علم التناسب

إنضم
08/02/2009
المشاركات
174
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
إنّ التأمّل والتدقيق في تلويحات العلماء ليكشفان - بصورة واضحة جلية - أن في أغوار التأريخ السحيق علوما عظيمة قد انعجمت ومعارف جليلة قد اندرست ؛ ورغم هذا الانعجام والاندراس إلا أن أضواء الآثار الشاهدة لا زالت تنبئ بأن جهودا جبارة قد كانت وأعمالا متميّزة قد وجدت ؛ وإن كانت هذه الآثار تأبى أن تتجلى سافرة الوجه بادية الصفحة ؛ إذ لا تعدو هذه الآثار أن تمثّل تنبيها على مكان الخبيء ليطلب وموضع الدفين ليبحث عنه فيخرج ، ومن هذه العلوم التي اجتهد فيها الأقدمون فاندرست - علم جليل من علوم القرآن قد أشاد العلماء به ونوّهوا بمكانته الرفيعة ، وهذا العلم الجليل قد اشتمل على رؤى متباينة ومناهج مختلفة ، وهذا الاختلاف بين المناهج إنما يرجع إلى تعدّد جوانب هذا العلم وتكاثر موضوعاته من جهة ، وإلى تباين خصائص الناظرين واختلاف بيئاتهم الفكرية من جهة أخرى ؛ وهذا التباين بين الناظرين والدارسين قد حال - وبصورة مباشرة - دون وجود رؤية متكاملة تجمع أطراف هذا العلم وتلم أشتاته.
وهذا العلم العظيم الشأن الذي نوّه العلماء بمكانته الرفيعة قد عرف عندهم بـ"علم المناسبة" أو"التناسب" ، والتناسب في اللغة هو : التقارب والتناسق والمشاكلة والترابط والتعلّق والانسجام ، وقد ورد هذا اللفظ في القرآن العظيم بصيغ متعددة في قوله تعالى:)وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا( وقوله : ) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا (وقوله : ) فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ ( والمراد بالتناسب ودراسته هنا هو: تلمس أوجه الترابط والانسجام في القرآن العظيم ، ومعلوم أن لفظ "قرآن" ابتداء يدل - في لغة العرب - على الضم والجمع والتأليف الذي يشير إشارة جلية إلى التقارب والتناسب والترابط والتعلّق والانسجام ؛ ولهذا يقول الجرجاني" إنما كان قرآناً وكلام الله عزّ وجلّ بالنظم الذي هو عليه "وقال تعالى : )كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ( ومن معاني الإحكام الإحكام في النظم والرصف والتأليف. ولا شك أن التناسب والانسجام ضد الاختلاف والتفاوت والاضطراب والتنافر ؛ ولهذا يقول الله تعالى ): أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا( ولكن وبمفهوم المخالفة - كما يقول الأصوليون - فإن القرآن لما كان من عند الله فقد وجدوا فيه تناسقاً وتناسباً وانسجاماً عجيباً , ولأجل ذلك كانت قضية التناسب هذه قضية جوهرية في القرآن ؛ لأنه منزّه عن الاختلاف والتضادّ والتفاوت ، ومن هنا كانت لهذه القضية أهميتها التي يمكن أن تكمن في أمور كثيرة جدًا ؛ منها الآتي:
1- إن التناسب والانسجام من أهم السمات التي يتحقّق بتحقّقها الجمال وينتفي بانتفائها ؛ إذ لابد لكل عمل بديع وصنعة مستحسنة من وجود آصرة تجمع المختلف منها والمؤتلف والمتشابه والمتباين , ولا ريب أن النظم المحكم والرصف المتفرّد والبناء المتلاحم من أهم الخصائص التي تكشف عن جمال القرآن العظيم ؛ ومعلوم أن أهم محاسن الكلام - أن يرتبط بعضه ببعض وتلتئم أجزاؤه وتتفق مبانيه وتتناسب أطرافه وتنسجم مكوّناته ؛ ويغدو سلس النظام خفيفا على اللسان حتى لكأنه بأسره كلمة واحدة ؛ فيسلم بذلك من التفرّق والتنافر والتباين والاختلاف .
2- ذهب كثير من العلماء إلى أن تلّمس التناسب ودراسة أوجه التعلّق والارتباط في القرآن من العلوم الشريفة التي تتكشف بتكشفها لطائف التنزيل وأسراره ؛ يقول الإمام الرازي : "أكثر لطائف القرآن مودعة في الترتيبات والروابط "ويقول أبو بكر بن العربي: " ارتباط آي القرآن بعضها ببعض حتى تكون كالكلمة الواحدة متسقة المعاني منتظمة المباني - علم عظيم لم يتعرّض له إلا عالم واحد عمل فيه سورة البقرة ، ثم فتح الله عزَّ وجلّ لنا فيه ، فلما لم نجد له حملة ورأينا الخلق بأوصاف البطلة ختمنا عليه وجعلناه بيننا وبين الله ورددناه إليه" وهذا العلم الذي هو علم دقيق المسالك خفي المدارك - يكشف للناظر المتأمّل اللطائف والأسرار التي عليها رتّب الله كتابه.
3- إن التناسب يجعل الكلام آخذاً بعضه بأعناق بعض ؛ بحيث لا يختلف ولا يضطرب ولا يتضادّ ولا يتعارض ولا يتفاوت بشكل من الأشكال ؛ فيقوى بذلك الارتباط ويصير حاله حال البناء المحكم المتلائم الأجزاء ، وفي ذلك من عظمة الكلام ما لا يخفى .
4- إن الصفة الجوهرية التي حولها حام دارسو الإعجاز - على اختلاف مدارسهم وتعدّد رؤاهم وتباين أبعادهم - هي مسألة التناسب والنظم والضمّ والانسجام والتآلف ؛ ويذهب الجرجاني إلى أن من أهم وجوه الإعجاز والمزيّة موقع الأجزاء بعضها من بعض ؛ واستعمال بعضها مع بعض ؛ ويقول الرازي : "إن القرآن كما أنه معجز بحسب فصاحة ألفاظه وشرف معانيه - فهو أيضاً بسبب ترتيبه ونظم آياته " وهذه الصفة الجوهرية في القرآن لا تكاد تخفى على كل من تدبّره ولو تدبّراً يسيراً ؛ يقول سيد قطب : "والتناسق المطلق الشامل هو الظاهرة التي لا يخطئها كل من تدبّر القرآن أبداً ، ومستوياتها ومجالاتها مما تختلف العقول والأجيال في إدراك مداها ... تتجلّى هذه الظاهرة - ظاهرة عدم الاختلاف أو ظاهرة التناسق - ابتداء من التعبير القرآني من ناحية الأداء وطرائقه الفنية ... والكمال في الأداء بلا تغيّر ولا اختلاف من مستوى إلى مستوى ... وتتجلّى هذه الظاهرة بعد ذلك في ذات المنهج الذي تحمله " ولا يقصر سيد قطب التناسب المطلق والتناسق الشامل على الكتاب العزيز فحسب ؛ بل يجعله أمراً منهجياً ينتظم الدين وحقائقه كلها ؛ يقول : "هنالك التناسق الشامل العجيب في طبيعة الدين وحقائقه ومشهد التكامل الجميل الدقيق في منهجه للعمل وطريقته ، إن هذا الدين لا يعود مجموعة معتقدات وعبادات وشرائع وتوجيهات ؛ إنما يبدو تصميماً واحداً متداخلاً متراكباً متعاشقاً " .
هذا وقد تناولت كتب علوم القرآن تاريخ هذا العلم بشكل غريب ؛ إذ حصرت نشأته وبداية التصنيف فيه في فترات متأخرة ، وتشهد كتب البلاغة والإعجاز القرآني بخلاف ذلك , ولعل سبب هذا الإغفال أن كتب علوم القرآن قد حصرت هذا التناسب في نطاق شديد الضيق لا يتناول الأبعاد الأخرى منه ، وهذا أمر منهجي لا يمكن تجاوزه . وقد ذكرت تلك الكتب أن هذا العلم الجليل قد نشأ على يد الشيخ أبي بكر النيسابوري ت 324هـ ؛ يقول أبو الحسن الشهرباني : "أول من أظهر ببغداد علم المناسبة – ولم نكن سمعناه من غيره – هو الشيخ الإمام أبو بكر النيسابوري ، وكان غزير العلم في الشريعة والأدب ، وكان يقول – وهو على الكرسي إذا قرئت عليه آية - : لم جعلت هذه الآية إلى جنب هذه ؟ وما الحكمة في جعل هذه السورة إلى جنب هذه السورة ؟ وكان يزري على علماء بغداد لعدم علمهم بالمناسبة "كما ذكرت تلك الكتب أن أول من أفرد هذا العلم بالتصنيف أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير الأندلسي ت 708 هـ وهو صاحب "البرهان في مناسبة ترتيب سور القرآن " . وذلك كله فيه نظر ؛ للأسباب الآتية :
1- إن الصحابة وسلف الأمة بما لهم من فطرة سليمة قد كانوا يدركون أسرار هذا العلم ولطائفه ؛ يقول البقاعي : "وقد كان أفاضل السلف يعرفون هذا بما في سليقتهم من أفانين العربية ودقيق مناهج الفكر البشرية ولطيف النوازع العقلية ، ثم تناقص هذا العلم حتى انعجم على الناس إلى حد الغرابة كغيره من الفنون " ثم يضرب البقاعي لذلك أمثلة من نماذج الصحابة ، ويبدو أن أبا بكر النيساوبوري – الذي يقال أنه أول من تكلم في هذا العلم - لم يتأت له هذا العلم من جهة الابتكار أو الاكتشاف ؛ وإنما وجد نماذج اقتدى بها ونسج على منوالها ؛ إذ "كان أحفظ الناس للفقهيات واختلاف الصحابة "؛ يقول عنه الدارقطني : "ما رأيت أحفظ من أبي بكر النيسابوري "ويقول عنه أيضاً : "لم نر مثله في مشايخنا ولم نر أحفظ منه للأسانيد والمتون " وقد هاجر النيسابوري - رحمه الله - في طلب العلم إلى العراق ومصر والشام و الحجاز، ولا شك أن لحفظ النيسابوري وجمعه للعلم من البلدان المختلفة أثر واضح في إظهار هذا العلم .
2- لم يكن ابن الزبير - هذا العالم المتأخر - هو أول من صنف في التناسب، ولا شك أن الذين زعموا ذلك لم يراعوا كافة أشكال التناسب ؛ بل حصروا هذا العلم في شكل واحد هو ترتيب السور وضربوا صفحاً عن التناسب بين المفردات والتناسب بين الجمل والآيات وغيرها ، وإلا فإن النظم - الذي هو إيجاد المناسبة وإقامة الروابط بين المفردات في التركيب بصورة معينة - يعدّ أهم أنواع التناسب التي اهتم بها العلماء وأقدمها.
 
أوجه التناسب ومحاولات الإمام السيوطي :
لما كان التناسب والانسجام سمة جوهرية من سمات القرآن التي قام عليها إعجازه - فقد اهتم العلماء بها اهتماماً شديداً ؛ وإن كانوا قد اختلفوا اختلافاً بيناً في وجوهها وأشكالها وأنواعها ، ولأجل ذلك نرى الإمام السيوطي قد قسّم هذه الأوجه تقسيماً عجيباً في كتابه "أسرار التنزيل " الذي وصفه بأنه "المبرّز في أعاجيبه المبيّن لفصاحة ألفاظه وبلاغة تراكيبه ؛ الكاشف عن وجه إعجازه ؛ الداخل إلى حقيقته من مجازه ؛ المطلع على أفانينه ؛ المبدع في تقرير حججه وبراهينه " ورغم هذا الوصف العالي الذي وصف به السيوطي كتابه إلا أنه قد قسّم التناسب تقسيماً غير منهجي ؛ فحوى الكتاب كثيراً مما هو ليس من التناسب أصلاً ، وهذا التقسيم الذي قسّمه السيوطي كالآتي:
الوجه الأول : بيان مناسبات ترتيب سوره وحكمة وضع كل سورة منها
الوجه الثاني : إن كل سورة شارحة لما أجمل في السورة التي قبلها .
الوجه الثالث : وجه اعتلاق فاتحة السورة وخاتمة التي قبلها .
الوجه الرابع : مناسبات مطلع السورة للمقصد الذي سيقت له ؛ وتلك براعة الاستهلال .
الوجه الخامس : مناسبات أوائل السور لخواتيمها .
الوجه السادس : مناسبات ترتيب آياته واعتلاق بعضها ببعض وارتباطها وتلاحمها وتناسقها .
الوجه السابع : بيان أساليبه في البلاغة وتنوع خطاباته وسياقاته .
الوجه الثامن : بيان ما اشتمل عليه من المحسنات البديعية على كثرتها ؛ كالاستعارة والكناية والتعريض والالتفات والتورية والاستخدام واللفّ والنشر والطباق والمقابلة والمجاز بأنواعه والإيجاز والإطناب وغيرها
الوجه التاسع : بيان فواصل الآي ومناسبتها للآي التي ضمنت بها .
الوجه العاشر : مناسبة أسماء السور .
الوجه الحادي عشر : بيان أوجه اختيار مرادفاته دون سائرها .
الوجه الثاني عشر : بيان القراءات المختلفة مشهورها وشاذها وما تضمنته من المعاني والعلوم ، فإن ذلك من جملة وجوه إعجازه .
الوجه الثالث عشر : بيان وجه تفاوت أوجه الآيات المتشابهة من القصص وغيرها بالزيادة والنقص والتقديم والتأخير وإبدال لفظة مكان أخرى ونحو ذلك .
ولعل القارئ لا يخفى عليه - في تقسيم الإمام السيوطي هذا - كثير من أنواع الخلل المنهجي التي منها :
1- عدم وجود رابط منهجي جامع بين هذه الوجوه على اختلافها .
2- إقحام كثير من الأنواع التي لا معنى لدخولها في هذا المضمار ؛ نحو براعة الاستهلال وتنوع خطابات القرآن وسياقاته والمحسنات البديعية والفواصل وأسماء السور والقراءات ونحوها .
3- إغفال كثير من الوجوه التي ذكرتها كتب البلاغيين ودارسي الإعجاز والمتكلمين والمفسرين وغيرهم .
 
أضعف أنواع التناسب عند العلماء
للتناسب القرآني نوعان كليان هما :
أ- التناسب الخارجي الذي تندرج تحته :
- مناسبة المعاني الخبرية للواقع الخارجي
- مناسبة المعاني الحكمية للمصلحة
- مناسبة المعاني القرآنية - بنوعيها الخبري و الحكمي أو "الإنشائي" لقوانين العقل و أحكامه .
ب- التناسب الداخلي الذي تندرج تحته :
- مناسبة المعاني القرآنية لبعضها
- تناسب المفردات القرآنية مع بعضها
- تناسب الجمل القرآنية مع بعضها
- تناسب أجزاء السورة الواحدة
- تناسب أوائل السور وخواتيمها
- مناسبة خواتيم السور لأوائل التي تليها .
ولم تكن هذه الأنواع على درجة واحدة عند العلماء ؛ إذ أن مناسبة المفردات لبعضها قد لاقت اهتماما واسعا عند البلاغيين ودارسي الإعجاز ، أما تناسب خواتيم السور مع أوائل التي تليها فقد وجهت له اعتراضات كثيرة ، ورغم أنه أضعف ضروب التناسب من جهة وأنه لم يهتم به إلا المتأخرون كابن الزبير وابن الزملكاني و البقاعي والسيوطي من جهة أخرى- إلا أن له ما يبرره كما سيأتي .
تناسب خواتيم السور لأوائل التي تليها:
رغم أن السور تمثل وحدات مستقلة قائمة برأسها ومنفصلة عن بعضها ؛ إلا أن بينها نوعاً من التناسب وضربا من الترابط والانسجام ؛ وإلا لم يكن لترتيبها على هذا النحو من معنى ؛ خاصة وأن هذا الترتيب توقيفي ولم يتأت باجتهاد بشري ، ولأجل ذلك يقول ولي الدين الملوي : "وهكذا في السور يطلب وجه اتصالها بما قبلها وما سيقت له "ويقول الزركشي : "وإذا اعتبرت افتتاح كل سورة وجدته في غاية المناسبة لما ختم به السورة قبلها ، ثم هذا التناسب قد يخفي تارة ويظهر تارة " ولكن مع وجود هذا الارتباط فإن الواقع المصحفي يقرر استقلال كل سورة بنفسها ؛ ولهذا الانفصال أسباب ذكرها العلماء ؛ منها الآتي:
- لتكون كل سورة فنا مستقلاً وقرآناً معتبراً .
- بيان أن كل سورة سواء طالت أو قصرت فهي معجزة
- لكي يرتاح القارئ المطيل ويكون شأنه شأن المسافر الذي يرتاح إذا قطع مرحلة
- لكل سورة غرض خاص ونمط مستقل وموضوع مختلف .
- تلاحق الأشكال والنظائر وملاءمة بعضها لبعض .
ورغم هذا الانفصال – فقد اهتم العلماء ببيان المناسبة بين السور ، وكان أبو بكر النيسابوري يذكر هذا النوع ضمن المناسبات التي يذكرها وكان يتسآل بقوله : "ما الحكمة في جعل هذه السورة إلى جنب هذه السورة؟ ".
ويذكر العلماء أن أول من أفرد هذا النوع من التناسب بالتصنيف أبو جعفر بن الزبير الأندلسي ت 708هـ صاحب "البرهان في مناسبة ترتيب سور القرآن ثم جاء بعده كمال الدين بن الزملكانيت 727 هـ صاحب "البرهان في إعجاز القرآن " الذي اهتم اهتماماً كبيراً بالترتيب المصحفي وبين أسراره يقول: " عند التأمل يظهر أن القرآن كله كالكلمة الواحدة " ثم جاء برهان الدين البقاعي ت 885هـ فألف كتابه "نظم الدور في تناسب الآيات والسور " المشهور بكتاب "المناسبات" ويصف صاحب كشف الظنون الكتاب بقوله : "هو كتاب لم يسبقه إليه أحد جمع فيه من أسرار القرآن ما تتحير منه العقول " ثم جاء جلال الدين السيوطي 911هـ صاحب كتاب "تناسق الدرر في تناسب السور" الذي يقول القنوجي عنه : "كتابه في أسرار التنزيل جامع لمناسبات السور والآيات مع ما تضمنه من بيان جميع وجوهـ الإعجاز وأساليب البلاغة "
ورغم الإشادة بهذا النوع من التناسب والتنويه بفضله - إلا أنه قد لاقى من الهجوم ما لم تلاقيه الأنواع الأخرى ، وقد ذهب العزّ بن عبد السلام إلى أن هذا التناسب الذي يطلبه العلماء إذا كان بين أمور مختلفة فهو ضرب من التكّلف ، ويذكر الشوكاني أن بعض المفسرين قد تكلّفوا وضيّعوا أوقاتهم في مثل هذا النوع من التناسب الذي ما هو إلا تعسّف لا يقبله الإنصاف ؛ يقول : " اعلم أن كثيرا من المفسرين جاءوا بعلم متكلّف ، وخاضوا في بحر لم يكلّفوه ، واستغرقوا أوقاتهم في فن لا يعود عليهم بفائدة ؛ بل أوقعوا أنفسهم في التكلّم بمحض الرأي المنهي عنه في الأمور المتعلّقة بكتاب الله سبحانه ؛ وذلك أنهم أرادوا أن يذكروا المناسبة بين الآيات القرآنية المسرودة على هذا الترتيب الموجود في المصاحف ؛ فجاءوا بتكلفات وتعسفات يتبرأ منها الإنصاف ويتنزّه عنها كلام البلغاء فضلا عن كلام الرب سبحانه ؛ حتى أفردوا ذلك بالتصنيف وجعلوه المقصد الأهم من التأليف ؛ كما فعله البقاعي في تفسيره ومن تقدّمه حسبما ذكر في خطبته ، وإن هذا لمن أعجب ما يسمعه من يعرف أن هذا القرآن ما زال ينزل مفرّقا على حسب الحوادث المقتضية لنزوله منذ نزول الوحي على رسول الله (r) إلى أن قبضه الله عزّ وجلّ إليه ، وكل عاقل - فضلا عن عالم - لا يشك أن هذه الحوادث المقتضية لنزول القرآن متخالفة باعتبار نفسها ؛ بل قد تكون متناقضة ؛ كتحريم أمر كان حلالا ، وتحليل أمر كان حراما ، وإثبات أمر لشخص أو أشخاص يناقض ما كان قد ثبت لهم قبله ، وتارة يكون الكلام مع المسلمين ، وتارة مع الكافرين ، وتارة مع من مضي ، وتارة مع من حضر ، وحينا في عبادة ، وحينا في معاملة، ووقتا في ترغيب ، ووقتا في ترهيب ، وآونة في بشارة ، وآونة في نذارة ، وطورا في أمر دنيا ، وطورا في أمر آخرة ، ومرة في تكاليف آتية ، ومرة في أقاصيص ماضية . وإذا كانت أسباب النزول مختلفة هذا الاختلاف ومتباينة هذا التباين الذي لا يتيسر معه الائتلاف - فالقرآن النازل فيها هو باعتبار نفسه مختلف ، فكيف يطلب العاقل المناسبة بين النّار والملاح والحادي؟ " وليس ذلك فحسب بل يذهب إلى أن طلب هذا النوع من التناسب يفتح باب الشك لمن كان في قلبه مرض ويوسع عنده دائرة الريب ، كما أن القرآن – عنده - قد أنزل بلغة العرب وسلك مسالكهم في الكلام وجرى على مجاريهم في الخطاب ، والخطيب عند هؤلاء العرب يأتي في خطبته الواحدة بفنون مختلفة وطرائق متباينة ، ومن يناسب بين السورة والسورة كمن يعمد إلى خطب الخطيب المختلفة التي تكون إحداهنّ في موضوع والأخرى في موضوع يختلف عنه كل الاختلاف فيحاول أن يجد المناسبة بينها .
ورغم هذا الهجوم على التناسب بين السور - إلا أن له كثيراً من الأدلة التي يمكن أن تؤيده وتثبته ؛ ومن ذلك :
- إن الترتيب الذي على المصحف هو ترتيب إلهي نزل به القرآن إلى بيت العزة كما هو معلوم ، وهذا النزول بخلاف النزول التنجيمي الذي به نزل القرآن إلى الأرض ؛ يقول الإمام القرطبي: "ولا خلاف أن القرآن أنزل من اللوح المحفوظ ليلة القدر على ما بيّناه جملة واحدة ؛ فوضع في بيت العزة في سماه الدنيا ؛ ثم كان جبريل (r) ينزل به نجما نجما في الأوامر والنواهي والأسباب ؛ وذلك في ثلاث وعشرين سنة " ولو لم يكن هذا الترتيب مقصوداً لصحّ نفي التناسب ؛ ولهذا يقول الشيخ ولي الدين الملوي (قد وهم من قال لا يطلب للآي الكريمة مناسبة لأنها على حسب الوقائع المفرقة ، وفصل الخطاب أنها على حسب الوقائع تنزيلا وعلى حسب الحكمة ترتيبا وتأصيلا ؛ فالمصحف على وفق ما في اللوح المحفوظ مرتبة سوره كلها وآياته بالتوقيف كما أنزل جملة إلى بيت العزة .... وهكذا في السور يطلب وجه اتصالها بما قبلها)
- إن هذا الترتيب ترتيب توقيفي لا يمكن الاجتهاد في تغييره ، والقارئ للقرآن إنما يقرأه بحسب هذا الترتيب لا بغيره ، ومعلوم أن العلماء قد أنكروا تقديم السورة المؤخرة وتأخير السورة المقدّمة وسموا ذلك تنكيسا ، ولو لم يكن الترتيب مقصودا لما كان لهذا الإنكار من معنى
- كان حمزة القارئ يعدّ القرآن بمنزلة السورة الواحدة ، وكان كثير من القراء يرون وصل السور بسكت وبلا سكت ولهم في ذلك مذاهب ، ولأجل ذلك فإن هذا الترتيب إنما قصد لأجل التناسب والارتباط .
- يقول الإمام القرطبي : "قال قوم من أهل العلم : إن تأليف سور القرآن على ما هو عليه في مصحفنا كان توقيفا من النبي (r) فاتساق السور كاتساق الآيات والحروف ؛ فكله عن محمد خاتم النبيين عن رب العالمين ، فمن أخّر سورة مقدّمة أو قدّم أخرى مؤخّرة كمن أفسد الآيات وغيّر الحروف والكلمات"
- ذكر الشوكاني أن القرآن قد نزل على طريقة العرب ، وهذا أمر معلوم لا ينكره أحد، ولكن نزوله على لغة العرب لا يلزم عنه أن يكون تناسبه ونظمه ومعانيه كتناسب الأشعار أو الخطب وكنظمها ومعانيها ؛ فإذا كانت خطب العرب مع بعضها غير متناسبة - فليس بالضرورة أن يكون القرآن كذلك ، ومعلوم يقينا أن القرآن - وإن كان جارياً على طريقة العرب - إلا أنه فائق لكل أشكال الكلام العربي ، وإلا لم يكن لادعاء الإعجاز من معنى .
- تحمل أقوال المنكرين لهذا التناسب في داخلها ما يخفف حدة هذا الإنكار أو يمحوه تماما ؛ فالعز بن عبد السلام قد ذهب في أول كلامه إلى أن : "المناسبة علم حسن ، ولكن إن وقع في أسباب مختلفة لم يشترط ارتباط أحدهما بالآخر".فهو يقبل هذا التناسب بشروط معقولة ومقبولة جداً ، أما الشوكاني فإنك تراه في كتابه "البدر الطالع" يمدح البقاعي ويشيد بهذا التناسب رغم إنكاره له هاهنا ؛ يقول : "ومن أمعن النظر في كتابه في التفسير الذي جعله في المناسبة بين الآي والسور - علم أنه من أوعية العلم المفرطين في الذكاء الجامعين بين علمي المعقول والمنقول "ويقول عن البقاعي أيضا : "إنه من الأئمة المتقنين المتبحرين في جميع المعارف".
ومن أمثلة هذا التناسب ختم الفاتحة بـ :) اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عليهم ( وافتتاح البقرة بــ :)ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ( كأنهم سألوا الهداية إلى الصراط المستقيم ؛ فقيل لهم ذلك الصراط الذي سألتم الهداية إليه هو ذلك الكتاب ، يقول السيوطي: (أخرج ابن جرير وغيره من حديث علي مرفوعا : الصراط المستقيم كتاب الله ، وأخرجه الحاكم في المستدرك عن ابن مسعود موقوفا ، وهذا معنى حسن يظهر فيه سرّ ارتباط البقرة بالفاتحة ) وقال الخوبي : (أوائل هذه السورة مناسبة لأواخر سورة الفاتحة ؛ لأن الله تعالى لما ذكر أن الحامدين طلبوا الهدى – قال : قد أعطيتكم ما طلبتم ، هذا الكتاب هدى لكم فاتبعوه وقد اهتديتم إلى الصراط المستقيم المطلوب المسئول)
وختم المائدة بذكر السموات والأرض :)لِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ( وافتتاح سورة الأنعام بالشيء نفسه :)الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ(.
وختم التوبة بإرساله رسولا من البشر ثم ذكر العرش :)لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ ....... حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيم(ِ وافتتاح يونس بالشيء نفسه :) أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ ....... إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ(.
وختم الرعد بذكر الكتاب وتكذيب الكافرين به:)وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ( وافتتاح إبراهيم بذكر الشيء نفسه:)كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ ........... وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ(.
وختم إبراهيم بذكر القرآن :)هَـذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ ......... ( وافتتاح الحجر بذكر القرآن :)تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ(.
وختم الحجر بإتيان اليقين :)وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ( وافتتاح النحل بإتيان أمر الله:)أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ... .(
وختم الإسراء بحمد الله وتنزيهه عن الولد :)وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا.... ( وافتتاح الكهف بالشيء نفسه :)الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ .... وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا( ، يقول السيوطي: (قال بعضهم : مناسبة وضعها بعد سورة الإسراء افتتاح تلك بالتسبيح وهذه بالتحميد ؛ وهما مقترنان في القرآن وسائر الكلام بحيث يسبق التسبيح التحميد)
وختم مريم بتيسير القرآن :)فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ........ ( وافتتاح طه بالشيء نفسه :)طه مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى(.
وختم سورة الجاثية بذكر الله العزيز الحكيم :)وَلَهُ الْكِبْرِيَاء فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(. وافتتاح الأحقاف بالشيء نفسه :)حم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ(.
وختم الأحقاف بقوله :) بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ ( وافتتاح سورة محمد بقوله :) الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ( ، يقول السيوطي: (سورة القتال لا يخفى وجه ارتباط أولها بقوله في آخر الأحقاف ( فهل يهلك إلا القوم الفاسقون) واتصاله وتلاحمه بحيث أنه لو أسقطت البسملة منه لكان متصلا اتصالا واحدا لا تنافر فيه كالآية الواحدة آخذا بعضها بعنق بعض)
وختم الطور بذكر النجوم :)وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجوم( وافتتاح النجم بالشيء نفسه :)وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى(.
وختم القمر بقوله :)فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ( وافتتاح الرحمن بقوله :)الرَّحْمَنُ(
وختم الواقعة بالتسبيح :) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ( وافتتاح الحديد بالشيء نفسه :)سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ( ، يقول السيوطي: (قال بعضهم : وجه اتصال الحديد بالواقعة أنها قدمت بذكر التسبيح وتلك ختمت بالأمر به ، قلت : وتمامه أن أول الحديد واقع موقع العلة للأمر به ؛ وكأنه قيل: فسبح باسم ربك العظيم لأنه سبح لله ما في السموات والأرض).
وختم القيامة بذكر أن الإنسان لم يكن شيئاً ؛ بل كان نطفة :)أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى ...... أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى( وافتتاح الإنسان بالشيء نفسه :)هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا( ، يقول السيوطي: "وجه اتصال سورة الإنسان بسورة القيامة في غاية الوضوح فإنه تعالى ذكر في آخر تلك مبدأ خلق الإنسان من نطفة ثم ذكر مثل ذلك في مطلع هذه السورة)
وختم الماعون بمنع القليل :)وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ( وافتتاح الكوثر بإعطاء الكثير :)إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ( . ومن لطائف سورة الكوثر أنها كالمقابلة لسورة الماعون التي وصف فيها المنافق بأربع خصال ؛ هي البخل وترك الصلاة والرياء فيها ومنع الزكاة ؛ فذكر في مقابل ترك الصلاة :) فَصَلِّ( وفي مقابل الرياء :) لِرَبِّكَ( أي لرضاه لا للناس ، وفي مقابل منع الماعون :)وَانْحَرْ(الذي أراد به التصدّق بلحم الأضاحي
 
جميل المقال ..أثابكم الله..بودي الاستفسار هل هناك دراسات عن التناسب بداياته وتطوره عبرالقرون،وماهي الكتب التي برأيكم تفيدنا في هذا العلم جزيتم خيربانتظاركم مركز تفسير....
 
التعديل الأخير:
سورة فاطر

آية (43)
آية (28)
آية (12)
تناسب خواتيم سبأ مع فواتح فاطر

آية (44)
آية (29)
آية (13)
هدف سورة فاطر

تناسب فواتح سورة فاطرمع خواتيمها
آية (32)
آية (14)
آية (2)

تناسب خواتيم فاطر مع فواتح يس
آية (35)
آية (18)
آية (4)


آية (37)
آية (19)
آية (7)


آية (39)
آية (22)
آية (9)


آية (42)
آية (25)
آية (10)






* تناسب خواتيم سبأ مع فواتح فاطر*
ذكر في خاتمة سبأ عاقبة الكافرين (وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (51) وَقَالُوا آَمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (52) وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (53)) هذا الكلام كله في الآخرة وفي أوائل فاطر قال (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (5))، لما قال (وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (51)) ذكر عاقبتها والآن حذرنا من أن نقع في ذلك الموقع وفي أن نقف في ذلك الموقف (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (5) إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6) الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (7)) ذكر العذاب الشديد في خاتمة سبأ وقال (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (7)) فالتناسب في العذاب والعقوبة في الموقفين.

**هدف سورة فاطر : الإستسلام هو سبيل العزّة**
سورة فاطر مكيّة نزلت قبل هجرة الرسول . الإستسلام هو كمال الطاعة والإستسلام ليس مذلة وأنما هو عزّ فالعبودية للبشر ذلُ وصغار والعبودية لله تعالى رفعة وعزّ، فالعزّة تبدأ بالإستسلام لله تعالى (مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ) آية 10، والناس مهما كانوا وتعاظموا هم الفقراء والله تعالى هو الغني (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) آية 15.
ثم تتحدث آيات كثيرة في السورة (الآيات 1، 2، 3، 9، 11، 12، 13، 27، 28، 41، 44) عن آيات الله تعالى في الكون ودلائل القدرة والسيطرة على هذا الكون الفسيح وكأنما في هذا تأكيد أن الإستسلام لخالق هذا الكون وما فيه ومن فيه لا يمكن أن يكون ذلاً أبداً إنما هو عزُ ما بعده عز أن أستسلم وأخضع لمن خلق السموات والأرض وخلق الأكوان والخلق والكائنات على اختلافها وكل هذه المخلوقات تشهد بعظمة الخالق وتنطق بعظمة الواحد القهّار فتبارك الخالق رب العالمين. وأن كان أحدنا يستسلم لرأي طبيبه ويرى أنه هو الصواب وعليه أن ينفّذ التعليمات كما وصفها وهو بشر لا يملك أن يضر او ينفع إلا بإذن الله ولا أسأله ما الحكمة من وراء هذا العلاج بالذات أخضع لأمره دون مناقشة ثم أعترض على خالق الخلق بأن لا أستسلم بالكلّية لأوامره وهو القدير الحكيم العليم؟ يا لجهالة البشر بخالقهم وصدق تعالى (وما قدروا الله حق قدره).
سميّت السورة بـ (فاطر) لذكر هذا الإسم الجليل في طليعتها لما يحمل هذا الوصف من دلائل الإبداع والإيجاد من عدم ولما فيه من التصوير الدقيق الذي يشير لعظمة الله وقدرته الباهرة وخلقه المبدع في هذا الكون.




***من اللمسات البيانية فى سورة فاطر***
آية (2) :
* في سورة فاطر (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ (2)) الله سبحانه وتعالى وصف الموصول الأول بالرحمة وأطلق الموصول الثاني فما دلالة اختلاف الضميرين في هذه الآية؟(د.فاضل السامرائى)
هل الكلام عن الرحمة؟ الأولى عن الرحمة عندما ذكر الرحمة قال (فَلَا مُمْسِكَ لَهَا) وعندما قال (وَمَا يُمْسِكْ) ما قال الرحمة فقال (فَلَا مُرْسِلَ لَهُ). عندما بيّن وفسر ما يفتح بالرحمة قال (لها) أما الثانية فلم يفسر.
*(وَمَا يُمْسِكْ) إذن (له) تعود على (ما) الذي يمسك، لا تعود على الرحمة
ثم من يقول أن ما يمسك هو الرحمة؟ هذه عامة. ذكر (وَمَا يُمْسِكْ) من الغضب والرحمة وذكر الرحمة لأن رحمته سبقت غضبه فذكر الرحمة لكن (وَمَا يُمْسِكْ) قد يمسك من الغضب. ما يمسك من العقوبة، هذا خير أيضاً وما يمسك من الرحمة أيضاً. جعل الإمساك مطلقاً، الرحمة ذكرها لأن رحمته سبقت غضبه فقال (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا) الرحمة وقال (وَمَا يُمْسِكْ) ماذا يمسك؟ قد يمسك الغضب وقد يمسك العقوبة وقد يمسك الرحمة، لو قال ما يمسك من رحمة لقال فلا مرسل لها. قال ما يمسك رحمة بهم (وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ)، هذا تذكير أصلاً.
*إذن (فَلَا مُرْسِلَ لَهُ) على (ما) ما يمسكه الله سبحانه وتعالى وهذا خلاف الرحمة المصرّح به قبلاً؟
طبعاً، هذا أعمّ. ماذا يمسك ربنا سبحانه وتعالى؟ الله أعلم أما تلك ففسرها فقال (فَلَا مُمْسِكَ لَهَا).

آية (4):
*ما دلالة تكرار الباء وعدمه فى قوله تعالى (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (184) آل عمران) وقوله(وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (4) فاطر)؟(د.أحمد الكبيسى)
رب العالمين سبحانه وتعالى لماذا أول مرة قال (فَإِنْ كَذَّبُوكَ) ومرة قال (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ)؟ واحدة في الماضي والأخرى في المستقبل هذا ما فيه إشكال.
(كُذِّبَ رُسُلٌ) و (كُذِّبَتْ رُسُلٌ) كُذّب رسل رب العالمين يقول لمحمد صلى الله عليه وسلم إن كانوا كذبوك فأنت لست بدعاً ما قبلك كُذبوا. ولما قال كُذِّب رسل كُذبوا مرة واحدة-بدون التاء- جميع الرسل كلهم واحداً واحداً واحداً كُذبوا. لما قال في آية أخرى (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ) مجموعة رسل كُذبوا مرة واحد يعني يأتيك واحد لا يؤمن بالرسل نهائياً هناك رسل كل واحد في زمانه كذب ثم يأتي واحد في الأخير يكذب بهم جميعاً هذا (كُذِّبَتْ رُسُلٌ). ثم (جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ) البينات المعجزات والزبر الكتب المكتوبة والكتاب المنير التوراة والإنجيل والفرقان هذه هي الكتب المنزلة.

آية (7):
*في سورة الحديد قال تعالى (فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7)) وفي سورة فاطر أضاف المغفرة فقال (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (7)) وفي سورة الملك (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (12)) فما دلالة ذكر المغفرة مع الأجر وعدم ذكرها؟(د.فاضل السامرائى)
كل موطن في القرآن يذكر فيه المغفرة يجب أن يذكر فيه الذنوب والكافرين في سائر القرآن. لما يضيف المغفرة للأجر الكبير لا بد أن يسبقها أو يأتي بعدها الذنوب والكافرين، يذكر في السياق أمرين: الكافرين والذنوب. في سورة فاطر بدأ تعالى بقوله (الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (7) أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8)) سوء عمله هذا ذنب، (وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (10) فاطر) ذكر الكافرين مع الذنب، (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا) مباشرة بعده في سياق الكفر والذنب. نفس الأمر في سورة الملك (وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6) إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11)) ذنب وكافرون، كلما يقول مغفرة وأجر كبير يسبقها أمران الكفر والذنب. في سورة الحديد لم يذكر الكافرين ولا الذنب فلم يذكر المغفرة.

آية (9):
* ما دلالة اختلاف صيغة الأفعال بين الماضى والمضارع فى قوله تعالى (وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ (9)) ؟(د.فاضل السامرائى)
قال تعالى: (وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ (9) فاطر) (أرسل ماضي، فتثير مضارع، فسقناه ماضي) أيها الأسبق إثارة السحاب أم سوقه إلى بلد؟ إثارة السحاب أسبق من السوق. جاء فعل (أرسل) بصيغة الماضي ثم فعل (فتثير) بصيغة المضارع ثم فعل (فسقناه) بصيغة الماضي مع أن السّوق يأتي بعد الإثارة والأحداث كلها ماضية لكن الإثارة مشهد حركة فجعلها بصيغة المضارع ليدل على الحركة والحضور. وحتى في السيرة عندما قتل الصحابى أبا رافع اليهودى تكلم كيف قتله فقال:
فناديت أبا رافع فقال نعم فأهويت عليه بالسيف فأضربه وأنا دهِش
هو يريد أن يسلط الضوء على عملية الضرب. فجعل صيغة المضارع للمشهد الأبرز وهو الضرب فكأن السامع يرى الحادثة أمامه ويرى الصحابي وهو يضربه.
حتى هذا الأمر الغريب قد يأتى المضارع مع أداة الشرط مع أن أداة الشرط تصرف الماضي للمستقبل مثل (إن زرتنى أكرمتك) لكن أحياناً العربي يأتي بالمضارع بعدأداة الشرط ويريد بها الماضي. مثال أحدهم يرثي آخر فقال:
إن يقتلوك فإن قتلك لم يكن عاراً عليك ورب قتلٍ عارُ
هم قتلوه فى الماضي وجاء الفعل بعد أداة الشرط بصيغة المضارع.
هو يرثي أبناءه الذين هلكوا وماتوا فقال:
فإن يهلك بنيّ فليس شىءٌ على شيء من الدنيا يدوم
وقد هلكوا، حتى يقول:
كأن الليل محبوسٌ دجاه فأوّله وآخره مقيم
لمهلكِ فتيةٍ تركوا أباهم وأصغر ما به منهم عظيم
فإن يهلك بنيّ فليس شىءٌ على شيء من الدنيا يدوم
وقد هلكوا، الشاهد (يهلك) مضارع بعد أداة الشرط ويراد به الماضي.
سؤال: إذن ليست القضية بالنسبة لكم كعلماء في اللغة النظر إلى مدلول الكلمة لكن داخل السياق هو الذي يحدد.
نعم المضارع قد يأتي بمعنى الماضي والماضي يأتي بمعنى المستقبل وهذا اسمه حكاية الحال.

آية (10) :
* ما الفرق بين الكلِم والكلام والقول والقيل (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ (10) فاطر) و(وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً (122) النساء)؟ (د.فاضل السامرائى)
الكلام نحن عندنا في اللغة (كلامنا لفظ مفيد كاستقم) الكلام هو اللفظ مفيد فائدة يحسن الوقوف عليها هذا ما يتعلمه الطلاب أول ما يقرأون النحو. الكلمة قول مفرد أو اللفظ الموضوع لمعنى مفرد.
*هذه الكلمة، مثل أهلاً مثلاً ومرحباً هذه كلمة؟
لكن أحياناً من باب المجاز قد يُطلق.
*يقال تعال قل كلمة في هذا المؤتمر؟
قلنا من باب المجاز (وكلمة بها كلام قد يؤمّ) أحياناً الكلمة يراد بها الكلام (قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا (100) المؤمنون) ألقى كلمة، هذا مجاز مرسل يطلق الجزء ويراد به الكل هذا يحصل في اللغة. الكلِم هو إسم جنس جمعي ثلاث كلمات فأكثر بغض النظر عن المعنى سواء تم المعنى أو لم يتم. إن حضر محمد هذا كلِم وليس كلاماً.
*لأن الكلام مفيد!
"حضر محمد" كلام، "إن حضر محمد" كلِم. القول عام يشمل الجميع. يبقة القول والقيل. القول مصدر قال قولاً، قسم من اللغويين هي منظومات وكلها سواء لكن لا، القيل والقال أسماء ما يقال لكن القيل الأرجح على صيغة فِعْل، الصيغة الصرفية قولٌ فَعْلُ، قيلٌ فِعْلُ (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً).
*قيلٌ على وزن فِعل؟
قول فَعل، مثل ضربٌ. قيلٌ فِعلٌ مثل ذِبح وطِِرحٌ نحن عندنا في اللغة صيغة فِعل قد تأتي بمعنى اسم المفعول من أوزان إسم المفعول مثل الحِمل ما يُحمل، الحَمل هو المصدر.
*(وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ (72) يوسف)!
الحَمل هو المصدر (أرى حَمل الرواسي مستطاعاً وما حمل الجميل بمستطاعِ) الحَمل المصدر،
*الحَمل غير الحِمل (وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِير)؟
الذَبح مصدر، الذِبح ما يُذبح (وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) الصافات) الشيء الذي يُذبح، الذَبح عملية الذبح نفسها. الطَحن والطِحن، الطَحن المصدر والطِحن ما يُطحن (أسمع جعجعة ولا أرى طِحنا) يعني ما أرى طحيناً. فالقيل هو إسم المفعول يعني الذي يُقال (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً).
*يسموه المقول؟
هو إسم المفعول.
*إذن تعلم اللغة العربية ليس بالأمر بالهيّن، اللغة العربية صعبة وليست سهلة كما يقال؟
تعلم ضوابط الصح والخطأ من حيث النحو هذا سهل، النطق السليم هذا سهل يعني نحن في الصف السادس الابتدائي تخرجنا وما احتجنا إلى تصحيح إلى الكلية من حيث التصحيح، إلى الكلية ما احتجنا إلى تصحيح ما قال أحد هذا خطأ.
*هذا لأنك أنت فاضل السامرائي!
لا، كل الطلاب في دورتنا هكذا.
*ما شاء اللهّ إذن استقامة النطق هذا ليس فيه أدنى بأس!
تبقى القواعد وما إلى ذلك هذا تحتاج إلى تعلّم.
*ومثابرة وصبر ودرس وبحث!
أمور أخرى كالأحكام تحتاج أما هذا التعلم فسهل.

آية (12):
*(وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) فاطر) (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ (12) فاطر) (إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ (14) فاطر) ما دلالة استعمال أداة النفي (ما) و(لا)؟ (د.فاضل السامرائى)
(ما) التي تدخل على المضارع هي لنفي الحال، (لا) يقولون للإستقبال وقسم من النُحاة يقولون قد تكون للحال وللاستقبال (وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً (48) البقرة) هذا استقبال. ننظر كيف تستعمل في القرآن (وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) فاطر) هذا مشاهَد في الدنيا (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ (12) فاطر) هذا مُشاهَد (وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاء وَلَا الْأَمْوَاتُ (22) فاطر) هذا مُشاهَد، (لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ (95) النساء) عدم الإستواء هذا في الآخرة غير مشاهَد فقال (لا يستوي)، (لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ (10) الحديد) عدم الإستواء هذا في الآخرة، (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ (20) الحشر) هذا في الآخرة غير مُشاهَد. (لا) تدل على النفي في الإستقبال (نفي غير مشاهد) وقسم يقولون قد تكون للحال وأكثر النحاة يقولون هي للإستقبال لكن قسم يقول قد تكون للحال والأكثر للإستقبال بدليل قوله تعالى (فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ (20) النمل) هذه حال وليس استقبال فقال قد تأتي للحال أيضاً وهم متفقون على أنها للإستقبال. الأصل أن تكون للإستقبال لذلك يقول الزمخشري لا ولن أُختان في نفي المستقبل إلا أنّ في لن تأكيداً.

*في سورة النحل الآية (وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (14)) أما في سورة فاطر (وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12)) فما دلالة التقديم والتأخير واستخدام الواو وعدمه؟(د.فاضل السامرائى)
نقرأ الآيتين آية النحل وآية فاطر، قال سبحانه وتعالى في سورة النحل (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (14)) وقال في سورة فاطر (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12)) السياق يوضح لنا الكثير من الإجابات.
بالنسبة للتقديم والتأخير:
تقدم هذه الآية في سورة النحل تقدم الكلام على وسائط النقل، ذكر الأنعام قال (وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5)) (وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (7)) ثم ذكر الخيل البغال والحمير قال (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا (8)) هذه وسائط نقل برية، ثم ذكر الفلك وهي واسطة نقل بحرية قال (وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ (14)) فلما ذكر وسائط النقل وذكر الفلك في سياق وسائط النقل قدّم صفتها (وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ) على البحر، (فيه) متعلق بالبحر إذن لما كان السياق في وسائط النقل قدّم صفة وساطة النقل (مواخر) يعني ألحق الصفة بالموصوف ليس الكلام على البحر وإنما الكلام على وسائط النقل فأخّر ما يتعلق بالبحر. أما في آية فاطر فالكلام على البحر وليس على وسائط النقل (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ (12)) كل الكلام على البحر (وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا) فقدّم (فيه) (وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ) وقبلها قال (وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ (11)) الكلام ليس في وسائط النقل أما في آية النحل في وسائط النقل فقدم صفة واسطة النقل وهنا الكلام على البحر فقدم ضمير البحر (وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ) هذا بالنسبة للتقديم.
بالنسبة للواو (لتبتغوا) و(ولتبتغوا):
قال (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ) لتأكلوا وتستخرجوا، هذه عطف وقال (وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ) هذه عاطفة، (سخر البحر لتأكلوا وتستخرجوا ولتبتغوا) وآية فاطر ليس فيها عطف (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ). في آية النحل عطف عِلّة على عِلّة (لتأكلوا) لام التعليل، وتستخرجوا تعليل معطوفة على ما قبلها (ولتبتغوا) تعليل لام التعليل. في آية فاطر ليس هناك تعليل (وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا) ليس فيها لام التعليل (وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ). العبرة هنا بالتعليل (ولتبتغوا) لام التعليل (لتأكلوا ولتبتغوا). (لتبتغوا) في آية فاطر أيضاً لام التعليل لكنها ليست معطوفة ليس هناك قبلها تعليل فكيف نعطفها؟ إذن وكأن دلالة السياق تتوقف عند (وترى الفلك فيه مواخر) لا تعليل قبلها حتى يعطف (لتبتغوا) عليها ليس هناك عِلّة قبلها مثلها ولو قال (ولتبتغوا) تصبح معطوفة على علة مقدّرة. (ولتبتغوا) الأولى التي ذكرنها المشهور فيها ما ذكرناه أنها معطوفة على ما قبلها لكن هناك من أعرب الواو أنها معطوفة على عِلّة مقدّرة في آية النحل، قالوا معطوفة على علة مقدرة لتنتفعوا، لماذا؟ الأمر الأول ظاهر معطوفة عطف ليس فيها إشكال. ولو أن هناك سؤال آخر لماذا قال (وتستخرجوا) من دون لام التعليل (ولتبتغوا) مع لام التعليل؟ العطف يفيد حتى في الدلالة المعطوف على ما قبله له حكم ما قبله المعطوف على المبتدأ مبتدأ والمعطوف على الخبر خبر والمعطوف على المجرور مجرور، المعطوف على الحال حال والمعطوف على الظرف ظرف والمعطوف على المفعول به مفعول به، لا يجوز أن نعطف مفعول به على حال. (وتستخرجوا) حذف لام التعليل لكن يبقى السؤال لماذا حذف لام التعليل في تستخرجوا؟ نحن عندنا قاعدة "الذكر آكد من الحذف"، (لتأكلوا) هذه عِلّة وعندنا أمرين: تستخرجوا حلية تلبسونها ولتبتغوا أيها الأكثر والآكد؟ إستخراج الحلي من البحر أو السفر لغرض التجارة وغيرها؟ لما تسافر في البحر هل هو لغرض التجارة أو تستخرج الحلى؟ السفر في البحر أكثر ويكون لأغراض أخرى للسفر أو للتجارة، غير استخراج الحلى وهذا مقصور على أناس متخصصين يمتهنون هذه المهنة وليس عموم المسافرين في البحر إذن السفر في البحر لأغراض أخرى أكثر إذن (لتبتغوا من فضله) أكثر من استخراج الحلي فهو آكد. (وترى الفلك مواخر فيه) دلالة على أن مواخر صفة للفلك فألصقها بها وأخّر البحر لأن الكلام على أن استخدام البحر كوسيلة نقل وبالتالي هي آكد من استخراج الحلي. (ولتبتغوا من فضله) آكد من استخراج الحلية، ذكر اللام فهي آكد. في فاطر قال (لتبتغوا) هذه ليس فيها عطف أصلاً. (ولتبتغوا من فضله) معطوفة على (وتستخرجوا). الواو في (وترى الفلك) هذه ليست عطف علة على علة. في آية النحل (ولتبتغوا من فضله) معطوفة.
ونذكر مسألة أخرى: هنالك رأي آخر أن الواو عطف على عِلّة محذوفة (ولتبتغوا) جوّز بعضهم أن تكون معطوفة على علة محذوفة لتنتفعوا ولتبتغوا. ليست معطوفة على (وترى) لأن هذه مرفوعة. قسم جوّز أن يكون فيها وجه آخر يعني ليس فقط المعطوف على تستخرجوا ولتأكلوا وإنما عطف عل علة مقدرة أيضاً يجوز، هنالك أمر مقدر نعطف عليه هذا يجوز في اللغة والسياق في الآية يحتمل. الآن يبقى السؤال (ولتبتغوا) على الوجه الأول ليس فيها إشكال ولتبتغوا معطوفة على لتأكلوا وتستخرجوا لكن لو كانت على الوجه الثاني لماذا لم يقل في آية فاطر (ولتبتغوا) ويكون عطف على علة مقدرة؟ في اللغة موجود لكن من الناحية البيانية سياق آيات النحل في الكلام على نِعَم الله وذكرنا أن قسم من المفسرين يقولون أن سورة النحل سورة النِعم من آية (5) إلى الآية (18) فلما كان السياق في ذكر النعم وتعداد النعم قال (وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) يعني وهنالك نعم أخرى ما ذكرناها ولتبتغوا من فضله، هنالك نعم أخرى ومنافع أخرى ما ذكرناها وما عددناها يطول ذكرها (ولتبتغوا من فضله) فلما كان السياق في ذكر النعم وتعدادها فأراد أن يقال (وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) وهنالك منافع ونعم أخرى لكن أشرنا (ولتبتغوا من فضله) أما السياق في فاطر فليس في تعداد النعم. وهذا في القرآن كثير عندنا العطف على مقدر موجود في القرآن كثيراً.
مثال: لما قال ربنا تعالى في سيدنا عيسى (قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21)) (ولنجعله) على ماذا معطوفه؟ هل خلق عيسى فقط ليجعله آية للناس؟ هذه واو عاطفة، على ماذا عطفها؟ هل خلق عيسى  فقط ليجعله آية للناس أو هناك أموراً أخرى؟ هنالك أمور أخرى لكنه لم يذكرها والآن ذكر (ولنجعله آية للناس). يقدرون المحذوف بمعنى ليكون نبياً ورسولاً ولنجعله آية للناس.
مثال: (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ (259) البقرة) (ولنجعلك) على ماذا مععطوفة؟ عندما أحيا الله تعالى العزير هل أحياه فقط ليجعله آية للناس؟ هنالك أمور أخرى ذكر الآن منها (ولنجعلك آية للناس)، لما نجد العطف مقدر على محذوف نفهم أن هناك أموراً أخرى لم يذكرها الشرع.

آية (13):
*ما وجه الاختلاف بين الآيات (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ﴿40﴾ النساء) - (وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴿49﴾ النساء) - (وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴿77﴾ النساء) - (وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴿124﴾ النساء) - (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ ﴿13﴾ فاطر)؟(د.أحمد الكبيسى)
عندنا ذرة وفتيل ونقير وقطمير كل هذا لضرب المثل بالقلة لماذا قال مرة فتيل ومرة نقير؟ الفتيل كلغة عربية كلنا أحياناً بالصيف تلعب بجسمك وتحرك يدك على جسمك وتفتل فترى في يدك قذارة طبعاً من جسمك عرق وتراب الخ فلما تعمل هكذا ترى فتيلاً من الوساخة من وساخة جلدك شيء مفتول أسود وترميه أو من صار له مدة ولم يغتسل ويلعب برأسه فيرى فتائل صغيرة مثل الخيط ويرميها كلها وساخات فرب العالمين لما تكلم عن اليهود (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ﴿49﴾ النساء) (وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى ﴿111﴾ البقرة) (نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ﴿18﴾ المائدة) نحن شعب الله المختار نحن الخ (بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴿49﴾ النساء) يا ناس يا وسخين يا من يستحمون في السنة مرة شف كم فيك من فتيل صغير قذر أنا لا أظلمك فرب العالمين ضرب مثل في القلة لناس وسخين في عقيدتهم في سلوكهم قال (وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا) كهذا الفتيل الذي في أجسادكم الوسخ هذا (وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا). لما رب العالمين عز وجل ضرب المثل لمسلمين لا يزالون يؤمنون بالله عز وجل قال أنتم من يعمل من الصالحات وهو مؤمن (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴿124﴾ النساء) النقير هو هذه النقطة التي في ظهر النواة المعروف أن العرب جميعاً والمسلمين بل العالم كله ألذ فاكهة عندهم التمر معروف فالتمر فاكهة راقية أنت الآن لما ترى أنواع التمر في السوق والله حتى الذي فيه سكري يأكل من شدة لذتها وجمالها والإبداعات في تطويرها كما في الإمارات بعد ما كان العراق البلد الأول في العالم في التمور وكان فيه أكثر من ألف صنف ولكن للظلم الذي ساد فيه ولهذا الوباء الذي نحن فيه والانهيار الأخلاقي والسياسي الذي نحن فيه مما تآلفنا مع الأعداء وغير ذلك رب العالمين محق هذا والمعروف أن الزراعة من كرم الله (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ ﴿58﴾ الأعراف) الطيب الذي فيه عدلٌ وأمن، الحاكم يعدل بين شعبه رب العالمين ينمي الزراعة فيه بشكل عجيب كالإمارات بلد رملي أصبح بلداً زراعياً من الطراز الأول والعراق الذي كان بلد زراعي من الطراز الأول لم يعد فيه لا تمر ولا زراعة للظلم الذي ساد فيه. فحينئذٍ رب العالمين يضرب المثل للصالحين من عباده بأنكم ستأخذون جزاءكم كاملاً ولن تظلموا بقدر هذه النقطة التي في ظهر النواة التي تتركها في فمك تمصها كلنا لما نأكل التمر بجميع أنواعه نتركها في فمنا إلى أن نظل نمص بالنواة إلى أن نخرجها من فمنا بتلذذ ثم نرميها بمهل قد ما هي عنده محترمة قال (وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا) فعندما رب العالمين يضرب للناس مثل بالقلة وناس وسخين في أعمالهم وسلوكهم قال (وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا) لما يضرب المثل لناس صالحين ناس حلوين يضرب لهم المثل بشيء حلو وجميل أحلى ما في هذا الكون هو التمر وأحلى ما في التمرة عندما تمص النواة لاحظ فالذواقة في أكل التمر يتلذذ في أنه يلوك بالنواة في فمه إلى أن يلقيها بشكل رقيق. إذاً هذا الفرق بين (وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا) و (وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا). ثم يقول تعالى (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ) القطمير الغشاء الشفاف الذي على النواة ما قيمته هذا؟ فرب العالمين لما تكلم عن الملوك قال أنا رب العالمين أنا الذي أنعمت عليكم كل هذه النعم وملكي لا حدود له هذا الذي تعبده ما الذي لديه؟ حتى قطمير ما يملك، هذا الصنم أو العبد أو آلهتكم التي تصنعونها التي تدعونها من دون الله لا يملكون من قطمير، هذا ضرب المثل باللاشيء. القطمير شيء شفاف يكون غشاء النواة غشاء وحينئذٍ ماذا يمكن لك أن تجني من هذا الغشاء؟ (مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ).

آية (14):
*انظر آية (12).↑↑↑

آية (18):
*هل الإنذار خاص بالكافرين في القرآن؟(د.فاضل السامرائى)
الإنذار في القرآن الكريم لا يكون خاصاً للكفار والمنافقين وقد يأتي الإنذار للمؤمنين والكافرين. والإنذار للمؤمن ليس فيه توعد فهو للمؤمنين تخويف حتى يقوم المؤمن بما ينبغي أن يقوم به كما في قوله تعالى (إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ {11} يس) وهذا ليس فيه تخصيص لمؤمن أو كافر. وقد يأتي الإنذار للمؤمنين (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ {214} الشعراء) (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ {18}فاطر) وقد يكون للناس جميعاً (وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ {44} ابراهيم) (وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ {51}الأنعام) .

* ما اللمسة البيانية في استعمال الأفعال المضارعة واستعمال أفعال ماضية في وسط الأفعال المضارعة؟ (د.فاضل السامرائى)
لو نظرنا في المسألة نجد أنه في سورة الرعد قال تعالى (الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22)) ما كان له وقت محدد عبّر عنه بالفعل الماضي (أقاموا الصلاة) الصلاة لها أوقات محددة وحتى الإنفاق الزكاة أو الإفطار في رمضان وما كان سابقاً لكل الأوصاف فعل ماضي، الصبر هو يسبق كل هذه الأوصاف لأنها كلها تحتاج إلى صبر فهو أسبق منها جميعاً فعبر عنه بالماضي وما عدا ذلك هو مستمر (يوفون بعهد الله) ليس له وقت، يخشون ربهم، ليس لها وقت هذه مستمرة أما تلك فإما أن يكون لها وقت أو هي سابقة وهذا ليس التعبير الوحيد في القرآن ولكن هناك تعبير نظيره (وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ (170) الأعراف) (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ (29) فاطر) (إِِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ (18) فاطر) يخشون ربهم ليس لها وقت ولكن الصلاة لها وقت. أما الصبر فلم يأت في القرآن صلة بغير صيغة الماضي قال (وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43) الشورى) (إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ (11) هود) (وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ (22) الرعد) (الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (42) النحل) (وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (96) النحل) (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا (35) فصلت) لم يرد صلة موصول إلا ماضي. هذه من خصوصيات التعبير والبيان القرآني. القرآن هزّ قلوباً استشعرت هذا البيان القرآني.

* ما الفرق بين (يخشون ربهم بالغيب) و (يخشون ربهم) بدون بالغيب؟ (د.فاضل السامرائي)
لا توجد في القرآن الكريم كلمة زائدة أبداً مستحيل. حتى في سورة الرعد أيضاً ذكر (يخشون ربهم) قال تعالى (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ (21) الرعد) ليس فيها غيب، هذا الأمر يتضح عند ذكر كل سياق ورد فيه (بالغيب) ، ينبغي أن يُعلم السياق حتى يعلم لماذا هنا لم يقيد وهناك قيد.
نقرأ سياق آية الرعد هذه ونقرأ سياقات أخرى حتى يتبين الفرق لماذا هنا أطلق وهناك قيّد:
في الرعد قال (إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)) أطلق في هذه الآية. الآن نقرأ ماذا قال في الغيب، ماذا ورد في الغيب،
في الأنبياء قال تعالى (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ (48) الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (49)). وفي فاطر (إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (18) فاطر) وفي الملك (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (12) الملك) وفي ق (هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ (33) ق) وفي يس (إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (11) يس) هذه بالغيب وتلك مطلقة.
لو لاحظنا أولاً حتى نفهم النص الذي يظهر من آية الرعد التي هي مطلقة وصفهم بأنهم أولو الألباب ذكر أولو الألباب (إنما) وقصّر التذكر عليهم (إنما) أداة قصر (إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ)، (الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ) هذا وصف عام يشمل جميع كل ما أمر الله به، لا ينقضون الميثاق (وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ)، يصلون ما أمر الله به أو يوصل (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ)، يخشون ربهم (وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ)، يخافون سوء الحساب (وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ)، (وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ)، (وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً)، هذه مطلقة بالغيب وزيادة (سِرًّا وَعَلَانِيَةً)، (وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ). جزاؤهم (أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ) يدخل معهم من صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم (يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ) والملائكة يدخلون عليهم يحيونهم سلام عليكم (وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ). لو نظرنا في جميع الآيات التي ورد فيها قوله (يخشون ربهم بالغيب) تشمل الجزء مما ذكر في آية الرعد. كما أطلق الخشية أطلق الوصف وأطلق الأجر، لما كانت الخشية بالغيب جزء من الخشية العامة تلاحظ كل ما ورد في القرآن في هذه المواطن هو جزء. حتى تكون المسألة واضحة:
في الأنبياء قال (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ (48) الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (49)) ذكراً للمتقين، يخشون ربهم بالغيب، من الساعة مشفقون. لاحظ في سورة الرعد (الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) (في سورة الرعد أكثر). في سورة الرعد أكثر فأصبح هذه الصفات (الذين يخشون ربهم بالغيب) جزء مما ذكر في الخشية العامة.
نلاحظ في سورة فاطر (إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (18)) أمران يخشون ربهم وأقاموا الصلاة هذه جزء مما ورد في سورة الرعد.
في سورة الملك (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (12)) فقط يخشون ربهم بالغيب لم يذكر شيئاً آخر،
سورة ق (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ (33) ق) متقين، أواب حفيظ من خشي الرحمن بالغيب، في سورة ق لم يذكر عبادة بدنية كلها عبادات قلبية (أواب، حفيظ، قلب منيب) لم يذكر عبادة بدنية مثل الإنفاق وإقامة الصلاة، سورة الرعد أعمّ.
في سورة يس قال (إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (11) يس) لم يذكر صفات أخرى. إذن تلاحظ عندما قال (بالغيب) هي جزء من الخشية العامة والصفات التي ذكرها هي جزء من الصفات المطلقة المذكورة في قوله (يخشون ربهم). في يس قال (مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ) لكن نلاحظ في سورة الرعد ذكر اتباع الذكر على درجة الإحسان. أنت عندما تنفق تكون اتبعت الذكر لكن هؤلاء ما اكتفوا وإنما أنفقوا سراً وعلانية هذا إحسان في الانفاق ليس مجرد إتّباع. مثال آخر، هو قال (وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) لاحظ (وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا (40) الشورى) هذا اتّباع (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ (40) الشورى) هذا أعلى، (وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) هذا أعلى، هذا إحسان في الإتباع وليس اتباعاً فقط.
فما ذكر في الرعد قال (وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً) ولما قال (وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) هذا إحسان في الإتباع، إذن صارت آية يس جزء مما ورد في قوله (يخشون ربهم). لاحظ حتى الجزاء، الجزاء في آية الرعد أعلى مما ذكر في يس. في يس قال (فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ) وفي الرعد (أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)). في يس قال مغفرة وأجر كريم الأجر لا يعني الجنة.الأجر هو الجزاء على العمل ولا يعني الجنة بالضرورة. قال تعالى (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لَآَتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (68) النساء) هذه في الدنيا وقال (لَآَتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أجراً عظيماً) الجزاء على العمل وليس بالضرورة الجزاء هو الجنة.
* إذن في يس ليس المغفرة والأجر الكريم لا يدل دلالة قاطعة على أن الجزاء هو الجنة؟
ليس بالضرورة وإنما الجزاء على العمل ولا يشترط أن يكون الجنة. (وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا (20) المزمل) لا تعني الجنة. يمكن أن تكون حسنات لكن الأجر هو الجزاء على العمل. ما ذكر في الرعد أعلى لأنه ذكر الجنة ويدخلون عليهم من كل باب. قد تقول يخشون ربهم بالغيب أعلى من يخشون ربهم؟ هو أشمل لأن قد تكون أحياناً الخشية بالحضور أعلى من الخشية بالغيب.
* يعني ذكر الخشية بتقييد الغيب هذه أشمل؟
أشمل، ولذلك كان أجرها كما ذكر كثير.
* هل الله سبحانه وتعالى فعلاً يحب اللغة العربية؟ وإذا كان يحبها هو أنزل كتباً أخرى بغير لغات؟
هو تحدى بها الخلق وتحدى بها الناس وتحدى به العرب لم يتحدى بلغات أخرى.

آية (19):
*انظر آية (12).↑↑↑

آية (22) :
*ما الفرق بين استخدام الأجداث و القبور في القرآن الكريم ؟(د.فاضل السامرائى)
الاستعمال في القرآن إستعمال دقيق وغريب. الجَدَث الذي هو القبر هو مفرد أجداث، الجدث هو قريب من لفظ (الجَدَثة) هو صوت الحافر والخُفّ، حافر الفرس والخف صوت قدم البعير وغيره على الأرض وصوت مضغ اللحم أيضاً. ليست بينهما إلا التاء (جدث وجدثة) الجدثة صوت الحافر أو الخف أو مضغ اللحم. ربنا سبحانه وتعالى لم يستعمل الأجداث إلا عندما يخرجون من القبر سراعاً (خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ (7) مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (8) القمر) (يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43) المعارج) (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ (51) يس) ينسلون يعني يسرعون، نسل يعني أسرع. لم يستعمل لفظ الأجداث إلا في خروجهم مسرعين وهذا يشبه صوت الخُف وصوت الحافر عند العدو عند الركض، لما يخرجون مثل صوت الفرس لما تركض أو صوت الخف. لم يستعمل لفظ الأجداث إلا في هذه الحالة. وهنالك أمر آخر الجَدَثة هو مضغ اللحم يخرجون وقد مضغتهم الأرض حقيقة. يخرجون مسرعين وقد مضغتهم الأرض لم يبق منهم شيء.
لم يستعمل القبر في هذا مطلقاً وإنما يستعملها في حال السكون والهمود في كل القرآن (كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (13) الممتحنة) (وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ (22) فاطر) (وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4) الإنفطار) كما تقول بعثرت الصناديق، بعثرت الحاجات، لم يذكر الخروج منها، (أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9) العاديات) صندوق تبعثر والحاجات خرجت، أما الأجداث فهي الخروج من الأجداث سراعاً. فاستعمل القبور في حالة الهمود والسكون والأجداث في حالة الإخراج والعدو والسرعة. مناسبة عجيبة بين حركة ودلالة الكلمة والمسرح اللغوي الذي تعبر عنه ، اختيار عجيب.

آية (25):
*ما الفرق بين قوله تعالى(فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ﴿184﴾ آل عمران) و(وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ﴿25﴾ فاطر)؟(د.أحمد الكبيسى)
قال تعالى (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ﴿184﴾ آل عمران) بالبينات والزبر والكتاب المنير، في سورة فاطر 25 أضاف باء حرف جر قال (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ﴿25﴾ فاطر) بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير أضاف حرف جر. هناك (بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ) القرآن، هنا (بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ) حينئذٍ واضحة كما قلنا في الآيات التي قبلها بذي وذي نفس النسق. نحن لدينا نوعين من الأنبياء أنبياء كتابه هو معجزته هذا بالبينات والزبر بدون باء وهو محمد صلى الله عليه وسلم الوحيد الذي معجزته هي كتابه النبي صلى الله عليه وسلم. سيدنا موسى معجزته العصا واليد والقمل والضفادع والماء وغيرها يعني كثير (وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آَيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ ﴿133﴾ الأعراف) لكن التوراة شيء ولهذا التوراة ليس معجز ولهذا حرف وضاع وقسموه وحرفوه الخ ليس له نفس حصانة القرآن لأن الله سبحانه وتعالى جعل معجزته غير الكتاب فالكتاب علم فقه ليس بذلك الوعد الإلهي (وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴿9﴾ الحجر) فلهذا التوراة الآن ما بقي منها شيء والإنجيل ما بقي منها شيء، أناجيل شبيهة كل ما يأتي ملك يعمل له إنجيل لماذا؟ البينات عند موسى وعيسى غير الكتابين عندهم إعجاز خالد لا يمكن أن ينكرها إلا إنسان ظلم نفسه. سيدنا عيسى يبريء الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله لأن طبيعة بني إسرائيل مادية حسّية ولهذا قالوا (وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا ﴿90﴾ أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا ﴿91﴾ أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا ﴿92﴾ الإسراء) (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ﴿55﴾ البقرة). إذاً هذا الفرق بين هذه الباء لما قال (بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ) هناك معجزات وهناك كتاب لكن لما قال (بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ) الكتاب هو المعجزة نفسه. هكذا هذا الفرق بين الآيتين. إذاً معنى ذلك كما قلنا أن البينات هي الحجج والمعجزات البراهين إما حجة قرآنية أو توراتية أو إنجيلية بما أراد الله عز وجل أن يدلل على وحدانيته وإما معجزات هكذا ذكرنا بين جاءهم وجاءتهم. أمر آخر وهو أن الآية في آل عمران تبدأ (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ) بالفاء في سورة فاطر (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ (4)). هذه الأولى لأنها مترتبة على التي قبلها، في قوله (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) هو كلام مستأنث أما بالفاء فهي تابعة بالضبط إلى الآية التي قبلها (وإن) كلام مستأنث يعني (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ) كلام جديد ليس له علاقة بالماضي إطلاقاً فالله تعالى تكلم عن التوحيد (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ ﴿3﴾ فاطر) ثم قال (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ) ليس لها علاقة بالآية التي قبلها بدليل المضارعة يدل على الحال والاستقبال هذا الفرق بين (فإن) وبين (وإن). وعندنا (فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ) و (كذبت رسلٌ من قبلك) كذب رسلٌ واحد واحد كذب هذا وهذا لم يكذب ناس كذبوه وناس لم يكذبوه أما كُذّبت مجموعة صارت ظاهرة.

آية (28):
*(كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء (28) فاطر) ما المعنى الإعرابي للآية؟(د.فاضل السامرائى)
العلماءُ فاعل مؤخر مرفوع واللهَ مفعول به في محال نصب هل يجوز أن نقول الله لفظ الجلالة مفعول به؟ مثلاً في الأفعال الناقصة (كان الله غفوراً رحيماً) (كان) فعل ماضي ناقص لكن إذا ادخل على إسم من أسماء الله لا نقول فعل ماضي ناقص وإنما نقول فعل دوام واستمرار تأدباً مع الله. جواب الدكتور: قُل فعل ناسخ. هذا مصطلح إعرابي. و(إنما) تفيد القصر يعني أن الذين يخشون الله حق الخشية هم العلماء لأنهم يعرفون قدرته سبحانه ومن علِم خاف (أنا أعلمكم بالله وأتقاكم له) حديث شريف. وخشية العالم ليست كخشية الجاهل.

*ما الفرق بين كلمتى علماء وعالمون؟(د.أحمد الكبيسى)
الله تعالى قال (وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ ﴿51﴾ الأنبياء) (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ﴿43﴾ العنكبوت) جمع مذكر سالم (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴿28﴾ فاطر) (أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آَيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴿197﴾ الشعراء) عندنا علماء وعالمون، العلماء صغارهم وكبارهم وطلاب العلم كل من يشتغل بالعلم - كما تعرفون الآن في واقعنا الحالي - ليس العلماء على نسقٍ واحد هناك الصغير والمبتدئ والجديد هناك عاقل هناك حفاظ هناك دراخ هناك من لا يفكر وهناك من يفكر خليط فلما تقول عالمون لا، هؤلاء قمم مجتهدون أصحاب نظريات (وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ) وحينئذٍ كل ما جئت به في لغتنا وفي القرآن الكريم جمع التكسير شامل يشمل الزين والشين وبعضه يفضل بعضه، لكن لما جمع مذكر سالم لا، القمم يعني عندما تجمع أبو حنيفة والشافعي ومالك وأحمد وجعفر الصادق والباقر وابن حزم الخ وتسميهم علماء! لا، هؤلاء عالمون، هناك عموم الشيء وهناك خصوصهم.

* ما هو مفرد علماء؟(د.فاضل السامرائى)
احتمال جمع عالم واحتمال جمع عليم. يجمعون عالِم على عُلام وعالمون (جمع مذكر سالم) وعلماء مثل جاهل جهلاء، ويجمعوها على عليم وهي القياس مثل كبير كبراء، صغير صغراء، عليم علماء، فعيل فعلاء، شريف شرفاء تحتمل. عُلام موجود في اللغة وهي جمع عالم مثل كاتب كُتّاب.
*عُلام جديدة على الآذان، جهلنا بالشيء لا يدل على عدم وجوده!
ونحن صغار كنا نسمع العِلام بالعامية. إذن علماء جمع عالِم واحتمال جمع عليم.

آية (29):
*ما دلالة استخدام الفعل الماضي والمضارع في آية سورة فاطر (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ {29}) ؟ (د.فاضل السامرائى)
قال تعالى في سورة فاطر (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ {29}). يتلون فعل مضارع وأقاموا فعل ماضي والفعل المضارع يدل على الحال والتجدد والإستقبال والماضي مضى هذا هو الأصل وفي الآية ذكر تعالى أكثر ما يتجدد أولاً لأن تلاوة القرآن أكثر من الصلاة لأن إقامة الصلاة لا تكون إلا بقراءة القرآن وقراءة القرآن تكون في كل وقت وإقامة الصلاة هي أكثر من الإنفاق إذن فالأفعال مرتّبة في الآية بحسب الكثرة وبحسب الإستمرار فبدأ بما هو أكثر بالأكثر والأكثر استمراراً ثم بما دونها كثرة (الصلاة) ثم الأقل (الإنفاق).
وفعل أقاموا هو فعل ماضي فهل هو مضى؟ الفعل الماضي بعد إسم الموصول يكون له زمنان فقد يكون له زمن ماضي مثل قوله تعالى (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم) وقد يحتمل معنى المضي والإستقبال مثل قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ {159} إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {160} سورة البقرة) هذه الأفعال الماضية في الآية (تابوا وأصلحوا وبيّنوا) تدل على احتمال الإستقبال لأنها جاءت بعد الكتمان (إن الذين يكتمون). أصلاً زمن الفعل الماضي بعد الإسم الموصول يحتمل المضي ويحتمل الإستقبال. وهنالك أمور قطعية وهنالك أمور تبقى مشتركة. أما (كان) فلها أزمنة خاصة بها فهي تفيد الإستمرارية (كان ولا يزال) وتأتي أصلاً للإستقبال كما في وصف الآيات للآخرة (وفتحت السماء فكانت أبوابا) وفي الحديث عن الله تعالى (وكان الله غفوراً رحيما) فهي تدل على كونه غفور رحيم وهذا كونه سبحانه.

آية (32):
*ما دلالة إسناد الفعل للمجهول أو للمعلوم فى قوله تعالى (أورثوا الكتاب)و(أورثنا الكتاب)؟(د.فاضل السامرائى)
عموماً رب العالمين يسند التفضل والخير لنفسه وما فيه ذم فنسبه للمجهول (وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ (14) الشورى)، أما قوله تعالى (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا (32) فاطر) هذا مدح.

آية (33):
*فلماذا جاءت ذكر اساور من فضة في سورة الإنسان بينما جاءت من ذهب ولؤلؤا في سورة فاطر؟(د.فاضل السامرائى)
إذا نظرنا في سياق الآيات في سورة فاطر من قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (30) وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (31) ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (33) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (35)).
ففي سورة فاطر قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29)) وفي سورة الإنسان قال (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً {7} وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً {8}) والأكيد أن الإنفاق سراً وعلانية هو أعم وأشمل من إطعام الطعام على حبه المسكين واليتيم والأسير.
ثم إن الذين يتلون الكتاب ويقيمون الصلاة هي أرفع وأعلى من الوفاء بالنذر لأن النذر أصلاً مكروه شرعاً وفي الحديث: "النذر صدقة البخيل" فالأمو التي ورد ذكرها في فاطر هي أعم وأرفع وأعلى مما ورد في سورة الإنسان فتلاوة القرآن أوسع من إفامة الصلاة ولهذا قدّم التلاوة على الصلاة والإنفاق لأن الصلاة لا تصح إلا بتلاوة القرآن والتلاوة تكون في الصلاة وفي غير الصلاة.
ثم إن التلاوة والصلاة جاءت بصيغة المضارع بينما جاء الإنفاق بصيغة الماضي لتكرر التلاوة والصلاة أكثر من الإنفاق. فالوصف في سورة فاطر أعلى مما جاء في سورة الإنسان هذا أمر
والأمر الآخر أنه تعالى في سورة فاطر ذكر (يوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله) بينما قال في سورة الإنسان (إن هذا كان لكم جزاء) ففي سورة فاطر توفية وزيادة وهما أعلى من الجزاء لذا ذكر الؤلؤ وهو الزيادة ، وكذلك في فاطر قال تعالى (إنه غفور شكور) وفي الإنسان (وكان سعيكم مشكورا) فزاد المفغرة على الشكر في سورة فاطر.
ثم ذكر في سورة فاطر (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا) باسناد الفعلين إلى نفسه تعالى وهذا في مقام التكريم ثم ذكر الإصطفاء بالذات وهو من باب التكريم أيضاً. اصطفاهم هذا تكريم والتكريم الآخر هو الإسناد في قوله (أورثنا).
قسّم تعالى المصطفين إلى قسمين (مقتصد) و(سابق بالخيرات) ذكر السابقين وهم أعلى المكلفين فلا يناسب معهم أن يذكر الأساور من فضة لأنها قد تدل على أن الفضة للسابقين مه أنه يجب أن يتميزوا لأنهم أعلة المكلّفين ولهذا جاء بأساور من ذهب لؤلؤا ليتناسب مع المذكورين.
قوله تعالى في فاطر (ويزيدهم من فضله) (وذلك هو الفضل الكبير) يناسب الزيادة أيضاً لأن هذا الفضل يقتضي الزيادة.
ذكر المغفرة والشكر مرتين (إنه غفور شكور) و(إن ربنا لغفور شكور). من الناحية البلاغية، لمّا ذكر تعالى (يتلون كتاب الله) قال (إنه غفور شكور) بدون اللام ولمّا ذكر الظالم لنفسه والمقتصد ذكر أنهم يدخلون الجنّات ذكر اللام في قوله (إن ربنا لغفور شكور) لأنه هؤلاء محتاجون للمغفرة أكثر ولولا المغفرة لما دخلوا الجنة وهؤلاء أحوج إلى المغفرة من الأولين لذا أكد باللام (إن ربنا لغفور شكور) فالتأكيد جاء بحسب الحاجة إلى المغفرة.
قال تعالى في سورة الإنسان (حُلّوا أساور من فضة) وفي فاطر (يحلون فيها من أساور من ذهب) فيها تكريم لأن (من) تفترض الكثرة لأنهم أعلى من المذكورين في سورة الإنسان لأنه عندما نقول لأحد مثلاً إلبس هذه الثياب أو البس من هذه الثياب بالتأكيد الثانية أوسع لأن له أن يختار من بين الثياب ما يشاء.
ثم قال تعالى (حُلوا) بصيغة الماضي وفي سورة فاطر (يحلّون) بصيغة المضارع وفي الآيتين الفعل مبني للمجهول لكن في سورة الإنسان الإخبار بما هو حاصل أما في سورة فاطر فالإخبار بشيء لم يحدث بعد وفيه إخبارهم أنهم سيدخلون الجنة (يدخلون الجنة) لذا جاءت يُحلّون.

فى سؤال آخر:
*ما اللمسة البيانية في إستخدام حروف الجر في القرآن (يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ (33) فاطر) لماذا قال من أساور ولم يقل بأساور؟(د.فاضل السامرائى)
الفعل حلّ يتعدى بنفسه إلى مفعولين في الأصل. حلّاها أي ألبسها حِلية، حلّيتًها أساور أي ألبستها أساور وقد يستعمل مع (من) كبقية الأفعال التي تتعدى كأن تقول أعطيته دفاتر أو أعطيته من الدفاتر (تبعيض) والقرآن استعملها هكذا مرة معدى بنفسها إلى مفعولين (وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ) المفعول الأول هو الواو التي هي نئاب فاعل وهي مفعول به وأساور مفعول ثاني. وقال يُحلّون من أساور من ذهب، هذه لها مفعول واحد كما تقول أعطيته من الكتب وأعطيته كتباً أحياناً يتعدى إلى مفعول واحد وأحياناً نستعمله لازم وأحياناً متعدي بمفعولين. لكن هو السؤال لماذا أحياناً يستعمل (من) وأحياناً لا يستعملها؟ أما الباء فهي ليست في الأصل لأن الفعل يتعدى بنفسه وليس بالباء لكن أحياناً يؤتى بـ (من) لغرض آخر كما في القرآن مرة عداه بنفسه إلى مفعولين (وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ) ومرة عداها بمفعول واحد وجاء بـ (من) فقال (يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ). ما الفرق بينهما؟ الباء ليست محلها لغة ولا يصح أن نقول يحلون فيها بأساور. يحلون لا يأتي مع الباء يقال في اللغة حليته أساور ومن أساور. الأصل في فعل حلّ أنه لا يتعدى بالباء.
لماذا مرة قال (من أساور) ومرة (وحلوا أساور)؟ لماذا مرة عدّاه إلى مفعولين (أحدهما نائب فاعل والآخر مفعول به) (وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ) ومرة عداها إلى مفعول واحد وجاء بـ (من) (يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ) لماذا لم يقل (يحلون فيها أساور من ذهب)؟
في القرآن نجد استعمالين مرة قال (وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ) جاء بـ (من) وهنا قال (أساور من ذهب). (يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ) هذه في سورة فاطر وتلك في سورة الإنسان (عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21)) ما جاء بـ (من) أعلى، الأجر أعلى، الجزاء أعلى. نقرأ الآيتين: في سورة الإنسان قال (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8)) ذكر أمرين في العمل أولاً يوفون بالنذر والآخر يطعمون الطعام على حبه. أما في فاطر فقال (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ (29) فاطر) (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (33)) أي العملين أعلى؟ يوفون بالنذر النذر أصلاً مكروه لكن الوفاء به واجب، ثم إطعام الطعام ذكر مسكين ويتيم وأسير. هناك لدينا يتلون كتاب الله وإقامة الصلاة والصلاة عماد الدين وأنفقوا مما رزقناهم وليس فقط إطعام الطعام، الإنفاق أعم من الطعلم ومرة قال مسكيناً ويتيماً وأسيرا وهناك قال سراً وعلانية. إذن الأعلى (يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ) أعلى من (وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ). (يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ) لما كان العمل أكثر يكون الجزاء أكبر.
لماذا جاء بـ (من)؟
لو قلت لك إلبس هذه الملابس أو إلبس من هذه الملابس؟ الأكثر (من هذه الملابس) هذه مثل (وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ) هي كثيرة والبعضية أكثر من (وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ) إلبس منها ما تشاء. أولاً قال من ذهب ولؤلؤاً ولباسهم فها حرير وتلك من فضة فالأولى أعلى ثم جاء بـ (من) دلالة على كثرة الموجود، العمل أعلى فالجزاء أعلى.
الفعل المستخدم عندما كان متعدياً بنفسه كان بالماضي لأن الكلام أصلاً في الماضي والله تعالى أخبر عنهم بالماضي (فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11)) بينما في سورة فاطر فأخبر عنهم بالاستقبال فقال (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (33)) فالسياق أصلاً الأولى في الماضي والثانية في المستقبل. أساور جمع وسوار مفرد، أسورة جمع قلة. سوار مفرد يُجمع على أسورة (جمع قلة: أفعُل مثل أذرع،أفعال، أفعِلة مثل أشربة، فِعلة مثل فتية وصبية) فتية أقل من فتيان. وأساور جمع كثرة .

آية (35):
* تعددت أسماء الجنة ورد أنها جنة وجنتان وجنات وجنة نعيم وغرفة وغرفات ودار السلام والحسنى وجنة المأوى وجنة الفردوس؟ فلماذا تعددت؟(د.فاضل السامرائى)
أسماء الجنة في القرآن كثيرة، المشهور إسم الجنة، وسماها دار السلام (لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِمْ (127) الأنعام) وسماها جنة الخلد (جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ (15) الفرقان) وصف للجنة، قد تكون درجات لكنها أوصاف لها دلالات لغوية خاصة. وجنة المأوى تأوي إليه تنضم إليه، دار المقامة (الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ (35) فاطر) من الإقامة، (جَنَّاتِ عَدْنٍ) العدن هو الدوام والبقاء والخلود، قد تكون عدن من الجنات الخاصة تذكر والفردوس والفردوس الأعلى لكن لها معاني في اللغة. من أسماء الجنة دار السلام وجنة الخلد ودار المقامة وجنة المأوى، جنات عدن، الفردوس هو البستان في اللغة. جنات النعيم (جَنَّاتِ النَّعِيمِ) سماها النعيم جامع لجميع الجنات، وسماها المقام الأمين (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (51) الدخان)، وسماها مقعد الصدق (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ (55) القمر)، وسماها قدم الصدق (لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ (2) يونس) هي درجات عالية كثيرة، محتمل أن تكون أوصاف.

* ما الفرق بين النصب واللغوب؟(د.فاضل السامرائى)
النصب هو التعب والإعياء واللغوب هو الفتور وهو نتيجة النصب، نيجة النصب يفتر الإنسان. النصب أولاً ثم اللغوب. النصب تعب ثم نتيجة الإعياء يحصل فتور. وقسم من أهل اللغة يفرّق يقولون النصب تعب البدن واللغوب تعب النفس. قال تعالى (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ (38) ق) يعني أيّ فتور. في الجنة قال (الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (35) فاطر). (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ) ما مسنا من لغوب يعني حتى الفتور ما مسّنا فكيف بالنصب؟! الشيء القليل ما مسنا فما بالك بالكثير؟ في التوراة قالوا خلق الله السماء والأرض في ستة أيام ثم تعب فارتاح يوم السبت!.

آية (37):
*ما الفرق بين يذّكرون ويتذكرون؟(د.فاضل السامرائى)
يذّكرون أصلها يتذكرون في اللغة صار فيها إبدال. وأصل الفعل الثلاثي ذَكَر يذكر (أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (67) مريم) الفعل الثلاثي المجرد هو (ذكر). تذكّر هذا مزيد بالتاء والتضعيف. إذّكّر حصل فيه إبدال التاء صارت ذالاً وهذا إبدال جائز، التاء صار فيها إبدال يصير إدغام (ذال وذال) الأول ساكن والعرب لا تبدأ بالساكن فجاءوا بالهمزة فقالوا إذّكّر مثل إطّهر، إفّعل، إدّبر هذا كله من الإبدال الجائز. إذن يتذكرون ويذّكّرون هما في الأصل فعل واحد لكن أحدهما فيه إبدال والآخر ليس فيه إبدال: يتطهرون ويطّهرون، يدّبر ويتدبر أصلهما فعل واحد لكن أحدهما حصل فيه إبدال والآخر ليس فيه إبدال، هذا من الناحية اللغوية الصرفية. لكن كيف يستعمل القرآن يتذكرون ويذّكّرون؟ يتذكرون ويذّكرون من حيث اللغة واحد حصل إبدال كما في اصتبر واصطبر (التاء صارت طاء)، إزتحم وازدحم هذا إبدال واجب، وهناك إبدال جائز (يتذكرون ويذّكرون).
إستخدام القرآن الكريم في هذا ونظائره: يتذكر ويذّكّر أيها الأطول في المقاطع؟ (يتذكر: ي/ت/ذ/ك/ر/) خمسة مقاطع، (يذّكّر: ي/ذ/ك/ر/) أربعة مقاطع. يتذكر أطول ومقاطعه أكثر هذا أمر. والأمر الآخر يتذكّر فيها تضعيف واحد ويذّكّر فيها تضعيفان. إذن عندنا أمران: أحدهما مقاطعه أكثر (يتذكر) والآخر فيه تضعيف أكثر (يذّكّر) والتضعيف يدل على المبالغة والتكثير. القرآن الكريم يستعمل يتذكر الذي هو أطول لما يحتاج إلى طول وقت ويستعمل يذّكّر لما فيه مبالغة في الفعل وهزة للقلب وإيقاظه. مثال (فَإِذَا جَاءتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (34) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ مَا سَعَى (35) النازعات) يتذكر أعماله وحياته كلها فيها طول، (وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23) الفجر) يتذكر حياته الطويلة. (وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ (37) فاطر) العمر فيه طول. (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (55) الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ (56) فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57) الأنفال) هؤلاء يحتاجون إلى هزة، ما عندهم قلب ويحتاجون إلى تشديد لتذكر الموقف، هنا موقف واحد وهناك عمر كامل. يحتاجون إلى من يوقظهم ويحتاجون إلى مبالغة في التذكر تخيفهم وترهبهم وليس تذكراً عقلياً فقط وإنما هذا تذكر فيه شدة وتكثير للتذكر ومبالغة فيه بحيث تجعله يستيقظ، هذا يسمى مبالغة في التذكر. (وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ (125) أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ (126) التوبة) هؤلاء في قلوبهم رجس يحتاجون إلى هزة توقظ قلوبهم ليس مسألة تعداد. (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَـذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُورًا (41) الإسراء) ليعتبر. إذن يتذكر ويذّكّر الصيغتان في القرآن عموماً. يتذكر لما هو أطول وهو تذكر عقلي ويذّكّر فيه مبالغة وفيه إيقاظ للقلب، تهز القلب. يذّكّر فيه إيقاظ للقلب وهزة ومبالغة مع أن الجَذر واحد.

آية (39):
*ما اللمسة البيانية في ذكر وحذف (في) في الآيتين (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ (165) الأنعام) و (هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ (39) فاطر)؟ (د.فاضل السامرائى)
لما نقول هو ملك مصر أو ملك في مصر أيها أوسع؟ ملك مصر أوسع. خلائف الأرض قالوا هذه في الأمة المسلمة التي سترث الأرض ولن يأتي أمة من بعدها تحمل رسالة (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105) الأنبياء) ترث الأرض فقالوا هذه الأمة المسلمة. خلائف في الأرض للأفراد كل واحد هو خليفة في الأرض يفعل ما يشاء لأنه في الآية (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ (37) فاطر) وقسم قالوا لأهل مكة ولم يجعلوه عاماً. إذن خلائف الأرض عامة للأمة المسلمة على العموم (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) أما تلك ففيها احتمالات قالوا انتفاع بما في الأرض،خلفاء من قبلكم.
خلائف من خليفة ذرية يخلف بعضهم بعضاً.

فى إجابة أخرى للدكتور فاضل عن نفس السؤال:
قال تعالى في سورة الأنعام (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ {165}‏) بدون ذكر (في) وقال تعالى في سورة فاطر (هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتاً وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَاراً {39}) وفي سورة يونس (ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ {14}‏) وذكر فيهما (في). خلائف الأرض مع حذف (في) هي أوسع وأشمل من حيث اللغة أما خلائف في الأرض فهي ظرفية ومحددة. ونستعرض سياق الآيات في السور فنلاحظ أن سياق سورة فاطر هو في الكافرين ابتداءً وانتهاءًوكذلك في سورة يونس السياق فيمن أهلكهم الله تعالى من الكافرين. أما في سورة الأنعام فالسياق في مخاطبة المؤمنين إلى النهاية فكانوا أعمّ وأِشمل وفيها ورد قوله تعالى (وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ {165}) ، فالمؤمنون خلائفهم أطول وأكثر من الكافرين فجاء بالمعنى الأعمّ والأشمل في سورة الأنعام بحذف (في).

آية (42):
*ما الفرق بين (لَّيَكُونُنَّ (42) فاطر) (وَلَيَكُونًا (32) يوسف)؟ (د.فاضل السامرائى)
هذا ليس تنويناً وإنما نون التوكيد الخفيفة ونون التوكيد الثقيلة.

آية (43):
*ما الحكمة من تكرار التركيب في قوله تعالى (فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43) فاطر)؟ (د.فاضل السامرائى)
التبديل هو تبديل العقوبة لأن الآية في سياق العقوبة (فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا) هي عامة ولكنها جاءت هكذا (فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا) سنة الأولين ذكرها تعالى في العقوبة فهذه لا يمكن لأحد أن يغيّر العذاب الذي أنزله أو يبدّل هذه العقوبة بأمر آخر. الذي يفعل مثل فعل الأولين ربنا يعاقبه بمثل العقاب، ربنا يريد أن يهلكهم وأحد يريد أن ينفعهم أو أن يبدل العقوبة لا يمكن ثم لا يحولها من ناس إلى آخرين هذا لا يمكن. أولاً لا يمكن أن يبدل الأمر الذي يفعله ربنا بمثل هؤلاء
الآية واحدة والقصة واحدة ومع هذا المفردات تتحول من كلمة لأخرى فما اللمسة البيانية فيها؟. التبديل غير التحويل. التبديل تبديل العقوبة بغيرها أو يبدلها من عقوبة إلى شيء آخر أو إكرام والتحويل تحويلها من أناس إلى أناس آخرين. هؤلاء يفعلون معاصي وتحل عليهم عقوبة فلا يمكن أن يحول أحد العقوبة من أحد إلى آخرين ربنا سبحانه وتعالى الذي يفعل مثل هذا الفعل السُنّة تجري عليه لا تتبدل فلا يمكن أن تتحول من هؤلاء إلى آخرين فالذي يفعل مثل هذا الفعل يناله نفس الجزاء، لا يمكن أن تبدل العقوبة بغيرها. في المجتمعات الظالمة ربنا يعاقبها بعقوبات محددة ولا يمكن لهذه العقوبة أن تتبدل إلى عقوبة أخرى غير التي قدّرها الله أو يحعلها مكافأة هذا لا يمكن أن يكون، لا يمكن لمجتمع ظالم أن يعطيه التحويل من مستحقه إلى آخر الذي يفعل مثل هذا الفعل يناله هذا الشخص ولا تتحول لغيره. يقولون يُعذّب بمثله لمن استحقه. لا يمكن أن تحوّل ما وضعه الله تعالى من سُنن لا يمكن أن تحول من الظالمين لغيرهم أو المكذبين لغيرهم.

آية (44) :
* (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً (9) الروم) وفي فاطر (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً (44)) وفي التوبة (كَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً (69)) وفي غافر (أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً (21)) فماذا أفاد الضمير (هم)؟ وما هي اللمسة البيانية بين الآيات؟(د.فاضل السامرائى)
(كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً) و (كَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً) في أكثر من موضع وفي موضع في غافر (كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً). وبملاحظة السياق يتضح الجواب. لو قرأنا كل آية في سياقها الجواب سيكون واضحاً.
في التوبة قال (وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ (68) كَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَدًا فَاسْتَمْتَعُواْ بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُم بِخَلاَقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُواْ أُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الُّدنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (69)).
في الروم (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴿٩﴾)،
في فاطر (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا ﴿٤٤﴾)، هذه الآيات الثلاث من دون (هم).
في غافر التي فيها (هم) (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ ﴿٢١﴾ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴿٢٢﴾)، هذه الآيات. لو جئنا لها آية آية،
آية التوبة (كَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَدًا) ماذا قال عنهم؟ ماذا فعل فيهم؟ قال (أُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الُّدنْيَا وَالآخِرَةِ) ما ذكر لهم عقوبة.
آية الروم (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) ما ذكر شيئاً.
في فاطر (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا) ما ذكر لهم شيئاً.
نأتي إلى غافر (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ) ذكر العذاب، (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ). لاحظ قال (فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ) ما قال هذا في الآيات الأخرى، قال (وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ) ما ذكر ذلك في الآيات الأخرى. ثم كرر (فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ) كرر المسألة، هذا تكرار للتوكيد ثم قال (إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ) قوي وأكّد أيضاً إذن هذه الأمور تقتضي التوكيد فقال (كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً) (هم) هنا تفيد التوكيد، ضمير الفصل يفيد التوكيد. (هم) ضمير الفصل الذي أفاد التوكيد. (كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً) التأكيد في (فَأَخَذَهُمُ) مرتين، التأكيد في (إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ)، العقوبةالتي ذكرها (وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ)، (مِنْ وَاقٍ) فيها توكيدين، (من) تفيد التوكيد واستغراقية. توكيدات متعددة إضافة إلى الأخذ فاقتضى الموطن موطن توكيد قال (كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً).
*فاقتضى توكيدهم (هم)؟
بيانياً ليس لغة لا يصح أن يخلي هذه الآية من (هم) والباقي يضيف (هم) لها.
*ولهذا أسأل كلغة يستقيم المعنى؟
كلغة نعم، لكن ليست كبيان. وأيضاً الآية مناسبة لأول السورة، لسياق السورة.
*ما الرابط بينها وبين هؤلاء من حيث التوكيد؟
التوكيد والسياق. (غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴿٣﴾ مَا يُجَادِلُ فِي آَيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ ﴿٤﴾ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ﴿٥﴾ غافر) لاحظ الأخذ، كما ذكر أخذهم في الأولى ذكر أخذهم في الثانية، (فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ)، (إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ). هي مناسبة لأول السورة ومناسبة بحد ذاتها لوضعها هي، فإذن هي من أكثر من وجه هي مناسبة.



****تناسب فواتح سورة فاطرمع خواتيمها****
تبدأ (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2) يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3)) وفي آخرها (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا (45)) إذن هو يرحمهم ولو يؤاخذهم بما كسبوا فيها رحمة، إذن ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها. (لو) حرف امتناع لوجود امتناع نزول العذاب لوجود رحمة الله، ما ترك على ظهرها من دابة وهو الآن تارك فإذن الرحمة موجودة. هو منع الأخذ لوجود الرحمة، لو آخذهم بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة، إذن هو لم يؤاخذهم لوجود الرحمة (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا). قال في أولها (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (4)) وقال في أواخرها (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا (44))، وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك أفلم ينظروا كيف كانت عاقبة الذين من قبلهم كأنما يوضح لهم كيف فعل الله بالأقوام الماضية، إن يكذبوك فلينظروا كيف فعل الله بالأقوام الماضية.


*****تناسب خواتيم فاطر مع فواتح يس*****
قال في أواخر سورة فاطر (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا (42)) وفي بداية يس قال (وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4) تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5) لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آَبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6)) هم أقسموا بالله لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم، والآن جاءهم النذير (لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آَبَاؤُهُمْ) كأنه تعالى أعطاهم ما يريدون (فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا (42)) وفي يس (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7)). قال في أواخر فاطر (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا (44)) الكلام عام وفي يس قال (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13)) للعبرة، إضرب لهم مثلاً (إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29)) وكأنما ما ورد في يس يبين لهم ويضرب لهم مثلاً (إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29)).
سؤال: هل هذا الارتباط هو إجمال يعقبه تفصيل أو تفصيل وإجمال أو علاقة تضاد؟ وهل هذا يجعلنا نصدر حكماً أن القرآن لا يصح إلا أن يكون بهذه الشاكلة من حيث ترتيب السور؟
هي علاقة إكمال للمسألة يستكملها. قلنا في حلقة سابقة أن هذا الترتيب التوقيفي وهذا التبيان هو اجتهادي ولا شك أنه عند غيرنا أعلى من هذا الاجتهاد وأعمق من هذا الاجتهاد ولكن هذا الاجتهاد يدل على الترابط واضح، هذا يجعلنا نقطع بأنه مترابط الله أعلم وترتيب السور بهذا النسق أمر توقيفي مع أنه نزل بشكل مختلف وهنالك ترابط واضح بيّن ولا شك أن هنالك حكم أعلى مما نعلم ونحن نستطيع أن نقول كما قال الأولون أنه مترابط كالكلمة الواحدة.



تم بحمد الله وفضله تجميع وترتيب هذه اللمسات البيانية في سورة فاطر للدكتور فاضل صالح السامرائي والدكتور حسام النعيمى زادهما الله علما ونفع بهما الاسلام والمسلمين والدكتور أحمد الكبيسى والخواطر القرآنية للأستاذ عمرو خالد وقام بنشرها موقع إسلاميات جزاهم الله عنا خير الجزاء .. فما كان من فضلٍ فمن الله وما كان من خطأٍ أوسهوٍ فمن نفسى ومن الشيطان.
أسأل الله تعالى ان يتقبل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفعنا بهذا العلم فى الدنيا والآخرة ويلهمنا تدبر آيات كتابه العزيز على النحو الذى يرضيه وأسألكم دعوة صالحة بظهر الغيب عسى الله أن يرزقنا حسن الخاتمة ويرزقنا صحبة نبيه الكريم فى الفردوس الأعلى. وأن يغفر لنا وللمسلمين جميعاً يوم يقوم الأشهاد ولله الحمد والمنة.


جزى الله كل من يساهم في نشر هذه اللمسات خير الجزاء في الدنيا والآخرة.


سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

((آخر تحديث : رجب 1431 - يوليو 2010))
 
عودة
أعلى