لا يظهر أن الاضطراب سببه عدم وضوح كلام الخليل _إن كنت تقصد ما ذكره في العين_ لأن كلامه في العين واضح كوضوح الشمس, وقد ذكره العماني في الأوسط بنصه, فكيف استبان للعماني وخفي على غيره؟يمكن تفسير هذا الاضطراب الذي أشرتَ إليه بأحد أمرين في نظري:
الأول: أن يكون للخليل أكثر من رأي في المسألة وربما ذكرها في بعض كتبه غير العين لم تصل إلينا فنقل كل من أؤلئك وفق ما شاهد ورأى.
الثاني: أن يكون أؤلئك الذين حكوا عنه تلك الآراء بعضهم أصاب وبعضهم جانبه الصواب فوهم أؤلئك البعض في النقل والعزو وتتابعوا في النقل عن بعضهم دون الرجوع إلى مصدر القول وهذا له أكثر من سبب كأن يكون الكتاب مفقودا عندهم أو ثقة منهم في النقل عن بعضهم.
والله أعلم
بارك الله فيك أخي, قولك إن الاضطراب ليس سببه عدم وضوح كلام الخليل بن أحمد في كتابه (العين), يدحضه ويرده كلام الإمام عبدالوهاب القرطبي, فإنه نقل كلام الخليل بن أحمد بنصه في العين وليس من أي كتاب آخر, ثم قال بعد نقله له:
((وقد قيل إن هذا الترتيب فيه خطل واضطراب)).
إذا أخي اختلاف العلماء في تحديد قول الخليل إنما هو من العين نفسه.
وليس هذا حكم عبدالوهاب القرطبي فقط بل قول ابن جني في كتابه سر صناعة الإعراب.
والسؤال هنا, كيف يكون للخليل ثلاثة كتب؟ هذه الثلاثة تحدث فيها عن مخارج الحروف: كتاب يقول فيه بالسبعة عشر, ثم يرجع ويقول بل هي: ستة عشر, ثم يرجع ويقول: بل هي تسعة,أو العكس, أليس هذا كله مستبعد يا أخي؟!!!!
ويدل على ما ذكرته أن العلماء قد تركوا تقسيم الخليل بن أحمد لمخارج الحروف ولم يعولوا عليه في الجملة, وإذا طالعت كتب اللغة والقراءات والتجويد تعلم ذلك, وسترى أنهم اعتمدوا على ما ذكره سيبويه, إلى أن جاء عصر الجعبري وابن الجندي الذين قالوا بالسبعة عشر, ومن هؤلاء الأئمة أبو عمرو الداني حيث يقول :
" وأنا أذكر ذلك على مذهب سيبويه خاصة, إذ هو الصحيح المعول عليه".
فإن قيل أليس من القسوة أن نقول ما قاله عبدالوهاب القرطبي وابن جني قبله بأن كلام الخليل فيه خلط واضطراب؟
أقول: لا ضير في ذلك, لأن من المعلوم أن الخليل بن أحمد هو أول من تكلم في مخارج الحروف وأجناسها, ومعلوم أن بداية الكلام على علم معين تكون غير واضحة المعالم والقواعد, ثم يأتي بعد ذلك من يوضحها أكثر إلى أن تستقر قواعد هذا العلم, وهذا في جميع العلوم.