ظاهرة العبث بأحاديث المهدي !

إنضم
15/04/2006
المشاركات
161
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
ظاهرة العبث بأحاديث المهدي !
قبل أيام قرأتُ خبراً يُعزى لأبي هريرة رضي الله عنه قاله وهو على فِراش الموت ذكر فيه تاريخ الحربين العالميتين واسم هتلر !
مثل هذه الرواية المرسلة الباطلة التي يُرَّوج لها في بعض الكتب وفي القنوات الفضائية من بعضِ المتعالمين ، الهدف منها تشويه التراث الاسلامي والعقيدة الإسلامية ومحاولة تقزيمهما .

خروج المهدي عند أهل السنة متواتر لا ريب في ذلك ، ومن احتج بحديث : ” لا مهدي إلا عيسى ابن مريم ” الذي أخرجه ابن ماجة فقد غلط ، لأن في إسناده مقال فلا يصح .

هناك ثمانية أحاديث صحيحة وحسنة تفيد بخروج مهدي أهل السنة من المشرق وتبين صفته وأحواله . وهناك غيرها مئات الأحاديث والروايات الضعيفة والواهية . وعدم إيراد البخاري ومسلم لأحاديث المهدي ليس شرطا في عدم صحتهما ، وقد تقرر عند الأصوليين أن الشرط لا يلزم من وجوده وجود ولا عدم.

• تتمثل ظاهرة العبث بأحاديث المهدي بما يلي :

1-إشغال الناس بالتطلُّع لأشراط الساعة وترك العمل والإجتهاد في الإقبال على فضائل الطاعات ، كالإستدلال بخبر خروج رجل صالح يقال له منصور يوطِّىء لخروج المهدي ، وهو باطل لا يصح .

وكالاستدلال بحديث نافع بن عتبة مرفوعاً : ” تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله ” أخرجه مسلم ، وهو استدلال في غير محلِّه ، لأنها فُتحت في زمن الصحابة رضي الله عنهم ، وبقول كعب : ” علامة خروج المهدي ألوية تُقبل من المغرب عليها رجل أعرج من كندة ” وهو باطل لا أصل له . وقد تقرَّر عند الأصوليين أن تحميل النص ما لا يحتمل ، ممنوع في شرع الله لأنه زيادة في دين الله .
والصحيح هو العكس فعن أنس مرفوعاً : ” إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليفعل ” أخرجه أحمد بسند صحيح .

وفي بعض الروايات :” إذا سمعت بالدجال وأنت على ودية تغرسها فلا تعجل أن تصلحها ، فإن للناس بعد ذلك عيشاً ” أخرجه البخاري في الأدب المفرد بسند حسن .

2-القول بوجوب التعبد لله بانتظار خروج المهدي ، وهذه ظاهرة عمَّت عند الفرق والجماعات لا سِّيما أهل التكفير والتحزُّب سببها اليأس والقنوط والجهل بسنن الله الكونية .
فمن تأمل أحاديث الفِتن يلحظ أنها تدعو للعمل لا لليأس والإعتماد على التخيلات والأوهام .

3- هجر سؤال الله العافية وحسن العاقبة عند اشتداد الفتن وكثرة القتل واستباحة الدماء وتغيُّر حال الناس . فالمشاهد في الناس هو العكس إلا من رحم الله ، كالتمادي في اللهو والملذات والتكاسل عن العبادة وتربية النفس وشحذ الهمم .
4-الإغراق في الحديث عن مولد المهدي ومكان خروجه ، مما أشغل طلبة العلم وعوام الناس عن الاشتغال بالأهم ومطارحة الأصول .

وفي ظني أن هذا الإتجاه جاء من الصوفية وبعض من وقع عليهم ظلم من الملوك قديماً وحديثاً . فمن زمن الحجاج بن يوسف الثقفي (ت: 95هـ ) إلى عصر التتار لم نسمع أو نقرأ لإمام حثَّ الناس على مذاكرة حياة المهدي ومدارسة ولادته وظهوره على سبيل النفير له ، لاستعجال ظهوره ! .

5- تنزيل الوقائع السياسية المعاصرة على أحاديث خروج المهدي وربطها بالتسلسل الزمني لفتن الزمان . وهذا التقعيد سخيف ويدلُّ على جهل بسنن الله وشرعه ، وسببه تضخيم المتعالمين للواقع وكأنه شرٌّ محض لا خير فيه .

6- تكييِّف تعبير الرؤى على سنوات معينة أو أشخاص معينيين لإثبات خروج المهدي والقطع بذلك وكأنه وحي لا ريب فيه . وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجَّب من جرأة من يتلاعب بفتاوى الطلاق في زمنه في الحديث المشهور : “أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم ” أخرجه النسائي بإسناد حسن . فكيف لو رأى من يتلاعب بأشراط الساعة في زمننا ؟! .

7- بعض الجماعات تزعم أن الرايات السُّود في زماننا هي مقدِّمة المهدي الذي بشر به الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويُردُّ عليهم بالقاعدة الجدلية المعروفة : ” إن كنت ناقلاً فالصحة، وإن كنت مدعياً فالدليل ” . وهذا تحسين عقلي ، وقد تقرَّر عند الأصوليين أن العقل لا يجوز له بناء الأصول وتزيينها للناس إلا بنصِّ أو خبرٍ واضح وصريح .

8- الإفتئات على الشريعة والإستدراك على الرسول صلى الله عليه وسلم بأن زمننا الآن آخر أيام الدنيا . فلا يعلم من بقي من أيام الدنيا إلا الله تعالى . فيظن بعض الناس أن قيام الساعة بعد خمسين سنة أو أقلَّ على حسب ما يُروى لهم ، وهذا تكهُّن ورجم بالغيب . وخروج المهدي كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ” يخرج المهدي في آخر أمتي ” أخرجه الحاكم بإسناد حسن . وآخر الأمة توقيقي لا يمكن الجزم به ولو على سبيل التقريب ، لأنه مما استأثر الله بعلمه ، فيحرم على آحاد الناس تحديده أو تقريبه بالسِّنين ؟! .

9- إدِّعاء المهدية هذه الأيام بقوة وجرأة لم تكن معروفة من قبل ، مثال ذلك ما يُشاع اليوم من خروج رجل يزعم أنه صالح يقال له ” ناصر محمد اليماني ” بويع له بالمهدية وبالسمع والطاعة . وقد انتشر خبره بين العوام وبعض المثقفين .

وقد تواتر في الصِّحاح أن عيسى عليه السلام يُصلِّي خلف المهدي ، فكيف ينتشر هذا الجهل والسخف المركَّب بين الناس ويتلاعبون بشرع الله وسننه؟! .

10-الزعم بأن البخاري ومسلم لا يُثبتان عقيدة خروج المهدي بدليل عدم روايتهما لأحاديث خروجه ،كذب عليهما وتلفيق على الناس ، فالشيخان لم يلتزما بإخراج كُّل صحيحٍ في السنة ، فقد انفردا بأحاديث صحيحة تدل على فقهيهما . وقد قال الإمام النووي (ت: 676هـ) رحمه الله تعالى مُعلِّقا على هذه الشبهة : “وهذا الإلزام ليس بلازم في الحقيقة فإنهما لم يلتزما استيعاب الصحيح ، بل صح عنهما تصريحهما بأنهما لم يستوعباه وإنما قصدا جمع جُمَل من الصحيح كما يقصد المصِّنف في الفقه جمع جُمَل من مسائله لا أنه يحصر جميع مسائله ” .

فالمقصود من هذا المقال حفظ هيبة أشراط الساعة بعامة والمهدي خاصة ، فلا يجوز ترك الساحة لأقزام الناس والمتعالمين لتجيِّير مسائل الشرع لطوائف معينة أو لجماعات حزبية ضالة .
هذا ما تيسر تحريره ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .

د/ أحمد بن مسفر العتيبي


( منقول )
ظاهرة العبث بأحاديث المهدي ! | مدونة المتوقِّد
 
الحمد لله
يمكن عكس السؤال على الأخوين كاتب الموضوع ومورده فيقال لهما: أليس استخدام مصطلح التواتر لغير ما وُضع له من العبث بالعلم؟!
لا أحد يستطيع الزعم بأن حديث المهدي متواتر إلا أحد اثنين رجل يجهل معنى التواتر أصلا ورجل تجرأ على استخدامه في غير محله على علمه به! ومن يستطيع أن يزعم أن الصحيحين تركا حديثا متواترا؟! وكيف يمكن ادعاء ذلك؟!
أكتفي بهذا القدر
والله الموفق
 
عودة
أعلى