عرض لكتاب استشراقي إسرائيلي بالعبرية حول الإسلام

إنضم
04/02/2013
المشاركات
65
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
مصر
الإسلام في عيون الاستشراق الإسرائيلي بين الإنصاف والإجحاف
عنوان الكتاب: الإسلام... مدخل مختصر
المؤلف: د. ميري شيفير .
الناشر: جامعة تل أبيب.
سنة النشر: أغسطس 2006.
عدد الصفحات:140.
الاستشراق الإسرائيلي... الجذور والأهداف:
بدأ الاهتمام اليهودي بالتعرف على الدين الإسلامي ودراسته منذ ظهوره؛ وذلك بهدف تقويضه سواءً من الداخل عن طريق اعتناق عدد من اليهود المنافقين للإسلام، والعمل على تشويه وتحريف الصورة الحقيقية لقيمه وعقائده، أو من الخارج عن طريق التشكيك في المصادر الرئيسة للإسلام وفي مقدمتها "القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة"؛ حيث أن النجاح في ذلك يعني في نهاية الأمر القضاء على الإسلام. وقد تواصلت هذه المجهودات اليهودية في العصر الحديث ومنذ البدايات الأولى لزرع الكيان الصهيوني "إسرائيل" في المنطقة العربية؛ حيث تم تخصيص الكثير من الأقسام والمقررات العلمية المتخصصة داخل الجامعات والمعاهد الأكاديمية الإسرائيلية لدراسة الإسلام وشؤون البلدان العربية والإسلامية؛ إذ شرعت إسرائيل منذ البداية في بناء مشروع استشراقي ضخم عن الإسلام والمسلمين، وذلك بهدف التعرف بالقرب عن الإسلام من جانب، وبهدف الترويج لصورة خاطئة ومشوهة عنه من جانب آخر، الأمر الذي يخدم في نهاية الأهداف الاستعمارية العنصرية لإسرائيل.
وبناء على ما سبق فإنه يمكن تقسيم المجهودات الإستشراقية اليهودية للتعرف على الإسلام ومحاربته وتشويه صورته الحقيقة إلى ثلاث مراحل، أولها: مرحلة "الاستشراق اليهودي"، والتي تبدأ بالتوجه نحو دراسة الإسلام والمجتمعات الإسلامية كجزء من الحركة الاستشراقية في الغرب، والتي ظهرت مع بدايات القرن الـ18م؛ فقد احتل اليهود مكانة مرموقة داخل حركة الاستشراق الغربي – الأوروبي، وثانيها: مرحلة "الاستشراق الصهيوني"، والتي ارتبطت بطبيعة الحال بالحركة الصهيونية التي ظهرت بالأساس في شرق أوروبا عام 1881؛ الأمر الذي ميزه عن الاستشراق الغربي من حيث أن أصبح لها أهدافه وموضوعاته الخاصة التي تهدف بطبيعة الحال لخدمة الحركة الصهيونية وتأصيل الوجود اليهودي في فلسطين، أما المرحلة الثالثة والأخيرة فهي مرحلة "الاستشراق الإسرائيلي"، وتبدأ مع قيام دولة إسرائيل عام 1948م كامتداد لكل من الاستشراق" اليهودي" و"الصهيوني"، وبالتالي فقد حملت نفس سمات وأهداف المرحلتين السابقتين، في نفس الوقت الذي انفردت به بسمات وأهداف خاصة بها، صبت جميعها في خدمة الأهداف السياسية والفكرية لإسرائيل.
أهداف إيجابية:
يأتي الكتاب الماثل للعرض للمستشرقة الإسرائيلية الدكتورة "ميري شيفير" الباحثة في مجال شؤون المجتمعات العربية والإسلامية "التركية" خاصة في الشرق الأوسط، بقسم تاريخ الشرق الأوسط وأفريقيا بجامعة تل أبيب، والذي صدر في إطار مجموعة كتب تصدرها الجامعة تحت عنوان "ديانات العالم"، كواحد من أهم المجهودات الاستشراقية الإسرائيلية الحديثة للتعرف على الإسلام وتقديم صورة خاصة له، والذي تنعكس من خلاله النوايا الكامنة وراء تلك المجهودات، والتي تقدم في ديباجات علمية وأكاديمية، لتصوير أنها تتسم بالموضوعية والحيادية والعلمية، وذلك على الرغم من تأرجحها في عرضها ونقدها للإسلام بين الإنصاف والإجحاف، مع ميل الغالبية العظمى منها للاجحاف بل وللتشويه وتقديم صورة غير حقيقة أو غير أمينة عن الإسلام وقيمه ومصادره ومعتقداته.
والكتاب بشكل عام يعد رحلة تاريخية تتعقب ما اعتبرته مؤلفته بتطور الدين الإسلامي على مدار أكثر من 1400 عامًا، كمنظومة عقائد وعبادات تؤثر على حياة ما يقارب من ملياري شخص؛ إذ تحاول الكاتبة من خلال ذلك التأكيد على حدوث تطور كبير في الثقافة الإسلامية، عن طريق استعراض أهم الفرق والطوائف الإسلامية وكيفية حدوث توترات دائمة فيما بينها، والاختلافات بين التيارات الإسلامية ما بين التشدد والاعتدال، والتي تظهر وتختفي من وقت لآخر ومن مكان لمكان. والكتاب يتكون من مقدمة و 8 فصول، تتناول الأوضاع الدينية والثقافية في منطقة شبه الجزيرة العربية في زمن ولادة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكيفية دعوته لديته بين أبناء قبيلته، والفرق بين القرآن الكريم والأحاديث النبوية، والأركان الأساسية للإسلام، والمنظومة التشريعية والقانونية في الإسلام، إضافة إلى المقارنة بين الإسلام والديانات الأخرى سواء التوحيدية (اليهودية- المسيحية)، أو الوثنية، إضافة إلى استعراض أهم الفرق الإسلامية مع التركيز على "المتصوفة" منها.
وتؤكد مؤلفة الكتاب أن الأيام الأخيرة أثبتت أن الإسلام لا يزال دين حي ويتمتع بدينامية خاصة به، وأن تأثيره لا يزال عميقًا للغاية على النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية في كل العالم، مشيرة إلى أن هناك الكثير من أحداث العنف الدموية، بداية من هجمات 11 سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة، مرورا بهجمات بالي ومدريد ولندن واستانبول، وانتهاءًا بالأشخاص الذين يقومون بتفجير أنفسهم في المدن الإسرائيلية وفي العراق، كونت لدى الكثير الإحساس بأن "العنف" جزء لا يتجزأ من الإسلام، وأنه يمثل جوهر الدين الحقيقي، إلا أن الكاتبة تعتبر أن هذه صورة مشوهة لثاني أكبر الأديان على مستوى العالم، مشيرة إلى أن هدفها من خلال هذا الكتاب يتمثل في ثلاث نقاط، وهي:
1- استعراض أسس الدين الإسلامي أمام القارئ الإسرائيلي؛ إذ أن فصول الكتاب تتعرض لصورة النبي محمد صلى اله عليه وسلم، على خلفية طبيعة الحياة التي كانت سائدة في شبة الجزيرة العربية خلال القرن السادس الميلادي، والعقائد والعبادات الدينية التي كانت منتشرة بها، إضافة لاستعراض بعض النصوص الإسلامية المختارة المتعلقة بالشريعة والمنظومة القانونية في الإسلام، كذلك التصوف كفكرة وكحركة، وعلاقة المسلمين بأبناء الديانات الأخرى، والجماعات والفرق الإسلامية المختلفة.
2- أخذ القارئ الإسرائيلي إلى رحلة تاريخية في الإسلام، حيث تؤكد الكاتبة أن المؤمنين بالإسلام لديهم فكرة واحدة عن الإلوهية تلك الفكرة الراسخة التي لا تتغير في أي مكان أو أي زمان، لكن مثلما هو الحال في أي ظاهرة إنسانية فإن للإسلام تاريخ خاص به، امتد به ليتحول من دين لمجموعة قليلة من المؤمنين به في شبه الجزيرة العربية إلى دين عالمي؛ إذ أن الوسيلة التي فهم بها المسلمين دينهم، تُغير من تفسيرهم وتنفيذهم لها خلال أكثر من 1400 عامًا، معتبرة أن هذا الدين لم يتوقف عن إعادة تشكيل نفسه في أي وقت، حيث أكد من البداية على دور المؤمنين به في تشكيل دينهم، وأنهم من يمنحنه المغذى الحقيقي ومن يغيرونه وفقا لفهمهم له ووفقا لاحتياجاتهم المختلفة. فالإسلام ليس مجرد فكرة بل ثقافة وطريقة حياة.
3- استعراض نمو الثقافة الإسلامية؛ حيث تشير الكاتبة إلى أن المسلمين ينقسمون إلى أكثر من طائفة توجد فيما بينها الكثير من التوترات، حيث تستعرض الآراء الفقهية الإسلامية المختلفة سواء المعتدلة أو المتشددة.
ثم تنتقل الكاتبة بعد ذلك لاستعراض الانتشار الجغرافي للدين الإسلامي، حيث تشير إلى أن الكثير من الإسرائيليين يعتقدون أن الإسلام هو دين العرب، على الرغم من أن غالبية المسلمين في العالم من غير العرب، فالدولة الإسلامية الأكبر من حيث عدد السكان هي "إندونيسيا" الواقعة في أقصى جنوب شرق آسيا، كما أن الشرق الأوسط نفسه به الكثير من الثقافات الإسلامية غير العربية مثل تركيا وإيران، فالتاريخ الإسلامي في الشرق الأوسط – مثلا - مختلط بالتاريخ التركي – الإسلامي خلال الـ1000 عام الأخيرة، حيث أن السلالة العثمانية حكمت الشرق الأوسط وأجزاء من أوروبا لمئات السنين، وسمحت بوجود تعايش ديني بين مختلف الأديان، في نفس الوقت الذي تميز فيه الغرب المسيحي بالتعصب الديني واضطهاد الآخر.
توجه غريب:
تجمل الكاتبة محاولتها في استعراض الجوانب المختلفة للإسلام، بالإشارة إلى أن هناك روايتين مختلفتين للإسلام الأولى ما يمكن أن نسميها بـ"الداخلية"، وهي تلك التي تخص المؤمنين بالإسلام أنفسهم، والتي تتكون في حد ذاتها من عدة اتجاهات، أما الرواية الأخرى المقابلة لها فـ"خارجية"، وتعتمد على استنتاجات الباحثين والأكاديميين المتخصصين في شؤون الدين الإسلامي.
ومن ناحية أخرى فإنها تنوه إلى أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال استعراض قصة الإسلام من كل جوانبها، وبالتالي فإنها أسقطت الكثير منها بهدف التركيز على النقاط الرئيسية، كما فضلت ألا تثقل على القارئ بشرح كل ما يخص المصطلحات والمفاهيم الإسلامية المختلفة الواردة بالكتاب، ولهذا السبب قررت استخدام ألفاظ ومصطلحات أكثر شيوعا وقريبة من نظائرها في اللغة العبرية.
وبنظرة نقدية سريعة لمحتويات الكتاب، من الممكن القول بأنه حمل توجها غريبا على الأعمال الاستشراقية الإسرائيلية التي تعرضت للإسلام؛ إذ غلب عليه اتجاه "الإنصاف" على "الإجحاف"، فقد بدا واضحا أن مؤلفة الكتاب حاولت تقديم صورة أقرب إلى الحقيقة عن الإسلام، بل وتصحيح بعض الأخطاء التي وقع فيها من سبقوها سواء عن قصد أو غير قصد في تعرضهم للجوانب المختلفة للدين الإسلامي. وربما يعود ظهور هذا التوجه الغريب إلى عدة أسباب، لكن يمكن إجمال أبرزها في جانبين، أولهما: لا يخص الاستشراق الإسرائيلي وحسب بل الاستشراق الغربي بشكل عام، و يعود إلى ما نتج عن أحداث 11 سبتمبر من حركة علمية في الغرب حاولت بشكل جدي وإيجابي وعلمي محايد التعرف على الإسلام على حقيقته، وانعكس ذلك بدوره على جميع الأعمال الاستشراقية بهذا الصدد، وعلى عموم الحياة الثقافية والفكرية الغربية، بشكل أصبح يمثل اتجاها جديدا، من الممكن القول بأنه ساهم في ظهور تحذيرات من كثير من الجهات والعناصر الغربية الأصولية المتشددة التي تحذر من أسلمة الغرب، وثانيهما: يتعلق بالاستشراق الإسرائيلي، والذي لا شك أنه قطع شوطا لا بأس به في اعتماد الموضوعية العلمية والحيادية الأكاديمية كمبدأ في دراسة الإسلام، لاسيما وأن الجامعات والمعاهد العلمية الإسرائيلية المتخصصة تبوأت في الآونة الأخيرة مراتب متقدمة في ترتيب أحسن الجامعات العالمية، وما كان هذا ليأت لولا اعتمادها معايير علمية ممتازة لا تشوبها أي عيوب، وقد انعكس ذلك بطبيعة على الحال على الأقسام والمراكز البحثية الإسلامية المهتمة بالإسلام العاملة في إطار المنظومة البحثية الإسرائيلية، بحيث بدأت تتجه نحو اعتماد معايير عالمية حيادية في دراستها للإسلام، بشكل جعلها تميل بشكل كبير إلى تقديمه بصورة أقرب إلى حقيقته الصحيحة.
وعلى الرغم مما سبق فإنه لا يمكن بأي حال من الأحوال الاطمئنان بشكل تام لكل ما يأت في المجهودات الاستشراقية الإسرائيلية المتعلقة للإسلام، فالتوجه السابق الحديث عنه كما قلنا يمثل توجهًا غريبًا ولا يمثل توجهًا سائدًا في الأعمال الاستشراقية الإسرائيلية حول الإسلام، فلا شك من أن الغالبية العظمى سارت في ركاب الأعمال الاستشراقية سواء اليهودية أو الغربية المجحفة للإسلام، ولعل أبرز مثال على ذلك أحدث ترجمة عبرية صدرت عام 2005 لمعاني القرآن الكريم من جامعة تل أبيب والتي قام بها البروفيسور "أوري روبين" المتخصص في شؤون الدراسات القرآنية، والتي كانت مليئة بالكثير من الأخطاء المتعمدة عن الإسلام سواء في متن الترجمة أو الهوامش والتعليقات الملحقة بها.


 
جزاكم الله خيرا على هذا البحث ومرحبا بك في ملتقى الانتصار للقرآن، ونتمنى ان تتحفونا دائما بأمثال هذه المقالات المفيدة
 
اشكرك اخي العزيز الكريم على كلماتك الطيبة المشجعة
واتمنى ان اكون عند حسن ظنكم جميعا
 
عودة
أعلى