عبدالرحمن الشهري
المشرف العام
- إنضم
- 29/03/2003
- المشاركات
- 19,331
- مستوى التفاعل
- 136
- النقاط
- 63
- الإقامة
- الرياض
- الموقع الالكتروني
- www.amshehri.com
عرضت في موضوعين سابقين بعض الكتب التي تناسب المبتدئ من الكتب المختصرة ، ذات العبارة السهلة القريبة ، وعرضت في مشاركة أخرى بعض الكتب التي تلي هذه الكتب من التي تناسب القارئ المتوسط الذي حصل قدراً من علم التفسير يؤهله لفهم عبارات تلك الكتب ومصطلحاتها . وفي هذا الموضوع أشير إلى بعض الكتب المطولة ، التي تناسب الباحث الراغب في الاستزادة من دقائق كلام المفسرين في تفسير القرآن الكريم ، ولست أكتب هذه المقالة للمتخصصين فهم أعلم بهذه المصادر والكتب مني ، ولكنني لمستُ من خلال كثرة الأسئلة التي تردني من الناس في التفسير من تخصصات مختلفة شرعية وغيرها أنه لا يكفيهم في استفساراتهم إلا الرجوع لهذه المطولات ، والقراءة فيها للوصول إلى أجوبة أسئلتهم الدقيقة في التفسير ، سواء كانت هذه الأسئلة في لغة القرآن أو إعرابه، أو الأحكام الفقهية التي اشتملت عليها بعض آياته ، أو بلاغة الآيات ولطائفها . فقد لمست أن هؤلاء مع عدم انقطاعهم لعلم التفسير وكتبه إلا أن لديهم من الرغبة والجدية العلمية ما يؤهلهم لقراءة هذه الكتب لو عرفوا مميزاتها وأوجه تفردها وعمقها .
من أجل ذلك قررت أن أكتب في هذه المشاركة ما ييسره الله من مصادر التفسير المطبوعة المهمة التي لا يستغني عنها الباحث في التفسير ، والراغب في التوسع في دقائقه ، مع الإشارة إلى ما يتميز به الكتاب بشيء من الإيجاز .
وسوف أحرص على ذكر الكتب الكاملة التي قام مؤلفها بتفسير القرآن كاملاً ، ولن أتعرض لبعض الكتب التي وصلنا جزء من الكتاب كتفسير يحي بن سلام مثلا أو تفسير إسماعيل بن إسجاق القاضي أو نحو ذلك .
1- جامع البيان عن تفسير آي القرآن للإمام محمد بن جرير الطبري (ت310) .
يعتبر هذا التفسير بحق عمدة كتب التفسير المطبوعة التي اطلعنا عليها ، فهو مدرسة علمية متكاملة في علم التفسير ، وقارئه ومدمن دراسته ومدارسته يكتسب مَلَكةً في التفسير لا يكاد يغنيه عنه غيره من الكتب المطولة . ومؤلفه عالم من علماء أهل السنة والجماعة الموثوقين الذين جمعوا أطراف العلوم ، وتفقوا في فنونه حتى أصبح معدوداً في أهل العلم بكل هذه الفنون فهو الفقيه المفسر المحدث اللغوي المؤرخ المتفنن الثقة الثبت . وقد صنف تفسيره هذا مختصراً لعدم القدرة على استملاء الكتاب بعد عرض الأمر على طلابه. ولذلك فهذا الكتاب لا يصلح إلا كما وضعه الطبري ، ولا يصلح فيه الاختصار ، وإنما يبقى كما هو قمة من قمم التفسير ينبغي على طالب العلم الحرص الشديد على قراءته مرات عديدة ، وعدم التململ من النظر فيه ومراجعته في كل حين ، حتى يتمرس بأسلوب الإمام الطبري ، ويتمهر في صناعة التفسير .
وهذا الكتاب يتميز بصحة منهجه وسلامته من حيث الاعتقاد ، واطراد منهجه من حيث الترجيح والاختيار ، ورواية أقوال السلف في التفسير بالأسانيد المتصلة للمؤلف ، وغزارة مادته اللغوية وشواهده اللغوية في بيان معاني المفردات وغريب القرآن ، ويتميز كذلك بوحدة المنهجية من أوله إلى آخره .
وأجود طبعاته الطبعة الكاملة التي حققها الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي ومن معه من الباحثين ، وخرج في 26 مجلدا عن دار هجر ، وقد تم تصويره على هيئة إلكترونية PDF وهو غنيمة لطلاب العلم ليس هناك أثمن منها لمن أراد التحقق من علم التفسير ، والرسوخ العلمي فيه . وفي ملتقى أهل التفسير الكثير من الموضوعات المتعلقة بتفسير ابن جرير الطبري لأهميته ومحوريته في كتب هذا العلم ، وقد قام مركز تفسير بجمع كل ما كتب عن هذا التفسير وأصدره في كتاب خاص .
2- - الكشاف للزمخشري (ت538هـ)
يعتبر تفسير الكشاف للزمخشري عمدة في بلاغة القرآن الكريم ، واقتناص التوجيهات البلاغية في القرآن ، بعبارة دقيقة رشيقة قد لا يدرك مقصودها بعض طلبة العلم المتخصصين ، وهذه الميزة هي أهم ميزة فيه ، ولك الذي جاءوا بعده استفادوا منه فيها فائدة كبيرة ، وبعضهم يعترف بذلك وبعضهم ينكر . ويعيبه أن مؤلفه من المعتزلة الغلاة الدعاة إلى بدعة الاعتزال بكل ما أوتي من قدرة وحيلة ، ولذلك قد تفوت بعض اعتزالياته على الباحث المدقق ، ولكنّ العلماء والباحثين من بعده قد نخلوه نخلاً ، وكتبوا عليه الحواشي والتقارير والتنبيهات التي تنبه على مواضع الخلل فيه من حيث المعتقد ، وأبرزوا ما فيه من البلاغة والبيان الذي تميز به ، وكتبت كتب معاصرة في هذا الجانب أيضاً تكفي في الإفادة منه . وهو مناسب للمتقدمين من الباحثين الذين يميزون مثل هذا الخلل في كتابه ، وقد كتب عنه د. محمد أبو موسى كتاباً في البلاغة القرآنية في تفسير الزمخشري جدير بالباحث أن يقرأه ويطلع عليه .
3- المحرر الوجيز لابن عطية الأندلسي (ت542هـ) .
وهذا الكتاب من كتب التفسير التي يفخر بها أهل الأندلس على أهل المشرق ، حفاوة بهذا الكتاب وبقيمته العلمية ، ومؤلفه استفرغ عمره وجهده في تأليفه وتحريره وتنقيحه ، وليس لمؤلفه من المؤلفات إلا هذا التفسير ومؤلف صغير في شيوخه والكتب التي قرأها طبع باسم (فهرس ابن عطية) ، وبقية كتبه مفقودة لم تصلنا . فقد بدأ في تأليف تفسيره في صدر شبابه في حياة والده ، واستمر في تصنيفه وتنقيحه حتى كبر . فلما أخرجه كان غاية المريد ، وبغية المستفيد حقا ، فعبارته موجزة محررة ، وفيه تظهر شخصية ابن عطية العلمية الناقدة ، وفيه تدريب للقارئ على الاختيار والترجيح ، ويعيبه تأويلات لابن عطية في بعض المواضع تخالف منهج أهل السنة في التعامل مع آيات الصفات ، ولكن القارئ الحصيف لا تفوت عليه مثل هذه المواضع . وقد طبع مؤخرا في دولة قطر طبعة ثانية تعد من أفضل طبعاته ، وعيبها أنها توزع فقط ولا تعرض للبيع للجمهور فبقي الانتفاع بها مقصوراً على من يصل لوزارة الأوقاف القطرية ويحصل عليه منها .
4- الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (ت671هـ)
يعتبر كتاب القرطبي في التفسير من أمهات كتب التفسير التي عنيت بالجانب الفقهي وبيان آيات الأحكام ، وهو جامع للتفسير بكل جوانبه التحليلية من لغة وقراءات وبلاغة وغيرها ، ولكنه أفاض في الجانب الفقهي فعرف به ، وإلا فهو معلمة علمية في التفسير لا نظير لها ، وهو من أعمدة كتب التفسير التي ينبغي للباحث أن يقرأها قراءة فاحصة ، وأن يعود طالب العلم نفسه أن يصبر ويجتهد في ختم هذا الكتاب دراسة وقراءة ومراجعة وتفقهاً ، فإنه سوف يتخرج به في علم التفسير . وقد تعب القرطبي تعباً شديداً في جمع هذا الكتاب وتحريره وترتيبه وتهذيبه ، وجمع بين دفتيه لطالب العلم نفائس أقوال المفسرين ومسائلهم في تفسير القرآن . وهو مالكي المذهب كما هو معروف . وأجود طبعاته المتوفرة اليوم هي طبعة مؤسسة الرسالة التي قام على تحقيقها الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي جزاه الله خيراً ووفقه لكل خير فهو صاحب أيادٍ بيضاء على الباحثين . وهذه النسخة مصورة أيضاً على هيئة إلكترونية PDF ولله الحمد ويمكن تحميلها على الأجهزة الذكية والإفادة منها . والكلام عن مزايا هذا التفسير طويل نكتفي منه بهذا .
5- تفسير القرآت العظيم لابن كثير (ت774هـ) .
لقي تفسير ابن كثير قبولاً كبيراً لسلامة منهج مؤلفه العقدي والعلمي ، وقد تميز كتابه هذا بالعناية البالغة بتفسير القرآن بالقرآن فتفوق بهذا على التفاسير التي سبقته كالطبري وابن عطية والقرطبي وغيرها . وهذه إضافة علمية مهمة تحسب لابن كثير رحمه الله ، كما تميز كذلك بعنايته بتفسير القرآن بالسنة النبوية ، وحشد الأحاديث والروايات حشداً في بيان معاني الآيات ، وهذه أيضاً تفرد بها بشكل ظاهر ، ولو لم يكن فيه إلا هاتين المزيتين لكفتاه لكي يحظى بهذه المكانة العالية عند العلماء ، وهو يعتبر أشهر كتب التفسير على الإطلاق اليوم ، وعدد طبعاته كثيرة جداً ، ومختصراته كثيرة جداً ، وقد عرضت بعضها في الموضوع السابق . وهذا التفسير ينبغي على طالب العلم المتخصص أن يقرأه كاملاً عدة مرات ، ويتفقه فيه تفقهاً تاماً ، ويكرر قراءته ما استطاع إلى ذلك سبيلاً . فهو من أوثق كتب التفسير وأوفاها وأحسنها . وقد كثرت طبعاته جداً ، ومن أحسن الطبعات المتوفرة اليوم طبعة مكتبة أولاد الشيخ بالقاهرة التي طبعتها أيضاً دار عالم الكتب بالرياض ، وهي متوفرة في المكتبات ، ومتوفرة على هيئة إلكترونية أيضاً ولله الحمد . كما طبع بتحقيق د. حكمت بشير ياسين في دار ابن الجوزي وهي طبعة قيمة ولم أقرأها كلها ولكن الجزء الذي قرأته منها جيد وفيه جهد مشكور ، وقد كتبت عنه دراسات كثيرة في منهجه في التفسير وفي جوانب كثيرة من جوانبه العلمية .
6- البحر المحيط في التفسير لأبي حيان الغرناطي (ت745هـ)
هذا التفسير مرجع علمي لمن أراد التدقيق في النحو في القرآن الكريم والإعراب والقراءات ، فهو بحر محيط كما سماه مؤلفه ، وهو قيد التحقق الآن في قسم التفسير في الجامعة الإسلامية وسيخرج مطبوعا بعد فراغ الباحثين من تحقيقه ، وهو معلمة علمية رائعة في التفسير التحليلي مع التميز والتفرد في جوانب اللغة والنحو خصوصاً ، وكذلك القراءات وبيان معانيها . وهو في جانب تفسير آيات الأحكام مميز كذلك ، غير أنه غلب عليه الجانب النحوي واشتهر به . وطبعاته المتداولة غير جيدة للأسف . ويمكن أن يستغني الباحث عنه بكتاب تلميذه السمين الحلبي (الدر المصون في علوم الكتاب المكنون) بتحقيق الدكتور أحمد الخراط ، ولعلي أتوقف عنده عند ذكر كتب إعراب القرآن في موضوع قادم إن شاء الله تعالى .
7- الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي (ت911هـ)
وهذا التفسير مهم جداً لمن يرغب في معرفة ما ورد في تفسير الآيات من الآثار عن السلف ، وقد حاول السيوطي الاستيعاب وأجاد إلى حد بعيد ، ولكنه لم يستوعب لقصور الجهد الفردي ، ولذلك يقوم الإخوة في معهد الإمام الشاطبي الآن بصناعة مستدرك واسع على الدر المنثور يجمع كل ما لم يذكره السيوطي من الآثار والأحاديث في تفسير الآيات وأرجو أن نراه قريباً . وأجود طبعات الدر المنثور للسيوطي هي طبعة الدكتور عبدالله عبدالمحسن التركي في 17 مجلداً جزاه الله خيراً .
8- نظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي .
وهذا الكتاب من أجود كتب التفسير التي عنيت ببيان المناسبات في السور بكل وجوهها ، التناسب بين السور فيما بينها ، والتناسب بين المقاطع في السورة الواحدة ، وفيما بين الآيات ، وقد بذل فيه مؤلفه جهداً رائعا بديعاً ، وهو اجتهاد منه يشكر عليه ، قد يوافق عليه وقد يختلف معه ، ولكنه جهد كبير جدا لا ينكره منصف . وللأسف أن طبعاته المتوفرة لا تليق بمكانته العلمية . فقد طبع قديما في حيدر أباد الدكن ، وطبع مؤخرا في دار الكتب العلمية ببيروت وهي الطبعة المتداولة .
9 - التحرير والتنوير للعلامة محمد الطاهر بن عاشور (ت1393هـ) .
هذا التفسير مع تأخر زمن مؤلفه موسوعة علمية في التفسير تضاهي تفاسير المتقدمين غزارة وعلماً وتحقيقاً وسعة ، ومؤلفه عالم مدقق ذكي بارع ، توجه لتأليفه بعد أن استكمل أدوات التفسير فجاء تفسيره مرآةً لعلمه الواسع ، وذكائه الحاد . وقد استطاع أن يهضم تفسير الكشاف وما كتب حوله من الحواشي والتقارير ثم أودعه في كتابه هذا بعبارة صافية ، وشرح وافٍ ، وأودعه من مصطلحات البلاغة والبيان مع لا يقدر على فهمه إلا من أتقن تلك المصطلحات وفهمها . غير أنه يجد فيه قارئه تدقيقا وتحليلا وأجوبة لكثير من الأسئلة التي يتجاوزها غيره من المفسرين القدامي والمعاصرين . ولا سيما في جوانب البلاغة والبين ، وإن لم يقصر في غيرها من الجوانب المتصلة بالآيات . وقد حظي الكتاب بعناية الباحثين المعاصرين ، فكتبوا عنه الكثير من الدراسات والبحوث . وله طبعة وحيدة في الدار التونسية للنشر بتونس ، وهي المتداولة بين الباحثين في 15 مجلداً . وهو متوفر ولله الحمد بهيئة إلكترونية PDF . وينبغي لكل باحث متخصص في القرآن وعلومه أن يخوض غمار هذا السفر العظيم ، وأن يختمه قراءة وفهماً ولو مرتين حتى يتضلع من علوم هذا الإمام الكبير رحمه الله ، وهذا من أبسط حقوق هذا العالم الذي تعب في تصنيف هذا الكتاب .
10 - أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن للعلامة محمد الأمين الشنقيطي (ت1393هـ)
وهذا الكتاب من أنفس كتب التفسير وأجودها في تفسير القرآن بالقرآن خصوصاً ، ولا نظير له في المكتبة القرآنية إلآ ما مر معنا في تميز تفسير ابن كثير في جانب تفسير القرآن بالقرآن ، لكن تفسير الشنقيطي تخصص في هذا تخصصا بارعاً ، وأتقن عرض أنواع بيان القرآن للقرآن إتقاناً لم يسبقه فيه أحد من المؤلفين . ولذلك يجد فيه الباحث في هذا الجانب ما لا يجده في غيره . وهو مطبوع في دار عالم الفوائد ، وقد وقف فيه مؤلفه عند آخر سورة المجادلة ، وحاول تلميذه عطية محمد سالم أن يكمله على نفس منهجه جزاه الله خيراً .
تلك عشرة كاملة ، وهذه أبرز التفاسير التي يمكن الإشارة إليها لغير المتخصص من الراغبين في التعمق في التفسير ، وتركت الكثير من الكتب المميزة في التفسير ، التي يمكن للقارئ المتقدم أن ينتفع بها رغبة في الاختصار وعدم تشتيت القارئ ، وإلا فالمكتبة التفسيرية ضخمة جداً ، والمطبوع كثير والمخطوط كثير . ومن التفاسير المميزة التي لم أذكرها :
- تفسير شيخ الإسلام ابن تيمية المجموع مؤخراً في مكتبة ابن الجوزي في سبعة مجلدات .
- تفسير ابن القيم المجموع باسم الصبح المنير ، وهناك جهود لجمع تفسيره لم تطبع بعد قد تكون أوفى منه .
- البسيط للإمام الواحدي ، وهو متميز في جانب النحو واللغة وتوجيه القراءات ، وهو أوسع كتب الواحدي في التفسير .
- تفسير الفخر الرازي (التفسير الكبير) وقد أعرضت عنه مع أهميته للمتخصص حتى لا أرهق غير المتخصص بعلم الكلام والفلسفة التي ملأ بها كتابه .
- الهداية لمكي بن أبي طالب .
- تفسير القاسمي (محاسن التأويل) .
- إرشاد العقل السليم لأبي السعود العمادي .
- تفسير المنار لمحمد عبده ومحمد رشيد رضا .
- في ظلال القرآن لسيد قطب .
- روح المعاني للألوسي .
وغيرها كثير من الحواشي على تفسير البيضاوي والجلالين وغيرها من الكتب الثمينة المميزة . ولعل الزملاء يضيفون ما قد أكون غفلت عنه لهذه المشاركة ، وسوف أزودها بالصور للأغلفة لاحقاً إن شاء الله تعالى .
السبت 9 رمضان 1433هـ