عرض كتاب:(اليقيني والظني من الأخبار:سجال بين أبي الحسن الأشعري والمحدثين)للشيخ حاتم الشريف

إنضم
26/12/2005
المشاركات
770
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الحمد لله وحده..

أصل هذا الكتاب النفيس هو بحث قدمه الشيخ لمؤتمر أبي الحسن الأشعري الذي أقيم أواخر الربيع الماضي بالقاهرة،وكان شيخنا هو صاحب البحث السلفي الوحيد الذي قدم في المؤتمر،وأثار ببحثه عاصفة من الانتقاد الأشعري واجهها الشيخ بهدوء ورصانة أوجبت اعتذار شيخ الأزهر والدكتور حسن الشافعي له عن حدة ما وجه إليه من كلام غير علمي..


وهذا عرض لبعض مقاصد البحث ونتائجه إغراء بقراءة هذا البحث الأنموذج في تحرير المقالات..

يقول شيخنا : ((فإن من أكثر سجالات الفكر الشرعي على مرّ القرون الإسلامية شيوعًا وتشعُّبًا وطولا : مسائل الاحتجاج بالأخبار ؛ لأنها متعلّقة بالمصدر الثاني من مصادر التشريع , وهو السنة النبويّة المشرّفة .
وعلى كثرة ما كُتب في علوم السنة من مصنفات مفردة وأبواب وفصول ومباحث , فهي علمٌ قائمٌ بذاته من العلوم الإسلامية السامية = إلا أن مجال البحث والتنقيب عن أسرار علومها ما زال قائما .
ومن المسائل المتعلّقة بالأخبار والتي شغلت المنهج الحديثي والفكر الأصولي والبحث الكلامي قضايا القطعي والظني في السنة النبوية , وأقسامِ السنة باعتبارهما , وطريقةِ تمييز الخبر بأحدهما عن الآخر . بل لقد كانت هذه المسألة مثار معارك علمية , أثّرت (وما زالت تؤثر) على الساحة الشرعية أعظمَ الأثر وأعمقه . بل لا أبالغ إن قلت : إن هذه المسألة كانت مفترقَ طرق لطوائف المسلمين , باختلاف أنواعها وأسباب افتراقها .
ولذلك أحببت أن أسهم بدارسة جانب من جوانب هذا الموضوع , بتسليط الضوء على مواقف الاتفاق والافتراق بين منهج الإمام أبي الحسن الأشعري ومنهج المحدّثين في التفريق بين اليقيني والظني من الأخبار وفي منهجهم في الاحتجاج بهما . فقد عُرفت مدرسة الإمام أبي الحسن بمنهجه الكلامي الخاص , وعُرف المحدثون بمنهجهم النقدي الخاص للسنة النبوية , فهل بين منهجيهم في موضوع اليقيني والظني من الأخبار مواطن اتفاق وافتراق )).

وقد عرض الشيخ بحثه في فصول أذكرها وألخص أهم ما تحتها :


- الفصل الأول : حجية السنة بين الإمام أبي الحسن الأشعري والمحدثين .



قال الشيخ : ((اتفقت الأمة كلها على حجية السنة إجمالا : محدثوها ومتكلموها , وأنها هي المصدر الثاني للتشريع مع القرآن الكريم . هذا ما لا خلاف في مجمل تقريره بين أهل العلم جميعهم ؛ لقيام الأدلة القاطعة عليه : من اقتضاء الشهادتين له , ومن الدلالة القطعية للقرآن إليه , ومن وقوع الإجماع المتيقَّن عليه .
وقال أبو الحسن ابن القطان الفاسي (ت628ﻫ) في (الإقناع في مسائل الإجماع) : «وأجمعوا على التصديق بما جاء به رسول الله صل1 في كتاب الله تعالى، وما ثبت به النقل من سائر سُننه، ووجوب العمل بمحكمه، والإقرار بنصّ بمتشابهه، وردّ كل ما لم نُحط به علمًا بتفسيره إلى الله تعالى، مع الإيمان بنصّه)).
فمن اللطيف بعد هذه الإجماعات أن يكون هذا الإجماع الذي نقله ابن القطان هو نفسُه نصَّ كلامِ الإمام أبي الحسن الأشعري , استفاده ابن القطان منه , فنقله عنه مقرًّا بأنه أمرٌ مما أجمع عليه أئمة المسلمين . ليتأكّد بذلك أن الإمام أبا الحسن الأشعري لم يخالف أئمة الإسلام في هذا الإجماع القطعي المتعلّق بحجية السنة وبمصدرِيّتِها بين مصادر التشريع الإسلامي . حيث قال الإمام أبو الحسن الأشعري في رسالته إلى أهل الثغر : «وأجمعوا على : التصديقِ بجميع ما جاء به الرسول صل1 في كتاب الله , وما ثبت به النقل من سائر سننه , ووجوبِ العمل بمُحْكَمِه , والإقرارِ بنصِّ مُشْكِلِه ومتشابهه , وردِّ كلّ ما لم يُـحَطْ به عِلْـمًا بتفسيره إلى الله , مع الإيمانِ بنصِّه , وأن ذلكلا يكون إلا فيما كُـلِّـفُوا الإيمانَ بجملته دون تفصيله)).

ويدل هذا التقرير على أمور :


1- التسليم للسنة محكمها ومتشابهها .
2- لم يشترط التواتر للثبوت .
3- أن التفويض (التسليم) لا يكون إلا قي المجملات , التي لا تدخل في تفاصيل العلمي والعملي (العقائد والفقه) .
وبذلك يتبيّن : أن الإمام أبا الحسن الأشعري كان في باب الإيمان بالسنة مصدرًا من مصادر التشريع , مع القرآن الكريم = كبقية أئمة الإسلام .
ومع أن هذا أمرٌ بدهي , لكن كان لا بُدّ من تأكيده واستحضاره قبل الدخول في تفاصيل هذه المسألة ؛ لكي لا يكون منطلق البحث والنظر مخالفًا لهذه البدهية القطعية , ولتكون هذه البدهية حاضرةً في جميع مباحثه .


- الفصل الثاني : اليقيني والظني من الأخبار وحجيتهما عند الإمام أبي الحسن الأشعري .

ونقل تحته نقولاً نفيسة في تحليل دقيق ثم قال :
((وخلاصة هذا النقل المهم لمذهب أبي الحسن الأشعري : أنه كان يذهب إلى الاحتجاج بخبر الآحاد في الغيبيات التي لا يعارضها العقل . ولا يشترط لقبولها أن يُثبتها العقل , بل يشترط لقبولها شرطا عقليا واحدا فقط : وهو أن لا تعارضها دلالةُ العقلِ اليقينيةُ . وفرق كبير بين : اشتراط إثبات العقل لها , واشتراط عدم تعارضها مع دلالته اليقينية . ولذلك أثبت أبو الحسن الأشعري من الغيبيات كل ما ثبت من أخبار الآحاد مما يجوّزه العقل , فلا يثبته العقل ولا ينفيه .
وهو بهذا التقرير وبنصوصه السابقة قبله ينبّه إلى أمرٍ مهم جدًّا , غفل عنه كثير من المتأخرين , من الأشعرية ومخالفيهم : وهو أن بعض الصفات الإلهية والغيبيات (العقائد) ليست كلها يقينية , بل منها ما هو ظني , ولذلك صحّ إثباتها بالظني !
فهذه التقرير يجب أن يكون حاضرًا تماما في تقرير مذهب أبي الحسن من حجية السنة في العقائد , وفي بحثنا هذا على وجه الخصوص .

وبهذه النصوص المنقولة عن أبي الحسن الأشعري , وهي كل ما وجدته له في كتبه الموجودة الباقية , أو المعزوّة إليه صراحة, نخلص بأمور مهمة عن مذهب أبي الحسن الأشعري في موقفه من حجية السنة :
1- أنه يحتجُّ بالسنة الثابتة , على تفصيل لهذا الاحتجاج .
2- أنه يقسّم السنة إلى قسمين : مفيد للعلم الضروري , وهو المتواتر المعنوي , ومفيد للظن الراجح , وهو خبر الآحاد .
3- أنه يحتجُّ بالخبر الظني في الغيبيات (ومنها بعض الصفات الإلهيات) , إذا كانت مما يُجوِّز الدليلُ العقليُّ اليقينيُّ إثباتَه .
وبقي من هذا التقرير جوانب تحتاج إلى إجابة وإكمال بيانٍ للمذهب فيها , من مثل :
1- هل خبر الآحاد كله ظني , ولا يقع فيه ما يفيد اليقين ؟
2- هل احتجاجه بخبر الآحاد في الغيبيات وبعض الصفات الإلهيات يقتصر على الظنيات منها , أم أنه احتج بخبر الآحاد في الغيبيات اليقينية أيضًا )).


واستفاض الشيخ في بحث جواب السؤالين بما لا غنى عن مراجعته،وهذا الفصل هو موضع الإبداع العلمي في بحث الشيخ،وهو الذي أثار عليه ثائرة الأشعرية،وقد لخص الشيخ نتائج الفصل فقال : ((ونخلص من ذلك بهذا الملخّص عن مذهب أبي الحسن الأشعري في هذه المسألة :
1- الأخبار النبوية التي وصلت إلينا عن رسول الله صل1 أقسام :
- منها المتواتر (المعنوي) , وهو مفيد للعلم الاضطراري .
- ومنها ما لم تجتمع فيه شروط المتواتر , لكنه يفيد بقرائنِ إثباتِه العلمَ النظري .
- ومنها الصحيح إسنادا , مما لم يصل إلى حدّ إفادة العلم النظري , وهذا يفيد غلبة الظن.
2- وهذا يعني أن الخبر غير المتواتر يفيد اليقين بالقرائن الدالة على اليقين , وهو يقين يُتوصَّل إليه بالاستدلال , لا بالاضطرار . وهذا الخبر اليقيني هو قسمٌ من أخبار الآحاد عند كثير من العلماء الذين جعلوا خبرَ الآحاد قسيمًا للمتواتر (يقتسمان كلاهما الأخبارَ كلَّها , ولا ثالث لهما عندهم) .
3- يُحتجُّ بجميع أقسام الأخبار السابقة في العقائد : لكن أصول العقائد التي تتطلّبُ يقينًا للعلم بها لا يُستدلُّ عليها إلا بالخبر اليقيني فقط , دون الظني . وأما فروع العقائد الظنية فإن الخبر الظني فيها حجة , ولا يلزم لإثباتها أن يكون يقينيًّا .
4- وهذا يعني أن خبر الآحاد يُحتجُّ به في العقائد , فما كان منه يقينيًّا يُحتجُّ به في أصول العقائد اليقينية , وما كان منه ظنيًّا يُحتجُّ به في فروع العقائد الظنية , ولا يصح أن يُحتجَّ بالظني في اليقينيات)) .


- الفصل الثالث : اليقيني والظني من الأخبار وموقف المحدثين من هذا التقسيم ومن إفادته .

بحث الشيخ فيه بحثاً نفيساً منهج المحدثين في قسمة الأخبار ثم قال الشيخ مبيناً خلاصة هذا الفصل : ((فإن أردنا أن نضع خلاصةً لهذا الفصل , فقد يندهش القارئ أن خلاصة هذا الفصل هي نفسُها خلاصة الفصل السابق : (اليقيني والظني من الأخبار وحجيتهما عند الإمام أبي الحسن الأشعري) !! فأعد النظر في تلك النتائج , وتأمّل ما خلصنا به من هذه المطالب الثلاثة عن موقف المحدثين من الأخبار .
لقد قلنا في نهاية الفصل السابق ما يلي : «ونخلص من ذلك بهذا الملخّص عن مذهب أبي الحسن الأشعري في هذه المسألة :
- الأخبار النبوية التي وصلت إلينا عن رسول الله صل1 أقسام :
- منها المتواتر (المعنوي) , وهو مفيد للعلم الاضطراري .
- ومنها ما لم تجتمع فيه شروط المتواتر , لكنه يفيد بقرائنِ إثباتِه العلمَ النظري .
- ومنها الصحيح إسنادا , مما لم يصل إلى حدّ إفادة العلم النظري , وهذا يفيد غلبة الظن.
- وهذا يعني أن الخبر غير المتواتر يفيد اليقين بالقرائن الدالة على اليقين , وهو يقين يُتوصَّل إليه بالاستدلال , لا بالاضطرار . وهذا الخبر اليقيني هو قسمٌ من أخبار الآحاد عند كثير من العلماء الذين جعلوا خبرَ الآحاد قسيمًا للمتواتر (يقتسمان كلاهما الأخبارَ كلَّها , ولا ثالث لهما عندهم) .
- يُحتجُّ بجميع أقسام الأخبار السابقة في العقائد : لكن أصول العقائد التي تتطلّبُ يقينًا للعلم بها لا يُستدلُّ عليها إلا بالخبر اليقيني فقط , دون الظني . وأما فروع العقائد الظنية فإن الخبر الظني فيها حجة , ولا يلزم لإثباتها أن يكون يقينيًّا .
- وهذا يعني أن خبر الآحاد يُحتجُّ به في العقائد , فما كان منه يقينيًّا يُحتجُّ به في أصول العقائد اليقينية , وما كان منه ظنيًّا يُحتجُّ به في فروع العقائد الظنية , ولا يصح أن يُحتجَّ بالظني في اليقينيات» .
هذا هو نصُّ ما خرجنا به من النتائج من كلام الإمام أبي الحسن الأشعري , وهو نفسه ما خرجنا به من منهج المحدثين !!
فمن أين جاء توهّمُ الاختلاف ؟ أو كيف وقع ؟
هذا ما سأحاول بيانه في الفصل التالي )).

الفصل الرابع : بيان أسباب الاختلاف بين مدرستي المتأخرين من الأشعرية وأهل الحديث في منهج الاحتجاج بالأخبار ..

وهذا الفصل لا يمكنني تلخيصه بل لابد من قراءته كاملاً بعد قراءة ما قبله كاملاً ..

ثلاثة تنبيهات:

(1) هذا التلخيص من البحث الذي قدمه الشيخ للمؤتمر ،ولعل الشيخ عدل أو زاد أو نقص في النسخة المطبوعة.
(2) لا يجوز الاعتماد على هذا التلخيص في تقرير أو نقد بل لابد من مراجعة الكتاب الأم.

(3) أختلف مع الشيخ في بعض المسائل لكني لا أختلف مع نفاسة البحث وإبداع مؤلفه فيه بقطع النظر عن الموافقة والمخالفة.

والحمد لله وحده..
 
جزاكم الله خيرا شيخنا الكريم ، ويظهر أن طبعة الصميعي وصلت للسوق ، وفعلا البحوث المعروضة قيمة إن كانت بهذا المستوى .
 
وجزاكم الله خيراً..
الكتاب لم ينشره الصميعي..
بل هو من منشورات الشبكة العربية للأبحاث والنشر..
 
بارك الله فيك يا أبا فهر .
ليتك تذكر معلومات الكتاب كاملة لمن يرغب في شرائه ، فهذه أول مرة أسمع به مع حرصي على كتب أبي محمد وفقه الله ونفع بعلمه .
 
أعتذر عن التأخير..

اسم الكتاب كما بعنوان الموضوع..
وناشره ذكرته في ثاني مشاركة لي ،وهذه هي المعلومات التي لدي يا شيخنا..
 
150799_481507053952_137264138952_5774651_8305406_n.jpg


والدكتور حاتم الشريف ينشر كتاباته وإنجازاته أولا بأول في صفحته على فيسبوك، وهي أسرع وسيلة لمن أراد متابعة ما ينشر.

 
الأستاذ أبو فهر السلفي؛
شكر الله لك كشف هذا السفر؛ وما ينبغي الوقوف عنده مع الإمام الأشعري هي أمور يحضرني منها اللحظة
1- سوء الأدب مع الله في قوله يجب في حقه تعالى، فالله تعالى لا يجب عليه شيء، بل اللغويون حددوا مفهوم الأمر بأن يكون على جهة الاستعلاء، فكيف بالعبد مع ربه يستعمل في حقه عبارة " يحب"، فالله غالب على أمره الذي هو القرآن وهو أصدق تشريع، وقد أمرنا بالإذعان لأوامر والتسليم في الشأن الإلهي
{قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ } [الزخرف : 81]؛

2- حصره الصفات في عدد معين منها ما وصف الله به نفسه كالكلام والحياة والسمع والبصر والقدرة والإرادة، ومع هذه الصفات خرق الأدب في التعامل مع الأسماء والصفات {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [الأعراف : 180]؛ فالإلحاد في الأسماء والصفات هو الميل والازورار بها عما جاء به الكتاب منسوبا لله وصحيح السنة، كما أنه لا يجوز اختراع الأسماء ولا الصفات لله جل شأنه. فهي توقيفية رغم منازعة المخالف؛ إذ لا دليل معه.
كما أننا مطالبون بعدم ضرب الأمثال لله، فكيف بنسبة أسماء وصفات لا تليق بجلاله، أو نسبة اسم الفاعل لأفعاله، دون أن يسمي به نفسه.

3- ودعنا من الكلام في العرض والجوهر وما خاض فيه الأشعريون...ألم يكفهم الوقوف حيث وقف الشرع وقال ليس كمثله شيء؟

اللهم ارزقنا حفظك من التقول عليك - إذ التقول على الله أعظم الذنوب إطلاقا - وارزقنا الأدب معك والحياء منك.
 
بارك الله فيكم شيخنا أبا فهر وجزاكم الله خيرا .

ليتك توضح لنا بالإجمال النقاط التي تخالف الشيخ فيها - وهل هي نقاط أساسية أم فروعية - كي نستفيد .
 
عودة
أعلى