د.خديجة إيكر
New member
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة والسلام على مولانا رسول الله .
إن الرعيل الأول من علمائنا القدماء بدءا بالقراء الأوائل ، ثم الخليل ، وسيبويه ، والكسائي ، و الفراء و غيرهم قد أدركوا ما للأصوات اللغوية من أهمية بالغة ، لذلك نجدهم أولوا هذا الجانب عناية كبيرة و هم يقعدون للقراءات القرآنية . وقد وافق القرآن الكريم ـ من الناحية الصوتية الفوناتيكية ـ القوانين الصوتية التي تميزت بها اللغة العربية ، ولكنه تميز عنها بفرادته التي تشكل إعجازه الصوتي . فلا أحد يجادل في أن كتاب الله امتاز بتناسق صوتي إيقاعي معجز لعب الدور الكبير في أداء الدلالة المطلوبة ، وفي وصول المتلقين الذين هم البشرية جمعاء إلى مراد الله تعالى من خطابه الجليل .
وسأشير ـ هنا ـ إلى نقطة هامة جدا وهي علاقة الرسم القرآني بالجانب الصوتي .
لنتمعنْ جيدا في الآيات التالية :
قال جل وعلا : ( ويَدْعُ الإنسان بالشر دعاءه بالخير ) الإسراء / 11
وقال جل جلاله أيضا : (سنَدْعُ الزبانية ) العلق / 18
وقال سبحانه وتعالى : ( ويَمْحُ الله الباطل ) الشورى / 24
سنلاحظ بأن هذه الآيات ـ وهناك غيرُها ـ حذفت منها لام الفعل الناقص " دعا " و " محا " دون وجود مبرر تركيبي نحوي ، كالشرط مثلا ، أو الجزم بالحروف ، أوالإسناد إلى الأمر. فما سر هذا الحذف ؟
سنجد الجواب عند ابن الجزري حين يعلل ذلك بقوله: " وحذف الواو بسبب مجاورتها للام الساكنة " النشر: ج2 /105
ويعني ابن الجزري بذلك أن التقاء الواو باللام الساكنة في كل من " الزبانية" ،و " الله"، و "الإنسان " استدعى حذف هذه الواو .
وإذا عدنا إلى علم الأصوات الحديث ( الفوناتيك ) سنجد ما يعزز كلام ابن الجزري ، فلو أُثبتت الواو في الآيات لوجدنا أنفسنا أمام مقطع صوتي طويل :
ص ح ح ص (صائت حركة حركة صائت ) : يدعو الإنسان ـ يمحو الله ـ سندعو الزبانية .
و هذا المقطع غير مقبول في النسيج المقطعي العربي الذي يتكون من ثلاثة مقاطع رئيسية :
ـ المقطع المفتوح : ص ح مثل : بَ .
ـ المقطع المغلق : ص ح ص مثل : لَمْ .
ـ المقطع المضاعف الإغلاق : ص ح ص ص مثل : عَبْدْ .
لذلك نجد القرآن الكريم يعمد إلى قصر الحركة الطويلة في الواو(يدعُ لْإنسان) ،(يمحُ الله) ، (سندعُ زَّبانية) بحيث يصبح المقطع مغلقا متوسطا : ( ص ح ص) متماشيا مع النظام المقطعي العربي وبالتالي كان لهذا القصر ـ قصر الحركة الطويلة ـ وظيفة جمالية جعلت الآيات تشكل إيقاعا يسهم في انسجامها الصوتي مع المواقف التي تتحدث عنها، و المعاني و الدلالات التي تعبر عنها . وبذلك يتبين لنا سر إعجاز القرآن الكريم من الناحية الصوتية ، و أن تميز القرآن بهذه الخاصية الإعجازية الصوتية سبق ظهور علم الأصوات أو التنظير له بقرون طويلة .
و الصلاة والسلام على مولانا رسول الله .
إن الرعيل الأول من علمائنا القدماء بدءا بالقراء الأوائل ، ثم الخليل ، وسيبويه ، والكسائي ، و الفراء و غيرهم قد أدركوا ما للأصوات اللغوية من أهمية بالغة ، لذلك نجدهم أولوا هذا الجانب عناية كبيرة و هم يقعدون للقراءات القرآنية . وقد وافق القرآن الكريم ـ من الناحية الصوتية الفوناتيكية ـ القوانين الصوتية التي تميزت بها اللغة العربية ، ولكنه تميز عنها بفرادته التي تشكل إعجازه الصوتي . فلا أحد يجادل في أن كتاب الله امتاز بتناسق صوتي إيقاعي معجز لعب الدور الكبير في أداء الدلالة المطلوبة ، وفي وصول المتلقين الذين هم البشرية جمعاء إلى مراد الله تعالى من خطابه الجليل .
وسأشير ـ هنا ـ إلى نقطة هامة جدا وهي علاقة الرسم القرآني بالجانب الصوتي .
لنتمعنْ جيدا في الآيات التالية :
قال جل وعلا : ( ويَدْعُ الإنسان بالشر دعاءه بالخير ) الإسراء / 11
وقال جل جلاله أيضا : (سنَدْعُ الزبانية ) العلق / 18
وقال سبحانه وتعالى : ( ويَمْحُ الله الباطل ) الشورى / 24
سنلاحظ بأن هذه الآيات ـ وهناك غيرُها ـ حذفت منها لام الفعل الناقص " دعا " و " محا " دون وجود مبرر تركيبي نحوي ، كالشرط مثلا ، أو الجزم بالحروف ، أوالإسناد إلى الأمر. فما سر هذا الحذف ؟
سنجد الجواب عند ابن الجزري حين يعلل ذلك بقوله: " وحذف الواو بسبب مجاورتها للام الساكنة " النشر: ج2 /105
ويعني ابن الجزري بذلك أن التقاء الواو باللام الساكنة في كل من " الزبانية" ،و " الله"، و "الإنسان " استدعى حذف هذه الواو .
وإذا عدنا إلى علم الأصوات الحديث ( الفوناتيك ) سنجد ما يعزز كلام ابن الجزري ، فلو أُثبتت الواو في الآيات لوجدنا أنفسنا أمام مقطع صوتي طويل :
ص ح ح ص (صائت حركة حركة صائت ) : يدعو الإنسان ـ يمحو الله ـ سندعو الزبانية .
و هذا المقطع غير مقبول في النسيج المقطعي العربي الذي يتكون من ثلاثة مقاطع رئيسية :
ـ المقطع المفتوح : ص ح مثل : بَ .
ـ المقطع المغلق : ص ح ص مثل : لَمْ .
ـ المقطع المضاعف الإغلاق : ص ح ص ص مثل : عَبْدْ .
لذلك نجد القرآن الكريم يعمد إلى قصر الحركة الطويلة في الواو(يدعُ لْإنسان) ،(يمحُ الله) ، (سندعُ زَّبانية) بحيث يصبح المقطع مغلقا متوسطا : ( ص ح ص) متماشيا مع النظام المقطعي العربي وبالتالي كان لهذا القصر ـ قصر الحركة الطويلة ـ وظيفة جمالية جعلت الآيات تشكل إيقاعا يسهم في انسجامها الصوتي مع المواقف التي تتحدث عنها، و المعاني و الدلالات التي تعبر عنها . وبذلك يتبين لنا سر إعجاز القرآن الكريم من الناحية الصوتية ، و أن تميز القرآن بهذه الخاصية الإعجازية الصوتية سبق ظهور علم الأصوات أو التنظير له بقرون طويلة .