د عبدالله الهتاري
New member
- إنضم
- 17/03/2006
- المشاركات
- 159
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
تأملت في قوله تعالى
( أذلك خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ. إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِين . إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ . طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ)
َ
وقد تحير علماء اللغة في أصل كلمة (زقوم )
فوجدتها من زق الطائر فرخه إذا ألقى الطعام في جوفه ، فهناك نوع من الطيور يزق الطعام في جوف صغاره.
وكذلك الحال هنا - والعياذ بالله - فشجرة العذاب هذه لاتنتظر مجيء المعذبين ليأكلوا منها وإنما تباشرهم بزق الطعام في أجوافهم.
وهذا أشد أنواع العذاب وأنكاه!
وهي شجرة غريبة مخالفة لماعرفته عقول البشر عن الشجر، فطبيعة النار تحرق الأشجار وهذه تنبت في أصل النيران..!
ثم نجد في لفظة (زقوم ) وقعا صوتيا قويا يحاكي شدة العذاب.
فالقاف صوت مستعل مفخم شديد مضعف تحاكي حالة صعوبة النطق به في هذا المقام الصعوبة والشدة في الأكل منها و بلع الطعام ، وتمتد هذه المشقة بما يوحيه مد الصوت بالواو في. هذ الكلام ، ثم تأتي الميم الشفوية التي ينغلق الفم عند النطق بها محاكيا ذلك حالة انغلاق الفم عند بلع الطعام.
وناسبت غرابة اللفظة غرابة الموقف والوصف في هذا المقام.
و أثار البيان القرآني المعجز بهذا التشبيه مكامن الدهشة والذهول لدى خواص العلماء من متلقيه.
بل كانت هذه الآية سببا لأن يكتب أبو عبيدة كتابه (مجاز القرآن )
والمراد به ما يرد في القرآن وهو جائز في لسان العرب.
والمعهود في البيان العربي هو تشبيه المجهول بمعلوم ليقرب فهم ذلك المجهول.
ومن منا رأى رؤوس الشياطين ؟!
وكان المتوقع في البيان أن يرد على نحو (طلعها كأنه رؤوس الثعابين )
وهي صورة مفزعة قبيحة دون شك معلومة مفهومة للعقل البشري ، لكن الأقبح منها والأشد شناعة وبعدا في التشبيه والخيال ، ما جاء عليه نظم القرآن.
لأنه أراد أن يفتح مجالا رحبا واسعا يسبح فيه الخيال في تصور هذا القبح فلا يصل فيه إلى نهاية أو حد ، وهذا هو معجز البيان.
زد على ذلك مناسبة التشبيه برؤوس الشياطين ليكون الجزاء من جنس العمل ، فهذا العذاب المفزع الشديد المهول متناسب مع من يستحقه من رؤوس شياطين الإنس والجن.
وهذا هو أدق التناسب في الوصف والبيان!
إنه البيان الذي يبز كل بيان ، ولغته التي تهيم فيها اللغة ويعلوها برونق البيان، وتخر في محرابه جباه العلماء وعقول أساطين البيان خاشعة باكية على الأذقان.
[د عبد الله الهتاري]
( أذلك خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ. إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِين . إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ . طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ)
َ
وقد تحير علماء اللغة في أصل كلمة (زقوم )
فوجدتها من زق الطائر فرخه إذا ألقى الطعام في جوفه ، فهناك نوع من الطيور يزق الطعام في جوف صغاره.
وكذلك الحال هنا - والعياذ بالله - فشجرة العذاب هذه لاتنتظر مجيء المعذبين ليأكلوا منها وإنما تباشرهم بزق الطعام في أجوافهم.
وهذا أشد أنواع العذاب وأنكاه!
وهي شجرة غريبة مخالفة لماعرفته عقول البشر عن الشجر، فطبيعة النار تحرق الأشجار وهذه تنبت في أصل النيران..!
ثم نجد في لفظة (زقوم ) وقعا صوتيا قويا يحاكي شدة العذاب.
فالقاف صوت مستعل مفخم شديد مضعف تحاكي حالة صعوبة النطق به في هذا المقام الصعوبة والشدة في الأكل منها و بلع الطعام ، وتمتد هذه المشقة بما يوحيه مد الصوت بالواو في. هذ الكلام ، ثم تأتي الميم الشفوية التي ينغلق الفم عند النطق بها محاكيا ذلك حالة انغلاق الفم عند بلع الطعام.
وناسبت غرابة اللفظة غرابة الموقف والوصف في هذا المقام.
و أثار البيان القرآني المعجز بهذا التشبيه مكامن الدهشة والذهول لدى خواص العلماء من متلقيه.
بل كانت هذه الآية سببا لأن يكتب أبو عبيدة كتابه (مجاز القرآن )
والمراد به ما يرد في القرآن وهو جائز في لسان العرب.
والمعهود في البيان العربي هو تشبيه المجهول بمعلوم ليقرب فهم ذلك المجهول.
ومن منا رأى رؤوس الشياطين ؟!
وكان المتوقع في البيان أن يرد على نحو (طلعها كأنه رؤوس الثعابين )
وهي صورة مفزعة قبيحة دون شك معلومة مفهومة للعقل البشري ، لكن الأقبح منها والأشد شناعة وبعدا في التشبيه والخيال ، ما جاء عليه نظم القرآن.
لأنه أراد أن يفتح مجالا رحبا واسعا يسبح فيه الخيال في تصور هذا القبح فلا يصل فيه إلى نهاية أو حد ، وهذا هو معجز البيان.
زد على ذلك مناسبة التشبيه برؤوس الشياطين ليكون الجزاء من جنس العمل ، فهذا العذاب المفزع الشديد المهول متناسب مع من يستحقه من رؤوس شياطين الإنس والجن.
وهذا هو أدق التناسب في الوصف والبيان!
إنه البيان الذي يبز كل بيان ، ولغته التي تهيم فيها اللغة ويعلوها برونق البيان، وتخر في محرابه جباه العلماء وعقول أساطين البيان خاشعة باكية على الأذقان.
[د عبد الله الهتاري]