محمد محمود إبراهيم عطية
Member
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : إِنَّ النَّفْسَ لَهَا قُوَّتَانِ : قُوَّةُ الْعِلْمِ وَالتَّصْدِيقِ ، وَقُوَّةُ الْإِرَادَةِ وَالْعَمَلِ ؛ كَمَا أَنَّ الْحَيَوَانَ لَهُ قُوَّتَانِ: قُوَّةُ الْحِسِّ ، وَقُوَّةُ الْحَرَكَةِ بِالْإِرَادَةِ ؛ وَلَيْسَ صَلَاحُ الْإِنْسَانِ فِي مُجَرَّدِ أَنْ يَعْلَمَ الْحَقَّ دُونَ أَلَّا يُحِبَّهُ وَيُرِيدَهُ وَيَتَّبِعَهُ ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ سَعَادَتُهُ فِي أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِاَللَّهِ مُقِرًّا بِمَا يَسْتَحِقُّهُ دُونَ أَنْ يَكُونَ مُحِبًّا لِلَّهِ عَابِدًا لِلَّهِ مُطِيعًا لِلَّهِ ؛ بَلْ أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَالِمٌ لَمْ يَنْفَعْهُ اللَّهُ بِعِلْمِهِ ؛ فَإِذَا عَلِمَ الْإِنْسَانُ الْحَقَّ وَأَبْغَضَهُ وَعَادَاهُ ، كَانَ مُسْتَحِقًّا مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَعِقَابِهِ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ مَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ ؛ كَمَا أَنَّ مَنْ كَانَ قَاصِدًا لِلْحَقِّ طَالِبًا لَهُ - وَهُوَ جَاهِلٌ بِالْمَطْلُوبِ وَطَرِيقِهِ ، كَانَ فِيهِ مِنْ الضَّلَالِ وَكَانَ مُسْتَحِقًّا مِنْ اللَّعْنَةِ - الَّتِي هِيَ الْبُعْدُ عَنْ رَحْمَةِ اللَّهِ - مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ مَنْ لَيْسَ مِثْلُهُ ؛ وَلِهَذَا أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نَقُولَ : { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ . صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ } ؛ وَالْمَغْضُوبُ عَلَيْهِمْ : عَلِمُوا الْحَقَّ فَلَمْ يُحِبُّوهُ وَلَمْ يَتَّبِعُوهُ ، وَالضَّالُّونَ : قَصَدُوا الْحَقَّ لَكِنْ بِجَهْلِ وَضَلَالٍ بِهِ وَبِطَرِيقِهِ ، فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْعَالِمِ الْفَاجِرِ ، وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْعَابِدِ الْجَاهِلِ ؛ وَهَذَا حَالُ الْيَهُودِ فَإِنَّهُ مَغْضُوبٌ عَلَيْهِمْ ، وَهَذَا حَالُ النَّصَارَى فَإِنَّهُمْ ضَالُّونَ ، كَمَا ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " الْيَهُودُ مَغْضُوبٌ عَلَيْهِمْ ، وَالنَّصَارَى ضَالُّونَ " .... ( مجموع الفتاوى : 7 / 585 ، 586 ) .