محمود مرسي
New member
- إنضم
- 26/03/2011
- المشاركات
- 35
- مستوى التفاعل
- 3
- النقاط
- 8
إخْوانِي فِي اللهِ ،
السَّلام عليكم وَرَحْمَةُ اللهِ وبرَكاتُه ، وبعدُ :
فقَدْ أَشَارَ عليَّ أخُونا فِي اللهِ أبُو مَالكٍ الْعَوَضِي ـ وَفَّقَهُ اللهُ إِلَى مَا فيهِ الْخيْرُـ أَنْ أنقلَ إلَى هذا المُلْتقَى الْمُبارَكِ مَا كُنْتُ شَارَكْتُ بِهِ عَلَى صَفَحَاتِ الْمَجْلسِ الْعِلْمِيِّ مِنْ : ضَبْطِ مَنْظُومةِ سُلَّمِ الْوُصُولِ إلَى عِلْمِ الأصُولِ ، لِلشَّيخِ الْعَالمِ الْعلَّامةِ حَافظِ بنِ أحْمَدَ الحَكَمِيِّ ـ رَحِمَهُ اللهُ تعَالَى ـ ، فوَافقَتِ الفكرَةُ قبُولًا عِنْدِي وَترْحِيبًا ؛ لأسْبَابٍ أهمُّها :
أ ـ الامْتِثالُ لِلْأَمرِ لاسيَّمَا أنَّ أبَا مَالكٍ الْعَوَضِي هُوَ الَّذي اقْترَحَ عَليْنا هنالِكَ أنْ نضْبطَ تلْكَ المنظومَةَ ؛ لمَا لهَا منْ قيمَةٍ علْمِيَّةٍ فِي بابِها ، وَلكثْرةِ مَا فِي طبَعَاتِهَِا المُختلفةِ ـ كَمَا لاحَظَ ـ منْ أخطاءٍ وتصحيفاتٍ ،
ب ـ ثُمَّ الرَّغبةُ فِي نشْرِ المنظومةِ صَحِيحةً خَاليةً مِنَ الأخْطاءِ ،
ج ـ ثُمَّ لَعَلِّي أَجِدُ بَيْنَ أهلِ هَذا الملتقى الكرامِ ـ أعْضاءً وزوَّارًا ـ مَنْ يقوِّم لِي خَطأً لمْ يُقَوَّمْ هنالك ؛ لهذا رحَّبْتُ بإعَادةِ هذه الْمُشاركاتِ ،
هذا ، وَسَوفَ أنتَهِجُ هنا نفسَ النَّهجِ الَّذِي انتهجْتُه هُنالِكَ ؛ حيثُ أقومُ بوضْعِ جُزْءٍ مِنَ الأبياتِ مَضْبُوطًا ضَبْطًا تامًّا ، ثمَّ أُشْفِعُهُ بمجْموعةٍ مِنَ التنبيهاتِ الَّتي أُضمِّنُها الوُجُوهَ المُخْتارَةَ عِندِي فِي الضَّبْطِ والرواياتِ ؛ مبينا أسبابَ التَّرْجيحِ وَ الاخْتِيَارِ ، ثُمَّ أدَعُ أوْ أُتِيحُ الفرْصَةَ لإخْوَانِي ؛ لعرضِ مَا يرَوْنَهُ مِنْ آراءٍ ومُقترَحَاتٍ ، أو إجابةٍ عنْ تسَاؤُلاتٍ .
واللهَ أدْعُو أَنْ يوفِّقنا إلَى إِخْرَاجِ نُسْخَةٍ صَحِيحةٍ تلِيقُ بهَذِهِ المَنْظُومَةِ الطَّيبةِ الشَّائقةِ الرَّائقةِ الداعيةِ إلى توْحِيدِ اللهِ وَاتِّباعِ الرَّسُولِ ـ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ ـ
وَهَذا أَوَانُ الشُّرُوعِ فِي الْمَوْضُوعِ ، وَاللهُ المستعانُ ، وعليهِ التكْلَان
منظومةُ :
( سُلَّم الْوُصُولِ إِلَى عِلْمِ الْأُصُولِ فِي تَوْحِيدِ اللَّهِ وَاتِّبَاعِ الرَّسُولِ )
لِلْعَلاَّمَةِ الشَّيْخِ :
حَافِظِ بْنِ أَحْمَدَ الْحَكَمِيِّ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ـ
1 ـ أَبْدَأُ بِاسْمِ اللَّهِ مُسْتَعِينَا ... رَاضٍ بِهِ مُدَبِّرًا مُعِينَا
2 ـ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَمَا هَدَانَا ... إِلَى سَبِيلِ الْحَقِّ وَاجْتَبَانَا
3 ـ أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَأَشْكُرُهْ ... وَمِنْ مَسَاوِي عَمَلِي أَسْتَغْفِرُهْ
4 ـ وَأَسْتَعِينُهُ عَلَى نَيْلِ الرِّضَا ... وَأَسْتَمِدُّ لُطْفَهُ فِيمَا قَضَى
5 ـ وَبَعْدُ : إِنِّي بِالْيَقِينِ أَشْهَدُ ... شَهَادَةَ الْإِخْلَاصِ أَنْ لَا يُعْبَدُ
6 ـ بِالْحَقِّ مَأْلُوهٌ سِوَى الرَّحْمَنِ ... مَنْ جَلَّ عَنْ عَيْبٍ وَعَنْ نُقْصَانِ
7 ـ وَأَنَّ خَيْرَ خَلْقِهِ مُحَمَّدَا ... مَنْ جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى
8 ـ رَسُولُهُ إِلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ ... بِالنُّورِ وَالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ
9 ـ صَلَّى عَلَيهِ رَبُّنَا وَمَجَّدَا ... وَالْآلِ وَالصَّحْبِ دَوَامًا سَرْمَدَا
10 ـ وَبَعْدُ هَذَا النَّظْمُ فِي الْأُصُولِ ... لِمَنْ أَرَادَ مَنْهَجَ الرَّسُولِ
11 ـ سَأَلَنِي إِيَّاهُ مَنْ لَا بُدَّ لِي ... مِنِ امْتِثَالِ سُؤْلِهِ الْمُمْتَثَلِ
12 ـ فَقُلْتُ مَعْ عَجْزِي وَمَعْ إِشْفَاقِي ... مُعْتَمِدًا عَلَى الْقَدِيرِ الْبَاقِي
مُقَدِّمَةٌ :
تُعَرِّفُ الْعَبْدَ بِمَا خُلِقَ لَهُ ، وَبِأَوَّلِ مَا فَرَضَ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ ،وَبِمَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهِ الْمِيثَاقَ فِي ظَهْرِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، وَبِمَا هُو صَائِرٌ إِلَيْهِ .
13 ـ اعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا ... لَمْ يَتْرُكِ الْخَلْقَ سُدًى وَهَمَلَا
14 ـ بَلْ خَلَقَ الْخَلْقَ لِيَعْبُدُوهُ ... وَبِالْإِلَهِيَّةِ يُفْرِدُوهُ
15 ـ أَخْرَجَ فِيمَا قَدْ مَضَى مِنْ ظَهْرِ ... آدَمَ ذُرِّيَّتَهُ كَالذَّرِّ
16 ـ وَأَخَذَ الْعَهْدَ عَلَيْهِمْ أَنَّهُ ... لَا رَبَّ مَعْبُودٌ بِحَقٍّ غَيْرَهُ
17 ـ وَبَعْدَ هَذَا رُسْلَهُ قَدْ أَرْسَلَا ... لَهُمْ وَبِالْحَقِّ الْكِتَابَ أَنْزَلَا
18 ـ لِكَيْ بِذَا الْعَهْدِ يُذَكِّرُوهُمْ ... وَيُنْذِرُوهُمْ وَيُبَشِّرُوهُمْ
19 ـ كَيْ لَا يَكُونَ حُجَّةٌ لِلنَّاسِ بَلْ ... لِلَّهِ أَعْلَى حُجَّةٍ عَزَّ وَجَلّْ
20 ـ فَمَنْ يُصَدِّقْهُمْ بِلَا شِقَاقِ ... فَقَدْ وَفَى بِذَلِكَ الْمِيثَاقِ
21 ـ وَذَاكَ نَاجٍ مِنْ عَذَابِ النَّارِ ... وَذلِكَ الْوَارِثُ عُقْبَى الدَّارِ
22 ـ وَمَنْ بِهِمْ وَبِالْكِتَابِ كَذَّبَا ... وَلَازَمَ الْإِعْرَاضَ عَنْهُ وَالْإِبَا
23 ـ فَذَاكَ نَاقِضٌ كِلَا الْعَهْدَيْنِ ... مُسْتَوْجِبٌ لِلْخِزْيِ فِي الدَّارَيْنِ
تنبيهاتٌ :
أ ـ قولُهُ :
5 ـ وَبَعْدُ : إِنِّي بِالْيَقِينِ أَشْهَدُ ... شَهَادَةَ الْإِخْلَاصِ أَنْ لَا يُعْبَدُ
كُنْتُ أمِيلُ إِلَى أَنْ يَكُونَ الرَّوِيُّ فِي الْبَيْتِ مُقيَّدًا لَا مُطْلقًا ؛ لِظَنِّي أَنَّ (أَنْ )عَاملةٌ النَّصْبَ ، وَلَوْ أننا أطلقْنا الرَّويَّ لاخْتَلَفَ الْمَجْرَى ، وَجَمَعْنا بينَ الضَّمِّ وَالفَتْحِ ، وَهَذا عَيْبٌ مِنْ عُيُوبِ الْقافِيةِ ، وَهُو الْمُسمَّى إصْرافًا ؛ لهذا كنتُ أفضِّلُ التقييد ولا أجيزُ الإطلاقَ إلا على لغةِ بعضِ العربِ الذين يهملون ( أنْ ) العاملة على حدِّ قولِ ابنِ مالكٍ :
وبعْضُهم أهْملَ أنْ حَمْلًا عَلَى *** مَا أخْتِها حَيثُ استحقَّتْ عمَلَا
هذا مَا كنتُ أميلُ إليهِ إلى أَنْ نبَّهَنِي أَخُونا فِي اللهِ أَبُو مَالكٍ إِلَى أَنَّ ( أنْ ) هُنا غيرُ عاملةٍ ؛ لأنَّها مُخفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ ـ كمَا رأى الشَّيخُ صَاحبُ المنظُومةِ في شرْحِهِ المُسَمَّى ( معارج القبول ) ، وقدْ أكَّدَ هذا عِندي وقُوعُها في حَيزِِ الشَّهَادِةِ ، وَلا تكُونُ الشَّهادةُ إلَّا عَنْ عَلْمٍ وَيقِينٍ ؛ وعليهِ فالفِعلُ : ( يعبد ) مَرْفوعٌ لا إشكالَ في ذلكَ ، والتقديرُ : أشهدُ أنَّه لا يُعبدُ ؛ وعَلَيْهِ صِرْتُ أُفضِّلُ إِطْلاقَ الرَّويِّ ، وَإنْ جَازَ التَّقْيِيدُ .
ب ـ قَوْلُهُ :
5 ـ وَبَعْدُ : إِنِّي بِالْيَقِينِ أَشْهَدُ ... شَهَادَةَ الْإِخْلَاصِ أَنْ لَا يُعْبَدُ
6 ـ بِالْحَقِّ مَأْلُوهٌ سِوَى الرَّحْمَنِ ... مَنْ جَلَّ عَنْ عَيْبٍ وَعَنْ نُقْصَانِ
لا يَخْفَى أَنَّ الشيخَ وقعَ هنا فِي عَيْبِ التَّضْمِينِ ، وَالتَّضْمِينُ هُو :
تضْمِينُهُمْ تَعْلِيقُهُمْ رَوِيَّا *** بِمِا يكُونُ بَعْدَهُ مَرْوِيَّا
واعْلَمُوا ـ يَا إخْواني ـ أَنَّ التَّضْمِينَ صِنفَانِ :
صِنْفٌ بِهِ مَعْنَى الْكَلَامِ لَا يَتمّْ *** إِلَّا بِهِ وَذَا بِقُبْحٍ قَدْ وُصِمْ
كَأَنْ تَرَى الرَّوِيَّ جَاءَ مُبْتَدَا *** خَبَرُهُ فِيمَا يَلِي قَدْ وَرَدَا
وَالثَّانِ تَعْلِيقٌ أتَى تَوْضِيحَا *** مُتمِّمًا فلَا يُرَى قبِيحَا
وَالسُّؤَالُ : مِنْ أَيِّ النوعينِ جَاءَ تَضْمِينُ الشَّيْخِ ؟
إنَّ كَلِمَةَ : ( مألوه ) تُعْرَبُ نائِبَ فَاعِلٍ ، فالتَّضْمِينُ مِنَ النَّوْعِ الأوَّلِ ، وَهُو مَعَ قُبْحِهِ جَائزٌ لِلْمُوَلدِين .
ج ـ كلمَةُ : ( مع ) فِي قَوْلِهِ :
12 ـ فَقُلْتُ مَعْ عَجْزِي وَمَعْ إِشْفَاقِي ... مُعْتَمِدًا عَلَى الْقَدِيرِ الْبَاقِي
بسُكُونِ الْعَيْنِ ، وَقدِ اختُلِفَ في نَوْعِهَا ، يقولُ ابْنُ مُعْطٍ :
وفِي مَعَ الْخُلْفُ فقِيلَ : ظَرْفُ *** وَقِيلَ إِنْ أُسْكِنَ فَهْوَ حَرْفُ
د ـ كَلِمَةُ : ( رُسله ) في قولِهِ :
17 ـ وَبَعْدَ هَذَا رُسْلَهُ قَدْ أَرْسَلَا ... لَهُمْ وَبِالْحَقِّ الْكِتَابَ أَنْزَلَا
تُنْطقُ بِسُكُونِ السِّينِ لا ضَرُورةً بَلْ لُغَةً ؛ فَإِنَّ جَمْعَ : رسُولٍ : رُسُلٌ بِضَمَّتَيْنِ ، وَالإِسْكَانُ لُغَةٌ .
ه ـ قولُه :
18 ـ لِكَيْ بِذَا الْعَهْدِ يُذَكِّرُوهُمْ ... وَيُنْذِرُوهُمْ وَيُبَشِّرُوهُمْ
رغْمَ أنَّ الأصْلَ فِي ميمِ الْجمْعِ أَنْ تُحرَّكَ وَتُشبَعَ ـ كمَا يقولُ علماءُ القراءاتِ ـ إلا أنَّني أفضِّلُ تقْيِيدَ الرَّوِيِّ ؛ ذلِكَ لأنَّ التَّسْكِينَ هُوَ الأكْثَرُ عندَنا اسْتِعْمَالًا ، وَمَعَ هَذا لَا أمْنَعُ إِطْلَاقَ الرَّوِيِّ ، فنقُولُ :
18 ـ لِكَيْ بِذَا الْعَهْدِ يُذَكِّرُوهُمُ ... وَيُنْذِرُوهُمْ وَيُبَشِّرُوهُمُ
لكِنِ الميمُ في : ( يُنذرُوهُمْ ) لَا تكُونُ إلَّا سَاكنةً .
يُتْبَعُ إنْ شَاءَ اللهُ .
السَّلام عليكم وَرَحْمَةُ اللهِ وبرَكاتُه ، وبعدُ :
فقَدْ أَشَارَ عليَّ أخُونا فِي اللهِ أبُو مَالكٍ الْعَوَضِي ـ وَفَّقَهُ اللهُ إِلَى مَا فيهِ الْخيْرُـ أَنْ أنقلَ إلَى هذا المُلْتقَى الْمُبارَكِ مَا كُنْتُ شَارَكْتُ بِهِ عَلَى صَفَحَاتِ الْمَجْلسِ الْعِلْمِيِّ مِنْ : ضَبْطِ مَنْظُومةِ سُلَّمِ الْوُصُولِ إلَى عِلْمِ الأصُولِ ، لِلشَّيخِ الْعَالمِ الْعلَّامةِ حَافظِ بنِ أحْمَدَ الحَكَمِيِّ ـ رَحِمَهُ اللهُ تعَالَى ـ ، فوَافقَتِ الفكرَةُ قبُولًا عِنْدِي وَترْحِيبًا ؛ لأسْبَابٍ أهمُّها :
أ ـ الامْتِثالُ لِلْأَمرِ لاسيَّمَا أنَّ أبَا مَالكٍ الْعَوَضِي هُوَ الَّذي اقْترَحَ عَليْنا هنالِكَ أنْ نضْبطَ تلْكَ المنظومَةَ ؛ لمَا لهَا منْ قيمَةٍ علْمِيَّةٍ فِي بابِها ، وَلكثْرةِ مَا فِي طبَعَاتِهَِا المُختلفةِ ـ كَمَا لاحَظَ ـ منْ أخطاءٍ وتصحيفاتٍ ،
ب ـ ثُمَّ الرَّغبةُ فِي نشْرِ المنظومةِ صَحِيحةً خَاليةً مِنَ الأخْطاءِ ،
ج ـ ثُمَّ لَعَلِّي أَجِدُ بَيْنَ أهلِ هَذا الملتقى الكرامِ ـ أعْضاءً وزوَّارًا ـ مَنْ يقوِّم لِي خَطأً لمْ يُقَوَّمْ هنالك ؛ لهذا رحَّبْتُ بإعَادةِ هذه الْمُشاركاتِ ،
هذا ، وَسَوفَ أنتَهِجُ هنا نفسَ النَّهجِ الَّذِي انتهجْتُه هُنالِكَ ؛ حيثُ أقومُ بوضْعِ جُزْءٍ مِنَ الأبياتِ مَضْبُوطًا ضَبْطًا تامًّا ، ثمَّ أُشْفِعُهُ بمجْموعةٍ مِنَ التنبيهاتِ الَّتي أُضمِّنُها الوُجُوهَ المُخْتارَةَ عِندِي فِي الضَّبْطِ والرواياتِ ؛ مبينا أسبابَ التَّرْجيحِ وَ الاخْتِيَارِ ، ثُمَّ أدَعُ أوْ أُتِيحُ الفرْصَةَ لإخْوَانِي ؛ لعرضِ مَا يرَوْنَهُ مِنْ آراءٍ ومُقترَحَاتٍ ، أو إجابةٍ عنْ تسَاؤُلاتٍ .
واللهَ أدْعُو أَنْ يوفِّقنا إلَى إِخْرَاجِ نُسْخَةٍ صَحِيحةٍ تلِيقُ بهَذِهِ المَنْظُومَةِ الطَّيبةِ الشَّائقةِ الرَّائقةِ الداعيةِ إلى توْحِيدِ اللهِ وَاتِّباعِ الرَّسُولِ ـ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ ـ
وَهَذا أَوَانُ الشُّرُوعِ فِي الْمَوْضُوعِ ، وَاللهُ المستعانُ ، وعليهِ التكْلَان
منظومةُ :
( سُلَّم الْوُصُولِ إِلَى عِلْمِ الْأُصُولِ فِي تَوْحِيدِ اللَّهِ وَاتِّبَاعِ الرَّسُولِ )
لِلْعَلاَّمَةِ الشَّيْخِ :
حَافِظِ بْنِ أَحْمَدَ الْحَكَمِيِّ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ـ
1 ـ أَبْدَأُ بِاسْمِ اللَّهِ مُسْتَعِينَا ... رَاضٍ بِهِ مُدَبِّرًا مُعِينَا
2 ـ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَمَا هَدَانَا ... إِلَى سَبِيلِ الْحَقِّ وَاجْتَبَانَا
3 ـ أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَأَشْكُرُهْ ... وَمِنْ مَسَاوِي عَمَلِي أَسْتَغْفِرُهْ
4 ـ وَأَسْتَعِينُهُ عَلَى نَيْلِ الرِّضَا ... وَأَسْتَمِدُّ لُطْفَهُ فِيمَا قَضَى
5 ـ وَبَعْدُ : إِنِّي بِالْيَقِينِ أَشْهَدُ ... شَهَادَةَ الْإِخْلَاصِ أَنْ لَا يُعْبَدُ
6 ـ بِالْحَقِّ مَأْلُوهٌ سِوَى الرَّحْمَنِ ... مَنْ جَلَّ عَنْ عَيْبٍ وَعَنْ نُقْصَانِ
7 ـ وَأَنَّ خَيْرَ خَلْقِهِ مُحَمَّدَا ... مَنْ جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى
8 ـ رَسُولُهُ إِلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ ... بِالنُّورِ وَالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ
9 ـ صَلَّى عَلَيهِ رَبُّنَا وَمَجَّدَا ... وَالْآلِ وَالصَّحْبِ دَوَامًا سَرْمَدَا
10 ـ وَبَعْدُ هَذَا النَّظْمُ فِي الْأُصُولِ ... لِمَنْ أَرَادَ مَنْهَجَ الرَّسُولِ
11 ـ سَأَلَنِي إِيَّاهُ مَنْ لَا بُدَّ لِي ... مِنِ امْتِثَالِ سُؤْلِهِ الْمُمْتَثَلِ
12 ـ فَقُلْتُ مَعْ عَجْزِي وَمَعْ إِشْفَاقِي ... مُعْتَمِدًا عَلَى الْقَدِيرِ الْبَاقِي
مُقَدِّمَةٌ :
تُعَرِّفُ الْعَبْدَ بِمَا خُلِقَ لَهُ ، وَبِأَوَّلِ مَا فَرَضَ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ ،وَبِمَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهِ الْمِيثَاقَ فِي ظَهْرِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، وَبِمَا هُو صَائِرٌ إِلَيْهِ .
13 ـ اعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا ... لَمْ يَتْرُكِ الْخَلْقَ سُدًى وَهَمَلَا
14 ـ بَلْ خَلَقَ الْخَلْقَ لِيَعْبُدُوهُ ... وَبِالْإِلَهِيَّةِ يُفْرِدُوهُ
15 ـ أَخْرَجَ فِيمَا قَدْ مَضَى مِنْ ظَهْرِ ... آدَمَ ذُرِّيَّتَهُ كَالذَّرِّ
16 ـ وَأَخَذَ الْعَهْدَ عَلَيْهِمْ أَنَّهُ ... لَا رَبَّ مَعْبُودٌ بِحَقٍّ غَيْرَهُ
17 ـ وَبَعْدَ هَذَا رُسْلَهُ قَدْ أَرْسَلَا ... لَهُمْ وَبِالْحَقِّ الْكِتَابَ أَنْزَلَا
18 ـ لِكَيْ بِذَا الْعَهْدِ يُذَكِّرُوهُمْ ... وَيُنْذِرُوهُمْ وَيُبَشِّرُوهُمْ
19 ـ كَيْ لَا يَكُونَ حُجَّةٌ لِلنَّاسِ بَلْ ... لِلَّهِ أَعْلَى حُجَّةٍ عَزَّ وَجَلّْ
20 ـ فَمَنْ يُصَدِّقْهُمْ بِلَا شِقَاقِ ... فَقَدْ وَفَى بِذَلِكَ الْمِيثَاقِ
21 ـ وَذَاكَ نَاجٍ مِنْ عَذَابِ النَّارِ ... وَذلِكَ الْوَارِثُ عُقْبَى الدَّارِ
22 ـ وَمَنْ بِهِمْ وَبِالْكِتَابِ كَذَّبَا ... وَلَازَمَ الْإِعْرَاضَ عَنْهُ وَالْإِبَا
23 ـ فَذَاكَ نَاقِضٌ كِلَا الْعَهْدَيْنِ ... مُسْتَوْجِبٌ لِلْخِزْيِ فِي الدَّارَيْنِ
تنبيهاتٌ :
أ ـ قولُهُ :
5 ـ وَبَعْدُ : إِنِّي بِالْيَقِينِ أَشْهَدُ ... شَهَادَةَ الْإِخْلَاصِ أَنْ لَا يُعْبَدُ
كُنْتُ أمِيلُ إِلَى أَنْ يَكُونَ الرَّوِيُّ فِي الْبَيْتِ مُقيَّدًا لَا مُطْلقًا ؛ لِظَنِّي أَنَّ (أَنْ )عَاملةٌ النَّصْبَ ، وَلَوْ أننا أطلقْنا الرَّويَّ لاخْتَلَفَ الْمَجْرَى ، وَجَمَعْنا بينَ الضَّمِّ وَالفَتْحِ ، وَهَذا عَيْبٌ مِنْ عُيُوبِ الْقافِيةِ ، وَهُو الْمُسمَّى إصْرافًا ؛ لهذا كنتُ أفضِّلُ التقييد ولا أجيزُ الإطلاقَ إلا على لغةِ بعضِ العربِ الذين يهملون ( أنْ ) العاملة على حدِّ قولِ ابنِ مالكٍ :
وبعْضُهم أهْملَ أنْ حَمْلًا عَلَى *** مَا أخْتِها حَيثُ استحقَّتْ عمَلَا
هذا مَا كنتُ أميلُ إليهِ إلى أَنْ نبَّهَنِي أَخُونا فِي اللهِ أَبُو مَالكٍ إِلَى أَنَّ ( أنْ ) هُنا غيرُ عاملةٍ ؛ لأنَّها مُخفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ ـ كمَا رأى الشَّيخُ صَاحبُ المنظُومةِ في شرْحِهِ المُسَمَّى ( معارج القبول ) ، وقدْ أكَّدَ هذا عِندي وقُوعُها في حَيزِِ الشَّهَادِةِ ، وَلا تكُونُ الشَّهادةُ إلَّا عَنْ عَلْمٍ وَيقِينٍ ؛ وعليهِ فالفِعلُ : ( يعبد ) مَرْفوعٌ لا إشكالَ في ذلكَ ، والتقديرُ : أشهدُ أنَّه لا يُعبدُ ؛ وعَلَيْهِ صِرْتُ أُفضِّلُ إِطْلاقَ الرَّويِّ ، وَإنْ جَازَ التَّقْيِيدُ .
ب ـ قَوْلُهُ :
5 ـ وَبَعْدُ : إِنِّي بِالْيَقِينِ أَشْهَدُ ... شَهَادَةَ الْإِخْلَاصِ أَنْ لَا يُعْبَدُ
6 ـ بِالْحَقِّ مَأْلُوهٌ سِوَى الرَّحْمَنِ ... مَنْ جَلَّ عَنْ عَيْبٍ وَعَنْ نُقْصَانِ
لا يَخْفَى أَنَّ الشيخَ وقعَ هنا فِي عَيْبِ التَّضْمِينِ ، وَالتَّضْمِينُ هُو :
تضْمِينُهُمْ تَعْلِيقُهُمْ رَوِيَّا *** بِمِا يكُونُ بَعْدَهُ مَرْوِيَّا
واعْلَمُوا ـ يَا إخْواني ـ أَنَّ التَّضْمِينَ صِنفَانِ :
صِنْفٌ بِهِ مَعْنَى الْكَلَامِ لَا يَتمّْ *** إِلَّا بِهِ وَذَا بِقُبْحٍ قَدْ وُصِمْ
كَأَنْ تَرَى الرَّوِيَّ جَاءَ مُبْتَدَا *** خَبَرُهُ فِيمَا يَلِي قَدْ وَرَدَا
وَالثَّانِ تَعْلِيقٌ أتَى تَوْضِيحَا *** مُتمِّمًا فلَا يُرَى قبِيحَا
وَالسُّؤَالُ : مِنْ أَيِّ النوعينِ جَاءَ تَضْمِينُ الشَّيْخِ ؟
إنَّ كَلِمَةَ : ( مألوه ) تُعْرَبُ نائِبَ فَاعِلٍ ، فالتَّضْمِينُ مِنَ النَّوْعِ الأوَّلِ ، وَهُو مَعَ قُبْحِهِ جَائزٌ لِلْمُوَلدِين .
ج ـ كلمَةُ : ( مع ) فِي قَوْلِهِ :
12 ـ فَقُلْتُ مَعْ عَجْزِي وَمَعْ إِشْفَاقِي ... مُعْتَمِدًا عَلَى الْقَدِيرِ الْبَاقِي
بسُكُونِ الْعَيْنِ ، وَقدِ اختُلِفَ في نَوْعِهَا ، يقولُ ابْنُ مُعْطٍ :
وفِي مَعَ الْخُلْفُ فقِيلَ : ظَرْفُ *** وَقِيلَ إِنْ أُسْكِنَ فَهْوَ حَرْفُ
د ـ كَلِمَةُ : ( رُسله ) في قولِهِ :
17 ـ وَبَعْدَ هَذَا رُسْلَهُ قَدْ أَرْسَلَا ... لَهُمْ وَبِالْحَقِّ الْكِتَابَ أَنْزَلَا
تُنْطقُ بِسُكُونِ السِّينِ لا ضَرُورةً بَلْ لُغَةً ؛ فَإِنَّ جَمْعَ : رسُولٍ : رُسُلٌ بِضَمَّتَيْنِ ، وَالإِسْكَانُ لُغَةٌ .
ه ـ قولُه :
18 ـ لِكَيْ بِذَا الْعَهْدِ يُذَكِّرُوهُمْ ... وَيُنْذِرُوهُمْ وَيُبَشِّرُوهُمْ
رغْمَ أنَّ الأصْلَ فِي ميمِ الْجمْعِ أَنْ تُحرَّكَ وَتُشبَعَ ـ كمَا يقولُ علماءُ القراءاتِ ـ إلا أنَّني أفضِّلُ تقْيِيدَ الرَّوِيِّ ؛ ذلِكَ لأنَّ التَّسْكِينَ هُوَ الأكْثَرُ عندَنا اسْتِعْمَالًا ، وَمَعَ هَذا لَا أمْنَعُ إِطْلَاقَ الرَّوِيِّ ، فنقُولُ :
18 ـ لِكَيْ بِذَا الْعَهْدِ يُذَكِّرُوهُمُ ... وَيُنْذِرُوهُمْ وَيُبَشِّرُوهُمُ
لكِنِ الميمُ في : ( يُنذرُوهُمْ ) لَا تكُونُ إلَّا سَاكنةً .
يُتْبَعُ إنْ شَاءَ اللهُ .