الحبيب الفاضل د. جمال.
من حيث التقييد (
تحليلية مقارنة ) لم أقف على ذلك حتى الآن، ولا أشك أن الأساتذة في ملتقانا المبارك، سيوافونك بما وافت به جهينة، حال اطلاعهم على شيئ في ذلك.
ولا أخفيك أني قد فكرت إبان حيرتي في اختيار موضوع الدكتوراه بما يشبه العنوان المطروح، إلا أن مشرفي الفاضل حفظه الله، اعترض لأن هذا الموضوع قد طُرق بكثرة قديما وحديثا، وغاص العلماء بعمق في مكوناته، ولا أقصد التقليل من أهميته، بل تناول المواضيع التي لم يتطرق إليها، أو ندرة ما كتب حولها.
وعموما فمن الرسائل العلمية الشبيهة- وقد ذكرها آنفا أستاذي القدير د. أحمد البريدي- رسالة د. سليمان القرعاوي. وتفصيلها على النحو الآتي:
الوجوه والنظائر في القرآن الكريم دراسة وموازنة (
رسالة دكتوراه)
أ.د. سليمان بن صالح القرعاوي
تاريخ المناقشة: 1407هـ.
لجنة المناقشة: المشرف الدكتور/ محمد الراوي، والدكتور/ زاهر الألمعي.
خطة البحث: يتكون هذا البحث من مقدمة وثلاثة أبواب وخاتمة:
المقدمة: وتعرض فيها لبيان أهمية الموضوع وأسباب اختياره.
الباب الأول: الوجوه والنظائر في القرآن الكريم وفيه فصلان:
الفصل الأول: في المراد بالوجوه والنظائر.
الفصل الثاني: في أهمية هذا الفن ونشأته.
الباب الثاني: المؤلفون ومؤلفاتهم في الوجوه والنظائر، وفيه:
الفصل الأول: المؤلفون في الوجوه والنظائر.
الفصل الثاني: المؤلفات في الوجوه والنظائر.
الباب الثالث: الدراسة الموازنة وقد ذكر فيه دراسة عن (165) مائة وخمسة وستين كلمة في القرآن الكريم.
الخاتمة: وقد ذكر فيها أهم النتائج التي توصل إليها ومن أبرزها:
(1) إن ما في كتب أصحاب الوجوه والنظائر تختلف –زيادة ونقصاً- عن بعضها البعض، ولكنها تكاد تجتمع كلمتها على معان متفقة للفظ واحد، ثم تفترق في بعض الوجوه، ويعزي هذا الاختلاف.
إما لأن أحدهم يذكر اشتقاقات كثيرة للفظ واحد، كما هي عادة الدامغاني، وقد عاب ابن الجوزي هذه الطريقة، فقال:"ولقد قصد أكثرهم كثرة الوجوه والأبواب، فأتوا بالتهافت العجاب، مثل أن يترجم بعضهم، فقال: باب الذرية، وذكر فيه (ذرني)، و(تذروه الرياح) و(مثقال ذرة)، وترجم بعضهم فقال: باب الربا، وذكر فيه:(أخذة رابية) و(ربيون) و(ربائبكم) و(جنة بربوة)، وتهافتهم إلى مثل هذا كثير يعجب منه ذو اللب إذا رآه".
وإما لأن أحدهم تساهل في ذكر معان أخرى زائدة كما صنع ابن الجوزي في كتابه "نزهة الأعين النواظر"، حيث قال:"وقد تساهلت في ذكر كلمات نقلتها عن المفسرين، لو ناقش قائلها محقق لجمع بين كثير من الوجوه في وجه واحد، ولو فعلنا ذلك لتعطل أكثر الوجوه، ولكنا تساهلنا في ذكر ما لا بأس بذكره من أقوال المتقدمين، فليعذرنا المدقق في البحث".
لذا قمت بالموازنة والبحث والاستقصاء، وتثبيت الثابت، فيما تبين لي، وظهرت حقيقته.
(2) إن أصحاب الوجوه والنظائر كثيراً ما يذكرون معنى اللفظ بما يخالف ما ذكره بعض المفسرين، وهم بهذا لا يجعلونه هو المعنى الصائب، بل إن من وجوه هذا اللفظ كذا.. بصرف النظر عن قوته أو ضعفه، ولم أغض الطرف عنه، بل قارنت وكشفت الحذر عن وجه الحقيقة.
(3)من خلال استقرائي للآيات المستشهد بها عند بعض أصحاب الوجوه والنظائر، رأيت أن غيرهم يستشهد بها على معنى آخر، وهذا يعني أن للآية الواحدة وجهين، نظر إليها بعضهم باعتبار دلالتها على وجه، ونظر إليها الآخرون باعتبار دلالتها على وجه آخر.
ولقد لقيت مني هذه الظاهرة عناية بالبحث والتدقيق والترجيح.
(4) إن كتب المتأخرين قد وجدت فيها زيادة عن كتب الأقدمين، وذلك لأن المتأخرين قد زادوا وجوها رأوا في اللفظ احتمالاً لها، وقد أشار ابن الجوزي إلى ذلك، حيث قال:"وزدت فيها من التفاسير المنقولة ما لا بأس به، وقد تساهلت في ذكر كلمات نقلتها عن المفسرين...".
وعلى هذا فإن غالب النظر، والبحث، والدراسة، إنما تجري في هذه الزيادات.
أما ما اتفق عليه، فقل أن تجد فيه بحثاً، اللهم عند الاختلاف في الاستشهاد في بعض الآيات التي احتملت وجهاً آخر عند باحث آخر.
ومن أصحاب الوجوه والنظائر من زاد الألفاظ معان أخرى لا يحتملها اللفظ، حيث أسهب في بعض وجوه هذه الألفاظ عن حد يخرجه عن المألوف، من ذلك ما ورد في (كشف السرائر) لابن العماد، في تفسير لفظ (الشرك) و (المشي) و(الخزي).
(5) من خلال بحثي في المؤلفات ومؤلفيها، وجدت مشكلات ومعضلات:
منها: ما وجدت مؤلفه، ولكن لم نجد مؤِلفه، كما هو الحال في أحمد بن فارس الرازي، فقد صحت نسبة كتاب "الأفراد" إليه كما أشرنا في موضعه.
ومنها: ما وجدته منسوباً إلى مؤَلفه، ولكن لم أعرف من هو على وجه التعيين.
ومنها: ما وجدته مخطوطاً، ووجدت نسبة خاطئه إلى مُؤلف، كما هو الحال في كتاب "الأشباه والنظائر" للثعالبي، وحققت هذا الأمر جهد الطاقة، وأثبت الحقيقة في موضعها.
ولقد استرعت هذه الظاهرة انتباهي كثيراً في بداية البحث، ألا وهي كثرة متابعة الثعالبي لابن الجوزي، حيث كنت أقول في الوجوه الزائدة (قال ابن الجوزي وتابعه الثعالبي)، ثم وجدت أن هذه المتابعة لم تكن محض صدفة، ولا تشابه في طريقة التفكير بينهما، وإنما الأقرب للحق، أن تكون تلك الموافقة في النقل، وأن الكتابين هما لابن الجوزي، ولكن المخطوطتين للكتابين لناسخين مختلفين، ولا يعقل بحال من الأحوال أن يكون الاتفاق في النقل حتى في الزيادة والخطأ، فإن اتفاق الحق والصواب أمر ممكن، أما الاتفاق في نقل الوجوه الغريبة ليس له من التفسير إلا اتفاق المنبع للوجه الغريب، ولعل أحدهما نقل من الآخر، ولم يشر إلى المرجع.
بعد هذا كله.. يكون قد ظهر لنا ضرورة هذا البحث وأهميته العلمية، كيف لا وهو في علم التفسير، وكفى به رفعة شأن، بل هو أعم من ذلك، فإن الأصولي والفقيه المخرج للأحكام من نصوص القرآن يحتاج إليه، إذ لا يخفى على أحد أن معرفة لفظ من ألفاظ الآية يتوقف عليه معرفة المراد منها.
وقد تبين من البحث أن اللفظ الواحد قد يحتمل أكثر من معنى، لاختلاف وضعه بالنسبة لما اقترن به من ألفاظ، أو لازمه من سبب أو المناسبة، أضف إلى ذلك ما يستفيده الأديب من هذا الأسلوب الأدبي الرفيع في فصاحته وبلاغته التي كانت من أهم دلائل إعجاز القرآن، والدالة على صدق صاحب الرسالة.
وما زال هذا البحث يحتاج إلى استكمال الألفاظ بصورة أشمل، وفي بحث مطول، وأرى أن يكون البحث فيه باسم (الموسوعة القرآنية في الوجوه والنظائر القرآنية).
وأن يوضع كل لفظ من الألفاظ القرآنية المحتمل لأكثر من معنى، وأن يرتب ترتيباً هجائياً ليسهل على القارئ الرجوع إليه، ثم تذكر أقوال أئمة المفسرين في معنى هذا اللفظ، مع ترجيح الأقوال المحتملة، ورد ما لا يحتمل منها.
وأسأل الله أن يعينني على ذلك فيما أستقبله من أيام، فإن الكتاب بداية الطريق وليس نهايته.
هذا ما وفقني الله إليه، أسأل الله أن ينفع به، وأن يغفر لي ما أخطأت فيه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم على معلمنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وهاكم رابط مصدر المعلومات أعلاه:
http://islamtoday.net/questions/show_ResearchScholar_content.cfm?Res_ID=136&Sch_ID=205
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.