ظواهر صرفية في القرآن الكريم: الإبدال

إنضم
09/07/2011
المشاركات
75
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
الجديدة ، المغرب
بسم الله الرحمن الرحيم



السلام عليكم و رحمة الله و بركاته




الإبدال بمعناه الصرفي هو وضع حرف مكان حرف آخر بشرط ألا تكون هذه الحروف حروف علة تبدل في ما بينها لأن هذا يسمى إعلالا و هو موضوع آخر . والإبدال قانون من القوانين الصوتية و الصرفية في آن واحد ،بمعنى أنه قد تجتمع عوامل صوتية و صرفية معا لتؤدي إلى حدوث الإبدال في اللفظ .
و تفيد معرفة الإبدال مستعمل اللغة في أمور كثيرة ، أهمها تمكينه من حسن استخدام المعجم ،لأنه بمعرفته بوجود إبدال في كلمة ما يتمكن من معرفة اصلها المبدل منه و بالتالي يقوم بإرجاعها إلى أصلها مما يسهل عليه البحث عن معناها داخل المعجم . كلفظ "اتحاد " مثلا أبدلت فيه الواو تاء ، وأصله واوي ،أي من فعل "وحد "، فحين يكون الشخص ملما بالإبدال سيذهب داخل المعجم مباشرة إلى حرف الواو و ليس الألف ، وهو يبحث عن معنى هذا كلمة " اتحاد ".
ويحدث الإبدال في اللغة في مواضع مضبوطة من النسق العربي منها :
أ ـ إذا كان الفعل المعتل مثالا واويا ( أي فاؤه أو حرفه الأول واو ) فإن هذه الواو تبدل تاء في صيغة الافتعال ، ثم تدغم التاءان في بعضهما . مثل : وصف إذا صغناها على وزن افتعل تصبح ـــــــ اوْتَصَفَ ، فتبدل الواو تاء ـــــــ اتْتَصَفَ ، ثم تدغم التاء في التاء ــــــــــ اتَصَفَ .
وقد جاءت في القرآن الكريم آيات كثيرة حدث في أفعالها هذا النوع من الإبدال نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر قوله تبارك وتعالى : ( والقمر إذا اتسق ) الإنشقاق 18 ، ففعل (اتسق ) مشتق من (وسق )المثال الواوي ، وقوله سبحانه وتعالىأيضا : (أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة) الزمر 34 ، والشاهد هنا هو فعل (يتقي ) المشتق من (وقى) المثال الواوي كذلك ، و قوله جل وعلا: (هم و أزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون ) ،حيث اشتق اسم الفاعل الذي جاء جمع مذكر سالم (متكئون ) من (وكأ) المثال الواوي ، إلى غير ذلك من الآيات التي لا يتسع المجال لذكرها هنا .
ب ـ إذا كان الفعل ثلاثيا فاؤه ( أي حرفه الأول ) دال أو ذال أو زاي فإن تاء الافتعال تبدل دالا مثل : دَثَرَإذا صيغت على وزن افتعل تصبح ـــــــ ادْتَثَرَ، فتبدل تاء الافتعال دالا فتصبح ـــــــ ادْدَثَرَ ، ثم تدغم الدالان في بعضهما ــــــــ ادَثَرَ
و مثل: زان / ازتان / ازدان
ومثل :ذكر /اذتكر / اذدكر /ادكر
وهذا النوع من الإبدال موجود أيضا في كتاب الله تبارك وتعالى، نمثل له بقوله جل جلاله: ( وأنبئكم بما تأكلون و ما تدخرون في بيوتكم ) آل عمران 49 ، والشاهد هو قوله (تدخرون ) الذي اشتق من (دخر) وطبقت عليه قاعدة الإبدال السالفة الذكر، وكذلك بقوله تعالى : ( وقال الذي نجا منهما و ادكر بعد أمة ) يوسف 45 ،الذي حدث في فعلها (ادكر ) إبدال وهو مشتق من (ذكر ) و و ضحنا ما حدث فيه من إبدال آنفا ، و منه أيضا قوله سبحانه وتعالى : (فكذبوا عبدنا و قالوا مجنون و ازدجر ) حيث وقع إبدال في ( ازدجر ) الذي اشتق من (زجر) .
ت ـ إذا كان الفعل ثلاثيا فاؤه صاد أو ضاد أو طاء او ظاء فإن تاء الافتعال تبدل طاء مثل : (صلح )إذا صيغت على وزن افتعل تصبح ـــــــ اصْتَلَحَ ، ثم تبدل تاء الافتعال طاء ـــــــــ اصْطَلَحَ
ومثل : ضرب / اضترب /اضطرب
ومثل : طلع / اطتلع / اطلع
أما عن ورود هذا النوع من الابدال في كتاب الله جل وعلا فنمثل له بقوله عز وجل: (الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس ) الحج 75 ، والشاهد هو ( يصطفي ) ، وقوله تبارك وتعالى كذلك : (نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ ) لقمان 24 ، حيث حدث إبدال في (نضطرهم ) ، وقوله سبحانه وتعالى أيضا : ( إذ قال موسى لأهله إني آنست نارا سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون )الآية7 من سورة النمل ، ففعل (تصطلون ) جاءت فاؤه صادا (صَلِيَ ـ يَصْلَى) وبالتالي لو صيغ على وزن افتعل سيصبح (اصتلى ) ثم بعد تطبيق قاعدة الإبدال (اصطلى )
... إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة التي تبين أن ظاهرة الإبدال من الظواهر الصرفية الموجودة بشكل كبير في القرآن الكريم ، كيف لا والنص القرآني هو الذي استنبطت منه العلوم اللغوية كلها : من صوت و صرف و نحو و دلالة .
 
بارك الله فيك يا أم معاذ وبارك في علمك ، وأكرر تعزيتكم في حماتكم والدة الدكتور أحمد الضاوي رحمها الله وغفر لها وأحسن عزائكم .

وأما الموضوع المبحوث أعلاه فهو موضوع طريف ، ومعلومات مبسطة قيمة لموضوع من دقائق لغة القرآن الكريم التي نحن في أمس الحاجة إلى التذكير بها ومدارستها . وقد فرغتُ للتو قبل أيام من قراءة كتاب قيم في هذا الباب بعنوان (ظواهر تصريف الأفعال في القراءات السبع الشهيرة : دراسة صرفية تطبيقية) للدكتور غمبو حسن .
1608.jpg
ناقش فيه موضوع تصريف الأفعال لدى القراء السبعة والفروق المعنوية في ذلك وحاول استيعاب الموضوع ، وبذل جهداً مشكوراً ، ولعلكم اطلعتم على هذا الكتاب الذي نشرته مؤسسة المختار للنشر والتوزيع بالقاهرة هذا العام 1432هـ وصدر في مجلد عدد صفحاته 358 صفحة ، والمؤلف من نيجيريا وهي رسالته للدكتوراه فيما يبدو لي من ترجمته التي ختم بها كتابه .
 
جزاك الله خيرا أخي عبد الرحمن على تعزيتك و مواساتك ، و على مرورك الكريم على الموضوع ثم على تعليقك الطيب . و أنا حاولت التبسيط ما أمكن في الموضوع ولم أطل فيه بالتفصيلات وإنما اختصرت قدر الإمكان بغية تقريب الموضوع من الإخوة الافاضل مرتادي هذا الموقع المبارك و المفيد . أرجو أن أكون قد أفدت ولو بالقليل إخوتنا الكرام
تحية طيبة إليك مرة أخرى .
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
لقد أفدتِ بالكثير جزاك الله خيرا د. خديجة إيكر, و ياليتك أطلتِ, فإن علم الصرف من أهم علوم اللغة العربية و خاصةً الإبدال.

بارك الله فيك شيخنا عبد الرحمن, لقد اشتريت هذا الكتاب قبل اسبوعين, فهو من أروع ما كُتب في هذا موضوع.
 
لا زلت ترتقين وتتألقين منذ سمعت محاضراتك في جامعة شعيب الدكالي .
بارك الله فيك وفي أهل بيتك .
أتمنى على الأخ عبد الرحمان الشهري وطاقم هذا الملتقى الاستفادة من هذه اللغوية المتمكنة الهادئة في أكثر من قسم من أقسام ملتقى أهل التفسير .
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
لقد أفدتِ بالكثير جزاك الله خيرا د. خديجة إيكر, و ياليتك أطلتِ, فإن علم الصرف من أهم علوم اللغة العربية و خاصةً الإبدال.

بارك الله فيك شيخنا عبد الرحمن, لقد اشتريت هذا الكتاب قبل اسبوعين, فهو من أروع ما كُتب في هذا موضوع.
وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته
أشكرك أخي الكريم الأستاذ عبد الرزاق الأحمدي على حسن اطلاعك و على كلماتك الطيبة .
 
لا زلت ترتقين وتتألقين منذ سمعت محاضراتك في جامعة شعيب الدكالي .
بارك الله فيك وفي أهل بيتك .
أتمنى على الأخ عبد الرحمان الشهري وطاقم هذا الملتقى الاستفادة من هذه اللغوية المتمكنة الهادئة في أكثر من قسم من أقسام ملتقى أهل التفسير .
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
شكر الله لك أخي الحسن ما قلته في حقي ، وإن كانت هذه الكلمات أكثر مما أنا عليه . فما أنا إلا طالبة علم أستفيد من الإخوة الكرام في هذا الملتقى المبارك ، و أحاول أن أفيد ولو قليلا .
 
عودة
أعلى