البينه التالية كانت واحده ولكن في مضمونها كانت ترد على كثير من ظنونهم التي كما عرفنا ان منها الشك في اقوال الانس والجن وكبرهم ، فجاتهم قرينه واحد أذهبت عنهم اعتقادتهم الباطله ، وتضمن البرهان ايضا إخبارهم بسورة الجن نفسها ، والتاكيد على أن رسالة ونبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
البينه هي ..
قوله تعالى
{ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا (18) } (سورة الجن )
هي تقديم وأخبار وتاهيل للرسول صلى الله عليه وسلم ، بما هو مقدم عليه ..
فالمسجد الاقصى أشبه بالخراب ولاتتضح معالمه ، ولاأحد يعرف أن المنطقه فيها مسجد أصلا ،وفيها إعجاز تدبري ظاهر(فمثلا .. مدعي النبوه واليهودي والنصراني لايعرفوا حدوده أبدا ولو أخطا احدهم بالقليل عرف الجن كذبه )
وإحتمال إتخاذ هؤلاء الجن المسجد سكنا لهم وعلاقتهم بسليمان عليه السلام
وارده وإن كان لادليل عليها
وتم طردهم بهذه الاية من حدود المسجد
وربط ماسبق بقوله تعالى ..
{ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) } (سورة الإسراء )
كيف ذلك ...
لايوجد في القران آيه في السياق لاترتبط بغيرها ، فالنص القراني فيه أسرار عظيمه وحكم بليغه ، ويستند
الاستنباط (ولله الحمد والمنه ) على بعض الامور (بلاغيه أولغويه ) كالابهام في القران والتعريف والجمع والافراد والتثنيه ، المسجد الحرام لم يرتبط ذكره مع المسجد الاقصى إلا في آية واحده في القران ، في اية الاسراء والمعراج
فكان الدليل المستنبط كالاتي
اولا : خلاصة إحصائيه (بدلاله العهد )
ذكر مسجد بيت المقدس والمسجد الحرام مع مساجد أخرى
نعم ، ورد ذلك في أكثر من آية ولكن الذكر لهما متلازمين ولا مسجد أخر معهما
ورد في القران في موضعين فقط لاغير(سورة الجن وسورة الاسراء)
ثانيا: يعلم من ديننا ضرورة أنه لاحرف في القران زائد أوسياقا لامعنى له
فذكرهذا المسجد في سورة الجن يدلنا على أنها كانت
ليلة الاسراء الي المسجد الاقصى فهو عليه الصلاة والسلام
لم يصل فيه إلا في هذه الليلة
(المساجد )
لم تقع (بالجمع والتعريف ) غير مرتين ، فلام التعريف فيها الاختصاص
وتدل على العهد لاوائل العهد المكي وفيها الاستغراق والجنسيه والشمول لكل المساجد ،
ولكن هنا والمهم هي الدلاله
العهديه للام التعريف ،
مانقله ابي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لم يكن يوم نزلت هذه الآية في الأرض مسجد إلا المسجد الحرام ، ومسجد إيليا : ببيت المقدس (أنتهى )
روى البخاري (3366) ، ومسلم (520) عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، قَالَ : " قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ : أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّلُ ؟ ،قَالَ: ( الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ) ، قُلْتُ : ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: ( الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى ) ، قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا ؟ ، قَالَ: ( أَرْبَعُونَ سَنَةً ) " .
فقوله تعالى
{ وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19) } (سورة الجن )
كانت ببيت المقدس ، ليله الاسراء والمعراج وهناك ، تمت دعوة الجن كلهم مسلمهم وكافرهم والقاء الحجه عليهم ، الاسراء والمعراج ، لم يكن خاصا بالجن أو بسببهم، ولكن أظهر لهم الله سبحانه وتعالى حجته وبرهانه وفي طريق مرور (عبد الله )
وهو محمد عليه الصلاة والتسليم عارجا للسماء
ولادليل على تفاصيل..
ولكننا نعرف أن من كان معه جبريل عليه السلام والبراق ، وانه عليه الصلاة والسلام صلى بالانبياء صلوات الله عليهم وسلامه في المسجد الاقصى
فكانت هذه البينه الدامغه على الجن بما لاحجة ورائه ، وردت على من شك أويشك منهم في أن القران من غير عند الله وأرجع اليهم سبحانه وتعالى أقوالهم على لسان نبينا صلى الله عليه وسلم (قرانا نتلوه )
وأزيل كبرهم ونظرتهم للانس او اية كبرأوالشك بهذه البينة
فالجن لم يحتاجوا لدليل أخر على صدق رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وصدق القران
وقوله تعالى ..
{ لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا (28) } (سورة الجن 28)
الله سبحانه وتعالى (ليعلم ) : ولام السببيه ، اي أن ما سبق من الحجج والبراهين كان سببه مايلي وهو : تعليم الجن ، وافهامهم أن الرسل قد بلغوا رسالات ربهم
وانه قد احاط بما لديهم (من عمل أو قول أو نيه وهم الجن) وأحصى كل شي عددا
(وتعم الايه كل شي أخر )
مع ملاحظة أن السببيه في الاية قد تشمل رسولنا عليه الصلاة والسلام
قاله المفسرون ولا منافاه ، تشمل الجميع
والله أعلم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته