عرض لكتاب (تخريج قراءات فتح القدير) لفضيلة الشيخ د/ إيهاب فكري

إنضم
09/01/2004
المشاركات
1,474
مستوى التفاعل
3
النقاط
38
الإقامة
المدينة النبوية
01.png
صدر عن المكتبة الإسلامية بالقاهرة الطبعة الأولى (1430هـ - 2009م) من كتاب :​
تخريج قراءات فتح القدير
تأليف خادم أهل القرآن فضيلة شيخنا د/إيهاب فكري
مدرس القرآن والقراءات بالمسجد النبوي
ويقع الكتاب في 478 صفحة من القطع العادي.
وإليكم مقدمة الكتاب للتعريف به :
قال المؤلف حفظه الله ونفعنا بعلمه:​
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد فإن لهذا الكتاب قصة طريفة؛ إذ كان تأليف هذا الكتاب هو السبب في اهتمامي بدراسة هذا العلم الشريف -علم القراءات القرآنية - فقد تقدمت للدراسة بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض وقبلت في الصف الأول وكان من المواد المقررة في هذه الكلية دراسة بعض السور من تفسير الإمام الشوكاني «فتح القدير»، ثم حالت ظروف عملي دون إكمال الدراسة بالكلية المذكورة لكنني تعلقت بهذا التفسير فقد كنت أدرس تفسير الإمام ابن كثير من خلال الدروس العامة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز وأعود للاطلاع في هذا التفسير حتى أكمل بعض الفوائد منه، وكانت تقابلني بعض القراءات القرآنية التي تنسب إلى أئمة مشهورين من القراء السبعة وغيرهم فكنت أستخرج هذه القراءات؛ لأتأكد من صحة نسبتها إلى من نسبها إليهم الإمام الشوكاني، وكنت أعرض هذه القراءات التي أستخرجها على الشيخ أحمد المعصرواي شيخ المقارئ المصرية حاليًا فيذكر لي ما هو منها متواتر وما هو منها شاذ، وأذكر من القراءات التي مرت علي وكنت أستغرب نسبتها للإمام ابن كثير المكي قوله تعالى: (((فإما منًا بعد وإما فداء))) فقد ذكر الإمام الشوكاني أن ابن كثير يقرأها بالقصر أي ((( فإما منًا بعد وإما فدىً ))) وأذكر أنني حينما عرضت هذا الكلام على الشيخ أحمد المعصرواي نفى أن تكون هذه قراءة ابن كثير، فدفعني هذا إلى استخراج القراءات من التفسير وبحثها لأن ما أشكل علي منه سيشكل على غيري بلا شك ممن لم يدرسوا القراءات دراسة كافية وقد دعاني هذا للاهتمام بهذا العلم، وعندما أتيحت الفرصة لي لتحصيل هذا العلم مع شيخنا العلامة الدكتور محمد عيد عابدين -عليه رحمة الله- بادرت بدراستها، ثم رأيت أن أجمع تخريج القراءات المذكورة في فتح القدير وتبيين حكمها من جهة التواتر وغيره لأنه قد اتضح لي أن الإمام الشوكاني قد ينسب القراءات في تفسيره على طريقة تحتاج إلى إعادة ضبط لما يذكره فمن ذلك:
1ـ أنه ينسب إلى بعض القراء من أصحاب القراءات المتواترة أحرفًا شاذة عنهم فيظن القارئ أن هذه قراءة متواترة كما ذكرت في المثال السابق في قراءة ابن كثير.
2ـ أنه أحيانا لا ينسب القراءة بالمرة لأحد بل يذكر أن الآية فيها قراءتان دون تفصيل فيشكل على القارئ هل هذا الخلاف يدخل تحت المتواتر أم لا؟
3ـ أنه قد ينسب القراءات إلى أصحابها نسبة غير صحيحة فينسب للقارئ ما لم يقرأ به بل يقرأ به غيره من القراء.
4ـ أنه لا يستوفي ذكر أصحاب القراءات المتواترة عند ذكر القراءات فأحببت أن أستوفي هذا.
5ـ أنه لا يستوفي ذكر القراءات في بعض الآيات فيذكر أن في الآية قراءتين ويكون فيها أكثر من ذلك.
6ـ أنه لا يفصل في القراءات الشاذة بين ما رواه القراء بإسناد متصل إلى زماننا وغيرها فيفوت على القارئ معرفة صحة هذه القراءات الشاذة وصلاحيتها للحجة في اللغة والنحو على أقل تقدير.
7ـ أنه يرد بعض القراءات السبعية بدعوى عدم تواترها ومخالفتها للنحو وقد يوقع هذا إشكالًا عند غير المتخصصين وكان ينبغي عليه أن يرجع لأهل هذا العلم حتى يتبين له صحة تواتر القراءات السبعة وتوافقها مع اللغة.
ولذلك فقد رأيت أن أخَرِّج هذه القراءات حتى لا يتعرض غيري لما تعرضت له في دراستي لهذا التفسير أو أي تفسير آخر.


منهج العمل في الكتاب واصطلاحات المحقق
عملي في تخريج القراءات التي أوردها الإمام الشوكاني في تفسيره (فتح القدير) هو تبيين حكم القراءات المذكورة من جهة الإسناد والنقل، وأكتفي في معظم الأحوال بكلام الإمام الشوكاني في إيضاح قوتها من جهة اللغة والنحو، ومن المعلوم أن حكم القراءات من جهة ثبوتها هو:
1ـ القراءات السبع وقد نقل الإجماع على ثبوتها كثير من الأئمة.
2ـ القراءات الثلاث المتممة للعشر، وهي متواترة عند القراء والمفروض أنهم المرجع في هذا الشأن الذي ينبغي الرجوع إليه؛ لأن كل علم أولى الناس به هم أهله.
قال الإمام ابن الجزري في كتاب (النشر في القراءات العشر):
(قلت) و حكى أبو القاسم الهذلي عن مالك أنه سأل نافعًا عن البسملة فقال: السنة الجهر بها فسلم إليه وقال: كل علم يسأل عنه أهله.
كما أنها متواترة كذلك عند كثير من علماء الأمة.
3ـ القراءات الأربع المتممة للأربع عشرة وهي شاذة عند القراء لكنهم ينقلونها بالإسناد المتصل إلى زماننا هذا عن أصحابها، وهي قراءة ابن محيصن المكي والأعمش الكوفي والحسن واليزيدي البصريين.
القراءات الشاذة الأخرى وهي خاضعة للبحث عن أسانيدها ورواتها فقد تكون صحيحة وحسنة وضعيفة، بل وموضوعة كما ذكر ابن الجزري عن القراءة التي تعزى لأبي حنيفة: (((إنما يخشى الله من عباده العلماء))) بنصب لفظ الجلالة ورفع (العلماء)، كما ذكر ذلك في النشر (1/16)، وكما ذكر ضعف قراءة ابن السمال في (طبقات القراء) في ترجمته.
فالقراءات العشرة حجة في القراءة بها والاحتجاج في العقيدة والفقه واللغة والنحو.
وأما القراءات الشاذة فما صح منها فهو حجة باتفاق في اللغة، وأما في غير اللغة فقال الإمام ابن الجزري في كتاب النشر في القراءات العشر (1/25):
واختلف العلماء في جواز القراءة بذلك في الصلاة فأجازها بعضهم لأن الصحابة والتابعين كانوا يقرؤون بهذه الحروف في الصلاة وهذا أحد القولين لأصحاب الشافعي وأبي حنيفة وإحدى الروايتين عن مالك وأحمد. وأكثر العلماء على عدم الجواز لأن هذه القراءات لم تثبت متواترة عن النبي صل1 وإن ثبتت بالنقل فإنها منسوخة بالعرضة الأخيرة أو بإجماع الصحابة على المصحف العثماني أو أنها لم تنقل إلينا نقلًا يثبت بمثله القرآن أو أنها لم تكن من الأحرف السبعة، كل هذه مآخذ للمانعين، وتوسط بعضهم فقال: إن قرأ بها في القراءة الواجبة وهي الفاتحة عند القدرة على غيرها لم تصح صلاته لأنه لم يتيقن أنه أدى الواجب من القراءة لعدم ثبوت القرآن بذلك، وإن قرأ بها فيما لا يجب لم تبطل لأنه لم يتيقن أنه أتى في الصلاة بمبطل لجواز أن يكون ذلك من الحروف التي أنزل عليها القرآن اهـ.
وأما في الفقه فيحتج بها بعض المذاهب كالأحناف والحنابلة ولا يحتج بها آخرون كالشافعية.
فالمنهج في عزو القراءات هو استيفاء ذكر القراءات العشر المتواترة، ولذلك فقد اهتممت بعزو القراءات العشر ثم الأربع؛ لأنها ثابتة عن القراء، أما القراءات الشاذة فلم أعلق على أسانيدها إلا قليلًا؛ لأن جمهور المفسرين يكتفون بذكرها دون أسانيد فأكتفي بالقول:
قراءة شاذة ذكرها ابن حيان في البحر المحيط أو ابن جني في المحتسب أو القرطبي في تفسيره.
وليس عند أغلب المفسرين ما عند أغلب أهل الحديث من التحري في الأسانيد، خاصة أن كثيرا من أهل الحديث لا يقبل المرسلات والبلاغات مما يقبلها غيرهم من المفسرين والفقهاء، وإنما اقتصرت على ذلك خشية الإطالة ولذا فتركيزي أساسًا على القراءات العشر فأقول مثلًا تعليقًا على قول الإمام: « قرأ الجمهور».
قرأ فلان وفلان من العشرة كذا والباقون قرءوا كما ذكر الإمام, فلا أعيد لفظ العشرة على أساس أنهم يدخلون في كلمة الجمهور.
وإذا قلتُ: (قراءة أهل المدينة) فالمقصود بهما من العشرة نافع وأبو جعفر, أو (قراءة أهل الكوفة) فالمقصود بهم عاصم وحمزة والكسائي وخلف، أو (قراءة أهل البصرة) فالمقصود أبو عمرو ويعقوب، أو (قراءة أهل الحرم أو الحجاز) فنافع وأبو جعفر وابن كثير، ثم أقول ذكرها في (الإتحاف) عن فلان من أصحاب القراءات الأربع الشواذ أو لم يذكرها حتى تتبين رتبتها، لأن ذكرها يفيد أنها أعلى شأنًا من الشواذ الأخرى لثبوت إسنادها واتصاله إلى زماننا هذا عن القراء، وعدم وجودها في الإتحاف لا ينفي وجودها ولكن تكون من القراءات الشاذة التي لا ينقلها القراء في عصرنا؛ فنحتاج إلى النظر في إسنادها على طريقة المحدثين.
والمقصود بقولي: «البحر» تفسير البحر المحيط لابن حيان ، وبالإتحاف كتاب إتحاف فضلاء البشر للدمياطي البنا.
ومعنى قولي: إن القراءة مخالفة للرسم هو أنها مخالفة لرسم المصاحف التي كتبها الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه- وأجمع عليها الصحابة في عصره فهي سنة راشدة وإجماع متحقق، واصطلح أهل العلم والقراءات على تسمية هذا الرسم بـ«الرسم العثماني» مع التذكير بأن الكتابة في ذلك الوقت كانت بالخط الحجازي وهو أصل الخط الكوفي المعروف لدينا ولم تكن منقوطة ولا مشكولة لتحتمل أوجه القراءات.
ولا يعني سكوت المحقق على نسبة االقراءات الشاذة لأهلها أنه تحقق من صحة إسنادها؛ لأن الكثير منها بدون إسناد متصل، وبعضها بغير إسناد أصلا، وإنما تم الحكم عليها بالشذوذ؛ لأنها مخالفة لما يقرأ بإسناد متواتر متصلًا أداءً في عصرنا.
وأذكر أن عزو القراءة الشاذة لكتاب « إتحاف فضلاء البشر « يعني صحة إسنادها لمن قرأ بها، بل يعني أكثر من ذلك لأنه يعني اتصال إسنادها إلى عصرنا هذا، لكن حكم عليها بالشذوذ؛ لأنها لم تتواتر نقلًا، وعزو القراءة للمطوعي من الإتحاف يعني أنه من قراءة الأعمش .
 
عودة
أعلى