سمر الأرناؤوط
Member
- إنضم
- 07/05/2004
- المشاركات
- 2,562
- مستوى التفاعل
- 13
- النقاط
- 38
- الإقامة
- الخبر - المملكة ا
- الموقع الالكتروني
- www.islamiyyat.com
عذراً رسول الله
د. رقية العلواني
14/9/2012م
بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأسعد الله أوقاتكم بكل خير. حديثنا اليوم عن حدث الأسبوع ذلك الحدث الذي طغى حتى على أكبر القضايا المعتادة كقضية بحجم أزمة سوريا وحين نتساءل سبب التوقيت أو نتساءل عن الأسباب والعوامل التي أدّت إلى ظهور هذا الحدث فالتحليلات كثيرة والسيناريوهات متعددة ولكن كل هذا لا يعنينا في حديثنا اليوم بقدر ما يعنينا الحديث عن كيفية تقييم هذا الحدث. النبي صلوات الله وسلامه عليه يحتل في قلوبنا جميعاً بل حتى في قلوب المنصفين من أعدائه مكانة خاصة لا يقترب منها ولا يدانيها أي شخصية في التاريخ. هذه الشخصية العظيمة التي بفضل الله عز وجل وباختياره واصطفائه نالت ما نالته من تقدير واحترام لا يمكن أن يتصور عقل مسلم أن يجرؤ أحد على النيل منها بأي شكل من أشكال النيل والتشهير أو محاولة الاقتراب بسوء من هذه الشخصية العظيمة. ولكن السؤال لِمَ أصبحنا اليوم كمسلمين كل التصرفات التي نقوم بها إنما هي نوع من أنواع ردود الفعل؟! لم لم يعد لدينا تخطيط استراتيجي على مستوى قريب المدى على مستوى بعيد المدى لأجل تقديم هذه الشخصية العظيمة؟! لم ننتظر أن يسيء أحد من حثالة المجتمعات والأقوام إلى شخص النبي صلى الله عليه وسلم لتتحرك فينا العواطف الجيّاشة؟! وتثور فينا نوازع الدفاع والحب لنبينا العظيم؟! لم أصبح الغالب على تصرفاتنا العاطفية والاندفاعية والوقتية وردود الفعل لم أصبحنا نتحرك وكأننا دُمى؟! لا نتحرك إلا –ما رحم ربي- وفي إطار ما يمليه علينا الآخرون؟! فالآخرون يخططون وينجزون عملاً بحجم هذا الفيلم المسيء للنبي صلى الله عليه وسلم قطعاً لم يأخذ أياماً ولم يأخذ أسابيع ولم يأخذ شهوراً بل ربما أخذ فترات طويلة بل ربما أكاد أجزم أن التخطيط لهذا الفيلم أو السلسلة من الممارسات المختلفة تجاه شخصية النبي صلى الله عليه وسلم قضية مخطط لها ومدروسة من فترات طويلة جداً ولكن السؤال ليس عما يخططون؟! فأعداء الدين وأعداء النبي صلى الله عليه وسلم الذين كانوا في حياته كما كانوا بعد مماته هم دائماً في مراحل التخطيط. السؤال من يحب النبي صلى الله عليه وسلم؟ من يثور لأجله من ينتفض لنصرته والدفاع عنه، لم لا يكون له تخطيط؟! لم لا يكون له استراتيجية في التفكير المدروس للدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم؟! لم لا يظهر هذا الحب وهذا الاندفاع وهذه العاطفة العظيمة لم لا تظهر في أوقات مختلفة؟! لِمَ تصبح هذه الظاهرة وكأنها موسمية لا تُستثار إلا حينما يقع عمل دنيء كهذا العمل؟! لِمَ نحتاج إلى هذه الأعمال الدنيئة لكي ننتفض دفاعاً عن حبيبنا صلى الله عليه وسلم؟! كيف يمكن أن نتصرف خلاف ردود الأفعال؟ كيف يمكن أن يكون لنا تخطيط ونحن أهل حق وأصحاب حق؟ لمَ لا يكون لنا تخطيط مدروس؟! لم لا يكون هناك تواصل حقيقي وفعلي بين مُخلِصين من مختلف الأديان لا يَقبلون على دين من الأديان أن يُهان أو تُهان رموزه؟! لم لا يكون هناك حلقات تواصل وشبكات تواصل اجتماعي مختلفة خاصة مع وجود العوامل المتوفرة والوسائل والآليات المتوفرة اليوم، لِمَ لا يجتمع هؤلاء من مختلف الأديان على كلمةٍ سواء؟! لم لا يكون هناك تخطيط من محامين وفئات الدفاع المختلفة التي تثور في كثير من الأحيان لأجل أن أحداً من الناس قد قُذِف أو قد شُهِّر به وتقيم وترفع دعاوى؟! لم لا يكون لنا نحن هيئات دفاع عن هذه القضايا المختلفة؟! لم لا يُشكِّل الأكاديميون منا وهم كثر وفيهم بركة وخير لم لا يشكلون تجمعات مع أناس أكاديميين بالتأكيد لهم رؤى مشابهة في الدفاع عن الأديان واحترام الرموز في مختلف الأديان المختلفة لم لا يكون هناك تعاون؟ لم لا يكون هناك تواصل غير خاضع لردود الأفعال الموسمية؟! لم لا يكون هناك حلقات وصل؟! لم لا يكون هناك حتى تحركات على مستوى الشباب وعلى المستوى الشعبي لأجل إثارة مثل هذه القضايا وكيف أن حرية التعبير وحرية الإنسان في أن يُعبِّر عما يشاء تقف تماماً عند خط معتقدات الآخرين عند خط احترام الآخرين فكما أن أنا لي الحق في حرية التعبير عليّ واجبات. حقوق بدون واجبات لا يمكن أن تكون منظومة معقولة ولا يقبل بها مجتمع من المجتمعات ولا حتى المجتمع الأميركي أو المجتمعات الغربية على اختلاف اهتماماتها بمستوى حرية التعبير؟! لِمَ لا نفرض بنوداً مشتركة عالمية بمنطق العقل والحكمة والتدارس والتواصل لكي يكون هناك بالفعل وثيقة ينتفض الناس لأجلها ولأجل بنودها تُحترم من قِبَل جميع الدول وتوقِّع وتدخل عليها الدول في معاهدات؟! لِمَ لا يكون هناك فعلاً ميثاق يحترم هذه الحقوق؟! لِمَ لا تُثار قضية ميثاق يحاول أن يؤصّل ويكرّس لمَدَيات حرية التعبير؟! لِمَ لا نعود إلى القيم العالمية المشتركة التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم وإخوته من الأنبياء من قبله؟! لمَ؟!! كلهم جاؤوا والأديان السماوية قبل تحريف الديانة اليهودية والنصرانية كلها لها عوامل وقواسم مشتركة خرجت من مشكاة التوحيد الواحدة المنسجمة مع بعضها البعض، هناك عدالة وهناك حرية وهناك مساواة وهناك سقف لكل هذا وهذا السقف لا يمكن أن يتقاطع مع حقوق الآخرين ولا مع حرياتهم. لمَ؟!! لِمَ لا نعيد للعالم وجهه الذي كاد أن ينساه من الحرية والاحترام والتقدير؟!! أرى في تصوّري بعد طرح كل هذه التساؤلات ومحاولة أن نقدح زناد الفكر لكي نفكر ونثير الأسئلة ونثير الإجابات حول إمكانية التصرف للإجابة عن هذه التساؤلات. أرى في تصوري أن أهل الباطل أهل القيم البالية الفاسدة التي أصبحت تُروّج ويسوّق لها بمختلف الوسائل المتعددة قد عرفوا كيف يخططون وهم يسيرون وفق الأهداف التي وضعوا. ولكن أهل الحق، أهل الخير، أهل القيم الإنسانية الرائدة هؤلاء لم يعرفوا إلى الآن كيف يخططوا كما يخطط هؤلاء! هناك نوع من أنواع دعونا نسميه تباطؤ، تكاسل، فتور، ربما في الهمم ربما في الجهود وأنا لا ألوم أحداً بعينه ولا جهة بعينها بهذا الكلام، أنا أوجه اللوم أولاً لنفسي كمسلم ينبغي أن يكون له دور في الحياة، دور في الترويج للقيم الرائعة التي يؤمن بها وينتفض حين تنتهك حِمى تلك القيم. القيم تحتاج إلى سياج يدافع عنها ويحميها. هَبْ أن هناك بيتاً أو قصراً من القصور في غاية الروعة والدقة والأناقة والتصميم ولكنه بلا أسوار، بلا حِمى يدافع عنه أو يحميه مما يمكن أن يأتي إليه هل يمكن أن يُتخيل أن يكون هذا الحال بدون هجوم؟! بدون هجوم مُضادّ؟! فما بالك ونحن نتحدث عن قيم وأديان بدون أسوار، بدون سياج، بدون محاولة لحماية هذه القيم لا يمكن أن هناك حماية حقيقية لها. ربما نكون قد قصّرنا بالفعل في جانب الحماية للقيم هذه التي نؤمن بها وهذا الكلام لا ينطبق فقط على المسلمين وإنما ينطبق على أصحاب الحق في كل مجتمع، صوتهم خافت لا يرتفع في حين أن أصوات الباطل الصاخبة قد بدأت تصمّ آذان العالم!! لِمَ لا ترتفع أصوات أصحاب الحق؟! لِمَ لا ترتفع تلك الأصوات؟! لم أصواتنا خافتة لا تُسمع؟! لم لا نستطيع أن نُسمع أصواتنا للآخرين؟! والأصوات لكي تُسمع للآخرين وتنقل رسائلها بوضوح لا تحتاج إلى صَخَب ولا إلى طبول ولا إلى تكسير ولا إلى عنف ولا إلى تحطيم، فهذه ما كانت في يوم رسالة الحبيب صلى الله عليه وسلم! الأصوات التي أسمَعَها للعالم من حوله كانت من خلال قيمه، كانت من خلال سلوكياته وتصرفاته وأفعاله. ما كان الحبيب صلى الله عليه وسلم يتحدّث بالأقوال والكلمات فكلنا يعلم بأن النبي صلى الله عليه وسلم وقد أوتي جوامع الكلم كان يعُدّ العادّ ما ينطق به من كلمات. كانت ردود أفعاله أفعال، أفعاله وتصرفاته وسلوكياته صلوات الله وسلامه عليه في نقل القيم التي جاء لأجلها في رسالته التي سميت بالرحمة للعالمين. كانت أفعالاً كانت تصرفات ولم تكن ردود أفعال! وهناك فرق شاسع بين الفعل وبين ردّ الفعل علينا أن ننتبه إليه. رسالة النبي صلى الله عليه وسلم بكل ما حملته من قيم جاءت لتنقذ العالم وما يعاني العالم منه اليوم من تدني وانحطاط في مختلف المستويات وما حدث ما هو إلا انعكاس لهذا الانحطاط، ما هو إلا لغياب الرحمة رحمة الرسالة العالمية للعالم والكون! نحن قصّرنا كمسلمين في نقل رسالة الرحمة ونقل قيم الحبيب صلى الله عليه وسلم لمختلف المجتمعات، للبشر، قصّرنا في هذا الجانب. نحن الأمة التي أريد لها بنصّ كتاب الله عز وجل (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ (143) البقرة) والشاهد لا ينبغي له أن يزوّر في شهادته، ولا ينبغي أن يقول إلا الحق، ولا نينبغي أن يفتري على الله الكذب، ولا ينبغي أن ينام ويتقاعس عن الإدلاء بشهادته. ولنا أن نتساءل ونحن نقف ونحاسب أنفسنا قبل محاسبة الآخرين: هل أدلينا بشهادتنا أمام العالم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم؟ هل نحن أمناء في نقل هذه الشهادة للعالم؟! هل قدّمنا شخص النبي صلى الله عليه وسلم من خلال أفعالنا وسلوكياتنا وتصرفاتنا وقيمنا ومبادئنا؟ هل علّمنا العالم من هو صلى الله عليه وسلم فعلاً قبل القول؟ هل قدّمنا سيرته وحياته كما ينبغي أن تقدم؟ هل قدمنا سلوكياته وأخلاقياته ورحمته أم أننا تقاعسنا وحجبنا نور سيرته العطرة عن العالم بأسره؟ فكان ما حدث نوعاً من أنواع الشيء الذي يمكن أن يحدث نتيجة لغياب دور المسلمين عن القيام بواجبهم تجاه حبيبهم صلى الله عليه وسلم.
ما قلته ما كان إلا مجرد خواطر اجتاشت في قلبي ومشاعري وأنا أرقب ما يحدث أمام ناظري وما حدث وما يحدث وربما ما سيحدث كذلك ليس بالشيء الجديد وليس بالشيء الغريب ولكن الغريب حقاً أن يتكرر الحدث ولا نتعلم كيف يمكن أن نقوم بالتخطيط لمنع مثل هذه الأحداث من أن تتكرر وتقديم شخص النبي صلى الله عليه وسلم كشخصية حقيقة يحتاج إليها العالم اليوم قبل أن يحتاج إليها أي شخص آخر. أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
د. رقية العلواني
14/9/2012م
بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأسعد الله أوقاتكم بكل خير. حديثنا اليوم عن حدث الأسبوع ذلك الحدث الذي طغى حتى على أكبر القضايا المعتادة كقضية بحجم أزمة سوريا وحين نتساءل سبب التوقيت أو نتساءل عن الأسباب والعوامل التي أدّت إلى ظهور هذا الحدث فالتحليلات كثيرة والسيناريوهات متعددة ولكن كل هذا لا يعنينا في حديثنا اليوم بقدر ما يعنينا الحديث عن كيفية تقييم هذا الحدث. النبي صلوات الله وسلامه عليه يحتل في قلوبنا جميعاً بل حتى في قلوب المنصفين من أعدائه مكانة خاصة لا يقترب منها ولا يدانيها أي شخصية في التاريخ. هذه الشخصية العظيمة التي بفضل الله عز وجل وباختياره واصطفائه نالت ما نالته من تقدير واحترام لا يمكن أن يتصور عقل مسلم أن يجرؤ أحد على النيل منها بأي شكل من أشكال النيل والتشهير أو محاولة الاقتراب بسوء من هذه الشخصية العظيمة. ولكن السؤال لِمَ أصبحنا اليوم كمسلمين كل التصرفات التي نقوم بها إنما هي نوع من أنواع ردود الفعل؟! لم لم يعد لدينا تخطيط استراتيجي على مستوى قريب المدى على مستوى بعيد المدى لأجل تقديم هذه الشخصية العظيمة؟! لم ننتظر أن يسيء أحد من حثالة المجتمعات والأقوام إلى شخص النبي صلى الله عليه وسلم لتتحرك فينا العواطف الجيّاشة؟! وتثور فينا نوازع الدفاع والحب لنبينا العظيم؟! لم أصبح الغالب على تصرفاتنا العاطفية والاندفاعية والوقتية وردود الفعل لم أصبحنا نتحرك وكأننا دُمى؟! لا نتحرك إلا –ما رحم ربي- وفي إطار ما يمليه علينا الآخرون؟! فالآخرون يخططون وينجزون عملاً بحجم هذا الفيلم المسيء للنبي صلى الله عليه وسلم قطعاً لم يأخذ أياماً ولم يأخذ أسابيع ولم يأخذ شهوراً بل ربما أخذ فترات طويلة بل ربما أكاد أجزم أن التخطيط لهذا الفيلم أو السلسلة من الممارسات المختلفة تجاه شخصية النبي صلى الله عليه وسلم قضية مخطط لها ومدروسة من فترات طويلة جداً ولكن السؤال ليس عما يخططون؟! فأعداء الدين وأعداء النبي صلى الله عليه وسلم الذين كانوا في حياته كما كانوا بعد مماته هم دائماً في مراحل التخطيط. السؤال من يحب النبي صلى الله عليه وسلم؟ من يثور لأجله من ينتفض لنصرته والدفاع عنه، لم لا يكون له تخطيط؟! لم لا يكون له استراتيجية في التفكير المدروس للدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم؟! لم لا يظهر هذا الحب وهذا الاندفاع وهذه العاطفة العظيمة لم لا تظهر في أوقات مختلفة؟! لِمَ تصبح هذه الظاهرة وكأنها موسمية لا تُستثار إلا حينما يقع عمل دنيء كهذا العمل؟! لِمَ نحتاج إلى هذه الأعمال الدنيئة لكي ننتفض دفاعاً عن حبيبنا صلى الله عليه وسلم؟! كيف يمكن أن نتصرف خلاف ردود الأفعال؟ كيف يمكن أن يكون لنا تخطيط ونحن أهل حق وأصحاب حق؟ لمَ لا يكون لنا تخطيط مدروس؟! لم لا يكون هناك تواصل حقيقي وفعلي بين مُخلِصين من مختلف الأديان لا يَقبلون على دين من الأديان أن يُهان أو تُهان رموزه؟! لم لا يكون هناك حلقات تواصل وشبكات تواصل اجتماعي مختلفة خاصة مع وجود العوامل المتوفرة والوسائل والآليات المتوفرة اليوم، لِمَ لا يجتمع هؤلاء من مختلف الأديان على كلمةٍ سواء؟! لم لا يكون هناك تخطيط من محامين وفئات الدفاع المختلفة التي تثور في كثير من الأحيان لأجل أن أحداً من الناس قد قُذِف أو قد شُهِّر به وتقيم وترفع دعاوى؟! لم لا يكون لنا نحن هيئات دفاع عن هذه القضايا المختلفة؟! لم لا يُشكِّل الأكاديميون منا وهم كثر وفيهم بركة وخير لم لا يشكلون تجمعات مع أناس أكاديميين بالتأكيد لهم رؤى مشابهة في الدفاع عن الأديان واحترام الرموز في مختلف الأديان المختلفة لم لا يكون هناك تعاون؟ لم لا يكون هناك تواصل غير خاضع لردود الأفعال الموسمية؟! لم لا يكون هناك حلقات وصل؟! لم لا يكون هناك حتى تحركات على مستوى الشباب وعلى المستوى الشعبي لأجل إثارة مثل هذه القضايا وكيف أن حرية التعبير وحرية الإنسان في أن يُعبِّر عما يشاء تقف تماماً عند خط معتقدات الآخرين عند خط احترام الآخرين فكما أن أنا لي الحق في حرية التعبير عليّ واجبات. حقوق بدون واجبات لا يمكن أن تكون منظومة معقولة ولا يقبل بها مجتمع من المجتمعات ولا حتى المجتمع الأميركي أو المجتمعات الغربية على اختلاف اهتماماتها بمستوى حرية التعبير؟! لِمَ لا نفرض بنوداً مشتركة عالمية بمنطق العقل والحكمة والتدارس والتواصل لكي يكون هناك بالفعل وثيقة ينتفض الناس لأجلها ولأجل بنودها تُحترم من قِبَل جميع الدول وتوقِّع وتدخل عليها الدول في معاهدات؟! لِمَ لا يكون هناك فعلاً ميثاق يحترم هذه الحقوق؟! لِمَ لا تُثار قضية ميثاق يحاول أن يؤصّل ويكرّس لمَدَيات حرية التعبير؟! لِمَ لا نعود إلى القيم العالمية المشتركة التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم وإخوته من الأنبياء من قبله؟! لمَ؟!! كلهم جاؤوا والأديان السماوية قبل تحريف الديانة اليهودية والنصرانية كلها لها عوامل وقواسم مشتركة خرجت من مشكاة التوحيد الواحدة المنسجمة مع بعضها البعض، هناك عدالة وهناك حرية وهناك مساواة وهناك سقف لكل هذا وهذا السقف لا يمكن أن يتقاطع مع حقوق الآخرين ولا مع حرياتهم. لمَ؟!! لِمَ لا نعيد للعالم وجهه الذي كاد أن ينساه من الحرية والاحترام والتقدير؟!! أرى في تصوّري بعد طرح كل هذه التساؤلات ومحاولة أن نقدح زناد الفكر لكي نفكر ونثير الأسئلة ونثير الإجابات حول إمكانية التصرف للإجابة عن هذه التساؤلات. أرى في تصوري أن أهل الباطل أهل القيم البالية الفاسدة التي أصبحت تُروّج ويسوّق لها بمختلف الوسائل المتعددة قد عرفوا كيف يخططون وهم يسيرون وفق الأهداف التي وضعوا. ولكن أهل الحق، أهل الخير، أهل القيم الإنسانية الرائدة هؤلاء لم يعرفوا إلى الآن كيف يخططوا كما يخطط هؤلاء! هناك نوع من أنواع دعونا نسميه تباطؤ، تكاسل، فتور، ربما في الهمم ربما في الجهود وأنا لا ألوم أحداً بعينه ولا جهة بعينها بهذا الكلام، أنا أوجه اللوم أولاً لنفسي كمسلم ينبغي أن يكون له دور في الحياة، دور في الترويج للقيم الرائعة التي يؤمن بها وينتفض حين تنتهك حِمى تلك القيم. القيم تحتاج إلى سياج يدافع عنها ويحميها. هَبْ أن هناك بيتاً أو قصراً من القصور في غاية الروعة والدقة والأناقة والتصميم ولكنه بلا أسوار، بلا حِمى يدافع عنه أو يحميه مما يمكن أن يأتي إليه هل يمكن أن يُتخيل أن يكون هذا الحال بدون هجوم؟! بدون هجوم مُضادّ؟! فما بالك ونحن نتحدث عن قيم وأديان بدون أسوار، بدون سياج، بدون محاولة لحماية هذه القيم لا يمكن أن هناك حماية حقيقية لها. ربما نكون قد قصّرنا بالفعل في جانب الحماية للقيم هذه التي نؤمن بها وهذا الكلام لا ينطبق فقط على المسلمين وإنما ينطبق على أصحاب الحق في كل مجتمع، صوتهم خافت لا يرتفع في حين أن أصوات الباطل الصاخبة قد بدأت تصمّ آذان العالم!! لِمَ لا ترتفع أصوات أصحاب الحق؟! لِمَ لا ترتفع تلك الأصوات؟! لم أصواتنا خافتة لا تُسمع؟! لم لا نستطيع أن نُسمع أصواتنا للآخرين؟! والأصوات لكي تُسمع للآخرين وتنقل رسائلها بوضوح لا تحتاج إلى صَخَب ولا إلى طبول ولا إلى تكسير ولا إلى عنف ولا إلى تحطيم، فهذه ما كانت في يوم رسالة الحبيب صلى الله عليه وسلم! الأصوات التي أسمَعَها للعالم من حوله كانت من خلال قيمه، كانت من خلال سلوكياته وتصرفاته وأفعاله. ما كان الحبيب صلى الله عليه وسلم يتحدّث بالأقوال والكلمات فكلنا يعلم بأن النبي صلى الله عليه وسلم وقد أوتي جوامع الكلم كان يعُدّ العادّ ما ينطق به من كلمات. كانت ردود أفعاله أفعال، أفعاله وتصرفاته وسلوكياته صلوات الله وسلامه عليه في نقل القيم التي جاء لأجلها في رسالته التي سميت بالرحمة للعالمين. كانت أفعالاً كانت تصرفات ولم تكن ردود أفعال! وهناك فرق شاسع بين الفعل وبين ردّ الفعل علينا أن ننتبه إليه. رسالة النبي صلى الله عليه وسلم بكل ما حملته من قيم جاءت لتنقذ العالم وما يعاني العالم منه اليوم من تدني وانحطاط في مختلف المستويات وما حدث ما هو إلا انعكاس لهذا الانحطاط، ما هو إلا لغياب الرحمة رحمة الرسالة العالمية للعالم والكون! نحن قصّرنا كمسلمين في نقل رسالة الرحمة ونقل قيم الحبيب صلى الله عليه وسلم لمختلف المجتمعات، للبشر، قصّرنا في هذا الجانب. نحن الأمة التي أريد لها بنصّ كتاب الله عز وجل (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ (143) البقرة) والشاهد لا ينبغي له أن يزوّر في شهادته، ولا ينبغي أن يقول إلا الحق، ولا نينبغي أن يفتري على الله الكذب، ولا ينبغي أن ينام ويتقاعس عن الإدلاء بشهادته. ولنا أن نتساءل ونحن نقف ونحاسب أنفسنا قبل محاسبة الآخرين: هل أدلينا بشهادتنا أمام العالم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم؟ هل نحن أمناء في نقل هذه الشهادة للعالم؟! هل قدّمنا شخص النبي صلى الله عليه وسلم من خلال أفعالنا وسلوكياتنا وتصرفاتنا وقيمنا ومبادئنا؟ هل علّمنا العالم من هو صلى الله عليه وسلم فعلاً قبل القول؟ هل قدّمنا سيرته وحياته كما ينبغي أن تقدم؟ هل قدمنا سلوكياته وأخلاقياته ورحمته أم أننا تقاعسنا وحجبنا نور سيرته العطرة عن العالم بأسره؟ فكان ما حدث نوعاً من أنواع الشيء الذي يمكن أن يحدث نتيجة لغياب دور المسلمين عن القيام بواجبهم تجاه حبيبهم صلى الله عليه وسلم.
ما قلته ما كان إلا مجرد خواطر اجتاشت في قلبي ومشاعري وأنا أرقب ما يحدث أمام ناظري وما حدث وما يحدث وربما ما سيحدث كذلك ليس بالشيء الجديد وليس بالشيء الغريب ولكن الغريب حقاً أن يتكرر الحدث ولا نتعلم كيف يمكن أن نقوم بالتخطيط لمنع مثل هذه الأحداث من أن تتكرر وتقديم شخص النبي صلى الله عليه وسلم كشخصية حقيقة يحتاج إليها العالم اليوم قبل أن يحتاج إليها أي شخص آخر. أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.