[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. أما بعد:
فهذا تقرير عن كتاب :"دلالات الظاهرة الصوتية في القرآن الكريم" للدكتور / خالد قاسم بني دومي، طبعة عالم الكتب الحديث وجدار للكتاب العلمي، وهو عبارة عن أطروحة دكتوراه في الدراسات اللغوية من جامعة اليرموك في الأردن، وتقع في (284) صفحة.
وسنستعرض ـ أخي القاري ـ في هذا العرض فصول الكتاب: **المقدمة:بدأ المؤلف كتابه بمقدمة تكلم فيها عن أهمية هذا الموضوع وأسباب اختياره واستعراض شامل للخطة التي سار عليها فيه ثم عرّج على إشكالية الدراسة وأهدافها والمنهجية التي اتبعها في بحثه وذكر الدراسات السابقة في هذا الموضوع . **الفصل الأول:
الصوت والدلالة عند المتقدمين والمحدثين. 1- الصوت والدلالة عند المتقدمين:
إن العلاقة بينهما من أشد مباحث اللغة تعقيدا وهي مرتبطة بمسألة أخرى أكثر تعقيدا ألا وهي مسألة: نشأة اللغة.
وهناك نظريتان في هذه القضية إحداهما : النظرية الاعتباطية التي تنفي العلاقة بينهما ويناقضها تماما نظرية المحاكاة التي ترى أن الصوت يحاكي الطبيعة.
واستعرض المؤلف آراء الفلاسفة اليونانيين في العلاقة هذه وبيّن كيف أنهم اختلفوا فيها مابين منكر لها ومثبت.
ثم ذكر آراء علماء العربية المتقدمين القائلين بوجود علاقة بين الصوت والدلالة ، وأنهم اتجهوا في دراستهم لها إلى جهتين : الأولى/ تتمثل في دراسة الانسجام الصوتي في اللفظة الواحدة، وإدراك العلاقة بين الأصوات انسجاما وتنافرا. الثانية / تتمثل في دراسة القيمة التعبيرية للأصوات ، ومدى اتفاق دقة الدلالة مع جرس الأصوات المختارة.
ويعد الخليل بن أحمد منبع الاتجاه الذي تولى دراسة القيمة التعبيرية للأصوات ومدى اتفاق دقة المعنى مع جرس الحرف المختار.وهو أول من سمّى صوت الحرف الذي يصدر منه "جرسا". ثم كان ابن جنّي أكثر المتحمسين لها فبسط القول فيها وفصّله في أربعة أبواب من كتابه "الخصائص". 2- الصوت والدلالة عند المحدثين:
واستعرض الكاتب آراء علماء اللغة الغربيين والعرب، وكيف أن الخلاف القديم لا يزال مستمرا، فهم ما بين رافض لهذه العلاقة ومؤيد. ثم خرج المؤلف بنقاط ألخصها فيما يلي:
1/ فكرة العلاقة بين الصوت والدلالة لا يمكن إنكارها، وهي في اللغة العربية أظهر منها في اللغات الأخرى. نظرا لسعة مدرجها الصوتي الذي تتوزع فيه أصوتها، ووجود صيغ صرفية فيها تحتمل دلالات معينة ، وثبات أصوات حروفها على مدى العصور.
2/ القرآن الكريم استعمل كما هائلا من ألفاظ العربية في نسيج لغوي بلغ الغاية في الإحكام والدقة مراعى فيه الموضع والصوت معا. مما يعطينا قناعة بأن العلاقة موجودة بل وظاهرة لمن تأملها.
3/ اللغة لا يمكن التفريق بين أجزائها فلا يصح أن نقول بوجود العلاقة في بعض الألفاظ دون بعض.
4/ عدم الإدراك للعلاقة هو أمر نسبي ينشأ من القصور في الأفهام والعقول، أو من تطور دخل على بعض الألفاظ.
5/ إطلاق بعض المحدثين أحكاما عامة في ما يتعلق بدلالة بعض الأصوات أمر غير محمود نظرا لوجود ألفاظ ربما تخرج عن نطاق الدلالة التي ذكروها.
يتبع الفصل الثاني إن شاء الله تعالى،،،،،،،،،،
الفصل الثاني:
الدلالة والأداء.
بعد أن استعرض المؤلف وفقه الله العلاقة بين الصوت والأداء على المستوى النظري، أتبعه ببيان ثمار هذه العلاقة على المستوى الأدائي،وذلك من خلال أعظم نموذج يمكن إيصال هذه العلاقة من خلاله وبيانها ألا وهو القرآن الكريم.
وقد قصر المؤلف البحث على دراسة فنين أساسيين تندرج تحتهما بعض الظواهر الصوتية لأن المقام لا يتسع لبحث الظواهر كلها وهما: 1- فن التجويد.
2- فن التحبير الصوتي. أولا: فن التجويد القرآني ـ الدلالة والأداء ـ:
تكلم فيه عن الظواهر التالية/ 1/الوقف والابتداء: أثره في بيان المعنى أمر في غاية الوضوح، وأهميته تتمثل في جانبين:
= تبيين معاني القرآن الكريم وتعريف مقاصده، حتى لا يخل بالمعنى أو يوقع في اللبس.
= تبيين أوجه التأويل تبعا لاختلاف أماكن الوقف والابتداء: لأن الوقفات والسكتات الصوتية التي يأتي بها القارئ خلال أدائه تقوم بدور وظيفي في تحديد دلالات ما ينطق به.
* ثم أشار المؤلف لأمر لمسه أثناء دراسته لمبحث الوقف وهو: أن له وظيفة يمكن تسميتها بـ "الوظيفة الإيقاعية" وهي تبدو من ناحيتين:
= أن الفواصل القرآنية تختلف من حيث موقعها الإعرابي أو مبناها الصرفي، لكن الوقف يحقق لها الانسجام والاتساق عن طريق نطقها ساكنة.
= أن الوقوف على الجمل داخل الآية الواحدة ـ خصوصا الطويلة منها ـ يلاحظ فيه الانسجام والاتساق في الغالب أيضا.
2/ المد: وهو الذي يفتقر اليوم إلى دراسات حديثة بالأجهزة الصوتية المستحدثة، إلا أنه لم يكن مدا صوتيا لا مساس له بالمعنى ، بل هو ظاهرة من ظواهر الزيادة لأحرف الكلمة القرآنية والتي تستدعي زيادة في المعنى. فهو يوحي بالتفخيم أو إثارة الانتباه للكلمة الممدودة لدى القارئ والمستمع.
3/الإظهار والإخفاء: فعدم وجود الغنة له دلالة وهي أن الأمر يتم بسرعة فائقة وأن الكلمتين اللتين حدث بينهما حكم الإظهار ملتصقتان في الدلالة التصاقا تاما، بخلاف الإخفاء فتبقى فيه الغنة التي تستغرق زمنا في التلاوة مما يعني أن المقام يتطلب زمنا ومسافة ولا يتم على وجه السرعة.
4/ الإدغام: فإن كان بغنة فهي تتضمن مدة زمنية تساعد في إبراز الدلالة من حيث وجود امتداد أو بطء أو اتساع أو طول أو نحو ذلك .وأما إن كان بغير غنة فإن الأمر قطعي ولا يتطلب زمنا .
5/ القلقلة: فالنبر الذي فيها يعطيها خاصية انفجارية.
ثانيا : فن التحبير الصوتي ـ الدلالة والأداء ـ :
لا يخفى ماله من صلة وثيقة بمسألة الجمال الصوتي مما يؤدي إلى سرعة دخول المعنى للقلب، لأن الأذن تتلذذ به وترتاح إليه.
وأيضا فإن القارئ الجيد يمكنه التعبير عن المعنى بصوته شدة ورقة، وارتفاعا وانخفاضا. ومن أبرز مظاهر التحبير الصوتي / 1- النبر: وهو مصطلح صوتي يعني الضغط على مقطع من مقاطع الكلمة ليجعله بارزا وواضحا في السمع أكثر من غيره من مقاطع الكلمة. وله وظيفة دلالية تتحدد وفق نوع النبر:
أ ـ فإن كان نبرا كلميا أظهر التباين الدلالي في السياق.
ب ـ وإن كان نبرا مقطعيا أي على مستوى المقطع أظهر التباين في الكلمة. 2-التنغيم : وهو أن يعطي المتكلم العبارة نغمات معيّنة تنجم نفسيا عن عاطفة يحسها وفكريا عن معنى يختلج في ذهنه وعضويا عن تغيّر في عدد الهزات التي تسري في حنجرته. قال الدركزلي :"قال بعض المحققين : ينبغي أن يقرأ القرآن على سبع نغمات ؛ فما جاء من أسمائه تعالى وصفاته فالتعظيم والتوقير ، وما جاء من المفتريات عليه فبالإخفاء والترقيق ، وما جاء على ردّها فبالإعلان والتفخيم ، وما جاء في ذكر الجنة فبالشوق والطرب ، وما جاء في ذكر النار والعذاب فبالخوف والرهب ، وما جاء في ذكر الأوامر فبالطاعة والرغبة ، وما جاء من ذكر المناهي فبالإبانة والرهبة". ويظهر دور التنغيم جليا في التفريق بين الجمل الخبرية والاستفهامية والتعجبية ونحوها وكذلك في الإفصاح عن خواص الأبواب النحوية كالتحذير والإغراء والنداء والندبة والاستغاثة وغيرها.مما لا يمكن فهمه وتحليله دون النظر في هيئتها الصوتية وما يلفها من ظواهر تطريزية مميزة لها.
وخلاصة القول في هذا الفصل أن نقول:إن الأداء القرآني المتقن ينهض لتحقيق غاية مهمة وهي كشف الدلالات المقصودة للنصوص القرآنية وتجليتها للسامع بهدف إحداث التأثير المناسب لديه. يتبع الفصل الثالث : المتقابلات في الظاهرة الصوتية إن شاء الله تعالى،،،،،
الفصل الثالث:
المتقابلات في الظاهرة الصوتية.
والمراد بها / الألفاظ القرآنية التي ترد على نمط صوتي معين في بعض السياقات ، وترد على نمط صوتي آخر في سياق آخر أو سياقات أخرى. كأن ترد بالادغام في موضع وبالفك في آخر، أو تستعمل مبدلة حينا وغير مبدلة حينا آخر، أو يجري استعمالها بالإثبات في آية وبالحذف في أخرى.
وهذه المتقابلات تمّ تناولها من خلال ثلاثة مباحث. هي: أولا: الإدغام و فك الإدغام.
ويمكن حصر تلك الألفاظ والأحوال التي وردت عليها في القرآن الكريم، فقد جاءت في ثمان كلمات، وقعت على ثلاثة أحوال كانت على النحو التالي: 1- الجزم في حالتي الإدغام وفك الإدغام.وتمثلها المتقابلتان :(يشاق ـ يشاقق) و (يرتد ـ يرتدد). 2- النصب في حالة الإدغام والجزم في حالة الفك.وتمثلها المتقابلات :(يمل ـ يملل) و (يمدكم ـ يمددكم) و (يمسك ـ يمسسك) و (يضل ـ يضلل) و (يحلّ ـ يحلل) . 3- الرفع في حالة الإدغام والجزم في حالة الفك. وتمثلها المتقابلات :(يحاد ـ يحادد) و (يضله ـ يضلله) و (يمسهم ـ يمسسهم) . ونلاحظ أن الذي وقع مجزوما جاز فيه الإدغام والفك وأن الذي وقع مرفوعا أو منصوبا لم يرد إلا على الإدغام
قال ابن عاشور:"وفك الدالان من (يحادد) ولم يدغما لأنه وقع مجزوما ، فجاز فيه الفك والإدغام ، والفك أشهر وأكثر في القرآن ، وهو لغة أهل الحجاز ، وقد ورد فيه الإدغام نحو قول الله تعالى (ومن يشاق الله) في قراءة جميع العشرة وهو لغة تميم".
ثم قام المؤلف وفقه الله بدراسة صوتية دلالية متعمّقة لبعض هذه المتقابلات كما وردت في الاستعمال القرآني. وزبدة هذه الدراسة أختصرها فيما يلي:
أن الإدغام له دلالة خاصة وهي ما يحمله من معاني الخفاء والمساترة والإضمار ، أما الفك فهو يعني الجلاء والمجاهرة والإظهار. وهذه المعاني تكاد تكون مطّردة في جميع الأمثلة التي تمثل الباب.
ثانيا : الإبدال وتركه.
ورد الإبدال وتركه في القرآن الكريم بالاستقراء في أربع عشرة متقابلة، جاءت على نوعين: 1- متقابلات وردت مبدلة مدغمة مرة وغير مبدلة مرة أخرى.
وهي تسع كلمات :(يذّكّرون ـ يتذكرون) و (يضّرّعون ـ يتضرعون) و (المصّدّقين ـ المتصدقين) و(يدّبّروا ـ يتدبرون) و ( يزّكّى ـ يتزكى) و (المطّهّرين ـ المتطهرين) و (اطّيّرنا ـ تطيّرنا) و (يخصّمون ـ يختصمون) و (يهدّي ـ يهتدي) . 2- متقابلات وردت على نحو معين في موضع آخر ثم وردت في موضع آخر مبدلا فيها حرف.
وهي خمس كلمات : (مكة ـ بكة) و (اللاتي ـ اللائي) و (عتي ـ عتو) و (بسطة ـ بصطة) و (يبسط ـ يبصط)0
ثم استعرض المؤلف دلالة ذلك في ضوء بعض الأمثلة التي أوردها ، وهي دلالة ليست مطّردة ، بل تعلل حسب الموضع الذي وردت فيه بما يقتضيه سياقها .
ثالثا : الإثبات والحذف.
مما لا شك فيه أن إثبات حرف من كلمة قرآنية في موضع وحذفه في آخر أو تغيير حركته؛ هو أمر مقصود، وينطوي على حكم باهرة، والمتقابلات التي ورد فيها الإثبات والحذف جاءت على أقسام ثلاثة من حيث وقوعه : 1- أول اللفظ : وهي محصورة في ست كلمات:(تتنزّل ـ تنزّل) (تتوفاهم ـ توفاهم) (تتبدلوا ـ تبدل) (تتفرقوا ـ تفرقوا) (تتولوا ـ تولوا) (تتذكرون ـ تذكرون). 2- وسط اللفظ : وهي كلمتان :( تستطع ـ تستطيع) (استطاعوا ـ اسطاعوا). 3- آخر اللفظ : وهي محصورة في تسع كلمات : (أخرتني ـ أخرتن) (اتبعني ـ اتبعن) (تسألني ـ تسألن) (اخشوني ـ اخشون) (نبغي ـ نبغ) (عبادي ـ عباد) (أكن ـ أك) (السبيلا ـ السبيل) (الرسولا ـ الرسول).
ثم استعرض الكاتب وفقه الله أمثلة منتقاة من كل قسم أبرز من خلالها الجوانب الصوتية والدلالية فيها ويمكن أن يقاس عليها غيرها.
يتبع الفصل الرابع : "الصوت وأثره في الدلالة السياقية" و"الخاتمة" ثم تعداد لأبرز مزايا هذه الأطروحة الرائعة إن شاء الله تعالى...
الفصل الرابع :
الصوت وأثره في الدلالة السياقية.
يمثل هذا الفصل خطوة مهمة في الكتاب لأن فيه محاولة لدراسة العلاقة بين الصوت والدلالة على مستوى السياق اللغوي ، فقد وقف المؤلف وفقه الله على دور الأصوات ـ بأنواعها وصفاتها وترتيبها ـ في كشف الدلالة السياقية من خلال عدد من السياقات القرآ نية.
وسيتبين للقارئ أن كل زيادة في قوة الصوت وجهره تستلزم قوة في الدلالة ، وارتقاء في المعنى ، وتلك واحدة من أبرز الخصائص الصوتية للغتنا الخالدة ، التي يدق فيها الالتحام بين الصوت والدلالة.
وليس يخفى أن الاتساق الصوتي الدلالي يبلغ ذروته في الأسلوب المحكم للقرآن الكريم ، حيث نجد أن أصوات السياق تنهض لأداء الدلالة ، مصحوبة بجرسها اللائق ، وصيغتها المناسبة ، وإيحائها المتميز.
فالقرآن الكريم يستعمل الألفاظ ذات الجرس الناعم الرخي والسلس الموحي، في المواضع التي يشيع فيها جوّ من الحياة الهانئة الجميلة ، وتجد عكس هذا حين تقتضي الدلالة ؛ الشدة في جرس الأصوات والألفاظ وإيقاع العبارات.
ولما كان من غير الممكن استحضار واستعراض جميع الصيغ في استعمالات القرآن للدلالة الصوتية ، فقد اختار المؤلف نماذج محددة ـ أحد عشر نموذجا ـ يعبّر كل واحد منها عن مظهر فني ، ليقاس مثله عليه .
النموذج الأول : قوله تعالى :" وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال ...." إلى قوله تعالى"فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون " سورة يونس ( 90 ـ 92)0 النموذج الثاني : قوله تعالى :" أولم يروا إلى الطير فوقهم صافّات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن إنه بكل شيء بصير" سورة الملك (19)0 النموذج الثالث : قوله تعالى :"ومن يشرك بالله فكأنما خرّمن السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق" سورة الحج (31)0 النموذج الرابع : قوله تعالى :" وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل " سورة فاطر (37)0 النموذج الخامس : قوله تعالى :" يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثّاقلتم إلى الأرض " سورة التوبة (38)0 النموذج السادس : قوله تعالى :" يوم يدعّون إلى نار جهنم دعّا " سورة الطور(13)0 النموذج السابع : قوله تعالى :"ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتى ليتني لم اتخذ فلانا خليلا" سورة الفرقان(27ـ28)0 النموذج الثامن : قوله تعالى :" والذي قال لوالديه أفّ لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي " سورة الأحقاف(17)0 النموذج التاسع : قوله تعالى :" والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس" سورة التكوير(17ـ18)0 النموذج العاشر : قوله تعالى :" والعاديات ضبحا ..." إلى قول تعالى :".. فوسطن به جمعا" سورة العاديات (1ـ5)0 النموذج الحادي عشر: قوله تعالى :" وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلّقت الأبواب وقالت هيت لك " سورة يوسف (23)0
ولعلي ألخص بشكل مختصر تعليقه على واحد منها ـ النموذج الثامن ـ ليكون دليلا للقارئ على كيفية تناول المؤلف لهذه الأمثلة :
يقول : تكاد كلمة "أفّ" تنقلب بجرسها من اسم فعل إلى اسم صوت، فإن ما في الفاء من طرد النفس من الصدر حكاية للرفض وإرادة التخلص من الموقف وصاحبه ، و ولو أن الرافض بحث عن تعبير مناسب للرفض ما وجد أفضل من لفظ "أف" بسبب ما فيها من دلالة طبيعية تدعم دلالتها العرفية، فهي تدل بجرسها على ما تدل عليه بوضعها . قال ابن عاشور :"و"أف" اسم فعل دال على الضجر، وهو منقول من صورة تنفس المتضجر لضيق نفسه من الغضب". وأصلها أنه إذا سقط تراب أو رماد فنفخ الإنسان ليزيله ، فالصوت الحاصل هو أف.
الخاتمة:وفيها تلخيص لأهم النتائج التي توصل إليها الباحث وفقه الله في هذه الدراسة ، ولعلي أذكر النتيجة الوحيدة التي لم أذكرها في هذا العرض وهي أنه : ينبغي أن يتخذ التباين الصوتي معيارا أساسيا لنفي فكرة الترادف في العربية ، فاختلاف التشكيل الصوتي للألفاظ يتبعه بالضرورة اختلاف في الدلالة ، ولو كان هذا الاختلاف في حدود ضيقة وربما خفيّة.
يتبع في الجزء الأخير بيان لأهم مزايا هذه الأطروحة الرائعة إن شاء الله تعالى......