عبدالكريم عزيز
New member
أستسمح في كوني اتخذت هذا الموضوع مستقلا . وذلك لكي لا أُؤثر على مجرى المحاضرة القيمة التي ألقاها أستاذي وشيخي الدكتور مساعد الطيار . فالشكر موصول له وللإخوة القائمين على مركز تفسير ، وعلى رأسهم أستاذنا الكريم عبد الرحمن الشهري .
وهذا رابط المحاضرة : http://vb.tafsir.net/tafsir37507/
فبصراحة المحاضرة كانت قيمة وغنية ، وهي تشدك من أولها إلى آخرها . وتتناول مجالا ثرا يحتاج إلى مزيد من الجهود ، حتى نقترب من النص القرآني أكثر ، في زمن بدأ اللحن يدب إلى لغتنا التي ما فتئت تمتزج بالعامية في كل البلدان العربية . مما يؤثر علينا سلبا في تعاملني مع فهم لسان القرآن الكريم .
في هذه المحاولة أريد أن أركز كطالب باحث على مداخلة قام بها الأستاذ الدكتور زيد العيص . وهي عبارة عن تساؤلات ، وهي موجهة للدكتور مساعد الطيار ، ولا بأس بإبرازها بعد تفريغها ، فإليكموها :
يقول الدكتور العيص : " أولا : من حيث التنظير تقول : إن اللغة هي الأساس في التفسير ، لكني أعتقد أننا عند التطبيق نؤخرها كثيرا حين نسلط عليها السلف ، ونجعل السلف الصالح وسيطا بيننا وبين اللغة : فما قاله السلف هو الصحيح ، وما خرج عنه السلف غير صحيح . فصرنا نحاكم الدلالة اللغوية إلى فهم السلف للقرآن . وأنا في نظري هذه إشكالية .
يؤكد هذه الإشكالية أن السلف فسروا بالمعنى ، وأعربوا على المعنى . فأحيانا ، السلف قد يفسرون من أجل بيان الآية للعوام ، والدكتور أراحنا فذكر أمثلة،{يستحيون نساءكم } يمتهنون نساءكم . أراد أن يوضح المعنى باختصار ، لكن هذا ليس تفسيرا ، قول واحد . {يستحيون نساءكم } ، يُبقون نساءكم أحياء لأغراض خاصة ، وهي الامتهان . هذا تقصير في المعنى . هم أبقوها لأمور كثيرة تعلمونها أنتم . (هذه مسألة)
ثانيا : القول بأن السلف الصالح بما فيهم الصحابة الكرام هم أعلم الناس باللغة ، وعندهم إحاطة بدلالات الألفاظ ، أنا برأيي هذه مسألة تحتاج إلى تأمل . إذ أن الإحاطة بدلالة الألفاظ من جملة الصنائع . لكن فهل هم فعلا تحققت لهم هذه الصنعة ، فكانوا يتقنون اللغة . فليس هناك تلازم بين هاتين المسألتين .
وحتى معاجم اللغة ، حين نفزع إليهم ، هل هذه المعاجم فسرت اللفظة تفسيرا لغويا أم فسرتها تفسيرا شرعيا .
لسان العرب ، حين أتكلم عن السلوى ـ أنا آتي بأمثلة خارجية ـ قال السلوى هي الطير . تجد هذا التفسير مثلا عند صاحب اللسان . فأحيانا نحن نُخدع حين نتجه إلى صاحب اللسان ، فنُفاجأ أنه يفسر لنا القرآن : ذهبت لأصحاب المعاجم ليعطوني الدلالة المعنوية لهذه المفردة قبل نزول القرآن ، فأراه يستعير تفسيرا من تفسير التابعين .
هنا أيضا مسألة أرجو أن يتسع لها المقام : حين يتعارض تفسير الصحابة ـ تفسير السلف عموما ـ مع اللغة ، نقدم تفسير الصحابة ، كما هو المنهج عندنا . وإذا تعارض قولان ، نقدم تفسير الصحابة . فالسلوى والعسل ، اتفقوا على أن السلوى في اللغة هي العسل ، وفي القرآن هي الطير . إذن هناك اتفاق على أن اللفظة تحتمل العسل وتحتمل الطير . وإذا كان ذلك كذلك ، فلا يجزم بمعنى واحد إلا دليل صحيح صريح من كتاب أو سنة فقط . أما من التابعين ، من السلف ، من المفسرين فهم مجتهدون . فلماذا سُلط المفسرون على مثل هذه الألفاظ .
أنا عندي تفسير وهو تساؤل : أنا أعتقد أننا في ردنا على الاستخدام السيئ للغة وتوظيف اللغة السيئ من المعتزلة ، صار عندنا ردة فعل ، سلطنا السلف بما فيهم الصحابة والتابعين ـ القرون الثلاثة الأولى ـ سلطناهم على اللغة لنقول للمعتزلة : فهمكم غير صحيح وفهمنا الصحيح . وبهذا صراحة نحن أسأنا للغة وأسأنا للقرآن من حيث لا ندري .
ولهذا ، اللغة جاءت في المرتبة الرابعة ـ وأنا أشكر الدكتور مساعد الذي قدمها ، وأرجو الدكتور أن يحتملني في هذه العبارة ـ الدكتور مساعد في محاضرته قدم اللغة تنظيرا وأخرها تطبيقا ، وقدم عليها السلف لأنه في الحقيقة من حراس منهج السلف جزاه الله خيرا في هذا المجال ."