د محمد الجبالي
Well-known member
أرسلَتْ إليَّ إحدى الأخوات رابط فيديو للدكتور علي منصور الكيالي ينكر فيه عذاب القبر، وتسأل:
ما تقول في رأي الذين ينكرون عذاب القبر؟
وكيف نرد عليهم؟
فشاهدت الفيديو، فوجدت الرجل ينكر الآثار الثابتة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في عذاب القبر، ويسخر منها، ويقول عنها أساطير، ثم أخذ يسوق أدلة واهية يختلقها اختلاقا بتآويل منحرفة لبعض آيات القرآن الكريم.
ثم هو يزعم أن العقيدة إنما تؤخذ من قطعي الثبوت القرآن الكريم، وليس من ظني الثبوت -بحسب زعمه- أي السنة والأحاديث النبوية، قائلا كذبا: مع احترامي الشديد للسنة والأحاديث النبوية.
أي احترام هذا الذي يزعمه لحديث رسول الله، وهو يبطل الأحاديث النبوية الصحيحة ويزعم أنه لا يصح الأخذ بها في أمور العقيدة؛ زاعما أنها ظنية الثبوت.
إن الزعم بترك الأخذ بحديث رسول الله في عقيدة المؤمن إنما هو إبطال لنصف هذا الدين، بل هو إبطال للدين كله، فإن القرآن لا غنى له عن السنة، وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ" وقد قال الله عز وجل: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44].
وأولى بالمسلم الذي يشاهد هذا الفيديو أن يعلم أن هذا الرجل قد أَبْعَدَ في الضلال حين يسمعه يقول: إن الأحاديث النبوية ظنية الثبوت لا يؤخذ بها في إثبات عقيدة المسلم.
يقول الدكتور الكيالي: لماذا نكذب عشرات الآيات أنه لا عذاب قبل الحساب، قال تعالى: {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} أي لا حساب إلى بعد الإياب والعودة إلى الله في الآخرة، ويقول الله تعالى: {وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا} يومئذ أي يوم القيامة ليس في القبر.
ثم هو يزعم قائلا: إذا كان هناك عذاب في القبر فالمستفيد الوحيد هو إبليس لأنه سيموت آخر الزمان.
وكل مشاهد للفيديو يستطيع أن يلمح قِصَرَ نَظَرِ الكيالي حين يقول: "الميت لم ينته سِجِلُّه، إذا ربما ترك سُنَّةً حسنة يجري عليه أجرها بعد موته، أو ربما ترك سنة سيئة مازال يجري عليه وِزْرُها، فكيف سيعذب وسِجِلُّه لم يغلق؟!"
ولا أدري أي أفق لهذا الرجل؟!
ألا يدرك أن المكافأة يمكن زيادتها أو نقصانها، وكذا العقاب يمكن زيادته ونقصانه؟!
ثم هو يقول: لماذا يقول الكافر يوم القيامة: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا}؟!
ثم يجيب: "لكي ينجو من العذاب؛ لأن التراب لا يعذب، والله يقول إن الميت سيصبح ترابا {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا}".
وقد استشهد بآيات أخرى وأَوَّلَها تأويلا يروق لفكره؛ ليؤيد ما ذهب إليه من إنكار عذاب القبر.
ثم استشهد برأي للشيخ الشعراوي رحمه الله في تأويله لقول الله تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} حيث رأى الشعراوي -غفر الله له- أنه لا عذاب مباشر، فهم يعرضون عليها فقط من دون مباشرة العذاب، حيث سيرى المؤمن مكانه من الجنة فيسعد وينعم بذلك، وسيرى الكافر مكانه من النار، وما ينتظره من العذاب، فهو في عذاب من مطالعة عذابه، وعرضه عليه دائما".
ونرد على الدكتور الكيالي من كتاب الله، فهو لا يرى الاستدلال بالسنة؛ لأنها ظنية الثبوت، ونرد على ما ذهب إليه الشعراوي ونقول: إن الله عز وجل قال في حق الشهداء:
(وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)[سورة آل عمران 169 - 170]
فهم عند الله أحياء، يأتيهم رزقهم، فرحين بفضل الله، غفر الله للشيخ الشعرواي، وهذا مثال لنعيم بعض أهل الجنة وهم موتى في قبورهم.
أما بالنسبة للمنافقين والكافرين فليخبرنا الشيخ الشعراوي رحمه الله، وليخبرنا الكيالي ومن دار دورانه، فليخبرونا عن العذاب مرتين قبل العذاب العظيم في هذه الآية:
(وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ۖ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ۖ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ ۖ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ۚ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ)[سورة التوبة 101]
فليخبرونا متى يكون العذاب مرتين المشار إليهما في الآية؟!
ولنسمع للمفسرين ماذا قالوا: إنه العذاب في الدنيا بالقتل أو غيره، ثم العذاب في القبر، ثم يردون إلى عذاب عظيم في الآخرة.
هذا من القرآن الذي زعم الكيالي أنه يجب أن نأخذ عقيدتنا منه، لأنه قطعي الثبوت،
أما السنة عنده فهي ظنية الثبوت، وهذا خطأ فاحش بل جريمة؛ فقد أجمع العلماء على أن الأحاديث التي صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم خاصة الصحيحين قطعية الثبوت.
إذن كلام الكيالي كله باعتبار هذه فقط مردود عليه، ولا يصح أن نسمع له، ولا يغرنك قوله "مع احترامي للأحاديث النبوية" فأي احترام وهو لا يعتد بها في إثبات عقيدة المؤمن بزعم أنها ظنية الثبوت؟!
فإن المؤمن الصادق بكتاب الله لا بد أنه مر على قول الله تعالى: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)[سورة الحشر 7].
فلو صدق الدكتور الكيالي حقا ما ترك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعوى باطلة منه أو من غيره أنها ظنية الثبوت.
ولو صدق الكيالي حقا لما أنكر سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ في كتاب الله: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ)[سورة النجم 3].
وهذا هو رابط فيديو الدكتور علي منصور الكيالي لمن يحب أن يستوثق:
https://youtu.be/y7lC6O8to-I
والله أعلم
د. محمد الجبالي
ما تقول في رأي الذين ينكرون عذاب القبر؟
وكيف نرد عليهم؟
فشاهدت الفيديو، فوجدت الرجل ينكر الآثار الثابتة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في عذاب القبر، ويسخر منها، ويقول عنها أساطير، ثم أخذ يسوق أدلة واهية يختلقها اختلاقا بتآويل منحرفة لبعض آيات القرآن الكريم.
ثم هو يزعم أن العقيدة إنما تؤخذ من قطعي الثبوت القرآن الكريم، وليس من ظني الثبوت -بحسب زعمه- أي السنة والأحاديث النبوية، قائلا كذبا: مع احترامي الشديد للسنة والأحاديث النبوية.
أي احترام هذا الذي يزعمه لحديث رسول الله، وهو يبطل الأحاديث النبوية الصحيحة ويزعم أنه لا يصح الأخذ بها في أمور العقيدة؛ زاعما أنها ظنية الثبوت.
إن الزعم بترك الأخذ بحديث رسول الله في عقيدة المؤمن إنما هو إبطال لنصف هذا الدين، بل هو إبطال للدين كله، فإن القرآن لا غنى له عن السنة، وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ" وقد قال الله عز وجل: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44].
وأولى بالمسلم الذي يشاهد هذا الفيديو أن يعلم أن هذا الرجل قد أَبْعَدَ في الضلال حين يسمعه يقول: إن الأحاديث النبوية ظنية الثبوت لا يؤخذ بها في إثبات عقيدة المسلم.
يقول الدكتور الكيالي: لماذا نكذب عشرات الآيات أنه لا عذاب قبل الحساب، قال تعالى: {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} أي لا حساب إلى بعد الإياب والعودة إلى الله في الآخرة، ويقول الله تعالى: {وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا} يومئذ أي يوم القيامة ليس في القبر.
ثم هو يزعم قائلا: إذا كان هناك عذاب في القبر فالمستفيد الوحيد هو إبليس لأنه سيموت آخر الزمان.
وكل مشاهد للفيديو يستطيع أن يلمح قِصَرَ نَظَرِ الكيالي حين يقول: "الميت لم ينته سِجِلُّه، إذا ربما ترك سُنَّةً حسنة يجري عليه أجرها بعد موته، أو ربما ترك سنة سيئة مازال يجري عليه وِزْرُها، فكيف سيعذب وسِجِلُّه لم يغلق؟!"
ولا أدري أي أفق لهذا الرجل؟!
ألا يدرك أن المكافأة يمكن زيادتها أو نقصانها، وكذا العقاب يمكن زيادته ونقصانه؟!
ثم هو يقول: لماذا يقول الكافر يوم القيامة: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا}؟!
ثم يجيب: "لكي ينجو من العذاب؛ لأن التراب لا يعذب، والله يقول إن الميت سيصبح ترابا {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا}".
وقد استشهد بآيات أخرى وأَوَّلَها تأويلا يروق لفكره؛ ليؤيد ما ذهب إليه من إنكار عذاب القبر.
ثم استشهد برأي للشيخ الشعراوي رحمه الله في تأويله لقول الله تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} حيث رأى الشعراوي -غفر الله له- أنه لا عذاب مباشر، فهم يعرضون عليها فقط من دون مباشرة العذاب، حيث سيرى المؤمن مكانه من الجنة فيسعد وينعم بذلك، وسيرى الكافر مكانه من النار، وما ينتظره من العذاب، فهو في عذاب من مطالعة عذابه، وعرضه عليه دائما".
ونرد على الدكتور الكيالي من كتاب الله، فهو لا يرى الاستدلال بالسنة؛ لأنها ظنية الثبوت، ونرد على ما ذهب إليه الشعراوي ونقول: إن الله عز وجل قال في حق الشهداء:
(وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)[سورة آل عمران 169 - 170]
فهم عند الله أحياء، يأتيهم رزقهم، فرحين بفضل الله، غفر الله للشيخ الشعرواي، وهذا مثال لنعيم بعض أهل الجنة وهم موتى في قبورهم.
أما بالنسبة للمنافقين والكافرين فليخبرنا الشيخ الشعراوي رحمه الله، وليخبرنا الكيالي ومن دار دورانه، فليخبرونا عن العذاب مرتين قبل العذاب العظيم في هذه الآية:
(وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ۖ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ۖ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ ۖ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ۚ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ)[سورة التوبة 101]
فليخبرونا متى يكون العذاب مرتين المشار إليهما في الآية؟!
ولنسمع للمفسرين ماذا قالوا: إنه العذاب في الدنيا بالقتل أو غيره، ثم العذاب في القبر، ثم يردون إلى عذاب عظيم في الآخرة.
هذا من القرآن الذي زعم الكيالي أنه يجب أن نأخذ عقيدتنا منه، لأنه قطعي الثبوت،
أما السنة عنده فهي ظنية الثبوت، وهذا خطأ فاحش بل جريمة؛ فقد أجمع العلماء على أن الأحاديث التي صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم خاصة الصحيحين قطعية الثبوت.
إذن كلام الكيالي كله باعتبار هذه فقط مردود عليه، ولا يصح أن نسمع له، ولا يغرنك قوله "مع احترامي للأحاديث النبوية" فأي احترام وهو لا يعتد بها في إثبات عقيدة المؤمن بزعم أنها ظنية الثبوت؟!
فإن المؤمن الصادق بكتاب الله لا بد أنه مر على قول الله تعالى: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)[سورة الحشر 7].
فلو صدق الدكتور الكيالي حقا ما ترك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعوى باطلة منه أو من غيره أنها ظنية الثبوت.
ولو صدق الكيالي حقا لما أنكر سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ في كتاب الله: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ)[سورة النجم 3].
وهذا هو رابط فيديو الدكتور علي منصور الكيالي لمن يحب أن يستوثق:
https://youtu.be/y7lC6O8to-I
والله أعلم
د. محمد الجبالي