عرض كتاب (آيات الصفات عند السلف بين التأويل والتفويض من تفسير الإمام الطبري )

إنضم
14/09/2008
المشاركات
86
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
المملكة العربية
بسم الله الرحمن الرحم


كنت أتصفح كتاب شيخنا الدكتور حسين بن على الحربي – حفظه الله – (منهج الإمام بن جرير في الترجيح ) , وفي الفصل الأول تكلم عن ابن جرير , ومن ضمن ما أورده في هذا الصدد الدراسات التي تناولت تفسير ابن جرير الطبري , فقد ذكر (43) ثلاث وأربعون دراسة , الدراسة السادسة وثلاثون : (آيات الصفات عند السلف بين التأويل والتفويض من تفسير الإمام الطبري ) ,رسالة ماجستير ,للباحث : محمد خير سالم العيسى , الجامعة الأردنية , 1993.


ثم علق على هذه الدراسة في الحاشية قائلاً : ( ظاهر دلالة عنوان الرسالة يوحي بأن التأويل والتفويض هو مذهب السلف , فإن يكن مضمونها محاولة تقرير ذلك فهو باطل وتحريف لكلم عن مواضعه , فالآثار عنهم متظاهرة في تفسير الطبري وغيره بإثبات الصفات على الحقيقة دون تأويل أو تحريف أو تفويض .


وإن لم يكن كذلك فالعنوان قتم بالإيهام . ولم يتيسر لي النظر في مضامين هذه الرسالة ) أ.هـ .


قلت : لقد وقفت على هذه الرسالة التي طبعتها دار البيارق ,في كتاب من القطع المتوسط , ويقع في (191) صفحة, والطبعة التي بين يدي هي الأولى1420هـ/1999م , وقد ضغطت هذه الرسالة فكتبت فيما يظهر لي بالبنط رقم (10) .


وقد أصاب شيخنا كبد الحقيقة في توقعه الأول , فالكتاب يعج بما ذكر ؛ بل ما ألف الكتاب إلاَّ لهذا الغرض , وفي هذه العجالة , سأستعرض الكتاب سريعاً , وأذكر في هذا الاستعراض ( الدوافع للبحث , مختصر لخطة البحث , ثم الخاتمة ) , ومن خلال ذلك سيتضح ما يعج به هذا الكتاب من المغالطات , والانحرافات – نسأل الله السلامة – .


الكتاب يقع في مقدمة , وأربعة فصول على النحو التالي :


المقدمة


الفصل الأول : عرَّف فيه بالسلف لغة واصطلاحاً , ثم بابن جرير الطبري , ثم بتفسيره , ثم محنته مع الحنابلة .


الفصل الثاني : عرّف التأويل والتفويض لغة واصطلاحاً , وموقف السلف منهما , وموقف ابن جرير خاصة .


الفصل الثالث : تكلم عن الصفات التالية : ( الاستواء – العلو – المجيء والإتيان – الطي واليد والقبضة – صفة الرضى والغضب – الكلام – السمع والبصر – الحياة – الكلام في النفس – الوجه والعين ) , وفي كل الصفات السابقة , ياي بالآيات والأحاديث الدالة على ذلك , ثم يبين المعنى اللغوي والاصطلاحي , ثم يذكر أقوال السلف فيها , وابن جرير خاصة , وبعد ذلك يقرر – ويا سوء ما يقرر - .


الفصل الرابع : تكلم عن الصفات التالية بمثل ما تكلم به عن الصفات في الفصل السابق , إلا أنه ينفيها عن الله , وهذه الصفات ( الهرولة – النزول – الضحك – الجهات – الرجل والقدم والساق –الأصابع – العجب ) .


ثم الخاتمة .


وهاكم أيها الأخوة بعضاً من دوافعه التي دفعته للخوض في هذا البحث , منها :


1.(( أهمية العقيدة في حياة المسلم ....)) , وهذا ما نتفق معه فيه .


2.(( رغبتي الصادقة في الوقوف على الحقيقة في مسألة صفات الله تعالى ,ومن ثم تقديمها لطلبة العلم راجياً من الله أن يوفقني )) , وهذا - أيضاً – حق مشروع وهدف نبيل .


3.(( كثرة الصيحات في عالمنا الإسلامي على أهل العلم ورميهم بالكفر إذا قالوا بالتأويل أو التفويض في آيات الصفات , وكأن الحق محصوراً عند فئة من الناس لا يتجاوزها ولا يكون عند غيرها , مما أدَّى إلى أ، ينصِّبوا أنفسهم قضاة على أقوال أهل العلم من خلال ما يعتقدون هم وحسب . مع أن الأصل أن تفهم الصفات على نحو ينزه فيه المولى جلَّ وعزَّ عن الجسمية ومشابهة الحوادث دون تعطيل لصفاته انطلاقاً من قوله تعالى : (ليس كمثله شيء ) )) .


وهذا الدافع نقض الذي قبله , إذ كيف يكون راغباً في البحث عن الحقيقة ,ثم يقرر في هذا الدافع أن الأصل عنده التأويل والنفي , فبالله كيف يبحث عن الحقيقة من دخل البحث وهذه الأصل من مسلماته ؟!


4. (( التناقض الذي يقع فيه منكرو التأويل والتفويض إذ أنه عند التأمل الدقيق الفاحص نجد أولئك المنكرين يلجأون إلى التأويل عندما تصدم النصوص القرآنية أو الحديثية مذهبهم , مثاله ( وهو معكم أينما كنتم ) يؤولون المعية بالعلم ليسلم لهم القول بأن الله في السماء . وهذا خروج عن ظاهر النص وقول بالتأويل . إلاَّ أن الجمود يصل عندهم مداه أحياناً فيثبون لله صفات تعالى الله عنها , كما فعل ابن القيم في كتابه الصواعق المرسلة 1/33 من مختصر صواعقه / مكتبة الرياض بإثبات الجنب إلى الله بل والقول بأن لله جنبين في تفسير قوله تعالى : ( يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله ) )) .


ولن أرد على هذه المغالطة هنا , لكني أأكد على ما قلت سابقاً , فلم يدخل الرجل إلى هذا الموضوع وهو يبحث عن الحقيقة كما ذكر .


5. (( محاولة بيان رأي السلف في هذا الموضوع , مع بيان من هم السلف الذين يعتبر قولهم وتوثيق ذلك بالوقوف على النصوص , وبيان صحة أو عدم صحة نسبة هذه النصوص إليهم )) .


أقول : وكل يدَّعي حباً لليلى *** ولكن لا تقر لهم بذلك


فعبارة ( السلف ) كل يدندن حولها , وقليل من الموفقين يقتفون أثرهم , فسترون أيها الإخوة كيف تجنَّى هذا الباحث على السلف من خلال نتائجه التي أرودها في خاتمته.


أما الخاتمة – أسأل الله لي ولكم ولجميع المسلمين حسن الخاتمة – فكانت أسوء خاتمة , فقد ضمنها مجموعة ن النتائج , منها قوله :
1- (( تبين لي أن الحنابلة قد تعصبوا على محمد بن جرير الطبري لموقفه من الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وتصنيفه له بأنه من علماء الحديث وليس من الفقهاء في كتابه (اختلاف الفقهاء) مما حدا بهم إلى أن يشنوا حملة رهيبة ضده تزعمها أبو بكر بن أبي داوود السجستاني والذي لا يساويه لا في العلم أو الفضل ولا في التقوى كما بينت في بحثي)) . وأمام هذه النتيجة يتبادر إلى الذهن السؤال التالي : ما دخل هذه النتيجة – والتي هي في الحقيقة ليست من نتائجه فهو مسبوق فيها بقرون – في هذا البحث ؟ الجواب عن هذا السؤال يأتي النتيجة التالية .
2- (( تأثير هذه المحنة التي أوقد نارها الجهلة والمجسمة من الحنابلة على تفسيره مما أدى إلى أن يجاملهم ذلك الإمام بعض المجاملة فأدخل في تفسيره بعض كليمات كما ذكر بعض العلماء مثل المحدث محمد زاهد الكوثري، في كتابه السيف الصقيل ومقالاته )) .



والمغالطة التي فيها لا تحتاج إلى رد , فهي من الوضوح بمكان , لكن كما تلاحظ التشابه بين الدوافع والنتائج , مما يدل دلالة واضحة أن الرجل دخل غمار هذا لبحث ليقرر شيء في نفسه لا بحثاً عن الحقيقة كما زعم .
3- (( أن الإمام الطبري كان مؤولا لآيات الصفات تارة ومفوضا تارة أخرى ولم يكن مجسما أو مثبتا إثباتا يقوده إلى التجسيم وقد نقلت من تفسيره ما يثبت هذه النتيجة)).



وهذه النتيجة الخطيرة شهادة سوف يُسأل عنها أمام الله تعالى عن عالم من علماء الأمة قضى عمره في خدمة هذه العقيدة .
4- (( أن السلف جميعاً كانوا يؤولون ما يحتاج إليه تأويل من آيات الصفات ويفوضون عندما لا تدعو حاجة للتأويل كما كانوا يفعلون ذلك في كل ما ورد من هذه الصفات في السنة المطهرة ولم يكن السلف متفقين في نظرتهم لهذه الصفات فابن عباس كان يؤول بعض الصفات وكذلك مجاهد ومقاتل والبخاري وأبو حنيفة وأحمد بن حنبل وغيرهم. كما أن بعضهم كان يفوض كما روى ذلك الترمذي في سننه أنهم كانوا يمرونها كما جاءت دون الخوض فيها )).
5- (( أن من أول في آيات الصفات كان مراده تنزيه الله تعالى عن مشابهة الحوادث وأنه في ذلك التأويل لم يكن مبتدعا ولا ضالاً بل هو على منهج من أول من السلف في آيات الصفات وليس لأحد أن يرمي أولئك الذين أولوا في آيات الصفات بما يوافق أصول الاعتقاد وتحتمله اللغة بالضلال والبدعة وليس لأحد أن يكفرهم كما يقع في بعض من لم تتسع دائرة معلوماته ولم يطلع اطلاعا تاماً أو شاملاً على أقوال أهل العلم حسب الإمكان، وهؤلاء أيضا لا شأن لهم إلا الخوض في لحوم علماء الأمة والطعن بأهل الحق )) .



أقول : ولأن الأخ ممن اطلع اطلاعاً شاملاً فقد حمَّل السلف ما حملَّهم , وله الحق – وحده – في تتبع العلماء كابن القيم !!!
6- (( أن الإمام الأشعري رحمه الله تعالى وهو من السلف الصالح كان إمام هدى ينافح عن القرآن والسنة ويذب عنهما، وأنه لم يخرج عما كان عليه السلف من التفويض والتأويل وليس كما يصفه البعض بل هو من أهل الحق الذين أوضحوا العقائد وردوا عنها بدع المتكلمين وزيغ أهل الفلسفة بما جلبوه من فكر اليونان وغيرهم )).



أقول : هذا حق خالطه كثير من الباطل .
7- (( أن علماء التفسير جميعاً قد أولوا في كثير من آيات الصفات لأن من النصوص القرآنية ما لا يمكن فيه إلا التأويل كما سبق وبينت )) .



وهذه ثالثة الأثافي , فقد ألزم علماء التفسير برمتهم التأويل , سبحانك هذا بهتان عظيم ,,


وبعد أيها الإخوة , فأنا لم أتعرض للمضمون , لأني أعتقد أن في سرد دوافع هذا الباحث , ثم نتائجه التي توصل إليها الغنية في التصور .


كما أود أن أنبه إلى أني لم أتعرض للأخطاء المنهجية , والعلمية والتي يعج بها البحث , آمل أن يتيسر كتابة مقالة أخرى فيه .


اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه , وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ,,,


 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين....اما بعد...أدعو من يستطيع من الاخوة الاساتذة في الجامعات
الى توجيه طلبة الماجستير والدكتوراه الى الاهتمام بدراسة الاخطاء التي وقع بها من سبقهم
بالبحث في نفس مواضيعهم مثلا من كتب عن تفسير الطبري ووقع بمثل ما وقع به الباحث
(محمد خير سالم العيسى) على الباحثين ان يٌشيروا الى اخطائه قدر الإمكان...والله تعالى
أعلم.
 
عودة
أعلى