علم التفسير (( للقاصد من أسنى المقاصد)) (1)

إنضم
08/02/2009
المشاركات
614
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
علم التفسير (( من كتاب إرشاد القاصد إلى أسنى المقاصد)) للإمام المتفنن أبي عبد الله شمس الدين محمد بن ساعد الأنصاري المعروف بابن الأكفاني الشافعي المصري ( 749هـ)
اعتناء وضبط: حسن عِبجي تقديم ومراجعة: محمد عوّامة
دار القبلة للثقافة الإسلامية ـ جدة ط1/ 1414هـ ـ 1994م.
وهذا الكتاب كتاب ماتع، ولطيف في بابه، فقد ذكر فيه أكثر من 60 علماً من العلوم الشرعية والعربية والنظرية والتجريبية، وهو يتناول في كل منهما: تعريفا بالعلم، وفائدته، وأهم الكتب المؤلفة فيه...
وسأكتفي بنقل ما يتعلق بعلم التفسير، وسأجعله في ثلاث حلقات.
وهو العلم رقم (17) في ترتيب العلوم في الكتاب.
قال رحمه الله: ( علم التفسير: علم يشتمل على معرفة فهم كلام الله المنزل، على نبيه المرسل r ، وبيان معانيه، واستخراج أحكامه وحكمه.
والعلوم الموصلة إلى علم التفسير هي: علم اللغة، وعلم النحو، وعلم التصريف، وعلم المعاني، وعلم البيان، وعلم البديع، وعلم القراءات.
ويحتج إلى معرفة أسباب النزول، وأحكام الناسخ والمنسوخ، وإلى معرفة أخبار أهل الكتاب، ويُستعان فيه بعلم أصول الفقه، وعلم الجدل.
ومن الكتب المختصرة فيه:
زاد المسير لابن الجوزي، والوجيز للواحدي. و
ومن المتوسطة: الوسيط للواحدي، وتفسير الماتريدي، والكشاف للزمخشري، وتفسير البغوي، وتفسير الكواشي.
ومن المبسوطة: البسيط للواحدي، وتفسير القرطبي، ومفاتيح الغيب للإمام فخر الدين ابن الخطيب.
واعلم أن أكثر المفسرين اقتصر من التفسير على الفن الذي يغلب عليه، فالثعلبي تغلب عليه القصص، وابن عطية تغلب عليه العربية، وابن الفرس أحكام الفقه، والزجاج المعاني، ونحو ذلك).
ولعلي أنقل بعدُ تعريفا بالكتاب وشيئاً من مقدماته، وهو جدير بذلك، كيف لا وقد وصفه الحافظ ابن حجر بأنه ((كتاب نفيس)).
ملحوظة: ذكر العلامة محمد عوّامة في تقديم الكتاب التالي: ( ويبدو من قوله رحمه الله عن زاد المسير لابن الجوزي إنه من الكتب المختصرة في التفسير، أما الكشاف فهو من الكتب المتوسطة، يبدو أنه يريد ـ أحياناً ـ المادة العلمية، لا الحجم وعدد الأجزاء. والله أعلم).
 
(2)
( وها هنا بحث وهو: من المعلوم البين أن الله تعالى إنما خاطب خلقه بما يفهمونه، ولذلك أرسل كل رسول بلسان قومه، وأنزل كتابَ كل قوم على لغاتهم، وإنما احتاج إلى التفسير لما سنذكره بعد تقرير قاعدة.
وهي: أن كل من وضع من البشر كتاباً، فإنما وضعه ليفهم بذاته من غير شرح، وإنما احتيج إلى الشرح لأمورٍ ثلاثةٍ:
أحدها: كمال فضيلة المصنف، فإنه لجودة ذهنه، وحسن عبارته، يتكلم على معان دقيقة بكلامٍ وجيزٍ يراه كافياً في الجِلالة على المطلوب، وغيره ليس في مرتبته فربما عسر عليه فهم لعضها أو تعذر، فيحتاج إلى زيادة بسطٍ في العبارة، لتظهر تلك المعاني الخفية، ومن ها هنا شرح بعض العلماء تصنيفه.
وثانيها: حذف بعض مقدمات الأقيسة اعتماداً على وضوحها، أو لأنها من علمٍ آخر، وكذلك إهمال ترتيب بعض الأقيسة، وإغفال علل بعض القضايا، فيحتاج الشارح أن يذكر المقدمات المهملات، ويبين ما يمكن بيانه في ذلك العلم، وينبه على الغنية عن البيان، ويرشد على أماكن ما لا يليق بذلك الموضع من المقدمات، ويرتب القياسات، ويعطي علل ما لم يُعط المصنف علله.
وثالثها: احتمال اللفظ لمعانٍ تأويلية كما هو الغالب على كثير من اللغات، أو لطافة المعنى أن يعبر عنه بلفظ يوضحه، أو الألفاظ المجازية، واستعمال الدلالة الالتزامية، فيحتاج الشارح إلى بيان غرض المصنف وترجيحه،.
وقد يقع في بعض التصانيف ما لا يخلو البشر عنه من السهو، والغلط، والحذف لبعض المهمات، وتكرار الشيء بعينه بغير ضرورة، إلى غير ذلك مما يقع في الكتب المصنفة، فيحتاج الشارح أن ينبه على ذلك. وإذا تقررت هذه القاعدة فنقول:
إن القرآن العظيم إنما أُنزل باللسان العربي، في زمن أفصح العرب، وكانوا يعلمون ظواهره وأحكامه، أما دقائق باطنه فإنما كانت تظهر لهم بعد البحث والنظر وجودة التأمل والتدبر، مع سؤالهم النبيَ r في الأكثر، ودعا لحبر الأمة فقال: ( اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل)، ولم ينقل إلينا عن الصدر الأول تفسير القرآن وتأويله بجملته، ونحن نحتاج إلى ما كانوا يحتاجون إليه، زيادةً على ما لم يكونا يحتاجون إليه من أحكام الظاهر، لقصورنا عن مدارك أحكام اللغة بغير تعلم، فنحن أشد احتياجاً إلى التفسير.
ومعلومٌ أن تفسيره يكون بعضه من قبيل بسط الألفاظ الوجيزة وكشف معانيها، وبعضه من قبيل ترجيح بعض الاحتمالات على بعض، لبلاغته ولطف معانيه، وهذا لا يستغني عن قانونٍ عامٍ يعول في تفسيره عليه، ويرجع في تأويله إليه، ومسبارٍ تام يميز ذلك، وتتضح به المسالك، وقد أودعناه كتابنا المسمى ( نغْب الطائر من البحر الزاخر) وأردفناه هنالك بالكلام على الحروف الواقعة مفردة في أوائل السور، اكتفاءً بالمهم عن الإطناب لمن كان صحيح النظر).
 
عودة
أعلى