عن بعض تاءات "البزي"

إنضم
27/04/2006
المشاركات
751
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
مكة المكرمة
وددت الاستفسار عن قوله تعالى (عنه تّلهى) في رواية البزي فقد استغربت منذ قرأته على الشيخ لأول مرة بمد واو الصلة كما نمد ألف (ولا تّيممو) . ووجدتني أتعقل مد ألف {ولا تّيمموا} وألف {ولا تّعاونوا} ولكني استغربت عدم كسر النون وإبقاء الإخفاء في {فإن تَّولوا} و{وإن تّولوا} بهود كما استغربت مدّ الصلة في {عنه تلهى} استغرابا لم يفارقني قط . فهل من نص على إبقاء الصلة في هذا الحرف؟ وهل ثم من قرأ بحذفها (ولو في بطون الكتب)؟ وجزى الله خيرا من أفاد في المسألة شيئاً
 
قال ابن آجروم: فإن قيلَ: لمَ أثبتَ البزِّي الصلةَ في: "عنه تلهى"، وقد جمَعَ بين السَّاكنَين على غير حدِّهِمَا؟
فالجوابُ: أنَّ سُكونَ التاء عارضٌ إنما يكون مع الاتصال، فلم يُعتَدَّ به لذلك، مع أنه لما أدغَمَ التَّاءَ الأولى في الثَّانية - وهي في الابتداء - تَوهَّمَ أن التَّاءَ مع ما قبلها كالكلمة الواحدة، فصارَ التقاءُ السَّاكنين فيه كأنه من كلمة واحدة، فأشبَهَ ما التقيا فيه على حدِّهِمَا كـ"الطامة".
 
قال ابن آجروم: فإن قيلَ: لمَ أثبتَ البزِّي الصلةَ في: "عنه تلهى"، وقد جمَعَ بين السَّاكنَين على غير حدِّهِمَا؟
فالجوابُ: أنَّ سُكونَ التاء عارضٌ إنما يكون مع الاتصال، فلم يُعتَدَّ به لذلك، مع أنه لما أدغَمَ التَّاءَ الأولى في الثَّانية - وهي في الابتداء - تَوهَّمَ أن التَّاءَ مع ما قبلها كالكلمة الواحدة، فصارَ التقاءُ السَّاكنين فيه كأنه من كلمة واحدة، فأشبَهَ ما التقيا فيه على حدِّهِمَا كـ"الطامة".

الحالة هذه تستدعي التوقف والتفكير فإبقاء الصلة بعد الساكن أصلا مما خالف فيه المكي سائر القراء ووافقه حفص عن عاصم في {فيه مهانا} فقط، وقد أجمعوا على حذف كل صلة إذا وليها ساكن وحين يبقى على الصلة في {عنه تّلهى} بعد تشديد التاء يكون قد خالف القراء مخالفة مضاعفة وهي إبقاء الصلة بعد ساكن وقبل ساكن في نفس الوقت. أتمنى أن نعثر على نصوص قديمة عند أساطين النحو والقراءة في نقد هذا المذهب في القراءة الذي عليه الأداء للمكي لأنه مما يسترعي النظر بحقّ والله أعلم
 
قال أبو شامة في الحرز:
ولا يمنع تشديد التاء من صلة الهاء في عنه بواو على أصله بل يصل ويشدد فيقع التشديد بعد حرف مد هو الواو فيبقى مثل-ولا تيمموا-فهذا معنى قوله قبله الهاء وصلا أي وصل الهاء بواو وتمم الناظم البيت بذلك زيادة في البيان خوفا من ترك الفطن لذلك كما أنه يترك الصلة في نحو-لعلمه الذين-ويستظهر بقول الناظم ولم يصلوا ها مضمر قبل ساكن وقد تقدم الفرق بينهما في سورة أم القرآن في شرح قوله ومن دون وصل ضم ها قبل ساكن وفي أول باب هاء الكناية وقد ذكر مكي-عنه تلهى-في جملة ما قبله حرف مد ولولا الصلة لعده في جملة ما قبله متحرك والله أعلم
(534)
 
قال المالقي: قال الحافظ رحمه الله: "وهذا إذا لم تلق الهاء ساكنا".
قد تقدم أن الهاء إذا سكن ما بعدها فابن كثير يوافق الجماعة على ترك الصلة إلا في قوله تعالى: "عنه تلهى" في قراءة البزي حيث شدد التاء وأبقى صلة الهاء، وقد تقدم في صدر باب الإدغام أن الحرف المشدد يتكون من حرفين أولهما ساكن، لكن لما كان هذا التشديد عارضا كما قال الحافظ لم يعتد به، فلم تحذف الصلة لذلك، بل يجب أن يزاد في مدها على ما يأتي بعد بحول الله عز وجل.
فإن قيل: وكيف يكون التشديد عارضا والأصل "تتلهى" بتاءين، بل التخفيف هو العارض؛ لما فيه من حذف إحدى التاءين هربا من توالي المثلين، فأما التشديد ففيه إثبات التاءين وهو الأصل، غير أنه لما استثقل ذلك أسكنت الأولى وأدغمت في الثانية طلبا للتخفيف، فكيف يكون التشديد عارضا وفيه إبقاء الأصل؟
فالجواب أن الأصل كما قلت أن يكون بتاءين، ثم إن العرب منهم من يتكلم بالأصل ولا يبالي بالثقل، ومنهم من يستثقل فيخفف بالحذف، ويطرد ذلك في الوصل والابتداء، ويلتزم هذا حتى يصير كأنه الأصل، ولا يعرج على ما كان قبل ذلك، وهذا المعنى ملحوظ عندهم، وإليه أشار قائلهم
إذا انصرفت نفسي عن الأمر لم تكد إليه بوجه آخر الدهر ترجع​
فلما صار هذا الحذف كأنه أصل في الكلام، حكم للتشديد المنبه على الأصل بحكم العارض، كما قالوا: اجتمعت أهل اليمامة، بإثبات التاء في الفعل، لما كان الذي كثر في كلامهم واشتهر أن يقولوا: اجتمعت اليمامة، ويحذفون "الأهل" حتى صار كالمتروك في الأصل، وإن كان إثباته هو الأصل، فإذا لفظ به يوما ما فقيل: اجتمعت أهل اليمامة، أبقوا التاء، وحكموا على "الأهل" بحكم المقحم الزائد حتى صار "اجتمع أهل اليمامة" بحذف التاء قليلا في كلامهم.
ويقوي كون هذا التشديد في حكم العارض اختصاصه بالوصل دون الابتداء؛ إذ لا يجوز الابتداء بهذه التاء في هذه الكلمة وسائر أخواتها إلا بالتخفيف كما هو مذكور في موضعه من فرش الحروف، ولا يجوز إدخال همزة الوصل ولا النطق بتاءين مفككتين.
وإن شئت قلت: إن الذي ذهب من العرب إلى التشديد لم يرتكبه بعد استقرار الحذف لينبه على الأصل، ولكنه لما استثقل اجتماع المثلين متحركين، سكن الأول وأدغمه في الثاني، واكتفى بهذا القدر من التخفيف، وعلى هذا أيضا لا يخرج التشديد عن كونه عارضا؛ إذ الأصل التفكيك والتحريك.
واعلم أن السؤال وارد على كل واحد من المذهبين؛ أما المذهب الثاني فيرد عليه عدم الاطراد؛ لأنه يسكن ويدغم في الوصل، ويحذف الحرف بحركته في البتداء.
وأما المذهب الأول فيرد عليه أنه لما شدد لينبه على الأصل عرض فيه الرجوع إلى ما قد كان رفض.
فإن قيل: لا ينكر الرجوع إلى الأصل في كلام العرب كما قال الشاعر:
فإنه أهل لأن يؤكرما​
فأثبت الهمزة الهمزة.
وقال الآخر:
........ أني أجود لأقوام وإن ضننوا​
بتفكيك النونين.
ومن صرف ما لا ينصرف.
قيل: هذا كله صحيح ولكن بابه الشعر، ويقل وجوده في الكلام، والله - لا إله غيره -أعلم.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
عودة
أعلى