أبوسليمان المحمد
New member
- إنضم
- 15/09/2008
- المشاركات
- 32
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 6
بسم الله الرحمن الرحيم
عن الإمام سفيان بن عيينة قال:
(إذا اختلفتم في أمر= فانظروا ما عليه أهل الجهاد؛ لأن الله يقول:{والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}).
رواه ابن أبي حاتم في"تفسيره"9/3084(1) وابن عدي في"الكامل"-واللفظ له-(2) والثعلبي من طرق عن ابن عيينة.
1/ حكي نحو هذا التفسير عن جماعة من الأئمة؛ كالأوزاعي وابن المبارك وأحمد.
2/قال الإمام عبدالله بن وهب:
(لا أعلم أحدا [يعني:في زمانه،أو ممن لقيهم] أعلم بتفسير القرآن من سفيان بن عيينة).
رواه ابن أبي حاتم في كتابه"الجرح والتعديل"1/33،وسنده صحيح.
-ونُقل نحوه عن الإمام أحمد.
[انظر:تهذيب التهذيب4/121].
-وابن وهب قرينه ،وأحمد تلميذه.
3/ ابن عيينة وإن كان من أعلم السلف بالتفسير، لكنه مع ذلك لا يحتج بتفسيره إلا أن يكون إجماعا، أو يدل عليه كتاب أو سنة.
4/هذا الأثر جاء في الروايات المسندة في الكتب المطبوعة بلفظ: (فانظروا).
[وفرق بين هذا اللفظ،ولفظ:(فعليكم) الذي ظاهره الإلزام]
- فعلى هذا اللفظ (فانظروا)= يكون ما عليه أهل الجهاد محل نظر واعتبار؛ فبابه إذا باب الاستئناس والاطمئنان ونحوه، وليس بابه باب الاحتجاج والترجيح بذاته.
5/ لكل باب شروط خاصة، ولكل باب تعلق بشروط عامة.
- ولا يلزم العالم التنبيه على الشروط العامة في كل باب.
[كما نبه على ذلك غير واحد من العلماء؛كابن تيمية في"الاقتضاء"2/145]
- مثلا: لو تكلمنا عن مسألة سجود السهو، فلايلزمنا أن ننبه على أن من شروطه كون الساجد على طهارة أو كونه مسلما.
- وكذلك هنا لاينبغي أن يخالف عاقل في أن شرط العلم[في كل باب بحسبه]= مراد أصالة في تفسير ابن عيينة هذا، فلا ينبغي أن يفترض عاقل أن ابن عيينة يرى قيمة قول رجل في المواريث-مثلا- مع كون هذا الرجل جاهلا في مسائل المواريث؛ لمجرد كونه من أهل الجهاد !
6/ ما نوع الجهاد في هذه الآية ؟
* أما بالنسبة لتفسير ابن عيينة ومن وافقه= فهو صريح في الجهاد القتالي[=العسكري]، لاجهاد النفس، بل هو صريح في إرادة أحد نوعي الجهاد القتالي؛ وهو الجهاد بالنفس خاصة.
-فمن ألفاظ أثر ابن عيينة التي في الكتب المسندة:(أهل الجهاد)،(أهل الثغور)،(أهل الثغر).
* وأما بالنسبة للنظر إلى الآية نفسها= فالجواب هنا مبني على أمرين؛ معرفة الأصل في لفظة (الجهاد) عند الإطلاق،
ومعرفة القرائن الخارجية والداخلية التي تظهر المراد من لفظة (الجهاد) في هذه الآية خاصة[=آية سورة العنكبوت].
- أما الأصل في(الجهاد) عند الإطلاق[إذا تجرد من القرائن]= فهو الجهاد القتالي[أي:الجهاد العسكري بنوعيه؛المال والنفس].
-قرر هذا غير واحد من أهل العلم؛ كابن رشد الجد في"المقدمات"ص178، وابن المناصف في كتابه"الإنجاد في أبواب الجهاد"1/18.
-وهذا أيضا هو مقتضى كلام كل من يعدون ما سوى الجهاد القتالي= جهادا مجازيا.
[انظر مثلا:"سبل السلام"للصنعاني4/161، "التحرير والتنوير"لابن عاشور28/372]
- وقال د. علي العلياني في كتابه"أهمية الجهاد"ص118:
(...وكذلك علماء الإسلام من محدثين وفقهاء إذا بوبوا في كتبهم للجهاد فالمراد به جهاد الكفار القتالي).
-وحتى القرضاوي[مع موقفه الضيق من الجهاد القتالي] قد أقر في كتابه"فقه الجهاد"1/130بنحو هذا الكلام.
- وأما بالنسبة للمراد به هنا خاصة[=آية العنكبوت]، فقد اعتمد جماعة أن الأصل في هذه الآية أنه الجهاد القتالي، وقد يقوى هذا القول بعدة وجوه[لم أر من جمعها]:
1- ما سبق من أن إطلاق(الجهاد) ينصرف أصلا إلى القتالي.
2- أن بعض العلماء[قاله الطيبي وغيره] يذكرون أن:{جاهدوا فينا} أي:في سبيل الله.
-والجهاد حين يقيد هكذا:(في سبيل الله) يكون أظهر في إرادة الجهاد القتالي[لا جهاد النفس أو جهاد الشيطان].
-ويظهر هذا من طريقة القرآن؛ وذلك باستقراء مواضع تقييد الجهاد ب(في سبيل الله) في القرآن؛
فقد جاء كذلك مقيدا في بضعة عشر موضعا[انظر:المعجم المفهرس لألفاظ القرآن ص224-225].
ويظهر من هذه المواضع؛ كلها أو جلها= أن الأصل فيها الجهاد القتالي. والله أعلم
3- لم يحك إمام المفسرين؛ ابن جرير الطبري في تفسيره18/444 غير الجهاد القتالي[وكذا ابن الجوزي في"زاد المسير"]، بل أشار الطبري إلى اتفاق المفسرين على هذا التفسير.
#وفي حكاية الاتفاق هنا نظر ،،
إلا إن أريد= اتفاق قديم ،،
أو أريد= أن القتال هو معنى متفق على دخوله في المراد من هذه الآية، لكن ذلك لاينفي شمول الآية لمعان الجهاد الأخرى، وأن من يذكر من المفسرين هنا غير الجهاد القتالي= يكون تفسيرهم من باب التفسير ببعض لوازم الجهاد القتالي.
[والجهاد القتالي لاينفك من لوزام بعضها من باب الجهاد غير القتالي، مثلا:من لوازم التوفيق إلى الجهاد القتالي وفي الجهاد القتالي= جهاد النفس.
قال ابن تيمية:(...فإن هذا الجهاد[=جهاد النفس]=حقيقة ذلك الجهاد[=الجهاد القتالي]،فمن صبر عليه=صبر على ذلك الجهاد)."الفتاوى"10/636] ،،
أو يكون تفسيرهم من باب التمثيل ببعض أنواع الجهاد المقصودة في الآية أصالة[كلها مرادة من منطوق الآية].
-قال ابن برجان في تفسيره4/321:(المجاهد هنا:من جاهد العدو من الجن والإنس وهواه).
- وقال الزمخشري في تفسيره:({والذين جاهدوا فينا}:...يتناول كل مايجب مجاهدته من النفس الأمارة بالسوء والشيطان وأعداء الدين).
- وتبعه البيضاوي والنسفي وأبو السعود[كعادتهم]، وأبوحيان في"البحر المحيط"7/155، ثم قال:(...وما ورد من أقوال العلماء فالمقصود بها المثال).
4- تناسب هذه الآية التي هي خاتمة سورة العنكبوت مع مطلع السورة التي بعدها[ سورة الروم]؛ والتي فيها حكاية مدافعة قتالية.
[انظر:"نظم الدرر"15/2]
#وقد اعترض على القول بأن المراد أصلا في هذه الجهاد القتالي= بأن سورة العنكبوت مكية، والجهاد القتالي لم يشرع إلا في المدينة.
- وقد يجاب عن هذا بما يلي:
1- أن كونها مدنية وإن كان هو المشهور عند طائفة من أهل العلم [انظر:كتاب"المكي والمدني"للدكتور محمد السريع ص194-195]، لكنه ليس قولا متفقا عليه، بل المخالفة في مدنيتها منقولة.
2- أن مدح الجهاد القتالي في السور المكية لايلزم منه الإذن بالقتال حال نزولها؛ فقد يكون توطئة لحكم آت، كما جاء نحو ذلك في أدلة ذم الخمر، في حال لم تكن ممنوعة؛ توطئة لحكم آت.
3- أو يكون من باب مدح مجاهدين مبهم زمانهم، وكم من آية مكية ذكر فيها الجهاد القتالي للأنبياء وغيرهم. والله أعلم
4- أن من العلماء الذين لم يقولوا بتفسير هذه الآية بالجهاد القتالي بل بجهاد النفس= من يقولون بأنه جهاد نفس في مواجهة الكفار[أي:جهاد الكفار جهادا غير قتالي]؛ وذلك بالصبر على أذاهم.
[انظر:"التسهيل"لابن جزي، و"معترك الأقران"للسيوطي3/346]
-ومواجهة الكفار بالصبر على أذاهم لاشك أنه كان موجودا في الحال المكية.
[وقد استدل بعضهم لهذا المعنى بتناسب أول السورة مع آخرها(انظر:"مراصد المطالع"للسيوطي ص146)]
-ومواجهة الكفار بالصبر على أذاهم هو المرحلة السابقة لمرحلة مواجهتهم بالقتال.
-فإما أن يقال بأنهما كالنوع الواحد[أي:الصبر على أذاهم ومقاتلتهم]؛ لأنه يجمعهما الصبر والمصابرة في مواجهة الكفار.
-أو أن يقال بأن هذه الآية وإن نزلت أصلا في الصبر على أذى الكفار= فإن معنى الجهاد فيها ينبغي أن يستصحب بعد أن يأتي وقت تشريع القتال= إلى القتال؛
لأنه بدل الصبر على الأذى الذي كان أول الأمر.
[أي:كان أول الأمر شرعا قائما بنفسه، وإلا فإن الصبر على أذى الكفار لم ينسخ مطلقا من كل جهة، بل قد يعمل به في بعض الأحوال عند تعذر القتال].
#تنبيهان:
أ- تكرار التعبير بالأصل في هذا الموضع مقصود؛ لرفع توهم حصر معنى الجهاد في الجهاد القتالي حتى عند ترجيح هذا المعنى؛ لأن ترجيح هذا المعنى لا يستلزم نفي بقية معان الجهاد[وقد سبق أنها ملازمة-في الجملة- للجهاد القتالي].
-ولكن تقرير كونه أصلا[إما أصلا لوحده، أو أصلا مع أصول] يدفع دعاوي دفع تفسير الآية به دون دليل يقوى على دفع أصل.
ب- يظهر من التتبع أن أكثر الناس تكلفا في صرف معنى الجهاد في هذه الآية وغيرها عن القتالي= هم الصوفية.
7/قول ابن عيينة: (في أمر).
مطلق في كل أمر لهم به معرفة، ومن أخص معارف المجاهدين= معرفة واقع الجهاد والمجاهدين[ومعرفة الواقع هو أحد ركني الفتوى الشرعية في النوازل].
- وليس معنى كون معرفة واقع الجهاد من أخص معارفهم= أن يكونوا مختصين بها دون غيرهم.
ليس كذلك، بل ربما فقه واقع بعض مواضع الجهاد من لم يجاهدوا في ذلك الموضع، بل ربما فاق بعضهم في فقه واقع تلك المواضع بعض المجاهدين فيها، فرب غير مجاهد له من طرق المعرفة وشمولها[من حيث المساحة] ومن الخبرات السابقة= ما يفوق به في معرفة واقع الجهاد في بلد لم يطأها بعض المجاهدين في تلك الأرض نفسها.
-وقد أتى شاب علي بن أبي طالب رضي الله عنه[خليفة،وأحد أبرز مجاهدي الأمة]، وادعى تقدمه على بعض ذوي الخبرة، فرد عليه علي رضي الله عنه: (يا ابن أخي إن رأي الشيخ خير من مشهد الغلام).
رواه البيهقي10/113، بإسناد جيد.
- ويتبين شيء مما سبق في الفائدة التالية.
8/قال تعالى:{والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}، ثم قال تعالى:{وإن الله لمع المحسنين}.
- وفي هذا تنبيه على أن من شرط الجهاد الحقيقي الذي تترتب عليه هداية سبل الله= الإحسان.
- ومما يشير إلى ذلك ما في الآية من"الاحتباك"(3)، ذكره البقاعي في"نظم الدرر"14/483.
- ومن أهم شروط المحسنين في جهادهم وغيره= العمل بعلم، وعدم الإقدام على أي أمر لم تعلم حقيقة حكمه.
- وتأمل في الفائدة التالية في كلام العكي ثم الداراني، ومافيها من أن الأصل في تميز المجاهد على غيره= هو العمل الذي يسبقه العلم بدليله.
- بل بالغ بعضهم[كالحسين بن الفضل] فادعوا أن في الآية تقديما وتأخيرا-بلاغيا-، وأن المراد: والذين هديناهم سبلنا= جاهدوا فينا.
فعلى قول من يذكرون في معاني هداية السبل(العلم والبصيرة بالأحكام)= يكون الجهاد مترتبا على(العلم والبصيرة بالأحكام)وغيرها، لا العكس.
#ودعوى التقديم والتأخير هنا لادليل عليها. والله أعلم
9/ما علة ترتب هداية السبل على الجهاد ؟
- ذكر بعض العلماء أن العلة= هي أن جهاده عمل بما علم.
- فعن أبي أحمد العكي قال:({لنهدينهم سبلنا...} : الذين يعملون بما يعلمون= يهديهم لما لايعلمون).
- قال ابن أبي الحواري[أحد رواة هذا الأثر]: (فحدثت به أباسليمان الداراني، فأعجبه، وقال: ليس ينبغي لمن ألهم شيئا من الخير أن يعمل به، حتى يسمعه في الأثر[=الدليل]، فإذا سمعه في الأثر= عمل به، وحمدالله حين وافق ما في نفسه).
رواه ابن ابي حاتم في تفسيره9/3084 وغيره
- فعلى هذا القول يستدل بهذه الآية على نحو ما استدل له بعض العلماء من زيادة البصيرة والعلم بزيادة التقوى في نحو قوله تعالى:{إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا}.
- لكن آية سورة العنكبوت خاصة بنوع من المتقين[=المجاهدين]،خصوا لميزة على غيرهم، وأما تلك فهي أدلة عامة في أنواع المتقين.
10/قرر عبدالجبار المعتزلي في"متشابهه"1/184 أن الهداية في قوله تعالى:{لنهدينهم سبلنا} ليست هداية الدلالة والبيان؛ لأن الهداية هنا خصت بقوم[وهم الذين جاهدوا]، والدلالة والبيان من الله لايخصها الله بقوم دون غيرهم، بل هي لكل أحد.
-ثم قرر عبدالجبار أن نفي كون الهداية في هذه الآية هداية دلالة وبيان يقتضي أن يكون المراد بالهداية= الهداية إلى دخول الجنة والنجاة والفوز يوم القيامة، والذي سببه جهادهم.
-هذا محصل تقرير عبدالجبار، وقد وضحته هنا وفصلته؛ لأن عبارته في كتابه فيها شيء من الإغلاق والصعوبة، وفيه شيء من التصحيف.
# وكلام عبدالجبار عليه عدة ملاحظات[بعضها مبني على أصول اعتزالية خاطئة]، وسأختصر الرد في نقطتين؛
أ-دعواه نفي إرادة هداية الدلالة لكونها عامة= فيه نظر؛ لأن هداية الدلالة لها أصل ولها زيادة، فلو سلمنا بنفي إرادة أصلها هنا، فذلك لا يستلزم نفي إرادة زيادة الهداية في الدلالة والبيان، أي أن الله يزيد قوما علما ومعرفة على قوم آخرين، فيتبين لهم أمر ما أكثر مما يتبين لغيرهم، وإن اشتركوا في أصل معرفة ذلك الأمر.
-ثم إن تقرير عبدالجبار مبني على أن الهداية هنا إرادة شرعية، وفي حصرها في الشرعية هنا نظر، بل إرادة الهداية تكون أيضا كونية، فقد يريد الله هداية قوم، ولايريد هداية آخرين-كونيا-؛فيضلهم عن الحق. وهذا الثاني هو الأصل في طلب الهداية من الله، ودعائه أن لايضلنا؛ أي أن يقدر هدايتنا كونا.
-ولا يخفى أن المعتزلة ينكرون الهداية والإضلال الكونيين، ولذلك هم يتورطون حين يواجهون بأدلة الهداية والإضلال الصريحة، ويضطربون، وربما لم يجدوا ما يتدرعون به في مقابل صراحتها إلا المخارج اللفظية التي ليس تحتها حقيقة تدفع مخافلتهم الأدلة الصريحة.
ب- اختيار عبدالجبار الأخير مبني على سبر وتقسيم، وحصر للمراد في حالين فحسب.
فلما رد الحال الأولى=صحت الثانية !
- وهذا حصر قاصر، ومن أسباب قصره= مذهبه الاعتزالي، فإنه قد فوت إحدى أهم الحالات؛ وهي هداية التوفيق والتسديد والتثبيت.
وهناك فوائد أخرى لعلي أذكرها لاحقا إن تيسر ذلك إن شاء الله.
والله أعلم و الحمد لله
-------------------------
(1)وفي متنه خرم من المخطوط،وراجع لفظه في"الإكليل"3/1088
(2)وفي طبعاته المتداولة تصحيف في سنده،حتى في الطبعة التي يقال بأنها أحسن طبعاته-طبعة الرشد 1/258
(3) <الاحتباك> هو من أنواع الحذف، وهو من أنواع البديع في علم البلاغة.
-وقد عرفه ابن جابر في"شرح البديعية" بقوله:(أن يحذف من الأول ما أثبت نظيره في الثاني، ويحذف من الثاني ما أثبت نظيره في الأول).
-وقد سماه بهذا الاسم<الاحتباك> جماعة؛ كأبي جعفر الرعيني في"طراز الحلة"، والبقاعي[وقد أكثر من ذكره جدا في كتابه"نظم الدرر"، وله فيه كتاب مفرد، سماه"الإدراك لفن الاحتباك"]، والسيوطي في كتبه؛"الإتقان"831 و"التحبير"282 و"المعترك"1/242.
- وبعض العلماء يسوي بينه وبين ما ذكره الزركشي في"البرهان"3/129 وسماه<الحذف المقابلي>.
*وهذا فيه نظر، والصواب أن بينهما فرقا، يتبين من تعريفه وتعريفهم، وبعض أمثلتهم.
- من أمثلة الاحتباك: قال تعالى:{ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم}.
*أي: يعذب المنافقين فلايتوب عليهم، أو يتوب عليهم فلايعذبهم.
-قال تعالى:{فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة}.
*أفاد بقوله:{كافرة}=أن الأولى مؤمنة، وبقوله:{تقاتل في سبيل الله}=أن الأخرى تقاتل في سبيل الطاغوت.
عن الإمام سفيان بن عيينة قال:
(إذا اختلفتم في أمر= فانظروا ما عليه أهل الجهاد؛ لأن الله يقول:{والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}).
رواه ابن أبي حاتم في"تفسيره"9/3084(1) وابن عدي في"الكامل"-واللفظ له-(2) والثعلبي من طرق عن ابن عيينة.
1/ حكي نحو هذا التفسير عن جماعة من الأئمة؛ كالأوزاعي وابن المبارك وأحمد.
2/قال الإمام عبدالله بن وهب:
(لا أعلم أحدا [يعني:في زمانه،أو ممن لقيهم] أعلم بتفسير القرآن من سفيان بن عيينة).
رواه ابن أبي حاتم في كتابه"الجرح والتعديل"1/33،وسنده صحيح.
-ونُقل نحوه عن الإمام أحمد.
[انظر:تهذيب التهذيب4/121].
-وابن وهب قرينه ،وأحمد تلميذه.
3/ ابن عيينة وإن كان من أعلم السلف بالتفسير، لكنه مع ذلك لا يحتج بتفسيره إلا أن يكون إجماعا، أو يدل عليه كتاب أو سنة.
4/هذا الأثر جاء في الروايات المسندة في الكتب المطبوعة بلفظ: (فانظروا).
[وفرق بين هذا اللفظ،ولفظ:(فعليكم) الذي ظاهره الإلزام]
- فعلى هذا اللفظ (فانظروا)= يكون ما عليه أهل الجهاد محل نظر واعتبار؛ فبابه إذا باب الاستئناس والاطمئنان ونحوه، وليس بابه باب الاحتجاج والترجيح بذاته.
5/ لكل باب شروط خاصة، ولكل باب تعلق بشروط عامة.
- ولا يلزم العالم التنبيه على الشروط العامة في كل باب.
[كما نبه على ذلك غير واحد من العلماء؛كابن تيمية في"الاقتضاء"2/145]
- مثلا: لو تكلمنا عن مسألة سجود السهو، فلايلزمنا أن ننبه على أن من شروطه كون الساجد على طهارة أو كونه مسلما.
- وكذلك هنا لاينبغي أن يخالف عاقل في أن شرط العلم[في كل باب بحسبه]= مراد أصالة في تفسير ابن عيينة هذا، فلا ينبغي أن يفترض عاقل أن ابن عيينة يرى قيمة قول رجل في المواريث-مثلا- مع كون هذا الرجل جاهلا في مسائل المواريث؛ لمجرد كونه من أهل الجهاد !
6/ ما نوع الجهاد في هذه الآية ؟
* أما بالنسبة لتفسير ابن عيينة ومن وافقه= فهو صريح في الجهاد القتالي[=العسكري]، لاجهاد النفس، بل هو صريح في إرادة أحد نوعي الجهاد القتالي؛ وهو الجهاد بالنفس خاصة.
-فمن ألفاظ أثر ابن عيينة التي في الكتب المسندة:(أهل الجهاد)،(أهل الثغور)،(أهل الثغر).
* وأما بالنسبة للنظر إلى الآية نفسها= فالجواب هنا مبني على أمرين؛ معرفة الأصل في لفظة (الجهاد) عند الإطلاق،
ومعرفة القرائن الخارجية والداخلية التي تظهر المراد من لفظة (الجهاد) في هذه الآية خاصة[=آية سورة العنكبوت].
- أما الأصل في(الجهاد) عند الإطلاق[إذا تجرد من القرائن]= فهو الجهاد القتالي[أي:الجهاد العسكري بنوعيه؛المال والنفس].
-قرر هذا غير واحد من أهل العلم؛ كابن رشد الجد في"المقدمات"ص178، وابن المناصف في كتابه"الإنجاد في أبواب الجهاد"1/18.
-وهذا أيضا هو مقتضى كلام كل من يعدون ما سوى الجهاد القتالي= جهادا مجازيا.
[انظر مثلا:"سبل السلام"للصنعاني4/161، "التحرير والتنوير"لابن عاشور28/372]
- وقال د. علي العلياني في كتابه"أهمية الجهاد"ص118:
(...وكذلك علماء الإسلام من محدثين وفقهاء إذا بوبوا في كتبهم للجهاد فالمراد به جهاد الكفار القتالي).
-وحتى القرضاوي[مع موقفه الضيق من الجهاد القتالي] قد أقر في كتابه"فقه الجهاد"1/130بنحو هذا الكلام.
- وأما بالنسبة للمراد به هنا خاصة[=آية العنكبوت]، فقد اعتمد جماعة أن الأصل في هذه الآية أنه الجهاد القتالي، وقد يقوى هذا القول بعدة وجوه[لم أر من جمعها]:
1- ما سبق من أن إطلاق(الجهاد) ينصرف أصلا إلى القتالي.
2- أن بعض العلماء[قاله الطيبي وغيره] يذكرون أن:{جاهدوا فينا} أي:في سبيل الله.
-والجهاد حين يقيد هكذا:(في سبيل الله) يكون أظهر في إرادة الجهاد القتالي[لا جهاد النفس أو جهاد الشيطان].
-ويظهر هذا من طريقة القرآن؛ وذلك باستقراء مواضع تقييد الجهاد ب(في سبيل الله) في القرآن؛
فقد جاء كذلك مقيدا في بضعة عشر موضعا[انظر:المعجم المفهرس لألفاظ القرآن ص224-225].
ويظهر من هذه المواضع؛ كلها أو جلها= أن الأصل فيها الجهاد القتالي. والله أعلم
3- لم يحك إمام المفسرين؛ ابن جرير الطبري في تفسيره18/444 غير الجهاد القتالي[وكذا ابن الجوزي في"زاد المسير"]، بل أشار الطبري إلى اتفاق المفسرين على هذا التفسير.
#وفي حكاية الاتفاق هنا نظر ،،
إلا إن أريد= اتفاق قديم ،،
أو أريد= أن القتال هو معنى متفق على دخوله في المراد من هذه الآية، لكن ذلك لاينفي شمول الآية لمعان الجهاد الأخرى، وأن من يذكر من المفسرين هنا غير الجهاد القتالي= يكون تفسيرهم من باب التفسير ببعض لوازم الجهاد القتالي.
[والجهاد القتالي لاينفك من لوزام بعضها من باب الجهاد غير القتالي، مثلا:من لوازم التوفيق إلى الجهاد القتالي وفي الجهاد القتالي= جهاد النفس.
قال ابن تيمية:(...فإن هذا الجهاد[=جهاد النفس]=حقيقة ذلك الجهاد[=الجهاد القتالي]،فمن صبر عليه=صبر على ذلك الجهاد)."الفتاوى"10/636] ،،
أو يكون تفسيرهم من باب التمثيل ببعض أنواع الجهاد المقصودة في الآية أصالة[كلها مرادة من منطوق الآية].
-قال ابن برجان في تفسيره4/321:(المجاهد هنا:من جاهد العدو من الجن والإنس وهواه).
- وقال الزمخشري في تفسيره:({والذين جاهدوا فينا}:...يتناول كل مايجب مجاهدته من النفس الأمارة بالسوء والشيطان وأعداء الدين).
- وتبعه البيضاوي والنسفي وأبو السعود[كعادتهم]، وأبوحيان في"البحر المحيط"7/155، ثم قال:(...وما ورد من أقوال العلماء فالمقصود بها المثال).
4- تناسب هذه الآية التي هي خاتمة سورة العنكبوت مع مطلع السورة التي بعدها[ سورة الروم]؛ والتي فيها حكاية مدافعة قتالية.
[انظر:"نظم الدرر"15/2]
#وقد اعترض على القول بأن المراد أصلا في هذه الجهاد القتالي= بأن سورة العنكبوت مكية، والجهاد القتالي لم يشرع إلا في المدينة.
- وقد يجاب عن هذا بما يلي:
1- أن كونها مدنية وإن كان هو المشهور عند طائفة من أهل العلم [انظر:كتاب"المكي والمدني"للدكتور محمد السريع ص194-195]، لكنه ليس قولا متفقا عليه، بل المخالفة في مدنيتها منقولة.
2- أن مدح الجهاد القتالي في السور المكية لايلزم منه الإذن بالقتال حال نزولها؛ فقد يكون توطئة لحكم آت، كما جاء نحو ذلك في أدلة ذم الخمر، في حال لم تكن ممنوعة؛ توطئة لحكم آت.
3- أو يكون من باب مدح مجاهدين مبهم زمانهم، وكم من آية مكية ذكر فيها الجهاد القتالي للأنبياء وغيرهم. والله أعلم
4- أن من العلماء الذين لم يقولوا بتفسير هذه الآية بالجهاد القتالي بل بجهاد النفس= من يقولون بأنه جهاد نفس في مواجهة الكفار[أي:جهاد الكفار جهادا غير قتالي]؛ وذلك بالصبر على أذاهم.
[انظر:"التسهيل"لابن جزي، و"معترك الأقران"للسيوطي3/346]
-ومواجهة الكفار بالصبر على أذاهم لاشك أنه كان موجودا في الحال المكية.
[وقد استدل بعضهم لهذا المعنى بتناسب أول السورة مع آخرها(انظر:"مراصد المطالع"للسيوطي ص146)]
-ومواجهة الكفار بالصبر على أذاهم هو المرحلة السابقة لمرحلة مواجهتهم بالقتال.
-فإما أن يقال بأنهما كالنوع الواحد[أي:الصبر على أذاهم ومقاتلتهم]؛ لأنه يجمعهما الصبر والمصابرة في مواجهة الكفار.
-أو أن يقال بأن هذه الآية وإن نزلت أصلا في الصبر على أذى الكفار= فإن معنى الجهاد فيها ينبغي أن يستصحب بعد أن يأتي وقت تشريع القتال= إلى القتال؛
لأنه بدل الصبر على الأذى الذي كان أول الأمر.
[أي:كان أول الأمر شرعا قائما بنفسه، وإلا فإن الصبر على أذى الكفار لم ينسخ مطلقا من كل جهة، بل قد يعمل به في بعض الأحوال عند تعذر القتال].
#تنبيهان:
أ- تكرار التعبير بالأصل في هذا الموضع مقصود؛ لرفع توهم حصر معنى الجهاد في الجهاد القتالي حتى عند ترجيح هذا المعنى؛ لأن ترجيح هذا المعنى لا يستلزم نفي بقية معان الجهاد[وقد سبق أنها ملازمة-في الجملة- للجهاد القتالي].
-ولكن تقرير كونه أصلا[إما أصلا لوحده، أو أصلا مع أصول] يدفع دعاوي دفع تفسير الآية به دون دليل يقوى على دفع أصل.
ب- يظهر من التتبع أن أكثر الناس تكلفا في صرف معنى الجهاد في هذه الآية وغيرها عن القتالي= هم الصوفية.
7/قول ابن عيينة: (في أمر).
مطلق في كل أمر لهم به معرفة، ومن أخص معارف المجاهدين= معرفة واقع الجهاد والمجاهدين[ومعرفة الواقع هو أحد ركني الفتوى الشرعية في النوازل].
- وليس معنى كون معرفة واقع الجهاد من أخص معارفهم= أن يكونوا مختصين بها دون غيرهم.
ليس كذلك، بل ربما فقه واقع بعض مواضع الجهاد من لم يجاهدوا في ذلك الموضع، بل ربما فاق بعضهم في فقه واقع تلك المواضع بعض المجاهدين فيها، فرب غير مجاهد له من طرق المعرفة وشمولها[من حيث المساحة] ومن الخبرات السابقة= ما يفوق به في معرفة واقع الجهاد في بلد لم يطأها بعض المجاهدين في تلك الأرض نفسها.
-وقد أتى شاب علي بن أبي طالب رضي الله عنه[خليفة،وأحد أبرز مجاهدي الأمة]، وادعى تقدمه على بعض ذوي الخبرة، فرد عليه علي رضي الله عنه: (يا ابن أخي إن رأي الشيخ خير من مشهد الغلام).
رواه البيهقي10/113، بإسناد جيد.
- ويتبين شيء مما سبق في الفائدة التالية.
8/قال تعالى:{والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}، ثم قال تعالى:{وإن الله لمع المحسنين}.
- وفي هذا تنبيه على أن من شرط الجهاد الحقيقي الذي تترتب عليه هداية سبل الله= الإحسان.
- ومما يشير إلى ذلك ما في الآية من"الاحتباك"(3)، ذكره البقاعي في"نظم الدرر"14/483.
- ومن أهم شروط المحسنين في جهادهم وغيره= العمل بعلم، وعدم الإقدام على أي أمر لم تعلم حقيقة حكمه.
- وتأمل في الفائدة التالية في كلام العكي ثم الداراني، ومافيها من أن الأصل في تميز المجاهد على غيره= هو العمل الذي يسبقه العلم بدليله.
- بل بالغ بعضهم[كالحسين بن الفضل] فادعوا أن في الآية تقديما وتأخيرا-بلاغيا-، وأن المراد: والذين هديناهم سبلنا= جاهدوا فينا.
فعلى قول من يذكرون في معاني هداية السبل(العلم والبصيرة بالأحكام)= يكون الجهاد مترتبا على(العلم والبصيرة بالأحكام)وغيرها، لا العكس.
#ودعوى التقديم والتأخير هنا لادليل عليها. والله أعلم
9/ما علة ترتب هداية السبل على الجهاد ؟
- ذكر بعض العلماء أن العلة= هي أن جهاده عمل بما علم.
- فعن أبي أحمد العكي قال:({لنهدينهم سبلنا...} : الذين يعملون بما يعلمون= يهديهم لما لايعلمون).
- قال ابن أبي الحواري[أحد رواة هذا الأثر]: (فحدثت به أباسليمان الداراني، فأعجبه، وقال: ليس ينبغي لمن ألهم شيئا من الخير أن يعمل به، حتى يسمعه في الأثر[=الدليل]، فإذا سمعه في الأثر= عمل به، وحمدالله حين وافق ما في نفسه).
رواه ابن ابي حاتم في تفسيره9/3084 وغيره
- فعلى هذا القول يستدل بهذه الآية على نحو ما استدل له بعض العلماء من زيادة البصيرة والعلم بزيادة التقوى في نحو قوله تعالى:{إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا}.
- لكن آية سورة العنكبوت خاصة بنوع من المتقين[=المجاهدين]،خصوا لميزة على غيرهم، وأما تلك فهي أدلة عامة في أنواع المتقين.
10/قرر عبدالجبار المعتزلي في"متشابهه"1/184 أن الهداية في قوله تعالى:{لنهدينهم سبلنا} ليست هداية الدلالة والبيان؛ لأن الهداية هنا خصت بقوم[وهم الذين جاهدوا]، والدلالة والبيان من الله لايخصها الله بقوم دون غيرهم، بل هي لكل أحد.
-ثم قرر عبدالجبار أن نفي كون الهداية في هذه الآية هداية دلالة وبيان يقتضي أن يكون المراد بالهداية= الهداية إلى دخول الجنة والنجاة والفوز يوم القيامة، والذي سببه جهادهم.
-هذا محصل تقرير عبدالجبار، وقد وضحته هنا وفصلته؛ لأن عبارته في كتابه فيها شيء من الإغلاق والصعوبة، وفيه شيء من التصحيف.
# وكلام عبدالجبار عليه عدة ملاحظات[بعضها مبني على أصول اعتزالية خاطئة]، وسأختصر الرد في نقطتين؛
أ-دعواه نفي إرادة هداية الدلالة لكونها عامة= فيه نظر؛ لأن هداية الدلالة لها أصل ولها زيادة، فلو سلمنا بنفي إرادة أصلها هنا، فذلك لا يستلزم نفي إرادة زيادة الهداية في الدلالة والبيان، أي أن الله يزيد قوما علما ومعرفة على قوم آخرين، فيتبين لهم أمر ما أكثر مما يتبين لغيرهم، وإن اشتركوا في أصل معرفة ذلك الأمر.
-ثم إن تقرير عبدالجبار مبني على أن الهداية هنا إرادة شرعية، وفي حصرها في الشرعية هنا نظر، بل إرادة الهداية تكون أيضا كونية، فقد يريد الله هداية قوم، ولايريد هداية آخرين-كونيا-؛فيضلهم عن الحق. وهذا الثاني هو الأصل في طلب الهداية من الله، ودعائه أن لايضلنا؛ أي أن يقدر هدايتنا كونا.
-ولا يخفى أن المعتزلة ينكرون الهداية والإضلال الكونيين، ولذلك هم يتورطون حين يواجهون بأدلة الهداية والإضلال الصريحة، ويضطربون، وربما لم يجدوا ما يتدرعون به في مقابل صراحتها إلا المخارج اللفظية التي ليس تحتها حقيقة تدفع مخافلتهم الأدلة الصريحة.
ب- اختيار عبدالجبار الأخير مبني على سبر وتقسيم، وحصر للمراد في حالين فحسب.
فلما رد الحال الأولى=صحت الثانية !
- وهذا حصر قاصر، ومن أسباب قصره= مذهبه الاعتزالي، فإنه قد فوت إحدى أهم الحالات؛ وهي هداية التوفيق والتسديد والتثبيت.
وهناك فوائد أخرى لعلي أذكرها لاحقا إن تيسر ذلك إن شاء الله.
والله أعلم و الحمد لله
-------------------------
(1)وفي متنه خرم من المخطوط،وراجع لفظه في"الإكليل"3/1088
(2)وفي طبعاته المتداولة تصحيف في سنده،حتى في الطبعة التي يقال بأنها أحسن طبعاته-طبعة الرشد 1/258
(3) <الاحتباك> هو من أنواع الحذف، وهو من أنواع البديع في علم البلاغة.
-وقد عرفه ابن جابر في"شرح البديعية" بقوله:(أن يحذف من الأول ما أثبت نظيره في الثاني، ويحذف من الثاني ما أثبت نظيره في الأول).
-وقد سماه بهذا الاسم<الاحتباك> جماعة؛ كأبي جعفر الرعيني في"طراز الحلة"، والبقاعي[وقد أكثر من ذكره جدا في كتابه"نظم الدرر"، وله فيه كتاب مفرد، سماه"الإدراك لفن الاحتباك"]، والسيوطي في كتبه؛"الإتقان"831 و"التحبير"282 و"المعترك"1/242.
- وبعض العلماء يسوي بينه وبين ما ذكره الزركشي في"البرهان"3/129 وسماه<الحذف المقابلي>.
*وهذا فيه نظر، والصواب أن بينهما فرقا، يتبين من تعريفه وتعريفهم، وبعض أمثلتهم.
- من أمثلة الاحتباك: قال تعالى:{ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم}.
*أي: يعذب المنافقين فلايتوب عليهم، أو يتوب عليهم فلايعذبهم.
-قال تعالى:{فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة}.
*أفاد بقوله:{كافرة}=أن الأولى مؤمنة، وبقوله:{تقاتل في سبيل الله}=أن الأخرى تقاتل في سبيل الطاغوت.