عبدالرحمن الشهري
المشرف العام
- إنضم
- 29/03/2003
- المشاركات
- 19,328
- مستوى التفاعل
- 132
- النقاط
- 63
- الإقامة
- الرياض
- الموقع الالكتروني
- www.amshehri.com
هذه مقالة منشورة بجريدة الجزيرة هنا للدكتور محمد ناصر الحقباني أستاذ اللغويات التطبيقية بكلية الملك فهد الأمنية .
تعكس نوعية وكثرة المؤتمرات العلمية الواقع العلمي والتعليمي للبلد المنظم أو المستضيف لهذه المؤتمرات؛ لذلك من الطبيعي جداً أن نرى البلدان المتقدمة علمياً وتقنياً لها النصيب الأكبر من هذه المؤتمرات العلمية ذات المستوى العالي
تعتبر المؤتمرات العلمية ظاهرة صحية جداً لأنه من خلال هذه المؤتمرات يلتقي العلماء والباحثون في أحد حقول المعرفة لتقديم ما لديهم من جديد في هذا الحقل العلمي، وطرحه للنقاش. يعزز هذا الطرح من فرص تبادل المعرفة الإنسانية وإخضاعها للتجربة والمساءلة العلمية، فينهض بها الحقل العلمي الحاضن لها، فتنشأ بيئة مناسبة يفرغ فيها الباحثون والمنظرون أفكارهم وتجاربهم وما توصلوا إليه من نتائج علمية. وهذا بدوره ينهض بمستوى المجتمع الراعي لمثل هذه المؤتمرات ويجعل منه مجتمعاً منتجاً.
ماذا عن المؤتمرات العلمية في المملكة؟
لا تخرج المؤتمرات في المملكة عن نوعين، وهما:
- مؤتمرات علمية جيدة في أهدافها ومساعيها، وهي في الغالب تنظم بواسطة أفراد مهتمين بفحوى هذه المؤتمرات داخل مؤسساتهم العلمية.
للأسف الشديد فرص استمرار هذه المؤتمرات شبه معدومة نظراً لأن هؤلاء الأفراد المنظمين لها ينتهي بهم الأمر إلى التخلي عنها لغياب الدعم والتشجيع من قبل مؤسساتهم العلمية والمجتمع، وعدم تفرغهم لهذه المؤتمرات العلمية التي غالباً ما تكون حملاً إضافياً عليهم.
- مؤتمرات علمية جيدة ولكنها ضعيفة التسويق والدعاية وربما تقبل أوراقاً علمية ضعيفة المستوى في آخر لحظة لغياب التفاعل معها بسبب ضعف التسويق لها، ولوجود بعض الصعوبات التي تواجه المشاركين من خارج المملكة وتمنعهم من الحضور وتقديم أبحاثهم في الوقت المناسب، فيعتذرون في آخر لحظة. لا بد من وجود تسهيلات عديدة تقدم للمشاركين في المؤتمرات، وبدونها ستصبح مشاركة الباحثين من خارج المملكة شبه متعذرة، وهو في النهاية ما يؤثر على مستوى ونوعية هذه المؤتمرات لأنها ستكتفي بالباحثين من داخل المملكة وبعض الدول المجاورة، وهي - كما يؤكده الواقع - ضعيفة في مجال البحوث النظرية والتطبيقية.
كما ذكرت في بداية المقال، تعكس المؤتمرات العلمية الجيدة ثقافة ومستوى تعليم البلد المنظم أو المستضيف لها. هذه حقيقة يجب أن ندركها. صناعة المؤتمرات العلمية في المملكة ومعظم الدول العربية ضعيفة إلى حد ما بسبب جودة التعليم غير الواضحة والمستقرة في الكثير من مؤسسات التعليم العليا، وغياب الكثير من محفزات المؤتمرات الضرورية الجيدة مثل البحث العلمي الرصين، وعدم وجود الآلية الواضحة المدعومة التي تشجع وتتبنى المؤتمرات العلمية الجيدة، وفهم المجتمع لأهمية المؤتمرات العلمية كمحفزات حقيقية لنموه وتطوره. إن عدد ونوعية المؤتمرات التي تعقد في دولة واحدة مثل فرنسا في سنة واحدة يتجاوز ما يعقد في الدول العربية مجتمعة. لعل هذا يفسر سبب تفوق هذه الدولة وغيرها من الدول الأوروبية علمياً وتقنياً على جميع الدول العربية.
ينبغي علينا في المملكة والمنطقة العربية أن ندرك أن صناعة المؤتمرات تعتبر علماً قائماً بذاته ورافداً اقتصادياً مهماً لا يقل في أهميته الاقتصادية عن المصانع المنتجة والسياحة. فوجود المؤتمرات الدولية المعد لها جيداً في دولة ما كفيل بأن يوفر الدعم لمرافقها المختلفة مثل الفنادق وخطوط الطيران والمحلات التجارية، إلخ. على سبيل المثال، لو فرضنا أن مدينة الرياض ستحتضن هذا العام 10 مؤتمرات دولية في مجالات علمية مختلفة يشترك فيها المئات من الباحثين والعلماء من دول العالم المختلفة، فهذا يعني أن مرافق مدينة الرياض الاقتصادية كالفنادق وخطوط الطيران والمحلات ستجني أرباحاً موسمية عالية تعود بالنفع على اقتصاد البلد. أضف إلى ذلك، السمعة العلمية والأكاديمية التي ستجنيها الدولة من هذه المؤتمرات العلمية الدولية.
لقد أصبحت مدينة دبي نموذجاً يشار إليه بالبنان في هذا المجال. فعلى الرغم من صغرها وحداثتها كمدينة عصرية، أصبحت مدينة دبي تحتضن العديد من المؤتمرات العلمية الجيدة سنوياً، وهو ما انعكس على اقتصاد وتعليم المدينة بالإيجاب، وجعلها مدينة معروفة عالمياً من حيث قدرتها على تنظيم واستضافة المؤتمرات العلمية الدولية، وهو ما لم يتوافر لغيرها من الكثير من المدن والعواصم الخليجية والعربية.
ولكن، كيف يمكن تعزيز صناعة المؤتمرات العلمية في المملكة وجعلها محط أنظار الباحثين في العالم؟
أعتقد أن الإجابة عن هذا السؤال تبدأ من وزارة التعليم ومؤسساته التعليمية العليا. لا يمكن أن تكون لدينا صناعة مؤتمرات جيدة في ظل غياب البحث العلمي الجيد ووجود باحثين متميزين في مجالاتهم العلمية يدعمون قيام مثل هذه الصناعة في المملكة. لقد أدرك قائد هذه البلاد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - حقيقة حاجة مؤسساتنا العلمية إلى بذل المزيد في مجال البحوث العلمية، حيث قال عند افتتاحه للجامعة الواعدة جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية إننا مقصرون في مجال البحوث العلمية، وعلينا بذل المزيد. إن في هذه النظرة الفاحصة وهذا التشخيص الدقيق من قائد مسيرتنا الخيرة تأكيد على ضرورة اهتمام مؤسساتنا العلمية العليا بالبحث العلمي ونشره في المجتمع من خلال وجود المؤتمرات العلمية الجيدة التي هي بمثابة سوق يرتاده من يرغب في المعرفة العلمية.
إن ما نراه في صحفنا اليومية من إعلانات لمؤتمرات وضم لخبرات دولية في مجال العلوم المختلفة وإنشاء كراسي بحث في مؤسساتنا العلمية العليا من قبل شخصيات اعتبارية في المجتمع ومؤسسات رائدة كصحيفة الجزيرة هو دليل ملموس على استجابة مؤسساتنا العلمية بمختلف أطيافها ومؤسسات المجتمع بكل أنواعها لدعوة قائد بلادنا بالاهتمام بالبحث العلمي وصناعته وتسويقه لتكون المملكة شريكاً فعالاً في النهضة العلمية الدولية. جميع هذه المؤشرات الإيجابية تبشر بمستقبل كبير للبحوث العلمية وصناعة المؤتمرات في المملكة في ظل عهد خادم الحرمين الشريفين وولي عهده - حفظهما الله -. إلى الأمام يا موطني.
تعتبر المؤتمرات العلمية ظاهرة صحية جداً لأنه من خلال هذه المؤتمرات يلتقي العلماء والباحثون في أحد حقول المعرفة لتقديم ما لديهم من جديد في هذا الحقل العلمي، وطرحه للنقاش. يعزز هذا الطرح من فرص تبادل المعرفة الإنسانية وإخضاعها للتجربة والمساءلة العلمية، فينهض بها الحقل العلمي الحاضن لها، فتنشأ بيئة مناسبة يفرغ فيها الباحثون والمنظرون أفكارهم وتجاربهم وما توصلوا إليه من نتائج علمية. وهذا بدوره ينهض بمستوى المجتمع الراعي لمثل هذه المؤتمرات ويجعل منه مجتمعاً منتجاً.
ماذا عن المؤتمرات العلمية في المملكة؟
لا تخرج المؤتمرات في المملكة عن نوعين، وهما:
- مؤتمرات علمية جيدة في أهدافها ومساعيها، وهي في الغالب تنظم بواسطة أفراد مهتمين بفحوى هذه المؤتمرات داخل مؤسساتهم العلمية.
للأسف الشديد فرص استمرار هذه المؤتمرات شبه معدومة نظراً لأن هؤلاء الأفراد المنظمين لها ينتهي بهم الأمر إلى التخلي عنها لغياب الدعم والتشجيع من قبل مؤسساتهم العلمية والمجتمع، وعدم تفرغهم لهذه المؤتمرات العلمية التي غالباً ما تكون حملاً إضافياً عليهم.
- مؤتمرات علمية جيدة ولكنها ضعيفة التسويق والدعاية وربما تقبل أوراقاً علمية ضعيفة المستوى في آخر لحظة لغياب التفاعل معها بسبب ضعف التسويق لها، ولوجود بعض الصعوبات التي تواجه المشاركين من خارج المملكة وتمنعهم من الحضور وتقديم أبحاثهم في الوقت المناسب، فيعتذرون في آخر لحظة. لا بد من وجود تسهيلات عديدة تقدم للمشاركين في المؤتمرات، وبدونها ستصبح مشاركة الباحثين من خارج المملكة شبه متعذرة، وهو في النهاية ما يؤثر على مستوى ونوعية هذه المؤتمرات لأنها ستكتفي بالباحثين من داخل المملكة وبعض الدول المجاورة، وهي - كما يؤكده الواقع - ضعيفة في مجال البحوث النظرية والتطبيقية.
كما ذكرت في بداية المقال، تعكس المؤتمرات العلمية الجيدة ثقافة ومستوى تعليم البلد المنظم أو المستضيف لها. هذه حقيقة يجب أن ندركها. صناعة المؤتمرات العلمية في المملكة ومعظم الدول العربية ضعيفة إلى حد ما بسبب جودة التعليم غير الواضحة والمستقرة في الكثير من مؤسسات التعليم العليا، وغياب الكثير من محفزات المؤتمرات الضرورية الجيدة مثل البحث العلمي الرصين، وعدم وجود الآلية الواضحة المدعومة التي تشجع وتتبنى المؤتمرات العلمية الجيدة، وفهم المجتمع لأهمية المؤتمرات العلمية كمحفزات حقيقية لنموه وتطوره. إن عدد ونوعية المؤتمرات التي تعقد في دولة واحدة مثل فرنسا في سنة واحدة يتجاوز ما يعقد في الدول العربية مجتمعة. لعل هذا يفسر سبب تفوق هذه الدولة وغيرها من الدول الأوروبية علمياً وتقنياً على جميع الدول العربية.
ينبغي علينا في المملكة والمنطقة العربية أن ندرك أن صناعة المؤتمرات تعتبر علماً قائماً بذاته ورافداً اقتصادياً مهماً لا يقل في أهميته الاقتصادية عن المصانع المنتجة والسياحة. فوجود المؤتمرات الدولية المعد لها جيداً في دولة ما كفيل بأن يوفر الدعم لمرافقها المختلفة مثل الفنادق وخطوط الطيران والمحلات التجارية، إلخ. على سبيل المثال، لو فرضنا أن مدينة الرياض ستحتضن هذا العام 10 مؤتمرات دولية في مجالات علمية مختلفة يشترك فيها المئات من الباحثين والعلماء من دول العالم المختلفة، فهذا يعني أن مرافق مدينة الرياض الاقتصادية كالفنادق وخطوط الطيران والمحلات ستجني أرباحاً موسمية عالية تعود بالنفع على اقتصاد البلد. أضف إلى ذلك، السمعة العلمية والأكاديمية التي ستجنيها الدولة من هذه المؤتمرات العلمية الدولية.
لقد أصبحت مدينة دبي نموذجاً يشار إليه بالبنان في هذا المجال. فعلى الرغم من صغرها وحداثتها كمدينة عصرية، أصبحت مدينة دبي تحتضن العديد من المؤتمرات العلمية الجيدة سنوياً، وهو ما انعكس على اقتصاد وتعليم المدينة بالإيجاب، وجعلها مدينة معروفة عالمياً من حيث قدرتها على تنظيم واستضافة المؤتمرات العلمية الدولية، وهو ما لم يتوافر لغيرها من الكثير من المدن والعواصم الخليجية والعربية.
ولكن، كيف يمكن تعزيز صناعة المؤتمرات العلمية في المملكة وجعلها محط أنظار الباحثين في العالم؟
أعتقد أن الإجابة عن هذا السؤال تبدأ من وزارة التعليم ومؤسساته التعليمية العليا. لا يمكن أن تكون لدينا صناعة مؤتمرات جيدة في ظل غياب البحث العلمي الجيد ووجود باحثين متميزين في مجالاتهم العلمية يدعمون قيام مثل هذه الصناعة في المملكة. لقد أدرك قائد هذه البلاد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - حقيقة حاجة مؤسساتنا العلمية إلى بذل المزيد في مجال البحوث العلمية، حيث قال عند افتتاحه للجامعة الواعدة جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية إننا مقصرون في مجال البحوث العلمية، وعلينا بذل المزيد. إن في هذه النظرة الفاحصة وهذا التشخيص الدقيق من قائد مسيرتنا الخيرة تأكيد على ضرورة اهتمام مؤسساتنا العلمية العليا بالبحث العلمي ونشره في المجتمع من خلال وجود المؤتمرات العلمية الجيدة التي هي بمثابة سوق يرتاده من يرغب في المعرفة العلمية.
إن ما نراه في صحفنا اليومية من إعلانات لمؤتمرات وضم لخبرات دولية في مجال العلوم المختلفة وإنشاء كراسي بحث في مؤسساتنا العلمية العليا من قبل شخصيات اعتبارية في المجتمع ومؤسسات رائدة كصحيفة الجزيرة هو دليل ملموس على استجابة مؤسساتنا العلمية بمختلف أطيافها ومؤسسات المجتمع بكل أنواعها لدعوة قائد بلادنا بالاهتمام بالبحث العلمي وصناعته وتسويقه لتكون المملكة شريكاً فعالاً في النهضة العلمية الدولية. جميع هذه المؤشرات الإيجابية تبشر بمستقبل كبير للبحوث العلمية وصناعة المؤتمرات في المملكة في ظل عهد خادم الحرمين الشريفين وولي عهده - حفظهما الله -. إلى الأمام يا موطني.