علة اظهار النون الساكنة والتنوين بين التراث القديم والدرس الصوتي الحديث

إنضم
28/07/2012
المشاركات
116
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
العمر
37
الإقامة
العراق
[FONT=&quot]علة اظهار النون الساكنة والتنوين [/FONT]
[FONT=&quot]بين[/FONT]
[FONT=&quot] التراث القديم والدرس الصوتي الحديث[/FONT]
[FONT=&quot] الاخوة في ملتقى اهل التفسير المبارك اضع بين ايديكم دراسة مقارنة بين القدماء والمحدثين في علة اظهار النون الساكنة والتنوين اتمنى ان ترشدوني بملاحظاتكم السديدة ومباركاتكم الحميدة .[/FONT]
[FONT=&quot]اختلف القدمى وعلماء التجويد عن المحدثين في سبب الإظهار فكان القدمى وعلماء التجويد يعدون التباعد المخرجي بين النون الساكنة والتنوين وبين أصوات الإظهار الستة (الهمزة ، والهاء ، والعين ، والحاء ، والغين ، والخاء) سبباً للإظهار . ورفض بعض المحدثين هذه الفكرة - التباعد المخرجي- مدعياً بأن القرب و البعد المخرجي لا يكون دائماً سبباً لفقدان التعامل ، ولو كان الأمر كذلك لكانت الأصوات الأشد قرباً أشد تعاملاً ، والأكثر بعداً أقل تعاملاً ، وادعوا بأن الدقة العلمية تناهض هذا الرأي ؛ لأن (الدال ، والتاء ، والطاء) ، أقرب إلى النون من (الميم ، والواو ، والياء) ، ومع ذلك فإن هذه الأصوات تخفى معها النون ، بينما تدغم مع الميم [FONT=&quot][1][/FONT] . [/FONT]
[FONT=&quot] ولا تخلو العبارة السابقة من إشكال إذ إن أغلب علماء التجويد ممن يجعل التقارب والتباعد المخرجي سبباً للإظهار ، يُصرح بِأن صوت (الواو ، والياء) ليس من الإدغام في شيء ، بل هما إخفاء . وقديماً قال [/FONT][FONT=&quot]علم الدين السخاوي (643ه) ، رحمه الله : "[/FONT][FONT=&quot]واعلمْ أنَّ حقيقة ذلك في الواو والياء إخفاء لا إدغام ، وإنما يقولون له : إدغام مجازاً وهو في الحقيقة إخفاء على مذهب من يبقي الغنة لأنَّ ظهور الغنة يمنع بمحض الإدغام إلا أنه لابد من تشديد يسيرٍ فيهما وهو قول الأكابر ، وقالوا : الإخفاء ما بقيت معه الغنة ، وقالوا : النون تحول مع الواو والياء غنة مخفاة غير مدغمة لأنها لو أدغمتلم تثبت الغنة"[FONT=&quot][2][/FONT] .[/FONT]
[FONT=&quot]ويمكن إجمال الأسباب المقترحة بالآتي :[/FONT]
[FONT=&quot]1. [/FONT][FONT=&quot]إن نقاط نطق أصوات الحلق ، ولاسيما (الهمزة ، والهاء ، والعين ، والحاء) ، تخرج من نقطة أعمق من تلك النقطة التي يمكن أن يتخذ فيها النفس مجراه عبر الخيشوم ، وهو ما يحصل عند نطق النون ، ومن ثم لا يمكن أن تنطق الأصوات الأربعة مع الغنة ، لأنها تتشكل قبل أن يصل النفس منطقة اللهاة التي تفتح مجرى النفس إلى الخيشوم لانتاج صوت الغنة ، وقد يمكن سد مجرى النفس نهائيا من الفم وفتحه عبر الخيشوم (الأنف) في أثناء نطق تلك الأصوات ويكون الصوت الحاصل حينئذ صوتا سمجا لا وجود له في أصوات اللغة[FONT=&quot][3][/FONT] .[/FONT]
[FONT=&quot] أما صوت (الخاء ، والغين) فإنهما أقرب حروف الحلق إلى اللسان ، وقد رجح الدكتور غانم قدوري الحمد أنهما يخرجان من نقطة تقع بعد النقطة التي يمكن أن يتخذ فيها النفس مجراه عبر الأنف ، ومن ثم يمكن أن تتأثر النون بمجاورتهما إذ لم يتعمّل بإخراجها من مخرجها ، فتخفى عندهما كما تخفى عند القاف[FONT=&quot][4][/FONT] . ويبدو أن هذا الرأي هو الأقرب إلى الصواب ، وأحسب أن صوت (الغين) هو أكثر تأثيرا بالإخفاء من صوت (الخاء) الذي يُعَدّ إخفاؤه - في مجال متعلمي التلاوة للمبتدئين - قليل نسبياً ، وكما موضح في التجربة التي سوف أعرضها بالتفصيل إن شاء الله .[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]2. [/FONT][FONT=&quot]إن تباين اتجاه الهواء يحول بين تعامل النون وهذه الأصوات ، إذ يتجه الهواء مع (أصوات الإظهار) ، عموديا انسجاما مع امتداد نقاط نطق هذه الأصوات ، أما الأخرى فامتدادها أفقي لذلك يكثر التعامل بين الأصوات ذات المسار الواحد[FONT=&quot][5][/FONT] . [/FONT]
[FONT=&quot]3. [/FONT][FONT=&quot]بُعد مخرج أصوات الإظهار عن مخرج النون الساكنة والتنوين ، إذ إن مخرج النون الساكنة من طرف اللسان بينه وبين ما فويق الثنايا العليا[FONT=&quot][6][/FONT] ,أما مخرج أصوات الإظهار فالهمزة والهاء من بين الوترين الصوتيين[FONT=&quot][7][/FONT] ،والعين والحاء من الحلق[FONT=&quot][8][/FONT] ،والغين والخاء من أدنى الحلق[FONT=&quot][9][/FONT] .[/FONT]
[FONT=&quot]وفي ختا[/FONT][FONT=&quot]م المطاف اعتذر كثيرا عن الاطالة وكان بودي ان ارفع صور علمية تبين حقيقة هذه الدراسة المتواضعة لكن هيهات فقد حال بيني وبينها قصوري الفني في هذا الجانب . [/FONT]


[FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] ظ : النون في العربية ، ص 112 .[/FONT]

[FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot]فتح الوصيد في شرح القصيد ، علم الدين علي بن محمد أبي الحسن السخاوي (643هـ) ، تحقيق : د.احمد عدنان الزعبي ، (الكويت: بلات ، دار البيان) ، 1/453 [/FONT][FONT=&quot]؛ [/FONT][FONT=&quot]روح المريد [/FONT][FONT=&quot]في شرح العقد الفريد في نظم التجويد[/FONT][FONT=&quot] ، [/FONT][FONT=&quot]محمد بن محمود السمرقندي (780هـ) ، تحقيق : ابراهيم عواد ابراهيم ، (بغداد : 1420هـ/1999 ، جامعة صدام للعلوم الإسلامية) ، [/FONT][FONT=&quot]ص [/FONT][FONT=&quot]151 .[/FONT]


[FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot]ظ [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]الدراسات الصوتية عند علماء التجويد ، ص [/FONT][FONT=&quot]365 .[/FONT]

[FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot]ظ [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]المصدر نفسه ، ص [/FONT][FONT=&quot]365 .[/FONT]

[FONT=&quot][5][/FONT][FONT=&quot]ظ [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]التشكيل الصوتي في اللغة العربية ، سلمان حسن العاني ، ترجمة [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]ياسر الملاح ، [/FONT][FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot]جدة [/FONT][FONT=&quot]: 1403[/FONT][FONT=&quot]هـ[/FONT][FONT=&quot]/1983[/FONT][FONT=&quot]م ، بلادار[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]، ص [/FONT][FONT=&quot]49 [/FONT][FONT=&quot]؛ النون في العربية ، ص [/FONT][FONT=&quot]113 . [/FONT]

[FONT=&quot][6][/FONT][FONT=&quot]ظ [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]الكتاب ، [/FONT][FONT=&quot]2/405 [/FONT][FONT=&quot]؛ معاني القران ، أبو الحسن الاخفش [/FONT][FONT=&quot](211[/FONT][FONT=&quot]هـ[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]، تحقيق [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]فائز فارس ، ط [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]الثانية ، [/FONT][FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot]الكويت [/FONT][FONT=&quot]: 1981 [/FONT][FONT=&quot]، بلا دار نشر[/FONT][FONT=&quot]) [/FONT][FONT=&quot]، [/FONT][FONT=&quot]1/23 .[/FONT]

[FONT=&quot][7][/FONT][FONT=&quot][7][/FONT][FONT=&quot]ظ [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]الأصوات اللغوية [/FONT][FONT=&quot]، إبراهيم أنيس ، ( بلام : 2007 م ، مكتبة الانجلو المصرية ) ،[/FONT][FONT=&quot]ص [/FONT][FONT=&quot]68-87 .[/FONT]

[FONT=&quot][8][/FONT][FONT=&quot]ظ [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]علم الأصوات العام ،[/FONT][FONT=&quot] كمال محمد بشر ، (القاهرة : 2000 م ، دار غريب ) ، [/FONT][FONT=&quot]ص [/FONT][FONT=&quot]184 [/FONT][FONT=&quot]؛ [/FONT][FONT=&quot]علم اللغة مقدمة للقارئ العربي ، محمود السعران ، (بيروت : بلات ، دار النهضة العربية ) [/FONT][FONT=&quot]، ص [/FONT][FONT=&quot]182 .[/FONT]

[FONT=&quot][9][/FONT][FONT=&quot]ظ [/FONT][FONT=&quot]: [/FONT][FONT=&quot]العين ،[/FONT][FONT=&quot]ابو عبد الرحمن الخليل بن احمد الفراهيدي ( ت 175 هـ ) ، تحقيق : مهدي المخزومي ، إبراهيم السامرائي ، (بغداد ، 1981 م ، دار الرشيد) ، [/FONT][FONT=&quot]1/4 [/FONT][FONT=&quot]؛ المقتضب ، [/FONT][FONT=&quot]1/192 .[/FONT]
 
حيّا الله أخانا الاستاذ أحمد جاسم محمد على جهوده المتميزة في اختيار مواضيع لا زالت موضع نقاش وتحليل وهذا يدل على حيوية علم التجويد والعاملين به.
ان الاصل في اظهار أي حرف سابق لآخر هو علاقته المخرجية والصفاتية بما بعده، فان اشتركا في عضو او صفة لأدائهما أثر ذلك في ظهوره الصوتي وجعل حكمه الجديد غير الاظهار(بشرط عدم تطور اللغة وهو ما نأباه في التجويد) .
ولا يختلف اثنان بان النون المظهرة تشترط على لافظها وضع طرف اللسان بحيث يلقى اللثة مع الصاق كل حافات اللسان على الحنك الاعلى يرافقه انفتاح فتحة الخيشوم الخلفية لخروج الصوت النوني منها ، وأي خلل او نقصان بهذين الشرطين ينفي صحة اصدار حكم الاظهار على النون.
ولا يختلف اثنان ان الهمزة والهاء والعين والحاء لا تشترك مع النون بلسان(بكل اجزائه) ولا بخيشوم، ولهذا اتفق الجميع على الاظهار .
واختلف ابو جعفر بقوله بالاخفاء عند الغين والخاء(باستثناء بعض الكلمات جاءت الرواية باظهار النون فيها)
أتعلمون ما هو السر؟
السر هو في فهم ميكانيكية حدوث الغنة الذي أجزم جزما قاطعا بأن لمؤخر اللسان دور بأدائها، قل لي كيف؟ سأقول لك:
1-الكل متفق على غلق فتحة الخيشوم الخلفية بفعل ارتفاع الطبق(الحنك اللحمي اللين) والتصاقه بالجدار الخلفي للبلعوم المواجه للخيشوم من الخلف، وهذا الغلق محكم اثناء لفظ كل الحروف او الاصوات اللغوية الا النون والميم بكل اشكالهما.
2-لا يرتفع مؤخر اللسان مطلقا بأداء النون المظهرة، وتبقى فتحة التجويف الفموي لتسمح بنفاذ بعض الهواء الذي يلاقي حدودا مغلقة بحافات اللسان -كلها جانبيها واماميها- المنطبقة على الحنك الاعلى، فيرتد القهقرى هاربا الى الخيشوم الخلفي محدثا غنتنا الحنون.

فما دور مؤخر اللسان بالغنة؟ الجواب ان اي ارتفاع لمؤخر اللسان باتجاه الطبق -سواء لامس حافته المتدلية مع اللهاة كما في الغين والخاء مع السماح بتسرب الهواء، او عانق الطبق ولصق به كما في القاف والكاف مع عدم السماح للهواء بالتسرب الى الفم- سيؤثر على طبيعة الصوت الانفي-الخيشومي- ان رافق هذه الحروف او الاصوات الاربعة ، اذ ان كمية الهواء الانفية مع الغين والخاء اقل لعدم اكتمال غلق البوابة الفموية الخلفية وهو الحاصل مع القاف والكاف بلا شك .
وبما اننا قد جزمنا ببطلان دور طرف اللسان وحافاته في النون المخفاة عند القاف والكاف باتفاق الجميع، بقي النقاش في الغين والخاء.
ان التقارب الشديد -الشديد جدا- بين مخرج القاف من جهة والغين والخاء من جهة اخرى فكلاهما يتخذ من اقصى اللسان ذريعة لظهوره مع اختلاف التموضع التضاريسي بنقاط جغرافية معلومة كما هو معلوم، اقول ان هذا التقارب هو الذي فتح باب السماح باخفاء النون عند الغين والخاء عند ابي جعفر بينما اتفق الكل على الاظهار عندهما .
ومن الملاحظ ان طرف اللسان وحافاته بعد اداءه النون المظهرة وانسحابه التكتيكي، لن يرتبك ويحتار لانه لن يتورط ويشترك لاظهار لفظ حروف الحلق ، فبقي الخيشوم الذي يعلن وبوضوح وبصراحة عدم تورطه بغنة انفية اثنا ء تموضع الحرف التالي وذلك يحصل مع ء ه ع ح ، وحيرته مع الغين والخاء ، فان بقي الطبق على ارتخائه اثناء لفظ النون مع تورط طرف اللسان وحافاته بالمحافظة على موقعها الجغرافي فهو الجزم بخروج غنة النون المظهرة يتبعها ارتفاع الطبق وغلق الخبشوم وانطلاق الغين والخاء المتحركتين. وان بقي الطبق على ارتخائه اثناء لفظ النون مع انسحاب طرف اللسان وحافاته من اللعبة السياسية-بسمة- مع تلاصق مؤخر اللسان مع حافة الطبق لحرمان تجويف الفم من حصوله على هواء، فتلك هي غنة النون المخفاة عند الغين والخاء والتي ستنتهي كنهاية النون المظهرة.
والذي اراه هو تشبه الغين والخاء بالقاف بزيادة ضغط مؤخر اللسان على الطبق معطياً حكم الاخفاء للنون.
وبتجربة بسيطة -قم بها الآن- تعرف المقصود من الكلام: سدَّ منخريك باصبعيك وقل إنْـنْ (مظهرة ) ثم أطلق صوت الهمزة والهاء والعين والحاء المحركات فسوف لن تجد صعوبة في انطلاق تلك الحروف، لكن بقولك إنْـنْ واطلاقك الغين والخاء المحركتين ستجد عسرا ما ، ويزداد العسر كثيرا مع القاف والكاف، وقد علمتم السبب في الغلق التام او الجزئي لتجويف الفم بمؤخر اللسان المرتفع ودوره في حماية الفم من تهريب صوت آخر اليه.
آسف أزعجتكم كعادتي
 
عودة
أعلى