كريم جبر منصور
New member
السلام على آل الله ورحمة الله وبركاته
لأن موضوعي السابق (وفق اي قراءة كان ضبط المصحف حينها؟) قد تعرض للتشويه فسأعيد صياغة موضوعي بعنوان جديد:
(ضبط المصاحف واختيارات القراء)
وكلي أمل ان لا تُكرر المأساة ثانية.
بالنظر لكوني طبيب قضيت جل عمري بين مريض يئن ودواء يوصف فلا اطلاع عندي كما هو لديكم كمتخصصين في علوم القرآن اجمالا والتجويد والقراءات خصوصا فقد يعتمل في تصوراتكم ما اتصوره وتنقدح شرارة بحث ليس من اختصاصي متابعته، فصلتي بما لديكم صلة المثقف بالثقافة العامة، فلا يحق لكم محاسبتي لماذا لا تكمل البحث؟ وماذا تقصد؟ ولأي جهة تعمل؟ وكيف ...؟ ووووو.
وسأفصل سؤالي وانطباعي عن مسألة الضبط المصحفي تأريخيا:
ليعد أحدنا بمخيلته التاريخية الى حقبة أواخر المئة الاولى والمئة الثانية والثالثة للهجرة وكأنه يعمل خطاطا أو ما يسمى سابقاً نقّاطاً من نقّاط المسلمين في ورشة او مكتب لاستنساخ المصاحف التي لابد أنها كانت متوافرة في وقت استقرت أوضاع الدولة الاسلامية اقتصاديا واجتماعيا تقريبا والدليل هو انتعاش الحياة العلمية في ظل النهم العلمي لعباقرة المسلمين على مستوى الامور الفقهية والعقدية والكلامية واللغوية والنحوية والعلمية الاخرى كالكيمياء والفلك والطب وغيرها.
ولابد ان المسلمين عربيهم وأعجميهم كانوا يحرصون على اقتناء المصاحف نيلا لثواب التلاوة العظيم ، وكانت الكتاتيب منتشرة لتعليم الصبيان قراءة القرآن والمساجد زاخرة بدروس الفقه والإقراء.
وفي خضم هذه الفترة كنت أعمل مع أبي أو جدي او استاذي في خط المصاحف لان خطي كان ممتازا جدا وأتقاضى أجرا حلالا كافيا طيبا ، ولابد من وجود نسخة نستنسخ عليها باشراف متخصص ذي علاقة بقراء القرآن ويتابع ما يستجد في هذا الشأن المهم عند المسلمين جميعا.
وكأني مثلا كنت في الكوفة او البصرة وانتشرت أخبار ضبط ابي الأسود الدؤلي رضي الله عنه (ت 90هـ) فقمنا بشراء الحبر الأحمر وحصلنا على نسخة من هذا المصحف المنقوط (نقط شكل) وعملنا عليه فترة من الزمن.
وبلاشك ان هذا المصحف لم تكن الكلمة الفرشية فيه منقوطة على كل الأوجه الإقرائية وأقصد أوجه الشكل لا الإعجام(حسب المعطيات التاريخية الثابتة لدينا)،
أي لا يعقل مثلاً أنهم وضعوا نقطة فوق وتحت السين في كلمة (يحسب) ومثيلاتها بالفتح(يحسَب) والكسر(يحسِب) لمراعاة القراءات الاخرى .
وهذا يعني ان المصحف بكله لم يُضبط شكلا الا على قراءة واحدة باختيارات أبي الأسود أي بإملاءه (فقد كان ضريرا حسبما أظن) بالاعتماد على حركات شفتيه وفكيه كم هو معروف لديكم.
ولو عثرنا على نسخة منه او اشارات في بطون الكتب لعلمنا شيئا عن اختيارات ابي الأسود التي قد تعكس روايته للقرآن عن علي بن ابي طالب رضي الله عنه وأرضاه.
على كل حال فان فكرة ابي الاسود رحمه الله في تشكيل المصحف لايُعقل انها لم تدغدغ مشاعر من عاصره ومن تلاه من المهتمين بالاقراء من التابعين وتابعيهم وفي مختلف الامصار الاسلامية العامرة آنذاك، ولعل كانت لهم اختيارات خاصة في فرش الكلمات ، وقد تُخط لهم مصاحف في أمصارهم تحمل ضبطا واحداُ في الشكل للفرشيات وفقا لاختيار ذلك القاريء في ذلك المصر.
وأثناء كل ذلك بقي الرسم المصحفي سالما لم يمسه احد بسوء وتبنى الحبر الاحمر مسؤولية التشكيل الاعرابي حصرا.
ولا نستطيع تحديد عدد المكاتب الخاطّة او الناقطة للمصاحف في الكوفة مثلا او الشام او البصرة او المدينة ومكة ولا استطيع الجزم بان كل المصاحف في سنة معينة كانت تخضع لضبط واحد لقارئ واحد لمصر واحد فقد يكون في المصر اكثر من ضبط لأكثر من مصحف والرسم ثابت والضبط متغير حسب شيوع اختيارات ذلك القارئ (او العالم) في مصره في فترة معينة( إذ قد تشتهر قراءة معينة في مصر معين لفترة معينة) وعمل النقاط تابع لذلك.
ولندرة او لضياع تلك المصاحف لا نجد دليلا على ما نقول ، ولكن قد (اقول قد) توجد في متاحف نسخ المصاحف او الروايات التاريخية ما يشير الى ذلك او بعض منه.
يتبع ان شاء الله.. مرحلة الضبط الثاني
لأن موضوعي السابق (وفق اي قراءة كان ضبط المصحف حينها؟) قد تعرض للتشويه فسأعيد صياغة موضوعي بعنوان جديد:
(ضبط المصاحف واختيارات القراء)
وكلي أمل ان لا تُكرر المأساة ثانية.
بالنظر لكوني طبيب قضيت جل عمري بين مريض يئن ودواء يوصف فلا اطلاع عندي كما هو لديكم كمتخصصين في علوم القرآن اجمالا والتجويد والقراءات خصوصا فقد يعتمل في تصوراتكم ما اتصوره وتنقدح شرارة بحث ليس من اختصاصي متابعته، فصلتي بما لديكم صلة المثقف بالثقافة العامة، فلا يحق لكم محاسبتي لماذا لا تكمل البحث؟ وماذا تقصد؟ ولأي جهة تعمل؟ وكيف ...؟ ووووو.
وسأفصل سؤالي وانطباعي عن مسألة الضبط المصحفي تأريخيا:
ليعد أحدنا بمخيلته التاريخية الى حقبة أواخر المئة الاولى والمئة الثانية والثالثة للهجرة وكأنه يعمل خطاطا أو ما يسمى سابقاً نقّاطاً من نقّاط المسلمين في ورشة او مكتب لاستنساخ المصاحف التي لابد أنها كانت متوافرة في وقت استقرت أوضاع الدولة الاسلامية اقتصاديا واجتماعيا تقريبا والدليل هو انتعاش الحياة العلمية في ظل النهم العلمي لعباقرة المسلمين على مستوى الامور الفقهية والعقدية والكلامية واللغوية والنحوية والعلمية الاخرى كالكيمياء والفلك والطب وغيرها.
ولابد ان المسلمين عربيهم وأعجميهم كانوا يحرصون على اقتناء المصاحف نيلا لثواب التلاوة العظيم ، وكانت الكتاتيب منتشرة لتعليم الصبيان قراءة القرآن والمساجد زاخرة بدروس الفقه والإقراء.
وفي خضم هذه الفترة كنت أعمل مع أبي أو جدي او استاذي في خط المصاحف لان خطي كان ممتازا جدا وأتقاضى أجرا حلالا كافيا طيبا ، ولابد من وجود نسخة نستنسخ عليها باشراف متخصص ذي علاقة بقراء القرآن ويتابع ما يستجد في هذا الشأن المهم عند المسلمين جميعا.
وكأني مثلا كنت في الكوفة او البصرة وانتشرت أخبار ضبط ابي الأسود الدؤلي رضي الله عنه (ت 90هـ) فقمنا بشراء الحبر الأحمر وحصلنا على نسخة من هذا المصحف المنقوط (نقط شكل) وعملنا عليه فترة من الزمن.
وبلاشك ان هذا المصحف لم تكن الكلمة الفرشية فيه منقوطة على كل الأوجه الإقرائية وأقصد أوجه الشكل لا الإعجام(حسب المعطيات التاريخية الثابتة لدينا)،
أي لا يعقل مثلاً أنهم وضعوا نقطة فوق وتحت السين في كلمة (يحسب) ومثيلاتها بالفتح(يحسَب) والكسر(يحسِب) لمراعاة القراءات الاخرى .
وهذا يعني ان المصحف بكله لم يُضبط شكلا الا على قراءة واحدة باختيارات أبي الأسود أي بإملاءه (فقد كان ضريرا حسبما أظن) بالاعتماد على حركات شفتيه وفكيه كم هو معروف لديكم.
ولو عثرنا على نسخة منه او اشارات في بطون الكتب لعلمنا شيئا عن اختيارات ابي الأسود التي قد تعكس روايته للقرآن عن علي بن ابي طالب رضي الله عنه وأرضاه.
على كل حال فان فكرة ابي الاسود رحمه الله في تشكيل المصحف لايُعقل انها لم تدغدغ مشاعر من عاصره ومن تلاه من المهتمين بالاقراء من التابعين وتابعيهم وفي مختلف الامصار الاسلامية العامرة آنذاك، ولعل كانت لهم اختيارات خاصة في فرش الكلمات ، وقد تُخط لهم مصاحف في أمصارهم تحمل ضبطا واحداُ في الشكل للفرشيات وفقا لاختيار ذلك القاريء في ذلك المصر.
وأثناء كل ذلك بقي الرسم المصحفي سالما لم يمسه احد بسوء وتبنى الحبر الاحمر مسؤولية التشكيل الاعرابي حصرا.
ولا نستطيع تحديد عدد المكاتب الخاطّة او الناقطة للمصاحف في الكوفة مثلا او الشام او البصرة او المدينة ومكة ولا استطيع الجزم بان كل المصاحف في سنة معينة كانت تخضع لضبط واحد لقارئ واحد لمصر واحد فقد يكون في المصر اكثر من ضبط لأكثر من مصحف والرسم ثابت والضبط متغير حسب شيوع اختيارات ذلك القارئ (او العالم) في مصره في فترة معينة( إذ قد تشتهر قراءة معينة في مصر معين لفترة معينة) وعمل النقاط تابع لذلك.
ولندرة او لضياع تلك المصاحف لا نجد دليلا على ما نقول ، ولكن قد (اقول قد) توجد في متاحف نسخ المصاحف او الروايات التاريخية ما يشير الى ذلك او بعض منه.
يتبع ان شاء الله.. مرحلة الضبط الثاني