طلب تفسير آية

إنضم
30/07/2011
المشاركات
8
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إخواني أهل التفسير هذه أول مشاركة في هذا الملتقى المبارك إن شاء الله أسألكم فيها: قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} ما معنى {أولياء}: هل معناه الولاء الإعتقادي القلبي الديني، أم معناه: التناصر والتعاضد.
أفيدوني بارك الله فيكم
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وحياك الله ..
قبل الجواب على هذه المسألة الكبيرة ينبغي بيان معنى الولاية والموالاة في اللغة ، ثم معرفة المراد بها في نصوص الكتاب والسنة.
فالولاية تطلق في اللغة على معانٍ، ولها سبب ومقتضى.
والأسباب التي تنعقد بها الولاية تختلف باختلاف نوع تلك الولاية؛ فالقريب وليّ لقريبه بسبب القرابة، والقيّم على المرأة واليتيم وليّ لهما بسبب القوامة والرعاية، والكفيل وليٌّ لمكفوله بسبب عقد الكفالة والضمان، والحليف وليٌّ لحليفه بسبب الحِلْف، وولي الدم هو المطالب به من عصبة القتيل.
والسيّد وليٌّ لمملوكه بسبب استرقاقه له، ويبقى الولاء له بعد عتقه - إن أعتقه - ويرث بسببه.
وكلاهما مولى للآخر.
فالولاية في اللغة تطلق على هذه المعاني وغيرها، ولها في كل مقام من هذه المقامات ما يناسبه، وما تقتضيه من الحقوق والواجبات.
والمعنى الجامع لما تقتضيه الولاية من المولى هو النُّصْرَة، فالوليُّ نصير لمولاه، والنصرة معنى جامع ينتظم جميع ما تقتضيه الولاية في كل مقام بحسبها؛ فتكون النصرة بالمال والجاه والرعاية والمؤازرة وغيرها من المعاني.
وكل هذه المعاني يصدق عليها في اللغة اسم النصرة.
ولذلك يكثر الاقتران بين الولاية والنصرة في القرآن الكريم كما في قوله تعالى عن نفسه المقدسة: {نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِير}،
وقال:{بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُم وهُوَ خَيْر النَّاصِرِينَ}
وقال: {وَمَا لَهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ}
وقال: {وَمَالَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ}
قال: {وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً} إلى غير ذلك من الآيات تدل على أن النصرة من مقتضيات الوَلاية وأنها هي مقصودها، وبدونها لا تصح الولاية، فالولاية أصلها المحبة والموافقة في أمر من الأمور، ومقتضاها النصرة والتأييد؛ فمن شأن الولي أنه ينصر مولاه.
ولذلك فإن النصرة علامة على صدق الولاية، والذي يقوم بواجب النصرة يكون قد أدى حق الولاية وقام بها، والذي يخذل مولاه ولا ينصره بل يسعى في مشاقته ومحاربته فهو عدو له وليس بمولى، وإن تظاهر بالولاية.

وقد جعل الله بين المؤمنين رابطة الإيمان يوالي بعضهم بعضاً بسببها {المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض}، وبين العبد وربه رابطة العبودية فالله هو مولاه الذي يعبده ، والله مولى الذين آمنوا يحفظهم وينصرهم ويؤيدهم ويخرجهم من الظلمات إلى النور.

وهذه الولاية بين العبد وربه لها ما تقتضيه من الواجبات على العبد من النصرة لدين الله عز وجل، وأداء ما افترضه الله واجتناب ما حرم الله، وأن يوالي أولياء الله، ويعادي أعداءه.
فمن فعل ذلك فهو من أولياء الله.
ومن قام بضد ذلك بأن والى أعداء الله فنصرهم وأيدهم على محاربة دين الله فليس من أولياء الله، بل هو من أعداء الله ، لأن هذه الأعمال تنافي محبة الله.
ولا تحصل هذه الخصلة من المؤمنين وإنما تحصل من المنافقين النفاق الأكبر والعياذ بالله؛ فهم الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين.
ومعنى اتخاذ الكفار أولياء يشمل معنيين:
المعنى الأول: أن ينصر المنافقُ الكافر على المؤمنين وعلى محاربة دين الله عز وجل ومحادة الله ورسوله.
والمعنى الثاني: أن يستنصر به على ذلك.
فإذا حصل هذا أو هذا فقد اتخذه ولياً، وكلاهما ولي للآخر، بينهما رابط الولاية، فهذا التعبير من روائع التعبير القرآني ففيه اختصار بديع مع الدلالة على المعنى، والتنبيه على العلة، وإلغاء الفارق في الوصف بين الحالتين، والإبقاء على رونق اللفظ وحسن السبك.
فإذا نصره أو استنصر به فقد اتخذه ولياً.
وهذا الأمر هو من صفات المنافقين اللازمة لهم وهي من علاماتهم الظاهرة وأعمالهم المتواترة التي يدأبون عليها ، ولذلك جعل الله هذا الأمر من أول ما يصف به المنافقين ، وأعظم ما يمقتهم عليه، وتوعدهم الوعيد الشديد بسببه فقال الله تعالى: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا }
إلى أن قال: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (144) إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (146) مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147)}
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (53) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55)
وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57)}

ولما ذكر الله الذين كفروا من بني إسرائيل بين لنا أن من أعظم ما مقتهم عليه أنهم اتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين فقال تعالى: { تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80) وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (81) }

واتخاذ المنافقين للكفار أولياء قد بين الله تعالى تفاصيله في كتابه الكريم إذ قال الله تعالى: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11) لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (12) لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (13) }
فهذه الآيات تبين لك بياناً جلياً معنى اتخاذ الكفار أولياء، وأنت إذا تأملت هذه الآيات تبين لك أن هذا الأمر حد عظيم من حدود الله جل علا ، وأنه فارق بين الكفر والإيمان ، وأن الله قد توعد من فعله وعيداً شديداً، وعدَّ من فعله عدواً له، وسماه مرتداً عن دين الإسلام وأوجب له الدرك الأسفل من النار، لما تضمنه هذا العمل من الخيانة العظمى ، والخديعة الكبرى، ومحاربة الله ورسوله وأوليائه.
ولذلك لا يفعله من في قلبه إيمان، وإنما هو من خصال المنافقين النفاق الأكبر والعياذ بالله، وقد نزه الله تعالى عباده المؤمنين وبرأهم من هذه الخصلة الذميمة اللئيمة المبنية على الخداع والمكر والكيد للمؤمنين ومؤازرة الكافرين؛ فقال الله تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ}
{إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} هذا استثناء منقطع.
فبين الله أن للمسلم حالان حال اختيار وحال اضطرار
ففي حال الاختيار لا يتخذ المؤمن الكفار أولياء، قال الله : {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ} ولم يقل : (ومن يفعل ذلك منهم) وهذا دليل على أن من صدر منه هذا الاتخاذ فليس بمؤمن، وليس من الله في شيء.
وقد تبرأ الله منه ، ومن تبرأ الله منه فهو من الخاسرين ، والعياذ بالله.
{وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ} أي فقد برئت منه ذمة الله، ليس له من ولاية الله نصيب، والعياذ بالله.
وأما في حال الاضطرار بأن يخشى من الكفار ضرراً فلا بأس أن يداريهم مداراة يدفع بها شرهم مع انطواء القلب على بغضهم وبغض ما يفعلون من الكفر والفسوق والعصيان.
قال ابن جرير: (ومعنى ذلك: لا تتخذوا أيها المؤمنون الكفارَ ظهرًا وأنصارًا توالونهم على دينهم، وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين، وتدلُّونهم على عوراتهم، فإنه مَنْ يفعل ذلك {فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ} يعني بذلك: فقد برئ من الله وبرئ الله منه، بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر).
وقوله تعالى : {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} فيه قولان مأثوران عن السلف رحمهم الله:
فالقول الأول: {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} إلا أن تكونوا في سلطانهم فتخافوهم على أنفسكم فتظهروا لهم الولاية وتضمروا لهم العداوة ولا تشايعوهم على دينهم ولا تعينوهم على مسلم بشيء.
وهذا القول مروي عن جماعة من المفسرين منهم ابن عباس وأبو العالية الرياحي وجابر بن زيد ، وقال به ابن جرير الطبري.
القول الثاني: {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} أي إلا أن يكون بينكم وبين بعض الكفار رحم فتتقون قطيعتها فتصلونها من غير أن تتولوهم في دينهم. وهذا قول قتادة والحسن البصري.
وابن جرير – رحمه الله - صحح هذا القول من جهة المعنى في نفسه لكنه بين أن لفظ الآية لا يدل عليه.
وهذا المعنى الذي ذكره قتادة والحسن يدل عليه نص قول الله تعالى في الأبوين الكافرين: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا}. وقوله : {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}
وسبب نزولها في قصة أم أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما.

ومما يجب أن يتبينه طالب العلم : الفرق بين معنى الولاية وما تقتضيه، وحكم معاملة الكفار.
فمعاملة الكفار بالعدل والإحسان ليست من ولايتهم في شيء؛ وأحكام هذه المعاملات مبينة في نصوص الكتاب والسنة، وقد بين الله تعالى في كتابه أن الكفار على ثلاث درجات:
الدرجة الأولى: الأبوين الكافرين.
الدرجة الثانية: الذين لم يقاتلوا المؤمنين ولم يعينوا عليهم .
الدرجة الثالثة: المقاتلون والمعينون على قتال المؤمنين والعدوان عليهم.
وجعل لكل درجة حكماً
فأما الأبوان الكافران فقال الله تعالى فيهما: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (15)}
فأمر الله بإحسان صحبتهما، وكذلك الأرحام الذين ليسوا من أصحاب الدرجة الثالثة.
هذا مع قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آبائكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأؤلئك هم الظالمون}

وأما أصحاب الدرجة الثانية فقال الله تعالى فيهم: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرَّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8)}
وأما أصحاب الدرجة الثالثة فقال الله تعالى فيهم: { إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9)}
{وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ} أي يتخذهم أولياء كما يفعل المنافقون.
قال ابن جرير رحمه الله: (يقول تعالى ذكره: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ} أيها المؤمنون {عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ} من كفار أهل مكة {وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ} يقول: وعاونوا من أخرجكم من دياركم على إخراجكم أن تولوهم، فتكونوا لهم أولياء ونصراء: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ} يقول: ومن يجعلهم منكم أو من غيركم أولياء {فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} يقول: فأولئك هم الذين تولوا غير الذي يجوز لهم أن يتولوهم، ووضعوا ولايتهم في غير موضعها، وخالفوا أمر الله في ذلك)

[line]-[/line]
* هذا الجواب مقتبس مع شيء من التصرف من درس سابق في هذا الموضوع هنا:
 
جزاك الله خيراً الأخ المطيري فهمت أن الولاء في الآية هو ولاء التناصر والتعاضد، لكن ما دليل من فسر هذا الولاء في الآية بالمحبة الدينية بمعنى أن من اتخذ الكفار اولياء لأجل المصالح الدنيوية لا يكفر حتى يوالي الكفار حباً لدينهم. والمحبة لدين الكفار: كفر مجرد لداته وإن لم يوالي الكفار فعلاً
 
الحكم متعلق بالموالاة المعروف معناها لغة وشرعاً فمتى تحققت موالاة الكفار تحققت الردة بذلك عن دين الإسلام، قال الله تعالى: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} وقال: {بشر المنافقين بأن لهم عذاباً أليماً . الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين}
وقال: {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة}
والاستثناء في هذه الآية منقطع.
والمقصود أن من والى الكفار وناصرهم على المسلمين فهو مرتد عن دين الإسلام .
وهذه الموالاة لا تقع إلا ممن في قلبه مرض وإيثار للحياة الدنيا على الآخرة، والذي يظاهر الكفار على المسلمين لأجل المصالح الدنيوية هو ممن باع دينه بعرض من الدنيا وارتد عن الإسلام بسبب مناصرته للكفار.

لكن مما ينبغي التنبه له والتنبيه عليه أن هذا العمل لا يحكم بردة صاحبه إلا إذا توفرت الشروط وزالت الموانع من التكفير:
فمن الشروط:
1: أن يقصد المناصرة والموالاة ؛ لأن العمل بالنيات؛ أما من عمل عملاً لا يقصد به المناصرة ولا يعلم أنه يؤدي إلى نصرة الكفار وهزيمة المسلمين أو الإضرار بهم فلا يحكم بكفره ، وذلك لعدم قصده.
مثال ذلك: رجل أدلى بمعلومات مهمة عن بعض مواطن الضعف لدى الجيش المسلم وهذه المعلومات استفاد منها الكفار في إلحاق هزيمة شديدة بالمسلمين، لكن هذا المسلم الذي أدلى بهذه المعلومات إنما ذكرها لرجل يظنه من المسلمين وهو منافق موالٍ للكفار فأوصل المنافق هذه المعلومات للكفار فاستفادوا منها.
فما فعله المسلم ليس بردةٍ، وإنما الردة ما فعله المنافق.
أما المقابل الذي يجنيه من تحقق فيه وصف الموالاة فهو غير مؤثر في الحكم ؛ فلو أن رجلاً من الكفار المحاربين طلب من مسلم عارف ببعض أسرار الجيش المسلم أن يخبره ببعض تلك الأسرار ووعده على ذلك مبلغاً كبيراً من المال فأخبره بذلك لأجل المال فهو مرتد عن دين الإسلام خائن لله ولرسوله وللمؤمنين، ولو كان قصده المال، وهو ممن باع دينه بعرض من الدنيا.
2: الاختيار، فلو أن مسلماً تعرض للحبس والتعذيب حتى أخبر بشيء من الأسرار الحربية مكرهاً فهو غير مرتد ؛ لأن الإكراه عذر مانع من التكفير.
3: أن تكون المناصرة لمعنى يتعلق بالدين ، فلو كانت المناصرة لأمر عارض يجوز معه الاستعانة بالكفار على دفع ظلم وعدوان بعض البغاة من المسلمين فهي ليست موالاة للكفار.
مثال ذلك: عصابة لصوص من فساق المسلمين يقومون بالسلب والنهب والقتل وانتهاك الأعراض، وعظم شرهم وضررهم على المسلمين وغيرهم في بلد من البلدان؛ ولم يكن لدى المسلمين في ذلك البلد من القوة والمعرفة ما يدفعون به عن أنفسهم شر هذه العصابة المجرمة إلا أن يستعينوا على ذلك بقوم من الكفار على عهد بينهم مقتصر على دفع أذية هذه العصابة ؛ فإن الاستنصار بأؤلئك الكفار مباح للضرورة والحاجة في هذه الحالة؛ وهم في حقيقة الأمر لم يستنصروا بهم على محاربة الإسلام والمسلمين ، وإنما على محاربة السلب والنهب والإفساد في الأرض.

وينبغي أن يفرق بين قصد الموالاة ، والعمل الذي يفهم من الموالاة ؛ فمن قصد الموالاة وتحقق فيه وصفها فهو كافر مرتد عن دين الإسلام، وأما من عمل عملاً يفهم منه موالاة الكفار
فلا يتعجل بالحكم على صاحبه حتى يتثبت من الأمر فقد يكون لديه شبهة تمنع من الحكم بتكفيره، ولذلك تثبَّت النبي صلى الله عليه وسلم من حاطب وسأله عن قصده ولم يتعجل الحكم عليه.
 
الأخ الفاضل {عبد العزيز الداخل المطيري } لم تجب على سؤال الأخ عثمان {لكن ما دليل من فسر هذا الولاء في الآية بالمحبة الدينية بمعنى أن من اتخذ الكفار اولياء لأجل المصالح الدنيوية لا يكفر حتى يوالي الكفار حباً لدينهم. والمحبة لدين الكفار: كفر مجرد لداته وإن لم يوالي الكفار فعلاً}وأنا بانتظار الإجابة للاستفادة,...
 
جزاك الله خيراً الأخ المطيري أحسنت وأفدت ولكن بقي الجواب عن دليل من فسر الولاء في الآية بالمحبة الدينية كما ذكر الأخ محمد الطيب، مع أنه يبدو من قولك في الشرط الثالث: (أن تكون المناصرة لمعنى يتعلق بالدين) أنك أعدت تفسير الولاء بـا الولاء الديني وهذا ينعكس على ما فصلته في بداية كلامك والله أعلم
 
الأخ الفاضل {عبد العزيز الداخل المطيري } لم تجب على سؤال الأخ عثمان {لكن ما دليل من فسر هذا الولاء في الآية بالمحبة الدينية بمعنى أن من اتخذ الكفار اولياء لأجل المصالح الدنيوية لا يكفر حتى يوالي الكفار حباً لدينهم. والمحبة لدين الكفار: كفر مجرد لداته وإن لم يوالي الكفار فعلاً}وأنا بانتظار الإجابة للاستفادة,...
السؤال فيه جمل بحاجة إلى إيضاح لا يصح إطلاق القول في بعضها ولذلك فضلت أن يكون الجواب عاماً.
وقد تضمن السؤال ثلاث جمل:
1: (أن المحبة لدين الكفار كفر) : وهذا صحيح.
2: (أن من اتخذ الكفار أولياء لأجل المصالح الدنيوية لا يكفر) : وهذا خطأ.
3: (أن المحبة لدين الكفار كفر وإن لم يوالي الكفار فعلا) : وهذه جملة فيها تناقض.
لأن محبة دين الكفار موالاة لهم.
ومناصرتهم موالاة لهم.
ويجمع المعنيين اتخاذهم أولياء وهو التعبير القرآني.

ومنشأ الإشكال أن بعض المعاملات التي يكون فيها تساهل وتجاوز مع الكفار يطلق عليها بعض الناس أنها موالاة وليست كذلك، ثم يضطرون إلى التفريق بين الموالاة لأجل الدنيا والموالاة لأجل الدين.
مثال ذلك:
- اتخاذ بطانة من الكفار يستشارون ويؤنس بهم ويصدر عن رأيهم محرم في دين الإسلام لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً}
ومن فعل هذا فهو متجاوز للحد آثم بمعصيته لله تعالى؛ لكن فعله ليس موالاة للكفار بل هو ذريعة للموالاة جاءت الشريعة بسدها، فإن أفضت بصاحبها إلى موالاة الكفار ومناصرتهم ارتد بسبب ذلك، وإن لم تفض به إلى الموالاة كان آثماً فاسقاً بمعصيته ولا يحكم بكفره.
- وكذلك من تودد إلى الكفار المحاربين بغية تحقيق مصلحة دنيوية من غير أن ينطوي قلبه على محبة الكفار ومحبة دينهم هو فاسق مخالف لهدى الله تعالى لكنه لا يكفر بمجرد ذلك، ولا يسمى فعله موالاة وإنما هو ذريعة للموالاة جاءت الشريعة بسدها كما في قوله تعالى: {تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل}

وبعض الأعمال تكون صورتها واحدة ويختلف حكمها باختلاف الباعث عليها؛ فقد يفعلها بعضهم ويكون آثماً فاسقاً ولا يحكم بكفره، ويفعلها بعضهم ويكون مرتداً عن دين الإسلام ، ولذلك استفصل النبي صلى الله عليه وسلم من حاطب بن أبي بلتعة لما كان معروفاً بالإيمان والخير ونصرة الله ورسوله، ولم يستفصل من المنافقين الذين والوا اليهود لعلمه بحالهم.
 
الأخ الفاضل {عبد العزيز الداخل المطيري }
قلت:{
اتخاذ بطانة من الكفار يستشارون ويؤنس بهم ويصدر عن رأيهم محرم في دين الإسلام لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً}
ومن فعل هذا فهو متجاوز للحد آثم بمعصيته لله تعالى؛ لكن فعله ليس موالاة للكفار بل هو ذريعة للموالاة}
فما تفسير الموالاة عندك؟؟؟لغة وشرعا؟؟
ومثله قولك:{
وكذلك من تودد إلى الكفار المحاربين بغية تحقيق.....
وأما قولك:{وبعض الأعمال تكون صورتها واحدة ويختلف حكمها باختلاف الباعث عليها؛ فقد يفعلها بعضهم ويكون آثماً فاسقاً ولا يحكم بكفره، ويفعلها بعضهم ويكون مرتداً عن دين الإسلام} مالضابط في هذا البعض؟؟؟يرجى التوضيح ولك جزيل الشكر
 
الأخ المطيري جزاك الله خيراً، لي على كلامك ملاحظات:
1- (أن المحبة لدين الكفار كفر وإن لم يوالي الكفار فعلا) : وهذه جملة فيها تناقض. لأن محبة دين الكفار موالاة لهم.
أخي أنا أقصد الموالاة الفعلية ولهذا قلت: وإن لم يوالي الكفار فعلا.
مثال ذ لك رجل يعيش في بلد إسلامي ليس فيه كفار احب دين الكفار ولم يقدم لهم شيئاً ولا تعامل معهم أي معاملة عند هذا يكفر لمحبته الدين الباطل، فأين التناقض في العبارة.
2- كذلك من تودد إلى الكفار المحاربين بغية تحقيق مصلحة دنيوية من غير أن ينطوي قلبه على محبة الكفار ومحبة دينهم هو فاسق مخالف لهدى الله تعالى لكنه لا يكفر بمجرد ذلك، ولا يسمى فعله موالاة وإنما هو ذريعة للموالاة.
واضح من كلامك أن مناظ التكفير في الموالاة هو محبة الكفار ومحبة دينهم. فما دليل ذلك.
 
جزاك الله خيراً الأخ المطيري
آمين وإياك.
مع أنه يبدو من قولك في الشرط الثالث: (أن تكون المناصرة لمعنى يتعلق بالدين) أنك أعدت تفسير الولاء بـا الولاء الديني وهذا ينعكس على ما فصلته في بداية كلامك والله أعلم
ليس الأمر كذلك، وقد سبق تفصيل الكلام في أن مناصرة الكفار على المسلمين كفر وردة وإن كان قصد المناصر تحقيق مصلحة دنيوية.
 
الأخ الفاضل {عبد العزيز الداخل المطيري }
قلت:{
اتخاذ بطانة من الكفار يستشارون ويؤنس بهم ويصدر عن رأيهم محرم في دين الإسلام لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً}
ومن فعل هذا فهو متجاوز للحد آثم بمعصيته لله تعالى؛ لكن فعله ليس موالاة للكفار بل هو ذريعة للموالاة}
فما تفسير الموالاة عندك؟؟؟لغة وشرعا؟؟

سبق تفسير الموالاة لغة وشرعاً، فآمل إعادة قراءته بروية.
واتخاذ بطانة من الكفار يجعلهم الإنسان من جلسائه وخلصائه ويأنس بهم ويستشيرهم أمر محرم وهو ذريعة لموالاتهم، فمن أفضى به هذا العمل إلى موالاة الكفار ومناصرتهم على الإسلام والمسلمين فهو كافر مرتد عن دين الإسلام.
ومن كان فعله مقتصراً على ما ذكر فهو عاص آثم لمخالفته ما أمر الله به لكن لا نحكم بكفره، ويجب التفريق بين الأمرين، ومما يوضح هذا الأمر أن من نزلت فيهم هذه الآية هم من المسلمين:
- روى ابن إسحاق عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان رجال من المسلمين يواصلون رجالا من اليهود، لما كان بينهم من الجوار والحِلْف في الجاهلية، فأنزل الله عز وجل فيهم، ينهاهم عن مباطنتهم تخوُّف الفتنة عليهم منهم:"يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم" إلى قوله:"وتؤمنون بالكتاب كله").

فهؤلاء الذين اتخذوا بطانة من الكفار ليسوا متولين للكفار ولا محبين لدينهم ولا مناصرين لهم على المسلمين، وإنما كان ما فعلوه محرماً لأنهم قد يفضي بهم إلى موالاة الكفار ، ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه.

ومثله قولك:{
وكذلك من تودد إلى الكفار المحاربين بغية تحقيق.....
وأما قولك:{وبعض الأعمال تكون صورتها واحدة ويختلف حكمها باختلاف الباعث عليها؛ فقد يفعلها بعضهم ويكون آثماً فاسقاً ولا يحكم بكفره، ويفعلها بعضهم ويكون مرتداً عن دين الإسلام} مالضابط في هذا البعض؟؟؟يرجى التوضيح ولك جزيل الشكر
الضابط هو تحقق وصف الموالاة الذي علق به الحكم في كتاب الله؛ ويتحقق وصف الموالاة بأحد أمرين:
- محبة دين الكفار.
- مناصرتهم على المسلمين.
فمن تحقق فيه أحد هذين الوصفين فهو كافر مرتد عن دين الله تعالى.
وهذان الأمران لا بد فيهما من قصد وإرادة، وإن كان قد يستدل على بعض المقاصد بالأعمال الظاهرة في بعض الأحوال ولا يكون في ذلك لبس ولا اشتباه، لكن تظل بعض الأعمال التي تكون صورتها الظاهرة واحدة يختلف حكمها باختلاف قصد صاحبها؛ فمن كان قصده مناصرة الكفار على المسلمين فهو كافر مرتد عن دين الإسلام ، ومن كان قصده دون ذلك فلا يحكم بكفره، ولذلك أمثلة تطبيقية كثيرة :
منها:
1: من اشترك في عصابة مجرمة تقوم بالسلب والنهب في بلد من بلاد المسلمين ، وهذه العصابة فيها مسلمون وكفار ، اجتمعوا وتعاونوا على الإثم والعدوان؛ فما حكم من اشترك في هذه العصابة من المسلمين؟
هل يحكم بكفرهم؟
الجواب: أنهم آثمون خاطؤون فإن كان قصدهم إضعاف المسلمين وتمكين الكفار منهم ويتمالؤون مع أعداء الدين فهو كفار بهذا العمل.
وإن كان قصدهم الحصول على المال المحرم ونحو ذلك فهم من أصحاب الكبائر ولا يحكم بكفرهم لأن ما فعله ليس موالاة للكفار على المسلمين.

2: رجل من المسلمين اتخذ عشيقة له كافرة ، وأحبها كما يحب الرجل المرأة ؛ فهل يحكم بكفره؟
الجواب: أن ما فعله معصية وكبيرة من الكبائر لكن لا يحكم بكفره لأن محبته لها ليست محبة لدينها ، وهو على خطر عظيم بسبب مخالفته؛ فإن أحبها في دينها أو أعانها على المسلمين فهو متولٍ للكفار مرتد بسبب ذلك.

والمسلم قد أبيح له أن يتزوج كتابية ولم ينه عن محبتها كما يحب الرجل المرأة ، وهو مأمور بإحسان عشرتها، ومنهيّ عن موالاتها في دينها.
 
أنا لا أقول أن جميع الموالاة كفر حتى لا تفهمني خطأ...

بل من تحقق فيه موالاة الكفار فهو كافر بذلك، لكن العبرة باعتبار ما فعله موالاة ؛ فأما إذا تحقق وصف الموالاة فقد تحقق الحكم المتعلق به.
 
الأخ المطيري جزاك الله خيراً، لي على كلامك ملاحظات:
1- (أن المحبة لدين الكفار كفر وإن لم يوالي الكفار فعلا) : وهذه جملة فيها تناقض. لأن محبة دين الكفار موالاة لهم.
أخي أنا أقصد الموالاة الفعلية ولهذا قلت: وإن لم يوالي الكفار فعلا.
مثال ذ لك رجل يعيش في بلد إسلامي ليس فيه كفار احب دين الكفار ولم يقدم لهم شيئاً ولا تعامل معهم أي معاملة عند هذا يكفر لمحبته الدين الباطل، فأين التناقض في العبارة.
محبته لدين الكفار موالاة لهم ، والعمل القلبي هو المقصود بالأصل، فإن كان قلبه يحب دين الكفار فهو متولٍّ لهم.
والتناقض هو في إثبات المحبة ونفي الموالاة.

2- كذلك من تودد إلى الكفار المحاربين بغية تحقيق مصلحة دنيوية من غير أن ينطوي قلبه على محبة الكفار ومحبة دينهم هو فاسق مخالف لهدى الله تعالى لكنه لا يكفر بمجرد ذلك، ولا يسمى فعله موالاة وإنما هو ذريعة للموالاة.
واضح من كلامك أن مناظ التكفير في الموالاة هو محبة الكفار ومحبة دينهم. فما دليل ذلك.

آمل أن تعيد قراءة كلامي بعمومه حت تخرج بنتيجة صحيحة؛ فموالاة الكفار تتحق بأحد أمرين: المحبة والمناصرة؛ فإذا تحقق أحدهما تحقق وصف الموالاة.
 
المراد من التولي في الآية: المحبة في القلب، ثم ينشأ عنها التأييد والنصرة.والله أعلم
 
الأخ الفاضل {عبد العزيز الداخل المطيري }قلت:بل من تحقق فيه موالاة الكفار فهو كافر بذلك، لكن العبرة باعتبار ما فعله موالاة..
وكلامك واضح من البداية ولكن إستغربته ولذلك سألتك
كلامك أن الموالاة كلها كفر أكبر ,وأقول لك أنه لم يسبقك أحد بهذه الطريقة بل الكل متفقون على أن موالاة الكفار على قسمين: قسم مكفر، وقسم غير مكفر أو التولي كفر والموالاة غير مكفرة..أماجميع الموالاة كفرأكبر فنريد من سبقك إلى هذا
وقلت:{
الضابط هو تحقق وصف الموالاة الذي علق به الحكم في كتاب الله؛ ويتحقق وصف الموالاة بأحد أمرين:
- محبة دين الكفار.
- مناصرتهم على المسلمين.
فمن تحقق فيه أحد هذين الوصفين فهو كافر مرتد عن دين الله تعالى.
}
ما تقول في من تشبه بالكفار بكفرهم من أجل المال كمن لبس صليبا مثلا من أجل المال ؟ هو عندك ليس موالاة؟؟؟



 
كلامك أن الموالاة كلها كفر أكبر
نعم اتخاذ الكفار أولياء من دون المؤمنين ردة عن دين الله، والآيات في هذا بينة ظاهرة الدلالة، وكلام السلف في تفسيرها بين ظاهر.
لكن لا تُدخِل في الموالاة ما ليس بموالاة كبعض مظاهر التساهل في التعامل مع الكفار وما يكون ذريعة للموالاة وليس بموالاة في حقيقة الأمر.
فإن هذا ليس بموالاة.

والعبد إما أن يكون ولياً لله تعالى، أو ولياً لأعدائه ، ولا مكان لمنزلة بين المنزلتين.
نعم قد يقع من بعض أولياء الله تقصير في تحقيق واجبات تولي الله تعالى، لكن هذا التقصير لا يخرجهم من دائرة أولياء الله.
فأما إذا أفضى بهم الأمر إلى محبة دين الكفار والرضا به، أو نصرة الكفار على المسلمين فهذه ردة بينة.
وموالاة الكفار منافية للإيمان كما دل على ذلك قول الله تعالى : {ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء}
وهي موجبة لسخط الله ومقته والخلود في النار كما في الآية التي قبلها.
وبعض العلماء يطلق على بعض الأعمال بأن فيها نوع موالاة أي أنها ليست صريحة في الموالاة، وهذا في حال الحكم على بعض الأعمال الظاهرة التي لا يتبين قصد فاعلها أو أن فاعليها على مراتب فيها.
فأما إذا تحققت موالاة الكفار فهي ردة بلا شك.

بل الكل متفقون على أن موالاة الكفار على قسمين: قسم مكفر، وقسم غير مكفر أو التولي كفر والموالاة غير مكفرة
هذه حكاية إجماع ، وينبغي لطالب العلم أن يكون متثبتاً فيما ينقل، وقد اطلعت في هذه المسألة على أقوال جماعات من المفسرين وشراح الأحاديث وأئمة أهل السنة في مصنفات الاعتقاد ؛ فوجدت أن أول من عرف عنهم التفريق بين الموالاة والتولي بعض أئمة الدعوة النجدية ، وهذا التفريق لا تقتضيه النصوص ولا تدل عليه اللغة وليس له مستند من كلام السلف، وما ذكروه من أمثلة الموالاة التي ليست بتولٍّ هي في حقيقتها من مظاهر التساهل في التعامل مع الكفار أو من ذرائع الموالاة.
فالخلاف هو في تسمية تلك المظاهر موالاة.
فتولي الكفار هو اتخاذهم أولياء ، وكذلك هي موالاتهم.
والعبرة بالمعنى الشرعي الذي علق به الحكم.
كما قال تعالى: {تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80) وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (81)}
فاتخاذهم أولياء هو بمعنى توليهم.
وأما التشبه بالكفار فالأصل فيه التحريم ، ومنه ما يصل بصاحبه إلى الكفر ومنه ما هو دون ذلك، وليس كل تشبه موالاة.
وقد بينت في المشاركات السابقة بعض الضوابط في ذلك.
 
الاخ الداخل:قلت لك:{أماجميع الموالاة كفرأكبر فنريد من سبقك إلى هذا}ولم تأتني بنص لهم صريح
قلت{
وبعض العلماء يطلق على بعض الأعمال بأن فيها نوع موالاة أي أنها ليست صريحة في الموالاة}بل صرحوا بأنها موالاة غير مكفرة أو صغرى
ثم اشرحها لغة الا يدخل التشبه فيها
ولما قلت لك:

بل الكل متفقون على أن موالاة الكفار على قسمين: قسم مكفر، وقسم غير مكفر أو التولي كفر والموالاة غير مكفرة
رددت :{هذه حكاية إجماع ، وينبغي لطالب العلم أن يكون متثبتاً فيما ينقل، وقد اطلعت في هذه المسألة على أقوال جماعات من المفسرين وشراح الأحاديث وأئمة أهل السنة في مصنفات الاعتقاد ؛ فوجدت أن أول من عرف عنهم التفريق بين الموالاة والتولي بعض أئمة الدعوة النجدية ، وهذا التفريق لا تقتضيه النصوص ولا تدل عليه اللغة وليس له مستند من كلام السلف، وما ذكروه من أمثلة الموالاة التي ليست بتولٍّ هي في حقيقتها من مظاهر التساهل في التعامل مع الكفار أو من ذرائع الموالاة.
فالخلاف هو في تسمية تلك المظاهر موالاة. }
فانظر الى ردك جيدا
أنا لم انقل الاتفاق على التقسيم بين تولي وموالاة بل قلت:{الكل متفقون على أن موالاة الكفار على قسمين: قسم مكفر، وقسم غير مكفر أو التولي كفر والموالاة غير مكفرة}وانت فهمت القسم الثاني ورددت عليه
{مولاة مكفرة وموالاة غير مكفرة}{تولي وموالاة}اما ان تقسم بهذا او بذاك....هذا هو المتفق عليه بين أهل العلم
قال عبدالله بن صالح العجيري{
.... وذلك بخلط الكلام في بحث مسألة الموالاة بالمظاهرة، وتصوير القائل بتكفير المظاهر بصورة من يكفر بمطلق الموالاة، ولا شك أن بحث ما يتعلق بالمسألة العامة (الموالاة) شيء، والكلام في مسألة (المظاهرة) الخاصة شيء آخر، ووالله إني لا أعلم أحداً منتسباً للسنة يكفر بمطلق الموالاة -إلا أن يكون له اصطلاح خاص في معنى الموالاة أخص من مدلولها اللغوي فيحاسب بناءً على اصطلاحه -، بل الكل متفقون على أن موالاة الكفار على قسمين: قسم مكفر، وقسم غير مكفر، ولذا ترى بعضاً من أهل العلم قد اصطلحوا على جعل التولي كفراً والموالاة غير مكفرة، فليست المنازعة إذن في حكم مطلق الموالاة وإنما محل المنازعة في أي لوني الموالاة يجب إلحاق المظاهرة، فالقوم يرون فيها موالاةً غير مكفرة ومخالفوهم يرونها من التولي أو الموالاة المكفرة، وبهذا يتبين أن من يُلحق المظاهرة بالموالاة المكفرة لا يرتب الأمر على النحو الذي يصوره بعض الكتاب من أنهم يكفرون المظاهر لأنهم يكفرون كلّ موالٍ للكفار، بل هم يُفصِّلون كما يُفصِّل أولئك وإن خالفوهم في محل إلحاق هذه المسألة.}من كتابه نظرات نقدية
حول بعض ما كتب
في تحقيق مناط الكفر في باب الولاء والبراء
وقد عرض كتابه على الشيخ عبدالرحمن المحمود والشيخ عبدالعزيز اللعبداللطيف والشيخ علوي السقاف -حفظهم الله ونفع بهم- فاستحسنوه...وانصح الاخ عثمان بقرائته..
 
قولك:{والعبد إما أن يكون ولياً لله تعالى، أو ولياً لأعدائه ، ولا مكان لمنزلة بين المنزلتين.}
فإن كنت تسلم بقول شيخ الاسلام:[وَتَمَامُ هَذَا أَنَّ النَّاسَ قَدْ يَكُونُ فِيهِمْ مَنْ مَعَهُ شُعْبَةٌ مِنْ شُعَبِ الْإِيمَانِ وَشُعْبَةٌ مِنْ شُعَبِ الْكُفْرِ أَوْ النِّفَاقِ وَيُسَمَّى مُسْلِمًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَد . وَتَمَامُ هَذَا أَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَكُونُ فِيهِ شُعْبَةٌ مِنْ شُعَبِ الْإِيمَانِ وَشُعْبَةٌ مِنْ شُعَبِ النِّفَاقِ ؛ وَقَدْ يَكُونُ مُسْلِمًا وَفِيهِ كُفْرٌ دُونَ الْكُفْرِ الَّذِي يَنْقُلُ عَنْ الْإِسْلَامِ بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا قَالَ الصَّحَابَةُ : ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ : كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ ]
فما الذي يمنع في مسألتنا هذه
ولا تنسى ان ابن تيمية ممن يقسم الموالاة لأنه لم يخرج عن الاجماع
 
عودة
أعلى