علل أحاديث التفسير (7)

إنضم
08/03/2004
المشاركات
61
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
السعودية - أبها
[color=0000CC][align=center](نزول البسملة)[/align][/color]
[7] حديث: كان النبي (صلى الله عليه وسلم) لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [الفاتحة:1].
قال السيوطي في الدر المنثور (1: 20): "وأخرج أبو داود، والبزار، والطبراني، والحاكم وصححه، والبيهقي في المعرفة: عن ابن عباس قال كان النبي (صلى الله عليه وسلم) لا يعرف فصل السورة - وفي لفظ خاتمة السورة - حتى ينزل عليه َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ .
زاد البزار والطبراني: [فإذا نزلت عرف أن السورة قد ختمت، واستقبلت أو ابتدئت سورة أخرى].
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في (سننه): عن ابن عباس، قال: كان المسلمون لا يعرفون انقضاء السورة حتى تنزل َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فإذا نزلت عرفوا أن السورة قد انقضت.
وأخرج أبو عبيد: عن سعيد بن جبير: أنه في عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) كانوا لا يعرفون انقضاء السورة حتى تنزل َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، فإذا نزلت علموا أن قد انقضت سورة ونزلت أخرى.
وأخرج الطبراني، والحاكم وصححه، والبيهقي في (شعب الإيمان): عن ابن عباس: أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان إذا جاءه جبريل فقرأ َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ علم أنها سورة". اهـ.
والحديث أورده أ . د. حكمت بشير في التفسير الصحيح (1: 73)، وقال: " قال أبو داود: حدثنا قتيبة بن سعيد وأحمد بن محمد المروزي وابن السرح، قالوا: ثنا سفيان، عن عمرو، عن سعيد بن جبير، قال قتيبة (فيه): عن ابن عباس، قال: كان النبي (صلى الله عليه وسلم) لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم. وهذا لفظ بن السرح.
وصححه ابن كثير.
وأخرجه الواحدي، والحاكم: من طريق سفيان بن عيينة، به وصححه، وقال الذهبي: أما هذا فثابت.
وأخرجه البزار: من طريق سفيان بن عيينة، به. قال الهيثمي : رواه البزار بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح ، والإسناد على شرط الشيخين".
[color=0000FF][align=center]طرق الحديث[/align][/color]
الحديث مشهور من رواية عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير... : رواه عنه إبراهيم بن يزيد ، وسفيان بن عيينة، وعبدالعزيز بن جريج، وعمرو بن قيس، وأبو مريم عبد الغفار بن القاسم، و مثنى بن الصباح.
وقد تابع عَمروًا عليه: سالم الأفطس، ومعاوية بن إسحاق:

[color=0000FF](1) فأما حديث إبراهيم بن يزيد: [/color]
فأخرجه الطبراني في الكبير (12: 82/ برقم 12545)، ومن طريقه الضياء في المختارة (10: 316/ برقم 337): حدثنا محمد بن عبد الرحيم الديباجي التستري، ثنا داود بن رشيد، ثنا فهير بن زياد.
وأخرجه ابن عدي في الكامل (6: 13)، والبيهقي في الشعب (2: 438/ برقم 2330): من حديث يعقوب بن إبراهيم الدورقي، ثنا أبو سفيان المعمري.
وأخرجه كذلك في الشعب (2: 438/ برقم 2331) أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد، أنا محمد بن أحمد بن عيسى بن عبدك الرازي، ثنا الحسين بن إسحاق الدقيقي، ثنا محمد بن سهم، ثنا معتمر بن سليمان.
ثلاثتهم (فهير بن زياد، وأبو سفيان المعمري، ومعتمر بن سليمان) عن إبراهيم بن يزيد، قال: قلت لعمرو بن دينار: إن الفضل الرقاشي يزعم أن بسم الله الرحمن الرحيم ليس من القرآن ! قال سبحان الله ! ما أجرأ هذا الرجل، سمعت سعيد بن جبير يقول: سمعت ابن عباس يقول: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا نزلت عليه َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ علم أن تلك السورة قد ختمت وفتح غيرها . هذا لفظ المعمري.. ولم يذكر فهير ومعتمر هذه القصة ولا السماع.
ولفظ فهير: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا نزلت عليه َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ علم أن السورة قد ختمت واستقبل الأخرى.
ولفظ معتمر: قال كان جبريل عليه السلام إذا أتى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بـ بسم الله الرحمن الرحيم عرف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنها سورة ختمت واستقبل السورة الأخر.
وهذا الحديث لا يصح من هذا الوجه.
إبراهيم بن يزيد هذا مكي مشهور بالخوزي .. قال أحمد بن حنبل: إبراهيم الخوزي متروك الحديث. وقال يحيى بن معين : إبراهيم بن يزيد الخوزي المكى ليس بثقة وليس بشيء.. وتركه ابن المبارك وغيره. الجرح (2: 146).
وإبراهيم هذا لم يحمدوا أمره .. وقد تساهل الضياء في تخريجه في ((مختارته)) !.

[color=0000CC](2) وأما حديث سفيان بن عيينة:[/color] فمشهور وقد اختلف عليه فيه:
فوصله الحسن بن الصباح البزار ، وقتيبة بن سعيد، ومعلى بن منصور، وأبو كريب، عن سفيان، عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن بن عباس (مرفوعًا).

وأرسله أحمد بن محمد المروزي، ويونس، وابن السرح، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير (فذكره)..

وروي عن أحمد بن عبده، عنه (على الشك فيه):

[color=009900]أ ـ فأما حديث الحسن بن الصباح:[/color]
فأخرجه الحاكم في المستدرك (1: 355/ برقم 845): أخبرنا أبو قتيبة سلم بن الفضل الآدمي، ثنا القاسم بن زكريا المقرئ، عنه به بلفظ : كان النبي (صلى الله عليه وسلم) لا يعلم ختم السورة حتى تنزل َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ .
وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".
قلت: رواته ثقات سوى سلم بن الفضل فمحله الصدق كما قال الذهبي في السير (16: 27).

[color=006600]ب ـ وأما حديث قتيبة بن سعيد[/color]:
فأخرجه أبو داود في سننه (1: 209/ برقم 788): حدثنا قتيبة بن سعيد، عنه به : (فذكره).
وأخرجه البيهقي في الكبير (2: 42/ برقم 2206) وفي الشعب (2: 438/ برقم 2329): أخبرنا أبو علي الروذباري في (كتاب السنن) أنبأ أبو بكر بن داسة.
وأخرجه الضياء في المختارة (10: 315/ برقم 336) من طريق محمد بن أحمد بن عمر اللؤلؤي..
كلاهما عن أبي داود به.. ولفظ الترجمة لأبي داود.

[color=009900]ج ـ وأما حديث معلى بن منصور:[/color]
فأخرجه الحاكم في المستدرك (1: 355/ برقم 845): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أبو بكر محمد بن إسحاق الصغاني، عنه به (فذكره).
قرنه الحاكم بابن الصباح.. وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".
وقال الذهبي في (مختصره): " أما هذا فثابت".

[color=009900]د ـ وأما حديث أبي كريب:[/color]
فأخرج البزار في (مسنده) كشف الأستار (3: 40/ برقم 2187).
وأخرجه الواحدي في أسباب النزوا (ص27): من طريق عبدالله بن زيدان البجلي كلاهما عن أبي كريب، عنه به (فذكره).
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (6: 310): " رواه البزار بإسنادين، ورجال أحدهما رجال الصحيح ".

[color=009900]هـ ـ وأما حديث أحمد بن محمد المروزي:[/color]
فأخرجه أبو داود في مراسيله برقم (37): حدثنا أحمد بن محمد المروزي، عن سفيان، عن عمرو، عن سعيد بن جبير، قال: كان النبي (صلى الله عليه وسلم) لا يعرف ختم السورة حتى تنزل: َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ .
وأخرجه أبو داود في سننه (1: 209/ برقم 788): به.
وأخرجه البيهقي في الكبير (2: 42/ برقم 2206) وفي الشعب (2: 438/ برقم 2329): أخبرنا أبو علي الروذباري في كتاب السنن أنبأ أبو بكر بن داسة.
وأخرجه الضياء في المختارة (10: 315/ برقم 336) من طريق محمد بن أحمد بن عمر اللؤلؤي.. كلاهما عن أبي داود به.
وقال في المراسيل: " وقد أُسند هذا الحديث ولا يصح". وفي رواية " وهذا أصح".

[color=009900]و ـ وأما حديث يونس :[/color]
فأخرجه الطحاوي في مشكل الآثار برقم (1376): حدثنا يونس، قال: حدثنا سفيان، عن عمرو، عن سعيد بن جبير ـ بغير ذكر منه إياه عن ابن عباس ـ قال: كان (صلى الله عليه وسلم) لا يعلم فصل السورة حتى تنزل عليه َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ .

[color=009900]ز ـ وأما حديث ابن السرح:[/color]
فأخرجه أبو داود في سننه (1: 209/ برقم 788): حدثنا ابن السرح، قال: ثنا سفيان، عن عمرو، عن سعيد بن جبير: (فذكره).
وأخرجه البيهقي في الكبير (2: 42/ برقم 2206) وفي الشعب (2: 438/ برقم 2329): أخبرنا أبو علي الروذباري في كتاب السنن أنبأ أبو بكر بن داسة.
وأخرجه الضياء في المختارة (10: 315/ برقم 336) من طريق محمد بن أحمد بن عمر اللؤلؤي.. كلاهما عن أبي داود به. (قرنه بقتيبة بن سعيد وأحمد بن محمد المروزي).

[color=009900]ح ـ وأما حديث أحمد بن عبدة: [/color]
فأخرجه البزار في مسنده كما في كشف الأستار (3: 40/ برقم 2187): حدثنا ابن عبدة، أبنا سفيان ، عن عمرو، عن سعيد ـ أشك في حديث ابن عبدة، قال: عن ابن عباس، أو قال: عن سعيد، ولم يقل: عن ابن عباس ـ قال: كان النبي (صلى الله عليه وسلم) لا يعرف خاتمة السورة حتى ينزل َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، فإذا نزل َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، علم أن السورة قد ختمت، واستُقبلت أو ابتدئت سورة أخرى.
قال الهيثمي في المجمع (6: 310): "اقتصر أبو داود على قوله: (لا يعرف فصل السورة، حتى ينزل َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ". اهـ.
قلت: فلأجل هذه الزيادة ذكره في (الزوائد).
قال ابن عبدالبر في التمهيد (20: 210 ـ 211): " روى هذا الخبر طائفة أصحاب ابن عيينة: عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير مرسلاً، وبعضهم رواه عن ابن عيينة، عن عمرو، عن سعيد، عن ابن عباس مسندًا".
قلت: في كلامه نظر بل الصحيح العكس!. على الأقل وفق ما وقفت عليه.

[color=0000CC](2) وأما حديث ابن جريج: [/color]
فاختلف عليه فيه (كذلك) بين الوصل والإرسال: فأرسله عنه حجاج، وعبدالرزاق، ووصله الوليد بن مسلم، وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، وسليم بن مسلم:

[color=009900]أ ـ فأما حديث حجاج (هو المصيصي): [/color]
فأخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (ص217): حدثنا حجاج ، عن ابن جريج، قال: أخبرني عمرو بن دينار: أن سعيد بن جبير أخبره: أن في عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) كانوا لا يعرفون انقضاء السورة حتى تنزل َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فإذا نزلت علموا أن قد انقضت سورة ونزلت أخرى.
حجاج، هو ابن محمد المصيصي.. قال أبو بكر الأثرم، عن أحمد بن حنبل: ما كان أضبطه وأصح حديثه، وأشد تعاهده للحروف ورفع أمره جدًا. فقلت له: كان صاحب عربية ؟ قال: نعم. وقال أيضا: سمعت أبا عبد الله ذكر حجاج بن محمد فقال: كان مرة يقول: حدثنا ابن جريج، وإنما قرأ على ابن جريج ثم ترك ذلك، فكان يقول: قال ابن جريج، وكان صحيح الأخذ.
قال أبو عبد الله: الكتب كلها قرأها على ابن جريج إلا كتاب التفسير فإنه سمعه إملاءً من ابن جريج، ولم يكن مع ابن جريج كتاب التفسير فأملى عليه . انظر تهذيب الكمال (5: 454).

[color=009900]ب ـ وأما حديث عبدالرزاق: [/color]
فأخرجه عبدالرزاق في مصنفه (2: 92/ برقم 2617): عنه قال: أخبرني عمرو بن دينار أن سعيد بن جبير أخبره: أن المؤمنين في عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كانوا لا يعلمون انقضاء السورة حتى ينزل َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، فإذا نزل َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ علموا أن قد نزلت السورة وانقضت الأخرى.
وهذا إسناد صحيح ظاهر الإرسال.

[color=009900]ج ـ وأما حديث الوليد بن مسلم:[/color]
وأخرجه الحاكم في المستدرك (1: 356/ برقم 846)، وعنه البيهقي في السنن الكبير (2: 43/ برقم 2207): من طريق رحيم بن اليتيم، ومحمد بن عمرو الضرير.
كلاهما (رحيم بن اليتيم، ومحمد بن عمرو الضرير) عن الوليد بن مسلم، ثنا ابن جريج، ثنا عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس (رضي الله عنهما)، قال: كان المسلمون لا يعلمون انقضاء السورة حتى تنزل َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، فإذا نزلت َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ علموا أن السورة قد انقضت.
اللفظ للحاكم، وقال: "لم يذكر رحيم سعيد بن جبير.. هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".

[color=009900]د ـ وأما حديث عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد:[/color]
فأخرجه الطبراني في الكبير (10: 31/ برقم 339)، والأوائل برقم (43)، ومن طريقه الضياء في المختارة (10: 317/ برقم339): ثنا إبراهيم بن هاشم البغوي، ثنا سعيد بن زنبور، ثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس (فذكره).
وعبدالمجيد بن أبي رواد .. قال أحمد ويحيى: ثقة يغلو في الإرجاء، وقال أبو الحسن الدارقطني: يعتبر به ولا يحتج به. انظر (الميزان).
وسعد بن زنبور هذا قال أبو حاتم: مجهول. وقال ابن معين: ذاك المسكين ذاك الذي يعلم في القرى هو ثقة وما أراه يكذب. انظر الجرح (4: 84)، وتاريخ بغداد (9: 127).

[color=009900]هـ ـ وأما حديث سليم بن مسلم:[/color]
فأخرجه الطبراني في الأوسط برقم (2896): حدثنا إبراهيم، قال: حدثنا سعيد بن زنبور، قال: حدثنا سليم بن مسلم، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كان جبريل إذا أتى النبي (صلى الله عليه وسلم) بالقرآن كان أول ما يلقي عليه َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فإذا قال جبريل َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الثانية علم النبي (صلى الله عليه وسلم) أن قد ختم السورة.
والحديث ظاهر فيه الاختلاف على سعيد بن زنبور.. وهو يروي غرائب وله مخالفات. تاريخ بغداد (9: 127).
وسليم الخشاب .. قال ابن حبان: "يروي عن الثقات الموضوعات الذي يتخايل إلى المستمع لها وإن لم يكن الحديث صناعته أنها موضوعة كان يحيى بن معين يزعم أنه كان جهميا خبيثا".
وأما بقية المتابعات ففيها غرابة وبعضها منكر.

قال صاحبنا الدكتور عبدالله الزهراني في تخريجه لهذا الحديث في حاشيته على (المراسيل لأبي داود): "اختلف على ابن جُريج ثقتان وزاد أحدهما الوصل، وتأيدت زيادة الوصل بما تقدم من أن الوصل ثابت من حديث الثقات الحفاظ، وأن الحافظ الذهبي حكم للموصول بالثبوت، فالمتعين قبول زيادة الوصل. والله أعلم". اهـ.
قلت: فاته رواية حجاج المصيصي عن ابن جريج وهي مرسلة.. فاتفق الثقتان عبدالرزاق وحجاج على الإرسال.. وخالفهما الوليد بن مسلم ، وهو وإن كان ثقة إلا أن في سنده كلام ذكره الحاكم، وهو مؤثر في نظري؛ فقد اختلف عليه راوياه دحيم بن اليتيم وهو ثقة حافظ مشهور وقد قصر فيه فلم يذكر فيه سعيد بن جبير؟!. فروايته لا تستقيم للترجيح؛ لأجل هذه العلة.
ومحمد بن عمرو الضرير الراوي عن الوليد هو الغزي وقع مبينًا في رواية البيهقي، وهو أحد العباد المشاهير، من رجال الحلية. ترجمه الذهبي في السير (11: 464).. وليس بالحافظ حتى نقدم روايته على رواية الحافظين الثقتين حجاج وعبدالرزاق.. خاصة أن حجاج كتب التفسير إملاءً عن ابن جريج، فيكون له نوع خصوصية.
وأنا أتفق مع الأخ الكريم في تقديم الوصل.. وأزيد أن هذا الاختلاف في نظري من جهة عمرو بن دينار .. رواه مرةً مرسلاً ومرةً موصولاً.
والمسالة فيها أقوال ثلاثة:
أولها: فأكثر أصحاب الحديث يرون الحكم في هذا وأشباهه للمرسل.. وبهذا نفسر ترجيح أبي داود لرواية الإرسال.
قال ابن الصلاح: "وكثيرًا ما يعللون الموصول بالمرسل".
ثانيها: أن الحكم للأكثر.
ثالثها: أن الحكم للأحفظ.. فإذا كان من أرسله أحفظ ممن وصله فالحكم لمن أرسله.. وصحح هذا القول الخطيب.
قال ابن الصلاح: "وما صححه هو الصحيح في الفقه وأصوله".
وعدَّ البخاري (رحمه الله) مثل هذا زيادة ثقة .. وهي مقبولة .
انظر الكفاية (ص411 ـ 412)، ومعرفة أنواع علم الحديث (ص71 ـ 72) ، (ص85 ـ 86).
قال البقاعي: " إن ابن الصلاح خلط هنا طريقة المحدثين بطريقة الأصوليين، فإن للحذاق من المحدثين في هذه المسألة نظرًا لم يحكه، وهو الذي لا ينبغي أن يعدل عنه، وذلك أنهم لا يحكمون منها بحكم مطرد، وإنما يديرون ذلك على القرائن".
قلت: نص على هذا ابن دقيق، فقال: " من حكى عن أهل الحديث أو أكثرهم أنهم إذا تعارض رواية مسند ومرسل، أو رافع وواقف، أو ناقص وزائد، إن الحكم للزائد لم يصب في هذا الإطلاق؛ لأن ذلك ليس قانونًا مطردًا، والمراجعة لأحكامهم الجزئية تعرف صواب ما نقول". انظر توضيح الأفكار (1: 339)، (1: 343 ـ 344).
وترجيحنا لرواية الوصل لا نعني به قدحًا في من أرسل لا في عدالته ولا في أهليته.. فقد جرى بعض أهل العلم على جعل ذلك من قبيل الجرح.
فالذي ترجح أنه لا يحكم فيها بحكم مطرد، بل ينظر في هذا إلى القرائن المحتفة بكل حديث بحسبه.. لذا لم أوافق أبا داود على إعلاله لهذه الرواية بالإرسال، ومشيت فيه على اعتبار القرينة في الترجيح، وهي هنا الاختلاف من وجهين على راو واحد وهو عمرو بن دينار، وسمع منه سفيان وابن جريج هذا فروياه على الوجهين، ومن هنا وقع الاختلاف.. مما لا يمكن تفسيره إلا بروايته له مرة موصولاً وأخرى مرسلاً، والقصر في الرواية مشى عليه طائفة من متقدمي أهل الحديث (والله أعلم).

[color=0000CC](3) وأما حديث عمر بن قيس:[/color]
فأخرجه ابن عدي في الكامل (3: 178): ثنا محمد بن منير، ثنا عيسى العسقلاني، ثنا رواد بن الجراح، ثنا عمر بن قيس، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعرف خواتيم السور حين يقول: َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ عرف أنها قد ختمت السورة .
قال الشيخ: "وهذا الحديث عن عمر بن قيس يرويه عن عمرو بن دينار عن بن عباس ولا يجعل بينهما سعيد".
قلت: معنى كلام ابن عدي هذا أن رواد بن الجراح أخطأ فيه على عمر بن قيس.. نفهم هذا من إيراده لهذا الحديث في ترجمته لرواد، ومن تعقيبه السابق.. لكن الحديث أخرجه الطبراني في المعجم الكبير(12: 82/ برقم 12546)، ومن طريقه الضياء في (المختارة (10: 316/ برقم 338): حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، ثنا حرملة بن يحيى، ثنا ابن وهب، عن عمر بن قيس، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كان جبريل عليه السلام ينزل على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الوحي فإذا قال َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ افتتح سورة أخرى.
فكأنه محفوظ عن عمر بن قيس هذا، ولا يصح من حديثه فإنه متروك.. تركه أحمد والنسائي والدارقطني، وقال يحيى: ليس بثقة. وقال البخاري: منكر الحديث، وقال أحمد أيضا : أحاديثه بواطيل. (الميزان).

[color=0000FF](4) وأما حديث أبي مريم عبد الغفار بن القاسم:[/color]
فأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (12: 81/ برقم 12544): حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، ثنا عبادة بن زياد الأسدي، ثنا أبو مريم عبدالغفار بن القاسم، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: ما كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعرف خاتمة السورة حتى ينزل عليه َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ .
وعبدالغفار هذا رافضي ليس بثقة. قال علي بن المديني: كان يضع الحديث، ويقال: كان من رؤوس الشيعة. وروى عباس عن يحيى: ليس بشيء. وقال البخاري: عبدالغفار بن القاسم بن قيس بن فهد ليس بالقوي عندهم. انظر (اللسان).

[color=0000FF](5) مثنى بن الصباح:[/color]
أخرجه الحاكم في المستدرك (1: 355/ برقم844)، (2: 668/ برقم4218)، ومن طريقه البيهقي في الشعب (2: 439/ برقم 2332): من حديث أحمد بن حازم الغفاري، ثنا علي بن حكيم، ثنا معتمر بن سلمان، عن مثنى بن الصباح، عن عمر بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان إذا جاءه جبرائيل فقرأ َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ علم أنها سورة.
وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وهذا تساهل منه بين فإن مثنى بن الصباح هذا تركه القطان وابن مهدي. وقال أحمد: لا يساوي حديثه شيئًا، مضطرب الحديث. انظر (الميزان).

[color=0000FF]  وأما حديث سالم الأفطس: [/color]
فأخرجه الطحاوي في مشكل الآثار (3: 405/ برقم1375): حدثنا محمد بن سنان الشيزري، قال: حدثنا عيسى بن سليمان، قال: حدثنا مبشر بن عبدالله، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، قال: كان جبريل إذا نزل على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، علم أن السورة قد انقضت.
وإسناده فيه نظر!. فمحمد بن سنان بن سرج التنوخي الشيزري. قال الذهبي: صاحب مناكير يتأنى فيه.. كأنه أ راد الغرابة وهي حاصلة في هذه الرواية. انظر (الميزان) وتكملة الإكمال (3: 558).
وبقية رجاله موثقون.. وقد صححه الأرنؤوط في تخريجه لمشكل الآثار.. فينظر.

[color=0033FF] وأما حديث معاوية بن إسحاق:[/color]
فأخرجه السلفي في معجم السفر برقم (1143): من طريق أبي حاتم محمد بن عبد الواحد بن زكريا الحافظ الرازي ـ قدم علينا حاجًا ـ ثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي الأسدي، ثنا أبو عبد الله الحسين بن مأمون البردعي، ثنا بشر بن عمرو بن سام، ثني بدر بن الربيع، ثني طعمة بن عمرو، ثني معاوية بن إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: من السنة الجهر بـ َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إنها آية من كتاب الله عز وجل نزل بها جبريل، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): إذا قرأ جبريل َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ علمت أن السورة قد ختمت.
في هذا الإسناد نظر.. معاويه هذا وثقه أبو حاتم الرازي وغيره .. أما أبو زرعة فقال: شيخ واه.
وهذا الحديث من نسخة بشر بن عمرو بن سام الكابلي وهي من رواية الحسين بن.مأمون البردعي.. قال الخليلي: ثقة حافظ كبير المحل سمع بشر بن عمرو بن سام الكابلي بمكة نسخة يتفرد بها. مختصر الإرشاد (2: 783).

وفي الباب: عن ابن مسعود، وابن عمر.

[color=0000FF] فأما حديث ابن مسعود:[/color]
فأخرجه الواحدي في أسباب النزوا (ص27): من طريق عبدالله بن أبي حسين فذكره عنه بلفظ : " كنا لا نعلم فصل ما بين السورتين حتى نزل َ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ".

[color=0000FF] وأما حديث ابن عمر:[/color]
فأخرجه الواحدي في أسباب النزوا (ص27ـ28): من طريق عبدالله بن نافع عن أبيه عنه بلفظ : "نزلت بسم الله الرحمن في كل سورة".

[color=990099]وكتب / يحيى البكري في ليلة الجمعة الثالث عشر من جمادى الآخرة لسنة خمس وعشرين وأربع مئة وألف للهجرة الشريفة.[/color]
 
ليهنك العلم أخي الكريم يحيى ! أسأل الله أن يبارك لك فيه ، وأن يجعلك مباركاً أينما كنت ، وقد فعل .
ولا يعرف قيمة مثل هذا التحرير والتدقيق في دراسة الأسانيد ، وترتيب المدارات إلا من عرف مضائق هذه الطرق - ولستُ منهم - ولكنني جربت ذلك حيناً من الدهر ، وحُبَّبَ إليَّ علمُ الحديث ودراسة الأسانيد ، ودرستها عند الدكتور الفاضل أحمد معبد حفظه الله ، وكان يدرسنا بأسلوب عالٍ أخفقت أنا في الاستفادة منه في حينه ، وأنا أرى ما يطبقه الدكتور يحيى هنا في هذه السلسلة البديعة (علل أحاديث التفسير) التي أرجو لها الكمال بإذن الله على هذا النَّفَسِ المُحرَّر - تطبيقاً دقيقاً لدقائق قواعد تخريج الأحاديث ، ودراسة الأسانيد بطريقة سهلة ميسرة ، تلوح عليها علامات العلم ، وقبل ذلك علامات الأدب وحُسْنِ الخُلُق ، وينتفع بها الكثير من أمثالي من الطلبة ، الذين يجدون في مثل هذه المشاركات نافذةً واسعة إلى علم التخريج ودراسة الأسانيد ، الذي ركدت في هذا العصر رِيْحُهُ ، وخَبَتْ مَصَابيحهُ ، ولم يعد يقوم به كما ينبغي إلا القليلُ ، الذين نسأل الله أن ينفع بهم ، وأن يبارك في جهودهم ، وما أحسب أخي يحيى إلا منهم وفقه الله ، في زمن اتخذ بعض الطلاب هذا العلم ذريعة للوقيعة في أفاضل العلماء من السلف والخلف ، واشتغلوا بالجرح دون التعديل.
وأرجو من أخي الكريم يحيى ألا يفتر عن متابعة هذه السلسلة ، لقلة من يشارك فيها ، فإن فائدتها متحققة ، والمنتفعون بها كثير ، ولكنها أشبه ما يكون بالكنز الثمين ، الذي ما إن يراه من يطلبه إلا ويقوم بحفظه لديه في الجهاز ، ثم يقرأه على مكث ، فينشغل بحلاوته ونفاسته عن التعبير عن ذلك ولو بكلمة شكر مكتوبة ، وأما الملفوظة فهي كثيرة.
جزاك الله خيراً على هذا الجهد المشكور ، وجعله في موازين حسناتك ، وما كنت أحسب في بداية الأمر أن الأمر سيستغرق هذا الوقت ، ويستنفد هذا الجهد ، ولكن يبدو أن من تعود على الإجادة والإتقان يأبى عليه طبعه أن يفارقهما يوماً ، وقديماً قال الشافعي لتليمذه الربيع : إذا طلبت العلم فدقق فيه ، فإنك محتاج إليه يوماً ! وما أحسبك إلا وقد وعيت وصية الشافعي للربيع كأنك المعنيُّ بها دونَهُ . وفقك الله.
 
جزاك الله خيراً على هذا الجهد المشكور ، وجعله في موازين حسناتك
 
جزاك الله خيرا ( شيخي ) الحبيب على هذا الجهد الذي لا يستغرب على مثلك ومن عرفك عن قرب وسمع كلامك زاد إعجابه بك وبعلمك ولا أزيد حتى لا تغضب علي وإلا فأنت أهل للزيادة . حفظك الله وسددك وننتظر المزيد
 
بارك الله فيكم على هذا الجهد الرائع ، والتفصيل الدقيق للطرق والأسانيد.
ولدي سؤال يا شيخنا الكريم : هل هناك كتاب أو كتب تشرح لنا طريقة دراسة الأسانيد بمثل هذه الطريقة ، ولا سيما غير المتخصصين ؟ على الأقل كيف نفهم مصطلحات المتخصصين في التخريج.
وفقك الله ونفع بعلمك. آمين.
 
شكر الله لكم إخوتي الأفاضل اهتمامكم بهذا الفن، وأجزل الله لكم المثوبة، ورزقنا وإياكم الإخلاص في القول والعمل .. بالنسبة لما يتعلق بالعمل فعندي نية المواصلة على هذا النهج بإذن الله (تعالى)،.. وأعتذر من أي تقصير يلحظ في التوثيق أو خلافه، فلن يخرج هذا لعمل منشورًا إلا بعد إعادة النظر فيه وتحريره أكثر (بإذن الله تعالى).
وأطمئن أخي الفاضل عبدالرحمن الشهري بأني سوف أستمر بإذن الله ولن يعتريني فتور أو ملل بإذن الله، لكن عذري في التأخر في إنزال المقال تباعًا، أني أعمل على تحقيق عدة مخطوطات، بالإضافة إلى أبحاث متفرقة، فلعلي في قابل الأيام أعطيه وقتًا إضافيًا.
بالنسبة لسؤال الأخ فهد حول دراسة الأسانيد فهناك كتب كثيرة من أشهرها كتاب الطحان، ومذكرة شيخنا عبد العزيز العثيم في ((تخريج الحديث ودراسة الأسانيد))، وقد طبعت سنة (1419هـ) بعنوان ((دراسة الأسانيد)).
وهي في الأصل أمالي أملاها علينا سنة (1410هـ 1411هـ) وكتبتها عنه، ولي عليها زوائد في العرض والترتيب وبعض الأمثلة، وقد طلبها مني الأخ الفاضل أبو مطيع السندي وزاد عليها ثم نشرها بالعنوان المذكور.
ومنها كتاب ((التأسيس في فن دراسة الأسانيد)) للدكتور عمر إيمان أبو بكر.
وكتاب ((تيسير دراسة الأسانيد للمبتدئين)) لعمرو عبدالمنعم.
ومذكره جيده حسنت الترتيب والتأصيل للدكتور عبدالله الشهراني.. وغيرها كثير.
بالنسبة لمصطلحات التخريج فلا أعلم كتابًا في هذا الموضوع، وقد تنبهت لهذا فأقمت في هذا دورة تحت عنوان (معرفة التخريج) كتبت فيها مذكرة تزيد على ثمانين صحيفة جميعها في (شرح مصطلحات التخريج).. وقد قمت بتنقيحها وسأنشرها قريبًا (بإذن الله تعالى) بعنوان (مفهوم التخريج ومصطلحاته ذات العلاقة).
أما ما يتعلق بمنهج التخريج وعرض الروايات، فالمناهج تختلف من باحث لآخر، ومنهجي هنا مستمد من عمل بعض الحفاظ في عرضهم لرواياتهم من ذلك: صنيع الحاكم في (المستدرك)، وابن عساكر في بعض تصانيفه، والمزي في تحفة الأشراف مع بعض الإضافات والتفنن في عرض العلل، ولم أقيد نفسي بطريقة معينة في الترتيب داخل الروايات بل وفق ما يتفق لي كل حديث بحسبه.. وقد بدت تتضح ملامح المنهج المتبع مع تقدمنا في الكلام على الأحاديث.
 
عودة
أعلى