د. محمد بن جميل المطري
Member
علة حديث: (عشر من الفطرة)
قال الإمام مسلم في صحيحه (261) حدثنا قتيبة بن سعيد، وأبو بكر بن أبي شيبة، وزهير بن حرب، قالوا: حدثنا وكيع، عن زكريا بن أبي زائدة، عن مصعب بن شيبة، عن طلق بن حبيب، عن عبد الله بن الزبير، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء) قال زكريا: قال مصعب: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة. ورواه الترمذي (2757) وقال: هذا حديث حسن، ورواه أبو داود (53) وابن ماجه (293) وأحمد في مسنده (25060)، ورواه أبو عبد الرحمن النسائي في السنن الكبرى (9241) وقال: "خالفه سليمان التيمي وجعفر بن إياس. أخبرنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا المعتمر، عن أبيه قال: سمعت طلق بن حبيب يذكر عشرة من الفطرة: السواك، وقص الشارب، وتقليم الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، والختان، وغسل الدبر، وحلق العانة، والاستنشاق، وأنا شككت في المضمضة. أخبرنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن طلق بن حبيب قال: عشر من السنة: السواك، وقص الشارب، والمضمضة، والاستنشاق، وتوفير اللحية، وقص الأظفار، ونتف الإبط، والختان، وحلق العانة، وغسل الدبر. قال أبو عبد الرحمن: وحديث سليمان التيمي، وجعفر بن إياس أولى بالصواب من حديث مصعب بن شيبة، ومصعب بن شيبة منكر الحديث". انتهى كلام النسائي، ورواه الدارقطني في سننه (315) وقال: "تفرد به مصعب بن شيبة، وخالفه أبو بشر وسليمان التيمي فروياه عن طلق بن حبيب قوله غير مرفوع"، وقال الدارقطني أيضًا في كتابه العلل (3443): "خالفه سليمان التيمي، وأبو بشر جعفر بن إياس، فروياه عن طلق بن حبيب، قال: كان يُقال: عشر من الفطرة. وهما أثبت من مصعب بن شيبة وأصح حديثًا". وانتقد الدارقطني في كتابه التتبع (199) هذا الحديث على مسلم، وأعله بما تقدم، وضعفه العُقيلي في كتابه الضعفاء، ونقل عن أحمد بن حنبل أنه حديث منكر. يُنظر: الضعفاء الكبير للعقيلي (4/ 197).
وقال أحمد في مسنده (18327): حدثنا عفان، حدثنا حماد، حدثنا علي بن زيد، عن سلمة بن محمد بن عمار بن ياسر، عن عمار بن ياسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الفطرة: المضمضة، والاستنشاق، وقص الشارب، والسواك، وتقليم الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، والاستحداد، والاختتان، والانتضاح». ورواه ابن ماجه (294) من طريق حماد بن سلمة به. وعلي بن زيد بن جدعان ضعيف، وسلمة بن محمد بن عمار بن ياسر مجهول كما قال الحافظ ابن حجر، قال ابن معين : حديثه عن جده مرسل. وقال ابن حبان : لا يحتج به. ينظر: تهذيب التهذيب لابن حجر 4 / 158، وقال البخاري في التاريخ الكبير (4/ 77): "لا يُعرف أَنه سمع من عمّار".
وقال عبد الرزاق الصنعاني في تفسيره (116): أخبرنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس في قوله تعالى: {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات} [البقرة: 124] قال: "ابتلاه الله بالطهارة: خمس في الرأس وخمس في الجسد، في الرأس: السواك، والاستنشاق، والمضمضة، وقص الشارب، وفرق الرأس. وفي الجسد خمسة: تقليم الأظفار، وحلق العانة، والختان، والاستنجاء من الغائط والبول، ونتف الإبط".
وقال ابن جرير الطبري في تفسيره (2/ 500): حُدِّثتُ عن عمار، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن مطر، عن أبي الجلد قال: "ابتلي إبراهيم بعشرة أشياء هن في الإنسان سنة: الاستنشاق، وقص الشارب، والسواك، ونتف الإبط، وقلم الأظفار، وغسل البراجم، والختان، وحلق العانة، وغسل الدبر والفرج".
وأبو الجلد تابعي ثقة، قال عبد الله بن أحمد بن حنبل كما في كتاب العلل ومعرفة الرجال (1/ 201): "حدثني أبي قال: حدثنا سيار قال: حدثنا جعفر قال: حدثنا أبو عمران الجوني عن أبي الجلَد قال: حدثني ابن عباس في داره سنتين يسألني، قال أبي: أبو الجلد اسمه جيلان بن فروة".
وقال ابن حبان في مشاهير علماء الأمصار (ص: 150): "أبو الجلد جيلان بن أبي فروة الأسدي، كان ممن يقرأ كتب الأوائل، وكان من العباد"، فلعل هذا أصل الحديث، رواه عنه ابن عباس وغيره من الناس، والله أعلم.
وجاء في كتاب التذييل على كتب الجرح والتعديل (1/ 60): "قال ابن عبد البر الأندلسي في كتابه المصنف في الكنى: "أبو الجلد يروي مناكير، كان ممن قرأ التوراة وغيرها من الكتب، وكان ابن عباس ربما سأله عن أشياء حكاها عنه". ويُنظر: الطبقات الكبرى (7/ 222) لابن سعد.
والحديث الصحيح المعروف ما رواه البخاري (5889) ومسلم (257) من طريق سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الفِطْرَةُ خَمْسٌ: الخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَنَتْفُ الإِبْطِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ)).