على من يعود ضمير عليهم في الآية : ( تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا )؟

إنضم
18/05/2011
المشاركات
1,237
مستوى التفاعل
1
النقاط
38
على من يعود ضمير الهاء في (تتلو عليهم) في قوله تعالى:
(وَلَٰكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَٰكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ).
وعليه ماهو تفسير هذه الآية؟
 
يقول تعالى في سورة القصص : ﴿وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَىٰ مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (44) وَلَٰكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَٰكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (45) وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَٰكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (46) ﴾ .
إذا تأملنا في الأسلوب القرآني نجد كل كلام له استدراك خاص به : الجملة الأولى : ﴿وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَىٰ مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾ . والجملة المستدركة لها : ﴿ وَلَٰكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ﴾ .
الجملة الثانية : ﴿ وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا﴾ والجملة المستدركة لها : ﴿ وَلَٰكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ﴾ .
الجملة الثالثة : ﴿ وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا﴾ والجملة المستدركة لها : ﴿ وَلَٰكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ .
فكل جملة لها جملة تستدركها ؛ تأتي الجملة تخبر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن حاضرا أثناء عصر موسى ، وتأتي الجملة المستدركة لتخبره عن حالته مع قومه .
يقول الزمخشري (ت:538هـ) : " فإن قلت : كيف يتصل قوله : { وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُوناً } بهذا الكلام ؟ ومن أي وجه يكون استدراكاً له ؟ قلت : اتصاله به وكونه استدراكاً له ، من حيث أن معناه : ولكنا أنشأنا بعد عهد الوحي إلى عهدك قرونا كثيرة { فَتَطَاوَلَ } على آخرهم : وهو القرن الذي أنت فيهم { العمر } أي أمد انقطاع الوحي واندرست العلوم ، فوجب إرسالك إليهم ، فأرسلناك وكسبناك العلم بقصص الأنبياء وقصة موسى عليهم السلام ، كأنه قال : وما كنت شاهداً لموسى وما جرى عليه ، ولكنا أوحينا إليك . فذكر سبب الوحي الذي هو إطالة الفترة ؛ ودلّ به على المسبب على عادة الله عز وجل في اختصاراته ؛ فإذاً هذا الاستدراك شبيه الاستدراكين بعده { وَمَا كُنتَ ثَاوِياً } أي مقيماً { فِى أَهْلِ مَدْيَنَ } وهم شعيب والمؤمنون به { تَتْلُو عَلَيْهِمْ ءاياتنا } تقرؤها عليهم تعلماً منهم ، يريد : الآيات التي فيها قصة شعيب وقومه ، ولكنا أرسلناك وأخبرناك بها وعلمناكها " .
الجملة القرآنية : ﴿ وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا﴾ ، الهاء في (عليهم) تعود إلى أهل مدين . وذلك من خلال الأسلوب القرآني المتناسق .

والله أعلم وأحكم
 
بارك الله فيكم ياشيخ عبدالكريم
ماهو الشاهد من اللغة الدال على أن معنى (تتلوا عليهم)(تقرؤها عليهم تعلما منهم)؟
ألا يعود الضمير على أهل مكة ؟
 
في الآية دليل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، إذ لم يكن في أهل مدين ليعلم أخبار تلك الأقوام فكيف يخبر بها أهل مكة ويتلوها عليهم إن لم يكن وحيا من عند الله تعالى.
 
من خلال الأسلوب القرآني المتناسق بين النفي والاستدراك يتضح ما يلي :
قوله تعالى : ﴿ وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَٰكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ﴾ . فجملة : ﴿تتلو عليهم﴾ هي جملة حالية .
جملة النفي جاءت لتدل على أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن مقيما في أهل مدين وهو يتلو الآيات الخاصة بهم ، ومن خلال هذه التجربة الواقعية جاء بهذا الخبر .
﴿وَلَٰكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ﴾ أي أرسلناك إلى أهل مكة لتخبرهم بأمر مدين . إنه الغيب الذي لا يعلمه إلا الله .
والآية دليل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ؛ إذ لم يكن في أهل مدين ولم يكن يتلو تلك الآيات عليهم . ولكنه الوحي ؛ الله سبحانه وتعالى أرسل رسوله محمد صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة وأخبره بما كان من أخبار الغيب .
ومثل هذا في القرآن الكريم : ﴿ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ﴾ [آل عمران:44] .

والله أعلم وأحكم
 
عودة
أعلى