عبقرية الإسلام.. شهادة شاهد من أهلها برين برنارد

طارق منينة

New member
إنضم
19/07/2010
المشاركات
6,330
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
عبقرية الإسلام.. شهادة شاهد من أهلها برين برنارد


في هذا الكتاب يُدهشنا المؤلِّف بمنطقية مبدِعة، يثير فينا الافتخارَ الذي لا يقاوم، شعرت بالزهو نيابة عن جدودي العرب الذين أبدعوا ما أوجزه برين بارنارد في كتابه: "عبقرية الإسلامِ: هكذا صنع المسلمون العالم الحديث 2011".

شعرت بالزَّهو وأنا أحاوره، زهو لا ينبع من التكبُّر، ولا الغطرسة، ولا مجرد محاولة للدفاع عن الذات بعد الحادي عشر من سبتمبر، بل ينبع الشعورُ بالزهو من إحساس طبيعي عميق يعي أبعادَ الحضارة العربية الإسلامية، وحبًّا للثقافة العربية التي منحتنا الكبرياءَ والعراقةَ والمشاركة الحقيقية في صُنع الحضارة الإنسانية، لا سيما عندما يقوم بالكتابة عن هذا الآخَر بموضوعية.

برين بارنارد:
كاتب أمريكي، ومُؤلِّف كبير، ومصوِّر شهير، من كتبه: الكوارث الطبيعية التي غيرت التاريخ، عمله الفني هذا عُرِض في كافة أنحاء الولايات المتحدة، حتى في المعهد القومي للصحة في واشنطن، وفي مركز السيطرة على المرضِ في أطلانطا، جورجيا.

بالإضافة لذلك، فإنه يقوم بتصميم صور الكُتُب للأطفالِ، وقام برين بتشييد عدة جداريات كبيرة لويبات فرنسية، وبناية مليندا جايتس، (عُرضت على غطاءِ مجلة تصميمِ الرعاية الصحية، ومجلة فنِّ الخيال الصينية)، وبناية "جانيت سينغال" في مستشفى الأطفالِ، وسياتل، ومكتبة الأطفال في بيفيرتون، أوريغون.

حصل برين على جائزة الشرف من كلٍّ من مجتمع مصوِّري نيويورك، ولوس أنجلوس، وجائزة المحامين الشباب، اختيرت كُتُبه من قِبل الجمعية الأمريكية للمكتبات العامة، ومكتبة نيويورك العامة.

ألَّف برين وصوَّر عِدَّة كُتُب للأطفالِ؛ مثل: " كوكب خطر: الكوارث الطبيعية التي غيرت التاريخ 2003"، ' الوباء: يصيب ذلك التاريخِ المتغير 2005، وعبقرية الإسلامِ: هكذا صنع المسلمون العالم الحديث 2011.

درس الفن في جامعة كاليفورنيا، بيركيلي، ولوحات التوضيح في كليَّة الفَن المركزية للتصميمِ في باسادينا Pasadena، يعيش في فرايدي بورت، واشنطن.

"عبقرية الإسلامِ" كتاب سهل للقراءِ من مختلف الأعمار، كل فصل مرتب، كل المواضيع مُقَدَّمة بصور مثيرة.

إذا انشغل انتباهَك بشيء حول التفاصيل، هناك تعليق ساحر، ولو أردتَ أن تَعرف أكثر، زوَّد النص المختصر بفقرات مفيدة، ولو أردت أن تَعرف أكثر، للكتاب بيبلوغرافيا غنية بمواقع الويب، والكُتُب الأخرى.

إن عبقرية الإسلامِ كتاب هام، موضوعه ساحر، وجازم، قصد المؤلف الذي التقيته أن يكون كتاب عبقرية الإسلامِ بوابةً فسيحة لفَهم ارتباطات الحضارة الإسلامية بالحضارة الغربية، الإسلام والغرب لهما اختلاف، وتوازي، لكن القصص مربوطة، يبيِّن الكتاب كمَّ التداخلات بين الحضارتين.

أكد برين بارنارد أن الترابطاتِ كثيرةٌ بشكل صحيح، ودلَّل بـ"مسمى الأرقام العربية الهندية" منذ اخترعت في الهند في القرن الأول، وانتشرت شرقًا في الصين، وغربًا في بلاد العرب.

بنى المسلمون أفكارَهم الرياضية على النَّظامِ العشْري الهندي، القاعدة البابلية النظام -12 نظام (لهذا عندنا 60 ثانية للدقيقة، 60 دقيقة للساعة، 24 ساعة في اليوم، و12 شهر في السنة)، وهندسة يونانية.

وإن كنا لا نتفق كلية معه فيما ذهب إليه في تقسيمه الذي أرجعه للقاعدة البابلية؛ لأن هذا التقسيمَ قديمُ جدًّا، ومن قِدم البشرية، ثم قال: بناءً على هذا اخترع المسلمون الجبرَ، وعدةَ فروع أخرى من الرياضيات الأعلى.

عصير البرتقال:
قال أيضًا: إن عصير البرتقال الذي نتناوله في وجبة الإفطار اليوم، ظهر بفضل إبداع الزِّراعة الإسلامية، قبل وصولِ الإسلام بلاد فارس، تاجرت مع الهند، وطوَّرت طعمَ المنتج الزراعي الهنديِ؛ مثل: البرتقال، الذرة البيضاء، الليمون، والخرشوف، والباذنجان، وقصب السكر، والأرز، وهكذا.

عندما انتشر الإسلامُ في المشرقِ، وفي آسِيا الوسطى، وشمال إفريقيا، وإسبانيا، تلك الأذواقِ وافقوا عليها، عرف المسلمون كَيف ينمون المنتجاتِ الزراعية الاستوائية الهندية في البيئة الصحراوية، بأنظمة الريِّ المُتقَنة (بعض منها تَحسَّن بالإبداعِ الرُّوماني)، تقنية رفع الماء، شق القنوات (qanats) تحت الأرض، وطوَّروا ذلك تطويرًا مبدعًا، عرف الأوربيون الزراعةَ الإسلامية، وهندسة الإبداع المائية، عرفوا كل ذلك من "الأندلس" إسبانيا، وانتشر هذا في العالم الجديد.

هناك ما زالت تستخدم القنوات qanats بلفظها العربي في أمريكا الجنوبية حتى اليوم، والسواقي saqidas، والشادوف shadufs، كل هذا استُعمل حتى في الأجزاءِ البعيدة من شبه جزيرة يوكاتان، قدَّم المسلمون المنتجَ الزراعي إلى أوروبا، ونشر بالغزو الاستعماري الأوروبي حول العالمِ.

الهندسة المعمارية الإسلامية:
عندما انتشر المسلمون من بلاد العرب إلى المشرقِ، صادفوا تقنيةً معماريةً رومانيةً (القبة، والإسطبل، والعمود، والقوس نصف الدائري)، كما كانت الحالة عندما صادف الإسلامُ الأفكار الثقافيةَ الجديدةَ التي هم تبنَّوها، وكيَّفوها للحاجات الإسلامية، في هذه الحالة الأفكارُ الرومانية اندمجت مع الاختراعات الأخرى من الإمبراطورية الآشورية - كالقوس المدبَّب الذي سمح للحيطانِ أن تُبْنَى أنحفَ، وأعلى من القوسِ النصف الدائريِّ الرومانيِّ.

المصمِّمون المسلمون بدؤوا "إبداع" انتشار القوس المدبَّب الكبير، من أمثلته المثيرة الخالدة في القدس (في المسجد الأقصى)، وعبر شمال إفريقيا (مسجد ابن طولون في القاهرة)، حتى قَفز إلى صقلية (دير كازينو مونت) في إيطاليا عندما أسلمت آنذاك، وبعد ذلك إلى فرنسا؛ حيث ظَهر أخيرًا في البناية القوطية الأولى، كاتدرائية القديسِ دنيس في باريس، لاحقًا، في بريطانيا المُصمم القوطيِ الجديد كرستوفر، يكتب في القرن السابع عشر، جعل الاتِّصال "تلك الهندسة المعمارية القوطية بالهندسة المعمارية من المسلمين" (إحدى الشروط الأوروبية للمسلمين).

في القرنِ العشرينِ، المصمِّم الأمريكي لويس سوليفان، أبو ناطحات السحاب، ولعدة سنَوات تبنَّى عمل فرانك لويد رايت، وقام بدمج العديدِ من عناصر الهندسة المعمارية الإسلامية إلى بناياتِه.

المساهمات الهندسية الثمينة:
صنع المسلمون العديدَ من المساهمات الهندسية الثمينة؛ مثل: آلة القضيب والساعد تطوَّر من قبل الجزري، هذا الاختراع يُعتَبر ثانيَ إبداع هندسي مهم بعد العجلة؛ لأنه القاعدةُ للحركة crankshaft، التي تَجعل السيارات تتحرَّك، وتجعل الباخرة تسافر، والعديد من الأنواع الأخرى، جاء الجزري بالعديد من الاختراعات المختلفة، لكن هذه كانت الأكثرَ أهميةً.

علم البصريات:
ذكر برين بارنارد بأن الفيلسوف ابن الهيثم (المعروف عند الأوربيين بالهازن Alhazen) أتقنَ أفكار أرسطو حول البصريات، وطوَّر بِدايات الطريقة العلمية، في كتابه "علم البصريات"، ترجم إلى اللغة اللاتينية، وطوَّر الفَهم الأوروبي نحو طبيعة الضوء، وأدَّى إلى تطوير العدسات، والمِنظار، والمِجهر، والنظارات، وآلات التصوير.

يقول برين بارنارد: كلُّ المعلومات في كتابِي مشهورةٌ بين العلماءِ، لكنها ليست مشهورة للجزء الأكبر منهم، التعليم في المدارسِ الأمريكية، أو الأوروبية شيءٌ مؤسف؛ لأنهم يحذفون قطعًا كبيرة من التاريخِ، وهذا ما يغطِّي على فَهمنا للماضي، وهكذا الحاضر.

عرضُ كتابِي في المساجد، والمكتبات العامة، والمدارس، والجامعات ومجالس الشؤونِ العالميةِ عبر أمريكا الشمالية، كان يخبرُني كلٌّ من المسلمين، وغير المسلمين مرارًا، وتكرارًا، يقول كل منهم: أنا ما كان عندي فكرة حول العديد من الارتباطات بين الإسلام والغرب.

برين بارنارد: كان لكتابي استقبالٌ إيجابي عالمي تقريبًا في العديد من الأماكنِ المختلفة، يريد الناس أَن يعرفوا هذه المادة، يُريدون معلومات تاريخيةً دقيقةً.

إن "عبقرية الإسلامِ" بداية معرض الفَن الجوالِ لـ"1001 اختراع" أسهم أيضًا إسهامًا إيجابيًّا، المعرض كان في لندن، وفي إسطنبول، ونيويورك، وقريبًا في لوس أنجلوس، وواشنطن (مقاطعة كولومبيا).

أَتمنى أن ينطلق مُؤلِّفون آخرون يؤلفون كُتُبًا أخرى تُبنى على فكرة الارتباطات الحضارية، أعتقد أن الذي أعرفه أن أكثرَ المسلمين، وغير المسلمين يتكلَّمون مع بعضهم البعض، بدون تَحويل، بدون جدولِ أعمال، فقط مجرد كلام، الرِّهان هو أن يكونَ لكل شخصٍ المزيدُ الذي يشارك به، المزيد من الذي لا نعرفه.
 
عبقرية الإسلام .. ترجمة حرفية والمعنى عبقرية إسلاميّة أي عبقرية الحضارة الإسلامية.
وهناك من يقيس بالمردودية أي بكمية الإنتاج، وعندها سيتكلم عن العمارة دون إضفاء صفة العبقرية عليها.
سيقول: إعمار إسلامي - تمدّن إسلامي - عمارة إسلامية - حضارة إسلامية ... وكفى!
فما منطلقه؟ إنه لا يأخذ جميع العينات والظروف والعوامل بعين الإعتبار .. لا يراعي حقيقة إنطلاق العرب من شبه الصفر.
كما لا يراعي التحديّات والصعوبات من الداخل نفاق وإقتتال وتعصب .. ومن الخارج: الإفرنج والصليبيين ..
ولضرورة محكمة فرضتها طبيعة المواصلة والتواصل أستحسن تمركز المراكز العلمية في بغداد والأندلس ..
بخصوص العلوم الإنسانية فرعين عن المركزين في القيروان وفاس ..والباقي هامشي!
أما العلوم الدينية .. ففي كل ركن وزاوية كرسي ومدرسة وجامع! ليست حكرا على رجال الدين لأنها عمارة بلا رجال دين فكل مسلم رجل دين.
ولا معبد ديني فالمسجد للعبادة والعلم والتعلم .. إذ أن المسجد ليس بكنيسة ولا مندير ولا كوفيل ولا ديراسار ولا ..
كيف ذلك .. ولا رهبانية في الإسلام؟

قال الكاتب: "أتقن أفكار أرسطو حول البصريات" ونسي الكاتب أن أرسطو نُقِل مشوها: ترجمات مشوهة وأخرى منحولة !!!
هذا عائق من العوائق التي قلّما يذكرها من يقول: حضارة إسلامية .. وكفى.
لكي لا يقول: عبقرية الحضارة الإسلامية !
فكيف إذا أضيفت إلى هذا العائق حقيقة تجاوز أبوالبصريات للعائق والمعوق بضرب المنهج الفلسفي بالمنهج التجريبي؟
ذاك تاريخ، فماذا يعني لنا أبوالبصريات اليوم؟ إن قيمته مختصرة في كلمة "الإجتهاد".

إن الظروف التي مرّ بها التاريخ الإسلامي إضافة إلى وضع العرب قبل الإسلام أمور تستدعي الدهشة والإعجاب معاً، فكيف يغض بعد هذا الطرف عن الجودة، ولا توصف العمارة بالعبقرية؟ أإلى هذا الحد وصل التعصب والتكذيب ونكران الجميل؟ أم سيستمرون في الخضوع لمرض رد الفروع إلى الأصول وكأن المسلمين أنكروا ضرورة التكامل وظاهرة التكتل عملا بالأساس الإسلامي أن الحكمة ضالة المؤمن؟ أم أحبوا هذا المرض وأفشوه ليوهموا أن الإسلاميين كالهيلينيين الذي لا يسندون ما نقلوه إلى أهله عن حضارات سبقتهم؟ أم أنهم لا يريدون أن يسطع نجم من نجوم عبقرية الحضارة الإسلامية المتمثل في شمس "الإسناد"؟ إن هذا الإسناد ومظاهره كالنقد العلمي للروايات والآثار والقراءات لركن متين من أركان عبقرية العمران الإسلامي، وهذا ركن يبين ميزة الإسلام وإختلافه عن بقية الأديان .. أما التأريخ الإسلامي فلا مكان فيه لـ: "يكتبه المنتصر" لأن عبقرية العمارة الإسلامية تدون وتنقل تأويلات المنتصر كما تنقل روايات المغلوب، والمحتوى المعرفي التاريخي متضارب ومتعدد ومتنوع، وإن هذا لمن بركات الموضوعية، لأن التحليل والإستنتاج يترك للنقد العقلي الصريح والبحث العلمي الدقيق، وفي غير التاريخ نقل لما يوهم بشبهات حول الدين، ولولا مثل هذا النقل لما وجد المستشرق ولا ماوجد المفتتن بإعادة قراءة المسلمات منبعا يشتغل فيه ويفتح به قدرات تخيلاته ليقتبس ويقتتطع لما يظن أنه يشوه الدين ويضعفه!!
وكم كنت مستغربا ومتعجبا عندما اطلعت على محاولة من محاولات أحد المغرضين المصابين بالهوس الفيلولوجي وهو يحاول رد معالم علم الكلام لعلم اللاهوت المسيحي واليهودي، وكأن هذا "الأكاديمي" ينسى أو يتناسى أن أعظم لاهوتي مسيحي، توما الأكويني، ولد في الساحة الفكرية الغربية ببركات الغزالية والرشدية!! أو أنه لا يريد أن يعرف أن أكبر متكلم لاهوتي يهودي، موسى بن ميمون، قد تتلمذ عند المسلمين، أما تعلم البابا سلفستر الثاني في أول جامعة في التاريخ، جامعة القرويين بفاس، فمعلومة لا سبيل إلى الوصول إليها إلا بجهد جهيد ! فلم لم يذكر لنا ماذا قدمت الحضارة الرومانية المسيحية الشرقية والغربية بمعارف اليونان وفارس والهند والصين في علم الكلام والفلسفة والعلوم الأخرى ؟ ألم يكن أول فوج من المترجمين نصارى ومجوس وصابئة؟ إذن: لماذا لم يظهروا قبل الفتوحات الإسلامية ولماذا إرتقى بعضهم وتقدم في صناعة المعرفة تحت مظلة الإسلام؟

تلك عبقرية إسلامية، عبقرية الحضارة الإسلامية، وكل من إشتغل في عهدها هو إبن لهذا الإعمار الإسلامي بغض النظر عن إنتماءه الديني والعرقي لأنهم جميعا عملوا واجتهدوا ونشطوا داخل نفس العمارة الإسلامية. إنما هي حلقات متصلة نبتت ونمت وعاشت في ظل الإسلام. هي عبقرية إسلامية، لا لأن كل روادها مسلمون، بل لأن الظل واحد، ولأن المظلة واحدة، فما حقيقة وخلفية وأساس هذه المظلة؟ هذا السؤال هو الأصل.

لو درسوا حقيقة الوضع وتحدياته وظروفه ومصاعبه لأدركوا أحقية العمران الإسلامي في العبقرية.
وكل موضوعي يفكر في وضع جنكيز خان يدرس من أين إنطلق وكيف إنطلق وما الصعوبات والتحديات التي واجهته، لابد وأن يعترف للإمبراطورية المغولية بالروعة والدهشة.
فهي ليست إمبراطورية مغولية .. وكفى! بل إمبراطورية مغولية مدهشة.

تمركز العمران في بغداد وفي الأندلس.
ثم جاء المغولي، واستيقظ الصليبي.
وتدهور العمران رغم تكاثف جهود المماليك لإعادة روح العمارة في القاهرة، إلا أنهم لم يقدموا للحضارة الإسلامية أكثر مما قدموه من خدمات لأوروبا، بمناعتهم وتصديهم للطمع المغولي، ولولا عظمة العبيد كقطز، وبيبرس، وقالوون، لداست خيول المغول أرض الصليب ولتراجعت آلاف السنين، ولضاعت كل الكنوز المسروقة إبان الحملات الصليبية. تلك الكنوز قسمين قسم دفنته وأخفته القساوسة والبابوية لقرون، أما كنوز الأندلس فقد وقعت في أيدي بعض المتحررين، ومنها إنطلقوا، فانفجرت الإنطلاقة لاحقا مرتين إبان حملات النهب الإمبريالية، وأثناء الثورة الصناعية، وها هي الحضارة تنتقل الآن تدريجيا من الغرب إلى الكيان الصهيوني واللاتين والهند والصين، فأين دورنا نحن المسلمين؟

أين دورنا وما رسالتنا وما مشاركتنا؟
أسئلة تطرح نفسها ..
هل سنعيد مجد الحضارة الإسلامية أم نستمر في التقليد: فريق يقلد التراثيين وفريق يقلد الحداثيين ؟
هل نطور مناهجنا ومعاهدنا أم نستمر في الزخرفة: زخرفة الإذاعة والقناة والموقع الالكتروني والكتاب والتفنن في زخرفة المعاهد والجامعات ؟
هل ستنعاون على البر والتقوى أم ننخرط في الصراعات الطائفية والمذهبية والحزبية والعرقية والإقليمية ؟
هل سننتقد الذات أم نواصل إلقاء اللوم على الآخر وننتظر ما يسمى "خروج المهدي" ؟
متى ستهيمن عبارة "أنت مبدع" على "أنت مبتدع" ؟
متى سيهيمن سؤال "كيف وصلت إلى هذه النتائج؟" على سؤال "ألا تشعر أنك تهذي بما لا تدري ؟" ؟
ومتى يحل الحوار والتواصل والتفاهم محل "أنت أصولي ورجعي" ؟

أسئلة تطرح نفسها وتدفع بنا لدراسة تاريخ العمارة الإسلامية وتحليل الواقع. فمن لا هوية له يستطيع أن ينسب نفسه لأي جهة كانت، وهيهات: هل سيقبله الآخر ؟ وكيف تكون الهوية بلا تاريخ حي لا يزال تتصل بعض جوانبه بالماضي القريب ؟

يقول الكاتب: (
أَتمنى أن ينطلق مُؤلِّفون آخرون يؤلفون كُتُبًا أخرى تُبنى على فكرة الارتباطات الحضارية).
أظن لاجدوى من مثل هذه المؤلفات، لأن السؤال الأهم هو عن خلفية العمارة الإسلامية: القرآن.
ولم يبقى من العمارة الإسلامية كتاريخ إلا الأسس النبيلة متمثلة في رسالة القرآن وإعلان الثورة على الآلهة الحجرية وعلى الآلهة البشرية وعلى الآلهة الذهنية مثل تأليه الدهر، والهوى، والإنسان. معالم الحضارة الإسلامية: تحرير الإنسان، وإنارة الطريق له للعودة إلى السليقة الفطرية، لمعرفة منبعه ووجوده ومصيره، وليضع الإنسان نفسه في المكان الذي يليق به، وينسجم بمكانته تلك مع مكانة العالمين. وحث القرآن على الإعمار الحسن، والتسخير العادل، والتفكر. كلها بواعث تحض على الشرط الأول للقيام بالمهمة على أحسن وجه، وهذا الشرط جذره أو مادته: جـ هـ د: جهد وإجتهاد وجهاد. جهد عمل ضد الكسل. إجتهاد إعمال التفكير ورفض التقليد الأعمى للذات أو للآخر. جهاد ضد كل صنعة أو خلقة تحط بقيمة الإنسان وتهوي به أسفل سافلين، وثورة ضد الطغيان والجبروت والظلم والعدوان قدر الإستطاعة بالعمل والعلم والقلم واللسان والقلب والفكرة والإحسان.

قيم ينبغي أن تتجسد أي أن تتألف في أجساد لا في سطور!
 
لا يراعي حقيقة إنطلاق العرب من شبه الصفر.
كما لا يراعي التحديّات والصعوبات من الداخل نفاق وإقتتال وتعصب .. ومن الخارج: الإفرنج والصليبيين ..
ولضرورة محكمة فرضتها طبيعة المواصلة والتواصل أستحسن تمركز المراكز العلمية في بغداد والأندلس ..
بخصوص العلوم الإنسانية فرعين عن المركزين في القيروان وفاس ..والباقي هامشي!
أما العلوم الدينية .. ففي كل ركن وزاوية كرسي ومدرسة وجامع! ليست حكرا على رجال الدين لأنها عمارة بلا رجال دين فكل مسلم رجل دين.
ولا معبد ديني فالمسجد للعبادة والعلم والتعلم .. إذ أن المسجد ليس بكنيسة ولا مندير ولا كوفيل ولا ديراسار ولا ..
كيف ذلك .. ولا رهبانية في الإسلام؟
كلامكم هنا خبير فجزاكم الله خيرا
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على استعراض الكتاب والحوار مع الكاتب، وجزى الله خيرا الأستاذ عبدالرحمن أبو المجد على الحوار، فقد استدللت من خلاله على الكتاب في موقع أمازون على الشبكة وتصفحته، ولله الحمد فإن نسخاته قد ابتيعت جميعها وقاربت على النفاد، ويعد الموقع بالمزيد منها، وقد دخل الكتاب لائحة أعلى الكتب الإسلامية المئة مبيعا للأطفال على موقعهم في بريطانيا . الحمد لله.
ومن الصفحات القليلة التي تصفحتها، وجدت من الكاتب رقة عجيبة في عرض إنجازات المسلمين، وكأنما قلبه يميل إلى الحضارة التي يستعرضها، ولعل هذا يكون مدخل للتقارب معه بهذا الشأن، ودعوته إلى الإسلام.
لو استطاع الأستاذ أبو المجد، من خلال معارفه الكثيرة، أن يتواصل مع أحد "المشاهير" الذين اعتنقوا الإسلام، مثل النائب الهولندي المسلم أرنود فان دورن، والذي أصبح الآن سفيرا لدعوة "المشاهير" في أوروبا، لاستطاع مثلا التقارب مع كاتب هذا الكتاب من مدخل شكره عليه، وشكره على إنصافه، ثم البقية تأتي.
أسأل الله أن يشرح صدر الكاتب للإسلام، وجزاكم الله خيرا على تعريفنا به.
 
تعليق موجز على عبقرية الهندسة المعمارية

تعليق موجز على عبقرية الهندسة المعمارية

فيما يتعلق بالهندسة المعمارية الإسلامية فيقول هذا المصور المشهور :

المصمِّمون المسلمون بدؤوا "إبداع" انتشار القوس المدبَّب الكبير، من أمثلته المثيرة الخالدة في القدس (في المسجد الأقصى)، وعبر شمال إفريقيا (مسجد ابن طولون في القاهرة)، حتى قَفز إلى صقلية (دير كازينو مونت) في إيطاليا عندما أسلمت آنذاك... إلخ .

يتميز هذا الوصف حول الهندسة المعمارية في ذلك العصر ( عصر بني أمية وبناء المسجد الأقصى في خلافة الوليد بن عبد الملك ) بتعميم كبير وسطحية غير علمية إذ يعتمد هذا المصور على ما يراه فحسب وفي نفس الوقت لا علم له بما يكمن وراء ما يراه عبقرية .

يذكر ابن خلدون في المقدمة ( ج ٣ ، ص ١٠٧٠ تحقيق علي عبد الواحد وافي . القاهرة ١٩٦٧):

...فلذلك عندما تكون الدولة بدوية في أول أمرها تفتقر في أمر البناء إلى غير قطرها ، كما وقع للوليد بن عبد الملك حين أجمع على بناء مسجد المدينة والقدس ومسجده بالشام ، فبعث إلى ملك الروم بالقسطنطينية في الفعلة المهرة في البناء فبعث إليه منهم من حصّل له غرضه من تلك المساجد...إلخ )، فليُقرأ أيضا ما يليه في هذا الموضع .

وبين يدينا منذ زمن طويل مجموعة من الرسائل الفريدة (على البردية ) من صعيد مصر يعود تأريخها إلى خلافة الوليد بن عبد الملك وقرة بن شريك أميره على أرض مصر : [Aphrodito Papyri ] المشهورة ، وهي مكتوبة باللغات الثلاثة : العربية والقبطية واليونانية . جاء فيها أيضا أمر الخليفة بإرسال عمال متخصصين في البناء إلى القدس (لبناء *مسجد القدس* ) وإلى دمشق (لبناء *مسجد الوليد*) بما في ذلك تضمين تغذيتهم . ومثل هذه الأنشطة مسجلة في هذه الوثائق في عصر عبد الملك بن مروان أيضا واعتماده على عمال من مصر وأيضا على خراج أرض مصر لتغطية تكاليف البناء ومرتبات العمال الذين يذكرهم ابن المرجَّى المقدسي في كتابه فضائل بيت المقدس والخليل وفضائل الشام ( ص ٦١ ) حرفا حرفا : ورتب له من الخَدَم القوّام به ثلاث مائة خادم اشتري له من خمس بيت المال .

هذا ، ويفيدنا المؤرخ الطبري بذكر عمال متخصصين من الأقباط ومن بلاد الشأم في البناء بمناسبة توسيع المسجد النبوي بأمر الوليد بن عبد الملك .

أما النظر إلى هذه الظواهر المعمارية بنظرة سريعة لا ينبثق منها إلا اختراع نظريات شخصية على الطريق الأسرع وبهذه السطحية المدهشة ، فإنه لا يؤدي إلى شيء يُذكر . أما *القوس المدبب* المذكور فإنه لا يظهر لنا في المسجد الأقصى ( * مسجد القدس* ، وأصلا معه * دار الإمارة *) على صيغته المتميزة الأصلية ، بل هو يظهر بعَظَمَته داخل قبة الصخرة ، أي تحت القبة ، في خلافة عبد الملك بن مروان (وهي تحمل كثيرا من المزايا الهندسية المعمارية لكنيسة القيامة بالقدس ولِـ[سَان وتاله] San Vitale في مدينة Ravenna بإطاليا من أواخر القرن السادس . وقبة الصخرة كذلك ليس * ابداع إسلامي* في البداية ، بل في أصلها ومن حيث الهندسة المعمارية وصناعتها بيزنطينية ورسومها في الألواح الفسيفسائية والأشكال الملوّنة من عمل المدارس اليونانية وربما الفارسية أيضا . فالعبقرية الإسلامية في هذا الأخير ، أي في قبة الصخرة ، في أقدم أجزاءها من عصر عبد الملك في الداخل، تكمن في الكتابة الرائعة التي تربط * القوس المدبب * المفتوح والأعمدة المنقوشة من الداخل ومن الخارج على مُثَمّن الشكل بتركيب القبة نفسها . فليُقرأ هنا :
The Arabic Islamic Inscriptions On The Dome Of The Rock In Jerusalem, 72 AH / 692 CE

*والقوس المدبب* على حجمه الكبير كان معروفا في جنوب جزيرة العرب قبل الاسلام ، ومنتشرا في عالم الرومان في الشرق الأوسط وفي شمال إفريقية وفي أراضي إطاليا . وفي الدراسات الحديثة الخاصة بالهندسة المعمارية العربية يسمّى هذا القوس الخاص *بالقوس بشكل حِدْوة الفرس * . والناظر فيه يجد عددا منه لا يحصى في الشبكة بهذا الاسم .
 
تجريديات مورانية
توطئة
أول مرة يتحول مستشرق إلى فنان تجريدي
ليته يمارس التجريد كما يمارسه أهله ...
صار يجرد القوم مما هم أهله ...في عصر التخصصات الدقيقة
"رحم الله امرأً عرف قدر نفسه" ...
لا يزايد، لا يجرد، لا يسمح لقلمه أن يمرغ وجهه في التراب .....
لا حول و لا قوة إلا بالله ...
متخصص في الفقه المالكي يزعم بأنه يتذوق و يحكم ذوقه يستطعم العسل يؤكد بأنه مر..
يا سيد موراني لن تتحول في لحظة واحدة إلى متذوق و فنان تجريدي ...
مستشرقوا "الكونسورتيوم" لم يجازفوا كما جازفت...
استعانوا بفنانين متعمقين في مشروعهم ليكتبوا فصلا واحدا حول الفن الإسلامي...
رحموا أنفسهم و صانوها...
لم يفعلوا ما يمرغ الوجه في التراب...
 
انا اعرف ان (كثير من الاوروبيين) يحظون بمواهب متعددة فمنهم كاتب وفنان(الفن أنواع)
ومنهم مثقف ورسام
ومنهم صحفي وفيلسوف(فوكو كمثال)
ومعلوم ان زيغريد هونكه لما أقبلت على كتابة كتابها شمس الله تسطع على العرب كانت تحظى بموسوعية في عالم السياسة والتاريخ، الفن واللغة، ولذلك وجدناها تخوض في مجالات متعددة في كتابها عن الفن الاسلامي وغير ذلك مما يمكن تتبعه في كتبها الصادرة بالعربية وكذلك آنا باشميل
أنا أرى أن الأمر يجب أن يتعلق ب الفكرة التي يقدمها المتخصص، فقد يكون متعدد المعارف والعلوم ولو خالطتها أخطاء..
وبما أننا لانعرف الشخص المعين أو بالأحرى لم يتكلم عن نفسه بما فيه الكفاية( السيد المحترم موراني كمثال، وكنت قد طلبت منه التعريف بنفسه ونتشرف بما يجيده ونتعرف على شخصيته بصورة جيدة) فإننا يجب أن نركز على الفكرة.. هل هي صحيحة أم لا، وهكذا مع كل أحد كائنا من كان.. حتى لو كان شيخ الإسلام!
 
نصيحة
أنصح السيد موراني و كل من يريد أن يتذوق الهندسة المعمارية
لن أذهب بك بعيدا بل في بلدك ألمانيا و بالألمانية اقرأ و أدرس د. بودو راش Bodo Rasch "يرحمه الله "
ثم يدرس أعمال جاي بونر في الزخرفة المعمارية الإسلامية
بعدها أراهن بأنك تقتنع بأنك تعجلت بالذي يمرغ الوجه بالتراب ...
و ربما تدفعك الموضوعية التي امتزجت بالتذوق بأن تعرف، من ذاق عرف، تنصف ما يتذوقه القوم
دمت بخير يا سيد موراني
 
لا آخذ بهذه النصيحة ، بل أعتمد على المصادر الاسلامية الأصلية كما جاء أعلاه .
وكذلك على أعمال المستشرقين المتخصصين في الهندسة المعمارية الاسلامية .
كل ما ذكرت أعلاه هو من الأمورالمسلم بها ابتداء من البرديات الأصلية من العصر الأموي إلى ما ذكر ابن خلدون في المقدمة .
فأين بودو محمود راش هذا منه... والدراسات حول الزخرفة والفسيفساء في الفن الاسلامي تمليء المكتبات ومكتبتي الخاصة أيضا ، وأكتفي بها ولا أبالي بأسالبيك الغريبة (والمرفوضة عندي) على الاطلاق . وكذلك لا أرى سببا *بتقديم أو التعريف بنفسي* كما طُلب ذلك . إذ نقطة الانطلاق هو دائما تقديم المصادر العلمية في الملتقى العلمي ولا المناظرة بأساليب غريبة ولا التلاعب بمفردات عبثا .
 
"وكذلك على أعمال المستشرقين المتخصصين في الهندسة المعمارية الاسلامية. "
من من هؤلاء تحتكم إليه؟
قد لا يوجد أعمق من جونثان بلوم، المتخصص الشهير في الفن الإسلامي، صاحب الكتب و الموسوعات في الفن الإسلامي، حاورته حول الإسلام ألف سنة من العقيدة و القوة !
Jonathan Bloom and Abdur-Rahman Abou Almajd in dialog about Islam: A Thousand Years of Faith and Power
و هذا أيضا مع أشهر و أعمق متخصصة في الفن الإسلامي
Sheila Blair and Abdur-Rahman Abou Almajd in dialog around Islamic art
يتفهمون، لا يتشنحون، لا ينتزعون الجملة من السياق قسرا
و لا يمرغون وجوههم ...
أنا أشك أن يوجد في مكتبتك حول الفن الإسلامي.
و دمت بخير
 
لكي أنتهي معك هذا الحوار غير المثمر من جانبك أود أن أذكر لك الدراسة ليونتان بلوم الذي تذكره :
Jonathan M. Bloom:
On the transmission of designs in early islamic architecture.
تجدها في هذه المجلة :
Muqarnas Volume X: An Annual on Islamic Art and Architecture
وموقفه دليل على صحة ما ذكرت أنا أعلاه حول هذه *العبقرية* .

وشكرا على الاهتمام ومع السلامة .
 
لعلك ستجد سبيلا لشرح سبب انهاء هذا "الحوار" معك للمشاركين المتابعين له
 
قال السيد المحترم موراني
إذ نقطة الانطلاق هو دائما تقديم المصادر العلمية في الملتقى العلمي
وأنا معك في هذا فليكن الحوار حول الأدلة لا حول الأشخاص وميولهم وتاريخهم، وإن كنت أُضيف أن معرفة ميول الشخص المتعددة ومواهبه المختلفة وتاريخه يفتح لنا طريقا الى الفهم ، الى فهم موقفه أو مراحل تكوينه، أو المؤثرات التي دفعت به الى هذا التوجه أو ذاك
وأذكر أني قرأت اعترافات جان جاك روسو (بحسب عنوان سيرته) فذكر في بداية الإعترافات او سيرته الأسباب المثيرة التي كونت فيه ميوله الأدبية (والده على سبيل المثال وكيف رباه على قراءات معينة) ، كما كتب عن حسد فولتير وعصابته له، والصالونات التي ارتادوها جميعا والمؤامرات التي كانت تدور فيها
مايخص موضوعنا هو ارتباط الباحث المعين بموضوعه، فقد يكون ذلك لموهبة فيه وميل منذ الصغر مثل الميل الى فن الرسم أو الفنون العربية أو الشعر العربي والأدب العربي مثلما كان عليه حال جوته أو الميل الى الجمال العربي كما كان عليه حال آنا ماري شميل أو حتى ميل ماسينيون للتصوف أو ميل هنري كوربان لمادة بحثه في الاشراق الايراني ، وهكذا...
فسؤالي المتقدم للدكتور المحترم موراني يتعلق بهذا الأمر وقصدي منه التعرف على مدى ارتباطه بالموضوع التي كتب فيه، فقد تجد مستشراق من المستشرقين يميل الى فنون العمران الإسلامي أو الهندسة المعمارية الإسلامية لسبب أنها مثلا تلبي حاجاته الروحية المفتونة بمنتجات نفس راضية منتظمة الأنفاس والتصورات تعكس رضاها وموسيقاها المتوازنة الخاصة في أشكال جميلة تشعر النفس عند رؤيتها بإرتياح عجيب.. وهذا نفسه مرتبط بالعقيدة ومنظومة روحية أنشأتها الآيات القرآنية في القراء.
إننا لانتربص بأي محاور بل نحاول التعارف كما أمرنا القرآن، وقد يدفعنا تدفق المعلومات الى البحث عن علائقها في النفس المنتجة، وهذا سبب سؤالي ، وقد مر في الملتقى مجموعة لقاءات مع اساتذة كبار كان آخرهم الدكتور إبراهيم عوض ، وقد حاولنا أن نتعرف على نفسية الباحث الأديب، والناقد الإسلامي الكبير، ليس من خلال كتبه العلمية فقط ولكن من خلال التعرف على سيرته وتاريخ تطوره في الأسرة والمجتمع، في العلم والعلوم.
لابد طبعا من نقطة الإنطلاق وهي الوثائق العلمية ولكن دعونا أن نتعرف على مدى صلة الباحث بموضوعه.
فهذا الأمر يجعل العلم أكثر إنسانية، ويقربنا من فهم العلاقة بين الفنون ومن له باع فيها
ومن الجميل أن نقرأ(أو نتعرف) كلمة للدكتور المحترم موراني تعرفنا عليه بصورة أفضل فقد قال بما يعني أن له صلة ما بموضعه(والدراسات حول الزخرفة والفسيفساء في الفن الاسلامي تمليء المكتبات ومكتبتي الخاصة أيضا)
 
طارق منينة المحترم ،
باعتبارك أحد مشرفي الملتقى لا أشك في صدق حديثك غير أنني لا اتفق عليه .
نحن هنا لعرض دراسات علمية وتحليلها . وقد قمت بهذا بعرض المصادر الأولى في هذا الموضوع وبعد ذلك بتزويد المشارك من أسوان بأساليبه الغريبة والمرفوضة عندي بالدراسة لنفس المتخصص الذي ذكره هو وحاوره ، وهو يشك في مكونات مكتبتي الخاصة . حسن !
لكي لا أطيل الكلام على أحد: هذا الملتقى ملتقى علمي ولا ملتقى التعارف الشخصي . ومن يقول هنا كلاما فهو مسؤول عما يقول وعليه بالمصادر العلمية . هذا هو ما يهم ، والباقي كلام فارغ . فالمناظرة على طريقة مقاهي أسوان فلا مكان له هنا ...في نظري .
 
ماذكره الأستاذ موراني هو عين عبقرية الحضارة الإسلامية، لب هذه الحضارة، في جواهر كلها منطوية في إطار التوجيهات الإسلامية السامية كالحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها فهو أحق بها. ما قدمه المسلمون في عصر التنمية الحضارية الإسلامية في المعمار والفلك والطب والصيدلة والرياضيات والبصريات والكيمياء وهندسة الآلة والحرفة والكتابة كلها ضمن هذه التوجيهات، ولا تخرج عن دائرة التوجيه الإسلامي النبوي العام سواء في الإختبار وتشجيع المنهجية التجريبية (=أنتم أعلم بأمور دنياكم) أو في القدوة العامة كالأخذ بالحكمة الفارسية في الأساليب الدفاعية الحربية (=حفر الخندق). أما ما هو خارج تلك الجواهر، ففروع طبعا.

وبعد التعرف على وجه من أوجه لب الحضارة فليس هناك حاجة بعد *للرسائل الفريدة (على البردية)* ولا لأبحاث أثرية!! لأن من جواهر الحضارة الإسلامية ((الإسناد)) ولا تتوقع منهم أن يسندوا ما ليس لهم لأنفسهم أو أن يدعوا مكانة أعلى أو فوق ما يستحقون، لأن التوجيهات إنزال الناس منازلهم، والإعتراف فضيلتكم، والعمل بالقسط، ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا .. الإسناد بأبعاده العامة والدقيقة، فلا عزاء لمقاتل رحمه الله رغم مكانته وتبحره في التفسير أن لا ينقل ما قيل عنه في عقيدته في الصفات والأسماء وفي تمكنه من الحديث رواية ودراية، بل حتى في التفسير لم يمتنعوا عن تناقل خبر علاقته بالإسرائيليات، وهذا سواء صحت أم لم تصح فإنها رواية وإسناد أما الحكم فللعلم وللتثبت وللتحقق وللتدقيق، إذ ها هو تفسير يسند إليه فليُقرأ ويُراجع ويُدقق ثم يُوازن بين متنه وما نسب له .. إنها العبقرية، ولهذا ربما يمكن تفهم ذاك المستشرق الذي إشترى الحشوية بالعلم وباع نفسه راضيا أن يكون حاطب ليل في تحقيقه كتاب المصاحف لابن ابي داود يأخذ ويرد ويحلل ويؤول حسب منعرجات شيطانية الهوى التي تحركه وتدفع به إلى أن يجتهد ليحصل على مطابقة بين ما في ثنايا الكتاب وما في نفسه التي تأمره ... حاجة في نفس يعقوب قضاها!! ربما حاولنا تفهمه لأنه نشأ في ثقافة مختلفة وترعرع في أحضان توجّه لم ينتج حضارة قوامها الإسناد والأمانة لا تفصل في سياستها بين التعامل الداخلي والخارجي. (إبحثوا عن العلوم الاسلامية الدفينة: روبورتاج من انتاج اذاعة المانية) - انه فيلم وثائقي يوضح بمثال صريح معنى |الاسناد: عبقرية حضارية اسلامية|.

ردي عام إذ لم أقرأ في الفن والهندسة المعمارية الإسلامية إلا شذرات كلها من أقلام أوروبية غير إسلامية، لكن يمكن لي أن أنقل ما قيل وكتب في هذا المضمار، لكن ما قيمة النقل وأنا لم أقرأ تفحصا ودراسة، وإنما قراءتي معلوماتية تجميعية ؟؟ وأحسن الله إلى عبد قرأ مشاركتي فوعاها؛ رب حامل فقه ليس بفقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه! فللفن أهله يدركون التقليد فيه والابداع، وحتى أهله ممكن يضلوا إما لأن إدراكهم محدود في هذه الصناعة أو لميول من الميولات، والمثال على ذلك تخصص د. موراني في الفقه المالكي ودراسة الموطأ كما قيل أو كما قال هو عن نفسه، ورغم تلك الأيام الطوال التي قضاها في مهمته الاكاديمية تلك إلا أنه مال وألحَد في حد معنى الوضع ولم يميز بين المصطلح والمفهوم (في الحديث) والمعنى اللغوي في الفقه المعجمي.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
لن أبدي رأيي فيما سبق كمهندسة معمارية تعلمت وعلمت وعملت في الهندسة منذ أكثر من عقدين، فإن ما تم عرضه على صفحات هذا الموضوع أكبر من شأن متعلق بأصول الأقواس المدببة وشواهدها في الحضارات الإنسانية.
عندما يقوم أحد الأعضاء بالإساءة لغيره بشكل مباشر يطعن في أهله وبلده وثقافته، فقد تعدى هذا الأمر حدود الحوار وانتقل إلى مضمار الإساءات الشخصية، وهذا مضمار ليس له سقف.
قول المشارك د. الموراني بأن حوار الأستاذ عبدالرحمن أبو المجد نابع من مقاهي أسوان، هو إساءة لأسوان، وأهلها، وأهل مصر، ولكل من لديه أدنى علم بالأساليب الحضارية في الحوار.
لست هنا لأنتصر لأحد، ولكن هذه عبارات فاجأتني جدا، ولا تليق بأهل هذا الملتقى الكريم، وهذه سابقة مؤسفة جدا في حوارات ملتقى يجتمع به أهل القرآن ومريديه، لا يقبلها أي شخص، لا من أهل أسوان الكرام، ولا من غيرهم.
والله المستعان.
 
الأستاذ طارق منينة
في حوارات سابقة تدخلت فيها بيني و بين السيد موراني و لم توفق إلى ما تصبو إليه ...
أرجوك دعني و الصديق موراني لا يهم أن يغلبني أو أغلبه
المهم الوصول إلى الحقيقة واضحة جلية
لا تعكر صفو تفكيري بتدخل يثني الحديث إلى القهاوي و الأزقة !
أرجوك لا تتدخل بيني و بينه، دع الحرية متاحة لا تُضيق أو تضيق...
لدي من الألمان أصدقاء منذ فترات طويلة على غير التجريدات المورانية
سبق أن قال:"وجدت كلاما فارغا أعلاه
ولم أجد ما طلبت من الأدلة القاطعة والأمثلة الموضوعية تثبت صحة هذا الهراء أعلاه ، للأسف ".
الكلام الفارغ، حتى الهراء يمكن أن أتحمله
لكن لا أسمح له و لا لغيره أن يمرغ وجهه في التراب...
بروس لورنس لما كتب عن الفن الإسلامي استعان بفنانة شهيرة تمارس الفن و تحاضر فيه ...
و أنت يا طارق تحاول أن تجعله متعدد المواهب...
و مداده لا ينم عن أدنى المواهب...
يا سيد طارق مرات كثيرة تقاطعني الحديث تتدخل-بصفة شخصية أو رسمية- بيني و بين السيد موراني
أضطر آسف للرحيل...
غير مأسوف علي.
دمت بخير يا موراني
دامت تجريداتك الفذة تؤتي أكلها لقوم يستطيبون المذاق و ينكرون...
 
اخي عبد الرحمن أنا لم أتدخل في الحوار ، وإنما بصفتي مشرفا في الملتقى أبين غرض المشرفين من الحوار ومانرمي بطبيعة الأحوال إليه وقد ذكرت ذلك مرات وخصوصا في آخر مداخلة لي، ولم أقل عنك شيء ولاقلت عن الدكتور موراني شيء يسيء، بل تركتكما تتحاوران ، وفقط بيت منهج الملتقى، على ما أظن أنه منهجه، كلامي واضح ويمكن لأي أحد النظر فيه ورؤية غرضي منه.
 
بالمشاركة السابعة أعلاه أهمل عبد الرحمن أبو المجد جميع معايير الحوار المنطقي والمؤدب إهمالا . كنت أتمنى تدخلا من جانب المشرف .

أما القول :
وبعد التعرف على وجه من أوجه لب الحضارة فليس هناك حاجة بعد *للرسائل الفريدة (على البردية)* ...إلخ . فهو رأي غريب جدا . بالأحرى ، نترك جميع أعمال التي قامت بها Nabia Abbott (على سبيل المثال) مشكورة جانبا فلا نحتفل بها ... غير أن هذه القضية تخرج من إطار هذا الموضوع .
 
و أنت يا طارق تحاول أن تجعله متعدد المواهب...
و مداده لا ينم عن أدنى المواهب...
بل والحق يقال الرجل يكتب بالعربية وهذه وحدها موهبة لو صح التعبير(الموهبة)
كما أنه يملك أدوات نراها جيدة
أما الثغرات والنقص والخلل والباطل والهوى أو التلاعب فلا مجال للكلام عليه الآن.
ومعلوم أن رسول الله قال خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام
أي أن هناك ممن لم يسلم بعد خيار، ونحن لانعلمهم، الله يعلمهم، ولانعلم هل هذا الرجل منهم أم لا، لكننا نرى أن فيه خير، وعنده مواهب، نعلم بعضها (اللغة) كما يكتبها (أما فهم اللغة من كلامىالصحابة وأهل التفسير والفقه وأصوله فلم أطلع له على شيء)وأما الفقه فلم أطلع على شيء له وإن كنت أنزلت كتابا له من على النت ولم اقراءه بعد، وربما له مواهب في تذوق الشعر والفن بأنواعه ، فإذا كتب الرجل قصة حياته فربما نقرأ ذلك من سطوره وهناك أخرى نحاول أن نجعله يذكرها لنا كما قلنا مثل مايرتبط بموضوعنا.
هذا في الظاهر أما شأن الرجل (الباطني) وعلاقاته ومؤسساته وأغراضه فلا شأن لنا (في الحوار) بذلك، إنما شأننا الدليل العلمي، وهو الذي عليه مدار الحوار بل مدار هداية الدليل!
أما طريقة كلام الدكتور موراني في السخرية والتهكم والهروب من منطقة الدليل فأنا عن نفسي، خُبرت بهذا خصوصا الهروب من منطقة الدليل كما في موضوع جوته وموضوعه هونكه وغير ذلك من المواضيع، وعلى كل فهذا شأن كل حوار، وقد نفعل مثله إن لم نخف الله، وإن إتبعنا الهوى وحاولنا التملص من الدليل.
ولشيخ الإسلام كلام في هذا الشأن خطير المعنى وقد ذكره في الصفحات الأولى من كتابه إقتضاء الصراط المستقيم.
 
أما القول :
وبعد التعرف على وجه من أوجه لب الحضارة فليس هناك حاجة بعد *للرسائل الفريدة (على البردية)* ...إلخ . فهو رأي غريب جدا . بالأحرى ، نترك جميع أعمال التي قامت بها Nabia Abbott (على سبيل المثال) مشكورة جانبا فلا نحتفل بها ... غير أن هذه القضية تخرج من إطار هذا الموضوع .
هرعت إلى الرد قبل حسن تصور معنى ما أردته فحملت كلامي على غير ما استقام عندي وما ذاك إلا من التسرع وترك تتابع مقالتي وأسلوبها الذي جرت عليه.
 
لم اتسرع إلى شيء ولم أهرع ، حيث الجملة المختارة واضحة بذاتها .
طبعا لك كامل الحرية لفتح مقالا جديدا لشرح ما تقصد بهذا الكلام . لا شيء أبسط من هذا ....
 
لم اتسرع إلى شيء ولم أهرع ، حيث الجملة المختارة واضحة بذاتها .
طبعا لك كامل الحرية لفتح مقالا جديدا لشرح ما تقصد بهذا الكلام . لا شيء أبسط من هذا ....
أقصد نحن لسنا بحاجة لبرديات أو أثريات أو هلوسيات لإثبات إستفادة الحضارة الإسلامية من الحضارات الأخرى في العصر الذهبي لأن هذه المسألة محسومة بالنقل، والمنقول نتعامل معه بمنهج مختلف، ولأن المسلمين، بخلاف عامة الإغريقيين والهيلينيين الذين لم يسندوا صراحة الفنون إلى أهلها في الحضارات التي سبقتهم وعاصرتهم وبخلاف عامة الأوروبيين الذين لم يسندوا الفنون إلى أهلها بل إن فوجا كبيرا منهم كان يدفن تلك الفنون ويخفيها عن الأنظار بما في ذلك ترجمة معاني القرآن إلى اللاتينية، كانوا يسندون القول والفعل إلى صاحبه بل أسسوا علوما في الإسناد والتحقيق والتوثيق. وعليه فإن ما يقع خارج هذه الحقائق و ينافس هذه الدقائق إما مرفوض وإما ثانوي/إضافي/هامشي. و *الرسائل الفريدة (على البردية)* من النوع الثاني أي هي رسائل هامشية لا حاجة لنا بها عندما يتعلق الأمر بإثبات ما نُقل وأُسند نقله وحُقّق.

لا حاجة لموضوع مستقل لأن ما كتبته يدور في دائرة محتوى الموضوع وإنما حاولت إرجاع الفروع إلى الأصول كما حاولت أن أربط المشاركة بالقرآن (موضوع هذا الملتقى) بعيدا عن الفن والهندسة المعمارية والألوان والأقواس و*البردية*...
 
عودة
أعلى