قوله تعالى :{ فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) }
جَاءَ فِي كِتَابِ: الْمُخْتَصَر فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ...........
مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ ..................
• قد يوجد من العلم عند الأصاغر ما لا يوجد عند الأكابر.
 
قوله تعالى :{ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189) فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (190) أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) }

جَاءَ فِي كِتَابِ: الْمُخْتَصَر فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ...........
هو الذي أوجدكم -أيها الرجال والنساء- من نفس واحدة هي آدم عليه السلام، وخلق من آدم عليه السلام زوجته حواء، خلقها من ضلعه ليأنس إليها، ويطمئن بها، فلما جامع زوجٌ زوجته حملت حملًا خفيفًا لا تشعر به؛ لأنه كان في بدايته، واستمرت على حملها هذا تمضي في حوائجها لا تجد ثقلًا، فلما أثقلت به حين كبر في بطنها دعا الزوجان ربهما قائلين: لئن أعطيتنا -يا ربنا- ولدًا صالح الخلقة تامَّها لنكونن من الشاكرين لنعمك.
فلما استجاب الله دعاءهما، وأعطاهما ولدًا صالحًا كما دَعَوَا صَيَّرَا لله شركاء فيما وهبهما فَعَبَّدَا ولدهما لغيره، وسَمَّيَاهُ عبد الحارث، فتعالى الله وتنزه عن كل شريك، فهو المنفرد بالربوبية والألوهية.
أيجعلون هذه الأصنام وغيرها شركاء لله في العبادة، وهم يعلمون أنها لا تخلق شيئًا فتستحق العبادة، بل هي مخلوقة، فكيف يجعلونها شركاء لله؟!

قال السعدي رحمه الله :
وهذا انتقال من النوع إلى الجنس، فإن أول الكلام في آدم وحواء، ثم انتقل إلى الكلام في الجنس، ولا شك أن هذا موجود في الذرية كثيرا، فلذلك قررهم اللّه على بطلان الشرك، وأنهم في ذلك ظالمون أشد الظلم، سواء كان الشرك في الأقوال، أم في الأفعال، فإن الخالق لهم من نفس واحدة، الذي خلق منها زوجها وجعل لهم من أنفسهم أزواجا، ثم جعل بينهم من المودة والرحمة ما يسكن بعضهم إلى بعض، ويألفه ويلتذ به، ثم هداهم إلى ما به تحصل الشهوة واللذة والأولاد والنسل.
ثم أوجد الذرية في بطون الأمهات، وقتا موقوتا، تتشوف إليه نفوسهم، ويدعون اللّه أن يخرجه سويا صحيحا، فأتم اللّه عليهم النعمة وأنالهم مطلوبهم.
أفلا يستحق أن يعبدوه، ولا يشركوا به في عبادته أحدا، ويخلصوا له الدين.

قال في محاسن التأويل :
وقد ذكر المفسرون ههنا أحاديث وآثاراً تفهم أن المراد بهذا السياق آدم وحواء . ولا حاجة بنا إلى روايتها لأنها واهية الإسناد معلولة ، كما بينه الحافظ ابن كثير في تفسيره .
وتقبُّل ثُلةٍ من السلف لها وتلقيها ، لا يجدي في صحتها شيئاً ، إذا أصلها مأخوذ من أقاصيص مسلمة أهل الكتاب ، كما برهن عليه ابن كثير .
وتهويل بعضهم بأنها مقتبسة من مشكاة النبوة ، إذا أخرجها فلان وفلان ، من تنميق الألفاظ لتمزيق المعاني ، فإن المشكاة النبوية أجلُّ من أن يقتبس منها إلا كل ما عرفت جودته .

قال ابن كثير رحمه الله:
وَهَذِهِ الْآثَارُ يَظْهَرُ عَلَيْهَا -وَاللَّهُ أَعْلَمُ -أَنَّهَا مِنْ آثَارِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَقَدْ صَحَّ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "إِذَا حَدَّثكم أَهْلُ الْكِتَابِ فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ"، ثُمَّ أَخْبَارُهُمْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: فَمِنْهَا: مَا عَلِمْنَا صِحَّتَهُ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ سُنَّةِ رَسُولِهِ. وَمِنْهَا مَا عَلِمْنَا كَذِبَهُ، بِمَا دُلَّ عَلَى خِلَافِهِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَيْضًا. وَمِنْهَا: مَا هُوَ مَسْكُوتٌ عَنْهُ، فَهُوَ الْمَأْذُونُ فِي رِوَايَتِهِ، بِقَوْلِهِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: "حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرج" وَهُوَ الَّذِي لَا يصدَّق وَلَا يُكَذَّبُ، لِقَوْلِهِ: "فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ". وَهَذَا الْأَثَرُ: هَلْ هُوَ مِنَ الْقِسْمِ الثَّانِي أَوِ الثَّالِثِ؟ فِيهِ نَظَرٌ. فَأَمَّا مَنْ حَدَّثَ بِهِ مِنْ صحَابي أَوْ تَابِعِيٍّ، فَإِنَّهُ يَرَاهُ مِنَ الْقَسَمِ الثَّالِثِ، وَأَمَّا نَحْنُ فَعَلَى مَذْهَبِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، رَحِمَهُ اللَّهُ، فِي هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ آدَمُ وَحَوَّاءُ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ اللَّهُ: {فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} ثم قال: {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191)}

قال في المنار :
وَالَّذِي نَعْتَقِدُهُ وَجَرْينَا عَلَيْهِ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّ كُلَّ مَا هُوَ مِنْهَا مَظِنَّةٌ لِلْإِسْرَائِيلِيَّاتِ الْمُتَلَقَّاةِ عَنْ مِثْلِ كَعْبِ الْأَحْبَارِ وَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ فَهِيَ لَا يُوثَقُ بِهَا ، فَإِنْ كَانَتْ مَعَ ذَلِكَ مُشْتَمِلَةً عَلَى مَا يُنْكِرُهُ الدِّينُ أَوِ الْعِلْمُ الصَّحِيحُ قَطَعْنَا بِبُطْلَانِهَا وَكَوْنِهَا دَسِيسَةً إِسْرَائِيلِيَّةً ، وَمِنْهَا مَا نَحْنُ فِيهِ ; لِأَنَّ فِيهِ طَعْنًا صَرِيحًا فِي آدَمَ وَحَوَّاءَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَرَمْيًا لَهُمَا بِالشِّرْكِ ، وَلِذَلِكَ رَفَضَهَا بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ ، وَتَكَلَّفَ آخَرُونَ فِي تَأْوِيلِهَا بِمَا تُنْكِرُهُ اللُّغَةُ . وَقَدِ اعْتَمَدَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَصَاحِبِ فَتْحِ الْبَيَانِ ، وَصَاحِبِ رُوحِ الْمَعَانِي الْأَخْذَ بِحَدِيثِ سَمُرَةَ دُونَ آثَارِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ، الَّتِي فِيهَا مَا لَيْسَ فِيهِ مِنْ رَمْيِ آدَمَ بِالشِّرْكِ الصَّرِيحِ ، وَظَنَّا أَنَّهُ حُجَّةٌ ، وَوَصَفَاهُ تَبَعًا لِلتِّرْمِذِيِّ وَالْحَاكِمِ بِالْحَسَنِ وَالصَّحِيحِ ، وَمَا هُوَ بِحَسَنٍ وَلَا صَحِيحٍ ، عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ تَفْسِيرًا لِلْآيَةِ كَتِلْكَ الْآثَارِ .
وَذَهَبَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ إِلَى أَنَّ الْخِطَابَ فِي الْآيَةِ لِقُرَيْشٍ ، وَأَنَّ الْمُرَادَ فِيهَا بِالنَّفْسِ الْوَاحِدَةِ قُصَيٌّ جَدُّهُمْ ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِجَعْلِ زَوْجِهَا مِنْهَا أَنَّهَا قُرَشِيَّةٌ أَوْ عَرَبِيَّةٌ لِمَا رُوِيَ أَنَّهَا مِنْ خُزَاعَةَ لَا مِنْ قُرَيْشٍ ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِشِرْكِهِمَا تَسْمِيَةُ أَبْنَائِهِمَا الْأَرْبَعَةِ عَبْدَ مَنَافٍ وَعَبْدَ شَمْسٍ وَعَبْدَ الْعُزَّى وَعَبْدَ الدَّارِ - يَعْنِي دَارَ النَّدْوَةِ - وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ ذَكَرَهَا بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ لَا نُضَيِّعُ الْوَقْتَ بِذِكْرِهَا ، وَإِنَّمَا الَّذِي يَصِحُّ أَنْ يُذْكَرَ وَيُبَيَّنَ بُطْلَانُهُ ، فَهُوَ الرِّوَايَاتُ الَّتِي انْخَدَعَ بِهَا وَلَا يَزَالُ يَنْخَدِعُ بِهَا الْكَثِيرُونَ ، وَعُمْدَتُنَا فِي تَمْحِيصِهَا وَبَيَانِ عِلَلِهَا الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ فَقَدْ قَالَ فِي تَفْسِيرِهِ.........

ثم قال رحمه الله بعد نقله لكلام ابن كثير رحمه الله :
. وَقَدْ أَصَابَ كُنْهَ الْحَقِيقَةِ فِي قَوْلِهِ : إِنَّ هَذِهِ الْآثَارَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ ، وَلَمَّا كَانَتْ طَعْنًا فِي عَقِيدَةِ أَبَوَيْنَا آدَمَ وَحَوَّاءَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ بِمَا تُبْطِلُهُ عَقَائِدُ الْإِسْلَامِ ، وَجَبَ الْجَزْمُ بِبُطْلَانِهَا وَتَكْذِيبِهِمْ فِيهَا .

قال في اللباب :
قوله: {أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً} .
هذه الآيةُ من أقوى الدَّلائل على أنَّهُ ليس المراد بقوله تعالى: {فَتَعَالَى الله عَمَّا يُشْرِكُونَ} ما ذكره في قصَّة إبليس إذ لو كان المرادُ ذلك لكانت هذه الآية أجنبية عنها بالكليَّة، وكان ذلك النَّظْمُ في غاية الفسادِ، بل المرادُ ما ذكرناه في الأجوبة من أنَّ المقصود من الآية السابقة الرَّدُّ على عبدة الأوثان؛ لأنه أراد ههنا إقامة الحجَّة على أنَّ الأوثان لا تصلحُ للإلهيَّةِ فقوله: {أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ} أي: أيعبدون ما لا يقدرُ على أن يخلق شيئاً؟ وهم يُخلقون، يعني الأصنام.

قال أبو السعود رحمه الله :
إن قيل ما ذُكر من حذف المضافِ وإقامةِ المضافِ إليه مُقامَه إنما يصار إليه فيما يكون للفعل ملابسةٌ ما بالمضاف إليه أيضاً بسرايته إليه حقيقةً أو حكماً وتتضمن نسبتُه إليه صورةً مزيةً يقتضيها المقامُ كما في قوله تعالى : { وَإِذْ نجيناكم مّنْ ءالِ فِرْعَوْنَ } الآية ، فإن الإنجاءَ منهم مع أن تعلّقه حقيقةً ليس إلا بأسلاف اليهودِ قد نُسب إلى أخلافهم بحكم سرايتِه إليهم توفيةً لمقام الامتنانِ حقَّه ، وكذا في قوله تعالى : { قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاء الله } الآية ، فإن القتلَ حقيقةً مع كونه من جناية آبائِهم قد أُسند إليهم بحكم رضاهم به أداءً لحق مقامِ التوبيخِ والتبكيت ، ولا ريب في أنهما عليهما الصلاة والسلام بريئان من سرايةِ الجعلِ المذكورِ إليهما بوجه من الوجوه ، فما وجهُ إسنادِه إليهما صورةً؟ قلنا : وجهُه الإيذانُ بتركهما الأَوْلى حيث أقدما على نظم أولادِهما في سلك أنفسِهما والتزما شكرَهم في ضمن شكرِهما وأقسما على ذلك قبل تعرُّف أحوالِهم ببيان أن إخلالَهم بالشكر الذي وعداه وعداً مؤكداً باليمين بمنزلة إخلالِهما بالذات في استيجاب الحِنْثِ والخُلْف مع ما فيه من الاشعار بتضاعف جنايتِهم ببيان أنهم بجعلهم المذكورِ أوقعوهما في ورطة الحِنثِ والخُلفِ وجعلوهما كأنهما باشراه بالذات فجمعوا بين الجنايةِ على الله تعالى والجنايةِ عليهما عليهما السلام .
 
قوله تعالى في سورة الحجِّ :{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53)}

جَاءَ فِي كِتَابِ: الْمُخْتَصَر فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ...........

وما بعثنا من قبلك -أيها الرسول- من رسول ولا نبي إلا إذا قرأ كتاب الله ألقى الشيطان في قراءته ما يلبس به على الناس أنه من الوحي، فيبطل الله ما يلقيه الشيطان من إلقائه، ويثبت آياته، والله عليم بكل شيء, لا يخفى عليه شيء، حكيم في خلقه وتقديره وتدبيره.
يُلْقِي الشيطان في قراءة النبي ليصيّر الله ما يلقيه امتحانًا للمنافقين، وللذين قست قلوبهم من المشركين، وإن الظالمين من المنافقين والمشركين لفي عداوة لله ورسوله وبُعْدٍ عن الحق والرشاد.

قال في التحرير والتنوير:

وَقَدْ فَسَّرَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ تَمَنَّى بِمَعْنَى قَرَأَ، وَتَبِعَهُمْ أَصْحَابُ كُتُبِ اللُّغَةِ وَذَكَرُوا بَيْتًا نَسَبُوهُ إِلَى حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ وَذَكَرُوا قِصَّةً بِرِوَايَاتٍ ضَعِيفَةٍ سَنَذْكُرُهَا. وَأَيًّا مَا كَانَ فَالْقَوْلُ فِيهِ هُوَ وَالْقَوْلُ فِي تَفْسِيرِ التَّمَنِّي بِالْمَعْنَى الْمَشْهُورِ سَوَاءٌ، أَيْ إِذَا قَرَأَ عَلَى النَّاسِ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ لِيَهْتَدُوا بِهِ أَلَقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ، أَيْ فِي قِرَاءَتِهِ، أَيْ وَسْوَسَ لَهُمْ فِي نُفُوسِهِمْ مَا يُنَاقِضُهُ وَيُنَافِيهِ بِوَسْوَسَتِهِ لِلنَّاسِ التَّكْذِيبَ وَالْإِعْرَاضَ عَنِ التَّدَبُّرِ. فَشِبْهُ تَسْوِيلِ الشَّيْطَانِ بِوَسْوَسَتِهِ لِلْكَافِرِينَ عَدَمُ امْتِثَالِ النَّبِيءِ بِإِلْقَاءِ شَيْء فِي شَيْءٍ لِخَلْطِهِ وَإِفْسَادِهِ.

وَعِنْدِي فِي صِحَّةِ إِطْلَاقِ لَفْظِ الْأُمْنِيَّةِ عَلَى الْقِرَاءَةِ شَكٌّ عَظِيمٌ، فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ وَرَدَ تَمَنَّى بِمَعْنَى قَرَأَ فِي بَيْتٍ نُسِبَ إِلَى حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ إِنْ صَحَّتْ رِوَايَةُ الْبَيْتِ عَنْ حَسَّانَ عَلَى اخْتِلَافٍ فِي مِصْرَاعِهِ الْأَخِيرِ:
تَمَنَّى كِتَابَ اللَّهِ أَوَّلَ لَيْلِهِ ... تَمَنِّي دَاوُدَ الزَّبُورَ عَلَى مَهَل
فَلَا أَظُنُّ أَنَّ الْقِرَاءَةَ يُقَالُ لَهَا أُمْنِيَّةٌ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّ النَّبِيءِ إِذَا تَمَنَّى هَدْيَ قَوْمِهِ أَوْ حَرَصَ عَلَى ذَلِك فلقي مِنْهُم الْعِنَادَ، وَتَمَنَّى حُصُولَ هُدَاهُمْ بِكُلِّ وَسِيلَةٍ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي نَفْسِ النَّبِيءِ خَاطِرَ الْيَأْسِ مَنْ هُدَاهُمْ عَسَى أَنْ يُقْصِرَ النَّبِيءَ مِنْ حِرْصِهِ أَوْ أَنْ يُضْجِرَهُ، وَهِيَ خَوَاطِرُ تَلُوحُ فِي النَّفْسِ وَلَكِنَّ الْعِصْمَةَ تَعْتَرِضُهَا فَلَا يَلْبَثُ ذَلِكَ الْخَاطِرُ أَنْ يَنْقَشِعَ وَيَرْسَخَ فِي نَفْسِ الرَّسُولِ مَا كُلِّفَ بِهِ مِنَ الدَّأْبِ عَلَى الدَّعْوَةِ وَالْحِرْصِ عَلَى الرُّشْدِ. فَيَكُونُ مَعْنَى الْآيَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مُلَوِّحًا إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ [الْأَنْعَام: 35] .

وَمَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ: أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ وَالرُّسُلَ يَرْجُونَ اهْتِدَاءَ قَوْمِهِمْ مَا اسْتَطَاعُوا فَيُبَلِّغُونَهُمْ مَا يَنْزِلُ إِلَيْهِمْ مِنَ اللَّهِ وَيَعِظُونَهُمْ وَيَدْعُونَهُمْ بِالْحُجَّةِ وَالْمُجَادَلَةِ الْحَسَنَةِ حَتَّى يَظُنُّوا أَنَّ أُمْنِيَّتَهُمْ قَدْ نَجَحَتْ وَيَقْتَرِبُ الْقَوْمُ مِنَ الْإِيمَانِ، كَمَا حَكَى اللَّهُ عَنِ الْمُشْرِكِينَ قَوْلَهُمْ: أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا لَوْلا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها [الْفرْقَان: 41- 42] فَيَأْتِي الشَّيْطَانُ فَلَا يَزَالُ يُوَسْوِسُ فِي نُفُوسِ الْكُفَّارِ فَيَنْكِصُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، وَتِلْكَ الْوَسَاوِسُ ضُرُوبٌ شَتَّى مِنْ تَذْكِيرِهِمْ بِحُبِّ آلِهَتِهِمْ، وَمِنْ تَخْوِيفِهِمْ بِسُوءِ عَاقِبَةِ نَبْذِ دِينِهِمْ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ ضُرُوبِ الضَّلَالَاتِ الَّتِي حُكِيَتْ عَنْهُمْ فِي تَفَاصِيلِ الْقُرْآنِ، فَيَتَمَسَّكُ أَهْلُ الضَّلَالَةِ بِدِينِهِمْ وَيَصُدُّونَ عَنْ دَعْوَةِ رُسُلِهِمْ، وَذَلِكَ هُوَ الصَّبْرُ الَّذِي فِي قَوْلِهِ: لَوْلا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها [الْفرْقَان: 42] وَقَوْلِهِ: وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ [ص: 6] . وَكُلَّمَا أَفْسَدَ الشَّيْطَانُ دَعْوَةَ الرُّسُلِ أَمَرَ اللَّهُ رُسُلَهُ فَعَاوَدُوا الْإِرْشَادَ وَكَرَّرُوهُ وَهُوَ سَبَبُ تَكَرُّرِ مَوَاعِظَ مُتَمَاثِلَةٍ فِي الْقُرْآنِ، فَبِتِلْكَ الْمُعَاوَدَةِ يَنْسَخُ مَا أَلْقَاهُ الشَّيْطَانُ وَتَثْبُتُ الْآيَاتُ السَّالِفَةُ. فَالنَّسْخُ: الْإِزَالَةُ، وَالْإِحْكَامُ: التَّثْبِيتُ.
وودتُ لو نقلتُ كلامَه كله ........لكن سيطول ..
ولقد فتح اللهُ على القاسمي رحمه الله في تفسيره أيضا .....فانظره - فضلا ...
 
بسم الله الرحمن الرحيم .................
أتمنى من الله عزّ وجلّ أن يأخذ مؤلفوا تفسير المُختصر هذه الأمور بعين الاعتبار-تنزيها لمعنى كلام الله - كما هو الحال في ألفاظه .
ومازالت هناك أمور جمعتُها -- لكن لما لم يكن من رد على ما نقلت ااكتفيت مؤقتا حتى يظهر أمر آخر .
وعجيبٌ عدم الرد- فهي غفلةٌ لا أجدُ لها توجيها .
 
بسم الله الرحمن الرحيم .................
أتمنى من الله عزّ وجلّ أن يأخذ مؤلفو تفسير المُختصر هذه الأمور بعين الاعتبار-تنزيها لمعنى كلام الله - كما هو الحال في ألفاظه .
ومازالت هناك أمور جمعتُها -- لكن لما لم يكن من رد على ما نقلت اكتفيت مؤقتا حتى يظهر أمر آخر .
وعجيبٌ عدم الرد- فهي غفلةٌ لا أجدُ لها توجيها .
 
عودة
أعلى