عبدالرحمن الشهري
المشرف العام
- إنضم
- 29/03/2003
- المشاركات
- 19,331
- مستوى التفاعل
- 138
- النقاط
- 63
- الإقامة
- الرياض
- الموقع الالكتروني
- www.amshehri.com
وأخبرني الأستاذ عبدالرحمن النور في اتصاله الهاتفي أنه نشر مقالاً بعنوان :(ثقافة الصحراء) في المجلة العربية عدد(403) شعبان 1431هـ - أغسطس 2010م . كان سببه ذلك الحوار الذي دار بيننا حول القراءة الجديدة للقرآن الكريم قبل سبع سنوات، ويقول : أحببت أن تكون من أول من يقرأ المقال في المَجلة لنتناقش حول ما يمكن عمله لتطوير الفكرة . وقد ذهبت لموقع المجلة وقرأت المقال فأعجبني، وأحببت أن تشاركوني في قراءة المقال، فقد لفت فيه النظر إلى معنى جديد جدير بالقراءة ..
ثقافة الصحراء
أستطيع أن أقول إن «دلالات» حروف اللغة العربية تقول إن الثقافة هي الإدراك التام الشامل لحقيقة الأشياء، ومن هذا التعريف فإن ثقافة الصحراء هي الإدراك التام الشامل لواقع اللغة العربية.
يردد كثير من الناس عبارة «رفقاً بالقوارير» وهي عبارة وردت في حديث الرسول الكريم محمد بن عبدالله -صلى الله عليه وسلم-، فقد جاء في لسان العرب ما يأتي: «وفي الحديث: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأنجشة وهو يحدو بالنساء: رفقاً بالقوارير؛ أراد -صلى الله عليه وسلم- بالقوارير النساء، شبههن بالقوارير لضعف عزائمهن وقلة دوامهن على العهد، والقوارير من الزجاج يُسرع إليها الكسر ولا تقبل الجبر، وكان أنجشة يحدو بهن رِكابهن ويرتجز بنسيب الشعر والرجز وراءهن، فلم يُؤمَن أن يصيبهن ما يسمعن من رقيق الشعر فيهن أن يقع في قلوبهن حُداؤه، فأمر أنجشة بالكف عن نشيده وحُدائه حذار صبوتهن إلى غير الجميل». انتهى كلام لسان العرب، وقد بدأت أسأل نفسي كثيراً عن المعنى الذي ذهب إليه الرسول الكريم -صلوات ربي وسلامه عليه- بقوله: «رفقاً بالقوارير»، وتساءلت: هل يمكن قراءة نص هذا الحديث قراءة لغوية جديدة، تأتي بمعنى جديد، بعيداً عما يقوله العرب ولسان العرب، وكيف؟!
ورد في مسند الإمام أحمد: «... كان عامر شاعراً فنزل يحدو قائلاً:
يردد كثير من الناس عبارة «رفقاً بالقوارير» وهي عبارة وردت في حديث الرسول الكريم محمد بن عبدالله -صلى الله عليه وسلم-، فقد جاء في لسان العرب ما يأتي: «وفي الحديث: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأنجشة وهو يحدو بالنساء: رفقاً بالقوارير؛ أراد -صلى الله عليه وسلم- بالقوارير النساء، شبههن بالقوارير لضعف عزائمهن وقلة دوامهن على العهد، والقوارير من الزجاج يُسرع إليها الكسر ولا تقبل الجبر، وكان أنجشة يحدو بهن رِكابهن ويرتجز بنسيب الشعر والرجز وراءهن، فلم يُؤمَن أن يصيبهن ما يسمعن من رقيق الشعر فيهن أن يقع في قلوبهن حُداؤه، فأمر أنجشة بالكف عن نشيده وحُدائه حذار صبوتهن إلى غير الجميل». انتهى كلام لسان العرب، وقد بدأت أسأل نفسي كثيراً عن المعنى الذي ذهب إليه الرسول الكريم -صلوات ربي وسلامه عليه- بقوله: «رفقاً بالقوارير»، وتساءلت: هل يمكن قراءة نص هذا الحديث قراءة لغوية جديدة، تأتي بمعنى جديد، بعيداً عما يقوله العرب ولسان العرب، وكيف؟!
ورد في مسند الإمام أحمد: «... كان عامر شاعراً فنزل يحدو قائلاً:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا * ولا تصدقنا ولا صلينا
فاغفر فداء لك ما اقتفينا * وثبت الأقدام أن لاقينا
وألقين سكينـة علينا * إنا إذا صيح بنا أتينا
فاغفر فداء لك ما اقتفينا * وثبت الأقدام أن لاقينا
وألقين سكينـة علينا * إنا إذا صيح بنا أتينا
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من هذا الحادي؟... إلى آخر الحديث».
قد يعجب القارئ حين يقرأ ما ورد في مسند أحمد عن هذا الحديث ويعلم أن الحداء في ركب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يكن فاحشاً حتى يحذر صبوة النساء إلى غير الجميل، وقد يتساءل القارئ مثلما تساءلت: لماذا لم يقل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأنجشة: رفقاً بالنساء؟ ولماذا لم يرد وصف الرسول -صلى الله عليه وسلم- النساء بالقوارير إلا في هذا الحديث وهذا الموضع؟هنا يظهر دور حداثة «اللغة» أو القراءة الجديدة؛ لأن حداثة اللغة تبحث عن المعنى في «باطن» اللغة، لذلك حين أكملت ما جاء في لسان العرب وجدته يقول: «وقيل: أراد أن الإبل إذا سمعت الحداء أسرعت في المشي واشتدت فأزعجت الراكب فأتعبته فنهاه عن ذلك لأن النساء يضعفن عن شدة الحركة، وواحدة القوارير: قارورة، سميت بها لاستقرار الشراب فيها. «انتهى كلام لسان العرب». وعدت بذاكرتي إلى محاضرة بعنوان «فيزياء اللغة»، في نادي الرياض الأدبي لصاحب مصطلح ثقافة الصحراء، والدي عبدالله نور -يرحمه الله- عرفت منها العلاقة بين فيزياء اللغة وفيزياء حروف اللغة، والعلاقة بين فيزياء الحروف والفيزياء الكونية، ومنها فيزياء الصحراء وكائناتها، ذلك أن «الإبل» هذه الكائنات الصحراوية العجيبة قد أودع الله فيها سراً عظيماً وهو أنها تتفاعل وتتحرك حركة فيزيائية دقيقة مضبوطة مع موجة صوت الحرف العربي، فتحرك رؤوسها ذات اليمين وذات الشمال، فتتمايل أجسادها ذات اليمين وذات الشمال مثل حركة رؤوس وأجساد المنشدين في صفوف عرضات «السامري»، حركة وجدانية مضبوطة بشكل عجيب على إيقاع صوت الحرف العربي وهو يموج ويتماوج ذات اليمن وذات الشمال. هذه الحركة لها تأثير قوي في تحريك «ماء الحياة» في بدء استقراره في «أرحام» النساء مما يجعل الأرحام تلقي ما بها كما تفقد القوارير ماءها عند كسرها، ولذلك فإن المعنى «الحديث» (أو الجديد) الذي تعقله فيزياء لغة العرب لكلمة «القوارير» هو «الأرحام».
أجل القوارير هي الأرحام، ومن عجيب ما يظهره علم تشريح جسد المرأة أن الرحم يظهر بشكل «قارورة» محكمة الخلق ليستقر فيها ماء الرجل، وهذا من عجيب خلق الله -تبارك وتعالى- ولذلك فإن هذا الحديث يظهر حرص الرسول الكريم -صلوات ربي وسلامه عليه- في حفظ الحياة البشرية في أول مراحل تكونها وهو يعرف الصحراء وكائناتها وقد خشي أن تفقد بعض النساء الحوامل حملهن، فأمر أنجشة أن يرفق بالقوارير، أي بالأرحام، رحمة منه -صلى الله عليه وسلم- وهو المبعوث رحمة للعالمين، والله -سبحانه وتعالى- يقول في كتابه الكريم في سورة الحج الآية الخامسة: (يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مُخلّقة وغير مُخلّقة لنبين لكم ونقرُّ في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى).. الآية.
وهنا فإن فيزياء اللغة تظهر في فيزياء حروف الفعل, و«القارورة» من الفعل «قرَّ» وقرَّ الشيء أي اطمأن وسكن؛ ولذلك فإن الرحم هو قارورة يطمئن ويسكن فيها ماء الرجل، وقد اشتق اسمها من حروف الفعل «قرَّ»، والفائدة من هذه القراءة اللغوية الجديدة هي معرفة أن الرحم في أول مرحلة استقرار ماء الرجل فيه وبدء الحمل، حين يكون نطفة في طور الأربعين يوماً الأولى، يكون في هشاشة «الزجاج» بمعنى أنه سريع فَقْدَ الماء مثل الزجاج عند كسره متى ما تعرض لحركة أو هزة كافية من تلك الهزات أو الحركات التي تحدثها الإبل عند سماعها صوت الحداء، وهنا تظهر قمة البلاغة النبوية في تشبيه الرحم في هذه المرحلة بالقارورة، بل هو قارورة، بكل معنى الكلمة، وقد تفقد القارورة «الماء» متى ما توافرت «شروط» الحركة «الفيزيائية» لكسرها، سواء أكانت المرأة على ظهر بعير يحدو به الحادي في الصحراء، أم في قلب سيارة تتقاذفها حُفر الطريق، أو وهي تمارس رياضة وفرت فيها الشروط الحركية الكافية ليفقد الرحم ماءه.أجل القوارير هي الأرحام، ومن عجيب ما يظهره علم تشريح جسد المرأة أن الرحم يظهر بشكل «قارورة» محكمة الخلق ليستقر فيها ماء الرجل، وهذا من عجيب خلق الله -تبارك وتعالى- ولذلك فإن هذا الحديث يظهر حرص الرسول الكريم -صلوات ربي وسلامه عليه- في حفظ الحياة البشرية في أول مراحل تكونها وهو يعرف الصحراء وكائناتها وقد خشي أن تفقد بعض النساء الحوامل حملهن، فأمر أنجشة أن يرفق بالقوارير، أي بالأرحام، رحمة منه -صلى الله عليه وسلم- وهو المبعوث رحمة للعالمين، والله -سبحانه وتعالى- يقول في كتابه الكريم في سورة الحج الآية الخامسة: (يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مُخلّقة وغير مُخلّقة لنبين لكم ونقرُّ في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى).. الآية.
ومن الخلط في المعنى اعتقاد أن القارورة تكون من الزجاج فقط، فقد ورد أيضاً في لسان العرب: «والقارورة: واحدة القوارير من الزجاج، والعرب تسمي المرأة القارورة وتكني عنها بها. والقارورة: ما قَرَّ فيه الشراب وغيره، وقيل: لا يكون إلا من الزجاج خاصة، وقوله تعالى: (قوارير من فضة)، قال بعض أهل العلم: معناه أواني زجاج في بياض الفضة وصفاء القوارير». انتهى كلام لسان العرب.
والصحيح في سنن اللغة أن القارور أو القارورة هو ما استقر فيه الشيء سواء كان من زجاج أو من غيره من المواد، ولذلك فإن الله العزيز الحكيم في الآية السابقة يعلمنا سنن هذه اللغة العربية العظيمة حين أعاد ذكر القوارير ووصفها بأنها (من فضة قدروها تقديرا) حتى لا يذهب ذهن القارئ إلى قوارير الزجاج، التي تكسر ويذهب شرابها؛ بل هي قوارير من فضة خالصة كلها أسرار إلهية عجيبة، وسمّاها الله قوارير لأن شرابها يقرّ فيها ولا تفقده أبداً، كما قال الله وهو سبحانه أعلم، قدروها تقديرا لما فيها من النعيم والسرّ الإلهي العظيم من اللذة واستقرار الشراب فيها.
أجل نحن بحاجة الآن إلى «حداثة اللغة العربية» لنبدأ القراءة اللغوية الجديدة التي تولد لنا معاني حديثة (جديدة)؛ لنبدأ قراءة «ثقافة الصحراء» قراءة جديدة، يحتاج فيها المرء إلى أن «يقرأ» لغة الصحراء وفيزياء وكيمياء الصحراء وحياة الصحراء وهندسة الصحراء، وكل شيء في هذه الصحراء، قراءة لغوية كونية جديدة، وليس من سبيل إلى ذلك إلا «بقراءة» حروف لغة الصحراء العربية ودلالاتها قراءة لغوية حديثة غير مسبوقة، وهنا أقول لوالدي عبدالله نور: يرحمك الله ألف ألف رحمة إذ وضعت بين يدي قراء اللغة العربية كتابك «نون القرآن الكريم» لنعرف منه دلالات حروف هذه اللغة العربية العظيمة؛ نحو قراءة لغوية ثقافية جديدة للغة الصحراء وحروف الصحراء وثقافة الصحراء.
نم يا أبا عبدالرحمن «قرير» العين في رحمة الله، وسوف تقرّ عينك وروحك -بإذن الله- حين تشرب من قوارير من فضة في جنات النعيم عند مليك مقتدر، هو ملك الملوك ورب الأرباب والحمد لله رب العالمين.
والصحيح في سنن اللغة أن القارور أو القارورة هو ما استقر فيه الشيء سواء كان من زجاج أو من غيره من المواد، ولذلك فإن الله العزيز الحكيم في الآية السابقة يعلمنا سنن هذه اللغة العربية العظيمة حين أعاد ذكر القوارير ووصفها بأنها (من فضة قدروها تقديرا) حتى لا يذهب ذهن القارئ إلى قوارير الزجاج، التي تكسر ويذهب شرابها؛ بل هي قوارير من فضة خالصة كلها أسرار إلهية عجيبة، وسمّاها الله قوارير لأن شرابها يقرّ فيها ولا تفقده أبداً، كما قال الله وهو سبحانه أعلم، قدروها تقديرا لما فيها من النعيم والسرّ الإلهي العظيم من اللذة واستقرار الشراب فيها.
أجل نحن بحاجة الآن إلى «حداثة اللغة العربية» لنبدأ القراءة اللغوية الجديدة التي تولد لنا معاني حديثة (جديدة)؛ لنبدأ قراءة «ثقافة الصحراء» قراءة جديدة، يحتاج فيها المرء إلى أن «يقرأ» لغة الصحراء وفيزياء وكيمياء الصحراء وحياة الصحراء وهندسة الصحراء، وكل شيء في هذه الصحراء، قراءة لغوية كونية جديدة، وليس من سبيل إلى ذلك إلا «بقراءة» حروف لغة الصحراء العربية ودلالاتها قراءة لغوية حديثة غير مسبوقة، وهنا أقول لوالدي عبدالله نور: يرحمك الله ألف ألف رحمة إذ وضعت بين يدي قراء اللغة العربية كتابك «نون القرآن الكريم» لنعرف منه دلالات حروف هذه اللغة العربية العظيمة؛ نحو قراءة لغوية ثقافية جديدة للغة الصحراء وحروف الصحراء وثقافة الصحراء.
نم يا أبا عبدالرحمن «قرير» العين في رحمة الله، وسوف تقرّ عينك وروحك -بإذن الله- حين تشرب من قوارير من فضة في جنات النعيم عند مليك مقتدر، هو ملك الملوك ورب الأرباب والحمد لله رب العالمين.