عرضٌ شامل لكتاب ( الابتعاث تاريخه وآثاره ) للدكتور / عبدالعزيز بن أحمد البدَّاح

إنضم
08/09/2008
المشاركات
20
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
xXx56786.jpg

( الابتعاث ) ، وما أدراك ما الابتعاث ..؟
قبل قرنين من الزّمان قرر ( محمّد علي ) تسيير أوّل بعثة للدراسة من مصر إلى أوروبا ، لتبدأ حكاية الابتعاث ..

حيث تتابعت البعثات العلميّة من الدّول الإسلامية للدول الغربيّة في خط سير متسارع غير منضبط ، حتى استقر اليوم الآلاف من أبناء ديننا في بلاد غيرنا ، وصرفت المليارات من الأموال ، وبذلت الكثير من الجهود ،

ما الابتعاث ؟ وما فكرته ؟ ومتى بدأ ؟ ولماذا ؟ وما أضراره الدينيّة والفكريّة والنفسيّة على المبتعث ؟ وما أضراره الاجتماعيّة والأمنية والسياسيّة على الدّولة المبتعثة ؟ وهل لتلك الدّول أهدافٌ من استقرار الآلاف من أبنائنا فيها ؟ ماذا جنينا من الابتعاث وماذا سنجني ؟ مالموقف الشرعي من الابتعاث الخارجي ؟ وما ضوابطه وما حدوده ؟
كل هذا وأكثر احتواه كتابنا الذي نحن بصدده ..

ابتدأ المؤلف كتابه بالفصل الأول ، وذكر مقدمة مهمة عن تاريخ الابتعاث وبداياته في الدول الإسلامية وأنّ أصل فكرته كانت تهدف إلى ( استخراب ) بعض العقول الشابة لإسقاط الخلافة العثمانيّة وقتها ،

أما الفصل الثاني فقد خصصه للكلام عن آثار الابتعاث ، وأُجملها بين يديك فيما يلي :

أولاً : الآثار العقديّة ؛ وتتلخص في :
1 / إضعاف جانب الولاء والبراء ( الذي هو أصلٌ من أصول العقيدة ، وجانبٌ مهمٌّ لحماية المسلم وتكوين شخصيَّته المستقلة المتينة ) .
2 / الدّخول في النصرانيّة : واستند المؤلف في هذا إلى بعض الوقائع التي تتناقلها وسائل الإعلام بين الحين والآخر لأخبار تنصر بعض شباب الإسلام وتأثرهم بالأديان الأخرى .
3 / التشبع بالمفاهيم الفكريّة الباطلة ، ومن هذه المفاهيم :
أ - المفهوم الكنسي للعلاقة بين الدّين والحياة ، والمتمثل في المقولة المحرّفة ( دع ما لله لله ، وما لقيصر لقيصر ) ، وهذه هي النظرة العلمانيّة الفاسدة للدين
باعتباره خارجًا عن الممارسات الحياتية العمليّة ، وهذه النقطة واضحةٌ في كتابات بعض من تأثر بالابتعاث من كتاب الصحف وغيرهم .
ب - رفض الوحي باعتباره مصدرًا للمعرفة ، وهذا الباب يتزعمه : محمد الجابري ومحمد أركون وصادق جلال العظم وسيّد القمني وعزيز العظمة وغيرهم .
4 / التشبه بالكفار وتقليدهم ، وهذه لا تحتاج إلى دليل ، فهي لازم طبيعي مع طول المكث والإقامة بينهم .

ثانيًا : الآثار الأخلاقيّة :
وضرب المؤلف الكثير من الأمثلة والشواهد لدعم هذا الباب ، فنجد الكثير من الصحف تشير بين الفينة والأخرى قضايا السرقة والاغتصاب والسُّكر والمخدَّرات وغيرها مما تأثر به أبنائنا وبناتنا من تلك البيئات النتنة أخلاقيـًّا .

ثالثًا : الآثار السياسيـّة : وتتلخص في :
1 / ظهور الحركات الثوريـّة الناتجة عن التأثر بالانفتاح السياسي للدول الأخرى والحركات الانقلابيـّة وتعدد الأحزاب ووجود المعارضات مما يسبب قلقًا سياسيًّا وأزمات دائمة ، وضرب المؤلف لهذا الجانب بأمثلةٍ كثيرة لحركاتٍ ثوريّة وأحزاب سياسيّة في دول إسلامية ظهرت نتيجة تأثر أصحابها بتلك البلدان من خلال الدراسة ، فحزب البعث العربي الاشتراكي يرجع تأسيسه إلى ( ميشيل عفلق ) و ( صلاح البيطار ) ، وكلاهما أنهيا دراستهما الجامعيّة في باريس .
كما أن من المؤسسين لحزب البعث العربي ( زكي الأرسوزي ) وهو قد درس الفلسفة في باريس .
وقد ذكر الدكتور ( مفيد فوزي ) أن من أسباب ظهور التيارات الفكريّة في الخليج وجود التعليم الحديث ( الابتعاث ) ،
فالبعثية في البحرين قامت على أكتاف طلاب البعثات العلميّة ، وفي مقدمتهم الدكتور ( علي فخرو ) الذي درس في أمريكا ، وتيار القومية العربية نشأ عن طريق الطلبة البحرينيين المبتعثين إلى الجامعة الأمريكية ببيروت .
والتيار الشيوعي يعتبر من أبرز قياداته المهندس ( عبدالرحمن النعيمي ) وهو قد درس في الجامعة الأمريكية ببيروت .
وفي الكويت يرى الناظر أن غلاب قيادات التجمعات الثوريّة والتنظيمات التحريرية كانت قد خرجت في بعثات علميّة .
ومنهم : الدكتور ( أحمد الربعي ) الذي يعد من أبرز قياديي ( الحركة الشعبية الثوريّة في عمان والخليج العربي ) درس في أمريكا .
والدكتور ( أحمد الخطيب ) مؤسس التيار القومي في الكويت درس في الجامعة الأمريكية ببيروت .
وفي السعوديّة كان ( أنور ثابت ) و ( فهد الدغيثر ) أبرزَ قادة ( الجهة الشعبيّة الديموقراطية في الجزيرة العربية ) ، وهما ممن درس في فرنسا وأقام فيها .
وتشكلت النواة الأولى لحزب العمل الاشتراكي العربي في الجزيرة العربيّة من الطلبة الجامعيين السعوديين الدارسين في الجامعات الأمريكية ، والذين تأثروا بالأطروحات الماركسيّة واللينينية .
وقد أشار عدد من الباحثين الغربيين إلى العلاقة بين الابتعاث والحركات الثوريّة التي قامت في الخليج العربي .
ولذا؛ فجميع الشخصيات الخليجية التي أسست للأحزاب والتنظيمات التحريرية درست في الغرب إلا ما ندر منها .

2 / ظهور الحركات الإباحية والتغريبية : ولا عجب ّ فهذه بضاعة القوم وهذه أخلاقهم !
فما ( رفاعة الطهطاوي ) و ( قاسم أمين ) و ( طه حسين ) و ( أحمد لطفي السيد ) إلا نتاج الاتصال بتلك البيئات الأخلاقية العفِنة .

رابعًا : الآثار الجتماعية ؛ وتتلخص في :
1 / تغيير المفاهيم والقيم الاجتماعية .
2 / الزواج من الأجانب .

خامسًا : الآثار الأمنيّة : من قطعٍ أو إضعافٍ للانتماء الوطني ، والالتحاق بالجمعيّات والتجمعات الغربيّة المشبوهة .

وأما الفصل الثالث فقد عقده المؤلف لبيان آراء وأقول علماء الإسلام في الأمر ، فعرض لنا نقولاتٍ كثيرة لـلمشايخ والمفكرين ( عبدالرحمن السعدي ) و ( أحمد شاكر ) و ( محمد الخضر حسين ) و ( محمد بن إبراهيم آل الشيخ ) و ( محمود الصواف ) و ( عبدالرحمن الدوسري ) و ( عبدالله آل محمود ) و ( أبي الحسن الندوي ) و ( علي الطنطاوي ) و ( محمد العثيمين ) و ( بكر أبو زيد ) رحمهم الله جميعًا ، و ( عبدالمحسن العبّاد ) و ( صالح الفوزان ) و ( عبدالله التركي ) و ( عبدالله الركبان ) و ( محمد قطب ) و ( عبدالستار سعيد ) و ( يوسف القرضاوي ) و ( ناصر العقل ) و ( علي جريشة ) و ( إسماعيل محمد ) و ( محمد الشريف ) و ( نادية العمري ) و ( عبدالصبور مرزوق ) و ( عبدالرحمن السيداني ) و ( محمد الصباغ ) و ( عبدالله التل ) و ( محمد مرسي ) ..
ومعلوم ما لكل واحد من هؤلاء من ثقل وكلمة مسموعة في شتى البلدان ولشتى الاتجاهات الفكريّة ..

ثم عرض لمضمون قرار هيئة كبار العلماء بشأن الابتعاث ، برقم 88 وتاريخ 11 / 11 / 1401 هـ ، وسأتعرض له قريبًا .

وأما الفصل الرابع فقد عقده لبيان ضوابط وشروط الابتعاث عند الحاجة إليه ، وهي مقتبسة من قرار هيئة كبار العلماء المشار إليه ، وتتلخص فيما يلي :
1 / منع ابتعاث البنات للخارج منعًا باتًّا لا استثناء فيه .
2 / عدم إرسال أي طالب للدراسة في الخارج من مدنيين وعسكريين على حساب الدولة أو على الحساب الخاص إلا بعد الزواج وبعد مرحلة الجامعة والخدمة مدة من الزمن حتى يصلب عوده وترخ عقيدته .
3 / عدم إرسال أي شخص للتخصص في الأعمال النظريّة كالإدارة واللغات والاقتصاد ونحوها ، أما في علوم الإسلام وتاريخه فيجب منعه في كل مرحلة .
4 / يجب إجراء تحريات كاملة عن كل شخص يراد ابتعاثه للتخصص ليُعرف مدى حفاظه على دينه وأخلاقه وثباته على ولائه لدولته ، وإعطائه دورة يدرس فيها أحوال تلك البلاد التي سوف يذهب إليها .
5 / أن يقتصر في التخصصات على ما لا يمكن حصوله في البلاد الإسلاميّة كعلوم الصناعات التي لا يوجد لها نظير في بلادنا كعلوم الذرة ، ومتى أمكن جلبها إلى البلاد وجب ذلك حتى يستغنى عن الابتعاث .
6 / عدم تمكين أي جهة بابتعاث منسوبيها إلا عن طريق جهة الاختصاص في التعليم بعد توافر الشروط للتخصص وصفة المبتعث وسنه وأن يكون حسن السيرة معروفًا بالعقل الراجح .
7 / أن يجلب كل من لا تتوفر فيه الشروط السابقة ويعاد لإكمال دراسته في الداخل .
8 / يوكل إلى جهةٍ حق الرقابة على مخالفة ما تقدَّم وجعل مخبرين في السفارات والملحقيات التعليمية لترفع تقريراتها عن كل مخالفة .

ثم عقد الفصل الخامس في بيان موقف المستغربين من الابتعاث وإشادتهم به لتحقيق أهدافهم في بعض القضايا ، وتركيزهم على قضية المرأة في مسألة الابتعاث ، وحرصهم على ذلك ، وكلُّ هذا مدعمٌ بالأمثلة والأدلّة من خلال الكتابات والمقالات في الصحف والمجلات وغيرها .

ثم أدرج في آخر الكتاب ثلاثة ملاحق :
الأول في نص قرار مجلس هيئة كبار العلماء كاملاً .
والثاني في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلميّة والإفتاء بشأن حكم الدراسة في الخارج .
والثالث في بيان الشيخ العلامة عبدالمحسن بن حمد العبَّاد بشأن خطورة التوسع في الابتعاث على بلاد الحرمين .

وختم المؤلف كتابه بخاتمةٍ لخص فيها أهم النقاط التي توصل إليها ، وكذا النتائج والتوصيات التي يبديها ويقترحها ..
وملحقٌ بالكتاب فهارسٌ للآيات القرآنيّة والأحاديث النبويّة ، وكذا فهارس الموضوعات والمصادر والمراجع .

والحقُّ أن الكتاب نافع ومهمٌّ ..

بطاقة الكتاب :
العنوان : الابتعاث ، تاريخه وآثاره .
المؤلف : د. عبدالعزيز بن أحمد البدَّاح .
الطبعة الأولى 1431 - بلا ناشر .
عدد الصفحات : 143 صفحة .
سعر الكتاب : ثلاثة عشر ريالاً .
 
جزاكم الله خيرا على هذا العرض الطيب ونرجو أن تتحفونا به قريباً على الموقع
 
عودة
أعلى