أبا زينب
أنا لا أرى أن إبن القيم على جلال قدره قد أصاب في قوله
(([color=990033]دل هذا اللفظ باختصاره و جلالته و فصاحته على نفي كل عاصم سواه و على نفي كل معصوم سوى من رحمه الله . فدل الاستثناء على أمرين على المعصوم من هو و على العاصم وهو ذو الرحمة ))[/color]
لسببين1-لا حاجة في سياق موجه لنبي من أنبياء الله أن يذكر ببدهية أن لا عاصم من أمر الله
فإذا جاء أمر الله ليس هناك من قوة تقف في وجه هذا الأمر
2-إن في سياق الآية وما قبلها ما يدل على صحة القول بأن لامعصوم من أمر الله وذلك لأن إبنه ظن أن صعوده إلى رأس جبل سيعصمه من الماء فصح أن يقول له لست معصوما من أمر الله بصعودك للجبل
أما قوله((: [color=990000]أن عاصما بمعنى معصوم كماء دافق و عيشة راضية و المعنى لا معصوم إلا من رحمه الله و هذا فاسد لأن كل واحد من اسم الفاعل و اسم المفعول موضوع لمعناه الخاص به فلا يشاركه فيه الآخر و ليس الماء الدافق بمعنى المدفوق بل هو فاعل على بابه كما يقال ماء جار فدافق كجار فما الموجب للتكلف البارد [/color].))
فلست أرى صواب تهجمه على من قال بأن لا عاصم بمعنى لا معصوم وذلك في قوله(([color=990033]فما الموجب للتكلف البارد .)) وقوله((و هذا فاسد ))[/color]
وعظام المفسرين قالوا عن الماء الدافق بأنه مدفوق--وبالفعل فهو مدفوق فمن يستطيع أن يقول أن ماء الرجل غير مدفوق ---ولكنه استخدام بليغ عبر فيه القرآن عن آلية إندفاع ماء الرجل الباهرة وكأنه إندفاع فاعل مقرر لا إندفاع مفعول
ولا بد لنا أن نشير إلى أن إبن القيم رحمه الله من أنصار القول بعدم وجود مجاز وكنايات في النصوص القرآنية مع أن ذلك مما لا يقره عليه عظام المفسرين
إلا أننا للإنصاف نورد تفسير القرطبي للاية
((
[color=3333FF]أَيْ لَا مَانِع ; فَإِنَّهُ يَوْم حَقَّ فِيهِ الْعَذَاب عَلَى الْكُفَّار . وَانْتَصَبَ " عَاصِم " عَلَى التَّبْرِئَة . وَيَجُوز " لَا عَاصِم الْيَوْم " تَكُون لَا بِمَعْنَى لَيْسَ .
إِلَّا مَنْ رَحِمَ
فِي مَوْضِع نَصْب اِسْتِثْنَاء لَيْسَ مِنْ الْأَوَّل ; أَيْ لَكِنْ مَنْ رَحِمَهُ اللَّه فَهُوَ يَعْصِمهُ , قَالَهُ الزَّجَّاج . وَيَجُوز أَنْ يَكُون فِي مَوْضِع رَفْع , عَلَى أَنَّ عَاصِمًا بِمَعْنَى مَعْصُوم ; مِثْل : " مَاء دَافِق " [ الطَّارِق : 6 ] أَيْ مَدْفُوق ; فَالِاسْتِثْنَاء . عَلَى هَذَا مُتَّصِل ; قَالَ الشَّاعِر : بَطِيء الْقِيَام رَخِيم الْكَلَا م أَمْسَى فُؤَادِي بِهِ فَاتِنَا أَيْ مَفْتُونًا . وَقَالَ آخَر : دَعْ الْمَكَارِم لَا تَنْهَض لِبُغْيَتِهَا وَاقْعُدْ فَإِنَّك أَنْتَ الطَّاعِم الْكَاسِي أَيْ الْمَطْعُوم الْمَكْسُوّ . قَالَ النَّحَّاس : وَمِنْ أَحْسَن مَا قِيلَ فِيهِ أَنْ تَكُون " مَنْ " فِي مَوْضِع رَفْع ; بِمَعْنَى لَا يَعْصِم الْيَوْم مِنْ أَمْر اللَّه إِلَّا الرَّاحِم ; أَيْ إِلَّا اللَّه . وَهَذَا اِخْتِيَار الطَّبَرِيّ . وَيُحَسِّن هَذَا أَنَّك لَمْ تَجْعَل عَاصِمًا بِمَعْنَى مَعْصُوم فَتُخْرِجهُ مِنْ بَابه , وَلَا " إِلَّا " بِمَعْنَى " لَكِنْ "[/color]