محمد الربيعة
New member
- إنضم
- 18/04/2003
- المشاركات
- 116
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
خامساً: الرازي في تفسيره (مفاتيح الغيب)
الرازي يعتبر من أبرز المفسرين عناية بالسياق من جانب اهتمامه بالمناسبات والروابط ونظم الآيات. ومما يدل على عنايته بذلك قوله: "أكثر لطائف القرآن مودعة في الترتيبات والروابط" ([1]).
وتناوله لذلك ظاهر في بيان وجوه الربط بين الآيات في افتتاح كل آية، فتجده يقول: (ذكروا في اتصال هذه الآية بما قبلها وجوهاً) ([2])، ويقول في موضع آخر: (في كيفية النظم وجوه) ([3]).
وربما تجده يربط بين الآيات بربطها بموضوع واحد ويذكر الترتيب فيها، ومثال ذلك:
ماجاء في تفسيره لقوله تعالى: { وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًاوَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} الآية. [البقرة 58]
قال: "اعلم أن هذا هو الإنعام الثامن، وهذه الآية معطوفة على النعم المتقدمة لأنه تعالى كما بين نعمه عليهم بأن ظلل لهم من الغمام وأنزل (عليهم) من المن والسلوى، وهو من النعم العاجلة أتبعه بنعمه عليهم في باب الدين حيث أمرهم بما يمحو ذنوبهم وبين لهم طريق المخلص مما استوجبوه من العقوبة"([4]).
سادساً: أبو حيان في تفسيره (البحر المحيط)
يعتبر أبو حيان من أبرز المفسرين الذين عنوا بالسياق واعتبروه في تفسيرهم، ولعل سر ذلك هو بلوغ أبي حيان الرسوخ في علم اللغة والنحو والبلاغة. وقد جاء تفسيره حافلاً بالسياق في جوانب، منها: جانب ارتباط الآي بعضها ببعض، وجانب بيان أسرار التعبير، وجانب الترجيح.
فمن الأمثلة على عنايته بالسياق في جانب ارتباط الآية بعضها ببعض ونظمها في سلك واحد قوله في بداية سورة البقرة: "افتتح تعالى هذه السورة بوصف كلامه المبين، ثم بين أنه هدى لمؤمني هذه الأمة ومدحهم، ثم مدح من ساجلهم في الإيمان وتلاهم من مؤمني أهل الكتاب، وذكر ما هم عليه من الهدى في الحال ومن الظفر في المآل، ثم تلاهم بذكر أضدادهم المختوم على قلوبهم وأسماعهم المغطي أبصارهم الميؤوس من إيمانهم، وذكر ما أعد لهم من العذاب العظيم، ثم أتبع هؤلاء بأحوال المنافقين المخادعين المستهزئين وأخر ذكرهم وإن كانوا أسوأ أحوالاً من المشركين؛ لأنهم اتصفوا في الظاهر بصفات المؤمنين وفي الباطن بصفات الكافرين، فقدم الله ذكر المؤمنين، وثنّى بذكر أهل الشقاء الكافرين، وثلّث بذكر المنافقين الملحدين، وأمعن في ذكر مخازيهم فأنزل فيهم ثلاث عشرة آية، كل ذلك تقبيح لأحوالهم وتنبيه على مخازي أعمالهم، ثم لم يكتف بذكر ذلك حتى أبرز أحوالهم في سورة الأنفال، فكان ذلك أدعى للتنفير عما اجترحوه من قبيح الأفعال. فانظر إلى حسن هذا السياق الذي نوقل في ذروة الإحسان، وتمكن في براعة أقسام البديع وبلاغة معاني البيان"([5]).
سابعاً: شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم.
يعتبر شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم من أبرز من اعتمد السياق في بيان كلام الله تعالى، وترجيح الأقوال اعتماداً عليه، وقد قررا ذلك ببيان أهمية السياق.
قال شيخ الإسلام: "فإن الدلالة في كل موضع بحسب سياقه، وما يحف به من القرائن اللفظية والحالية"([7]).
وقال شيخ الإسلام: "ينظر في كل آية وحديث بخصوصه وسياقه، وما يبين معناه من القرائن والدلالات، فهذا أصل عظيم مهم نافع، في باب فهم الكتاب والسنة، والاستدلال بهما مطلقاً، ونافع في معرفة الاستدلال والاعتراض والجواب، وطرد الدليل ونقضه.. وفي سائر أدلة الخلق"([8]).
فانظر كيف كان السياق عند ابن تيمية هو الأصل العظيم في فهم الكتاب والسنة، وفي كل العلوم أيّاً كانت، بل وفي جميع حجج الخلق واستدلالاتهم.
وقال ابن القيم: "فائدة إرشادات السياق: السياق يرشد إلى تبيين المجمل وتعيين المحتمل والقطع بعدم احتمال غير المراد وتخصيص العام وتقييد المطلق وتنوع الدلالة، وهذا من أعظم القرائن الدالة على مراد المتكلم فمن أهمله غلط في نظره وغالط في مناظرته فانظر إلى قوله تعالى:{ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} [الدخان 49] كيف تجد سياقه يدل على أنه الذليل الحقير"([9]).
ثامناً: البقاعي في تفسيره (نظم الدرر في تناسب الآيات والسور).
يعتبر البقاعي من أبرز المفسرين عناية بالمناسبات، ولذا ألف تفسيره (نظم الدرر) معتمداً فيه على بيان المناسبات والروابط بين الآيات. وهو في ذلك كثيراً ما يعتمد السياق في بيان المناسبة والربط.
ومن أمثلة عنايته بالسياق في جانب الربط في المناسبة ما ذكره في قوله تعالى: +وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ" [الحجر87].
قال: "ولما ذكر صفة العلم بصيغة المبالغة، أتبعها ما آتاه في هذه الدار من مادة العلم بصيغة العظمة، فقال عطفاً على ما قدرته مما دل عليه السياق: { وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ} مما يدل على علمنا { سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي} وهي الفاتحة الجامعة على وجازتها جميع معاني القرآن" ([10]).
ومن عنايته بالسياق عنايته بإظهار وجه التعبير في الآيات اعتماداً على السياق، وأغراض السورة والآيات فيها. ففي تفسيره لقوله تعالى: { وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا} [البقرة:35].
قال في بيان معنى الآية ووجوه التعبير فيها: "ولما كان السياق هنا لمجرد بيان النعم استعطافاً إلى المؤالفة كان عطف الأكل بالواو في قوله: +وَكُلاَ مِنْهَا" كافياً في ذلك، وكان التصريح بالرغد الذي هو من أجل النعم عظيم الموقع فقال تعالى: { رغداً} أي واسعاً رافهاً طيباً هنيئاً.. بخلاف سياق الأعراف فإنه أريد منه مع التذكير بالنعم التعريف بزيادة التمكين،... ثم المقصود من حكاية القصص في القرآن إنما هو المعاني فلا يضر اختلاف اللفظ إذا أدى جميع المعنى أو بعضه ولم يكن هناك مناقضة، فإن القصة كانت حين وقوعها بأوفى المعاني الواردة ثم إن الله تعالى يعبر لنا في كل سورة تذكر القصة فيها بما يناسب ذلك المقام في الألفاظ عما يليق من المعاني ويترك ما لا يقتضيه ذلك المقام، وسأبين ما يطلعني الله عليه من ذلك في مواضعه إن شاء الله تعالى"([11]).
تاسعاً: ابن عاشور في تفسيره (التحرير والتنوير).
يعتبر ابن عاشور في المرتبة الثانية بعد ابن جرير في العناية بالسياق، وقد صرح بعنايته بالسياق واعتماده في تفسيره، فقال: "وقد اهتممت في تفسيري هذا ببيان وجوه الإعجاز، ونكت البلاغة العربية، وأساليب الاستعمال، واهتممت أيضاً ببيان تناسب اتصال الآي بعضها ببعض، وهو منزع جليل.. ولم أغادر سورة إلا بينت ما أحيط به من أغراضها لئلا يكون الناظر في تفسير القرآن مقصوراً على بيان مفرداته ومعاني جمله كأنها فقر متفرقة تصرف عن روعة انسجامه وتحجب عن روائع جماله"([12]).
ولقد أبدع في إظهار أغراض الآيات إبداعاً لم أجد أحداً من المفسرين سبقه فيه، وهذا هو السياق بعينه. كما أبدع في الترجيح بالسياق كثيراً.
ومن الأمثلة الدالة على عنايته بالسياق واعتباره له في التفسير والترجيح:
ما جاء في تفسيره لقوله تعالى: { إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ} [يونس:7].
قال في بيان المراد بالغفلة في الآية: "والمراد بالغفلة: إهمال النظر في الآيات أصلاً، بقرينة المقام والسياق وبما تومىء إليه الصلة بالجملة الاسمية { هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ} الدالة على الدوام، وبتقديم المجرور في قوله تعالى: +عَنْ آيَاتِنَا" من كون غفلتهم غفلة عن آيات الله خاصة دون غيرها من الأشياء فليسوا من أهل الغفلة عنها مما يدل مجموعه على أن غفلتهم عن آيات الله دأب لهم وسجية، وأنهم يعتمدونها فتؤول إلى معنى الإعراض عن آيات الله وإباء النظر فيها عناداً ومكابرة. وليس المراد مَن تعرِض له الغفلة عن بعض الآيات في بعض الأوقات"([13]).
ومما يدلك على عظيم عنايته بالسياق ودقته في استخراجه أنه يجادل أهل البلاغة الذين هم أكثر الناس علماً بالسياق، فتراه ينتقد الزمخشري في ذلك فيقول في بيان المراد بالصبغة وموقعها الإعرابي في قوله تعالى: { صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً} [البقرة 138] "هذا متصل بالقول المأمور به في { قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ} [البقرة 136]، وما بينها اعتراض كما علمت، والمعنى: آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل على الأنبياء من قبل إيماناً صبغة الله.... وانتصابه على أنه مفعول مطلق نائب عن عامله أي صبغنا صبغة الله، أو منصوباً وصفاً لمصدر محذوف دل عليه فعل { آمَنَّا بِاللّهِ} والتقدير: آمنا إيماناً صبغة الله، وهذا هو الوجه الملائم لإطلاق صبغة على وجه المشاكلة، وما ادعاه صاحب «الكشاف» من أنه يفضي إلى تفكيك النظم تهويل لا يعبأ به في الكلام البليغ؛ لأن التئام المعاني والسياق يدفع التفكك"([14]).
عاشراً: أصحاب المدرسة العقلية:
يعتبر أصحاب المدرسة العقلية من أبرز من اعتمد السياق في التفسير وجعله حجة على غيره.
ويؤكد ذلك صاحب المنار فيقول: "وأن أفضل قرينة تقوم على حقيقة معنى اللفظ؛ موافقته لما سبق له من القول، واتفاقه مع جملة المعنى، وائتلافه مع القصد الذي جاء له الكتاب بجملته"([15]).
ومما يؤكد عناية هذه المدرسة بالسياق أنه قد كتبت دراسة مستقلة عن عناية المدرسة بالسياق، وهي بعنوان: (السياق القرآني وأثره في تفسير المدرسة العقلية الحديثة) للدكتور سعيد الشهري، وقد أبرز فيها منهجهم من حيث عنايتهم بالسياق، وقرر ذلك بالأمثلة المستفيضة.
ومن أهم ما خرج به من النتائج بيان ما وقع فيه أصحاب هذه المدرسة من خطأ في الاستدلال بالسياق، من جهة لويهم للسياق على حسب ما يتوافق مع منهجهم العقلي. فقال في خاتمة رسالته: "قرر رجال المدرسة العقلية قواعد السياق تقريراً نظرياً فأجادوا وأحسنوا، لكنهم نقضوا ذلك حينما تصادمت مع أفكارهم وعقولهم - ويقول - إن السبب الرئيس في اضطراب رواد هذه المدرسة العقلية،هو تقديس العقل، وإبطال أو تأويل ما خالفه، سواء كان من الكتاب أو من السنة"([16]).
ويقول صاحب رسالة السياق القرآني وأثره في الكشف عن المعاني: "لقي السياق من مدرسة المنار عناية خاصة، فقد فتحت له الباب على مصراعيه، وقدمته على غيره من قرائن التفسير، ووسعت دائرة الاستعانة به لأسباب كثيرة تتناسب مع توجهات المدرسة بعامة، لعل من أبرزها أن التفسير بالمأثور لم يكن أكثره محل ثقة المدرسة حتى الأحاديث النبوية منه، وهذا يأذن لهم بالإعراض عن تفسير السابقين بخاصة المأثور منه، وفي هذا يقول الأستاذ محمد عبده([17]) (لا حاجة لنا في فهم كتاب الله إلى غير ما يدل عليه بأسلوبه الفصيح) "([18]).
والحق أن سبب اضطراب المدرسة ليس هو تقديم السياق على غيره من القرائن، وإنما هو بسبب إغفال جوانب رئيسة منها الأحوال التي نزلت فيها الآية ومن أهمها أسباب النزول فإنهم ردوا كثيراً منها، مما جعلهم يجانبون الصواب في تحديد السياق.
ومن أمثلة خللهم في الاستدلال بالسياق تفسيرهم لقوله تعالى: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ..} [البقرة 243] فقد فسروا الموت بالتيه والصغار وزوال عزهم، وفسروا الحياة بالخروج من التيه، وعودة العزة والكرامة لهم. واعتمدوا في تفسيرهم هذا على السياق، وهو أن السياق في الحث على الجهاد والتحريض عليه، وليس في مقام الحديث عن البعث والنشور ([19]).
وحسبنا دليلاً على بطلان هذا التفسير أنه مخالف لما أجمع عليه المفسرون، فضلاً عن أن السياق في الآية ملتئم تماماً مع تفسير الحياة والموت على الحقيقة؛ لأن السياق في تحذير المؤمنين من ترك الجهاد خوف الموت، وقد نصت الآية على خروجهم من ديارهم حذر الموت، لما دعوا للقتال، فأماتهم الله ليبين لهم أن الحذر لا يغنيهم. وما دفع أصحاب المدرسة العقلية إلى تجاهل المعنى الحقيقي مع وضوحه في السياق إلا التفسير العقلي.
الحادي عشر: سيد قطب في (في ظلال القرآن).
سيد قطب من أبرز المفسرين الذي جعلوا السياق عمدة التفسير، وقد اعتمده في بيان السياق العام للسورة الذي يمثل غرض السورة ومحورها الأساس.
ويقرر بنفسه المنهج فيقول: "إن كل سورة من سور القرآن ذات شخصية متفردة، وذات ملامح متميزة، وذات منهج خاص، وذات أسلوب معين، وذات مجال متخصص في علاج هذا الموضوع الواحد، وهذه القضية الكبرى، إنها كلها تتجمع على الموضوع والغاية"([20]).
ومن أمثل عنايته بمحور السورة العام وتتابعه وربطه بسياقها قوله في سورة الكهف": محور السورة هو تصحيح العقيدة. وتصحيح منهج الفكر والنظر. وتصحيح القيم بميزان العقيدة. ويسير سياق السورة حول هذه الموضوعات الرئيسية في أشواط متتابعة"([21]).
ويقول أيضاً في سورة النحل مبيناً مناسبة التعبير بقوله تعالى: { أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ} [النحل: 2] لسياق السورة: "معظم سياق السورة يدور حول المكذبين والمشركين والجاحدين لنعمة الله، والمحرمين ما أحله الله، والناقضين لعهد الله، والمرتدين عن الإيمان، ومن ثم يكون إظهار الإنذار أليق في هذا السياق. وتكون الدعوة إلى التقوى والحذر والخوف أولى في هذا المقام"([22]).
فنجد أنه بين مناسبة التعبير استدلالاً بمناسبته لسياق السورة.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) ((مفاتيح الغيب)) (5/345).
([2]) انظر: ((مفاتيح الغيب)) (3/255).
([3]) انظر: ((مفاتيح الغيب)) (4/10).
([4]) ((مفاتيح الغيب)) (2/118).
([5]) ((البحر المحيط)) (1/107).
([6]) ((البحر المحيط)) (4/75).
([7]) ((مجموع الفتاوى)) (6/14).
([8]) ((مجموع الفتاوى)) (6/18).
([9]) ((بدائع الفوائد)) (4/9).
([10]) ((نظم الدرر)) (4/ 428).
([11]) ((نظم الدرر)) (1/68).
([12]) ((مقدمة التحرير والتنوير)) (1/8).
([13]) ((التحرير والتنوير)) (6/430).
([14]) ((التحرير والتنوير)) (1/500).
([15]) انظر: دلالة السياق منهج مأمول لتفسير القرآن ص91.
([16]) ((السياق القرآني وأثره في تفسير المدرسة العقلية)) (ص428).
([18]) ((السياق القرآني وأثره في الكشف عن المعاني)) (ص32).
([19]) انظر: ((تفسير المنار)) (2/456).
([20]) ((في ظلال القرآن)) (3/1243).
([21]) ((في ظلال القرآن)) (5/52).
([22]) ((في ظلال القرآن)) (4/454).
الرازي يعتبر من أبرز المفسرين عناية بالسياق من جانب اهتمامه بالمناسبات والروابط ونظم الآيات. ومما يدل على عنايته بذلك قوله: "أكثر لطائف القرآن مودعة في الترتيبات والروابط" ([1]).
وتناوله لذلك ظاهر في بيان وجوه الربط بين الآيات في افتتاح كل آية، فتجده يقول: (ذكروا في اتصال هذه الآية بما قبلها وجوهاً) ([2])، ويقول في موضع آخر: (في كيفية النظم وجوه) ([3]).
وربما تجده يربط بين الآيات بربطها بموضوع واحد ويذكر الترتيب فيها، ومثال ذلك:
ماجاء في تفسيره لقوله تعالى: { وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًاوَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} الآية. [البقرة 58]
قال: "اعلم أن هذا هو الإنعام الثامن، وهذه الآية معطوفة على النعم المتقدمة لأنه تعالى كما بين نعمه عليهم بأن ظلل لهم من الغمام وأنزل (عليهم) من المن والسلوى، وهو من النعم العاجلة أتبعه بنعمه عليهم في باب الدين حيث أمرهم بما يمحو ذنوبهم وبين لهم طريق المخلص مما استوجبوه من العقوبة"([4]).
سادساً: أبو حيان في تفسيره (البحر المحيط)
يعتبر أبو حيان من أبرز المفسرين الذين عنوا بالسياق واعتبروه في تفسيرهم، ولعل سر ذلك هو بلوغ أبي حيان الرسوخ في علم اللغة والنحو والبلاغة. وقد جاء تفسيره حافلاً بالسياق في جوانب، منها: جانب ارتباط الآي بعضها ببعض، وجانب بيان أسرار التعبير، وجانب الترجيح.
فمن الأمثلة على عنايته بالسياق في جانب ارتباط الآية بعضها ببعض ونظمها في سلك واحد قوله في بداية سورة البقرة: "افتتح تعالى هذه السورة بوصف كلامه المبين، ثم بين أنه هدى لمؤمني هذه الأمة ومدحهم، ثم مدح من ساجلهم في الإيمان وتلاهم من مؤمني أهل الكتاب، وذكر ما هم عليه من الهدى في الحال ومن الظفر في المآل، ثم تلاهم بذكر أضدادهم المختوم على قلوبهم وأسماعهم المغطي أبصارهم الميؤوس من إيمانهم، وذكر ما أعد لهم من العذاب العظيم، ثم أتبع هؤلاء بأحوال المنافقين المخادعين المستهزئين وأخر ذكرهم وإن كانوا أسوأ أحوالاً من المشركين؛ لأنهم اتصفوا في الظاهر بصفات المؤمنين وفي الباطن بصفات الكافرين، فقدم الله ذكر المؤمنين، وثنّى بذكر أهل الشقاء الكافرين، وثلّث بذكر المنافقين الملحدين، وأمعن في ذكر مخازيهم فأنزل فيهم ثلاث عشرة آية، كل ذلك تقبيح لأحوالهم وتنبيه على مخازي أعمالهم، ثم لم يكتف بذكر ذلك حتى أبرز أحوالهم في سورة الأنفال، فكان ذلك أدعى للتنفير عما اجترحوه من قبيح الأفعال. فانظر إلى حسن هذا السياق الذي نوقل في ذروة الإحسان، وتمكن في براعة أقسام البديع وبلاغة معاني البيان"([5]).
سابعاً: شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم.
يعتبر شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم من أبرز من اعتمد السياق في بيان كلام الله تعالى، وترجيح الأقوال اعتماداً عليه، وقد قررا ذلك ببيان أهمية السياق.
قال شيخ الإسلام: "فإن الدلالة في كل موضع بحسب سياقه، وما يحف به من القرائن اللفظية والحالية"([7]).
وقال شيخ الإسلام: "ينظر في كل آية وحديث بخصوصه وسياقه، وما يبين معناه من القرائن والدلالات، فهذا أصل عظيم مهم نافع، في باب فهم الكتاب والسنة، والاستدلال بهما مطلقاً، ونافع في معرفة الاستدلال والاعتراض والجواب، وطرد الدليل ونقضه.. وفي سائر أدلة الخلق"([8]).
فانظر كيف كان السياق عند ابن تيمية هو الأصل العظيم في فهم الكتاب والسنة، وفي كل العلوم أيّاً كانت، بل وفي جميع حجج الخلق واستدلالاتهم.
وقال ابن القيم: "فائدة إرشادات السياق: السياق يرشد إلى تبيين المجمل وتعيين المحتمل والقطع بعدم احتمال غير المراد وتخصيص العام وتقييد المطلق وتنوع الدلالة، وهذا من أعظم القرائن الدالة على مراد المتكلم فمن أهمله غلط في نظره وغالط في مناظرته فانظر إلى قوله تعالى:{ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} [الدخان 49] كيف تجد سياقه يدل على أنه الذليل الحقير"([9]).
ثامناً: البقاعي في تفسيره (نظم الدرر في تناسب الآيات والسور).
يعتبر البقاعي من أبرز المفسرين عناية بالمناسبات، ولذا ألف تفسيره (نظم الدرر) معتمداً فيه على بيان المناسبات والروابط بين الآيات. وهو في ذلك كثيراً ما يعتمد السياق في بيان المناسبة والربط.
ومن أمثلة عنايته بالسياق في جانب الربط في المناسبة ما ذكره في قوله تعالى: +وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ" [الحجر87].
قال: "ولما ذكر صفة العلم بصيغة المبالغة، أتبعها ما آتاه في هذه الدار من مادة العلم بصيغة العظمة، فقال عطفاً على ما قدرته مما دل عليه السياق: { وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ} مما يدل على علمنا { سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي} وهي الفاتحة الجامعة على وجازتها جميع معاني القرآن" ([10]).
ومن عنايته بالسياق عنايته بإظهار وجه التعبير في الآيات اعتماداً على السياق، وأغراض السورة والآيات فيها. ففي تفسيره لقوله تعالى: { وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا} [البقرة:35].
قال في بيان معنى الآية ووجوه التعبير فيها: "ولما كان السياق هنا لمجرد بيان النعم استعطافاً إلى المؤالفة كان عطف الأكل بالواو في قوله: +وَكُلاَ مِنْهَا" كافياً في ذلك، وكان التصريح بالرغد الذي هو من أجل النعم عظيم الموقع فقال تعالى: { رغداً} أي واسعاً رافهاً طيباً هنيئاً.. بخلاف سياق الأعراف فإنه أريد منه مع التذكير بالنعم التعريف بزيادة التمكين،... ثم المقصود من حكاية القصص في القرآن إنما هو المعاني فلا يضر اختلاف اللفظ إذا أدى جميع المعنى أو بعضه ولم يكن هناك مناقضة، فإن القصة كانت حين وقوعها بأوفى المعاني الواردة ثم إن الله تعالى يعبر لنا في كل سورة تذكر القصة فيها بما يناسب ذلك المقام في الألفاظ عما يليق من المعاني ويترك ما لا يقتضيه ذلك المقام، وسأبين ما يطلعني الله عليه من ذلك في مواضعه إن شاء الله تعالى"([11]).
تاسعاً: ابن عاشور في تفسيره (التحرير والتنوير).
يعتبر ابن عاشور في المرتبة الثانية بعد ابن جرير في العناية بالسياق، وقد صرح بعنايته بالسياق واعتماده في تفسيره، فقال: "وقد اهتممت في تفسيري هذا ببيان وجوه الإعجاز، ونكت البلاغة العربية، وأساليب الاستعمال، واهتممت أيضاً ببيان تناسب اتصال الآي بعضها ببعض، وهو منزع جليل.. ولم أغادر سورة إلا بينت ما أحيط به من أغراضها لئلا يكون الناظر في تفسير القرآن مقصوراً على بيان مفرداته ومعاني جمله كأنها فقر متفرقة تصرف عن روعة انسجامه وتحجب عن روائع جماله"([12]).
ولقد أبدع في إظهار أغراض الآيات إبداعاً لم أجد أحداً من المفسرين سبقه فيه، وهذا هو السياق بعينه. كما أبدع في الترجيح بالسياق كثيراً.
ومن الأمثلة الدالة على عنايته بالسياق واعتباره له في التفسير والترجيح:
ما جاء في تفسيره لقوله تعالى: { إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ} [يونس:7].
قال في بيان المراد بالغفلة في الآية: "والمراد بالغفلة: إهمال النظر في الآيات أصلاً، بقرينة المقام والسياق وبما تومىء إليه الصلة بالجملة الاسمية { هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ} الدالة على الدوام، وبتقديم المجرور في قوله تعالى: +عَنْ آيَاتِنَا" من كون غفلتهم غفلة عن آيات الله خاصة دون غيرها من الأشياء فليسوا من أهل الغفلة عنها مما يدل مجموعه على أن غفلتهم عن آيات الله دأب لهم وسجية، وأنهم يعتمدونها فتؤول إلى معنى الإعراض عن آيات الله وإباء النظر فيها عناداً ومكابرة. وليس المراد مَن تعرِض له الغفلة عن بعض الآيات في بعض الأوقات"([13]).
ومما يدلك على عظيم عنايته بالسياق ودقته في استخراجه أنه يجادل أهل البلاغة الذين هم أكثر الناس علماً بالسياق، فتراه ينتقد الزمخشري في ذلك فيقول في بيان المراد بالصبغة وموقعها الإعرابي في قوله تعالى: { صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً} [البقرة 138] "هذا متصل بالقول المأمور به في { قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ} [البقرة 136]، وما بينها اعتراض كما علمت، والمعنى: آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل على الأنبياء من قبل إيماناً صبغة الله.... وانتصابه على أنه مفعول مطلق نائب عن عامله أي صبغنا صبغة الله، أو منصوباً وصفاً لمصدر محذوف دل عليه فعل { آمَنَّا بِاللّهِ} والتقدير: آمنا إيماناً صبغة الله، وهذا هو الوجه الملائم لإطلاق صبغة على وجه المشاكلة، وما ادعاه صاحب «الكشاف» من أنه يفضي إلى تفكيك النظم تهويل لا يعبأ به في الكلام البليغ؛ لأن التئام المعاني والسياق يدفع التفكك"([14]).
عاشراً: أصحاب المدرسة العقلية:
يعتبر أصحاب المدرسة العقلية من أبرز من اعتمد السياق في التفسير وجعله حجة على غيره.
ويؤكد ذلك صاحب المنار فيقول: "وأن أفضل قرينة تقوم على حقيقة معنى اللفظ؛ موافقته لما سبق له من القول، واتفاقه مع جملة المعنى، وائتلافه مع القصد الذي جاء له الكتاب بجملته"([15]).
ومما يؤكد عناية هذه المدرسة بالسياق أنه قد كتبت دراسة مستقلة عن عناية المدرسة بالسياق، وهي بعنوان: (السياق القرآني وأثره في تفسير المدرسة العقلية الحديثة) للدكتور سعيد الشهري، وقد أبرز فيها منهجهم من حيث عنايتهم بالسياق، وقرر ذلك بالأمثلة المستفيضة.
ومن أهم ما خرج به من النتائج بيان ما وقع فيه أصحاب هذه المدرسة من خطأ في الاستدلال بالسياق، من جهة لويهم للسياق على حسب ما يتوافق مع منهجهم العقلي. فقال في خاتمة رسالته: "قرر رجال المدرسة العقلية قواعد السياق تقريراً نظرياً فأجادوا وأحسنوا، لكنهم نقضوا ذلك حينما تصادمت مع أفكارهم وعقولهم - ويقول - إن السبب الرئيس في اضطراب رواد هذه المدرسة العقلية،هو تقديس العقل، وإبطال أو تأويل ما خالفه، سواء كان من الكتاب أو من السنة"([16]).
ويقول صاحب رسالة السياق القرآني وأثره في الكشف عن المعاني: "لقي السياق من مدرسة المنار عناية خاصة، فقد فتحت له الباب على مصراعيه، وقدمته على غيره من قرائن التفسير، ووسعت دائرة الاستعانة به لأسباب كثيرة تتناسب مع توجهات المدرسة بعامة، لعل من أبرزها أن التفسير بالمأثور لم يكن أكثره محل ثقة المدرسة حتى الأحاديث النبوية منه، وهذا يأذن لهم بالإعراض عن تفسير السابقين بخاصة المأثور منه، وفي هذا يقول الأستاذ محمد عبده([17]) (لا حاجة لنا في فهم كتاب الله إلى غير ما يدل عليه بأسلوبه الفصيح) "([18]).
والحق أن سبب اضطراب المدرسة ليس هو تقديم السياق على غيره من القرائن، وإنما هو بسبب إغفال جوانب رئيسة منها الأحوال التي نزلت فيها الآية ومن أهمها أسباب النزول فإنهم ردوا كثيراً منها، مما جعلهم يجانبون الصواب في تحديد السياق.
ومن أمثلة خللهم في الاستدلال بالسياق تفسيرهم لقوله تعالى: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ..} [البقرة 243] فقد فسروا الموت بالتيه والصغار وزوال عزهم، وفسروا الحياة بالخروج من التيه، وعودة العزة والكرامة لهم. واعتمدوا في تفسيرهم هذا على السياق، وهو أن السياق في الحث على الجهاد والتحريض عليه، وليس في مقام الحديث عن البعث والنشور ([19]).
وحسبنا دليلاً على بطلان هذا التفسير أنه مخالف لما أجمع عليه المفسرون، فضلاً عن أن السياق في الآية ملتئم تماماً مع تفسير الحياة والموت على الحقيقة؛ لأن السياق في تحذير المؤمنين من ترك الجهاد خوف الموت، وقد نصت الآية على خروجهم من ديارهم حذر الموت، لما دعوا للقتال، فأماتهم الله ليبين لهم أن الحذر لا يغنيهم. وما دفع أصحاب المدرسة العقلية إلى تجاهل المعنى الحقيقي مع وضوحه في السياق إلا التفسير العقلي.
الحادي عشر: سيد قطب في (في ظلال القرآن).
سيد قطب من أبرز المفسرين الذي جعلوا السياق عمدة التفسير، وقد اعتمده في بيان السياق العام للسورة الذي يمثل غرض السورة ومحورها الأساس.
ويقرر بنفسه المنهج فيقول: "إن كل سورة من سور القرآن ذات شخصية متفردة، وذات ملامح متميزة، وذات منهج خاص، وذات أسلوب معين، وذات مجال متخصص في علاج هذا الموضوع الواحد، وهذه القضية الكبرى، إنها كلها تتجمع على الموضوع والغاية"([20]).
ومن أمثل عنايته بمحور السورة العام وتتابعه وربطه بسياقها قوله في سورة الكهف": محور السورة هو تصحيح العقيدة. وتصحيح منهج الفكر والنظر. وتصحيح القيم بميزان العقيدة. ويسير سياق السورة حول هذه الموضوعات الرئيسية في أشواط متتابعة"([21]).
ويقول أيضاً في سورة النحل مبيناً مناسبة التعبير بقوله تعالى: { أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ} [النحل: 2] لسياق السورة: "معظم سياق السورة يدور حول المكذبين والمشركين والجاحدين لنعمة الله، والمحرمين ما أحله الله، والناقضين لعهد الله، والمرتدين عن الإيمان، ومن ثم يكون إظهار الإنذار أليق في هذا السياق. وتكون الدعوة إلى التقوى والحذر والخوف أولى في هذا المقام"([22]).
فنجد أنه بين مناسبة التعبير استدلالاً بمناسبته لسياق السورة.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) ((مفاتيح الغيب)) (5/345).
([2]) انظر: ((مفاتيح الغيب)) (3/255).
([3]) انظر: ((مفاتيح الغيب)) (4/10).
([4]) ((مفاتيح الغيب)) (2/118).
([5]) ((البحر المحيط)) (1/107).
([6]) ((البحر المحيط)) (4/75).
([7]) ((مجموع الفتاوى)) (6/14).
([8]) ((مجموع الفتاوى)) (6/18).
([9]) ((بدائع الفوائد)) (4/9).
([10]) ((نظم الدرر)) (4/ 428).
([11]) ((نظم الدرر)) (1/68).
([12]) ((مقدمة التحرير والتنوير)) (1/8).
([13]) ((التحرير والتنوير)) (6/430).
([14]) ((التحرير والتنوير)) (1/500).
([15]) انظر: دلالة السياق منهج مأمول لتفسير القرآن ص91.
([16]) ((السياق القرآني وأثره في تفسير المدرسة العقلية)) (ص428).
([18]) ((السياق القرآني وأثره في الكشف عن المعاني)) (ص32).
([19]) انظر: ((تفسير المنار)) (2/456).
([20]) ((في ظلال القرآن)) (3/1243).
([21]) ((في ظلال القرآن)) (5/52).
([22]) ((في ظلال القرآن)) (4/454).